المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6763 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Feit-Thompson Conjecture
13-9-2020
العوامل المؤثرة على البقع الدموية في التحقيق الجنائي
15-3-2016
حادثة تاريخية قطعية في قصة أصحاب الفيل
1-12-2014
English spoken in Orkney and Shetland: phonology
2024-02-10
المراد من - قضى نحبه
8-10-2014
2- سلالة بابل الاولى
17-9-2016


فن النحت عند الباليين القدماء  
  
9381   07:00 مساءً   التاريخ: 4-1-2021
المؤلف : بلخير بقة
الكتاب أو المصدر : أثر ديانة وادي الرافدين على الحياة الفكرية سومر وبابل 3200- 539 ق.م
الجزء والصفحة : ص 143- 156
القسم : التاريخ / العصر البابلي القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2016 2507
التاريخ: 14-6-2021 2383
التاريخ: 1-12-2016 2141
التاريخ: 1-12-2016 2240

النحت:

يعتبر النحت من الفنون المميزة لحضارة وادي الرافدين، فن تطور عبر عصور تاريخية طويلة، ويمكن القول أن الدمى التي عثر عليها في القرى الزراعية الأولى مثل جرمو وحسونة وحلف وتل الصوان تمثل أقدم المحاولات في هذا المجال، وقد حاول فنان هذه العصور القديمة التأكيد على أهمية المعتقدات الخاصة بالخصب والإنماء، من خلال صنع دمى تمثل نسوة حبالى لهن أثدية كبيرة وأجسام كبيرة ممتلئة وأرداف كبيرة (1)، ومع التطور الحاصل ظهر نوع ثان من النحت هو النحت البارز الذي تأثر هو الآخر بالمعتقدات الدينية.

 

أ. النحت المجسم:

ارتبطت أغلب المنحوتات منذ عصر فجر السلالات السومرية بالآلهة وتمثيل مشاهد الآلهة من قبل الكاهن المتعبد(2)، وترينا الكتابات التي نقشت على التماثيل أن أكثرها يمثل عابدي الإله الذي في معبده، ويوضع في المعبد لتذكير الإله بعابده(3)، ويؤكد صبحي الشاروني هذا الرأي عند مقارنته بين مواضيع التماثيل في وادي الرافدين ومصر وذلك في قوله: "أن عقيدة البعث كانت محور عقائد المصريين القدماء وهي الدافع الرئيسي إلى ظهور فنونهم الجميلة، بينما انشغل سكان وادي الرافدين بفكرة الخلود في الأرض، فهذا الاختلاف الواضح في الفكر الديني كان له أثره الفعال على الشكل الفني. بالإضافة إلى اتخاذ تماثيل الفراعنة القوة والجبروت كما هو الحال في تمثال الملك خفرع نتيجة لتقديس المصريين لملوكهم باعتبارهم أبناء الآلهة، بينما اتخذت تماثيل ملوك ما بين النهرين وضع المتعبد الخاشع الذي يلتمس عون الإله"(4).

ونظرا لأن التماثيل كانت تقام من أجل غرض ديني فقد غالى الفنان في سومر وبابل في إبراز الاهتمام الشديد في ملامح التمثال وبالغ في حجم العيون, ولذا اضطر إلى جعل نسبة الوجه إلى الرأس أكبر بما ينبغي، ولم يلجأ الفنان إلى ما لجأ إليه الفنان المصري من عمل دعامة يستند إليها التمثال أو عدم تفريغ ما بين الساقين حتى تحتملان ثقله ولا تتعرض للكسر بل لجأ إلى جعل هذين الساقين على درجة من الضخامة لا تتناسب مع حجم التمثال وخاصة عند العقبين، كذلك لم يوفق في إبراز تقاطيع الجسم كالمصري، ولم يهتم بالزي الذي يلبس للتمثال، غير أنه بلغ مرتبة عالية في إتقان تماثيل الحيوانات(5)عكس تماثيل الآلهة التي كان مقيدا في نحتها(6).

نفهم من ذلك أن أجزاء الجسم المنحوت كان للعوامل الدينية فيه أثر بالغ، ويتضح هذا الطرح جليا عند نعمت إسماعيل علام في معرض حديثه عن النحت المجسم عند السومريين بقوله: "وبما أن الإله كان يعتبر سيد المدينة الحقيقي، وتأخذ معابده المكان الرئيسي في المدينة لذا يرجح أن الغرض من نحت هذه التماثيل كان دينيا فقط. وأنها صنعت لتوضع في ساحة المعبد مع تمثال الإله لتؤدي فروض العبادة في حالة تغيب صاحبها عن المعبد، لذلك يلاحظ أن الجسم مشدود لا حركة فيه، كما تشترك الوجوه كلها في نظرة ساذجة بها بساطة وابتهال للإله بأعين مستديرة واسعة الحدقة مبالغ في حجمها. ومما ساعد على التعبير عن شدة الانتباه امتلاء الأعين بالأحجار الملونة.."(7)، إضافة إلى ذلك فقد عمد السومريون إلى نحت تماثيل صغيرة بهدف دفنها مع الموتى، ويمكن اعتبارها تعاويذ تساعد على حماية الميت من الأذى(8).

