أقرأ أيضاً
التاريخ: 21/11/2022
1008
التاريخ: 5-4-2016
4718
التاريخ: 7-8-2017
17585
التاريخ: 7-3-2022
2395
|
الزواج في الشريعة الإسلامية عقد يفيد استمتاع كل من العاقدين (الزوج والزوجة) بالآخر شرعا طلبا للنسل، وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) (1), وكذلك قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم ازواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) (2).
وعرفته المادة (2) من قانون الأحوال الشخصية الأردني بانه: (عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعا لتكوين أسرة وإيجاد نسل بينهما).
فالزواج تنظيم اجتماعي، غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل بإنشاء أسرة، والأسرة هي الوحدة أو الخلية الطبيعية للمجتمع التي يقع عبء صيانتها على الدولة والمجتمع استنادا إلى القانون الداخلي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (3).
ولا فرق بين الأجنبي والوطني بالنسبة لحق الزواج(4). إلا أن كل مجتمع يستأثر بمفاهيم عائلية وأفكار أساسية خاصة به لتنظيم الروابط الأسرية يستمدها من أصوله الأخلاقية والدينية والاجتماعية ومثله العليا التي يستند إليها كيانه وديمومته، ولهذا تعتبر هذه الروابط العائلية من النظام العام في كل جماعة، وكل دولة تقرر شروطها الموضوعية بمقتضى نظامها القانوني ضمن طائفة الحقوق الخاصة ذات العلاقة بالنظام العام.
فرغم أن الزواج من العلاقات الخاصة التي تعقد بين الأفراد بتوافق إرادة العاقدين ( الزوج والزوجة)، إلا أنه يختلف عن بقية عقود القانون الخاص من حيث تعذر التحلل من آثاره باتفاق خاص بين الزوجين أو استبعاد هذه الآثار وفقا لمبدا سلطان الإرادة. فالمشرع في كل دولة يحمي آثاره بقواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها. ولما كانت القواعد المنظمة للزواج وآثاره وموانعه تتأثر بالعوامل الدينية والأخلاقية والاجتماعية والمثل العليا الأخرى في كل جماعة، لذا فإن أصول هذه القواعد تختلف من دولة إلى أخرى وهذا الاختلاف يؤدي إلى تباين أحكام التشريعات بشأنها في الدول المختلفة وبالتالي يؤدي إلي تنازع القوانين . فمفهوم الزواج يختلف في قوانين دول العالم، لأن الفكرة الاجتماعية التي ينبني على أساسها الزواج تختلف من جماعة إلى أخرى، ويظهر هذا الاختلاف بمقارنة القوانين الغربية بعضها مع البعض أو بمقارنتها بقوانين الدول الشرقية. فسن الزواج في الأردن مثلا تختلف عن سن الزواج في دولة أخرى(5). ولا يقتصر هذا الاختلاف على سن الزواج .
فقط، بل يمتد إلى شروط انعقاده و آثاره وانقضائه. ومع ذلك فقد يتشابه نظام الزواج في الدول التي تتشابه مجتمعاتها اجتماعيا ودينية، كما في تشريعات الدول الإسلامية بصورة عامة والدول العربية بصورة خاصة، حيث تسود فيها أحكام الشريعة الإسلامية بالنسبة للزواج وأثاره وموانعه.
ولانعقاد الزواج صحيحا لا بد من عدم وجود مانع من موانع الزواج وإلا كان باطلا، وموانع الزواج قد تكون متعلقة بالأسباب الدينية أو السياسية أو العرقية أو الصحية التي ترتضيها الجماعات لنفسها بحسب مثلها العليا والنظام العام فيها. ومن أهم هذه الموائع، تعدد الزوجات وتعدد الأزواج والحجر لجنون أو عته، واختلاف المذهب، كما في مذهب الكاثوليك والأرثوذكس، أو اختلاف الدين كما في الشريعة الإسلامية، حيث يجوز زواج المسلم من كتابية ولا يجوز زواج المسلمة من كتابي. وقد يكون مانع الزواج عرقيا ، كما في بعض دول جنوب أمريكا ، حيث يمنع الزواج من العرق الأصفر، وقد يكون المانع اختلاف الجنسية أو الحرمة بسبب القرابة أو رابطة التبني او التغيب والفقدان. فزوجة الغائب المفقود لا تستطيع الزواج قبل صدور قرار يقضي بموت زوجها أولا ... إلخ.
فهذا الاختلاف في أسس الزواج والأهلية اللازمة لصحة انعقاده و آثاره وموانعه يثير تنازع القوانين وللوقوف على أحكام تنازع القوانين المتولد من الزواج يجب التمييز بين تنازع القوانين المتولد من الشروط الموضوعية للزواج وتنازع القوانين المتولد من الشروط الشكلية الزواج. ويتوقف تصنيف شروط الزواج لمعرفة ما إذا كانت موضوعية أم شكلية على تكييفها وفقا لقانون القاضي
أولا- تنازع القوانين المتولد من الشروط الموضوعية لصحة الزواج :
الشروط الموضوعية هي التي تتوقف صحة الزواج على تحققها، كتوافر الأهلية والرضا وصلاحية المرأة لأن تكون محلا للعقد بان لا تكون محرمة على من يريد الزواج بها. وفي الشريعة الإسلامية تعد من الشروط الموضوعية أيضا شروط اللزوم، كالمهر وتعادله وتوافر الكفاءة اللازمة للزواج فالقانون الذي يحكم الشروط الموضوعية لصحة الزواج هو القانون الوطني لكل من الزوجين وفقا للفقرة الأولى من المادة (13) من القانون المدني الأردني التي تنص على أن: (1- يرجع في الشروط الموضوعية لصحة الزواج إلى قانون كل من الزوجين).
وقد أخذ بنفس المبدأ القانون العراقي والمصري والسوري والليبي والألماني والتركي والسويسري والفرنسي والبولوني و الياباني، بينما القانون الأمريكي أخضع الشروط الموضوعية لصحة الزواج لقانون محل الاحتفال (6)
فإذا عرض نزاع مشوب بعنصر أجنبي متعلق بالشروط الموضوعية الصحة الزواج على القاضي الأردني وكان الزوجان من جنسية أجنبية واحدة، يطبق قانونهما الوطني المشترك على النزاع ليتبين منه توافر الشروط الموضوعية المقررة فيهما ام لا وقت انعقاد زواجهما لا وقت رفع النزاع، باعتبار أن وقت انعقاد الزواج هو الوقت الذي ينبغي اكتمال الشروط فيه ! ولكن المشرع الأردني عاد فأورد استثناء على قاعدة إخضاع الشروط الموضوعية الصحة الزواج لقانون جنسية كل من الزوجين إذا كان أحدهما أردنيا وقت انعقاد الزواج بقوله في المادة (15) من القانون المدني: (في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا كان أحد الزوجين أردنيا وقت انعقاد الزواج، يسري القانون الأردني وحده فيما عدا شرط الأهلية للزواج).
.فالمشرع الأردني رفض في هذا النص مزاحمة القانون الأجنبي للقانون الأردني في حكم الشروط الموضوعية. لصحة الزواج فيما عدا شرط الأهلية للزواج، لأن الأهلية تخضع في الأردن كقاعدة عامة لقانون الجنسية بحسب قاعدة الإسناد في المادة ( 12/1) من القانون المدني التي تنص على أن: (يسري على الحالة المدنية للأشخاص واهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها . بجنسيتهم...). و فتطبيقا للمادة (15) لا يعتد بزواج أردني كتابي من امرأة مسلمة ألمانية ولو كان القانون الألماني يجيز مثل هذا الزواج. لأن اختصاص تحديد شروط صحة هذا الزواج الموضوعية هو للقانون الأردني الذي لا يجيز زواج غير المسلم من المسلمة وفقا للمادة ( 33/1) من قانون الأحوال الشخصية التي تنص على بطلان زواج المسلمة بغير المسلم.
وإذا كان الزوج كتابية المائية والزوجة مسلمة أمريكية وقانونهما يجيز مثل هذا الزواج، فلا يعتد بعقد زواجهما في الأردن ويعتبر باطلا لمخالفته للنظام العام ولولم يكن أحدهما من الجنسية الأردنية.
وإذا كان مبدا إخضاع شروط صحة الزواج الموضوعية لقانون كل من الزوجين لا يثير أي إشكال إذا اتحدا في الجنسية، لأنهما سوف يخضعان لقانون واحد هو قانون الدولة التي ينتميان إليها بجنسيتهما، إلا أن الإشكال يظهر إذا كانا من جنسيتين مختلفتين بالنسبة لتحديد المقصود بقانون كل من الزوجين وبيان كيفية تطبيق هذه القاعدة(7). إذا ذهب البعض إلى أن المقصود بقانون كل من الزوجين هو وجوب توافر شروط صحة الزواج الموضوعية في كل زوج وفقا للقانونين معا. أي أن يتم تطبيق القانونين (جمعا) ويستوفي عقد الزواج الشروط الموضوعية المقررة في قانون الزوج والزوجة معا. فلا ينعقد الزواج إلا إذا كان كل من القانونين يعتبر زواجهما صحيحا، وهذا ما يجب الأخذ به في الأردن. وقد انتقد هذا الرأي باعتباره يؤدي إلى تطبيق القانون الأكثر تشددا منهما.
وذهب البعض الآخر إلى أن المقصود بقانون كل من الزوجين هو أن تتوافر في كل زوج الشروط الموضوعية الخاصة به في قانونه الوطني فقط، أي تطبيق قانون كل من الزوجين (موزعا) وليس جمعة، بحيث يكفي لانعقاد الزواج صحيحا أن تتوافر في كل واحد من الزوجين الشروط الموضوعية التي يطلبها قانونه الوطني فقط دون الأخذ بنظر الاعتبار ما يقرره قانون الزوج الآخر من شروط موضوعية.
ثانيا- تنازع القوانين المتولد من الشروط الشكلية لعقد الزواج
الشروط الشكلية لعقد الزواج، هي المراسيم والأوضاع الاجتماعية والدينية لإشهاره وإعلانه وإظهاره في المجتمع عن طريق الاحتفال به بشكل من أشكال العلنية والإشهار بأوضاع خارجية مألوفة. والشريعة الإسلامية لم تهتم كثيرا بهذه الشكلية لانعقاد عقد الزواج كالكتابة مثلا، بل اشترطت الإعلان والإظهار بحضور شهود على أساس أن دور الكتابة يقتصر على الإثبات فقط دون صحة الانعقاد. :
ويخضع الزواج في شروطه الشكلية لقانون محل الاحتفال به، أي قانون بلد إبرامه (Locus Regit Actim) بحسب اتفاقية لاهاي لعام 1905م، ووفقا لقوانين أغلب الدول. وقانون محل الاحتفال يحدد أيضا ما إذا كان الزواج بالوكالة جائزا أم لا، وكذلك يخضع إثبات الزواج لقواعد الإثبات العامة في القانون الذي يحكم الشكل للصلة التامة بيان إنشاء العقد ومسالة إثباته.
وفي المملكة الأردنية الهاشمية وإن لم يصرح المشرع بتعبير (شروط شكلية لعقد الزواج) اقتداء بالشريعة الإسلامية، إلا أن اشتراطه ضرورة تفريغ عقد الزواج في وثيقة رسمية على يد مأذون القاضي ووجوب تسجيله في سجلات خاصة وإقراره العقوبة فقط دون البطلان على كل من يخالف ذلك، يعتبر اخذا بالشروط الشكلية في عقد الزواج. فعقد الزواج إذا أريد إبرامه في المملكة يجب أن يتم ذلك بحضور شاهدين، رجلين أو رجل وامرأتين، ويجب على الخاطب مراجعة القاضي أو نائبه لإجراء العقد. ويجري مأذون القاضي عقد الزواج بموجب وثيقة رسمية، وللقاضي بحكم وظيفته في الحالات الاستثنائية أن يتولى ذلك بنفسه بإذن من قاضي القضاة. فإذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية يعاقب كل من العاقد والزوجين والشهود بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني(8)، وبغرامة على كل منهم لا تزيد على مائة دينار (9).
وكل مأذون لا يسجل عقد الزواج في الوثيقة الرسمية بعد استيفاء الرسم يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات أيضا فضلا عن غرامة لا تزيد على مائة دينار والعزل من الوظيفة(10).
أما إذا كان الخاطب والمخطوبة من جنسية اجنبية واحدة أو مختلفة وطلبا من محكمة أردنية إبرام عقد زواجهما، فيمكن إبرام عقد نكاحهما بنفس الأوضاع الشكلية المقررة في القانون الأردني.
وإذا كان الخاطب والمخطوبة من الجنسية الأردنية أو كان أحدهما أردني وأريد إبرام عقد زواجهما داخل المملكة، فلا بد من اتباع الأوضاع الشكلية الواردة في القانون الأردني، أما في خارج المملكة، فيجوز إبرام عقد نكاحهما وفقا للشكل المقرر في قانون البلد الذي تم فيه(11)، او بمراعاة الأوضاع القانونية التي يقررها قانون كل منهما رغم المادة (15) التي تنص على أن: (في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا كان أحد الزوجين أردنيا وقت انعقاد الزواج، يسري القانون الأردني وحده فيما عدا شرط الأهلية للزواج)، فيعتبر عقد الزواج المبرم في خارج المملكة صحيحا من حيث الشكل ولولم يتبع فيه الشكل المقرر في القانون الأردني. لأن قاعدة الإسناد في القانون المدني لم تشترط في هذه الحالة وجوب اتباع الشكل المقرر في القانون الأردني حصرا، وإنما نصت الفقرة (2) من المادة (13) منه على الآتي: (أما من حيث الشكل فيعتبر الزواج ما بين أجنبيين أو ما بين أجنبي وأردني صحيحا إذا عقد وفقا لأوضاع البلد الذي تم فيه، أو إذا روعيت فيه الأوضاع التي قررها قانون كل من الزوجين) (12).
ووفقا لقانون الأحوال الشخصية الأردني يمكن أن يعقد الأردنيون عقد زواجهم في الخارج أمام قناصل المملكة بالشكل الذي تتم به الزيجات في الأردن، على أن تفرغ هذه الزيجات في وثائق رسمية وتسجل في سجلات خاصة(13). ولكن في اعتقادنا أن اختصاص القنصل الأردني في إجراء عقد الزواج خارج المملكة لا يقتصر على شرط كون الخاطب والمخطوبة من الجنسية الأردنية فقط، بل يشمل حالة كون الخاطب أردنيا والمخطوبة أجنبية من جنسية نفس الدولة المعتمد لديها القنصل أو من جنسية دولة أخرى أو عديمة الجنسية، بينما ليس له إبرام عقد زواج الاجانب أو عقد زواج اردنية وخاطب أجنبي. وبالمقابل القناصل الدول الأجنبية في المملكة الأردنية الهاشمية اختصاص إبرام عقد زواج رعاياهم بالأوضاع المقررة في قوانين دولهم بشرط أن يكون الخاطب والمخطوبة من جنسية دولة القنصل أو أن يكون الخاطب من جنسية دولة القنصل والمخطوبة من الجنسية الأردنية أو من جنسية دولة أجنبية أو عديمة الجنسية.
القانون الذي يحكم آثار الزواج :
و إذا وقع عقد الزواج صحيحا باستيفاء الشروط الموضوعية طبقا لقانون كل من الزوجين والشروط الشكلية طبقا للقانون المختص أنتج أثاره. فأي قانون يحكم هذه الآثار؟.
إن الفقرة الأولى من المادة (14) من القانون المدني الأردني أجابت على هذا التساؤل بقولها: (يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من أثر بالنسبة إلى المال).
فالقانون الواجب تطبيقه في آثار الزواج الشخصية والمالية بما فيها نفقة الزوجة هو قانون الدولة التي يتمتع الزوج بجنسيتها وقت انعقاد الزواج بوصفه رب العائلة ولو تغيرت جنسيته بعد الزواج أو كانت جنسيته تختلف عن جنسية زوجته أو تتحد معها ما لم يكن هذا القانون مخالفة للنظام العام في دولة القاضي، وهذا هو الحل الذي تبنته اتفاقية لاهاي في البروتوكول الإضافي لعام 1925م. وأثر الزواج التي يحكمها قانون جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج تنقسم إلى قسمين:
1- الآثار الشخصية: .
وهي الآثار التي تتصل بالزوجين في علاقاتهما الشخصية وما يترتب عليهما من حقوق وواجبات متبادلة، كالطاعة والنفقة وحسن المعاشرة والإخلاص والمعاملة بالمعروف والمساكنة. فهذه الآثار الشخصية للزواج تخضع لقانون الدولة التي يتمتع الزوج بجنسيتها وقت انعقاد الزواج،
٢- الآثار المالية:
وهي ما يعبر عنها في بعض الشرائع بالنظام المالي للزوجين الذي يبين واجبات كل منهما من حيث ملكية أموالهما وإيرادات هذه الأموال وإدارتها والانتفاع بها، ويعطي للزوج حق إدارتها في قوانين بعض الدول خلافا لأحكام الشريعة الإسلامية التي تقر مبدا الاستقلال المالي للزوجين. وكذلك نفقة الزوجة تعتبر من الآثار المالية لعقد الزواج، و
فهذه الآثار المالية للزواج اخضعتها المادة (14/1) من القانون المدني الأردني القانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج بجنسيته وقت انعقاد الزواج ما لم يكن هذا القانون مخالفة للنظام العام والآداب في الأردن.
كما أنه إذا كان أحد الزوجين أردنيا وقت انعقاد الزواج، فإن القانون الذي يسري على آثار الزواج "الشخصية والمالية" هو القانون الأردني وحده، سواء أكان الزوج أردنيا والزوجة أجنبية أو الزوجة أردنية والزوج أجنبيا، وذلك تطبيقا للمادة (15) من القانون المدني الأردني التي تنص على أن: (في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا كان أحد الزوجين اردنيا وقت انعقاد الزواج، يسري القانون الأردني وحدها فيما عدا شرط الأهلية للزواج).
القانون الذي يحكم انتهاء الزواج:
ينتهي عقد الزواج عادة بالوفاة أو بالطلاق أو بالتفريق أو بالبطلان أو بالانفصال الجسماني، فهو قد ينتهي بوفاة أحد الزوجين ولا يثير ذلك تنازعا بين القوانين. وقد ينتهي بالطلاق إراديا من قبل الزوج، أو بالتفريق بحكم قضائي لأسباب محددة في القانون بناء على طلب الزوج أو الزوجة، أو بالبطلان عند تخلف شرط من الشروط التي فرضها القانون الصحة الزواج. اما الانفصال الجسماني فهو نظام تقره القوانين الغربية، كما في فرنسا وإنكلترا والمانيا وأمريكا ويؤدي إلى انقطاع التعايش وانفصال الحياة المشتركة بين الزوجين دون أن يترتب على ذلك انتهاء الزوجية في الحال إلا بعد مضي مدة معينة على الانفصال وصدور قرار قضائي بذلك.
فمثلا يعتبر الانفصال الجسماني المستمر لخمس سنوات مبررا للطلاق النهائي بحكم يصدر من المحكمة في قانون الطلاق الإصلاحي البريطاني لعام 1969، ولأهمية الانفصال الجسماني فقد عالجه مؤتمر لاهاي عام 1965(14).
وانتهاء الزواج بالوفاة لا يثير أية مشكلة أو تنازع قوانين كما ذكرنا، في حين أن الأسباب الأخرى لانتهاء الزواج، كالتفريق والبطلان والطلاق والانفصال الجسماني، تشير تنازعا واضحا بين القوانين الاختلاف الأحكام في التشريعات. فالطلاق في الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية الأردني مرهون بإرادة الزوج كقاعدة عامة (15). وفي قوانين دول أخرى يتوقف على صدور قرار من المحكمة ولأسباب محددة، وفي قوانين دول أخرى يحرم الطلاق ولا يسمح بإيقاعه نهائيا. فالزوج الذي يجيز قانونه الوطني الطلاق، يستطيع إيقاعه والتحرر من العلاقة الزوجية في حين يبقى الزوج الثاني الذي لا يجيز قانونه الوطني الطلاق مقيدا بالرابطة الزوجية، وهذا ما حصل في قضية فيراري)(16). فما هو القانون الذي يحكم الطلاق والتطليق والانفصال الجسماني؟. : تشريعات كثيرة تخضع انتهاء الزواج بالطلاق لقانون الزوج وقت الطلاق، والتفريق والانفصال الجسماني القانون الزوج وقت رفع الدعوى، ومنها القانون المدني الأردني الذي تنص الفقرة الثانية من المادة (14) منه على ما يلي: (أما الطلاق فيسري عليه قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت الطلاق. ويسري على التطليق والانفصال قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت رفع الدعوى).
. وينتقد هذا النص على أساس أنه عندما يقضي بتطبيق قانون دولة الزوج في الطلاق وقت إيقاعه وقانون دولته وقت رفع الدعوى في التطليق والانفصال، فإنه يضر بالحقوق المكتسبة للزوجة التي ارتبطت بالزوج في ظل قانون الدولة التي كان الزوج متمتعا بجنسيتها وقت انعقاد الزواج وهو لم يكن يسمح بالطلاق أو بالتطليق والانفصال، بينما إذا غير الزوج جنسيته تلك بعد الزواج واكتسب جنسية جديدة يجيز قانونها الطلاق أو التطليق والانفصال، يستطيع إيقاع الطلاق والتخلص من زوجته. ولذلك كان من الأفضل أن ينص المشرع الأردني على حكم انتهاء الزواج بالطلاق أو بالتطليق أو بالانفصال وفقا القانون الزوج وقت انعقاد الزواج لا وفقا لقانونه وقت الطلاق أو وقت رفع الدعوى حفاظا على الحقوق التي تكتسبها الزوجة وفقا لقانون الزوج وقت انعقاد الزواج وتحقيقا للعدالة(17). ويستثنى من الحكم المذكور في المادة ( 14/2) من القانون المدني الأردني المتضمن إخضاع الطلاق لقانون الزوج وقت الطلاق، والتطليق والانفصال لقانون الزوج وقت رفع الدعوى إذا كان أحد الزوجين أردنيا وقت انعقاد الزواج. إذ تكون العبرة عندئذ بالقانون الأردني وحده تطبيقا للمادة (15) من القانون المدني الأردني التي تنص على أنه:
في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا كان أحد الزوجين أردنيا وقت انعقاد الزواج، يسري القانون الأردني وحده. فيما عدا شرط الأهلية للزواج). ويشترط أيضا ألا يكون هذا القانون مخالفة للنظام العام والآداب في الأردن، وإلا يتم استبعاد تطبيقه وفقا للمادة (29) من القانون المدني.
___________
1-الآية الأولى من سورة النساء.
2- الآية 21 من سورة الروم
3- تنص المادة (19/ج) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن : (الأسرة هي وحدة المجتمع الطبيعية الأساسية ولها الحق في أن يحميها المجتمع والدولة).
4- تنص المادة (16) من الإعلام العالمي لحقوق الإنسان على أن: (أ- للرجال والنساء و الراشدين الحق في الزواج وتكوين الأسرة، ولا تحول دون تمتعهم بهذا الحق قيود منشؤها السلالة أو الجنسية. ويستوي الرجال والنساء في الحقوق فيما يتصل بالزواج وبالحياة الزوجية وبالمال. ب- لا يتم الزواج إلا برضاء الطرفين رضاء حرا كاملا).
5- سن الزواج في الأردن في 16 سنة للذكر و 15 للأنثى، وفي إسبانيا 14 سنة للذكر و 12 ثلاثي وفي ألمانيا 21 سنة للذكر و16 للكني وفي فرنسا 18 سنة للذكر و 16 لكني وفي إيطاليا 16 سنة للذكر و 14 للأنثى وفي سويسرا 20 سنة للذكر و 18 سنة للأنثى وفي المكسيك 16 سنة للذكر و 14 سنة للأنثى وفي تركيا 17 سنة للذكر و 15 للأنثى.
6- انظر الدكتور حسن الهداوي و الدكتور غالب الداودي -القانون الدولي الخاص - القسم الثاني - تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية مطابع مديرية دار الكتب للطباعة والنشر في جامعة الموصل / 1982 - ص 105 والدكتور جابرابراهيم الراوي - أحكام تنازع القوانين في القانون العراقي - مطبعة الحكم المحلي - بغداد/ 1980 ص 87 .
7- انظر الدكتور حسن الهداوي والدكتور غالب الداودي - المرجع السابق - ص 105 والدكتور جابر الراوي - المرجع السابق - ص 87.
8- انظر المواد (14 -17) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 61 لسنة 1976، والمادة (279) من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 التي تنص على أن: «يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة السهر كل من أجرى مراسيم زواج أو كان طرفا في إجراء تلك المراسيم بصورة لا تتفق مع قانون حقوق العائلة أو أي قانون آخر أو شريعة أخرى ينطبق على الزوج والزوجة مع علمه بذاك).
9- المادة (17/ج) من قانون الأحوال الشخصية الأردني .
10- نظر المادة (17/ج) من قانون الأحوال الشخصية الأردني.
11- نظر قرار محكمة التميز الأردنية حقوق رقم 157/1975 المنشور في مجلة نقابة المحامين، السنة 29 العدد الأول والثاني ص 189 والذي جاء فيه ما يلي: (وحيث أن ملف الدعوى يفيد أن عقد زواج الطرفين المتداعين تم بالشكل المدني وفق قانون البلد الذي أبرم فيه بين زوجين أحدهما أردني، فإن الزواج يعتبر صحيحا من حيث الشكل لا باطلا).
12 استمد المشرع الأردني هذا الحكم من المادتين (6، 7) من اتفاقية لاهاي لسنة 1902م وأخذت به تشريعات أغلب الدول .
13- انظر المادة (17 و) من قانون الأحوال الشخصية الأردني
14- نظر الدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ – القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن - مطبعة الحكومة - بغداد / 1972 - ص 289 والدكتور حسين الهداوي والدكتور غالب الداودي - المرجع السابق - ص 112
15- انظر المادة (85) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 61 لسنة 1976م.
16- تتلخص وقائع هذه القضية بان شابة فرنسية تزوجت من (فيراري) الإيطالي الجنسية ولم يكتب لهذا الزواج النجاح فطلبت الزوجة من القضاء الفرنسي الحكم لها بالطلاق ولبت المحكمة طلبها استنادا إلى توافر شروط الطلاق وفق القانون الفرنسي وحكمت لها بالطلاق رغم أن القانون الوطني لفيراري وهو القانون الإيطالي كان يمنع إيقاع الطلاق مما أدى إلى طلاق الزوجة بمقتضى قانون جنسيتها و استرداد حريتها في الزواج من أخر، بينما بقي (فيراري) مقيدا بهذا الزواج لأن قانون جنسيته وهو القانون الإيطالي كان يمنع الطلاق وبالتالي حرم عليه الزواج مرة أخرى (انظر الدكتور حسن الهداوي والدكتور غالب الداودي - : المرجع السابق - ص 113)
17- انظر الدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ - المرجع السابق - ص 285 والدكتور جابر إبراهيم الراوي – المرجع السابق - ص 94
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|