المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17599 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

نون التوكيد
21-10-2014
معنى كلمة حبر
24-4-2022
ارض مدفنه الطيبة (عليه السلام)
7-01-2015
قياسات كثافات الطرق واحجام المرور - قياس احجام مرور السيارات
18-9-2021
النجم الثاقب
23-11-2014
الخواص الفيزيائية Physical properties
22-11-2016


تفسير الاية (45-50) من سورة الحجر  
  
4777   07:12 مساءً   التاريخ: 1-8-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الحاء / سورة الحجر /

 

قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48) نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوالْعَذَابُ الْأَلِيمُ } [الحجر: 45 - 50]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

لما ذكر سبحانه عباده المخلصين عقبه بذكر حالهم في الآخرة فقال: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ} الذين يتقون عقاب الله باجتناب معاصيه { فِي جَنَّاتٍ} أي: في بساتين خلقت لهم { وعيون } من ماء وخمر وعسل يفور من الفوارة ثم يجري في مجاريها { ادخلوها بسلام } أي يقال لهم ادخلوا الجنات بسلامة من الآفات وبراءة من المكاره والمضرات { آمنين } من الإخراج منها ساكني النفس إلى انتفاء الضرر فيها { ونزعنا ما في صدورهم من غل } أي: وأزلنا عن صدور أهل الجنة ما فيها من أسباب العداوة من الغل أي الحقد والحسد والتنافس والتباغض { إخوانا } منصوب على الحال أي وهم يكونون إخوانا متوادين يريد مثل الإخوان فيصفو لذلك عيشهم { على سرر } أي: كائنين على مجالس السرور { متقابلين } متواجهين ينظر بعضهم إلى وجه بعض قال مجاهد لا يرى الرجل في الجنة قفا زوجته ولا ترى زوجته قفاه لأن الأسرة تدور بهم كيف ما شاءوا حتى يكونوا متقابلين في عموم أحوالهم وقيل متقابلين في الزيادة إذا تزاوروا استوت مجالسهم ومنازلهم وإذا افترقوا كانت منازل بعضهم أرفع من بعض.

 { لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا} أي: في الجنة { نَصَبٌ } أي: عناء وتعب لأنهم لا يحتاجون إلى إتعاب أنفسهم لتحصيل مقاصدهم إذ جميع النعم حاصلة لهم { وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ } أي: يبقون فيها مؤبدين ثم أمر سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يخبر عباده بكثرة عفوه ومغفرته ورحمته لأوليائه وشدة عذابه لأعدائه فقال { نَبِّئْ } يا محمد { عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ} أي: كثير الستر لذنوب المؤمنين { الرحيم } كثير الرحمة لهم { وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} فلا تعولوا على محض غفراني ورحمتي وخافوا عقابي ونقمتي .

_____________

1- تفسير مجمع اليبان ،الطبرسي ،ج6،ص119.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

بعد أن ذكر سبحانه عاقبة المجرمين والغاوين ، وانهم يحشرون غدا مقرونين في الأصفاد ، وسرابيلهم من قطران ، وتغشى وجوههم النار ، بعد هذا ذكر سبحانه عاقبة المتقين ، وانهم يجازون بالرفاهية والأمان والصفاء والراحة الدائمة ، وفيما يلي التفصيل :

1 – { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وعُيُونٍ } . حياة طيبة في كل شيء من المأكل والمشرب إلى المنظر وحور العين . « وفِيها ما تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وتَلَذُّ الأَعْيُنُ - 71 الزخرف » .

2 – { ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ } . حياة طيبة وآمنة لا خوف فيها ولا حزن .

3 – { ونَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ } والى جانب الرفاهية الصفاء أيضا ، حيث لا حقد يغلي في القلوب ، ويذيبها حسرات ، كما هي حال أهل النار الذين وصفهم سبحانه بقوله : « كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها - 37 الأعراف » .

4 – { لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ } . . لا فقر . . لا مرض . .

لا خوف . . لا حقد . . وأيضا لا تعب واعياء . . وكل هذه الأوصاف دائمة لا نقصان فيها ولا زوال لها .

{ نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الأَلِيمُ } . جمع سبحانه في هاتين الآيتين بين التبشير والتحذير كي لا ييأس العاصي من رحمة اللَّه ومغفرته ، بل يرجع إليه تعالى ويتوب . وكي يحذر المطيع من الزلل وفساد العمل ، فيحتاط ويتواضع ولا يتملكه العجب والغرور . وقال الرازي : لما ذكر اللَّه المغفرة والرحمة بالغ في تأكيدهما بألفاظ ثلاثة هي : ( اني ) و ( أنا ) وإدخال

واللام على الغفور الرحيم ، ولما ذكر العذاب لم يقل : ( اني ) و ( أنا ) ، بل قال :

ان عذابي هو الخ .

______________

1- الألف التفسير الكاشف، ج ٤، محمد جواد مغنية، ص480- 481.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ } أي إنهم مستقرون في جنات وعيون يقال لهم: ادخلوها بسلام لا يوصف ولا يكتنه نعته في حال كونكم آمنين من كل شر وضر.

لما ذكر سبحانه قضاءه فيمن اتبع إبليس من الغاوين ذكر ما قضى به في حق المتقين من الجنة، وقد ورد تفسير التقوى في كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالورع عن محارم الله، وقد تكرر في كلامه تعالى بشراهم بالجنة فيكون المتقون أعم من المخلصين.

وما قيل: إنه لا شبهة في أن السياق يدل على أن المتقين هم المخلصون السابق ذكرهم، وأن المطلق يحمل على الفرد الكامل.

فيه أن ذلك مبني على كون المراد بالعباد في قوله:{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} هم المخلصين حتى يختص السياق بالكلام فيهم، وقد تقدم أن المراد بالعباد عامة أفراد الإنسان خرج منه الغاوون بالاستثناء وبقي الباقون، وقد ذكر سبحانه قضاءه في الغاوين بالنار وهذا يذكر قضاءه في غيرهم ممن أوجب له الجنة والأمر في المستضعفين مرجأ وفي العصاة من أهل الكبائر الذين يموتون بغير توبة منوط بالشفاعة فيبقى أهل التقوى من المؤمنين وهم أعم من المخلصين فقضي فيهم بالجنة.

وأما حديث حمل المطلق على الفرد الكامل فهو خطأ وإنما يحمل على الفرد المتعارف وتفصيل المسألة في فن الأصول.

وذكر الإمام الرازي في تفسيره أن المراد بالمتقين في الآية الذين اتقوا الشرك ونقله عن جمهور الصحابة والتابعين وأسنده إلى الخبر.

قال: وهذا هو الحق الصحيح والذي يدل عليه أن المتقي هو الآتي بالتقوى مرة واحدة كما أن الضارب هو الآتي بالضرب مرة فليس من شرط صدق الوصف بكونه متقيا كونه آتيا بجميع أنواع التقوى، والذي يقرر ذلك أن الآتي بفرد واحد من أفراد التقوى يكون آتيا بالتقوى فإن الفرد مشتمل على الماهية بالضرورة وكل آت بالتقوى يجب أن يكون متقيا فالآتي بفرد يجب كونه متقيا، ولهذا قالوا: ظاهر الأمر لا يفيد التكرار.

فظاهر الآية يقتضي حصول الجنات والعيون لكل من اتقى عن ذنب واحد، إلا أن الأمة مجمعة على أن التقوى عن الكفر شرط في حصول هذا الحكم.

وأيضا هذه الآية وردت عقيب قول إبليس:{ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} عقيب قوله تعالى:{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} فلذا اعتبر الإيمان في هذا الحكم فوجب أن لا يزاد فيه قيد آخر لأن تخصيص العام لما كان خلاف الظاهر فكلما كان التخصيص أقل كان أوفق بمقتضى الأصل والظاهر.

فثبت أن الحكم المذكور يتناول جميع القائلين: لا إله إلا الله محمد رسول الله ولو كانوا من أهل المعصية، وهذا تقرير بين وكلام ظاهر، انتهى.

ومقتضى كلامه شمول الآية لمن اتقى الشرك ولو اقترف جميع الكبائر الموبقة التي نص الكتاب العزيز باستحقاق النار بإتيانها وترك جميع الواجبات التي نص على تركها بمثله، والمستأنس بكلامه تعالى المتدبر في آياته لا يرتاب في أن القرآن لا يسمي مثل هذا متقيا ولا يعده من المتقين، وقد أكثر القرآن ذكر المتقين وبشرهم بالجنة بشارة صريحة فيما يقرب من عشرين موضعا وصفهم في كثير منها باجتناب المحارم وبذلك فسر التقوى في الحديث كما تقدم.

ثم إن مجرد صحة إطلاق الوصف أمر والتسمية أمر آخر فلا يسمى بالمؤمنين والمحسنين والقانتين والمخلصين والصابرين وخاصة في الأوصاف التي تحتمل البقاء والاستمرار إلا من استقر فيه الوصف، ولو صح ما ذكره في المتقين لجرى مثل ذلك في الظالمين والفاسقين والمفسدين والمجرمين والغاوين والضالين وقد أوعدهم الله النار، وأدى ذلك إلى تدافع عجيب واختلال في كلامه تعالى، ولو قيل: إن هناك ما يصرف هذه الآيات أن تشمل المرة والمرتين كآيات التوبة والشفاعة ونظائرها فهناك ما يصرف هذه الآية أن تشمل المتقي بالمرة والمرتين وهي نفس آيات الوعيد على الكبائر الموبقة كآيات الزنا والقتل ظلما والربا وأكل مال اليتيم وأشباهها.

ثم الذي ذكره في تقريب الدلالة وجوه واهية كقوله: إن هذه الآية وقعت عقيب قول إبليس إلخ، فإنك قد عرفت فيما تقدم أن ذلك لا ينفعه شيئا، وكقوله: إن زيادة قيد آخر بعد الإيمان خلاف الأصل إلخ، فإن الأصل إنما يركن إليه عند عدم الدليل اللفظي وقد عرفت أن هناك آيات جمة صالحة للتقييد.

وكقوله: إن ذلك خلاف الظاهر.

وكأنه يريد به ظهور المطلق في الإطلاق، وقد ذهب عليه أن ظهور المطلق إنما هو حجة فيما إذا لم يكن هناك ما يصلح للتقييد.

فالحق أن الآية إنما تشمل الذين استرقت فيهم ملكة التقوى وهو الورع عن محارم الله فأولئك هم المقضي عليهم بالسعادة والجنة قضاء لازما، نعم المستفاد من الكتاب والسنة أن أهل التوحيد وهم من حضر الموقف بشهادة أن لا إله إلا الله لا يخلدون في النار ويدخلون الجنة لا محالة، وهذا غير دلالة آية المتقين على ذلك.

قوله تعالى:{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} إلى آخر الآيتين.

الغل الحقد، وقيل هو ما في الصدر من حقد وحسد مما يبعث الإنسان إلى إضرار الغير، والسرر جمع سرير والنصب هو التعب والعي الوارد من خارج.

يصف تعالى في الآيتين حال المتقين في سعادتهم بدخول الجنة، اختص بالذكر هذه الأمور من بين نعم الجنة على كثرتها فإن العناية باقتضاء من المقام متعلقة ببيان أنهم في سلام وأمن مما ابتلي به الغاوون من بطلان السعادة وذهاب السيادة والكرامة فذكر أنهم في أمن من قبل أنفسهم لأن الله نزع ما في صدورهم من غل فلا يهم الواحد منهم بصاحبه سوء بل هم إخوان على سرر متقابلين ولتقابلهم معنى سيأتي في البحث الروائي إن شاء الله تعالى وأنهم في أمن من ناحية الأسباب والعوامل الخارجة فلا يمسهم نصب أصلا وأنهم في أمن وسلام من ناحية ربهم فما هم من الجنة بمخرجين أبدا فلهم السعادة والكرامة من كل جهة، ولا يغشاهم ولا يمسهم شقاء ووهن من جهة أصلا لا من ناحية أنفسهم ولا من ناحية سائر ما خلق الله ولا من ناحية ربهم.

بعد ما تكلم سبحانه حول استهزائهم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما أنزل إليه من الكتاب واقتراحهم عليه أن يأتيهم بالملائكة وهم ليسوا بمؤمنين وإن سمح لهم بأوضح الآيات أتى سبحانه في هذه الآيات ببيان جامع في التبشير والإنذار وهو ما في قوله:{ نَبِّئْ عِبَادِي} إلى آخر الآيتين ثم أوضحه وأيده بقصة جامعة للجهتين متضمنة للأمرين معا وهي قصة ضيف إبراهيم وفيها بشرى إبراهيم بما لا مطمع فيه عادة وعذاب قوم لوط بأشد أنواع العذاب.

ثم أيده تعالى بإشارة إجمالية إلى تعذيب أصحاب الأيكة وهم قوم شعيب وأصحاب الحجر وهم ثمود قوم صالح (عليه السلام).

قوله تعالى:{ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} المراد بقوله:{عبادي} على ما يفيده سياق الآيات مطلق العباد ولا يعبأ بما ذكره بعضهم: أن المراد بهم المتقون السابق ذكرهم أو المخلصون.

وتأكيد الجملتين بالاسمية وإن وضمير الفصل واللام في الخبر يدل على أن الصفات المذكورة فيها أعني المغفرة والرحمة وألم العذاب بالغة في معناها النهاية بحيث لا تقدر بقدر ولا يقاس بها غيرها، فما من مغفرة أو رحمة إلا ويمكن أن يفرض لها مانع يمنع من إرسالها أومقدر يقدرها ويحدها، لكنه سبحانه يحكم لا معقب لحكمه ولا مانع يقاومه فلا يمنع عن إنجاز مغفرته ورحمته شيء ولا يحدهما أمر إلا أن يشاء ذلك هو جل وعز، فليس لأحد أن ييأس من مغفرته أويقنط من روحه ورحمته استنادا إلى مانع يمنع أورادع يردع إلا أن يخافه تعالى نفسه كما قال:{ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }: الزمر: 54.

وليس لأحد أن يحقر عذابه أويؤمل عجزه أو يأمن مكره والله غالب على أمره ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.

_____________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج12،ص139-147.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

نِعَمُ الجنّة الثّمان:

رأينا في الآيات السابقة كيف وصف اللّه تعالى عاقبة أمر الشيطان وأنصاره وأتباعه، وأنّ جهنم بأبوابها السبعة مفتحة لهم.

وجرياً على أسلوب القرآن في التربية والتعليم جاءت هذه الآيات المباركات (ومن باب المقارنة) لترفع الستار عن حال الجنّة وأهلها وما ترفل به من نعم مادية ومعنوية، جسدية وروحية.

وقد عرضت الآيات ثمانية نعم كبيرة (مادية ومعنوية) بما يساوي عدد أبواب الجنّة.

1 ـ أشارت في البدء إِلى نعمة جسمانية مهمّة حيث: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } ويلاحظ أنّ هذه الآية قد اتخذت من صفة (التقوى) أساساً لها، وهي الخوف من اللّه والورع والإِلتزام، فهي إِذن.. جامعة لكافة صفات الكمال الإِنساني.

إِنّ ذكر الجنات والعيون بصيغة الجمع إِشارة إِلى تنوع رياض الجنّة وكثرة عيونها، والتي لكل منها لذة مميزة وطعم خاص.

2 و 3 ـ ثمّ تشير الآيات إِلى نعمتين معنويتين مهمّتين أخريتين (السلامة) و(الأمن).. السلامة من أيّ أذىً وألم، والأمن من كل خطر، فتقول ـ على لسان الملائكة مرحبة بهم ـ : { ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ }.

وفي الآية التّالية بيان لثلاث نعم معنوية أُخرى:

4 ـ { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ } أيْ: الحسد والحقد والعداوة والخيانة(2).

5 ـ {إخواناً} تربطهم أقوى صلات المحبة.

6 ـ { عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ }(3).

إِن جلساتهم الإِجتماعية خالية من القيود المتعبة التي يُعاني منها عالمنا الدنيوي، فلا طبقية ولا ترجيح بدون مرجع والكل إخوان، يجلسون متقابلين في صف واحد ومستوى واحد.

وبطبيعة الحال، فهذا لا ينافي تفاوت مقاماتهم ودرجاتهم الحاصلة من درجة الإِيمان والتقوى في الحياة الدنيا، ولكنّ ذلك التساوي إِنما يرتبط بجلساتهم الإِجتماعية.

7 ـ ثمّ تأتي الإِشارة إِلى النعمة المادية والمعنوية السابعة: { لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ } إنّه ليس كيوم استراحة بهذه الدنيا يقع بين تعب ونصب قبله وبعده، ولا يدع الإِنسان يجد طعم الراحة والاستقرار.

8 ـ ولا يشغلهم همّ فناء أو انتهاء نِعَم { وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ }.

بعد أن عرض القرآن الكريم النعم الجليلة التي ينالها المتقون في الجنّة بذلك الرونق المؤثر الذي يوقع المذنبين والعاصين في بحار لجية من الغم والحسرة ويجعلهم يقولون: ياليتنا نصيب بعض هذه المواهب، فهناك، يفتح اللّه الرحمن الرحيم أبواب الجنّة لهم ولكن بشرط، فيقول لهم بلهجة ملؤها المحبّة والعطف والرحمة وعلى لسان نبيّه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم): { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }.

إِنّ كلمة «عبادي» لها من اللطافة ما يجذب كل إِنسان، وحينما يختم الكلام بـ {الغفور الرحيم} يصل ذلك الجذب إِلى أوج شدته المؤثرة.

وكما هو معهود من الأسلوب القرآني، تأتي العبارات العنيفة حين تتحدث عن الغضب والعذاب الإِلهي لتمنع من سوء الإِستفادة من الرحمة الإِلهية، ولتوجد التعادل بين مسألتي الخوف والرجاء، الذي يعتبر رمز التكامل والتربية فيقول وبدون فاصلة: { وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ }.

_________________

1- تفسير الامثل،مكارم الشيرازي،ج6،ص626-628.

2 ـ الغل: في الأصل بمعنى النفوذ الخفي للشيء، ولهذا يطلق على الحسد والحقد والعداوة التي تنفذ بخفاء في نفس الإِنسان، فالغل مفهوم واسع يشمل الكثير من الصفات الأخلاقية القبيحة.

3 ـ السّرر: جمع سرير، وهي المقاعد التي يجلسون عليها في جلسات سمرهم. (علماً بأن كلا من سرر وسرير من مادة واحدة).




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .