أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-7-2020
2650
التاريخ: 31-8-2016
1430
التاريخ: 30-8-2016
1505
التاريخ: 25-7-2020
3437
|
الظاهر أنّ القضيّة الاستثنائيّة دالّة على الحصر بلا إشكال، ولذا اشتهر أنّ الاستثناء من الإثبات يفيد النفي ومن النفي يفيد الإثبات، نعم هنا كلام آخر وهو أنّ هذا الحصر هل هو مستفاد من نفس الأداة حتّى أنّ قولنا: إلّا زيد بمنزلة قولنا:
أستثني زيدا لا غير، أو أنّ الأداة لا يفيد سوى الإخراج وليس إلّا بمنزلة قولنا:
أستثني، والحصر مستفاد من مجموع الجملتين، بل ليس الحصر في الحقيقة إلّا عبارة عمّا هو مفاد الجملتين منطوقا، ففي قولنا: جاءني القوم إلّا زيدا ليس الحصر إلّا مجيء جميع من سوى زيد وعدم مجيء زيد والجزء الأوّل دلّ عليه الحكم المعلّق على العام المستثنى منه، والثاني دلّ عليه الأداة، فليس الحصر مدلولا ثالثا حتّى يجعل من باب المفهوم على هذا الاحتمال.
وكيف كان فليس النزاع في ذلك- بعد فرض كون استفادة الحصر مسلّمة- بمهمّ وإن كان الظاهر هو الوجه الثاني، وتظهر الثمرة فيما لو ورد مخصّص منفصل ظاهر في التخصيص كما لو ورد بعد أكرم العلماء إلّا زيدا: لا تكرم عمروا، وكان العمرو مشتركا بين شخصين، أحدهما عالم والآخر جاهل وكان منصرفا عند الإطلاق إلى العالم، فعلى الثاني يعامل معه معاملة العام والخاص فيقدّم الخاص المذكور على العام، وعلى الأوّل لا بدّ من موازنة ظهور العام المؤيّد بظهور الأداة في الحصر مع ظهور الخاص وترجيح ما كان أقوى منهما، وربّما يكون الأقوى ظهور العام، فإنّ الخاص على هذا معارض لظهور العام ولظهور الأداة أيضا؛ فإنّ مفاد «إلّا زيدا» ينحصر غير واجب الإكرام من العلماء في زيد، ومفاد الخاص المنفصل أنّ عمروا يكون غير واجب الإكرام أيضا والنسبة بينهما تباين.
وأنكر أبو حنيفة دلالة القضيّة المذكورة على الحصر مستدلا بقوله: لا صلاة إلّا بطهور؛ إذ لو كان للاستثناء مفهوم لزم إثبات الصلاة مع الطهور مطلقا وإن اجتمع مع عدم القبلة، وبطلانه من الواضحات، فعلم أنّ الاستثناء من النفي مثلا غير مفيد لحصر النفي في السابق والإثبات فى اللاحق.
والجواب أنّ بعد إثبات المفهوم للقضيّة بحكم الوجدان لا بدّ من التوجيه في أمثال هذه القضيّة كقوله: لا يحلّ مال امرئ الخ إمّا بجعل المنفي هو المستجمع لجميع الشرائط ممّا سوى المذكور بعد «إلا» فيقال في المثال: إنّ الصلاة التي فرض اجتماعها للشرائط غير الطهارة ليست بصلاة إلّا مع الطهور، وإمّا بجعل النفي مطلقا وفي جميع الحالات حتّى يكون مفاد الأداة نفي النفي المطلق اللازم منه الإيجاب الجزئي، فيقال في المثال:
الصلاة منفيّة على وجه الإطلاق مع كلّ شيء إلّا مع الطهور، فليست منفيّة على وجه الإطلاق، وليس مفاد هذا إلّا ثبوت الصلاة مع الطهور في الجملة فيكون الحصر إضافيّا بالإضافة إلى الطهور.
ثمّ إنّه قد استدلّ لدلالة القضيّة على الحصر بقبول إسلام من قال: لا إله إلّا اللّه، فإنّ للفظ وإن كان الموضوعيّة في المقام كما في العقود بمعنى عدم كفاية مجرّد النسبة القلبيّة، إلّا أنّ اللفظ من حيث كونه دالّا على المعنى جعل موضوعا للحكم بالإسلام وأمارة على الاعتقاد الجناني تعبّدا، فدلالة هذه الكلمة على معنى التوحيد لا بدّ منه، ومن المعلوم عدم تماميّته إلّا على تقدير ثبوت المفهوم كما هو واضح، واجيب بأنّ الدلالة لقيام القرينة، هذا.
ثمّ في هذه الكلمة المباركة إشكال وهو أنّ خبر «لا» إمّا يقدّر «موجود» وإمّا «ممكن» فعلى الأوّل يلزم نفي الوجود عن غيره تعالى وإثباته له، وأمّا عدم إمكان وجود الغير ووجوب وجوده فمسكوت عنه، ومن المعلوم عدم تماميّة الإسلام بدون ذلك، وعلى الثاني يلزم نفي الإمكان عن الغير وإثباته له تعالى وهذا أعمّ من إثبات الوجود له تعالى وعدمه، والإسلام لا يتحقّق إلّا مع إثبات الوجود.
ويمكن الجواب بأنّ الخبر المقدّر «موجود» إلّا أنّه مختلف معناه بحسب الموارد، ففي المحسوسات والقضايا التي يكون مدرك الجزم فيها هو الحسّ كما في قولك:
ليس في الدار إلّا زيد، ليس المفاد إلّا مجرّد اثبات الوجود لما بعد «إلّا» ونفيه عمّا قبله من غير تعرّض للإمكان والامتناع، وهذا بخلاف القضايا العقليّة التي يحصل الجزم فيها بالبراهين العقليّة كما في الكلمة المباركة، فإنّ إثبات الوجود فيها لما بعد الأداة ونفيه عمّا قبلها لا يمكن حصول الجزم به إلّا بمعونة البرهان على وجوب وجود الصانع وامتناع وجود الشريك له، والحاصل أنّ هذه الكلمة قد جعلت أمارة شرعيّة على الجزم القلبي بمضمونها، والجزم بمضمونها متوقّف على برهان امتناع التعدّد؛ إذ لو لم يقم عنده هذا البرهان والمفروض أنّ المقام ليس من قبيل المحسوسات فمن أين يجزم بعد وجود إله آخر غيره تعالى؟.
والحاصل أنّ هنا مقامان:
الأوّل كون هذه الكلمة كاشفة عن الجزم القلبي وهو أمر تعبّدي لا بدّ أن نقول به على كلّ تقدير،
والثاني أنّها إذا كشفت عن الجزم والاعتقاد بمضمونها فليس الاعتقاد بمضمونها إلّا حاصلا إمّا من البرهان العقليّ القائم لدى صاحبه تفصيلا، وإمّا من التصديق بما جاء به النبي صلّى اللّه عليه وآله وهذا أيضا من أفراده، ولا شكّ أنّه حينئذ جزم بامتناع الشريك إجمالا؛ فإنّ امتناعه ممّا أخبر به النبي صلى اللّه عليه وآله، فإذا حصل الاعتقاد بصدق كلّ ما جاء صلى اللّه عليه وآله وسلّم به فقد حصل الاعتقاد بهذا أيضا في الضمن، فعلم أنّ الاعتقاد الحقيقي بمضمون هذه الكلمة من أينما حصل يكون ملازما مع الاعتقاد بامتناع الشريك فتدبّر.
وأجاب في الكفاية بأنّ المراد بالإله واجب الوجود، وحينئذ تدلّ القضيّة على امتناع إله آخر بالالتزام؛ إذ لو أمكن وجود الإله الآخر لوجد؛ لعدم احتياج وجوده إلى العلّة، فحيث لم يوجد انكشف امتناعه، وبتوجيه آخر بقيّة أفراد الواجب لا يمكن اتّصافها بالإمكان الخاص، للزوم خروجها عن كونها مصداقا للواجب، وأمّا الإمكان العام فهو إمّا متحقّق في ضمن الإمكان الخاص وإمّا في ضمن الوجوب، فما يكون منه من القبيل الأوّل يمتنع اتّصاف هذه الأفراد به لما مرّ، وما يكون من القبيل الثاني فالاتّصاف به وإن لم يمتنع إلّا أنّه مناف للحصر، فتعيّن أن يكون البقيّة غير ممكن أصلا.
وفيه أنّ لفظ الإله ليس بحسب اللغة واجب الوجود بل يطلق على المعبود، والمناسب أن يراد به هاهنا المعبود بالحقّ لئلّا يلزم الكذب من حصره فيه تعالى.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|