أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-5-2020
932
التاريخ: 14-5-2020
4028
التاريخ: 16-5-2020
1034
التاريخ: 23-8-2016
1058
|
لا إشكال في جريان استصحاب الحكم التعليقي في حدّ ذاته، لتحقّق الأركان فيه، فإنّه حكم وله نحو ثبوت ونفس أمريّة، فإذا صار متعلّقا لليقين والشكّ مع وحدة الموضوع عرفا، فلا مانع من عموم دليل الاستصحاب.
وتوهّم أنّه ليس بحكم أصلا قبل وجود المعلّق عليه- كما يظهر من كلام بعض الأكابر أعلى اللّه مقامهم- وبعد وجوده يكون مشكوك الحدوث، قد بيّن دفعه في محلّه من أنّ الوجوب المشروط يكون للمنشإ فيه وجود وثبوت وتحقّق.
نعم قد يستشكل في المثال الذي دار في الألسن لهذا الاستصحاب من قضيّة «إذا غلى العصير يحرم» إذا تبدّل العنبيّة بالزبيبيّة وصار منشئا لشكّنا في زوال الحرمة التعليقية المذكورة عن الزبيب، بأنّ سنخ الحكم الذي كان في السابق غير محتمل البقاء في الحال اللاحق؛ لأنّه حرمة عصير العنب في تقدير الغليان، وهذا يعلم بعدم تحقّقه في موضوع الزبيب المفروض كونه جافّا لا ماء له.
نعم يمكن وضعه في الماء حتّى يتداخل منه أجزاء لطيفة في ذلك الماء، لكن هذا لا يصحّح إضافة ذلك الماء إليه إلّا بضرب من المسامحة، والحاصل كانت الحرمة التعليقيّة في العنب متعلّقة بمائه الحقيقي، وليس للزبيب ماء حقيقي حتّى يتعلّق ببركة الاستصحاب التعليقي الحرمة المذكورة أيضا به، وإنّما قال من قال بحرمة العصير الزبيبي بواسطة الأخبار الخاصّة، كما يعلم بمراجعة الفقه.
وكيف كان فهذه مناقشة في المثال لا يضرّ بأصل المطلب وهو تحقّق الأركان في الاستصحاب في الحكم التعليقي في ما إذا كان محتمل البقاء لاحقا مع حفظ الوحدة العرفيّة في الموضوع، إنّما الإشكال في معارضته مع الاستصحاب الفعلي الموجود في غالب الموارد على خلافه وإن أمكن تفكيكه في بعض الموارد لتحقّق الموافقة بينهما.
وتقريب المعارضة أنّ العصير الزبيبي مثلا كان قبل الغليان محكوما بالإباحة التنجيزيّة، وبعده صارت مشكوكة البقاء، فنستصحبها، وقد كان مقتضى استصحاب الحرمة التعليقيّة الحرمة الفعليّة بعد الغليان.
لا يقال: كما كانت الحرمة معلّقة بالغليان كانت الحليّة أيضا مغيّاة به، وهما مع القطع بثبوتهما كما في حال العنبيّة لم يكن بينهما تضادّ، بل كانتا مجتمعتين، فكيف يتحقّق التضادّ من وجودهما الاستصحابي.
لأنّا نقول: ليس مقصودنا استصحاب حكم «يحلّ إذا لم يغل» حتّى تقول: لا معارضة بينه وبين استصحاب «يحرم إذا غلى» بل المقصود استصحاب الحليّة الفعليّة الثابتة قبل الغليان، وهي من المحتمل أن تكون محدودة بالغليان كما كانت في حال العنبيّة، وأن تكون باقية بعده وكان ذلك من خواصّ حال الزبيبيّة، فنستصحب الحليّة المتيقّنة قبل الغليان إلى ما بعده.
والظاهر أنّه ممّا لا إشكال في جريانه ومعارضته مع استصحاب الحكم المعلّق وإن جزم بعض الأساطين بوحدة الشكّين خارجا، أعني الشكّ في بقاء الحكم المعلّق وفي بقاء الحكم المطلق.
[تقدّم الاستصحاب التعليقي على التنجيزي للحكومة والاشكال عليه]
وبالجملة، قد أجاب شيخنا العلّامة الأنصاري أعلى اللّه مقامه الشريف عن إشكال المعارضة بتقدّم الاستصحاب التعليقي على التنجيزي للحكومة.
وقد استشكل عليه شيخنا الاستاد العلّامة أدام اللّه أيّامه في كتاب الدرر، وحاصل مرامه أنّا نسلّم أنّ الحكم التعليقي سواء كان واقعيّا أم ظاهريا أصليّا، يكون من اللوازم الثابتة له بحكم العقل الفعليّة عند ثبوت المعلّق عليه، فإذا شككنا في الثاني كان هذا الشكّ مسبّبا عن الشكّ في منشائه أعني الحكم المعلّق.
وبعبارة اخرى: نسلّم أنّ هنا حكمين، أحدهما ثابت قبل حصول المعلّق عليه، والآخر يحدث بحدوثه، والثاني من توابع الأوّل ولوازمه العقليّة، فمن يحكم بحرمة العصير إذا غلى، يحرّمه تنجيزا لا محالة بعد حصول الغليان خارجا، والشكّ في الثاني مسبّب عن الأوّل، إلّا أنّ مطلق تسبّب أحد الشكّين عن الآخر لا يكون ملاكا للحكومة، بل الملاك لها أن يكون أحد الأصلين دليلا على حكم الشرع في مورد الآخر مع قطع النظر عن حال شكّ نفسه، حتّى يكون طريقا رافعا للتحيّر عن الواقع فيه، حتّى يرتفع عنه حكم الأصل بنحو التخصّص، ولا كذلك العكس، بمعنى أنّا لو قدّمنا الأصل في المورد الآخر لم يكن رافعا لتحيّرنا عن الواقع وطريقا شرعيّا إلى الواقع بالنسبة إلى مورد الأصل الأوّل، بل تحيّرنا باق، فلو ارتفع الأصل عنه كان تخصيصا.
ولا إشكال في عدم جريان هذا الملاك في هذا المقام؛ فإنّ الحكم الفعلي وإن كان مرتّبا على التعليقي إلّا أنّ الحاكم بترتّبه عليه ليس هو الشرع، فالحكم المنسوب إلى الشرع حكم واحد وهو الحكم التعليقي في موضوع الشكّ فيه، وليس هنا حكم آخر من الشارع بأنّه متى تحقّق في موضوع حكم معلّق فهو فعليّ عند حصول المعلّق عليه، بل هو صرف حكم عقلي في كلّ حكم في موضوعه واقعا كان أم شكّا.
فالحاصل أنّ الشارع حكم على الشاك في بقاء الحرمة المعلّقة بالإبقاء لها، والعقل أيضا حكم بعد هذا الحكم في موضوعه الذي هو الشكّ بصيرورتها فعليّة، فالحكم بالفعليّة ناش من العقل وفي موضوع الشكّ، وقد فرضنا أنّه يلزم في الحكومة وجود الحكم من الشارع وناظرا إلى مرحلة الواقع بالنسبة إلى مورد الشكّ المسبّب.
وإن كان صرف حكم العقل في مرحلة الشكّ والظاهر كافيا لرفع موضوع الأصل عن الجانب الآخر، لكان الأصل الجاري في جانب الحكم التنجيزى أيضا كافيا لرفع الموضوع بالنسبة إلى الاستصحاب التعليقي، فإنّ التضادّ ثابت بين الإباحة الفعليّة وعدم علّة ضدّها، سواء في الواقع أم الظاهر.
وقد عرفت جريان مثل هذا الإشكال بعينه في حكومة استصحاب الوجوب في جانب مطلق الجلوس على استصحاب العدم في جانب الجلوس المقيّد في الفصل المتقدّم آنفا، هذا محصّل الإشكال.
ولكنّه دام بقاه قد أجاب عن هذا الإشكال في كلا الموضعين في مجلس درسه الشريف بما حاصله: أمّا ما ذكرتم من حديث الحكومة العقليّة في جانب الحكم الفعلي وترتّبه على التعليقي فمحلّ المنع، بل التحقيق أنّ الحكم شرعي وترتّبه على التعليقي أيضا شرعي، بمعنى أنّ نفس المريد بالإرادة التعليقيّة بشيء متى التفت بحصول المعلّق عليه لا محالة يريده بإرادة فعليّة، وانّما نصيب العقل في هذا المقام هو الإدراك والكشف عمّا يفعله الشارع.
وحينئذ نقول: كما أنّ الشارع رتّب على طهارة الماء واقعا وجعل من آثاره كذلك طهارة الثوب المغسول به مع الشرائط، فيكون الأصل الذي مفاده طهارة الماء، طريقا شرعيّا حاكما بطهارة المغسول به واقعا، لا في موضوع الشكّ فيها، كذلك الشارع الذي جعل الوجوب في مطلق الجلوس، أو جعل الحرمة التعليقيّة حكم في موطن الواقع ونفس الأمر بالوجوب فى المقيّد وبالحرمة التنجيزيّة عند حصول المعلّق عليه مترتّبا كلّ منهما على ذينك الحكمين الأوّلين ترتّب الأثر على مؤثّره الشرعي.
فالأصل الذي مفاده إثبات الحرمة التعليقيّة أو وجوب مطلق الجلوس يكون طريقا شرعيّا ومثبتا للحكم الشرعي بالنظر إلى الواقع ونفس الأمر بالنسبة إلى حكم ما بعد المعلّق عليه وحكم الجلوس المقيّد، يعني يفيد أنّ حكمها عند الشارع هو الحرمة والوجوب، وليس هذا الحكم فى موضوع الشكّ في هذين، بل في موضوع الشكّ في الملازمة وحكم مطلق الجلوس.
وهذا بخلاف الحال في العكس، بمعنى أنّ الأصل الجاري في نفي الوجوب عن المقيّد، أو في الإباحة التنجيزيّة لا يفيد شرعا انتفاء الوجوب في المطلق، أو انتفاء الحرمة التعليقيّة واقعا وبحسب نفس الأمر حتّى يكون طريقا رافعا للتحيّر عنهما، بل العقل حاكم بأنّه متى ثبت الرخصة في المقيّد أو الإباحة التنجيزيّة في مرحلة الظاهر ومقام الشكّ فلا يتمشّي من جاعلهما أن يجعل في مرحلة الظاهر ومقام الشكّ أيضا الحكم بالوجوب في المطلق أو الحرمة المعلّقة، لتهافت ما بين الحكمين في أيّ عالم كان.
ففي عالم الواقع يلازم جعل الرخصة والإباحة المذكورتين عدم جعل الوجوب والحرمة التعليقيّة المذكورين في ذلك العالم، وفي عالم الظاهر والشكّ أيضا يلازم عدمه في هذا العالم، فالأصل المثبت للرخصة والإباحة غاية ما يثبته بتوسّط الملازمة العقليّة الثابتة للأعمّ من الظاهر والواقع إنّما هو انتفاء الجعل الاستصحابي في جانب المعلّق والجلوس المطلق، وأين هذا عن الكشف لحال الواقع مع قطع النظر عن الشكّ.
وبالجملة، مفاده أنّ الشاكّ في هذين الحكمين إذا جعل في حقّه دستورا لمقام شكّه استصحاب الإباحة الفعليّة، فهذا ملازم مع أن لا يجعل في حقّه الدستور الظاهري الآخر، اعني استصحاب الحرمة المعلّقة، لمكان المصادرة بين الحكمين بمرتبة استصحابيّتهما، وهذا كما ترى معناه ارتفاع حكم الاستصحاب عن الحرمة المعلّقة مع حفظ موضوع تحيّرها، وهو تخصيص.
وأمّا استصحاب الحرمة المعلّقة فهو وإن كان حاكما في موضوع الشكّ في الملازمة ببقاء الحرمة المعلّقة، إلّا أنّه حاك عن ثبوت الحرمة الفعليّة بعد حصول المعلّق عليه بعنوان أنّه نفس أثر الحرمة التعليقيّة الواقعيّة بدون ملاحظة الشكّ في نفس هذا الحكم في موضوعه، فيكون رافعا للتحيّر عن مورد الأصل التنجيزى وهو تخصّص، وعليك بالتأمّل التامّ في المقام.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يعلن إطلاق المسابقة الجامعية الوطنية لأفضل بحث تخرّج حول القرآن الكريم
|
|
|