أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-11-2020
11556
التاريخ: 2-1-2021
2773
التاريخ: 23-11-2020
3422
التاريخ: 18-12-2020
3971
|
تاريخ النباتات الطبية في العصر الإسلامي
برع العرب في دراسة النبات والتأليف فيه ، وأخذوا أساس هذا العلم من كتب الهند ، ومن مؤلفات الطبيب ديسقوريدس. وتألقت العلوم والآداب والفنون في عهد النهضة.
كانت قبائل الجزيرة العربية تعيش على صلة مباشرة بالنباتات والحيوانات التي اعتمدت عليها للحصول على غذائها ودوائها ، وعلى العلف لمواشيها. وكانت خيراتهم في هذا المجال تنتقل وتتطور بالممارسة من جيل الى اخر من غير تدوين. اشتمل القران الكريم والحديث النبوي الشريف ، على الكثير من الإشارات الى فوائد بعض النباتات والمنتجات الحيوانية. وفي القرن الثاني للهجرة بدا بعض علماء العربية يهتمون بتسجيل أسماء الكائنات الحية وضبط صفاتها ، ومن أشهرهم عبد الملك بن قريب ، المشهور بالأصمعي الباهلي 122 - 216 هــ / 740 - 831 م، وهو من مواليد مدينة البصرة ، كان أماما في الأخبار والملح والغرائب. قدم الى بغداد في زمن الرشيد ، ثم عاد الى البصرة ، وتوفي فيها. صنف الأصمعي أكثر من ثلاثين كتابا ، بعضها في علوم العربية ، وبعضها في وصف أحياء البيئة الطبيعية التي عاش فيها. ومن تلك المؤلفات : كتاب النبات والشجر ، وكتاب خلق الانسان ، وكتاب الأجناس ، وكتاب الخيل ، وكتاب الإبل ، وكتاب الوحوش وصفاتها ، وكتاب مياه العرب ، وكتاب الأنواء ، وكتاب الأخبية والبيوت. وقد حقق كتاب النبات والشجر أوغست هفنر A.Haffner والأب لويسى شيخو ، ونشراه في بيروت عام 1908م. وأعاد تحقيقه ودراسته الدكتور عبد الله يوسف الغنيم ، ونشره في القاهرة عام 1947م. تحدث الأصمعي في مقدمة هذا الكتاب عن أسماء الأرض وصفاتها ، وما يصلح للزرع فيها من نبات وشجر. ثم ذكر أدوار النمو التي تمر فيها النباتات ، وقسمها بعد ذلك الى أحرار وذكور. فأحرار البقول ما رق منها وحسن ، وذكورها ما غلظ منها وخشن. ثم قسمها بحسب طعمها الى حمض وخلة ، فالحمض ما كان طعمه مالحاً ، والخلة ما كان طعمها مائلا للحلاوة. وقسمها بحسب الأمكنة التي تنمو فيها الى سهلية ورملية وجبلية ، وبلغ عددها 280 نباتا.
توالي بعد ذلك ظهور عدد مرن المصنفين في علم النبات عند العرب ، وكان من أشهرهم أبو حنيفة أحمد بن داوود الدينوري (282هـ /895 م) ، كان تلميذا لابن السكيت ، كما كان ابن السكيت تلميذا للأصمعي. وقد صنف أبو حنيفة ثلاثة علوم مختلفة : علم الأنواء ، علم القران ، وعلم النبات. يعد كتابه في النبات موسوعة جمع فيها أسماء الكثير من الأعشاب والجنيات والأشجار التي تنمو في الجزيرة العربية ، وجعلها في خمسة أجزاء. بقت هذه الموسوعة بكامل أجزائها حتى زمن الطبيب موفق الدين البغدادي (629هـ /1231م) ، الذي كان يملك نسخة مخطوطة منها ، ثم فقدت بعض أجزاء تلك الموسوعة ، ولم يعثر إلا على الجزء الثالث والنصف الأول من الجزء الخامس . قام المستشرق الألماني برنهار دلفين B. Lewin بتحقيق ما بقي من كتاب النبات لأبي حنيفة ، وشرحه (طبع في بيروت 1974م ). ولم يكن أبو حنيفة ، في موسوعته بعلم النبات ، مجرد جامع لمفردات هذا العلم ، أو باحث عنها بين أبيات الشعر وأخبار الرواة ، بل تجاوز التعريف الموجز لكل نبات ، كما سدار عليه من سبقه من علماء اللغة ، وقدم وصفا دقيقا لجميع أعضاء النبات ، وخاصة تلك التي عرفها عن قرب وهو يجوب أنحاء الجزيرة العربية ، ثم قام بتصنيفها بحسب فائدتها العملية ، ذاكرا الجزء المستعمل منها ، وتاثيره الدوائي في الإنسان أو الحيوان أحيانا. لذا يمكن أن يقال أن أبا حنيفة الدينوري هو أول من وضع أساس علم الإتنولوجية النباتية في البلاد العربية ، بالاعتماد على ما ورد في كتابه الذي قسمه إلى اثني عشر بابا من باب للرعي والمراعي ، و باب للصمغ ، و باب للدباغ ، واخر للروائح وباب للعسل والنحل ... الخ.
لقد كانت كتب الهند ، وأهمها موسوعتا ((سوشروتا)) و ((شاراكا)) ، مصدر العرب الاول في العقاقير ، حيث امتاز قدماء الهنود ، بمعرفة الحشائش وبرعوا في معرفة خواصها واثارها في الابدان ، وقد ترجم العرب في القرن الثامن للميلاد ، موسوعتي (سوشروتا)) و ((شاراكا)) الهنديتين ، بعد أن مضى عليهما ألف عام ، واعترف الخليفة هارون الرشيد بالتفوق العلمي والطبي للهنود ، واستدعى أطباءهم لتنظيم المستشفيات ومدارس الطب في بغداد. يقول اللورد آمهل : " ان اوروبا القرون الوسطى والحديثة مدينة بعلمها الطبي للعرب بطريق مباشر ، وللهند عن طريق العرب)). اهتم العرب بكتاب ديسقوريدس في الحشائش والأدوية المفردة ، اكثر من الاهتمام بأي كتاب من كتب النباتات اليونانية ، فقد عكفوا على دراسته وتمحيصه ، فصدرت له عدة ترجمات أشهرها اثنتان ، الاولى في بغداد ، والثانية في قرطبة كما ذكر ابن جلجل.
ازدهر علم النبات والأعشاب عند العرب منذ القرن الرابع الهجري ، وشاع التداوي بالحشائش والأعشاب في الأندلس على ايدي علماء واطباء اندلسيين كالأدريسي والغافقي وابن العباس ، وشملت علومهم واختصاصاتهم مجالات النبات والطب والصيدلة ، فكانوا روادا برعوا في معرفة الادوية النباتية والمعدنية والحيوانية ، وافتتحوا الصيدليات العامة في زمن المنصور ، كما ألحقوا صيدليات خاصة بالبيمارستانات. كان للصيدلية رئيس يسمى شيخ صيدلاني البيمارستان. وجعلوا على الصيادلة رئيسا يسمى رئيس العشابين ، ووضعوا كتبا خاصة بتركيب الادوية اطلقوا عليها اسم الاقربازين.
