المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

وصايا النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الزوج / كن نظيفاً كما ...
2023-12-16
المعتصم والزط
20-3-2018
الخلع
23-9-2016
لا قدرة لأحد على عمل دون إذن الله
14-11-2014
أحكام القرآن للجصاص الحنفي
14-10-2014
تحليل لخلافة الإمام عليّ
29-01-2015


التضحية الكبيرة  
  
3354   11:48 صباحاً   التاريخ: 8-02-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة : ص40-41.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) /

إبّان حصول حلف العقبة الثانية في السنة الثالثة عشرة ليلة الثالث عشر من ذي الحجة بين رسول الإسلام وبين أهل يثرب الذي قد تم ضمنه استدعاؤه إلى تلك المدينة ووعدهم له بنصرته والدفاع عنه ومن اليوم التالي الذي بدأ المسلمون فيه بالهجرة تدريجاً عرف قادة قريش بأنّه تمّ اعداد مركز جديد لأجل نشر الدعوة الإسلامية في يثرب، ولهذا قد شعروا بالخطر لانّهم يخشون أن ينتقم منهم رسول اللّه بعد كلّ ذلك الأذى الذي آذوه به هو وأتباعه، وحتى لو فرض انّه لا يريد محاربتهم فهو يشكل خطراً لتجارة قريش التي تمر بقوافلها على مقربة من يثرب.

ولمواجهة هذا النوع من الخطر اجتمع أُولئك القادة نهاية شهر صفر سنة أربعة عشر من البعثة في دار الندوة للتوصل إلى حلّ لذلك.

اقترح بعض الحاضرين أن ينفى الرسول أو يسجن غير انّ هذا الاقتراح قد رفض وبالتالي قرّروا قتله، ولكن لم يكن قتل رسول اللّه بالأمر البسيط، لأنّ بني هاشم لن يدعوا الأمر يفوت بسلام وسيطالبون بثأره.

وقد قرروا أخيراً أن يعدّوا من كلّ قبيلة رجلاً شاباً حتى يهجموا على محمّد (صلى الله عليه واله) هجمة رجل واحد ويقطعوه إرباً إرباً في فراشه، و في هذه الحالة لن يكون القاتل واحداً و لن يستطيع بنو هاشم الأخذ بثاره، لأنّهم يعجزون عن محاربة جميع القبائل ويرتضون لا محالة بقبول الفدية وتنتهي المسألة، اختارت قريش لتنفيذ خطتها الليلة الأُولى من ربيع الأوّل وقد ذكر اللّه تعالى فيما بعد جميع خططهم الثلاث وقال: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].

وإثر قرار قريش هذا أطلع ملك الوحي رسول اللّه على خطة المشركين المشؤومة، وأبلغه أمر اللّه بأن اترك مكة واتّجه نحو يثرب. وهنا كان على النبي (صلى الله عليه واله) أن يضللهم ويخفي أثره حتى يمكنه الخروج من مكة، ولأجل ذلك كانت هناك حاجة إلى شخصية مضحية تبيت في فراشه (صلى الله عليه واله) ، كي يتصوّر المهاجمون بأنّه (صلى الله عليه واله) مازال هناك، و بالتالي يركزون على البيت ويغفلون عن سيطرة الطرق ومراقبتها، ولم تكن هذه الشخصية سوى علي (عليه السلام) ، ولهذا كشف رسول اللّه (صلى الله عليه واله) عن خطة قريش لعلي (عليه السلام) وقال: «امضي إلى فراشي ونم في مضجعي والتف في بردي الحضرمي ليروا أنّي لم أخرج» فأطاع علي ما أمر به، وحاصر جلاوزة قريش ومرتزقتهم بيت رسول اللّه وداهموه بسيوف مسلولة، فنهض عليٌّ من الفراش.

أُولئك الذين كانوا يعتقدون إلى تلك اللحظة بنجاح ودقة خطتهم مئة بالمئة ظلّوا حيارى محبطين ينظرون إليه قائلين : أين محمّد؟ فأجاب : «هل أودعتموه عندي لتسألوني عنه؟ قمتم بفعل اضطره إلى ترك البيت».

وفي هذه الأثناء هاجموا علياً (عليه السلام) ووفقاً لنقل الطبري آذوه وسحبوه إلى المسجد الحرام، وبعد احتجاز مؤقت أطلقوا سراحه، وانطلقوا باتجاه المدينة يقتفون أثر رسول اللّه في حين كان (صلى الله عليه واله) مختبئاً في غار ثور.

 وقد خلّد القرآن المجيد تضحية علي (عليه السلام) العظيمة هذه في التاريخ وقدمه ضمن آية على أنّه من الذين يضّحون بأنفسهم في سبيل اللّه { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207] قال المفسرون: قد نزلت هذه الآية حول التضحية العظيمة لعلي (عليه السلام) ليلة المبيت.

 

وقد احتج نفس الإمام (عليه السلام) في الشورى السداسية التي تشكّلت بأمر عمر لاختيار الخليفة بهذه الفضيلة الكبيرة على أصحاب الشورى وقال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد اضطجع على فراش رسول حين أراد أن يسير إلى المدينة ووقاه بنفسه من المشركين حين أرادوا قتله غيري؟ 
قالوا: لا.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.