المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

احتياج الانسان
10/10/2022
Approximants
2024-04-02
عبد الله بن الناصر
2-3-2018
Hyperfactorial
23-11-2018
من العالم الجديد
2023-10-18
الامر بين الامرين
29-4-2017


تفسير الآية (71-76) من سورة يس  
  
4826   03:36 مساءً   التاريخ: 10-10-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الياء / سورة يس /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2020 4827
التاريخ: 9-10-2020 11983
التاريخ: 10-10-2020 14732
التاريخ: 9-10-2020 9595

قال تعالى : {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [يس : 71 - 76] .

 

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

عاد الكلام إلى ذكر الأدلة على التوحيد فقال سبحانه {أ ولم يروا} معناه أ ولم يعلموا {أنا خلقنا لهم} أي لمنافعهم {مما عملت أيدينا} أي مما ولينا خلقه بإبداعنا وإنشائنا لم نشارك في خلقه ولم نخلقه بإعانة معين واليد في اللغة على أقسام منها الجارحة ومنها النعمة ومنها القوة منها تحقيق الإضافة يقال في معنى النعمة لفلان عندي يد بيضاء وبمعنى القدرة تلقى فلان قولي باليدين أي بالقوة والتقبل وبمعنى تحقيق الإضافة قول الشاعر :

دعوت لما نابني مسورا*** فلبي ، فلبي يدي مسور (2)

 وإنما ثناه لتحقيق المبالغة في الإضافة إلى مسور ويقولون هذا ما جنت يداك وهو المعنى في الآية وإذا قال الواحد منا عملت هذا بيدي دل ذلك على انفراده بعمله من غير أن يكله إلى أحد {أنعاما} يعني الإبل والبقر والغنم {فهم لها مالكون} أي ولولم نخلقها لما ملكوها ولما انتفعوا بها وبالبانها وركوب ظهورها ولحومها وقيل فهم لها ضابطون قاهرون لم نخلقها وحشية نافرة منهم لا يقدرون على ضبطها فهي مسخرة لهم وهو قوله {وذللناها لهم} أي سخرناها لهم حتى صارت منقادة {فمنها ركوبهم ومنها يأكلون} قسم الأنعام بأن جعل منها ما يركب ومنها ما يذبح فينتفع بلحمه ويؤكل قال مقاتل الركوب الحمولة يعني الإبل والبقر {ولهم فيها منافع ومشارب} فمن منافعها لبس أصوافها وأشعارها وأوبارها وأكل لحومها وركوب ظهورها إلى غير ذلك من أنواع المنافع الكثيرة فيها والمشارب من ألبانها {أ فلا يشكرون} الله تعالى على هذه النعم .

ثم ذكر سبحانه جهلهم فقال {واتخذوا من دون الله آلهة} يعبدونها {لعلهم ينصرون} أي لكي ينصروهم ويدفعوا عنهم عذاب الله {لا يستطيعون نصرهم} يعني هذه الآلهة التي عبدوها لا تقدر على نصرهم والدفع عنهم {وهم لهم جند محضرون} يعني أن هذه الآلهة معهم في النار محضرون لأن كل حزب مع ما عبده من الأوثان في النار فلا الجند يدفعون عنها الإحراق ولا هي تدفع عنهم العذاب وهذا كما قال سبحانه إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم عن الجبائي وقيل معناه أن الكفار جند للأصنام يغضبون لهم ويحضرونهم في الدنيا عن قتادة أي يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرا ولا تدفع عنهم شرا قال الزجاج ينصرون الأصنام وهي لا تستطيع نصرهم ثم عزى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) بأن قال {فلا يحزنك قولهم} في تكذيبك {إنا نعلم ما يسرون} في ضمائرهم {وما يعلنون} بألسنتهم فنجازيهم على كل ذلك .

______________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص288-289 .

2- البيت في جامع الشواهد .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{أَولَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ وذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ ومِنْها يَأْكُلُونَ ولَهُمْ فِيها مَنافِعُ ومَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ} . المراد بالانعام الإبل والبقر والغنم ، وهي نعمة من اللَّه على عباده يأكلون من لحومها ، ويشربون من ألبانها ، ويتخذون من جلودها وأصوافها وأوبارها بيوتا وأثاثا ولباسا ، وتحملهم وأثقالهم إلى بلد ما كانوا بالغيه إلا بشق الأنفس . . وكرر سبحانه ذلك في العديد من الآيات ، منها الآية 142 من سورة الأنعام ج 3 ص 273 والآية 7 من سورة النحل ج 4 ص 498 . والغرض من ذلك هو الحث على شكر اللَّه وطاعته ، وقد أشار سبحانه إلى ذلك بقوله : {أَفَلا يَشْكُرُونَ} . وفي نهج البلاغة : لو لم يتوعد اللَّه على معصيته لكان يجب أن لا يعصى شكرا لنعمه .

والمراد بقوله تعالى : {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا} الأسباب الطبيعية لأن اللَّه ليس بجسم حتى يكون له أيد حقيقة ، قال ابن عربي في الفتوحات : ان أهل اللَّه يقسمون المخلوقات إلى نوعين : نوع يوجده سبحانه بكلمة {كن} . ويعبرون عن هذا بعالم الأمر ، لأن قوله {كن} أمر ، ونوع يوجده بأيدي الأسباب ، ويعبرون عنه بعالم الخلق . وتقدم الكلام عن ذلك مفصلا في المجلد الأول من هذا التفسير ص 392 فقرة (اللَّه وسنن الطبيعة) .

{واتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} . غريب ، ولا شك ، أن يعبد العاقل أحجارا لا تضر ولا تنفع ولكن الأغرب أن يحرسها ويقوم على حمايتها من السرقة أو التحطيم ، وفي الوقت نفسه يرجو أن تنصره في الشدائد ، وتقرّبه من اللَّه زلفى {لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} أي ان الأصنام أعجز وأحقر من أن تنصر نفسها فكيف تنصر غيرها ؟ {وهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} . ضمير {هم} للمشركين ، وضمير {لهم} للأصنام ، ومحضرون حاضرون أو قائمون ، والمعنى ان الأصنام لا تجدي المشركين نفعا ، ومع ذلك يتجندون ويتطوعون للذب عنها كل حين . . وهنا مكان الغرابة .

وفوق هذا كله قال عبدة الأصنام عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) : مجنون . . ولما ذا ؟ لأنه لا يعبد الأحجار ، وهم العقلاء لأنهم يعبدون ما ينحتون {فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} يا محمد : إنك مجنون أو شاعر أو كاهن {إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ} .

أضمروا الحقد والضغينة على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، وأعلنوا الطعن به وبدعوته . . وليس من شك ان اللَّه بذلك عليم وقدير على حسابهم وعذابهم . . إذن ، لما ذا الحزن والألم ؟ .

______________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص324-325 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : {أ ولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون} ذكر آية من آيات التوحيد تدل على ربوبيته تعالى وتدبيره للعالم الإنساني وهي نظيرة ما تقدم في ضمن آيات التوحيد السابقة من إحياء الأرض الميتة بإخراج الحب والثمرات وتفجير العيون .

والمراد بكون الأنعام مما عملته أيديه تعالى عدم إشراكهم في خلقها واختصاصه به تعالى فعمل الأيدي كناية عن الاختصاص .

وقوله : {فهم لها مالكون} تفريع على قوله : {خلقنا لهم} فإن المعنى خلقنا لأجلهم فهي مخلوقة لأجل الإنسان ولازمه اختصاصها به وينتهي الاختصاص إلى الملك فإن الملك الاعتباري الذي في المجتمع من شعب الاختصاص .

وبذلك يظهر ما في قول بعضهم : إن في تفرع قوله : {فهم لها مالكون} على قوله : {خلقنا لهم} خفاء ، والظاهر تفرعها على مقدر والتقدير خلقناها لهم فهم لها مالكون ، وأنت خبير بعدم خفاء تفرعها على {خلقنا لهم} وعدم الحاجة إلى تقدير .

وقيل : الملك بمعنى القدرة والقهر ، وفيه أنه مفهوم من قوله بعد : {وذللناها لهم} والتأسيس خير من التأكيد .

قوله تعالى : {وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون} تذليل الأنعام جعلها منقادة لهم غير عاصية وهو تسخيرها لهم ، والركوب بفتح الراء الحمولة كالإبل والبقر ، وقوله : {ومنها يأكلون} أي من لحمها يأكلون .

قوله تعالى : {ولهم فيها منافع ومشارب أ فلا يشكرون} المراد بالمنافع ما ينتفعون به من شعرها ووبرها وجلودها وغير ذلك ، والمشارب جمع مشرب - مصدر ميمي بمعنى المفعول - والمراد بها الألبان ، والكلام في معنى الشكر كالكلام فيما تقدم في قوله : {وما عملته أيديهم أ فلا يشكرون} .

ومعنى الآيات الثلاث : أ ولم يعلموا أنا خلقنا لأجلهم ولتدبير أمر حياتهم الدنيا أنعاما من الإبل والبقر والغنم فتفرع على ذلك أنهم مالكون لها ملكا يصحح لهم أنواع تصرفاتهم فيها من غير معارض ، وذللناها لهم بجعلها مسخرة لهم منقادة غير عاصية فمنها ركوبهم الذي يركبونه ، ومنها أي من لحومها يأكلون ، ولهم فيها منافع ينتفعون بأشعارها وأوبارها وجلودها ومشروبات من ألبانها يشربونها أ فلا يشكرون الله على هذا التدبير الكامل الذي يكشف عن ربوبيته لهم؟ أ ولا يعبدونه شكرا لأنعمه؟ .

قوله تعالى : {واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون} ضمائر الجمع للمشركين ، والمراد بالآلهة الأصنام أو الشياطين وفراعنة البشر دون الملائكة المقربين والأولياء من الإنسان لعدم ملاءمة ذيل الكلام : {وهم لهم جند محضرون} لذلك .

وإنما اتخذوهم آلهة رجاء أن ينصروا من ناحيتهم لأن عامتهم تتخذ إلها زعما منهم أن تدبير أمره مفوض إلى من اتخذه إلها من خير أوشر فيعبده العابد منهم ليرضيه بعبادته فلا يسخط فيقطع النعمة أو يرسل النقمة .

قوله تعالى : {لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون} أي لا يستطيع هؤلاء الآلهة الذين اتخذوهم آلهة نصر هؤلاء المشركين لأنهم لا يملكون شيئا من خير أوشر .

وقوله : {وهم لهم جند محضرون} الظاهر أن أول الضميرين للمشركين وثانيهما للآلهة من دون الله والمراد أن المشركين جند للآلهة وذلك أن من لوازم معنى الجندية التبعية والملازمة والمشركون هم المعدودون أتباعا لآلهتهم مطيعين لهم دون العكس .

والمراد بالإحضار في قوله : {محضرون} الإحضار للجزاء يوم القيامة قال تعالى : {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } [الصافات : 158] وقال : {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } [الصافات : 57] .

ومحصل المعنى لا يستطيع الآلهة المتخذون نصر المشركين وهم أي المشركون لهم أي لآلهتهم أتباع مطيعون محضرون معهم يوم القيامة .

وأما قول القائل : إن المعنى أن المشركين جند لآلهتهم معدون للذب عنهم في الدنيا ، أو إن المعنى وهم أي الآلهة لهم أي للمشركين جند محضرون لعذاب المشركين يوم القيامة لأنهم وقود النار التي يعذب بها المشركون ، أو محضرون لعذابهم إظهارا لعجزهم عن النصر أو لإقناط المشركين عن شفاعتهم فهي معان رديئة .

قوله تعالى : {فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون} الفاء لتفريع النهي عن الحزن على حقيقة اتخاذهم الآلهة من دون الله رجاء للنصر أي إذا كان هذا حقيقة حالهم أن الذين استنصروهم لا يستطيعون نصرهم أبدا وأنهم سيحضرون معهم للعذاب فلا يحزنك قولهم ما قالوا به من الشرك فإنا لسنا بغافلين عنهم حتى يعجزونا أو يفسدوا علينا بعض الأمر بل نعلم ما يسرون من أقوالهم وما يعلنون ، وفي تركيب الآية بعض أقوال رديئة أضربنا عنه .

______________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج17 ، ص91-93 .

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

 فوائد الأنعام للإنسان !!

يعود القرآن الكريم مرّة اُخرى في هذه الآيات إلى مسألة التوحيد والشرك ، ويشير ـ ضمن تعداد قسم من آثار عظمة الله في حياة البشر ، وحلّ مشكلاتهم ورفع حاجاتهم ـ إلى ضعف وعجز الأصنام ، وبمقارنة واضحة يشطب على الشرك ويثبت بطلانه ، وفي نفس الوقت يثبت حقّانية خطّ التوحيد .

تقول الآية الكريمة الاُولى : {أو لم يروا أنّا خلقنا لهم ممّا عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون} (2) .

ولكي يستفيدوا بشكل جيّد من هذه الحيوانات : {وذلّلناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون} .

ولا تنتهي منافعها إلى هذا الحدّ ، بل {ولهم فيها منافع ومشارب} وعليه {أفلا يشكرون} الشكر الذي هو وسيلة معرفة الله وتشخيص وليّ النعمة .

هنا يجب الإلتفات إلى بعض الاُمور :

1 ـ من بين النعم المختلفة التي تغمر الإنسان ، أشارت الآية إلى نعمة وجود الأنعام ، لأنّها تشكّل حضوراً دائماً في حياة الإنسان اليومية ، إلى حدّ أنّ حياة الإنسان إقترنت بها ، بحيث لو أنّها حذفت من صفحة حياة الإنسان فإنّ ذلك سيشكّل عقدة ومشكلة بالنسبة إلى معيشته وأعماله ، غير أنّ الإنسان لا يلتفت إلى أهمّيتها لأنّه تعوّد رؤيتها يومياً .

2 ـ جملة (عملت أيدينا) كناية عن إعمال القدرة الإلهيّة بشكل مباشر ، إذ أنّ أهمّ الأعضاء التي يمارس بها الإنسان قدرته ويعبّر عنها هي يداه ، لهذا السبب كانت «اليد» كناية عن القدرة ، كأن يقول أحدهم : «إنّ المنطقة الفلانية في يدي» كناية عن أنّها تحت سيطرته ونفوذه ، ويقول القرآن في هذا الصدد {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [الفتح : 10] .

وذكر «الأيدي» هنا بصيغة الجمع إشارة إلى مظاهر متنوّعة لقدرة الباري عزّوجلّ .

3 ـ جملة (فهم لها مالكون) المبتدأة بفاء التفريع ، إشارة إلى أنّ الخلق مرتبط بقدرتنا ، وأمّا المالكية فقد فوّضناها إلى الإنسان ، وذلك منتهى اللطف الإلهي ، وعليه فلا محلّ للإشكال الذي ظهر لبعض المفسّرين نتيجة وجود «فاء التفريع» ، فالمعنى تماماً كما نقول لشخص : هذا البستان زرعناه وأعمرناه ، استفد منه أنت ، وهذا منتهى إظهار المحبّة والإيثار .

4 ـ جملة (وذلّلناها لهم) إشارة إلى مسألة في غاية الأهمية ، وهي تذليل هذه الحيوانات للإنسان . فتلك الحيوانات القوية والتي تنسى في بعض الأحيان ذلك التذليل الإلهي ، وتثور وتغضب وتعاند فتصبح خطرة إلى درجة أنّ عشرات الأشخاص لا يمكنهم الوقوف أمامها . وفي حالاتها الإعتيادية فإنّ قافلة كاملة من الجمال يقودها تارةً صبي لم يبلغ الحلم ، ويدفعها في الطريق الذي يرتئيه !

إنّه لأمر عجيب حقّاً ، فإنّ الإنسان غير قادر على خلق ذبابة ، ولا حتّى ترويضها وتذليلها لخدمته ، أمّا الله القادر المنّان فإنّه خلق ملايين الملايين من الحيوانات المختلفة ، وذلّلها للإنسان لتكون في خدمته دوماً .

5 ـ جملة {فمنها ركوبهم ومنها يأكلون} ـ مع الإلتفات إلى أنّ (ركوبهم) صفة مشبّهة بمعنى (مركوبهم) ـ إشارة إلى أنّ الإنسان ينتخب قسماً منها للركوب وقسماً آخر للتغذّي . وإن كان لحم أغلب الحيوانات المشهورة حلال بنظر الإسلام ، إلاّ أنّ الإنسان إستفاد عمليّاً من بعضها فقط للتغذية ، فمثلا لحم الحمير لا يستفاد منه إلاّ في الضرورة القصوى .

ومن الواضح انّ ذلك إذا اعتبرنا «منها» في كلا الجملتين «للتبعيض الإفرادي» ، أمّا لو اعتبرنا الاُولى «للتبعيض الافرادي» والثانية «للتبعيض الأجزائي» يكون معنى الآية (بعض الحيوانات تنتخب للركوب وينتخب جزء من أجسامها للتغذية (إذ أنّ العظام وأمثالها غير قابلة للأكل) .

6 ـ {لهم فيها منافع} إشارة إلى فوائد الحيوانات الكثيرة الاُخرى التي تتحقّق للإنسان ، ومن جملتها الأصواف والأوبار التي تصنع منها مختلف الملابس والخيم والفرش ، والجلود التي تصنع منها الحقائب والملابس والأحذية ووسائل اُخرى مختلفة ، وحتّى في عصرنا الحاضر الذي تميّزت فيه الصناعات التقليدية من منتجات الطبيعة لا زال الإنسان في مسيس الحاجة إلى الحيوانات من حيث التغذية ومن حيث الفوائد الاُخرى كالألبسة ووسائل الحياة الاُخرى . وحتّى بعض أنواع الأمصال واللقاحات ضدّ الأمراض التي يستفاد فيها من دماء بعض الحيوانات ، بل حتّى أنّ أتفه الأشياء الحيوانية وهي روثها أصبح ومنذ وقت طويل مورد إستفادة الإنسان لتسميد المزارع وتغذية النباتات المثمرة .

7 ـ (مشارب) إشارة إلى الحليب الذي يؤخذ من تلك الدواب ويؤمّن مع منتجاته قسماً مهمّاً من المواد الغذائية للإنسان ، بشكل أضحت فيه صناعة الحليب ومنتجاته تشكّل اليوم رقماً مهمّاً في صادرات وواردات الكثير من الدول ، ذلك الحليب الذي يشكّل غذاء للإنسان ، ويخرج من بين دم وفرث لبناً سائغاً يلتذّ به الشاربون ، ويكون عاملا لتقوية الضعفاء .

8 ـ جملة (أفلا يشكرون) جاءت بصيغة الإستفهام الإستنكاري ، وتهدف إلى تحريك الفطرة والعواطف الإنسانية لشكر هذه النعم التي لا تحصى ، والتي ورد جانب منها في الآيات أعلاه ، وكما نعلم فإنّ «لزوم شكر المنعم» أساس لمعرفة الله ، إذ أنّ الشكر لا يمكن أن يكون إلاّ بمعرفة المنعم ، إضافةً إلى أنّ التأمّل في هذه النعم وإدراك أنّ الأصنام ليس لها أدنى تأثير أو دخل فيها ، سيؤدّي إلى إبطال الشرك .

لذا فإنّ الآية التالية ، تنتقل إلى الحديث عن المشركين ووصف حالهم فتقول : {واتّخذوا من دون الله آلهة لعلّهم ينصرون} .

فيا له من خيال باطل وفكر ضعيف؟ ذلك الذي يعتقد بهذه الموجودات الضعيفة التافهة التي لا تملك لنفسها ـ ناهيك عن الآخرين ـ ضرّاً ولا نفعاً ، ويجعلونها إلى جانب الله سبحانه وتعالى ويقرنونها به تعالى ، ويلجأون إليها لحلّ مشاكل حياتهم؟ نعم ، فهم يلجأون إليها لتكون عزّاً لهم : { وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} [مريم : 81] .

ويتوهّمون أنّها تشفع لهم عند الله {ويعبدون من دون الله ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} .

على كلّ حال ، فإنّ جميع هذه الأوهام نقش على الماء ، وكما يقول القرآن الكريم في الآية (192) من سورة الأعراف : { وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} [الأعراف : 192] .

وعليه تضيف الآية التالية : إنّ المعبودات لا تستطيع نصرة المشركين ، وسيكون هؤلاء المشركون جنوداً مجنّدة يتقدّمونها إلى جهنّم : {لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون} .

ويا له من أمر أليم أن يصطف هؤلاء المشركون بصفوف تتقدّمها تلك الأصنام ليدخلوا جهنّم زمراً في ذلك اليوم العظيم ، دون أن يستطيعوا حلّ عقدة مشكلة واحدة من مشكلات هؤلاء المشركين في ذلك الموقف الرهيب .

التعبير بـ (محضرون) يكون عادةً للتحقير ، لأنّ إحضار الأفراد دون أن يكون لموافقتهم أو عدمها أثر إنّما يدلّل على حقارتهم ، وبناءً على هذا التّفسير فإنّ الضمير الأوّل «هم» في جملة (وهم لهم جند محضرون) يعود على «المشركين» ، والضمير الثاني يعود على «الأصنام» ، في حال أنّ بعض المفسّرين احتملوا العكس بحيث تكون الأصنام والأوثان هي التابعة للمشركين في يوم القيامة . وفي نفس الوقت فإنّهم ـ المشركين ـ ليس لهم في الأوثان أدنى أمل ، والظاهر أنّ التّفسير الأوّل أنسب .

وعلى كلّ حال ، فإنّ هذه التعابير تصدق ـ فقط ـ على المعبودات الحيّة ذات الشعور كالشياطين والعصاة من الجنّ والإنس ، ولكن يحتمل أيضاً أنّ الله سبحانه وتعالى يبعث الروح في تلك الأصنام والأوثان ويعطيها العقل والشعور لكي توبّخ هي اُولئك الذين عبدوها في الدنيا ، وضمناً نقول إنّ هذه الأوثان الحجرية والخشبية ستكون هي الحطب الذي يؤجّج على اُولئك المشركين نار جهنّم {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء : 98] .

أخيراً ـ وفي آخر آية من هذه الآيات ، ولمواساة الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)وتثبيت فؤاده إزاء مكر المشركين ، والفتن والأعمال الخرافية ـ تقول الآية الكريمة :

{فلا يحزنك قولهم} تارةً يقولون شاعر ، واُخرى ساحر وأمثال ذلك من التهم {إنّا نعلم ما يسّرون وما يعلنون} .

فلا تخفى علينا نواياهم ، ولا مؤامراتهم في الخفاء ، ولا جحودهم وتكذيبهم لآياتنا في العلن ، نعلم بكلّ ذلك ، ونحفظ لهم جزاءهم إلى يوم الحساب ، وستكون أنت أيضاً في أمان من شرّهم في هذه الدنيا .

وبهذا الحديث الإلهي المواسي يمكن لكلّ مؤمن أيضاً ـ مضافاً إلى الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أن يكون مطمئن القلب بأنّ كلّ شيء في هذا العالم هو بعين الله ، وسوف لن يصيبه شيء من مكائد الأعداء ، فهو تعالى لا يترك عباده المخلصين في اللحظات والمواقف العصيبة ، وهو دوماً حام لهم وحافظ .

_______________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج11 ، ص185-189 .

2 ـ جملة «أو لم يروا . . .» جملة معطوفة على سابقتها بواو العطف ، ولكن حين دخول الهمزة الإستفهامية على الجملة فإنّها تتصدّرها ، (والرؤية) هنا بمعنى المعرفة ، أو الإبصار .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .