أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-05-2015
12651
التاريخ: 2024-04-08
822
التاريخ: 4-05-2015
2349
التاريخ: 2024-02-23
1376
|
الهدفيّة في القول والعمل ، هي الروح السارية في كل خطوة وكل حركة تنتسب إلى الإسلام ، ولذا فإنّا نجد أنّ هناك تناسبا رائعا بين مركز القرآن الرئيسي في الدعوة الإسلامية ووظائفه الأساسية ، وبين التسميات التي سمّي بها أو ادّعيت تسميته بها.
وقد التفت الدارسون القدامى والمحدثون إلى ذلك فراحوا يحاولون استكشاف السّر حسبما يتصوّرون اعتمادا على ذلك العلم الإجمالي بالتلاؤم الحتمي بين الاسم والعنوان ومركز المسمّى والمعنون؛ كما نجد فيما يلي :
1. قال السيوطي : واما الكلام فمشتق من الكلم بمعنى التأثير؛ لأنه يؤثر في ذهن السامع فائدة لم تكن عنده ، وأمّا النور فلأنّه يدرك به غوامض الحلال والحرام ، وأمّا الهدى فلأنّ فيه الدلالة على الحق ، وهو باب إطلاق المصدر على الفاعل ، وأمّا الفرقان فلأنّه فرّق بين الحق والباطل ، وجّهه بذلك مجاهد ، كما أخرجه ابن أبي حاتم ، وأما الشفاء فلأنّه يشفي من الأمراض القلبية- كالكفر والجهل والغل- والبدنية أيضا ، وأمّا الذّكر فلما فيه من المواعظ وأخبار الأمم الماضية ... إلى آخر ما قال. (1)
2. قد فسّر بعض المفسّرين المحدثين (الفرقان) فقال : وسمّاه الفرقان لما تضمّنه من فارق بين الحقّ والباطل والهدى والضلال ، بل بما فيه من تفرقة بين نهج في الحياة ونهج ، وبين عهد للبشرية وعهد ، فالقرآن يرسم منهجا واضحا ... ويمثّل عهدا جديدا ... فرقان ينتهي به عهد الطفولة ويبدأ به عهد الرشد ، وينتهي به عهد الخوارق المادية ويبدأ به عهد المعجزات العقلية ، وينتهي به عهد الرسالات المحلّية الموقوتة ويبدأ به عهد الرسالة العامة الشاملة. (2)
هذا على أن البعض لم يلتفتوا إلى السر تماما ، وانما حاولوا أن يجدوا مجرد مأخذ التسمية ، فقالوا بأنه سمي قرآنا مثلا؛ لأنّ القارئ يظهره ويبيّنه من فيه؛ أخذا من قول العرب : «ما قرأت الناقة سلاقط أي ما رمت لولد أي ما أسقطت ولدا أي ما حملت قط» ، والقرآن يخرجه القارئ من فيه ويلقيه ، فسمّي قرآنا. وادّعى الشافعي أنه لم يؤخذ من قراءة وانما هو اسم مخترع لكتاب اللّه مثل التوراة والانجيل. وقال قوم منهم الأشعري : هو مشتق من قرنت الشيء بالشيء إذا ضممت أحدهما إلى الآخر ، وسمي به القرآن لاقتران السور والآيات والحروف فيه.
ولن نطيل في ذكر هذه الأقوال ، إلا أنّنا نشير إلى أنّها لم تدرك النكتة الكبرى ، والتي تنطبق أكثر فأكثر في حق القرآن إذ أريد به- بالاضافة إلى ايصال الوحي إلى البشرية- أن تكون كل كلمة فيه مشيرة إلى أقصى حدّ ممكن إلى المعنى المراد ، ومؤثّرة في عمليّة التربية الكبرى ، فكيف يكون اختيار اللفظ مثلا لأنه مقروء أو لأنّه تقترن مقاطعة فيه ، وهل هناك كتاب لا تقترن مقاطعه ؟! وعذر هؤلاء أنهم بحثوا عن أصل الاشتقاق اللغوي غافلين عن هذا التناسب المحتّم.
ومن الجدير بالذكر هنا أن الدكتور عبد اللّه دراز ، وكذلك الدكتور الصالح لاحظا أن أكثر الأسماء الشائعة هي لفظتا (القرآن والكتاب) ، وفسّرا هذا المعنى بأنّ (تسميته بالكتاب إشارة إلى جمعه في السطور لأن الكتابة جمع الحروف ورسم للألفاظ ، كما أن تسميته بالقرآن إيماءة إلى حفظه في الصدور لأنّ القرآن مصدر القراءة وفي القراءة استذكار فهذا الوحي العربي المبين قد كفل له من العناية به ما كفل صيانته في حرز حريز ... إذ لم ينقل كجميع الكتب بالكتابة وحدها ولا الحفظ وحده بل وافقت كتابته تواتر أسناده ، ووافق أسناده المتواتر نقله الأمين الدقيق). (3)
ونحن لا نستطيع أن نقف عند هذا الحد بل قد نرفضه باعتبار أن هاتين التسميتين جاء بهما القرآن نفسه ولقّنهما الإسلام أتباعه لا أنّهما جاءتا بعد ذلك لتشيرا إلى صفتين متأخّرتين حدثتا أو توقّع لهما أن تحدثا فيه وهما قراءته وكتابته وصيانته بهما من التحريف. والبحث المفصل عن مداليل هذه الأسماء إنّما يكون في علم التفسير إلّا أنّنا نشير إلى أنّ (قرأ) يأتي بمعنى جمع ، ولذا نقل الراغب الأصبهاني في مفرداته تسمية هذا الكتاب قرآنا من بين كتب اللّه لكونه جامعا لثمرة كتبه بل لجمعه ثمرة جميع العلوم كما اشار اليه تعالى بقوله : {وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} [يوسف : 111] وقوله تعالى : {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ } [النحل : 89] . كما أنّ «تقرأ الشيء» يعني تفهمه وتطّلع على أسراره.
كما أنّنا نشير إلى أنّ الكتاب لا يطلق على مفهوم الكتابة الحرفي ، وإنّما له مدلولات تبعيّة مقترنة به تماما ، كالإلزام كما في { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة : 183] ومدلول (التقدير) كما في {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة : 21] , وقد ذكر ابن شيدلة أنّ تسميته الكتاب لأنه جمع بين العلوم والقصص والأخبار على أبلغ وجه ، وهذا يعني أنّ اختيار هذين الاسمين كان يتلاءم مع وظيفة القرآن العامّة التي جعلته الفيصل والجامع والآمر الإلهي الذي يجب أن يكون قوام كل شيء في حياة المسلمين.
_____________________
( 1) الإتقان في علوم القرآن : 51.
( 2) في ظلال القرآن : 5/ 2547 ، طبعة دار الشروق.
( 3) راجع النبأ العظيم : 13 ومباحث في علوم القرآن : 17.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
بالفيديو: لتعريفهم بالاجراءات الخاصة بتحقيق وترميم المخطوطات.. مركز الإمام الحسين (ع) يستقبل مجموعة من طلبة الدراسات العليا في جامعة بابل
|
|
|