أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-17
1398
التاريخ: 2024-01-23
1584
التاريخ: 2-03-2015
3899
التاريخ: 3-05-2015
9639
|
ظاهرة الوحي لم تكن ظاهرة جديدة، بل هي ظاهرة تكررت حينما أيّد اللّه أنبياءه، الذين اختارهم قبل النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، فهي متماثلة عند الجميع، لأن مصدرها واحد وغايتها واحدة، كما ذكر ذلك ربّنا سبحانه وتعالى في كتابه قائلا : {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء : 163، 164]
فهذه الظاهرة متكررة على كل الأنبياء، التي حرص القرآن على ذكرها، إنما يريد أن يبين أن مصدرها واحد، وأن القرآن ما هو إلا كتاب نزل به الوحي على قلب النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) من عند اللّه عز وجل. فقال ربّنا سبحانه وتعالى : {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم : 4]
وقال أيضا {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي } [الأعراف : 203]
وظاهرة الوحي تدلل على أصالة هذا المنهج الرباني، وانه لا خلاف في صدوره من جهة واحدة وهو اللّه سبحانه وتعالى، فما علينا إلا أن نتعرف على القرآن من خلال ما مضى من حديث، وما سيأتي، حتى نستطيع أن ندرك حقيقة القرآن عن طريق هذه المعرفة الشاملة.
يقول آية اللّه مرتضى المطهري :- «عند ما نقرأ عن القرآن تتضح لنا أصالات القرآن الثلاث :
الأصالة الأولى : أصالة الانتساب أي أننا بغير أن يخامرنا أدنى شك، أو أن نحتاج إلى دراسة النسخ القديمة، نكون واثقين بأن ما يقرأ اليوم باسم القرآن المجيد، هو الكتاب عينه الذي نزل على محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه واله وسلم).
الأصالة الثانية : هي أصالة المحتوى أي أن المعارف القرآنية ليست ملتقطة ولا مقتبسة بل هي مبتكرة، والتحقيق في هذا الجانب تتكفل به المعرفة التحليلية.
الأصالة الثالثة : هي الأصالة الإلهية أي أن هذه المعارف قد فاضت مما وراء أفق الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) الذهني والفكري، وانه لم يكن سوى ناقل هذا الوحي، ومبلّغ هذه الرسالة، وهذا ما تتكفل به معرفة أصل القرآن» (1)
وقد اعتمدت ظاهرة الوحي على فكرة التوحيد للّه عز وجل، فهو المصدر الأول لهذا الكون، والجهة الأولى في إفاضته لهذا الوجود، فكانت الدعوة إليه والتوجيه والعبادة إليه وحده، واستلهام مناهج الحياة منه فكانت تلك نقطة قوة في المنهج الرباني فيكون الثبات وعدم الاختلاف، وحينها لا نرى إلا الانسجام التام بين آيات القرآن وعدم التناقض في أحكامه، وتوافقه مع فطرة الإنسان وطبيعته.
«ثمة نقطة مهمة يجب ملاحظتها عند دراسة القرآن، والبحث فيه، وهي أن مجموع آيات القرآن تؤلف بنيانا متماسك الأجزاء، أي إننا لو أخذنا آية واحدة، وأردنا أن نفهم هذه الآية لوحدها فلن نكون قد اتخذنا سبيلا سويا، لا شك إن فهمنا لتلك الآية قد يكون صحيحا، ولكنه عمل غير سليم، فالقرآن يفسر بعضه بعضا، وهذا ما أيده الأئمة الأطهار، حسبما ورد على لسان كبار المفسرين، إن للقرآن طريقة خاصة في بيان المسائل، ففي كثير من الأحيان يكون للآية إذا أخذت منفردة مفهوما يختلف كل الاختلاف عن مفهومها إذا ما وضعت إلى جنب الآيات المشابهة لها في المضمون» (2)
ولعل توحيد اللّه عز وجل هو في عدم قبول أي شيء من غيره سبحانه وتعالى وانه المعبود الذي تتوجه إليه الخلائق في كل شيء.
هذه الفكرة هي الأصل الأول للإنسان في وجوده في الحياة.
والتوحيد في الثقافة الإسلامية فكرة لها معنى واسع، ومعالم واضحة، وأبعاد شاملة، وهي بمثابة القاعدة الأولى للمنهج الإسلامي حيث تعنى الاعتقاد ببطلان كل الأنظمة، والمناهج الغربية، والشرقية الملفقة، وعدم الإيمان بالأساليب التي يصنعها عقل الإنسان القاصر.
التوحيد يعنى التسليم الكامل والمطلق لكل التعاليم الإلهية التي جاءت في كتاب اللّه والإذعان لها واعتبارها منهجا للمسيرة والحركة في الحياة.
التوحيد يعنى التطبيق العملي في السياسة والاقتصاد والمجتمع.
فالسياسة التوحيدية هي في رفض كل الأصنام البشرية، وقطع الروابط والعلاقات التي تؤدي إلى تسلط الأجنبي على المسلمين، وعدم الارتباط بأي قوة تحرف مسيرتنا عن جادة الحق. والاقتصاد التوحيدي يتمثل في تطبيق الأحكام في الثروة والإنتاج والتوزيع والاستهلاك والإدارة، وعدم الإجحاف بحق الإنسان، وجعله يعيش حرا كريما وفق قيم العدالة في توزيع الثروة.
والمجتمع التوحيدي المتمثل في القيادة المنتخبة على أساس القيم القرآنية والموازين الدينية كالعلم والتقوى والجهاد والأمانة والشجاعة لا على أسس غير إلهية بعيدة عن الدين مرتبطة بالهوى أو القوم أو العنصر أو العشيرة أو الدم، وهذا المجتمع القائم على التوحيد يمثل النظام الإلهي النابع من الرسالة الذي يسود بين الناس على أساس الصفاء، وقلع جذور الفساد، وتساوى الناس أمام القانون.
قال تعالى : {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة : 256]
إذا كان كل ذلك يجمعه التوحيد، ويكون منطلقا لها، فهو يتجلى إذا في وحدة المصدر، وهذا ما يمتاز به المنهج القرآني، فهو منهج صدر من جهة واحدة، فهو اعرف بطبيعة الإنسان، وفطرته، وما يحتاج إليه في الحياة الدنيا.
__________________
1. معرفة القرآن ص 30 .
2. معرفة القرآن ص 33 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|