المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Scandium Sc
25-11-2018
الحكم
13-6-2019
إشعاع مميز characteristic radiation
15-4-2018
حكم صلاة الجمعة وشرائطها
18-10-2016
المداراة والتأييد للأبناء
12-1-2016
قاسم بن حمود بن خليل القسّام.
28-7-2016


البيئة العلمية في النجف وأثرها على الطباطبائي  
  
2251   04:59 مساءً   التاريخ: 18-11-2020
المؤلف : الشيخ عارف هنديجاني فرد
الكتاب أو المصدر : علوم القرآن عند العلامة آية الله السّيّد محمد حسين الطّباطبائيّ (قده) «دراسة...
الجزء والصفحة : ص 24 - 32 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / التفاسير وتراجم مفسريها / تراجم المفسرين /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2014 2521
التاريخ: 2-12-2014 3172
التاريخ: 14-11-2014 1861
التاريخ: 14-11-2014 2835

منذ حل شيخ الطائفة الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (قده) (1) ، رائد الحركة الفكرية والعلمية الجديد ، أصبحت هذه المدينة المشرفة مركزاً علمياً وجامعةً دينية ، يحط رحله فيها كل من يروم العلم والمعرفة ، ويتوافد إليها الطلاب من مختلف البلاد (2) . ففي عصره غدت تربتها محط رحل الوافدين ورواد العلم وطلابه ، يغترفون من معين علمها وبحر معرفتها الغزير ، ويرتوون من عذبها النمير ، حتى أضحت تضج بالعلماء ، فلا تمر بدار من دورها ولا مسجد من مساجدها ولا محفل من محافلها إلاّ وتسمع أصوات المذاكرة بالمواضيع العلمية والدينية ، وترى حلقات الحديث والتدريس على أنواعها ، فغدت النجف الأشرف كعبة عشاق العلم ، ومقصد العلماء والفقهاء وطلاب المعرفة ، هذا بالإضافة إلى التشرف بمجاورة قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) معدن العلم ، وينبوع الحكمة والفضل (3) .

لقد حازت النجف الرياسة العلمية والزعامة الدينية من القرن الخامس حتى اليوم ، وإن اختلفت في بعض العصور شدة وضعفاً ، قلة وكثرة ، ولكن لم ينقطع عنها العلم أبداً ، فغدت من العواصم العلمية الشهيرة ، فكما بث الشيخ الطوسي فيها الروح العلمية ، كذلك زرع فيها رجالاً عظماء كاملين في شتى العلوم الدينية (4) .

تطورت الحوزة العلمية في النجف الأشرف ، وبدأت الحركة العلمية بالتوسع والانتشار ، حتى بلغت الذروة في القرن الرابع عشر الهجري ، وتعمقت في علوم أصول الفقه ، على يد صاحب الكفاية (الآخوند الخرساني) وتلامذته أمثال : الشيخ النائيني والشيخ الكومباني ، كذلك بدأ الاهتمام العلمي يزداد ويتعمق في البحوث والدرس والتأليف في شتى أنواع العلوم والمعارف الدينية ، بالإضافة إلى الأخلاق والسلوك والعرفان بشقيه النظري والعلمي ، كل ذلك في جو من التقى والورع والتهجد والتعبد الخالص البعيد من المصطلحات العرفانية الموروثة من المدارس والفلسفات البائدة ، أو التوجيهات الروحية الضعيفة ، فكان السيد الشيرازي الكبير والشيخ حبيب الله الرشتي والسيد حسين الكوهكمري (5) .

في هذا القرن بلغت النجف الأشرف قمة مجدها الفكري ، حيث يعد نقطة تحول كبرى في تاريخها العلمي والثقافي ، فأخذت النجف مكاناً واسعاً ومرموقاً في الأوساط العلمية ، في العالمين العربي والإسلامي ، فأصبحت كالأزهر قبلة القاصدين من سائر أرجاء المعمورة . وكانت مدارسها ومعاهدها في الصحن الحيدري الشريف وأسواقها تموج برجال العلم ، وبطائفة من الروحانيين ، قوامها العلماء وطلاب العلوم الدينية والخطباء وأرباب المنابر من أولي الوعظ والإرشاد (6) .

لقد احتضنت البيئة العلمية في النجف الأشرف كبار المفكرين والعلماء وطلاب المعارف الدينية من العراق وخارجه ، من العالمين العربي والإسلامي ، فغدت حرة طليقة في مناهجها الدراسية ومعاهدها العلمية ، منها يستمد العالم الإسلامي تعاليم أهل البيت (عليهم السلام) ، وبذلك أصبحت مدينة النجف الأشرف تحمل لواء الحركة العلمية والثقافية والأدبية ، وقد برز في هذا القرن علماء كبار ، وفقهاء ومراجع عظام ، كان لهم الأثر البالغ في الحركة العلمية ، وقد درس على أيديهم الآلاف من طلبة العلم ، وتخرج كبار العلماء من النجوم الذين قدموا خدمات علمية جمة للعالمين العربي والإسلامي ، وهم فخر الشيعة والأمة الإسلامية ، وكان من هؤلاء العلماء الكبار :

1 ـ الشيخ ميرزا حسين النوري بن الميرزا محمد تقي المازندراني (7) .

2 ـ السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي (8) .

3 ـ الميرزا محمد حسين النائيني العالم الجليل المدقق صاحب التنقيب والتحقيق ، أصولي فقيه له الآراء السديدة في علمي الأصول والفقه ، متين في الحكمة والفلسفة . لقد كان صاحب فكر ومدرسة ، وتخرج على يديه مجموعة من العلماء ، أبرزهم الأُستاذ الكبير آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي ، والجدير ذكره أن الميرزا النائيني كان أستاذ العلامة الطباطبائي في الفقه والأصول ، كما أنّه تسلَّم الزعامة والمرجعية للطائفة الشيعية ، وله آراء ومناقشات على العلماء السابقين في علم الأصول ، كتبها وسجلها تلاميذه في تقريرات لدروس أستاذهم النائيني (9) .

4 ـ السيد حسين البادكوبي من أجلاء العلماء وأفاضل الفلاسفة ، اشتهر بالفلسفة والعلوم العقلية ، كان محققاً ، وسطع نجمه في النجف والأوساط العلمية ، وقد درس السيد الطباطبائي الفلسفة على يديه (10) .

5 ـ السيد أبو القاسم الخوانساري وهو عالم أديب ورياضي بارع ، تتلمذ العلامة الطباطبائي على يديه في الرياضيات (11) .

6 ـ العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي ، كان له أثر واضح على عصره وعلى الحوزة العلمية في النجف الأشرف ، حيث طبعها بكتاباته ومؤلفاته ، وعالج المعضلات والمشكلات العلمية ، ورد على الأباطيل والانحرافات (12) .

هذا بالإضافة إلى علماء ومدرسين وفلاسفة ومتألهين كبار ، كان العلامة الطباطبائي يجلهم كثيراً ، ويأتي على ذكرهم أمام طلابه دائماً ، فيبين لطلابه سيرة هؤلاء العلماء ونهجهم ، ومسلكهم الأخلاقي ، فكان يحدثهم «عن سير وسلوك العرفاء الأجلاء ، وخاصة عن أحوال المرحوم الآخوند الملا حسين قلي الهمداني وتلامذته المبرزين ، كالسيد أحمد الكربلائي الطهراني والحاج الميرزا جواد آقا الملكي التبريزي والحاج الشيخ محمد البهاري والسيد محمد سعيد الحبوبي ، وعن سيرة ونهج المرحوم ابن طاووس وبحر العلوم ، وعن استاذه المرحوم القاضي رحمة الله عليهم أجمعين» (13) . وقد كان للسيد علي آغا القاضي التبريزي أثر كبير على شخصية العلامة الطباطبائي وحياته الأخلاقية والفكرية والروحية في السير والسلوك العرفاني ، ولا سيما فيما يتعلق بالتفسير (14) . ويمكن القول أن السيد الطباطبائي كان من مريدي القاضي التبريزي . وسيأتي البحث حول شخصية القاضي وتأثيره على فكر الطباطبائي بشيء من التفصيل .

بلغت مدرسة النجف الأشرف مجدها الذهبي في عصر هؤلاء العلماء والمراجع الكبار ، وقد ذكر السيد محمد الغروي في كتابه (مع علماء النجف الأشرف) تحت عنوان : المدارس الدينية في النجف الأشرف ، أكثر من أربعين مدرسة دينية عدا المدارس التي هدمت على أيدي السلطات الغاشمة (15) . فقد حظيت هذه المدارس ، ومجالس هؤلاء العلماء بشتى أنواع العلوم والمعارف والآداب ، من فقه وأُصول وفلسفة وعلم كلام ومنطق وأخلاق ، بحيث غدا الطلاب ينهلون من هذه المعارف وفق الطريقة الإسلامية المعروفة ، دون أن يتلقى الأستاذ أجراً ولا يتحمل الطالب عبئاً مالياً ، وذلك تنزيهاً للعلم من التكسب والاتجار ، وعن أية وسيلة تجر منفعة دنيوية (16) .

وقد استعان الكثيرون من رجال العلم والفكر والأدب ، وكذلك المستشرقون ، بعلماء النجف ومفكريها ، فقصد هؤلاء الحوزات ومراكز العلم للحصول على المخطوطات النادرة والفريدة ، واستعانوا بالخبرات العلمية في النجف في التحقيق والتأليف وحل المسائل الرياضية المستعصية . وقد ذكر ـ على سبيل المثال ـ أنه عندما كانت تستعصي مسألة رياضية على أساتذة الرياضيات في بغداد ويعجزون عن حلها ، كانوا يأتون إلى النجف الأشرف ليتشرفوا بخدمة السيد أبي القاسم الخونساري ليرفع إشكالهم ويحل المسألة (17) .

أما على صعيد الأوضاع السياسية التي كانت تعيشها النجف الأشرف في تلك المرحلة ، فيمكن القول أن مدينة النجف كانت متأثرة بتاريخ العراق السياسي العام باعتبارها مدينة من مدنه ، وهذه الأحداث لا بد أن تنعكس على حياة العلامة الطباطبائي وشخصيته ، حيث كان يعيش في تلك المرحلة في النجف (18) . «لأن من شأن المحيط أن يؤثر تأثيراً كبيراً في نشأة الفرد من الناحيتين العقلية والعاطفية معاً» (19) .

لقد عاشت النجف الأشرف ثورات عدة ، فثارت بداية على الأتراك ، ثم ثارت على البريطانيين بعدما دخلوا العراق واحتلوه ، وكانت قيادة الثورة من العلماء الذين تصدوا للاحتلال الإنكليزي (20) . على أثر ذلك حوصرت النجف أربعين يوماً حتى جاع الناس وقلت مياه الشرب . وقد عدت هذه الثورة اللبنة الأولى في مدماك ثورة 1920م .

انطلقت الثورة في أنحاء العراق وكان للعلماء الدور الكبير في إنجاحها ، فقد أصدر آية الله الشيرازي بياناً دعا فيه العراقيين للانضمام إلى المظاهرات السلمية والمطالبة باستقلال العراق ، وأفضت هذه الثورة بعد حوالي خمسة أشهر إلى تحقيق جانب كبير من مطالب العراقيين . واستمرت الثورة العراقية وعلى رأسها العلماء حتى انجلت عنها الجيوش الإنكليزية بعد أن أبرمت معاهدة استقلال العراق في 30 حزيران 1930م ، لكن العراق بقي مقيداً بالنفوذ البريطاني إلى حد بعيد (21) .

سمح الاستقرار السياسي والاجتماعي ، في النجف الأشرف ، للحوزة العلمية في تلك المرحلة ، أن تأخذ دورها العلمي الريادي ، فبلغت ذروتها ، وتلألأت كالكوكب الدري ، فغدت «منبثق الأنوار وقد ربت أشعتها في جميع نقاط الشيعة الشاسعة ، ومدت أسلاكها في كل بلد من بلدانها ، فارتسمت صور خريجي تلك المدرسة العلمية على صفحات الدهر ، تمثل رجال الدين وحملة العلم الذين قاموا بعبئه وبرعوا في كل فن من فنونه» (22) . يقول الأستاذ محمد علي الحوماني في أهمية النجف ودورها العلمي : «ليس للشيعي ثقافة تنبثق من غير فجر النجف ، ففي إيران والأفغان وتركستان والهند والصين شعراء عباقرة في لغات مختلفة قد انبثقت عبقريتهم من النجف ، لأن دعاة الثقافة منهم ـ دينية كانت أو أدبية ـ إنما هم رسل النجف إلى تلك الأقطار» . ثم يضيف : «وفي العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين شعراء عباقرة في اللغة العربية ، ومن الشيعة انبثقت عبقريتهم من النجف ، وكانوا صادرين عن هذه الجامعة أو عمن هو صادر عنها» (23) .

ويمكن القول أن الطلاب ازدلفوا من شتى بلدان العالم العربي والإسلامي إلى تلك المدرسة الكبرى ، يتسابقون في نيل العلم والمعارف الدينية ، ليعودوا إلى أوطانهم لنشر ما كسبوه من علوم ومعارف ، حيث تخرج من هذه الجامعة الكبرى العلماء من الهند وإيران وبلاد الشام ، ناهيك عن مدن العراق ، حتى امتد نورها إلى بلاد أفريقيا ، فكانوا بالآلاف ينتشرون في تلك البلاد ، ينشرون تعاليم الإسلام السامية المتمثلة بعلوم أهل البيت (عليهم السلام) .

وكان السيد الطباطبائي أحد هؤلاء الطلاب الذين نهلوا من هذه العلوم والمعارف ، حيث ورد إلى النجف الأشرف سنة 1344هـ ، وبقي فيها حدود عشر سنوات ، حيث انتهت بعودته إلى مسقط رأسه تبريز سنة 1354هـ ، يتتلمذ على أيدي كبار العلماء ، يحضر دروس الفقه والأصول والفلسفة والأخلاق والرياضيات ، بالإضافة إلى السير والسلوك والعرفان العلمي . وتعد هذه المرحلة الهامة في حياته مرحلة النضج العلمي والفلسفي والفكري بصورة عامة (24) ، فبعد أن أنهى السيد الطباطبائي دراسة مقدمات العلوم الدينية ، توجه إلى مدينة النجف الأشرف سنة 1344هـ لاستكمال دراسته . «لكنه في بداية الأمر شعر مع عائلته بالغربة ، فهم لا يعرفون أحداً في النجف ، وكان حائراً ودائم التفكير من أين يبدأ ، وماذا يدرس ، وعند من؟ . . . وفي أحد الأيام زاره عالم جليل في بيته ، كان السيد الطباطبائي يعلم أنه عالم كبير وطلابه ومريدوه كثر ، إنه الميرزا القاضي ، لقد طمأنهم وآنسهم ، ثم أوصاهم بتهذيب النفس وكسب الفضائل وانصرف ، عند ذلك فهم العلامة الطباطبائي من أين يجب أن يبدأ . يقول الطباطبائي : «بعد عدة جلسات حضرتها عند السيد القاضي ، قلت لزوجتي : كنت أظن أني قرأت كل شيء (في الفلسفة) حتى لو جاء ملا صدرا فلن يستطيع أن يضيف شيئاً على ما درسته وفهمته ، لكن الآن ، وبعدما رأيت هذا الشخص ، شعرت أني لم أقرأ الحكمة والفلسفة ولم أفهم كلمة واحدة من (الأسفار)» (25) .

حين استقر السيد الطباطبائي في النجف الأشرف ، واطمأن إلى حاله ، شرع بالدراسة وراح ينهل من تراث العلوم الإسلامية الغني ، فحضر عند الحكيم السيد حسن البادكوبي ، يتتلمذ على يديه في الفلسفة لمدة ست سنوات متتالية ، درس فيها «منظومة السبزواري» و«الأسفار الأربعة» و«المشاعر» لملا صدرا و«الشفاء» لابن سينا ، وكتاب «أثولوجيا» لأرسطو و«الأخلاق» لابن مسكويه . وكان لأستاذه البادكوبي أثر عميق في تنمية المنحى العقلي في شخصيته وترسيخ النزعة البرهانية في تفكيره ، ولذلك وجهه إلى دراسة الرياضيات ، ولم يقتصر على تدريسه الفلسفة فحسب ، فاختار له أحد العلماء البارعين في العلوم الرياضية يومئذ في النجف الأشرف وهو السيد أبو القاسم الخونساري ، وأمره أن يحضر دروسه ، فقرأ عليه دورة كاملة في الرياضيات «الحساب الاستدلالي ، والجبر الاستدلالي ، والهندسة المسطحة والفضائية» (26) . وكان السيد أبو القاسم الخونساري أُستاذاً مشهوراً في الرياضيات ، وكان الطباطبائي يقول : «عندما كانت تستعصي مسألة رياضية على أساتذة الرياضيات في بغداد ويعجزون عن حلها ، كانوا يأتون إلى النجف الأشرف ليتشرفوا بخدمة السيد أبي القاسم الخونساري ليرفع إشكالهم ويحل المسألة» (27) .

درس بالإضافة إلى الفلسفة والرياضيات الفقه والأصول ، وحضر عدة دورات كاملة عند كبار الأساتذة ، حتى نهض بهذا العلم وأصبح أُستاذاً لامعاً . فقد أفاد من أصولي بارع هو الشيخ محمد حسين النائيني ، ولازمه لثماني سنوات أنهى خلالها دورة كاملة في أصول الفقه . وحضر عند غيره من العلماء فاستفاد من دروس السيد أبي الحسن الأصفهاني الفقهية . كما وفق لتعلم «كليات علم الرجال» عند الحجة الكوهكمري . يقول الطهراني حول استاذه في هذا المضمار : «أما في الفقه والأصول فقد كان أستاذاً صاحب ذوق فقهي متحرك قريب للواقع ، وقد درس دورات عديدة في الفقه والأصول عند أساتذة كالمرحوم آية الله النائيني ، والمرحوم آية الله الكمباني ، حيث استغرقت دراسته في هذا المجال حوالي عشر سنوات» (28) .

وقد كان الشيخ محمد حسين الأصفهاني (1296 ـ 1361) فيلسوفاً وأصولياً بارعاً لازمه العلامة الطباطبائي لعشر سنوات متتالية ، درس في ست سنوات منها أصول الفقه حيث أنهى دورة كاملة ، فيما درس الفقه في أربع سنوات ، وقد استغنى به عن غيره عندما كان يحضر دروسه (29) .

وأمّا في المعارف الإلهية والأخلاق وفقه الحديث ، فقد تتلمذ على يد نابغة زمانه العارف الكامل الميرزا السيد علي القاضي ، كذلك تربى على يديه في السير والسلوك والعرفان العلمي والمجاهدات النفسانية والرياضات الشرعية (30) .

ويمكن القول : إنَّ النجف الأشرف غدت في هذه الفترة قبلة العلم والعلماء ، يتوجه إليها طلاب العلم من كل حدب وصوب ، حتى بلغت ذروة ازدهارها في القرن الرابع عشر ، حيث اجتمع فيها كبار العلماء والفقهاء وفطاحل العلم ، ومردّ ذلك إلى عاملين اثنين ، الأول وجود المراجع العظام والعلماء الكبار ، والثاني هو الاستقرار السياسي والأمني النسبي الذي ساد البلاد . في هذه البيئة العلمية درس السيد الطباطبائي أهم العلوم التي كانت سائدة في تلك المرحلة ، وعلى كبار العلماء والمراجع ، حتى نهض بهذه العلوم ، وبرع في الفلسفة ، وفاق جميع أقرانه ، فبلغ من الكمال الفكري والعلمي شأناً عظيماً .

________________________________

[1] توفي في النجف الأشرف سنة 448 هـ .

[2] انظر : مجلة رسالة النجف ، تصدر عن جامعة النجف الأشرف للعلوم الدينية السنة الأولى ، 2005م/1425هـ ، العدد صفر ، ص47 . كذلك ينظر : العدد الثامن عشر ، 2010م ، ص110 ، حول هجرة الشيخ الطوسي إلى النجف الأشرف .

[3] مجلة نور الإسلام ، تصدر عن مؤسسة الإمام الحسين (عليه السلام) الخيرية ـ الثقافية ، بيروت ، دار الرضا ، السنة الثالثة ، 1413هـ/1992م ، العدد : 31 ـ 32 ، ص84 ، 85 .

[4] آل محبوبة ، جعفر بن الشيخ باقر ، ماضي النجف وحاضرها ، مطبعة العرفان ، صيدا ، ط1 ، 1353هـ ، ص275 .

[5] راجع : الغروي ، السيد محمد ، مع علماء النجف الأشرف ، بيروت ، دار الثقلين ، ط1 ، 1999م ، ج2 ، ص10 و14 .

[6] سبتي ، الشيخ كاظم ، كاشف الغطاء ، مقدمة كتاب منتقى الدرر ، ج1 ، ص8 .

[7] توفي في النجف الأشرف عام 1899م .

[8] ولد سنة 1290هـ وتوفي عام 1377هـ .

[9] ولد الشيخ النائيني في بلدة نائين سنة 1277هـ .

[10] توفي في النجف سنة 1353هـ .

[11] ولد سنة 1313هـ .

[12] ولد سنة 1285هـ .ق ، وتوفي سنة 1342هـ .ق ، في النجف الأشرف ودفن فيها .

[13] الحسيني الطهراني ، السيد محمد حسين ، الشمس الساطعة ، رسالة في ذكر العالم الرباني العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي التبريزي ، تعريب : عباس نور الدين وعبد الرحيم مبارك ، بيروت ، دار المحجة البيضاء ، ط1 ، 1997م ، ص16 .

[14] الحيدري ، السيد كمال ، أصول التفسير والتأويل ، مقارنة منهجية بين آراء الطباطبائي وأبرز المفسرين ، دار فراقد ، إيران ، ط2 ، 2006م ، ص11 .

[15] الغروي ، السيد محمد ، مع علماء النجف الأشرف ، مصدر سابق ، ج1 ، ص38 .

[16] را : مغنية ، محمد جواد ، حول الدراسة في النجف الأشرف ، مجلة العرفان ، الجزء السابع ، مجلد 49 لسنة 1381هـ ، ص922 .

[17] سيرة العلامة الطباطبائي ، بقلم كبار العلماء والأعلام ، بيروت ، دار الهادي ، ط1 ، 2000م ، ص73 .

[18] راجع : الأوسي ، علي ، الطباطبائي منهجه في تفسير الميزان ، سبهر ، طهران ، ط1 ، 1985م ، ص29 .

[19] الآصفي ، محمد مهدي ، مدرسة النجف وتطور الحركة الإسلامية فيها ، مطبعة النعمان ، النجف ، 1384هـ ، ص3 .

[20] الغروي ، السيد محمد ، مع علماء النجف الأشرف ، مصدر سابق ، ج2 ، ص15 .

[21] راجع : الأوسي ، علي ، الطباطبائي ومنهجه في تفسير الميزان ، مصدر سابق ، ص29 ـ 32 .

[22] آل محبوبة ، جعفر بن الشيخ باقر ، ماضي النجف وحاضرها ، مصدر سابق ، ص279 .

[23] الحوماني ، محمد علي ، وحي الرافدين ، ج2 ، ص302 ـ 303 .

[24] راجع : الرفاعي ، عبد الجبار ، تطور الدرس الفلسفي في الحوزة العلمية ، بيروت ، دار الهادي ، ط2 ، 2005م ، ص128 . نقلاً عن يادنامه مفسر كبير استاذ علامة سيد محمد حسين طباطبائي (الفارسية) انتشارات قم .

[25] جعفريان ، حبيبه ، زندكى سيد محمد حسين الطباطبائي (بالفارسية) ، انتشارات روايت فتح ، طهران ، ط2 ، 1384هـ .ش ، ص12 .

[26] الرفاعي ، عبد الجبار ، تطور الدرس الفلسفي في الحوزة العلمية ، مصدر سابق ص128 ـ 129 ، نقلاً عن يادنامه مفسر كبير استاد علامه سيد محمد حسين طباطبائي (بالفارسية) .

[27] سيرة العلامة الطباطبائي ، بقلم كبار العلماء والأعلام ، مصدر سابق ، ص73 . كذلك : محمد حسين الحسيني الطهراني ، الشمس الساطعة ، مصدر سابق ، ص20 .

[28] المصدر نفسه ، ص21 .

[29] الرفاعي ، عبد الجبار ، تطور الدرس الفلسفي ، مصدر سابق ، ص129 ، نقلاً عن يادنامه .

[30] الحسيني الطهراني ، محمد حسين ، الشمس الساطعة ، م .س ، ص21 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .