أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-04
1404
التاريخ: 5-05-2015
4085
التاريخ: 2024-02-23
1143
التاريخ: 17-10-2014
2239
|
الشريف الرضي (ت : 406 هـ) وهو الناقد الخبير والبلاغي المتنور الذي جمع رهافة الحس ودقة الملاحظة ، فقد جاء نقده تطبيقا لموارد النقد ، وتحقيقه البلاغي تنظيرا لمظاهر البلاغة ، وهو تشخيصي النقد ، تطبيقي البلاغة ، و«تلخيص البيان» من أهم كتبه الريادية (1) وأعطف عليه «المجازات النبوية» (2) فهما الميدان الدلالي لهذا المنحى المتطور.
أما تعقيبه النقدي أو البلاغي أو اللغوي على مختاراته من كلام ورسائل وخطب ووصايا وحكم أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) المسمى «نهج البلاغة» (3) فيعد- بحق- من أبرز مصاديق النقد البلاغي التحليلي القائم على أساس استعمال العرب البياني في أمثلة ونماذج حيّة ارتفعت بالشريف الرضي إلى مستوى أساطين هذا الفن كما أوضحنا ذلك في مهرجان الشريف الرضي (4).
وبين يدي الآن «المجازات النبوية» وهو حاشد بإفاضات الشريف الرضي الدلالية في المجاز والتشبيه والاستعارة والكناية وما تلاحظه فيه تجده في تلخيص البيان ، وكله نماذج صالحة للاستدلال ، وليس على سبيل الاختيار وأورد هذا المثال من شرح وإبانة الرضي في الحديث الشريف :- «إيّاكم والمغمضات من الذنوب».
فإنه يقف عند دلالة اللفظ ويقول :- «المراد بالمغمضات هنا على ما فسره الثقات من العلماء : الذنوب العظام يركبها الرجل وهو يعرضها فكأنه يغمض عينيه تعاشيا عنها وهو يبصرها ، ويتناكرها اعتمادا وهو يعرفها ، وربما روي هذا الخبر بفتح الميم من المغمضات فيكون المراد به على هذا الوجه ضد المراد به على الوجه الأول لأن المغمضات بالكسر : الذنوب العظام ، والمغمضات بالفتح الذنوب الصغار ، ... وإنما سميت مغمضات لأن تدق وتخفى ، فيركبها الإنسان بضرب من الشبهة ولا يعلم أنه عاص يفعلها» (5).
فالرضي هنا أشار لدلالة اللفظ بلاغيا فاعتبره استعارة ونقديا بقوله : «فكأنه يغمض عينيه تعاشيا عنها وهو يبصرها» ولغويا فأعطى المعنى على جهة الأضداد في حالتي فتح الميم من (مغمضات) وكسرها ، وهو بذلك يعطي نظرة الدلالة عمليا.
وكذلك شأنه في جميع مختاراته من الحديث في الكتاب المذكور.
والطريف عند الشريف الرضي في هذا المجال تداخل تطبيقاته لا في اختياراته فحسب ، بل فيما يجري مجراها ، ويتعلق بمضمونها ، فيحمله عليها ويعتبره منها ، وإن لم يقصد إليه أولا وبالذات ، ولكنه تدافع الكلام ، وسبيل الاستشهاد المركز كما فعل عند قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم : «كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس وقد مرجت عهودهم وأماناتهم».
فهو يعقب على ذلك شارحا ومدللا ومسوغا ، لغة وبلاغة ونقدا فيقول :- «أي لا يستقرون على عهد ولا يقيمون على عقد يصفهم عليه السلام بقلة الثبات وكثرة الانتقالات. وأراد أصحاب الأمانات والعهود وإن كان ظاهر اللفظ يتناولها وصريح الكلام يتعلق بها وذلك أيضا من جملة المجازات المقصود بيانها في هذا الكتاب. والحثالة الرديء من كل شيء وأصله ما يتهافت من نشارة التمر والشعير» (6).
وهذا المنهج التطبيقي الذي اختطه الشريف الرضي لقي قبولا عند جملة من علماء الدلالة العرب والمسلمين فسلكوا سبيله ومن بينهم أبو منصور ، عبد الملك بن محمد الثعالبي في جملة من إفادته في هذا الشأن.
____________________
(1) حققه في طبعة منقحة الأستاذ الدكتور محمد عبد الغني حسن ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، 1955 م.
(2) علق عليه وطبعة الأستاذ محمود مصطفى مدرس الآداب بكلية اللغة العربية بالأزهر ، مطبعة مصطفى البابي ، القاهرة ، 1937.
(3) شرحه ، عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد (ت : 656 هـ) وحققه في عشرين مجلدا الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، 1959 م.
(4) عقد في بغداد بمناسبة ذكراه الألفية (1406 هـ) من قبل وزارة الثقافة والإعلام في قاعة ابن النديم وقاعة المتحف العراقي للفترة : 6 ، 7/ 10/ 1985 م.
(5) الشريف الرضي ، المجازات النبوية : 228 وما بعدها.
(6) المصدر نفسه : 55.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|