أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-1-2020
2173
التاريخ: 26-7-2017
2838
التاريخ: 1-04-2015
6777
التاريخ: 22-3-2018
15378
|
وكلمة الصناعة عند قدامة، وغيره من النقاد الفلاسفة تتصل اتصالاً وثيقاً بفلسفة الهيولى، والصورة عند الفلاسفة، فلقد أشار شرّاح أرسطو من الفلاسفة المسلمين إلى أن كل شيء له هيولى، وصورة، والعلاقة بينهما وثيقة، فلا يمكن تصور هيولى بلا صورة، أو صورة بلا هيولى، على أن المادة الواحدة يمكن أن تتشكل بأشكال مختلفة، فالخشب لدى النجار لا قيمة ذاتيه له إلا من خلال الأشكال التي يتشكل بها، كالباب، والكرسي، والخزانة، وكذلك [ كل مصنوع لا بُدّ له من هيولى وصورة يركب منها ](1)، ولقد أشار ابن سينا - بعد قدامة - إلى أن كل جسم طبيعي فهو [ متقوم الذات من جزأين، أحدهما يقوم فيه مقام الخشب من السرير، ويقال له هيولى، ومادة، والآخر يقوم مقام السرير، ويسمى صورة ](2).
فالمادة - عند ابن سينا - جزء لا يتجزأ من قوام الشيء، والصورة ماثلة بالقوة في هذه المادة، والصورة [هي ما يجعل المادة التي بالقوة شيئاً بالفعل ](3)، ولهذا فإن الصورة لا يمكن أن توجد مفارقة للمادة(4)، فهيولى الشيء حاملة لصورته بالضرورة، ولهذا فإن جوهر الأشياء ماثل في هذا المدرك الحسي، وفي ضوء هذه الفلسفة الأرسطية رأى قدامة [ أن المعاني للشعر بمنزلة المادة الموضوعة، والشعر فيها كالصورة، كما يوجد في كل صناعة من أنه لا بدّ فيها من شيء، موضوع يقبل تأثير الصور منها، مثل الخشب للنجارة، والفضة للصياغة ](5)، وعلى هذا الأساس لا ينبغي أن يحكم على المعنى من جهة رفعته أو ضعته، أو ما فيه من الرفث والنزاهة، والبذخ والقناعة، وغير ذلك من المعاني الحميدة والذميمة ولكن يحكم عليه من خلال بلوغه [ التجويد في ذلك إلى الغاية المطلوبة ](6)، هذه المعاني الشعرية أو الأفكار مرتبطة بالصناعة الشعرية، وبدرجة الإجادة فيها، ولكن هذه الأفكار منعزلة تماماً عن الارتباطات النفسية القائمة حولها، وهي ارتباطات تدرك بالعقل في تصور قدامة، لا بالذوق، فإذا كان امرؤ القيس قد وصف نفسه بسمو الهمه، وقلة الرضى بدنيء المعيشة، في قوله :
فلو أنّ ما أَسْعى لأدَنْى معيشَةٍ ... كفاني - ولم أَطْلُبْ - قليلٌ من المالِ
ولكنّما أَسْعى لِمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ ... وَقَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ المُؤثَّلَ أَمثْالي
...
فإنه قد وصف نفسه بالقناعة، والاكتفاء بالقليل من الأقط والسمن، في قوله :
فَتْمَلأَُ بَيْتَنَا أَقِطاً وَسَمْنَاً ... وَحَسْبُك من غِنى شِبَعٌ وَرِيُّ
وليس هذا تناقضاً عند قدامة، ولا يوصف بالكذب، لأن الشاعر [ ليس يوصف بأن يكون صادقاً، بل إنما يراد منه، إذا أخذ في معنى من المعاني كائنا ما كان أن يجيده في وقته الحاضر، لا أن يطالب بأن لا ينسخ ما قاله في وقت آخر ](7). ولا يختلف هذا الفهم الذي قال به قدامة عمّا قاله معاصره الفارابي الفيلسوف، فالحقيقة الذاتية - عند الفاربي - لا تكمن في مادة المعاني من حيث جلالها، وهوانها، أو صدقها، أو كذبها، ولكن من خلال الشكل أو الطريقة التي تبرز فيها(8).
وبناء على هذا الفهم، فإن العلة الصوريّة أقوى العلل وأهمها، وهي - عند الفلاسفة - تعني حسن التأليف والتخييل، لكنّ التخييل عند الفارابي قياس منطقي كاذب، ولهذا يقول فيه : إنه [ نوع من أنواع السولو جسموس [القياس ] أو ما يتبعه من استقراء ومثال وفراسة](9)، ولهذا كان للتخييل في الشعر قيمة العلم في البرهان، والظن في الجدل، والإقناع في الخطابة على أن كلمة [ الكذب ] عند الفارابي ليست تهويناً لقيمة الشعر، وهو أمر أساء قدامة فهمه حين قال : [ إن الغلو عندي أجود المذهبين، وهو ما ذهب إليه أهل الفهم بالشعر والشعراء قديماً، وقد بلغني عن بعضهم أنه قال : أحسن الشعر أكذبه، وكذلك يرى الفلاسفة اليونانيون في الشعر على مذهب لغتهم ](10).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- إخوان الصفاء ( 1992 ) : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء، تحقيق عارف تامر، منشورات عويدات، بيروت، باريس : طبعة أولى، ج2 : 6.
2- ابن سينا : كتاب الشفاء، مراجعة إبراهيم مدكور، تحقيق سعيد زايد، مركز تحقيق التراث، ج1 : 22.
3- المصدر نفسه، ج1 : 22.
4- المصدر نفسه، ج1 : 329.
5- قدامة بن جعفر : نقد الشعر : 16.
6- المصدر نفسه : 21.
7- المصدر نفسه : 16.
8- الفارابي : إحصاء العلوم : 67.
9- المصدر نفسه : 151
10- قدامة بن جعفر : نقد الشعر : 257.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|