وقد استخدم فنانو سومر وبابل مختلف المواد في النحت بنوعيه المجسم والبارز، غير أن الحجارة كانت المادة الأكثر استعمال بالرغم من افتقار المناطق الجنوبية لها، وهو ما أثر سلبا على النحت في بعض الأحيان. يقول صبحي الشاروني: "أما سومر فالكتل الصغيرة التي تحمل تكون أغلالا تعوق الفنان وتمنعه من ممارسة حريته الفنية على الوجه الذي يرجوه"(9).

ويبدو أن استخدام الحجارة دون غيرها من المواد كان ذا بعد ديني، ويتحدث أنطوان مورتكات عن سبب تفضيل الملك جوديا لحجر الديورايت في صنع أحد تماثيله: "فهذا التمثال لم يصنع من الفضة، ولا من حجر اللازورد ولا من النحاس، ولا من الرصاص، ولا من البرونز أيضا، ولكنه صنع من الديورايت. ذلك أن الديورايت بالنسبة إلى جوديا يختلف عنه بالنسبة إلى مانشتوسو، أي أنه وسيلة لكي يظهر بها أنه حتى أقسى هذه المواد يمكن أن تستخدم للتعبير عن الحركة، وذلك هو المفهوم الذي هيمن على الفن بأجمعه في ذلك الوقت أي أنه أصبح الآن رمزا توفره الطبيعة ليمثل كل شيء ثابت، وليكون مثال الأزل في الخلق ورمزا للروح السومرية منذ عهد سلالة أور الأولى, والذي كان أمراء لكش في أعقاب سقوط الإمبراطورية الأكدية يرغبون في أن يتبنوه..."(10).

ولما كان الفن في خدمة المعتقد الديني فقد خلفت معابد السومريين والبابليين مئات التماثيل، منها تماثيل حجرية من عهد ميسيليم، وهي تماثيل تمثل التدرج الكهنوتي-تماثيل نذرية- الذي يبدأ من صغار الكهنة حتى يصل إلى الكاهن الأكبر فالأمراء (أنظر الملحق رقم 19 ص 193 )، ولقد وجدت هذه التماثيل الشخصية في عديد من المناطق السومرية ولكن لم يحدث أن عثر عليها بمثل هذه الكميات التي وجدت بمنطقة ديالى وتل أسمر وخفاجي وتل أجرب، وهناك أيضا تمثالان حسب ثروت عكاشة لملك أشنوناك وزوجته واقفان في وضع صلاة وابتهال إلى الإله كي يهب الأرض الخصب..(11).

 

                            

 

غير أن التطور في الفنون وبخاصة فن النحت عرف أوج تطور له في عصر جوديا إذ يعتبر عصره بحق العصر الذهبي للفن السومري، فقد عثر على ثلاثين تمثال لجوديا منحوتة من حجر الديورايت الأسود وكل هذه التماثيل الواقف منها والجالس تمثل الحاكم في مظهر الولاء أمام الإله(12)(أنظر الملحق رقم 20 ص 194 )، وقد عبر ثروت عكاشة عن ذلك بقوله: "وقد ازدهر النحت كذلك في عصر السومريين الجدد وتميزت به لكش التي أصبحت رائدة للنحت كما وكيفا خلال قرن كامل من الزمن، ويرجع ذلك إلى رجل واحد هو جوديا الغريب الذي نحوا من خمسة عشر عاما يرفض حمل لقب الملك مكتفيا بلقب أنسي أي الكاهن الذي يلي الملك في منصبه ويتولى المهام السياسية والدينية معا. وقد جعل جوديا [أوكودا] من مدينته منتجعا ثقافيا فريدا وملأ قصورها ومعابدها ومرافقها العامة بالتحف الفنية, وخاصة بتماثيله التي تعد أروع مجموعة نحتت بإشراف رجل واحد وفي مدينة واحدة، وكان جوديا حريصا على أن يصور في الكثرة من تماثيله واقفا ومضموم اليدين في جميعها، ماثلا بين الآلهة في تواضع المواطنين البسطاء وإن بدا واثقا الثقة كلها مرتديا ثيابا كثيبان الرهبان، تكشف عن الكتف والذراع، ونحتت اليدان ممشوقتين وأظافر أصابعهما أدق ما تكون على حين نحتت القدمان في غلظ ملحوظ "(13).

 

                         

 

ولم يختلف النحت المجسم عند البابليين في موضوعاته وأهدافه عما سبق، فقد وجدت العديد من التماثيل التي تدل على ذلك، منها تمثال متعبد ارتفاعه حوالي عشرون سنتيمترا (أنظر الملحق رقم 21 ص 195 )، وهو عبارة عن صورة شخص راكع أمام إله يجلس على العرش، وتدل الكتابة المنقوشة عليه بأن التمثال أهدي إلى الإله أمورو من شخص يدعى تكريما لحياة حمورابي ولحياته الخاصة( 14)... أما النموذج الثاني أويل-ننار (Awil-Nannar)  من هذا العصر فهو لإلهة مثلت على شكل امرأة بالحجم الطبيعي ذات رداء مهدب وتاج بسيط ذي قرون عثر عليه في قصر ماري وهو مؤلف من عدة قطع، ويرمز هذا التمثال إلى المصدر الذي ينبع منه الماء ألا وهي الآلهة، إذ نجد الآلهة تحمل نافورة ماء تتدفق من زهرية فوارة تمسك بها أمامها بيديها الاثنتين، متصلة بقناة مثقوبة في داخل جسم التمثال ويبدو أن التمثال يمثل تحولا إلى تجسيم آلهة الماء التي كانت تؤلف عنصرا مهما في الرسم الجداري الذي عرف في قصر زمريليم....(15). (أنظر الملحق رقم 22 ص 196).

 

                        

 

                   

 

 

ب. النحت البارز:

سار النحت البارز-النحت الناتئ - مع النوع السابق من النحت في خط واحد وهو خدمة الدين واقتصار أغلب صوره على مشاهد العبادة وأداء الطقوس الدينية أو تمثيل حوادث الأساطير، وفي ذلك يقول أندري أيمار: "وأرادوا من جراء نقش شخص ما أن يؤمنوا أطول مدة ممكنة حضوره حيثما وضع – ولاشك في مكان مقدس - حتى تحرسه الآلهة، كما أنهم توخوا من نقش مشهد الذبيحة والعبادة والتقدمة والمعركة المظفرة أو القنص الموفق إحياء ذكرى هذه الأفعال أو تأمين استمرار هذه الأعمال التقوية والمجيدة، أو بالأحرى استمرار العطف الإلهي الذي كان نتيجة الأعمال الأولى وسبب الأخرى. وهكذا فإن الإنتاج الفني وقد لازمته الأدعية والصلوات، لا بل غدا هو دعاء وصلاة، حاذى حدود السحر وتعداها غالبا"(16).

ويعتبر الإناء النذري المكتشف بالوركاء في النصف الثاني من الألف الرابع ق.م أولى الأشكال النموذجية عن النحت البارز، وتوضح مضامين موضوعاته المنحوتة العلاقة بين المزارعين والآلهة أو بين المزارعين والكهنة(17)، وقد نحت هذا الإناء في أربعة صفوف تحمل صورا من الطقوس الدينية السومرية، ففي أعلاه نجد صورة لحزمتين من القصب حاملي القرابين، وليسوا غير نفر من رجال عراة يحملون سلالا ملأى بالفاكهة والخضر يتقدمهم رجل ذو شأن، لعله رئيس المدينة أو كبير الكهنة، وقد خفت لاستقباله من داخل المعبد سيدة قد تكون الربة إنين نفسها أو كبيرة الكاهنات، ومن ورائها الهبات والقرابين وصور المذبح على شكل مدرج يحمله كبشان وقد اعتلاه شخصان أحدهما وراء الآخر، وفي أسفل الوعاء جموع من الحيوانات الأليفة تسير على حافة حقل معشب، ويمكن القول أن هذا الوعاء يرشدنا بالأسلوب الأول الذي اتخذه الإنسان القديم في التقرب إلى الآلهة بقرابين من ثمار الأرض ونتاج البهائم(18) (أنظر الملحق رقم 23 ص 197).

 

                                     

 

ومن الأشكال الرئيسية التي ظهر بها النحت البارز المسلات التي يزيد ارتفاعها على ثلاثة أمتار، والتي أقيم أكثرها في المعابد، ويوضح لنا أنطوان مورتكات ذلك في وصفه مسلات العصر السومري الحديث وارتباط مواضيعها بالمعتقدات الدينية بالقول: "أصبحت المسلة بعد التمثال المجسم لدى الأمراء والملوك في عصر الانبعاث هي الأداة التي كانوا يستطيعون أن يصوروا عليها في صيغة تصويرية مستمرة إلتماسهم لإطالة الحياة وتقديمها للآلهة؛ ذلك أن المسلة كالتمثال- وهي الوسيلة لمثل هذا العمل الديني- قد منحت اسمها الخاص بها. فإذا كان التأكيد الرئيس في تمثال مجسم ينصب على الصلاة والأزل فإن الموضوع الرئيس للمسلة كان في الأحرى عرضا مصورا للصلوات المقدمة إلى الآلهة..."(19).

