أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-5-2020
4028
التاريخ: 1-8-2016
816
التاريخ: 23-8-2016
724
التاريخ: 23-8-2016
1099
|
إعلم أنّه لا إشكال في تحقّق أركان الاستصحاب في الكلّي في هذا القسم، كما هو واضح، ولكن هنا تفصيلا، وهو أنّ الجامع قد يكون عقليّا، يعني ليس محقّقاته وتشخيص أنّه بم يتحقّق من وظيفة الشارع، كالحيوان، فلا إشكال في هذا القسم عند تردّد فرده الموجود بين الطويل والقصير في استصحابه والشكّ في بقائه لو قلنا بأنّه متسبب ومترتّب على الشكّ في وجود الفرد الطويل، لكن استصحاب عدم ذلك الفرد بضميمة القطع من الخارج بانتفاء سائر الأفراد ليرتّب عليه نفي أصل الجامع لا إشكال في كونه من الاصول المثبتة؛ لأنّ ترتيب عدم الحيوان مثلا على انعدام جميع أفراده عقلي لا شرعي.
وقد يكون شرعيّا، يعني بيان محقّقاته وأنّه بم يتحقّق يكون من وظيفة الشرع، وحينئذ أيضا قد يكون البيان الوارد من الشرع متكفّلا لبعض محقّقاته مع عدم التعرّض لنفي غيرها، كما إذا علمنا منه أنّ الحدث يتحقّق بالبول والغائط والمني، ولم نعلم الانحصار، فلا شبهة أنّه عند القطع بانتفاء هذه الثلاثة أيضا ليس لنا الجزم بانتفاء أصل جامع الحدث الذي فرضناه مانعا عن الصلاة، إذ هذا القطع لا يفيدنا أزيد من انتفاء هذا الجامع من قبل هذه الأشياء، ونحن نحتمل وجوده من قبل أشياء أخر كالمذي ونحوه، فمع إحراز عدم هذه الأشياء كلّا أو بعضا بالأصل لا يمكن الحكم بانعدام الجامع كليّا بطريق أولى.
وقد يكون البيان الواصل متكفّلا لكلي طرفي القضيّة من الثبوت عند الثبوت، والانتفاء عند الانتفاء، كما لو فرض في البيان اللفظي أنّه اقتصر على الثلاثة، وقال:
إذا حدث أحد هذه الامور فأنت محدث، وكان في مقام البيان، فإنّ المفهوم منه أنّه إذا لم يحدث أحدها فلست بمحدث.
ففي هذه الصورة هل الحكم بانتفاء أصل جامع الحدث مرتّبا على استصحاب عدم هذه الامور كلّا أو بعضا مع إحراز عدم الباقي وجدانا يكون مبنيا على الأصل المثبت أو لا؟.
غاية تقريب الأوّل أنّ الشارع بيّن عليّة هذه الأشياء للحدث وانحصار العليّة بها أيضا، وأمّا الحكم بأنّ المعلول عدم عند عدم علّته المنحصرة فمن وظيفة العقل ليس إلّا.
وهذا مدفوع بأنّ الذي تكفّله الشرع نفس تطبيق الجامع عند الوجود، ورفعه عند العدم، لا بيان العليّة المنحصرة بما هي هذا العنوان، فكما لا يتوقّف في طرف الوجود في ترتيب وجود الجامع على الأصل المنقّح لوجود أحد الأشياء، فكذلك في جانب العدم.
فكما أنّا لو كنّا قاطعين بخروج البول وعدم خروج المني، ثمّ توضّينا فنحكم بارتفاع أصل الحدث عنّا بحكم الشارع، كذلك لو قطعنا بخروج البول وشككنا في خروج المني بعده، فنحن نجري استصحاب عدم خروج المني فإذا توضّينا كان الحكم بعدم المحدثيّة من شأن الشارع.
فإن قلت: سلّمنا أنّ حكم الشارع ليس على عنوان العليّة، بل بتطبيق ذات المعلول عند وجود ذات العلّة، لكن نقول: كلّ من هذه الأشياء إنّما يتعقّبه حصّة من جامع الحدث، غاية الأمر أنّ الحصّة مشتملة على أصل الجامع، وحينئذ فالمتحصّل من نفيها نفي الحصص، وترتيب نفي الجامع بنفي الحصص عقلي.
قلت: وإن كان الجامع لا يتحقّق إلّا في ضمن الفرد، ولكنّ الشيء يؤثّر في حقيقة الأثر، مثلا النار إنّما يؤثّر في حقيقة الإحراق، لا في الإحراق الخاص بخصوصيّة كونه من قبل هذه النار الشخصيّة، وكذلك مفاد القضيّة اللفظيّة أو اللبيّة في مقامنا ترتيب أصل حقيقة الحدث على كلّ واحد من الامور.
فإن قلت: هذا لا يتأتّى في ما إذا كان المسبّب من هذه الامور مختلفا بالشدّة والضعف ولو كان حقيقة واحدة، وذلك مثل الدم والبول، حيث إنّ الأوّل مؤثّر في الحدّ الضعيف من النجاسة المرتفع بالغسل مرّة، والثانى في القويّ منها المتوقّف رفعه على الغسل مرّتين؛ فإنّ نفي أصل الحقيقة بانتفاء مراتبها عقليّ.
قلت: ليست المراتب منتزعة من أمر خارج عن أصل الحقيقة، فالنور الشديد ليس ما به الامتياز فيه عن النور الضعيف إلّا من جنس النور، لا أنّه نور وشيء آخر، فزيادة التأثير لا يخرجه عن التأثير في أصل الحقيقة.
