المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

مثلث المعنى
15-8-2017
تقنية النانو والصناعات النفطية (Nano and Petroleum)
2023-07-31
علة الزكاة وأهدافها
4-8-2016
انتاج الحامض حلو
16-6-2016
السيد أبو محمد حسين بن حسن بن أحمد
28-5-2017
تأثير الذكاء على الطفل الموهوب
16/11/2022


تأثير الصفوة الدينية  
  
2483   01:31 مساءً   التاريخ: 4-3-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 523-525.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-10-2015 5124
التاريخ: 22-4-2022 1833
التاريخ: 12-4-2016 8406
التاريخ: 12-4-2016 3414

          وبكلمة، فان الصفوة الدينية قليلة في العدد، عظيمة في التأثير، متكاملة في الادراك والاداء والنفوذ، وبحكم تلك الخصائص، فان تأثيرها يبقى مستمراً على مر الاجيال، وتبقى وظيفتها حيّة حتى لو رحل اشخاصها عن حياتنا الدنيا.

          والولاية التي اعلنها رسول الله (صلى الله عليه واله) لعلي (عليه السلام) في غدير خم في السنة العاشرة للهجرة كانت تعني استمرار الادارة الدينية للمجتمع من قبل الصفوة الدينية عبر تنظيم نمط الحياة الاجتماعية على اسس الدين الجديد، خصوصاً في مجالات الجهاد، والعمل، وتوزيع الثروة، والحكم، فكان امير المؤمنين (عليه السلام) كفؤاً لتلك المهمة الجليلة التي لا يقوم بها الا وصي نبي.

          وكان الايمان بولاية علي بن ابي طالب (عليه السلام) يوم الغدير مرآةً لطموحات المجتمع الاسلامي الحديث واهدافه في بناء الدولة الالهية على الارض، ولكن النخبة الاجتماعية القرشية ابت الا ان ترجع عقارب الساعة الى الوراء، وكان التأريخ في بعض جوانبه اميناً، في تصوير جهل تلك النخبة الاجتماعية باحكام الدين، خصوصاً عندما كان الحرج يأخذ مأخذه منها، فنفهم اذن ان النخبة الاجتماعية ارادت ان تحتل مكان الصفوة الدينية ولكنها فشلت في ذلك، فبقيت سلطة حاكمة.

          وبالاجمال، فان ولاية علي (عليه السلام) اُريد لها ان توحّد الامة حول رمز عظيم من رموز الاسلام، ومركز شرعي يركن اليه الناس، ومحور يدلل على شخصية الدين كما عبر هو عن نفسه (عليه السلام) بانه القرآن الناطق، ولكن الجذور القبلية كانت، بكل اسف، لا تزال نابتة في اعماق الذين خالفوا وصية رسول الله (صلى الله عليه واله) بخصوص ولاية الامام (عليه السلام).

          ويمكننا النظر الى ولاية علي (عليه السلام) يوم الغدير على اساس انها كانت مكسباً خطيراً للجماعة في الوحدة والتعاون والاشتراك جميعاً في محاربة الشرك والكفر، بلحاظ اختلاف المؤمنين في القابليات، والوظائف، والادراكات، والاداء، والاخلاقيات الاجتماعية والتعبدية، ولكن ذلك المكسب سرعان ما تحطم على اعتاب اجتماع السقيفة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله) مباشرة.

ب، وظيفة الصفوة الدينية:

          نجد في المجتمع الديني انماطاً من القيم والعادات، ووسائل مشتركة للاتصال الانساني، ومؤسسات اجتماعية للادارة، وصفوة دينية عليا تقوم بتنسيق الاعمال والنشاطات من اجل ان يقوم النظام الاجتماعي بوظائفه المرتقبة، ومن الوظائف المهمة التي تقوم بها الصفوة الدينية هو ادارة الازمات الجماعية الخطيرة ومعالجتها «بالحرب والقتال، او المصالحة والمهادنة، او التقية...»، كما حصل في حروب الامام (عليه السلام) يوم الجمل، وصفين، والنهروان، فتلك ازمات في غاية الخطورة لم يستطع ان يقاربها - بادراك شرعي- الا المعصوم (عليه السلام).

          فالامام (عليه السلام) كان يسير في ادارته المجتمع الاسلامي، وفق صورة واضحة تتضمن طرفين هما : الاهداف، والبرامج، وسوف ندرس ذلك في الفصول القادمة باذنه تعالى، ولكننا نحب ان نستبق تلك الفصول ونشير بايجاز الى وظيفة الامام (عليه السلام) خلال خلافته، اي بعد حوالي خمس وعشرين سنة من يوم الغدير.

          فالاهداف كانت تشير الى اهتمام امير المؤمنين (عليه السلام) خلال ايام حكمه بتربية الناس على طاعة الله سبحانه وتعالى، والاهتمام باداء التكاليف الشرعية، وبكلمة، فان هدف الامام (عليه السلام) كان بناء دولة شرعية يُعبد فيها الله سبحانه ولا يُعصى، وكان ذلك يتطلب تكيفاً للوصول الى الهدف من قبيل تطبيق نظرية العدالة الاجتماعية والحقوقية بين الناس، واقامة الحدود على المنحرفين، ونشر الفكر الديني الاصيل النابع من السماء في المجتمع الاسلامي.

          والبرامج كانت تشير الى اهتمام امير المؤمنين (عليه السلام) بحفظ التماسك الاجتماعي عبر استشارة اصحابه في الخروج الى صفين، وارجاع امر القتال على الماء اليهم، ومحاولاته المستميتة في عدم سفك الدماء في الجمل وصفين والنهروان، وكان من اولويات برنامجه (عليه السلام) ادارة الازمات التي كان يتوقعها، ومعالجتها معالجة اخلاقية شرعية.

وكان من اخطر الازمات خروج عائشة ام المؤمنين عليه، وعصيان والي الشام المخلوع معاوية بن ابي سفيان لاوامره (عليه السلام) ومقاتلته جيش الامام (عليه السلام)، وانشقاق مجموعة من جيشه (عليه السلام) عليه ومقاتلتها له، وتلك ازمات خطيرة للغاية لم يختبرها حاكم من الحكام من قبل، ولذلك كان (عليه السلام) يقول: (...انا فقأتُ عين الفتنة، ولم يكن أحدٌ ليجترىء عليها غيري) ، (...ولو لم أكُ بينكم ما قوتل اصحاب الجمل واهل النهروان).

          وعند التأمل في كل ذلك، نُدرك ان للصفوة الدينية المتمثلة بآل البيت (عليه السلام) سلطة اخلاقية، وسلطة شرعية، وقابلية فريدة على ادارة الازمات الاجتماعية الكبرى، وكلما سُلبت من تلك الصفوة سلطة بقيت السلطة الاخرى فاعلة، فاذا سلبوا السلطة الشرعية في الادارة الاجتماعية (الخلافة)، بقيت السلطة الاخلاقية فاعلة وهم في معزل عن السياسة، واذا سلبوا الحرية في ادارة ازمات المجتمع، بقيت السلطة الشرعية - عبر ممارسة التقية- فاعلة ايضاً، وهكذا.

          فتلك الصفوة اذن، حافظت على نسيج المجتمع الاسلامي - على جميع الاصعدة العقلية والعاطفية والنفسية - مدة خمسة عشر قرناً من الزمان، وسوف تحافظ عليه الى يوم القيامة، باذنه تعالى.

          وبالاجمال، فان وظيفة الصفوة الدينية هو : ابراز الرمز الاخلاقي للجماعة المؤمنة، وعرض الاهداف الشرعية للدين، وتمثيل مصالح الجماعة المنسجمة مع مصالح الدين، وتنسيق الاختلافات في قابليات الناس واداءهم من اجل التكامل الاجتماعي وخدمة المكلّف، ومحاولة حل الصراع الاجتماعي بالقيم الاخلاقية، وحفظ امن الجماعة والعبادة من الاخطار الخارجية.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.