المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



التخطيط الاجتماعي: قرارٌ ديني  
  
2651   01:39 مساءً   التاريخ: 4-3-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 530.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) /

          لقد كانت الاُمة بحاجة الى وقت، في مرحلة ما بعد النبوة، لاستيعاب معاني القرآن الكريم وادراك السيرة النبوية الشريفة، وكان ذلك يتطلب فهماً لموقع الامة التأريخي من كل ذلك، فالدين انما جاء من اجل تقوية الضعيف، وتعليم الجاهل، وتمكين الايمان من احتلال موقعه الطبيعي في النفس الانسانية، فالاسلام لا يكتفي بمجرد انشاء كيان اجتماعي للمسلمين، بل يريد لذلك الكيان ان يستمر مع استمرار الحياة على الارض، وتلك مهمة صعبة لاشك، ولكنها مهمة تملك كل مقومات النجاح والتسديد.

          ولذلك كان القرار للتخطيط الاجتماعي قراراً دينياً بالدرجة الاولى، لانه لم يخضع لمجرد الحسابات الاقتصادية او المالية او السياسية، بل كان قراراً مبنياً على القيم الاخلاقية والدينية، وتحت ظلال تلك الفكرة نستنتج بان قرار «اخلُفني في اهلي»، «ومن كنت مولاه فعليٌّ مولاه» كان يستبطن اسباباً شرعية وفلسفية، لقد كان علي (عليه السلام) رأس مال الاسلام الذي كان ينبغي ان يستثمر في مشروع ولاية الدولة الاسلامية في غياب رسول الله (صلى الله عليه واله)، وقرارٌ كهذا كان يُلحظ فيه التيارات الاجتماعية التي كانت تحكم العرف الاجتماعي في ذلك الوقت، واهمها تيار المنافقين والذين في قلوبهم مرض، وتيار المشركين، والتيار الضبابي الذي دخل حديثاً في الاسلام، او كما عبر عنه عمار بن ياسر يوم صفين : (والله ما اسلموا ولكنهم استسلموا...) .

          ولاشك ان اعلان نقل الولاية لعلي (عليه السلام) بعد رحيل النبي (صلى الله عليه واله) كان يعني قراراً يحملُ تأثيراً بالغاً على السلوك الاجتماعي، فالإقرار بالولاية لبطل المعي شاب مثل علي بن ابي طالب (عليه السلام) وهو في سن ينوف قليلاً على الثلاثين له دلالات ينبغي ان تؤخذ في التخطيط الاجتماعي، وهو ان المخطَط له، وهو المجتمع الاسلامي، كان يُراد له ان يعيش الحكم الشرعي ويتفاعل معه للعقود الثلاثة او الاربعة او الخمسة القادمة، وهي فترة تربية عظيمة لو قُدِّرَ لها ان تتم.

          وبتعبير اقرب الى فهمنا المعاصر، كان التخطيط لولاية علي (عليه السلام) من اجل ادارة المجتمع الاسلامي منطقياً الى ابعد الحدود، فقد كان علي (عليه السلام) يحمل سياسة رسول الله (صلى الله عليه واله) الاجتماعية، ومنهجه العام في التعامل مع الدولة وافرادها، والاُمة وتركيبتها.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.