العليّة والتفكير 					
				 
				
					
						
						 المؤلف:  
						السيد هاشم الموسوي					
					
						
						 المصدر:  
						القران في مدرسة اهل البيت					
					
						
						 الجزء والصفحة:  
						 ص 195- 198					
					
					
						
						4-05-2015
					
					
						
						2801					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				في مجال الفكر تحدث القرآن عن أنّ التفكير سبب مباشر للمعرفة ، وعلّة لها. وأوضح أنّ العلاقة بين التفكير والمعرفة هي علاقة السبب بالنتيجة.
فقد خاطب العقل والفكر البشري ودعاه الى أن يستقرئ عوالم الطبيعة والحياة ليكتشف من خلالها وجود الخالق وعظمة قدرته. كما وجه العقول الى التفكر في تجارب الامم السابقة ليكتشف العلاقة بين سقوطها واندثار حضارتها وبين الكفر والجريمة والانحراف.
فعلى الصعيد الأوّل نقرأ عليّة التفكير للعلم والمعرفة ، قال تعالى :
{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } [آل عمران : 190 ، 191].
وقال تعالى : { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الزمر : 42].
وهكذا يوضح القرآن أنّ التفكير علّة وسبب لإنتاج المعرفة ، فالتفكير في عالم الطبيعة والإنسان (استقراء مظاهر الوجود) يولّد الإيمان بوجود الخالق؛ لذا نجد الرسول الكريم عليه السّلام يؤكد هذه الحقيقة حين قال بعد نزول قوله تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } [آل عمران : 190] قال : «ويل لمن لاكها بين لحييه ثم لم يتدبرها» أي لم يكن من اولي الألباب الذين يستنتجون وجود اللّه من التفكر في خلقه.
وان هذه المعادلة التفكيرية كما هي واضحة تجري على أساس الاختلاف بين موضوع المقدمة وموضوع النتيجة (الاختلاف بين جنس العلة وجنس المعلول).
فالمقدمة هي ما يتوفر من معلومات حسيّة استقرائية عن هذا الوجود لدى الإنسان والنتيجة هي اكتشاف وجود خالق لهذا العالم.
وهذه المرحلة من التفكير هي المرحلة التي عبّر عنها الشهيد السعيد المفكر الإسلامي الكبير السيد محمد باقر الصدر بمرحلة التوالد الذاتي.
في حين نقرأ في كتاب اللّه قدرة التفكير البشري على توليد نتائج علمية جديدة من خلال حركته بين المعلوم والمجهول ، وقدرته على استنباطها وهي المرحلة التي أطلق عليها الشهيد الصدر اسم مرحلة التوالد الموضوعي للفكر. أو المرحلة الاستنباطية من الدليل الاستقرائي.
وقد أوضح المتكلمون الإماميّة قدرة التفكير على انتاج المعرفة ، وأنّ العلاقة بين التفكير والعلم هي علاقة السبب والنتيجة :
نذكر من هذه الآراء ما أورده أبو إسحاق إبراهيم النوبختي صاحب كتاب (الياقوت) الكلامي الشهير.
قال : «و النظر يولد العلم كسائر الأسباب المولدة لمسبباتها».
ثمّ علق العلّامة الحلي على هذه الرأي قائلا : أقول : اختلف الناس في ذلك ، فقالت المعتزلة : النظر الصحيح يولد العلم.
وقال الأشاعرة : إنّ العلم يحصل عقيبه لمجرد العادة من فعل اللّه تعالى كالعاديّات.
وقال أبو بكر الباقلاني ، وإمام الحرمين- الجويني- : «إنّ العلم ما يلزم النظر لزوما واجبا ، وإن لم يتولد عنه» (1). وهكذا نجد المدرسة الإمامية قد اختلفت مع المدرسة الأشعرية في عليّة التفكير للعلم ، واسندت نظريتها الى اصول قرآنيّة.
_____________________
(1) العلّامة الحلي ، أنوار الملكوت في شرح الياقوت : ص 15.
 
 				
				
					
					
					 الاكثر قراءة في  مواضيع عامة في علوم القرآن					
					
				 
				
				
					
					
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة