أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-11-2016
965
التاريخ: 21-11-2016
705
التاريخ: 27-5-2017
667
التاريخ: 27-5-2017
696
|
الأوضاع السياسية في عهد مروان الثاني
أصبح الحكم الأموي بعد مقتل الوليد الثاني يستند على جماعات متنافرة ليس لها هدف يجمعها ويوحد كلمتها. ووجدت في المجتمع الإسلامي تيارات متعددة يرتبط كل منها بفئة أموية، أو يقف موقف المعارض استناداً إلى مصالحه الدنيوية.
وطبيعي، نتيجة ذلك، أن تضعف القاعدة وتتفكك ويضطرب رأس الهرم، وتعم الفوضى العاصمة المركزية وعواصم الأطراف.
في ظل هذه الأجواء وجد الناقمون على بني أمية، والثائرون على حكمهم والمتآمرون على البيت الأموي، الذي يتهيأون لانتزاع السلطة منهم، أن الفرصة مؤاتية لإنزال الضربة القاضية لهذه الأسرة الأموية المفككة والمتناحرة فيما بينها.
وهكذا كثرت الاضطرابات، وعمت الفتن الأطراف، وظهر المغامرون وطلاب الثروة والجاه، يريدون أن يحققوا ما عجزوا عن تحقيقه حين كانت الدولة متماسكة.
فجماعة العباسيين الذين أخذوا يتحينون الفرص لتوسيع رقعة دعوتهم والتهيؤ للانقضاض على الدولة الأموية الممزقة، وجماعة الشيعة والخوارج، وبعض القوى القبلية المتربصة بالحكم الأموي، تتحين الفرصة للوثوب، وخلع الطاعة، واستلام الحكم.
ومن العوامل التي هيأت الجو لقيام الثورات على حكم مروان الثاني نقل العاصمة، والصراع على السلطة، بين أفراد البيت الأموي، والنزاع القبلي.
والحقيقة أنه بعد أن تم الأمر لمروان الثاني واستقر له الحكم في بلاد الشام، أقام بحران وجعلها حاضرته، وهذا طبيعي بفعل نشأته فيها في ظل غلبة القيسية. وقد أدى ذلك إلى انحراف اليمنية عنه، وانضمامهم إلى الدعوة العباسية، وقد أساء نقل العاصمة من دمشق إلى حران، إلى أهل الشام عامة، إذ شعروا بأنهم خسروا المركز الممتاز لدمشق، وما كان يجره ذلك من خيرات تتدفق عليهم، لذا عمت النقمة بلاد الشام.
كان مروان متعصباً لأمويته، وحاول جاهداً أن يتلافى الخلل والاحتفاظ ببقاء الحكم في أسرته، فبايع لابنيه عبيد الله وعبد الله، وحرص على تلاحم مختلف الفئات الأموية، فزوج ولديه من ابنتي عبد الملك، لكن الصراع داخل البيت الأموي قد بلغ حداً مما لا ينفع معه علاج.
اعتمد مروان الثاني على القيسية لأنه قام أساساً يطالب بدم الوليد الثاني، كما أن الجزيرة، مستقر ولايته، كانت معقل القيسيين، فاعتبرت القبائل اليمنية، التي ألفت وجود حلفائها في السلطة، ذلك تحدياً، مما دفعها للقيام بانتفاضات ضد السلطة خاصة في فلسطين. وتكمن خطورة هذه الانقسام القبلي الذي قام في ذلك الوقت، في أنه حدث في قلب الدولة الأموية في دمشق، ولهذا كان الاضطراب في بلاد الشام إيذاناً باضطراب أمر الدولة كلها. وكان من الطبيعي أن يواجه مروان التحدي بمثله، إلا أنه حاول في بادئ الأمر، أن يهدئ الخواطر، وأن يبعث الثقة في النفوس، باسترضاء العناصر العربية المختلفة، كما أظهر حسن نية تجاههم بأن ترك لهم اختيار ولاتهم مظهراً بذلك مرونة سياسية، إلا أن الأوضاع السيئة وصلت إلى نقطة اللاعودة وكان على مروان الثاني أن يدفع ثمن أخطاء من سبقه من الحكام.
خروج أهل حمص:
كان أهل حمص قد بايعوا مروان الثاني، وساروا معه إلى دمشق، إلا أنهم خرجوا على حكمه بعد ذلك. والراجح أن خلافات شخصية هي التي فجرت حركتهم، ذلك أن ثابت بن نعيم الجذامي، أحد القادة المسلمين، كان على خلاف مع مروان منذ أن كان هذا والياً على أرمينيا، فلما ولي الخلافة، اختار أهل فلسطين ثابتاً هذا والياً عليهم واعترف به الخليفة تنفيذاً لسياسته الانفتاحية. ويبدو أن الخلاف ظل محتدماً بين الرجلين، فسعى ثابت إلى استقطاب اليمنية في حمص، الذين وقفوا ضد مروان الثاني، ثم تزعمهم وأعلن خروجه. واستنجد أهل حمص بالكلبيين في تدمر، فأمدوهم بقوة عسكرية.
حاول مروان الثاني، في بادئ الأمر، إصلاح الأحوال بالطرق السليمة، إلا أن أهل حمص لم يرتدعوا. عندئذ اضطر الخليفة أن يخرج بنفسه لوضع حد لحركتهم. وكانت له مع الحمصيين وقائع حاسمة انتصر فيها عليهم، وهدم أسوار مدينتهم.
خروج أهل الغوطة:
في الوقت الذي كان فيه مروان الثاني منهمكاً في إخماد حركة أهل حمص، قامت حركة أخرى ضد حكمة في الغوطة، وقد ولى أهلها عليهم زعيماً يمنياً هو يزيد بن خالد القسري، وحاصر الخارجون مدينة دمشق، إلا أن مروان الثاني تمكن من فك الحصار عن المدينة، وطارد الثائرين وأحرق المزة وقوى اليمانية وقتل يزيد بن خالد.
خروج أهل فلسطين:
تعتبر الانتفاضة التي قامت في فلسطين ضد حكم مروان الثاني من أخطر الحركات المناهضة التي شهدها حكم هذا الخليفة. والواقع أن ثابت بن نعيم الجذامي استمر في عداوته لمروان وراح يحرض قرى بلاد الشام على نبذ طاعته، ثم تمادى في معارضته حتى خلعه وقاد أهل فلسطين في حركة ضد النظام الأموي.
تحرك مروان الثاني بسرعة وعاجل ثابت بقوة عسكرية بقيادة أبي الورد بن الكوثر الذي تمكن ن القضاء على الثورة، ووقع ثابت في اسر وإلى فلسطين الذي عينه مروان الثاني، فأرسله إلى الخليفة حيث قتله.
الاضطرابات في العراق
أ- حركات الخوارج:
إذا كانت بلاد الشام قد رفعت راية العصيان ضد حكم مروان الثاني، فطبيعي أن تقوم في العراق حركات أشد خطراً، خاصة وأنه الإقليم الأكثر تشنجاً من الحكم الأموي، منذ أن أصبحت بلاد الشام مركز السلطان. واشتهر العراق بأنه مركز الشيعة والحركة الخوارجية، وتستعر في نفوس أهله عصبية إقليمية غدت بموجبها الهوية العراقية، منطلقاً لتطرف لا حدود له ضد كل نزعة شامية.
ووجد الخوارج في تصدع بني أمية فرصة للانتفاضة على الحكم الأموي، وتوجيه ضربة قاسية إلى مروان الثاني قد تنهي حكم أسرة طالما مقتوها وأرادوا التخلص منها، وتميزت حركتهم، في هذه الفترة، بالشمولية. فبعد أن كانت قلة العدد طابع جيوشهم، أضحوا الآن يقاتلون بأعداد جماهيرية كبيرة.
وتعددت حركاتهم بعد مقتل الخليفة الوليد الثاني في عام (126 هـ/ 744م) كان مسرحها العراق وشبه الجزيرة العربية، حيث دخلوا الكوفة، واستولوا على البصرة، وعلى حضر موت، إلا أن مروان تصدى لهم وهزمهم في أكثر من معركة في نواحي كفر توثا، من أعمال ماردين، وفي عين التمر، وفي جيرفت، وفي وادي القرى، شمالي الشام، وتغلب عليهم وأجلاهم عن العراق، واستعاد سيطرته على الحجاز واليمن.
ب- الحركات العلوية:
تزعم عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر آخر حركة قام بها الشيعة ضد الدولة الأـموية، وانضم إليه شيعة الكوفة وبايعوه بالخلافة، وخرج في (شهر محرم من عام 127 هـ/ شهر تشرين الأول عام 744م) لقتال أهل الشام في الحيرة.
ويبدو أن الشيعة خذلوه عندما نشب القتال، وفروا من أرض المعركة، ولم يثبت معه سوى ربيعة الزيدية، فاضطر للتراجع إلى الكوفة، وتبعه الأمويون. وشهدت شوارع المدينة مجابهات عنيفة بين الطرفين. وتمكن الجيش من السيطرة على الموقف ومنحة الوالي الأموي، عبد الله بن معاوية الأمان والإذن بالانسحاب، فارتحل إلى فارس حيث أعاد تنظيم صفوف قواته. وقوي أمره بما انضم إليه من الموالي والعبيد والعباسيين الثائرين على الحكم الأموي والأمويين الناقمين على مروان الثاني، وكل طامع في عطية أو وظيفة، وبقايا الخوارج الذين طردهم مروان الثاني من الموصل.
ويبدو أن هذا الحشد الذي التفت حوله كان غير متجانس. وواضح أن هدفه تشكيل جبهة مقاومة لا يجمعها إلا العداء لمروان الثاني. لذلك لم يتم له الاستمرار طويلاً، وسرعان ما انفرط عقده على إثر الهزيمة القاسية التي مني بها أمام قوات مروان الثاني عند مرو الشاذان في نهاية عام (129 هـ/ 747م).
وانهارت آمال عبد الله وتطلعاته وفر إلى سجستان وبلغ هراة آملاً أن يجد نصيراً في أبي مسلم، لكن هذا الأخير قبض عليه وقلته.
الحركات الأموية الداخلية
حركة عبد الله بن عمر بن عبد العزيز:
يبدو أن الفوضى التي آلت إليها أوضاع الأسرة الأموية حركت المطامع في نفوس أفرادها، ووجد كل منهم نفسه صاحب حق في هذا الأمر.
كان عبد الله بن عمر بن عبد العزيز والياً على العراق ومركزه الكوفة. والراجح أنه كان ذا نزعات استقلالية، إذ بعد تغلبه على عبد الله بن معاوية، أضحى له من السلطان والقوة ما بدا له أن باستطاعته الانتفاضة على حكم مروان الثاني. فنقض بيعته له، وقد اعتمد في تحركه على القبائل اليمنية، من أهل الشام المقيمين في الكوفة والحيرة الذين ساءهم خضوع الشام للنفوذ القيسي.
لم يُعر مروان الثاني هذه الانتفاضة التفاتة جدية، في بادئ الأمر، فترك عبد الله بن عمر وشأنه لاعتقاده بأنه لا يشكل خطراً كبيراً على وضعه، ولكن حين بدا له أن مطامع واليه السابق على العراق قد وصلت إلى حد الخطر بما توافر له من القوة والمنعة، والنية في التوسع، قام لمواجهته، وبعث إليه بجيش من الشام بقيادة النضر بن سعيد الحرشي، أحد رجالات قيس المشهورين، فاصطدم به، ودارت بين القوتين معارك هي إلى المناوشات الخفيفة أقرب، لم تؤد إلى نتيجة حاسمة وظل الفريقان على هذه الحال حتى ظهرت مشكلة أكثر خطورة، تمثلت بالخوارج الذين برزوا مجدداً على مسرح الأحداث في العراق، وانهمك مروان الثاني في التصدي لهم. وترك أمر عبد الله بن عمر.
حركة سليمان بن هشام بن عبد الملك:
استهل سليمان حركته المضادة لمروان الثاني حين أرسله إبراهيم بن الوليد على رأس قوة عسكرية لوقف تقدمه عند عين الجر، إلا أنه خسر المعركة. ونقله مروان الثاني، بعد أن تسلم الحكم، إلى حران مع بعض وجوه بني أمية.، ولعله أراد أن يظهر لأهل الشام وحدة الصف الأموي، لكن العداوة كانت شديدة، ولم تنفع هذه التظاهرة برأب الصدع بدليل أنه عندما نشبت الثورة في العراق ضد حكمه انتدب الناس إلى المسير معه، وكان سليمان ممن خرج، فلما وصل إلى الرقة طلب من الخليفة أن يقيم أياماً ليتقوى ثم يلحق به فأذن له.
ويبدو أنه نسق مع القوة الشامية التي رافقته، فدعاه الجند إلى خلع مروان ومبايعته بالخلافة على أن يترأسهم لحربه بحجة أنه أرضى عند أهل الشام من مروان، فقبل عرضهم وخرج بأخوته وولده ومواليه وسار مع رجاله فاستولى على قنسرين. وصادفت دعوته قبولا في دمشق واجتمع تحت رايته جند غفير، وعسكر في قرية قرب دمشق، ونفذ غارات على مؤخرة جيش الخليفة، فتصدى له هذا الأخير قرب قنسرين وانتصر عليه، وفر سليمان بن هشام مع من تبقى من جنده إلى حمص ثم إلى تدمر ومنها إلى الكوفة حيث انضم إلى حركة الضحاك الخارجي.
ولا شك بأن عصيان سليمان بن هشام، وانضمام فئات من أهل الشام إليه وقيام اضطرابات في بعض مدن الشام، كلها مؤشرات واضحة على الحالة المتردية التي آلت إليها وحدة الأسرة الأموية، وإلى خطورة هذا الصراع الذي استمر بين أفرادها بشكل لا يبرره سوى المطامع الشخصية.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|