أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-6-2021
3193
التاريخ: 4-6-2021
2591
التاريخ: 6-2-2017
1720
التاريخ: 15-7-2019
2194
|
محاولة ممثلي قبائل قريش اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) في مكة
استمرت قريش في خططها لاغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) فجاء: وأجمعت قريش على قتل رسول الله، وقالوا: ليس له اليوم أحد ينصره، وقد مات أبو طالب، فأجمعوا جميعا على أن يأتوا من كل قبيلة بغلام نهد فيجتمعوا عليه فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد، فلا يكون لبني هاشم قوة بمعاداة جميع قريش، فلما بلغ رسول الله أنهم أجمعوا على أن يأتوه في الليلة التي أتحدوا فيها، خرج رسول الله لما اختلط الظلام ومعه أبو بكر، وإن الله عز وجل، أوحى في تلك الليلة إلى جبريل وميكائيل أني قضيت على أحدكما بالموت فأيكما يواسي صاحبه؟ فاختار الحياة كلاهما. فأوحى الله إليهما: هلا كنتما كعلي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد، وجعلت عمر أحدهما أكثر من الآخر، فاختار علي الموت وآثر محمدا بالبقاء وقام في مضجعه، اهبطا فاحفظاه من عدوه. فهبط جبريل وميكائيل فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه يحرسانه من عدوه ويصرفان عنه الحجارة، وجبريل يقول: بخ بخ لك يا بن أبي طالب من مثلك يباهي الله بك ملائكة سبع سماوات! وخلف عليا لرد الودائع التي كانت عنده وصار إلى الغار فكمن فيه وأتت قريش فراشه فوجدوا عليا فقالوا: أين ابن عمك؟ قال: قلتم له أخرج عنا، فخرج عنكم. فطلبوا الأثر فلم يقعوا عليه، وأعمى الله عليهم المواضع فوقفوا على باب الغار وقد عششت عليه حمامة. فقالوا: ما في هذا الغار أحد، وانصرفوا. وخرج رسول الله متوجها إلى المدينة، ومر بأم معبد الخزاعية فنزل عندها. ثم نفذ لوجهه حتى قدم المدينة، وكان جميع مقامه بمكة حتى خرج منها إلى المدينة ثلاث عشرة سنة من مبعثه. وروى بعضهم أنه قال: ما علمت قريش أين توجه رسول الله حتى سمعوا هاتفا من بعض جبال مكة يقول:
فإن يسلم السعدان يصبح محمد *** بمكة لا يخشى خلاف المخالف
وقال أبو سفيان: من السعود سعد هذيم وسعد تميم وسعد بكر، فسمعوا قائلا يقول:
فيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا *** ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أنيبـــا إلى داعــــي الهــــدى وتمنيا *** على الله فتي الفردوس منية عارف
فعلمت قريش أنه قد مضى إلى يثرب. واتبعه سراقة بن جشعم المدلجي لما صار إلى ماء بني مدلج. فلما لحقه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم اكفنا سراقة. فساخت قوائم فرسه، فصاح: يا بن أبي قحافة، قل لصاحبك أن يدعو الله بإطلاق فرسي، فلعمري لئن لم يصبه مني خير لا يصبه مني شر. فلما رجع إلى مكة خبرهم الخبر فكذبوه، وكان أشدهم له تكذيبا أبو جهل، فقال سراقة:
أبا حكم والله لـو كنت شاهدا *** لأمر جوادي حيث ساخت قوائمه
علمت ولم تشكك بأن محمدا *** رســول وبرهـــان فمن ذا يكاتمه (1)
ولم تقف قريش عن التخطيط لمحاولات أخرى لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وواصلت البحث عن أطروحات جديدة لاغتيال نبي البشرية (صلى الله عليه وآله)، لأنها لا تتمكن من مواجهة رسالته الخالدة بأساليبها العقيمة. ومن عادة رجال الجهل والانحراف والظلم على طول التاريخ التوسل بوسائل القهر لتنفيذ أهدافها وتحقيق مآربها. ووسيلة الاغتيال أسهل طريقة ظالمة لوصول المجرمين إلى غاياتهم، وأسرع طريقة للقضاء على صوت الحق والعدالة. فكان مشروع قريش للقضاء على حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) مشابه لمشروع اليهود في القضاء على حياة عيسى (عليه السلام)، وهو ذات المشروع الغادر ليهود جزيرة العرب.
محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة
محاولة أبي سفيان اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله)
وكان أبو سفيان على رأس الرجال الظلمة الكفرة الساعين لاطفاء نور الإسلام قبل فتح مكة وبعده ولكن وسائله وطرقه لقتل الناس وإشاعة الكفر قد تغيرت بعد إعلانه الإسلام، إذا أصبح متوسلا بالسرية والكتمان بعد أن كان متوسلا بالصراحة والإعلان. ومحاولته قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في مكة، واغتياله وهو في المدينة يؤيد ضلوع أبي سفيان في المحاولات اللاحقة لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في العقبة والمدينة، وضلوعه في عملية اغتيال أبي بكر لصالح عثمان.
وفعلا نجح المشروع الأموي في اغتيال أبي بكر وإيصال عثمان بن عفان إلى الخلافة على حساب أبي عبيدة بن الجراح المرشح لها بعد خلافة عمر بن الخطاب (2). ذكر البيهقي: كان أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من قريش بمكة: ما أحد يغتال محمدا، فإنه يمشي في الأسواق فندرك ثأرنا، فأتاه رجل من العرب فدخل عليه منزله، وقال له: إن أنت قويتني (3) خرجت إليه حتى اغتاله، فإني هاد بالطريق خريت، ومعي خنجر مثل خافية النسر. قال: أنت صاحبنا، فأعطاه بعيرا ونفقة، وقال: اطو أمرك، فإني لا آمن أن يسمع هذا أحد فينمه إلى محمد. قال الأعرابي: لا يعلم به أحد. فخرج ليلا على راحلته فسار خمسا وصبح ظهر الحرة، صبح (4) سادسة، ثم أقبل يسأل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أتى المصلى، فقال له قائل: قد توجه إلى بني عبد الأشهل، فخرج يقود راحلته حتى انتهى إلى بني عبد الأشهل، فعقل راحلته، ثم أقبل يؤم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجده في جماعة من أصحابه يحدث في مسجدهم. فدخل، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لأصحابه: إن هذا الرجل يريد غدرا، والله حائل بينه وبين ما يريد.
فوقف، فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا ابن عبد المطلب، فذهب ينحني على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كأنه يساره، فجبذه أسيد بن الحضير، وقال له: تنح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجبذ بداخلة إزاره، فإذا الخنجر. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا غادر، وسقط في يدي الأعرابي، وقال: دمي دمي يا محمد، وأخذ أسيد يلبب. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصدقني: ما أنت؟ وما أقدمك؟ فإن صدقتني نفعك الصدق، وإن كذبتني فقد أطلعت على ما هممت به. قال الأعرابي: فأنا آمن؟ قال: فأنت آمن. فأخبره بخبر أبي سفيان وما جعل له. فأمر به فحبس عند أسيد، ثم دعا به من الغد فقال: قد أمنتك فاذهب حيث شئت، أو خير لك من ذلك. قال: وما هو؟ قال (صلى الله عليه وآله): أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله. قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، والله يا محمد ما كنت أفرق الرجال، فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي، وضعفت نفسي، ثم اطلعت على ما هممت به مما سبقت به الركبان، ولم يعلمه أحد، فعرفت أنك ممنوع، وأنك على حق، وأن حزب أبي سفيان حزب الشيطان، فجعل النبي (صلى الله عليه وآله) يتبسم. ثم أقام أياما ثم استأذن النبي (صلى الله عليه وآله) فخرج من عنده فلم يسمع له بذكر. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمرو بن أمية الضمري ولسلمة بن أسلم بن حريش: أخرجا حتى تأتيا أبا سفيان بن حرب، فإن أصبتما منه غرة فاقتلاه، قال عمرو: فخرجنا أنا وصاحبي حتى أتينا بطن (يأجج) (5). فقيدنا بعيرنا، فقال لي صاحبي: يا عمرو هل لك في أن نأتي مكة ونطوف بالبيت سبعا، ونصلي ركعتين؟ فقلت: إني أعرف بمكة من الفرس الأبلق، وأنهم إن رأوني عرفوني، وأنا أعرف أهل مكة أنهم إذا أمسوا انفجعوا بأفنيتهم، فأبى أن يطيعني، فأتينا مكة فطفنا سبعا، وصلينا ركعتين، فلما خرجت لقيني معاوية بن أبي سفيان فعرفني وقال: عمرو بن أمية (وا حزناه) (6) فأخبر أباه فنيد بنا أهل مكة. فقالوا: ما جاء عمرو في خير - وكان عمرو رجلا فاتكا في الجاهلية - فحشد أهل مكة وتجمعوا، وهرب عمرو وسلمة. وخرجوا في طلبهما، واشتدوا في الجبل قال عمرو: فدخلت غارا، فتغيبت عنهم، حتى أصبحت، وباتوا يطلبون في الجبل، وعمى الله (سبحانه) عليهم طريق المدينة أن يهتدوا لراحلتنا. فلما كان الغد ضحوة أقبل عثمان بن مالك بن عبيد الله التيمي يختلي لفرسه حشيشا، فقلت لسلمة بن أسلم: إن أبصرنا أشعر بنا أهل مكة، وقد أقصروا عنا، فلم يزل يدنو من باب الغار حتى أشرف علينا وخرجت فطعنته طعنة تحت الثدي، فسقط وصاح، وأسمع أهل مكة فأقبلوا بعد تفرقهم، ودخلت الغار فقلت لصاحبي: لا تحرك وأقبلوا حتى أتوا عثمان بن مالك، فقالوا: من قتلك؟ قال: عمرو بن أمية، قال أبو سفيان: قد علمنا أنه لم يأت بعمرو خير، ولم يستطع أن يخبرهم بمكاننا، كان بآخر رمق ومات، وشغلوا عن طلبنا بصاحبهم يحملونه (7).
محاولة صفوان بن أمية اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أهل البيت: لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ الولادة (8). وهذا القول الإلهي يصدق فيمن حاول اغتيال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته. واستمرت مؤامرات قريش ضد خاتم الأنبياء كما كان عليه الحال في مكة وكما كان الحال قبل حرب بدر، واشترك في تلك المؤامرات طغاة قريش جميعا. وقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير. قال: جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش في الحجر بيسير. وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش، وممن كان يؤذي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه، ويلقون منه عناء وهو بمكة، وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر. قال ابن هشام: أسره رفاعة بن رافع أحد بني زريق. فذكر (عمير) أصحاب القليب ومصابهم. فقال صفوان (9): والله لا خير في العيش بعدهم. قال له عمير: صدقت والله، أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتله، فإن لي قبلهم علة، ابني أسير في أيديهم. قال: فاغتنمها صفوان وقال: علي دينك، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم. فقال له عمير: فاكتم (عني) شأني وشأنك، قال: أفعل. قال: ثم أمر عمير بسيفه، فشحذ له وسم، ثم انطلق حتى قدم المدينة. فدنا (من النبي (صلى الله عليه وآله)) ثم قال: أنعموا صباحا، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة. فقال: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد.
قال (صلى الله عليه وآله): فما جاء بك يا عمير؟ قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه. قال (صلى الله عليه وآله): فما بال السيف في عنقك؟ قال: قبحها الله من سيوف! وهل اغنت عنا شيئا! قال (صلى الله عليه وآله): أصدقني، ما الذي جئت له؟ قال: ما جئت إلا لذلك. قال (صلى الله عليه وآله): بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك. قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لا أعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد شهادة الحق. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره، ففعلوا. ثم قال: يا رسول الله، إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل، وأنا أحب أن تأذن، فأقدم مكة، فأدعوهم إلى الله تعالى، وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله)، وإلى الإسلام، لعل الله يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم.
قال: فأذن له رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلحق بمكة. وكان صفوان بن أمية - حين خرج عمير بن وهب - يقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام، تنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل عنه الركبان، حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه، فحلف أن لا يكلمه أبدا، ولا ينفعه بنفع أبدا. قال ابن إسحاق: فلما قدم عمير مكة، أقام بها يدعو إلى الإسلام، ويؤذي من خالفه أذى شديدا، فأسلم على يديه ناس كثير. قال ابن إسحاق: وعمير بن وهب، أو الحارث بن هشام، قد ذكر لي أحدهما، الذي رأى إبليس حين نكص على عقبيه يوم بدر، فقال: أين أي سراق؟ ومثل عدو الله فذهب، فأنزل الله تعالى فيه: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [الأنفال: 48] (10) فذكر استدراج إبليس إياهم، وتشبهه بسراقة بن مالك (11). وبقي صفوان بن أمية محاربا لله ولرسوله إلى أن أسلم كرها في فتح مكة مثل أبي سفيان ومعاوية وحكيم بن حزام وغيرهم. وقد سعى الأمويون إلى إضفاء الفضائل على قادة الحزب القرشي الكفرة وتفضيلهم على المسلمين المهاجرين فذكروا روايات عديدة في فضائلهم لا أساس لها من الصحة، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51] (12). وهؤلاء أقدموا بعد إسلامهم على جر المسلمين إلى الهزيمة في معركة حنين! (13) محاولة أخرى لقتل النبي (صلى الله عليه وآله) جاء في القرآن الكريم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] (14). قال أبو بكر الأصم في سبب النزول: إن قوما اصطلحوا على كيد في حق الرسول (صلى الله عليه وآله)، ثم دخلوا عليه لأجل ذلك الغرض، فأتاه جبريل (عليه السلام) فأخبره به. فقال (صلى الله عليه وآله): إن قوما دخلوا يريدون أمرا لا ينالونه فليقوموا وليستغفروا الله حتى أستغفر لهم، فلم يقوموا. فقال (صلى الله عليه وآله): ألا تقومون، فلم يفعلوا. فقال (صلى الله عليه وآله): قم يا فلان، قم يا فلان حتى عد اثني عشر رجلا منهم. فقاموا وقالوا: كنا عزمنا على ما قلت، ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا أنفسنا فاستغفر لنا. فقال: الآن أخرجوا أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الاستغفار: وكان الله أقرب إلى الإجابة، أخرجوا عني (15). الواضح من هذا النص أن الذين اشتركوا في محاولة قتل النبي (صلى الله عليه وآله) هنا من أعمدة الحزب القرشي، بحيث أبدل الراوي أو الناشر اسمهم إلى فلان وفلان. بدل اسم أبي بكر وعمر وعثمان. وهذه المجموعة قد كررت محاولاتها لقتل الرسول (صلى الله عليه وآله). محاولة شيبة بن عثمان اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) وفي معركة حنين أراد البعض من الطلقاء اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) فلم يفلحوا منهم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار، وكان أبوه قد قتله علي (عليه السلام) في معركة أحد (16). فقد كاد كفار قريش الإسلام مرة أخرى رغم إعلانهم الإسلام إذ قال اليعقوبي: وأبدى بعض قريش ما كان في نفسه. فقال أبو سفيان: لا تنتهي والله هزيمتهم دون البحر، وقال كلدة بن حنبل: اليوم بطل السحر، وقال شيبة بن عثمان: اليوم أقتل محمدا.
فأراد رسول الله أن يقتله فأخذ الحربة منه فأشعرها فؤاده. فقال رسول الله للعباس: صح يا للأنصار، وصح يا أهل بيعة الرضوان، صح يا أصحاب سورة البقرة، يا أصحاب السمرة. ثم انفض الناس وفتح الله على نبيه وأيده بجنود من الملائكة، ومضى علي بن أبي طالب إلى صاحب راية هوازن فقتله، وكانت الهزيمة (17). والظاهر هنا أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد أخذ الراية من شيبة بن عثمان بالقوة وأن شيبة قد هجم عليه بالفعل، فاضطر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أخذها منه ثم خط بها قلبه. محاولة اليهود قتل الرسول (صلى الله عليه وآله) في الشام قال بحيرى لأبي طالب: أرجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبيغنه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده. فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام فزعموا فيما روى الناس. أن زريرا وتماما ودريسا، وهم نفر من أهل الكتاب قد كانوا رأوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثلما رآه بحيرى في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب. فأرادوه فردهم عنه بحيرى وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته، وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه.
ولم يزل بهم حتى عرفوا ما قال لهم، وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا عنه (18). ينبهر الإنسان ويندهش عند سماعه بهذه المحاولات المختلفة والكثيرة لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله).
أريد حياته ويريد قتلي *** عذيرك من خليلك مراد
وقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما خلا يهودي بمسلم قط إلا هم بقتله (19). واهتم اليهود بعمليات الاغتيال اهتماما بالغا إلى درجة اتهامهم النبي موسى (عليه السلام) بقتل هارون بالسم (20).
(1) تاريخ اليعقوبي 2 / 40 طبعة لندن، أسد الغابة، ابن الأثير 4 / 19، تاريخ ابن خلدون 3 / 15.
(2) راجع كتاب اغتيال الخليفة أبي بكر والسيدة عائشة، للمؤلف.
(3) في البداية والنهاية لابن كثير إن وفيتني .
(4) في البداية والنهاية يوم سادسه.
(5) الزيادة من البداية والنهاية.
(6) الزيادة من البداية والنهاية.
(7) دلائل النبوة، البيهقي 3 / 333 - 337 طبع دار الكتب العلمية، بيروت، تاريخ الطبري 2 / 217، طبع مؤسسة الأعلمي - بيروت، البداية والنهاية 4 / 79 - 81، طبع مؤسسة التاريخ العربي - بيروت.
(8) مقتل الحسين 2 / 16.
(9) كان صفوان بن أمية من أعمدة الكفر في مكة وهو نظير أبي سفيان.
(10) الأنفال: 48.
(11) سيرة ابن هشام 2 / 316 - 319، مطبعة الحلبي، التبيان في تفسير القرآن، الطوسي 3 / 463، حلية الأبرار، البحراني 1 / 113.
(12) الأنعام: 144.
(13) تاريخ اليعقوبي 2 / 62 ط. ليدن.
(14) النساء: 64.
(15) تفسير الفخر الرازي 4 / 126، طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت.
(16) تاريخ الخميس 2 / 103، 104، تهذيب الكمال، المزي 12 / 604، طبقات ابن سعد 5 / 448.
(17) تاريخ اليعقوبي 2 / 62، 63، طبعة ليدن.
(18) سيرة ابن هشام 1 / 194 طبعة الحلبي - مصر.
(19) البيان والتبيين، الجاحظ ص 231.
(20) السيرة الحلبية 2 / 187، 3 / 122.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|