فإن قلت: سلّمنا كلّ ذلك، ولكن استصحاب عدم موجب الحدث الأكبر مثلا بضميمة القطع بأنّه لو لم يحدث الأكبر في الموارد الخاص بحدث الأصغر وارتفع يفيد الحكم بانتفاء حقيقة الحدث، ولكنّه غير قاض بارتفاعها، وقد كان الموضوع للاستصحاب في جانب الكلّي أعني حقيقة الحدث هو الشكّ في البقاء والارتفاع، أعني منشأ انتزاعهما، وهو الوجود بعد الوجود والعدم بعد الوجود، لا هما بما هما.
وهذا مراد شيخنا المرتضى قدّس سرّه الشريف حيث قال: وتوهّم عدم جريان الأصل في القدر المشترك من حيث دورانه بين ما هو مقطوع الانتفاء وما هو مشكوك الحدوث محكوم الانتفاء بحكم الأصل، مدفوع بأنّه لا يقدح ذلك في استصحابه بعد فرض الشكّ في بقائه وارتفاعه.
كتوهّم كون الشكّ في بقائه مسبّبا عن الشكّ في حدوث ذلك المشكوك الحدوث، فإذا حكم بأصالة عدم حدوثه لزمه ارتفاع القدر المشترك، لأنّه من آثاره، فإنّ ارتفاع القدر المشترك من لوازم كون الحادث ذلك الأمر المقطوع الارتفاع، لا من لوازم عدم حدوث الأمر الآخر، نعم اللازم من عدم حدوثه هو عدم وجود ما هو في ضمنه من القدر المشترك في الزمان الثاني، لا ارتفاع القدر المشترك بين الأمرين، وبينهما فرق واضح، انتهى كلامه، رفع في الخلد مقامه.
وبالجملة، الحاكم المتوهّم هنا لا يرفع التحيّر عن الواقع في مورد المحكوم، فإنّ مورد استصحاب بقاء أصل الحدث الذي هو المحكوم هو الشكّ في بقاء وارتفاع أصل الحدث، ويحكم في هذا الموضوع بالبناء على البقاء وعدم الانقطاع.
والحاكم على هذا الأصل لا بدّ أن يرفع التحيّر عن أحد الأمرين من بقاء حقيقة الحدث أو ارتفاعه ناظرا إلى إلغاء الشكّ في بقائه وارتفاعه، بأن يكون واردا في موضوع الشكّ في سبب البقاء والارتفاع، وهو الأصل المحرز؛ لكون الحادث موجب الأصغر، فإنّه رافع للشكّ في الارتفاع بعد الوضوء.
وأمّا ما جعلته حاكما وهو استصحاب عدم حدوث موجب الأكبر، فغاية ما يرفع التحيّر عنه هو عدم وجود ما في ضمن الأكبر من حقيقة الحدث، هذا لو لوحظ بنفسه.
ولو ضمّ إليه الوجدان الخارجي أعني أنّه لو لم يحدث هو لحدث الأصغر وارتفع، فكلاهما يرفع التحيّر عن عدم وجود أصل حقيقة الحدث، وهو أعمّ من ارتفاعه، فالشكّ في بقاء وارتفاع أصل الحقيقة باق بحالة لم يتكفّل لرفعه حاكم، ومجرّد كون هذا الأصل ليس في موضوع الشكّ في بقاء وارتفاع الكلّي، وإنّما هو في موضوع الشكّ في حدوث وعدم حدوث الفرد الأكبر، ويحكم بعدم الكلّي لا ينفع في الحكومة.
نعم لازم عدم الحقيقة في خصوص المورد ارتفاعها، لكن هذا إثبات لأحد المتلازمين بالآخر، ويخرج عن باب الانتقال من السبب إلى مسبّبه.
والحاصل أنّا سلّمنا السببيّة والمسببيّة شرعا بين عدم الأسباب الخاصّة وعدم الحدث بتقريب ذكرت، وسلّمنا أنّ أصالة عدم موجب الأكبر في المثال، أعني ما إذا خرج من المتطهّر عن الحدثين رطوبة مردّدة بين البول والمني يترتّب عليها عدم أصل الحدث لا الحدث في ضمنه، بملاحظة ما ذكرت من ضمّ الوجدان إلى هذا التعبّد، لكن لا يلزم منها رفع الشكّ في البقاء والارتفاع الذي هو الموضوع للأصل في جانب الكلّي.
وهذا بخلاف الحال في مثل استصحاب الطهارة في الماء المغسول به الثوب النجس؛ فإنّه يرفع موضوع الاستصحاب في الثوب، وهو الشكّ في بقاء النجاسة وارتفاعها بواسطة الحكم بارتفاعها.
قلت: بعد تسليم كون المعتبر في الاستصحاب هو الشكّ في البقاء والارتفاع، والغضّ عن أنّه ليس المعتبر إلّا الشكّ في الوجود والعدم في زمان بعد القطع بالوجود قبله، سلّمنا اعتبار البقاء، لكن ليس المعتبر أن يكون عدله هو الارتفاع، بل يكفي الشكّ في البقاء وعدم البقاء أنّ الأصل المنقّح لعدم أصل الكلّي كاف لرفع الشكّ في البقاء والارتفاع؛ لأنّ العدم في الزمان الثاني لا شبهة أنّه نقيض البقاء، والأصل المحرز لأحد النقيضين رافع للشكّ في النقيض الآخر، وإذا ارتفع الشكّ في البقاء يرتفع موضوع الاستصحاب في جانب الكلّي؛ لأنّه الشكّ في البقاء والارتفاع، وهو يرتفع بارتفاع أحد عدليه ولو مع بقاء التحيّر بالنسبة إلى العدل الآخر وهو الارتفاع، فتدبّر.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|