ونفهم من قول مورتكات أن الملوك السومريين هدفوا من هذه الأعمال التقرب إلى الآلهة، ومن أقدم الأعمال التي عنيت بهذا الموضوع ما يعرف بمسلة النسور أو العقبان التي تعود للأمير السومري اياناتم – في حدود 2500 ق.م - وهي من الحجر الرملي وقد نفذت عليها مشاهد تخليد إحدى الانتصارات الحربية بطريقة النحت البارز، ويوجد على الوجه الأول من المسلة ثلاثة حقول الواحد منها فوق الآخر(20)، ففي الشريط العلوي نرى القائد يسير على رأس صف من حملة الرماح المدرعين فوق أبدان الأعداء اللذين كانوا قد سقطوا صرعى، وتحت القمة المحدبة من المسلة نرى الأجسام وقد نهشتها العقبان كما نرى القائد في الشريط السفلي وهو في عربته عائدا من المعركة منتصرا ومن ورائه رجاله، في حين نراه في الشريط الذي تحت هذا يحضر حفلا لسكب الماء المقدس وتقديم القرابين.

أما الوجه الثاني والذي احتوى الموضوع الرئيسي فيبين الإله "ننكرسو" في صفة فاتح يرتدي ملابس على غرار الملوك ذي شعر ولحية طويلتين، وهو يمسك بيده اليسرى الأعداء كالسمك في الشبكة، وللشبكة جامع صيغ على شكل النسر الذي له رأس أسد وهو يعتلي أسدين - وهو رمز الموت - ويضرب الإله رأس العدو بالصولجان(21).

والشيء الذي يمكن استنتاجه من هذه اللوحة أنها تعبر بصورة واضحة عن الاعتقاد الديني لدى السومريين بأن النصر مرهون بإرادة الآلهة، وأنها هي التي تحققه وتمنحه لمن تشاء من الحكام والملوك، فانتصار جند اياناتم ما كان ليتحقق لو لا أن إله مدينة لكش شارك في المعركة، ولذلك تحتل صورته جزءا كبيرا على الوجه الثاني من المسلة(22)(أنظر الملحق رقم 24 ص 198).

 

                          

 

ومن أهم المنحوتات البارزة التي تعود لسلالة أور الثالثة قطعة كبيرة تصور مشهد ديني يمثل الملك أورنامو وهو يقدم سكب الماء المقدس إزاء اله القمر سين الخاص بمدينة أور، ويتسلم الملك من الآلهة الأوامر المقدسة لتشييد الصرح المدرج في أور، وقد صور المشهد بمرحلتين: فالمرحلة الأولى يشاهد فيها الإله جالسا في الحقل الأول وأمامه الملك وهو يسكب الماء المقدس ويتسلم الأوامر الإلهية من الإله لبناء معبده العالي، وفي الحقل الأسفل نشاهد الملك وقد تسلم من الإله الأوامر الإلهية ومعها أدوات البناء كالخيط والفأس والشاقول وهو يسير في طريقة لانجاز العمل(23)(أنظر الملحق رقم 25 ص 199).

 

                       

 

ومن خلال الأمثلة السابقة لهذا العصر يمكن القول أن السومريين الجدد قد صوروا الآلهة برفقة البشر في جميع المشاهد على نحو لم يكن معهودا من قبل، واهتموا بإبراز العلاقات بين الآلهة والبشر بعد أن أصبح الدين بين الإنسان وربه، وتضاءل دور الكهنة لا سيما بعد أن غدا الملوك شخصيات مقدسة مفوضين من قبل الآلهة لتنفيذ أوامرهم على الأرض وقد حذا السومريون حذوا الأكديين الذين ألهوا ملكهم نرام سين بوضع التاج ذي القرنين على رأسه، وحمل شولجي في حياته لقب "الإلهي" الذي منحه أهل لكش لجوديا بعد وفاته(24).

ولعل أشهر أثر وصلنا عن هذا النوع من النحت ما جاءنا من العصر البابلي القديم والمعروف بمسلة الشريعة أو مسلة حمورابي، وشهرتها لا ترجع إلى تفوقها الفني وإنما للنصوص التي وجدت مكتوبة عليها، ومسلة حمورابي الموجودة في متحف اللوفر وتنقسم إلى قسمين: الأسفل ويحتل معظم جسم المسلة ومسجل عليه الشرائع بالخط المسماري، أما الجزء العلوي فيمثل الإله الشمس جالسا وله لحية ضخمة جدا تتدلى فوق صدره، ويلبس غطاء الرأس ذا أربعة أزواج من القرون علامة على الألوهية، ويقبض بيده اليمنى على القرص والصولجان رمزا إلى آلة القياس وعصا العدل على التعقيب، ويخرج من كتفيه لهيب يرجح أنه يمثل أشعة الشمس، وأمامه يقف الملك وقفة احترام وتعبد وقد حرك ذراعيه حركة تقديس، وهو يتلقى من الإله الدستور السماوي المنقوش على اللوح، وللملك لحية طويلة تشبه لحية الإله، ويمثل النحات ملابس كل من الإله والملك بالأسلوب الجامد الحجري الذي لا ينم عن شيء من عضلات الجسم... كما نلاحظ التماثل المستور بين جذع الإله وجسم الملك حول اليد التي تمسك بالقرص والصولجان(25).

ويصف لنا ثروت عكاشة اللوحة في قوله: "وهذه اللوحة تصوره ماثلا بين يدي الإله شمش رافعا يمناه يتلقى من إله العدالة شرائعه، وأخذ اللهيب يندلع من كتفي الإله المهيب وهو يقبض بيده على العصا والطوق محملقا في خليفته إلى البشر، وقد ساد الصفاء وعمت السكينة لهيبة الإله فيما يأمر به وما يبدو على المأمور من تسليم، ويذكرنا هذا المنظر بموسى وقد صعد الجبل لكي يتلقى من الرب ألواح الوصايا العشر"(26) ، يقول عز وجل (ولما جاء موسى لمقيتنا وكلمه ربه ............) (27)،  وجاء في سفر  الخروج " 11 ويكَلِّم الرب موسى وجهًا لِوجهٍ ..... صاحِبه."(28). (أنظر الملحق رقم 26 ص 200).

 

                          

 

ويمكن القول أن ارتباط النحت البارز بالآلهة والفكر الديني ظل قائما حتى مع الغزو الأجنبي، ويظهر ذلك خاصة مع الكاشيين، فقد ظهر في هذا العصر ما يعرف بأحجار الحدود أو كما جاء في البابلية بالكودورو، وكانت في وظيفتها عبارة عن سجلات بالأراضي والأملاك الزراعية ولاسيما الأراضي التي يقطعها الملك إلى أتباعه، وما يهمنا هنا أنها أحجار مخروطية خصص القسم الأعلى منها لتمثيل بعض الأشكال والرموز، وتتضمن في الغالب رموز الآلهة وفي بعض الأحايين الحيوانات المقدسة العائدة لها، فكان قرص الشمس مثلا للإله شمش، والهلال رمزا للإله القمر سين والفأس والمحراث رمزين للإله مردوخ والنجمة رمزا للإلهة عشتار(29) (أنظر الملحق رقم 27 ص 201).

 

                         

 

 

يقول ثروت عكاشة عن الكودورو الكاشي: "ولم يحدث في تاريخ فنون الشرق الأدنى كلها أن استخدمت ايقونوغرافية(30) الرموز الإلهية بمثل هذه الوفرة وهذا الانتظام الذي ظهر فوق لوحات الكودورو خلال العهد الكاشي. ولم تكن ايقونوغرافية نقوش الكودورو تعبيرا فنيا عن الأفكار الدينية بصفة عامة بقدر ما كانت محاولة ايقونوغرافية لبلورة بعض هذه الأفكار المتعلقة بعبادة الآلهة خلال الألف الثاني وما يترتب على هذه العبادة من أفكار فلسفية... بل أصبح من الأهمية بمكان أيضا إيضاح الطبيعة المعقدة للآلهة مثل السمكة والماعز وتفسير مكانتها الكهنوتية في التدرج اللاهوتي وتأثيرها على مناطق الكون المتعددة"(31). وهذا ما يدل أيضا على الاستمرارية في مواضيع النحت بصفة عامة.

وللوح حمورابي ما يشابهه في العصر البابلي الحديث وهي اللوحة التذكارية التي أقامها الملك نابو-ابلا ايدين لإحياء ذكرى بناء معبد شمش وهي خير شاهد على العودة إلى التقاليد الفنية القديمة بما فيها تصوير المشاهد الدينية، فقد جلس الإله شمش في الوضعية نفسها التي ظهر بها في قمة لوحة قانون حمورابي، بتاجه الإلهي ذي الصفوف الأربعة من القرون(32)، وتمثيل مشهد الآلهة في صورة البشر بوضعيات مختلفة استمر في هذا العصر والعلامة المميزة دائما هي غطاء الرأس على شكل مخروط أو قبعة وفوقها قرون ثور ويبدو أن عدد القرون يشير إلى مكانة الإله المقصود(33)، وبنفس اللحية الطويلة والثوب، وهو ممسك أيضا بيده اليمنى بالعصا والحلقة، ويتمثل الاختلاف في العرش المزخرف من الجانبين بهيئة رجلين لهما جسم ثور، يقفان على صفوف من الطوب، كانت تحمي قدمي الإله في لوحة حمورابي، ويتولى الكاهن الأكبر تقديم الملك، وتتبعه الربة التي تتوسطهما.

والملاحظ أن الروح المحافظة لم تحل دون إدخال بعض الإضافات مثل القرص المتوهج الموضوع فوق المنضدة يشده بالحبال رجلان يبرز جذعهما من المظلة، أما التموجات أسفل خط الأرض فتذكرنا بأن الأرض تستوي فوق "الأبسو" أي كتلة المياه العذبة، التي تغذي الينابيع التي تضمن استمرار الحياة(34)(أنظر الملحق رقم 28 ص 202).

 

                       

 

ولم يقتصر فن النحت البارز على هذه اللوحات بل برز أيضا على الأختام الاسطوانية التي يعود ظهورها إلى العصر الشبيه بالكتابي(35)، إذ تعتبر أكثر الفنون أهمية في حضارة وادي الرافدين بصفة عامة، وذلك لسعة انتشارها، وكثرة استخدامها، وما تلقيه من ضوء على الأساليب الفنية، والعقائد الدينية، والأساطير الخرافية، والدراسات التاريخية والحضارية(36).

ولم تختلف الأختام الاسطوانية عن الكتابة في سبب ظهورها، ذلك أنه لما أصبحت المعابد هي صاحبة الملك وأخذت في جني المحاصيل الزراعية وتربية الماشية، بدأت الحاجة لتوثيق وضمان هذه المواد. ومن هنا بدأت صناعة حفر الأختام المنبسطة التي احتاجها المعبد أولا ليختم ممتلكاته ومحاصيله المخزونة التي تكون عادة تحت سيطرة الكهنة(37)، وكان الختم المنبسط على شكل مخروط مقطوع الطرف، وذا قاعدة بيضاوية، وقمة مستديرة، وكان يشمل رسوما منحوتة تمثل كائنات مقدسة أو رموزا إلهية، وكان يستعمل بهيئة حروز لغايات سحرية ودينية، واستعمل السومريون الأختام المنبسطة فترة من الزمن إلى جانب الأختام الاسطوانية، ثم صاروا يفضلون عليها النوع الأخير والتي ظلت ذائعة الاستعمال في العصور التاريخية التالية(38).

وقد بلغ ذيوعها أن ذكر هيرودوت أنها بمثابة العصا التي يحملها كل شخص تقريبا(39)، فقد صارت هذه الأختام من المقتنيات الشخصية لكل فرد من الطبقة الراقية وبالأخص موظفي الحكومة اللذين كانوا يدونون على أختامهم علاوة على أسمائهم عبارات الإخلاص والتعظيم للملك الحاكم في ذلك الوقت، ثم تطورت هذه الأختام فصارت تنقش وتنحت عليها مختلف النقوش وأكثرها ما يتعلق بأعمال الآلهة والطقوس الدينية التي ينبغي إتباعها عند العبادة وعند تقديم القرابين(40). يقول أندري أيمار: "كان يملك كل شخص، شرط أن يبلغ منزلة اجتماعية ما، خاتما يحل الرسم المنقوش عليه محل توقيع الفرد على المعاملات التي يكون فيها فريقا أو شاهدا. وغدا هذا الخاتم لحامله بمثابة تعويذة، إذ كما احتوى كل اسم علم على اسم آلهة ما، غدا طبيعيا من ثم أن يمثل الخاتم روحا حارسة، أو حيوان رمزيا، أو أسطورة ميثولوجية، أو مشهدا تقويا، أو طقسا يقضي على نفوذ الشياطين الشريرة، ورافقت كل هذا غالبا خطوط كتابة تشتد أو تقل وضوحا"(41).

ومن تلك الأختام واحد من اللازورد كشف عنه في الوركاء يحمل نموذجا لقارب وعليه ملاحان وإلى جانبيهما ثور يحمل مذبحا مدرجا، في أعلاه حزمتان من القصب(42) (أنظر الملحق رقم 29 ص 203 )، وهذا ربما يعطينا فكرة عن المواضيع المحفورة على أختام عصر الوركاء، فعلى الرغم من أنها كانت تعني بالأسلوب الزخرفي ولكن مفهوم الديانة والطقوس الدينية بدأ يؤثر على فن الحفر على الأختام حيث يعرض مشاهد دينية وطقسية(43).

 

                             

 

وقد أخذ الأسلوب الهندسي للأختام في التطور مع حلول عصر جمدة نصر، على أن مواضيع الأختام في هذا العصر هي كالعادة لها صلة بمشاهد خاصة تحمل مواد ومقتنيات المعابد بالإضافة إلى المواضيع الاعتيادية التي تعود إلى نهاية عصر الوركاء(44).

وقد كشفت التنقيبات الأثرية على أن الأختام عند السومريين تمثل تطورا لما سبقها، وفي هذا السياق يصف لنا ثروت عكاشة الأختام الأربعة عشر التي عثر عليها في كنز أور بالقول: "وتتلاقى العناصر الدينية بالإيحاءات الدينية في النقش الدقيق على الأختام الأسطوانية الأربعة عشرة الموجودة ضمن كنز أور، والتي تستمد وحيها من الحفلات والطقوس الدينية، وإن كانت لا تتضمن الآلهة في صور إنسانية، وتجتزئ بنقش كبار الكهنة وأعيان المدينة وجماهير الناس والمواكب والموائد حتى ليظن المرء أنها حفلات غير دينية"(45)، فنجد أن طبعات الأختام التي تعود إلى مؤسسي الانبعاث السومري الحديث تتمثل موضوعاتها في تقديم متعبِد إلى إله أو ملك مؤله عن طريق وسيط، وكان ذلك هو الموضوع المفضل في النحت بصفة عامة أيضا، وكان للمفهوم الأكدي القديم عن الملكية والفاتح المنتصر على الأشرار في أشكال آتنة وحيوانات متوحشة وأعداء قوميين، وهذه في الواقع الفكرة التي صورتها مسلة نرام سين أقوى تصوير، فهذا المفهوم استمر مع عصر الانبعاث وظل يسير جنبا إلى جنب مع تصوير مشهد المثول كجزء من التطور للنقش على الأختام في هذا العصر، وعلى ذلك فمن الصعب تمييز هذه الأختام عن أختام الأكديين سواء في مادة موضوعها: (معركة بطل عاري، أو الرجل الثور مع جاموسة برية أو حيوان أسطوري في ( شكل أسد مجنح) أو في أسلوبها(46).

وعندما نأتي إلى فن الحفر على أختام العصر البابلي القديم نشاهد نفس الفكرة في تكرار الموضوع، مع بعض الاختلافات البسيطة مثل: صور الملوك، وهو ما ذهب إليه أنطوان مورتكات في قوله: "...وقد استمر صانعو الأختام في العصر البابلي القديم على استخدام الموضوعين الرئيسيين لعصر الانبعاث، أي مناظر التقديم والعبادة سوية مع صورة الفاتح لنرام سين، وبالرغم من وجود الآلهة التي كانت تعبد، فإن الأبطال والملوك المنتصرين كانوا دوما جددا ولو أن دورة كاملة لرموز سحرية تقوم على أساس العالم الديني للكنعانيين قد استخدمت لملئ السطح المصور"(47).

ومن بين الأختام البابلية التي تصور المشاهد الدينية ختم يصور إله الشمس أوتو واقفا على جبل، ثم إله الماء، ثم إله آخر جالس داخل معبد(48)، وثمة إلهة عارية مجنحة تقف فوق جديين ملتصقي الظهر، كما ظهرت آلهة خيرة في مشاهد أخرى مثل نقش على خاتم أسطواني يصور الحاكم أيدي-ايلوم يتقدم إلى الربة واثقا في رفقة ربة أخرى ترفع يديها بالشفاعة له (49).

وقد انتقل نحت الأختام إلى الكاشيين، حيث تحرر الفنان الكاشي من التقاليد البابلية ولم تحتل الرموز الإلهية إلا مساحة متواضعة، وعاد موضوع "حلقة انانا وتموز" السومري القديم إلى الظهور، وعكفوا على تجديده في مشاهد ثانوية فوق الأختام خلال فترة حكم الملك الكاشي بو را بورباش (50).

وقد تم العثور على عدد كبير من الأختام المنبسطة والاسطوانية التي تنسب إلى العصر البابلي الحديث، وإن كان المختصون قد وجدوا صعوبة في التمييز بينها وبين الأختام الأشورية لتشابه الموضوعات المطروقة، وهي إما صراع بين حيوانات وبطل ومجنح أو غير مجنح، وإما مشاهد تعبد يقف فيها مؤمن أمام رمز ديني، على أن أهم تطور عرفته الأختام في هذا العصر هو اختفاء تمثيل الآلهة الآدمية الشكل والاكتفاء بتصويرها في رموز كالهلال أو النجم أو الخنجر أو التنين، وكان يرمز لمردوخ بمعول مثلث الجوانب، وكان يرمز لآلهة بابل بطريقتين: إما بأداة زراعية وإما بملامح تنين ذي قرون معروف يسمى المشروشو(51).

____________

(1) من سومر إلى التوراة (فاضل عبد الواحد علي) المرجع السابق، ص 68

(2) شمس الدين فارس، سلمان عيسى الخطاط، المرجع السابق، ص 51 .

(3) جورج حداد، المرجع السابق، ص 93.

(4) صبحي الشاروني، فن النحت في مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 1993 ، ص 07

(5) أبو المحاسن عصفور، المرجع السابق، ص 259 .

(6) طه باقر, (مقدمة في تاريخ الحضارات), المرجع السابق, ص 484 .

(7) نعمت إسماعيل علام، فنون الشرق الأوسط والعالم القديم، ط 6، دار المعارف، القاهرة، (د.ت)، ص 146 .

(8) خزعل الماجدي، (متون سومر)، المرجع السابق، ص 328 .

(9) صبحي الشاروني، المرجع السابق، ص 103

(10) أنطوان مورتكات, (الفن في العراق القديم), المرجع السابق, ص 206 .

(11) ثروت عكاشة, المرجع السابق, ص 169 .

(12) نعمت إسماعيل علام، المرجع السابق، ص 167 .

(13) ثروت عكاشة، المرجع السابق، ص 284-285.

(14) أنطوان مورتكات, (الفن في العراق القديم), المرجع السابق, ص 276 .

(15) نفسه, ص 272 .

(16) أندريه أيمار, جانين أوبوايه، المرجع السابق, ص 192.

(17) وليد الجادر وآخرون، النحت في عصر فجر السلالات،(حضارة العراق)، ج 4، المرجع السابق، ص 18 .

(18) ثروت عكاشة، المرجع السابق، ص 118 .

(19) أنطوان مورتكات، (الفن في العراق القديم)، المرجع السابق، ص 223-224.

(20) فاضل عبد الواحد علي، (من سومر إلى التوراة)، المرجع السابق، ص 69 .

(21) شمس الدين فارس، عيسى الخطاط، المرجع السابق، ص 45 . أنظر كذلك: عبد العزيز صالح، المرجع السابق، ص 401

(22) فاضل عبد الواحد علي، (من سومر إلى التوراة)، المرجع السابق، ص69-70

(23) طه باقر، (مقدمة في تاريخ الحضارات)، المرجع السابق، ص 489-490.

(24) ثروت عكاشة، المرجع السابق، ص 302-303.

(25) حسن باشا، المرجع السابق، ص 74 .

(26) ثروت عكاشة، المرجع السابق، ص 345 .

(27) سورة الأعراف، الآية 143 .

(28) سفر الخروج ( 33:11 )

(29) فاضل عبد الواحد علي، عامر سليمان، المرجع السابق، ص 238 .

(30) الايقونوغرافية: هي قائمة الموضوعات التي تعني بها حضارة من الحضارات، أو يشغل بها عهد من العهود، أو يعالجها فنان من الفنانين ومن ثمة فهي تختلف عن قائمة المنجزات الفنية التي تشمل عدد الصور أو التماثيل أو الأعمال الفنية التي تمت خلال حضارة من الحضارات أو عهد من العهود أو بواسطة فنان معين.أنظر: ثروت عكاشة، المرجع السابق، ص 376

(31) نفسه.

(32) نفسه، ص 625 .

(33) فيصل عبد الله، عيد مرعي، المرجع السابق، ص 110-111.

(34) ثروت عكاشة، المرجع السابق، ص 625 .

(35) أحمد سوسة، تاريخ حضارة وادي الرافدين في ضوء مشاريع الري الزراعية المكتشفات الاثارية . والمصادر التاريخية، ج 1، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1983 ، ص 529.

(36) حسن باشا، المرجع السابق، ص 102 .

(37) عادل ناجي وآخرون، المرجع السابق، ص 219 .

(38) حسن باشا، المرجع السابق، ص 102

(39) Hérodote, Loc.Cit, 195.

(40) أحمد سوسة، (تاريخ حضارة وادي الرافدين)، المرجع السابق، ص 530 .

(41) أندريه أيمار, جانين أوبوايه، المرجع السابق, ص 198 .

(42) عادل ناجي وآخرون، المرجع السابق، ص 225 .

(43) ثروت عكاشة، المرجع السابق، ص 123 .

(44)عادل ناجي وآخرون، المرجع السابق، ص 226 .

(45) ثروت عكاشة، المرجع السابق، ص 236 )

(46) شمس الدين فارس، عيسى الخطاط، المرجع السابق، ص 63-64.

(47) أنطوان مورتكات، (الفن في العراق القديم)، المرجع السابق، ص 255 .

(48) ثروت عكاشة، المرجع السابق، ص 362 .

(49) نفسه، ص 349 .

(50) نفسه، ص 382 .

(51) نفسه، ص 628

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).