المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



شجاعة المعصوم (عليه السلام) : صفات اخلاقية وليست عدوانية  
  
2455   12:27 مساءً   التاريخ: 4-3-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 498-500.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / الولادة والنشأة /

          وكان فتح مكة دون اراقة دماء، ودفع العدو الجزية في تبوك، احد نتائج بطولة امير المؤمنين (عليه السلام) في المعارك التي خاضها ضد المشركين، ومن الطبيعي فان الرغبة في القتال عند الناس يمكن ان تُصوَّر على اساس ان لها دوافع عدوانية شريرة، ولكن ذلك التصور لا ينطبق على بطولة علي (عليه السلام) للاسباب التالية :

اولاً : ان طبيعة التربية النبوية لعلي (عليه السلام) كانت منصبّة على تعليمه طرق تمييز الخير من الشر، والحق من الباطل، والمعبود من العابد، والخالق من المخلوق، فصورة الرغبة في القتال هنا تفترض ان الحرب هي وسيلة من وسائل محق الشر وازهاق الباطل وتثبيت الخير واحقاق الحق، فالبعد الواقعي هنا ليس بُعداً عدوانياً، بقدر ما هو يقين بقدرة الخير والحق على الانتصار على الشر والباطل كما اشار الذكر الحكيم الى ذلك بالقول: {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81] ، {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال: 8]، {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18]، {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]، {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ...} [الشورى: 24]، فاليقين عند علي (عليه السلام) وهو في ساحة المعركة يُفرز سلوكاً عقلياً جامحاً بضرورة هدم الشرك والالحاد عبر الفرص التي يهيئها اشتباك الاسنّة وتلاحم الايدي وتطاير الرؤوس.

ثانياً : ان التعامل الاخلاقي لعلي (عليه السلام) في الحروب التي ذكرناها في عرض الكتاب اكثر من مرة مثل: عدم الكرّ عندما يفرّ العدو، والصفح عن المسيء عندما يتمكن منه، وكشح الوجه عن عورات اعدائه عندما يضطرون لاظهارها وقت الشدة، كلها تدلُّ على ان بطولته (عليه السلام) كانت عملية اخلاقية صاغها السلوك العقلي الديني.

ثالثاً : اننا لانستطيع ان نأخذ صفة الشجاعة عند الامام (عليه السلام) بصورة منفصلة عن الصفات الشخصية الاخرى كالزهد والتقوى والتعفف عن ملاذ الدنيا الفانية، فاذا اضفنا تلك الصفات في القدرة على نبذ ملذات الدنيا - حلالها فضلاً عن حرامها- الى البطولة الخارقة، لكان العامل الشخصي المحرِّك للحرب عند علي (عليه السلام) عاملاً اخلاقياً نابعاً عن جوهر الدين في محاربة الشر والباطل بما فيه من ظلم ورذيلة وفساد، بينما لو درسنا صفة الشجاعة عند افراد مثل عمرو بن عبد ود او مرحب او ابو جرول، لتبين لنا ان تلك الصفة اتخذت صفة العدوانية لانها كانت تمثل الغرور، والتكبر، والفساد الاخلاقي، والشرك بالله سبحانه وهو اعظم الفساد.

رابعاً : ان الصور المرسومة في ذهن المؤمن - كصور الحياة الآخرة مثلاً من جنة ونعيم وملائكة وقرب من المولى عز وجل-  تساهم في الاندفاع نحو القتال في ساحة المعركة، فيحكي لنا القرآن الكريم بان الله سبحانه وتعالى قد أخذ على نفسه عهداً للمؤمنين بان لهم الجنة والنعيم مقابل جهادهم المشركين والكافرين، فيقول: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ...} [التوبة: 111]، فالصور الذهنية هنا صورٌ اخلاقية ليست لها طبيعة عدوانية، فامير المؤمنين (عليه السلام) وهو يحمل تصوراته عن الخالق سبحانه وتعالى والحياة الآخرة لا يمكن ان يختار غير الحرب طريقاً لتوصيل الرسالة، امام اعداء لا يفهمون الا لغة القتال، وقد قال عز وجل: {...وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً...} [التوبة: 36].

خامساً : ان بطولة علي (عليه السلام) في المعارك الطاحنة كانت عاملاً مهماً من عوامل الردع النفسي ضد العدو، وقد اشرنا الى ذلك آنفاً وسوف نشير اليه من زاوية جديدة، وبذلك فقد ساهمت تلك البطولة في الحفاظ على دماء الناس واعراضهم، لان الردع كان يقتضي استسلام الجيش المقابل، عدا ما كان من شأن الحروب الخارجة عن القاعدة، وبذلك حفظ الاسلام الارواح والنفوس من القتل، فدخلوا في الاسلام، وانفتح لهم الطريق بعد ذلك لفهم معاني الدين دون اكراه، وكان فتح مكة من انصع الامثلة على صحة نظرية الردع في التعامل مع العدو.

سادساً : ان بطولة علي (عليه السلام) لم تكن حباً في اذى الناس، ولم تكن قضية غريزية من اجل القتل والتدمير، بل كانت تلك البطولة مصمَّمة على اساس ان ينتشر الخير والعدل بين البشر، فقد كان علي (عليه السلام) يحسن الى الفقراء ويرعاهم، ويجوع حتى يشبعوا، ويلبسهم النظيف الجديد ويلبس الرث البالي، فكيف تكون صفة الشجاعة لانسان مثله (عليه السلام) غريزة لحب القتل ؟! اذن، كانت شجاعة الامام (عليه السلام) حالة عقلية البسها الدين ثوب الكمال، وبذلك نفهم ان بطولة علي (عليه السلام) التي كان من ثمارها فتح مكة وتبوك دون سفك دماء، كانت عملية اخلاقية تستلهم من مبادئ الدين كل اصولها.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.