في حقيقة الامر لم ينتثر كتاب الادوية المفردة لديسقوريدس ، بعد ترجمته في بغداد، انتشارا واسعا في شرقي العامل الإسلامي. ويعود السبب في ذلك الى ان كثيرا من النباتات الطبية التي ورد ذكرها في ذلك الكتاب كانت اسماؤها اعجمية ، لهذا بقيت مجهولة من قبل اكثر الاطباء ، ومل يقم احد بالربط بينها وبين النباتات التي ورد ذكرها في مؤلفات الأصمعي وابي حنيفة وغيرهما ، وعند الرجوع الى مؤلفات الرازي والبيروني وابن سمينا يلاحظ انهم حذفوا في مؤلفاتهم كثيرا من تلك الأسماء الاعجمية. ولكن حينما وصل كتاب ديسمقوريدس الى قرطبة ، وقدم اليها بعده نقولا الراهب ، اهتم بهما بعض الاطباء الاندلسيين المشهورين ، والمتشوقين الى معرفة جميع مفردات ديسقوريدس. وقد استطاع نقولا ، الذي كان يتقن اللغة اليونانية واللاتينية، عن طريق جولات اطلاعية قام بها في أطراف قرطبة في صحبة هؤلاء ، ان يريهم كثرا من نماذج تلك النباتات ، فربطوا بين اسمائها اليونانية كما وردت في كتاب ديسقوريدس ، وأسمائها باللغات اللاتينية والبربرية والعربية المعروفة في بلاد الاندلس آنذاك. وظهر بعد ذلك عدة مؤلفات في تفسير مفردات ديسقوريدس ، قام بوضعها اطباء اندلسيون من اشهرهم :
سليمان بن حسدان المعروف بابن جلجل : الف كتابه في تفسير أسماء العقاقير عام 372هـ / 983م في قرطبة ، ابان حكم هشام بن الحكم المؤمن بالله. كما الف مقالة في ذكر الادوية المفردة التي لم يذكرها ديسمقوريس في كتابه.
أبو جعفر احمد بن محمد بن السيد الغافقي : اشتهر في القرن السادس للهجرة ، وكان أماما فاضلا ، وحكيما عالما. ويعد من الاكابر في الاندلس ، وهو اعرف أهل زمانه بقوى الادوية المفردة ومنافعها وخواصها واعيانها ومعرفة أسمائها. كتابه في الأدوية المفردة لا نظري له في الجودة ولا شبيه له في معناه ، استقصى فيه ما ذكره ديسقوريدس وجالينوس بأوجز لفظ وأتم معنى ، ثم ذكر بعد قوليهما ما تجدد للمتأخرين من الكلام في الادوية المفردة ، فجاء كتابه جامعا لما قاله الافاضل في الادوية المفردة ، ودستورا يرجع اليه فيما يحتاج الى تصحيحه منها ، ولقد درس الغافقي النباتات الإسبانية والأفريقية ، ووصفها ، ووضع أسماءها بالعربية واللاتينية والبربرية ، ووصف في كتابه النباتات بادق وصف ، مع ذكر أسمائها باللغات الثلاث. وله أيضاً (كتاب الأعشاب) وهو يحتوي على 380 رسماً ملونا وعقاقير متقنة.
الشريف الإدريسي: اعظم جغرافي الإسلام ، ومن علماء النبات والصيدلة المشهورين. صنف كتبا عدة في النباتات والصيدلة ، أكرها في بلاط بالرمو ، وهو من الذين اشتركوا بنقل العلوم العربية إلى أوروبا بحكم إقامته في صقلية ، وله كتاب ((الصيدلة)) ، بداه بمقدمة عامة في النباتات ، تتسم بروح البحث العلمي. ويبدو من خلال كتابه هذا أنه كان كثير الاعتماد على القدماء من الناحية الطبية ، الا انه كان من ناحية علم النبات ، مستقلا في الرأي ، كثير الاعتداء بالنفس. ويدل توصيفه للنباتات على ان معارفه في علم النبات معارف شخصية خاصة وغزيرة. فقد كان عالما بقوى الأدوية المفردة ومناخها ومنابتها واعيانها ، وله من الكتب أيضا كتاب (الأدوية المفردة)) وكتاب ((الجامع لصفات اشتات النبات) وقد ذكر الأسماء المطابقة للنباتات بلغات مختلفة ، بالعربية والفارسية واليونانية واللاتينية والسريانية والعبرية والهندية والكردية والتركية والقشتالية والبربرية والقبطية.
ابو منصور رشيد الدين ابن الصوري : من علماء القرن السابع للهجرة ، ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بمدينة صور في لبنان الجنوبي ، ثم انتقل عنها واشتغل بصناعة الطب وتميز فيها ، اقام في القدس سنتين وكان يطبب في البيمارستان الذي كان فيها ، ولقد اطلع على كثير من خواص الأدوية المفردة ، حتى تميز على كثير من اربابها. وكان قد خدم بصناعة الطب الملك العادل ابا بكر بن أيوب في سنة اثنتي عشرة وستمائة ، لما كان الملك العادل متوجها الى الديار المصرية واستصحبه معه من القدس. ثم خدم بعده ولده الملك المعظم ، وخدم بعده الملك الناصر ، ابن الملك المعظم ، وبقي معه الى أن توجه الملك الى الكرك ، وتوجه هو الى دمشق فأقام فيها. وكان له فيها مجلس يردد إليه المشتغلون بالصناعة الطبية. توفي في دمشق في سنة تسع وثلاثين وستمائة. التقى رشيد الدين ابن الصوري في دمشق بابرز أبي أصيبعة مؤلف كتاب " طبقات الأطباء " ، فأهداه تاليفا له ، يحتوي على فوائد ووصايا طبية ، ولرشيد الدين الصوري من الكتب كتاب (الأدوية المفردة) ، بدأ بتأليفه في أيام الملك المعظم، وجعله بأسمه ، واستقصى فيه ذكر الأدوية المفردة ، وذكر أيضا أدوية اطلع على معرفتها ومنافعها لم يذكرها المتقدمون. وكان عند خروجه لدراسة النباتات ، في منابتها ، يصطحب مصورا ، ومعه الأصباغ على اختلافها وتنوعها. فكان يتوجه إلى المواضع التي بها النبات ، مثل جبل لبنان وغيره من المواضع التي قد اختصر كل منها بشيء من النبات ، يشاهده ويحققه ويريه للمصور فيعتبر لونه ، ومقدار ورقه ، وأغصانه ، وأصوله ، ويصور بحسبها ويجتهد في محاكاتها. لقد سبق هذا العامل الفذ عصره حيث سلك في تصوير النبات مسلكا علميا مفيداً ، وذلك أنه كان يعرض النبات للمصور في أبان نباته وطراوته فيصوره ، ثم يريه أيضا وقت كابه وظهور بذره فيصوره تلو ذلك ، ثم يريه إياه أيضا في وقت ذبوله ويبسه ، فيصوره ، فيكون النبات الواحد ظاهرا للناظر اليه في الكتاب ، وهو على أنحاء مختلفة لا تمكن رويتها في الأرض ، مجتمعة في وقت واحد ، فيكون تحقيقه له أتم ومعرفته له أبين.
أحمد بن محمد بن مفرج ابن الرومية الإشبيلي : المشهور بأبي العباس النباتي والملقب بأبن الرومية النباتي. كان فقيها ، غلب عليه في مباحثه النباتية التخلص من طريقة الرواية والإسناد ، معتمدا على المشاهدة الشخصية. أخذ علم النبات عن أبيه وجده ، وكان قدوة في هذا العلم حيث ألف خمسة كتب في الحشائش والنباتات. طاف بلاد الأندلس باحثا عن النباتات الجديدة التي لم يقع عليها من سبقه ، وموضحا ما اشتبه بأمره من النباتات التي ذكرها ديسقوريدس. ثم اجتاز بعد ذلك مضيق جبل طارق في طريقه إلى شمالي أفريقيا نحو سنة 612هـ / 1215 م ، فزار المغرب وتونس وطرابلس الغرب وبرقة ومصر. كان يجمع في كل مرحلة ما يجده من غرائب النبات ويسجل صفاتها ومنافعها. ولما طلب منه الملك العادل الأيوبي البقاء في مصر اعتذر متعللا برغبته في أداء فريضة الحج. وبعد أن تم له ذلك تابع جولته فزار العراق وبلاد الشام ، ثم عرج على صقلية ، في طريق عودته إلى الأندلس ، التي وصل إليها عام 615هـ / 1218م. استقر بعد ذلك في مدينة أشبيلية ، حيث ألف كتاب (الرحلة الشرقية) ، ودون فيه نتيجة أبحاثه ومشاهداته لنباتات شمالي أفريقيا وأطراف البحر الأحمر ، والكتاب مفقود ، ولكن العامل النباتي المعروف بابن البيطار ، وهو تلميذ أبي العباس النباتي ، نقل في كتابه (( الجامع لمفردات الأغذية والأدوية) مئة وثلاث مواد مقتبسة من كتاب الرحلة ، من بينها 97 مادة تتعلق بالنباتات الطبية. وقد أتى لسدان الدين الخطيب ، على ذكره في كتابه ((الإحاطة في اخبار غرناطة))، قائلا : " إنه دخل غرناطة غير ما مرة لسماع الحديث ، وتحقيق النبات ، وفتش عن عيون النبات بجبالها".
أبو محمد عبد الله بن أحمد المالقي : المشهور بضياء الدين ابن البيطار الملقب بالعشاب ، ولد في مدينة مالقة الساحلية Malaga بالأندلس، في الربع الأخير من القرن السادس الهجري ، عاش بين عامي 593 - 646 هجرية و1197 - 1249 ميلادية ، وذهب بعض المؤرخين الى ان ولادته كانت بالتحديد عام 575 هـ وعاش حقبة من حياته الأولى في مالقة ، ولم يغادرها الا بعد ان قارب العشرين من عمره. كان يقول دائما " ان اعمال القدماء غير كافية وغامضة من أجل تقديمها للطلاب ، لذلك يجب ان تصحح وتكمل حتى يستفيدوا منها اكثر ما يمكن ".
بدا اهتمام ابن البيطار بعلم النبات منذ شبابه ، فعشب في بلاد الأندلس ، وتعرف على محيطها الطبيعي ، وخاصة في صحبة استاذه ابي العباس النباتي. بعد ان تمكن ابن البيطار من دراسة ما صادفه من نباتات الأندلس ، قرر الرحيل الى بلاد المشرق نحو617 هـ / 1219م ، اي عقب رجوع أستاذه ، فسلك الطريق نفسه الذي سار عليه ابو العباس النباتي ، ومر في رحلته بالمغرب الأقصى والأوسط عام 1220م ، وتوقف فيهما بعض الوقت، ثم تابع طريقه الى تونس وطرابلس الغرب وبرقه. ثم اخذ طريق البحر الى سواحل اسيا الصغرى وبعض جزر بحر إيجة. وفي طريق العودة مر بمدينة أضالية عام 1224م ، كما زار مدينة انطاكية. ثم اتجه الى شرقي العالم الإٍسلامي فزار بلاد فارس والعراق وسورية ومصر. وكان يقيم بكل بلد يحل به مدة ينصرف فيها الى التعشيب فاحصا مدققا. كما كان يسعى الى الاجتماع بالأطباء والعشابين في المناطق التي كان يزورها. حين زار ابن البيطار الديار المصرية رحب به الملك الكامل الأيوبي 616 - 635 هـ /1218 - 1238م وألحقه بمعينه ، ونصبه رئيساً للعشابين بمصر في عام 633 هـ /1235م. اصبح الملك الكامل سلطانا على سورية ومصر ، فاحتفظ ابن البيطار بمنصبه وحظوته عنده ، وصار ينتقل معه بين دمشق والقاهرة. واصبح له في هاتين المدينتين طلاب ومريدون. وكان أشهر هؤلاء الطلاب موفق الدين احمد بن القاسم المشهور بابن أبي أصيبعة ، والذي تكلم عنه مادحا أخلاقه وعلمه في كتابه " عيون الأنباء في طبقات الأطباء ". صنف ابن البيطار عدة مؤلفات أشهرها كتاب " الجامع لمفردات الأغذية والأدوية " الذي قال عنه" سميته الجامع لكونه جمع بني الدواء والغذاء ، واحتوى على الغرض المقصود مع الإيجاز والاستقصاء "، وكتاب (تفسير كتاب ديسدقوريدس)، وكتاب " المغني في الأدوية المفردة ". وقد قام الدكتور لوسيان لوكلرك برجمة كتاب الجامع الى اللغة الفرنسية وطبعه في ثلاثة أجزاء ضخمة ، ظهر الجزء الأول منها عام 1877، والثاني 1881 والثالث 1883م. وبين في مقدمة كتابه هذا تاريخ علم الأعشاب في بلاد الاندلس بإيجاز ، موضحا فضل من ألف في علم النبات عامة ، وعلم الأعشاب والنباتات الطبية خاصة. وقال عن ابن البيطار انه أكبر وأهم عامل نباتي ظهر في الشرق. وهنالك ثلاثة أو أربعة أطباء يمكن أن يقارنوا به هم : أبو جعفر أحمد بن محمد الغافقي ( ت560 هــ / 1164م)، والشريف الادريسي (ت560 هـ /1165م) وأبو العباسي النباتي (ت 637هـ / 1239م (، ورشيد الدين الصوري (ت 639 هـ 1241م) وجميعهم قاموا بدراسة النباتات دراسة متعمقة ، واختص الأول والثاني بدراسة نباتات الأندلس والمغرب ، واهتم الثالث والرابع منهم بدراسة نباتات الجزيرة العربية.
يقول ابن أبي أصيبعة ، صاحب كتاب (عيون الأنباء في طبقات الأطباء)، وتلميذ ابن البيطار: " كان ابن البيطار أوحد زمانه ، وعلامة وقته ، في معرفة النبات وتحقيقه واختياره مواضع نبته ، ونعت أسمائه على اختلافها وتنوعها. سافر الى بلاد الإغريق وأقصى بلاد الروم ، ولقي جماعة يعانون هذا الفن ، وأخذ عنهم معرفة نبات كثير ، وعاينه في مواضعه. واجتمع أيضا في المغرب وغيره بكثير من الفضلاء في علم النبات ، وعاين منابته ، وتحقيق ماهيته ، وأتقن دراية كتاب ديسدقوريدس اتقانا بلغ فيه الى أن لا يكاد يوجد من يجاريه فيما هو فيه ، وذلك أنني وجدت عنده من الذكاء والفطنة والدراية في النبات وفي نقل ما ذكره ديسقوريدس وجالينوس فيه ، ما يتعجب منه ، وأول اجتماعي به كان بدمشق في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. ورأيت من حسن عشرته ، وكمال مروءته ، وطيب اعراقه ، وجودة أخلاقه، وكرم نفسه ما يفوق الوصف ويتعجب منه )). يقول ابن أبي أصيبعة الذي كان كتابه ((عيون الانباء في طبقات الأطباء" اأعظم الكتب وأوفاها في تراجم الأطباء ، من عرب وأعاجم ، يقول في كتاب إبن البيطار " الجامع في الادوية المفردة " لم يوجد في الادوية المفردة كتاب اجل ولا اجود منه "، وقال ان ابن البيطار صنفه للملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل، حين كان مقيما في مصر.
أسمهم ابن البيطار في مجالي النبات والصيدلة إسمهاماً عظيما ، وذلك باكتشافاته العلمية الهامة سواء عن طريق العثور على نباتات جديدة اثناء تجواله ورحلاته ، ذاكرا خواصها وفوائدها الطبية ، او بالشروح والملاحظات التي دونها ، فيما يتعلق بتخزين النباتات وحفظها ، وتأثير ذلك في المواد الفعالة والمكونات الغذائية الموجودة فيها. وتكريما له فقد اقيم له تمثال في مسقط رأسه ملقا.
داود بن عمر الأنطاكي 1542 - 1600م: طبيب سوري كان ضريرا غير انه مهر في صناعة الطب ، وكان رئيسماً لأطباء مصر ، كان لكتابه (تذكرة اولي الألباب)) ، المشهور (( بتذكرة داود " صدى كبيرا للاثر الذي تركه ابن البيطار فيه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|