أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-22
1075
التاريخ: 10-5-2016
13716
التاريخ: 20-3-2017
12370
التاريخ: 2024-08-21
338
|
العقد نافذ غير لازم:
إذا توافرت في العيب الشروط ، لم يمنع ذلك من انعقاد العقد صحيحة نافذة الازمة من جهة البائع، ولكنه يكون غير لازم من جهة المشتري.
فيثبت الملك للمشتري في المبيع للحال، لأن ركن البيع مطلق عن الشرط. أما شرط السلامة الثابت دلالة فهو ليس بشرط في السبب كخبار الشرط وليس بشرط في الحكم كخيار الرؤية ، فيكون أثره في منع اللزوم لا في منع أصل الحكم. أما خيار الشرط فقد دخل على السبب فمنع انعقاده في حق الحكم مدة الخيار، ولذلك لا يزول الملك عن البائع بشرط الخيار مدة خياره. وأما خبار الرؤية فقد دخل على الحكم ومنع تمامه، فمنع لزوم العقد حتى بعد القبض . وهذا بخلاف خيار العيب فإنه لا يدخل على السبب ولا على الحكم ، فهو يجعل العقد غير لازم قبل القبض، وقابلا للفسخ بعد القبض. أما كونه غير لازم قبل القبض فدليل ذلك أن المبيع إذا كان لا يزال في بد البائع، وأراد المشتري الرد بالعيب، فإنه لا يحتاج إلى التراضي أو التقاضي، بل يكفي أن يقول رددت البيع أو ما يجري هذا المجرى لينفسخ البيع، فذلك لأن العقد غير لازم قبل القبض ، أما بعد القبض فقد تمت الصفقة، وإنما يكون البيع قابلا للفسخ لفوات شرط السلامة، ومن ثم لا يجوز الفسخ إلا بالتراضي أو التقاضي. إذ البيع هنا يفسخ بعد أن تمت الصفقة، ولا ينفسخ بمحض إرادة المشتري كما كان الأمر قبل القبض والصفقة لم تنم. وفي خيار الرؤية أن الصفقة لا تتم حتى بعد القبض، ولذلك يرد المشتري المبيع بخبار الرؤية بمحض إرادته دون حاجة إلى التراضي أن التقاضي، سواء كان ذلك قبل قبض المبيع أو كان بعد القبض. وفي خبار الشرط لا تتم الصفقة أيضا حتى بعد القبض، فإذا رد من له الخيار ولو بعد قبض المبيع رد بمحض إرادته دون حاجة إلى التراضي أو التقاضي فالعبرة إذن ، فيما إذا كان الرد بنم بمحض الإرادة أو كان لا بد في تمامه من التراضي أو التقاضي، إنما تكون بعدم تمام الصفقة أو بتمامها. فإذا لم تتم الصفقة ، كما هو الأمر في خياري الشرط والرؤية قبل القبض وبعد القبض، وكما هو الأمر في خبار العبب قبل القبض، كان الرد بمحض إرادة من له الخيار . وإذا تمت الصفقة، كما هو الأمر في خيار العيب بعد القبض، فإن الرد لا يكون إلا بالتراضي أو بالتقاضي. ذلك أنه إذا لم تتم الصفقة، كان الرد نقضا لصفقة لم نتم، فيكون انفساخ لا نسخ، أقرب إلى أن يكون رجوعا في الإيجاب قبل القبض الذي هو بمثابة القبول ، فلا حاجة فيه إلى التراضي. أما إذا كانت الصفقة قد تمت، فالرد لا يكون مجرد نقض وانفساخ تكفي فيه إرادة من له الخيار، بل هو فسخ لصفقة قد نمت، فلا بد فيه من التراضي أو التقاضي، فإن العقد لا بفسخ إلا على النحو الذي به ينعقد، وهو لا ينعقد بأحد العاقدين فلا يفسخ بأحدهما.
ويقول الكاساني في هذا المعنى: "وأما كيفية الرد والفسخ بالعيب بعد ثبوته، فالبيع لا يخلو إما أن يكون في يد البائع أو في يد المشتري، فإن كان في يد البائع ينفسخ بقول المشتري رددت، ولا يحتاج إلى قضاء القاضي ولا إلى التراضي بإجماع. وإن كان في يد المشتري لا ينفسخ إلا بنقاء القاضي أو بالتراضي عندنا. وعند الشافعي رحمه الله ينفخ بقوله: رددت من غير الحاجة إلى القضاء ولا إلى رضاء البائع، وأجمعوا على أن الرد بخيار الشرط بصح من غير قضاء ولا رضاء، وكذلك الرد بخيار الرؤية متصلا بلا خلاف بين صحابنا. وجه قول الشافعي رحمه الله أن هذا نوع فسخ فلا تفتقر صحته إلى القضاء ولا إلى الرضاء، كالفسخ بخبار الشرط بالإجماع وبخار الرؤية على أصلكم، ولهذا لم يفتقر إليه قبل القبض وكذا بعده . ولنا أن الصفقة تمت بالقبض ، وأحد العاقدين لا ينفرد بفسخ الصفقة بعد تمامها كالإقالة، وهذا لأن الفسخ يكون على حسب العقد لأنه يرفع العقد، ثم العقد لا ينعقد بأحد العاقدين فلا ينفسخ بأحدهما من غير رضا الآخر ومن غير قضاء القاضي، بخلاف ما قبل القبض ، لأن الصفقة قبل القبض ليست بنامة ، بل تمامها بالقبض ، فكان بمنزلة القبول، كأنه لم يسترد. بخلاف الرد بخيار الشرط، لأن الصفقة غير منعقدة في حق الحكم مع بقاء الخيار، فكان الرد في معنى الدفع والامتناع من القبول. وبخلاف الرد بخيار الرؤية لأن عدم الرؤية منع تمام الصفقة لأنه أوجب خللا في الرضا، فكان الرد كالدفع. أما ههنا إذ الصفقة قد تمت بالقبض ، فلا تحتمل الانفساخ بنفس الرد من غير قرينة القضاء أو الرضا، والله عز وجل أعلم" ، " البدائع " (5/281)
عدم لزوم العقد في خيار العيب قائم على اختلال الرضاء لفوات شرط السلامة من العيب:
قدمنا أن سلامة المبيع من العيب مشروطة في العقد دلالة. وقد سبق القول . انظر " مصادر الحق في الفقه الإسلامي، (2/130-131) أن العاقد ما لم يشترط البراءة من العيوب في الشيء الذي يتعامل فيه، يكون قد كفل للعاند الآخر، دلالة ودون حاجة إلى شرط صريح، سلامة المعقود عليه من العيوب. فإذا لم تتوافر هذه السلامة، فقد اختل رضاء العاقد الأخر، ووجب له الخيار .
ويقول الكاساني في هذا المعنى: " إن السلامة لما كانت مرغوبة المشتري ولم بحمل، فقد اختل رضاه، وهذا يوجب الخيار، لأن الرضا شرط صحة البيع، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾.(النساء: ۲۹) . فانعدام الرضا بمنع صحة البيع، واختلاله بوجب الخيار فيه، إثباتا للحكم على قدر الدليل البدائع، (5/374)
وإذا كان خيار العيب يقوم على اختلال الرضاء، فإن شأنه في ذلك شأن سائر الخيارات، إذ أن كلا من خيار الشرط وخبار الرؤية يقوم هو أيضا على اختلال الرضاء .
كيف يكون الرد بخيار العيب:
إذا ثبت للمشتري خيار العيب، كان له أن ينقض البيع، وينقض البيع قبل القبض بإرادته وحده، كان يقول : فسخت البيع أو نقضته أو رددته وما هو في معناه. ويشترط علم البائع بالفسخ عند أبي حنيفة ومحمد، ولا يشترط هذا العلم عند أبي يوسف، كما هو خلافهم في خيار الشرط وفي خيار الرؤية . أما بعد القبض، فقد قدمنا أن النقض لا يكون إلا بالتراضي أو بالتقاضي .
ما الذي يترتب على الرد بخيار العيب:
إذا نقض المشتري البيع بخيار العيب، انفسخ العقد. ورد المشتري المبيع معيبة إلى البائع إن كان قد قبضه ، واسترد الثمن إن كان قد دفعه
وليس له أن يمسك المبيع معيبة ويرجع على البائع بنقصان الثمن، لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن من مجرد العقد، ولأن البائع لم يرض بزوال المبيع عن ملكه بأقل من الثمن المسمى فيتضرر بنقصان هذا الثمن، ودفع الضرر عن المشتري ممكن برده للمبيع، ولأن حق الرجوع بالنقصان كالخلف عن الرد والقدرة على الأصل تمنع المصير إلى الخلف (1) . على أن للمشتري أن يرجع بنقصان الثمن إذا توافرت شروط ثلاثة :
۱- أن يتعذر عليه رد المبيع، كان ملك المبيع أو نقص او زاد وهو في بده على التفصيل الذي سيأتي.
٢- وان يكون هذا التعذر غير آت من قبله فإن كان التعذر آتية من قبله، لم يرجع بنقصان الثمن، لأنه يصير حابسة المبيع بفعله ممسكا عن الرد. فلو باع المبيع المعيب أو وهبه ثم علم بالعيب، لم يرجع بنقصان الثمن، لأنه بالبيع أو الهبة صار ممسكا عن الرد، ولو كان المبيع دارة فبناها مسجدة ثم اطلع على عيب لم يرجع بالنقصان، لأنه لما بناها مسجدة فقد أخرجها عن ملكه فصار كما لو باعها، ولو كان المبيع طعاما فأكله أو ثوبة فلبسه حتى تحرق، لم يرجع بالنقصان في قول أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد يرجع. وجه قولهما أن أكل الطعام ولبس الثوب استعمال الشيء فيما وضع وأنه انتفاع لا إتلاف. وجه قول أبي حنيفة أن المشتري بأكل الطعام ولبس الثوب أخرجهما عن ملكه حقيقة. ولو استهلك الطعام أو الثوب بسبب آخر وراء الأكل واللبس، ثم وجد به غیبة، لم يرجع بالنقصان بلا خلاف، لأن استهلاكهما في غير ذلك الوجه إبطال محض .
۳- وألا يصل إلى المشتري عوض عن المبيع، فإن وصل إليه عرضه ، كأن قتل أجنبي العبد المبيع في يده خطأ، لم يرجع بالنقصان في ظاهر الرواية لأنه لما وصل إليه عوضه صار كأنه باعه ولو باعه ثم اطلع على عيب به لم يرجع؛ كذا هذا.
فإذا توافرت هذه الشروط الثلاثة، وكان للمشتري الرجوع بنقصان الثمن، فحساب ذلك يكون على الوجه الآتي: يقوم المبيع غير معيب ثم يقوم بالعيب، ولا بدفع المشتري للبائع من الثمن إلا حصة تعادل النسبة بين هاتين القيمتين . فلو كانت قيمة المبيع غير معيب عشرين، وكانت قيمته معيبة خمسة عشر، فالنسبة بين هاتين القيمتين نسبة ثلاثة إلى أربعة، فلو كان الثمن سنة عشر، لم يجب على المشتري من الثمن إلا ثلاثة أرباعه اي اثنا عشر، ورجع بالنقصان وهر أربعة (2)
_____________
1- البائع : أمسك المبيع وانا أعطيك ارش العبب، لم يجبر المشتري على قبوله، لأنه لم يرض إلا بمبيع سليم بجميع الثمن فلا يجبر على إمساك معيب ببعض الثمن. وإن قال المشتري أعطني الأرش لأمسك المبيع، لم يجبر البائع على دفع الأرش، لأنه لم يبذل المبيع إلا بجميع الثمن فلم يجبر على تسليمه ببعض الثمن،" المهذب " (1/284)
وفي مذهب مالك تنقسم العيوب إلى ثلاثة : عيب غير مؤثر وليس فيه شيء، وعيب بسير ويرجع المشتري فيه ينقصان الثمن، وعيب فاحش ويكون المشتري فيه بالخيار بين الرد والإمساك فإذا أمسك ليس له أن يرجع بنقصان الثمن، ففي العيب الفاحش يتلاني المذهبان الحنفي والمالكي . قال ابن جزي المسالة الثالثة في أنواع العيوب وهي ثلاثة : عيب ليس فيه شيء وعيب فيه قيمة، وعيب فيه رد ابن جزي : فأما الذي ليس فيه شيء، فهر اليسير الذي لا ينقص من الثمن، وأما عبب القيمة، فهو اليسير الذي ينقص من الثمن، فيحط على المشتري من الثمن بقدر نفس العيب، وذلك كالخرف في الثوب والصدع في حائط الدار ، وقيل : إنه يوجب الرد في العروض بخلاف الأصول. وأما عيب الرد، فهو الفاحش الذي بنقص حطياً من الثمن، ونقص الثمن يوجب الرد عند ابن رشد وقيل : الثلث، فالمشتري في عيب الرد بالخيار بين أن يرده على بائعه أو يمسكه ولا ارش له على العيب، وليس له أن يمسكه ويرجع بقيمة العيب إلا أن يفوت في يدها، " القوانين الفقهية " (267) وفي مذهب أحمد بن حنبل يكون للمشتري الخيار بين الرد أو الإمساك مع الرجوع بنقصان الثمن. جاء في " الشرح الكبير" على متن " المقنع" : " فمن اشترى معيبة لا يعلم عببه، فله الخيار بين الرد والإمساك مع الأرش وهو قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الثمن.. فإن أختار إمساك المعيب وأخذ الأرث فله ذلك وبه قال أبو إسحاق . وقال أبو حنيفة والشافعي ليس له إلا الإمساك أو الرد، ولا ارش له إلا أن يتعذر رد المبيع، " الشرح الكبير" على متن " المقنع " (4/86)
2- وإذا كان بعض المبيع معيبة دون بعض، فالمبدأ الأساسي في هذه المسألة مر عدم جواز تفريق الصفقة قبل تمامها، فإن تمت جاز التفريق ، وتطبيقا لهذا المبدأ يميز الفقه الحنفي بين ظهور العيب قبل القبض وظهوره بعد القبض ، فإذا لم يقبض المشتري شبة من المبيع، ووجد ببعضه عيبا، فهو بالخيار إن شاء رضي بالكل ولزمه جميع الثمن، وإن شاء رد الكل. وليس له أن يرد المعيب خاصة بحصته من الثمن، سواء كان المبيع شيئة واحدة أو أشياء متعددة، لأن الصفقة لا تمام لها قبل القبض، وتفريق الصفقة قبل تمامها باطل. وهذا هو الحكم فيما إذا كان المشتري نبض بعض المبيع دون بعض فوجد ببعضه عيا. فهنا أيضا لا يملك رد المعيب خاصة بحصته من الثمن، سواء وجد العيب بغير المقبوض أو بالمقبوض، لأن الصفقة لا تتم إلا بقبض جميع المعقود عليه ، فكان رد البعض دون البعض تفريق الصفقة قبل التمام ومر الباطل. أما إذا كان المشتري نبض كل المبيع، ثم وجد ببعضه عيا، فإن كان الميع شيئا واحدة . ولو تقديرا كخفين أو نعلين أو مصراعي باب ونحو ذلك . فكذلك لا يملك رد المعيب خاصة بحمته من الثمن. وإن كان الميع اشياء متعددة ، فله أن يرد المعيب خاصة بحصته من الثمن، وليس له أن يرد الكل إلا عند التراضي، وهذا لأن حق الرد إنما يثبت لفوات السلامة المشروطة في العقد، والسلامة فانت في أحدهما فكان له رده خاصة، فلو امتنع الرد إنما يمتنع لتضمنه تفريق الصفقة، وتفريق الصفقة باطل قبل التمام لا بعده ، والصفقة قد تمت بقبضهما فزال المائع، ولو قال المشتري : أنا أمسك المعيب وارجع بنقصان الثمن فيه ليس له ذلك، لأن إمساكه للمعيب دلالة الرضا به وانه يمنع الرجوع بالنقصان. وعند زفر والشافعي وليس للمشتري في الحالة الأخيرة أن يرد المعيب بحصته من الثمن، بل يردهما جميعا او يمسكهما جميعا، ولان في التفريق بينهما في الرد إضرارا بالبائع، إذ ضم الرديء إلى الجيد في البيع من عادة التجار ليروج الرديء بواسطة الجيد، وقد يكون السبب بالرديء فيرده على البائع، ويلزمه البيع في الجيد بثمن الرديء، وهذا إضرار بالبائع ولهذا امتنع انظر في كل ما تقدم البدائع، (5/286-289) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|