المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2792 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الصورة الشعرية
2025-04-08
اسم المفعول
2025-04-08
تفريعات / القسم السادس عشر
2025-04-08
تفريعات / القسم الخامس عشر
2025-04-08
تفريعات / القسم الرابع عشر
2025-04-08
معنى قوله تعالى : هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا
2025-04-08



التحليل الفونيمي والمورفيمي  
  
606   10:19 صباحاً   التاريخ: 23-11-2018
المؤلف : ماريو باي ، ترجمة / د. رمضان عبد التواب
الكتاب أو المصدر : اسس علم اللغة
الجزء والصفحة : ص119-129
القسم : علوم اللغة العربية / علم اللغة / مناهج البحث في اللغة / المنهج الوصفي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-11-2018 607

 

التحليل الفونيمي والمورفيمي (1)
إن الاهتمام الأول لعالم اللغة الوصفي ينصب على الأصوات وعلى الصيغ النحوية للغة المتكلمة، ولذا فإن منهج بحثه يتجنب عادة الاعتماد على المادة المكتوبة من ناحية، واقتفاء أثر القواعد النحوية التقليدية القديمة من ناحية أخرى، وذلك لأن الدراسة الأخيرة قد أسست جزئيًا على لغات قديمة بطل استعمالها، كما أن أصحاب هذه الدراسة يأخذون الصورة المكتوبة للغة على أنها أساس البحث ويردون إليها كل ظواهر اللغة المتكلمة. ويندر أن تجد أيا منهم في تناوله للجزئيات يؤسس نتائجه على الملاحظة العلمية أو الاستقراء.
أما منهج البحث التحليلي لعلماء اللغة الوصفيين فقد تطور على وجه الأخص نتيجة ارتباطه بدراسة ما يسمى بلغات الشعوب المتخلفة التي لم تعرف الكتابة بعد، حيث لا توجد أي صيغة مكتوبة للغة، وليس هناك محاولات مسبقة لوصف نحوي، ولا وسيلة للحصول على اللغة في أي صورة أخرى غير صورتها المنطوقة.
وقد بدأ المنهج الوصفي بدراسة ساذجة قام بها رجال غير متخصصين في
__________
(1) هناك تفصيلات مفيدة لهذا الموضوع في كتاب  Hockett المسمى: A Course in Modern Linguistlcs  صفحات 102, 111, 274, 276. كذلك في كتاب Glesson  المسمى lntroduction to Descriptive Linguistics صفحات 271, 311, و65, 91. ولذا ينصح القارئ بالرجوع إليها.

ص119

 

دراسة اللغات كان كل همهم اكتساب اللغات الأجنبية عن طريق الأذن بسماعها من أصحابها.
وهناك محاولات أخرى في هذا الاتجاه الوصفي تمت على يد بعض المبشرين الأولين وضعوا قوانين للغات تلك الشعوب التي اتصلوا بها، ولكن تقنينهم كان أشبه بالتقعيد البدائي، واهتمامهم بالمفردات كان منصبًا على الجزء الذي يخدم الأغراض الدينية، ويساعد على ترجمة الكتاب المقدس. ولكن هذه المحاولات المبكرة -مع الأسف- قد فقدت قيمتها نظرًا لسيطرة الاتجاه الفلسفي عليها، وهو اتجاه كان شائعًا حينئذ، بالإضافة إلى ما كان سائدا بين اللغويين من وجوب صب اللغات كلها في قوالب عالمية موحدة مصبوبة على نمط اللغتين اللاتينية واليونانية، بدلا من محاولة التقعيد لكل لغة بحسب ظروفها الخاصة. وإن الإسهام الكبير الذي قدمه اللغوي الحديث لوصف اللغة يتمثل في معرفته بالأسس الفونيمية والمورفيمية التي تسمح بوصف تفصيلي دقيق إلى حد كبير، لا يقارن بما يمكن أن يحققه منهج يقوم على الأذن غير المدربة أو الاستنتاجات العشوائية.
وإن مجال بحث عالم اللغة الوصفي يتمثل حقيقة في حقل اللغات الحية، حيث يمكن تزويد الباحث بأحد ابناء اللغة الذين يتكلمون بها، وهو الذي يعرف فنيا باسم الراوي اللغوي Informant. ودرجة الثقافة المطلوبة في الراوي اللغوي أمر نسبي، ففي حالة اللغات المستعملة في مجتمعات متخلفة لا معنى مطلقا لإثارة مثل هذا السؤال، ولكن بالنسبة للغات مجتمعات متحضرة، فهؤلاء الرواة يمكن أن ينتقوا من بين من يحسنون تمثيل المستوى اللغوي، المراد تحليله وتقعيده، فإذا أراد أحد أن يصف اللغة الفرنسية كلغة يتكلمها أكثر الناس ثقافة في فرنسا فيجب أن ينتقي الراوي من بين الطبقات العالية الثقافة، مثل أساتذة الجامعة، والمحامين، والأطباء، وموظفي الحكومة وإذا أريد وصف لغة الأحياء القذرة في باريس وتحليلها، فإن الأوباش والمومسات يمثلون هذه اللغة

ص120

أحسن تمثيل وإذا أريد شيء بين بين أمكن الرجوع إلى طبقة الخبازين والجزارين والخدم، وفي كل هذه الحالات حين يتيسر الحصول على راو يمثل اللغة الحية يجد الباحث نفسه مزودا بما يسمى بالظروف البيئية field conditions وهي على طرفي نقيض مع ما يسمى بالظروف الفلولوجية philological conditions التي تميز العمل الذي يقوم به علماء اللغة التاريخيون الذين يتخذون مادتهم الأساسية من الوثائق والنقوش وغيرها من المادة غير الحية.
والخطة المزدوجة التي تجمع بين جمع المادة ثم فحصها ومقارنتها تبدأ على شكل أسئلة صيغت خصيصيا ليمكن عن طريق توجيهها للراوي أن تكشف عن كيفية التعبير عن أشياء معينة في لغته، وعادة ما يتدرج الباحث من الكلمات القصيرة السهلة إلى التعبيرات الطويلة والجمل الكاملة أما الإجابات فيجب أن تكتب بالرموز الصوتية وكلما سجلت تفصيلات أكثر كان أفضل، وربما استخدم جهاز التسجيل أو الأسطوانة أو كلاهما إلى جانب ذلك.
وفي اللحظة التي يتجمع فيا لدى اللغوي المادة الكافية يبدأ عمله التصنيفي والاستنتاجي، وعلى أساس من خبرته العلمية الخاصة في الفونيمات يقرر أي الأصوات المتقابلة أو المتضادة تناسب موقعية معينة وأيها لا يناسب، وحينئذ يجب عليه أن يفصل الفونيمات الحقيقية للغة من الألوفونات، وخلال ذلك الوقت يجب أن تتكون عنده صورة كاملة من التركيب الفونيمي للغة وعن الألوفانات التي تكون كل فونيم، مع صورة واضحة عن الظروف المعينة التي بتحققها يقع الألوفون المعين.
ولنوضح ذلك بالمثال نقول: لو فرضنا أن اللغة الإنجليزية الأمريكية تعتبر لغة غير معروفة وغير مكتوبة، فلكي تكون موضوعًا لخطة فونيمية تحليلية ينبغي على اللغوي أن يحصر الفونيمات عن طريق ما يعرف فنيًا باسم الثنائيات الصغرى minmal pairs وذلك بأن يمتحن كل كلمتين تتفقان تمامًا في كل الأصوات ماعدا واحدًا منها مثل sit وfit، أو set وsit، أو sip

ص221

وsit.  فإذا استلزم التغيير الصوتي تغييرًا في المعنى يعلم حينئذ أنهما فونيمان مختلفان، ويصنفهما كذلك في نظامه الصوتي. إن السبب في اختلاف المعنى بين sit وfit مع اشتراك جميع الأصوات ماعدا واحدًا هو -ولا شك- راجع إلى الصوت المختلف وعلى هذا يجب في الإنجليزية الأمريكية اعتبار /s/ و/p/ فونيمين مختلفين. ومن ناحية أخرى قد يلاحظ الباحث اختلافا بسيطًا بين الـp في sip وpit وspit  وربما أخذه الشك أول الأمر حول ما إذا كانت هذه الباءات الثلاث تشكل فونيمات مختلفة في اللغة أو لا. ولكن بعد أن تتجمع عنده أمثلة كثيرة سيستنتج من مقارنتها أن هذه الأصوات تقع في أماكن متغايرة ويستحيل أن تتبادل موقعيتها، أو تتعاور على المكان الواحد، ولذا فهو يصل في النهاية إلى أنه ألوفونات لفونيم واحد، ومعنى هذا أن نظامه النهائي لفونيمات اللغة سيشتمل على فونيم واحد هو /p/ مع ثلاثة ألوفونات محتملة تقع تحت ظروف معينة.
وإذا كانت اللغة المجهولة المراد تحليلها هي الإيطالية فإن الباحث قد يتساءل أولا ما إذا كان الاختلاف الصوتي بين eco وecco  أو بين cade و cadde، أو بين ala وalla  له طبيعة فونيمية أو أنه اختلاف نطقي راجع إلى الهوى الفردي، ولكن بمجرد أن يعرف أن eco تعني echo الإنجليزية. بينما ecco تعني here is، وأن cade تعني he falls بينما cadde تعني  he fell، وأن ala تعني wing بينما alla تعني to the فسيصل إلى النتيجة أنه في اللغة الإيطالية كل ساكن طويل أو منبور "وهو الذي يمثل في الكتابة الإيطالية عن طريق تكرير الحرف" يشكل فونيمًا يختلف عن مقابله القصير أو غير المنبور، ومعنى هذا أن نظامه الفونيمي للغة الإيطالية يجب أن يعترف بوجود فونيمين لكل صوت ساكن، أحدهما وهو مفرد، وثانيهما وهو مضعف.
كل هذه الخطوات تبدو بسيطة إلى حد كبير أكثر مما هي عليه في الواقع.

ص122

فهناك مجموعات كبيرة من العوامل الثانوية تتدخل في صياغة الأحكام النهائية.

هناك مثلا قضية المماثلة الصوتية: هل الـ p في صورها الثلاث في الانكليزية الأمريكية متماثلة في طبيعتها بقدر كافٍ، ومخرجها، حتى يكون ذلك مبررا لاعتبارها ألوفونات؟ نعم هي كذلك. وربما كان شذوذا كبيرا – وإن لم يكن بعيدا عن التصور – أن ينظر إلى p الشفوية مع k الطبقية  على أنهما يقومان بوظيفة ألوفونات لفونيم واحد، يقع كل منهما في تجمعات معينة (2).

ولكن لاحظ حينئذ أن الإنجليزية تشتمل على (3) /n/ و // وهما متماثلان في طبيعتهما، ويقعان أحيانا – ولكن ليس دائما – في مواقع متغايرة فيقع الصوت / / في الكلمة anchor (بسبب المماثلة assimilation للصوت الطبقي التالي)، ولكن ليس في الكلمة enter. ولاحظ كذلك أن /n/ يمكن أن تقع أيضا في أول الكلام بينما // لايمكن. وهذا مما يثبت ما قلناه من تغايرهما الموضعي، ولكن هنا العامل المؤثر في الاعتبار /n/ و // في الانجليزية فونيمين منفصلين تقابلهما في الثنائيات الصغرى minimal pairs كم في kin و king. وفي الإيطالية يوجد من الناحية الصوتية الصوتان /n/ و // الأول كما في dente والثاني كما في  bianco، ولكن في الثنائيات الصغرى لايوجد بين الصورتين تقابل، بمعنى أن وضع أحدهما مكان الآخر مع بقاء سائر الأصوات لى ماهي عليه لا يغير المعنى. ولهذا فهما يعدان في نظام الفونيم الإيطالي ألوفونين بفونيم واحد. وهذا كله يوضح الحقيقة بأن الاعتبارات المختلفة لابد ان تدرس، ويقارن بعضها ببعض ويرجع أحدهما على الآخر.

وهناك مزالق فونيمية في تحليل قد أشار إليها gleason ومن بينهما

__________
(2) توجد هذه الظاهرة في بعض اللغات المغمورة كذلك توجد في بعض التطورات التاريخية، كما حدث للاتينية حينما تحولت إلى الرومانية، ولكن يجب أن نذكر أن علم اللغة الوصفي لا يعالج التطورات التاريخية، وإنما يصف حالة لغة معينة في وقت معين.
(3) الرمز ? موجود في الرموز الصوتية الدولية ليدل على الصوت "ng" الموجود في "sing".

ص123

المبالغة في تقدير اختلافات صوتية موجودة  ovre-differentiation  والتقليل في تقدير هذه الاختلافات  under-differentiation، وكلاهما يحدث بسبب وقوع المحلل اللغوي تحت تأثير عاداته اللغوية الخاصة. وإن محللا يتكلم اللغة الإنجليزية ربما غررت به طبيعته وجعلته يخلط الـ"k" والـ"q"  العربيتين، ويضعهما تحت فونيم واحد مماثل للأصوات الطبقية الإنجليزية الموجودة في(4) kin وCool.  ولكن الاختلاف الدلالي بين كلمتي: كلب وقلب العربيتين كاف لإثبات خطئه، ومن ناحية أخرى فإن المحلل العربي ربما ظن خطأ وجود خلاف فونيمي بين الألوفونين الإنجليزيين "للصوت المهموس الطبقي الانفجاري" اللذين يقع أحدهما قبل العلة الأمامية، والآخر قبل العلة الخلفية "kill وcool" فيتصور خطأ أنهما فونيمان اثنان إلى أن يلاحظ اختفاء الأساس في التقسيم الفونيمي وهو تغير المعنى مع تغيير الفونيم، ويعجز عن العثور على أي ثنائيات صغرى.

وهناك كذلك احتمال الخطأ في التجزيء segmentation. فمن الناحية الصوتية نجد ch الإنجليزية الموجودة في church، tsch الألمانية الموجودة في deutsch متماثلين. ولكن دقة التوزيع الصوتي في الانجليزية أو التجانس الموجود في التركيب الفونيمي يبدو مرشحا لاعتبار هذا الصوت فونيما واحدا. الانجليزية تملك سلسة من الأصوات الطبقية وهي (5)  
__________
(4) يوجد خلاف بين الصوتين في الموقعية, فهما في الإنجليزية ألوفونان لفونيم وحد هو k, الأول منهما يقع قبل العلة الأمامية، والثاني منهما قبل العلة الخلفية.

(5) الرمز /c/ في الرموز الصوتية الدولية يمثل الصوت

ص124

 

و /Ĵ/ و / ʃ / و /Ʒ/ و /ƙ/ و /ƕ/ بينما يوجد في النظام الألماني فونيم واحد هو ... يمكن يعتبر عن أي صوت آخر في الصف ماعدا /ʃ/. ولهذا فمن المفضل – وإن لم يكن قسريا – اعتبار tech الألمانية كتتابع لفونيميين اثنين هما /t/  + / ʃ /. وهناك اصطلاحات هو الأزواج المشتبهة suspicious pairs ، ويستعمل في حالة ما إذا بدا أن صوتين هما متماثلان صوتيا، وعلى هذا يظن اعتبارهما ألوفونين لفونيم واحد.

وإن التحليل الفونيمي كثيرا ما يصيبه الاضطراب نتيجة لتعدد الصور النطقية، كما يبدو في كلمة with التي ينطقها بعضهم مجهورة /o/ وبعضهم مهوسة /e/. وبالنسبة لبعض اللغات توجد صعوبة أخرى، وهي التمييز بين النغمات الصوتية التي تعد ذات قيمة فونيمية كاملة، في مقابل الأخرى ذات القيم الثانوية الإضافية، وهنا يقترح  Gleason  القيام باختبارين مفيدين، أولهما اختبار الرتابة monotony test حيث ينطق بمجموعة من الكلمات ذات اللحن المشترك الواحدة بعد الأخرى لتنتج وحدات رتيبة مكررة، فإذا أدرجت كلمة ذات لحن مختلف داخل السلسلة انكسرت الرتابة الموسيقية(6). أما الآخر فهو بناء إطارات أو أشكال نغمية عن طريق وضع الكلمات متلاصقة مع سلسلة من كلمات أخرى -مثل الأعداد- تعرف نغماتها(7).
__________

(6) في دراسة Glesson اللغة Ewe الموجودة في غرب إفريقية، والتي لها ثلاث نغمات عالية ومتوسطة ومنخفضة، عمل اختبار عن طريقه وضعت كلمات متنوعة مكونة من مقطع واحد وضعت متتابعة وطلب من أحد أبناء اللغة أن ينطلق بها. فإذا حدث وكانت الكلمات ذات نغمة، واحدة فتكون النتيجة مجموعة من النغمات الرتيبة الموحدة، فإذا كانت نغمة كلمة ما غير مؤكدة فإنه كان يقوم بوضعها في تتابع معين، فإذا اتفقت نغمتها مع الأخريات المعروف لحنها فإنها تنسب إلى هذه المجموعة النغمية. أما إذا كانت النتيجة كسر الرتابة فإنه يجرب وضع هذه الكلمة في مجموعة نغمية أخرى، وهكذا حتى تتناسب مع واحدة منها.
(7) فالاسم الذي يشك في نغمته يمكن أن يقرن بالأعداد من 1إلى 6 واحدا بعد الآخر. هذه الأعداد معروفة نغماتها، فإذا كانت نغمة الكلمة صاعدة أو هابطة أو في نفس المستوى مع أي من الأعداد صار من الميسور ردها إلى ما يناسبها من المجموعات النغمية.

ص125

 

وإن التوسع في استخدام أجهزة التسجيل في مجال العمل الفونيمي قد قلل -إلى حد كبير- من متاعب المحلل اللغوي، حيث إنه يسمح بالتسجيل الموضوعي للأصوات الفعلية المنطوقة، ويكمل النقص في استخدام الرموز المكتوبة، الذي يتأثر عادة بعوامل ذاتية ناتجة عن سماع المحلل وثقافته.
ولكن حتى الأصوات المسجلة يجب في النهاية أن يقوم المحلل بترجمتها وتفسيرها معتمدا على أذنه وفهمه، ولهذا فإن قيمتها الرئيسية تعود إليه أخيرا.
وعند هذه النقطة يجب أن الكتابة الصوتية تمثيل موضوعي للأصوات، فإن الكتابة الفونيمية تؤسس على إحساس المتكلم بالفروق الصوتية، والتفريق الذي يرى وجوده بنفسه. وهذا يعني أن ما يعد رموزا كتابية مرضية لنوع من اللغات مثل الإنجليزية لا يلزم بالضرورة أن يكون دقيقا مائة في مائة بالنسبة للغة أو لهجة أخرى. إن صوت العلة الموجود في lot و not و pot هو -موضوعيا وصوتيا- "a" في فم المتكلم الأمريكي في الجملة، ولكنه "?" أو "C" في فم المتكلم الإنجليزي.
وهذا بدوره يعني أن الكتابة الفونيمية للغوي ربما لا تتفق مع كتابة لغوي آخر، فكل منهم يميل إلى أن يستعمل ويكتب الصورة الصوتية للهجته الخاصة، وعلى سبيل المثال فإن حرف العلة في leave وfeet يختلف تقديره وكتابته بالنسبة إلى الرجل الإنجليزي عنه بالنسبة للرجل الأمريكي فالإنجليزي يمثله بالرمز ":i" "علة طويلة خالصة", ولكن الأمريكي يمثله بالرمز "ij" "علة قصيرة خالصة متبوعة بـY انحدارية glide" ولهذا فإن معظم من يمثلون الصوت بالرموز الكتابية يلفتون نظر قرائهم إلى هذا النوع الذي لا مفر عنه من الإقحام لخصائص لغتهم في مجال التمثيل الكتابي.

ص126

 

وإن عملية التحليل المورفيمي لتطابق تماما تلك التي وصفناها فيما سبق، ماعدا أن التحليل هنا ينصب على المورفات أو أصغر الوحدات ذات المعاني التي ينبغي أن تحلل إلى مورفيمات وألومورفات، وفي المجال التطبيقي يتصاحب عادة التحليلان الفونيمي والمورفيمي ولا يتتابعان، ولكن مع تسجيل ملاحظات المحلل اللغوي منفصلة، ثم يتصاحب التحليلان وبخاصة حين يتقدم سير البحث.
وهنا نقول مرة ثانية إنه إذا كان هناك تقابل أكيد في المعنى أمكن الباحث أن يعدهما مورفيمين منفصلين، ولكن إذا كان المورفان يحملان نفس المعنى ويستعملان في موقعيتين مختلفتين فيجب اعتبارهما ألومورفات لمورفيم واحد. فـ"ing-" الموجودة في working في مقابل "ed-" في worked كل منهما يحمل معنى خاصا مختلفا، ولهذا مورفيمان. أما "t-" المنطوقة التي تظهر في worked و"d-" التي تظهر في filled، وتغير العلة الموجودة في found, find وحتى التغيير الصفري zero change من صيغة الماضي إلى صيغة المضارع في put, put، كل أولئك يحمل معنى واحد، وهو الماضوية، ولهذا يمكن اعتبارها كلها ألومورفات لمورفيم واحد، وهو الدلالة على الماضي.
وهنا يقترح Gleason بحق أن يتخذ أحد الألومورفات كصيغة أساسية basem, form، ويعتبر الباقي بدائل replacices فإذا أردنا اختيار صيغة أساسية بناء على درجة تكرار الوقوع نجد أن d في filled وdallied, toyed هي الصيغة الأساسية للمورفيم الدال على الماضوية، وعلى هذا نعتبر "t" في worked وstopped و"id" في ended، وتغير العلة في found والتغير الصفري في put كل أولئك ألومورفات بديلة، "انظر المبحث رقم22".
وجمع أنواع العوامل المورفونونيمية، وبخاصة ما يعرف بالمماثلة

ص127

 

يجرها نحو الطبق تحت تأثير الساكن الطبقي التالي، وتصير "im" منطوقة وحتى مكتوبة في impossible بتلوينها بالصبغة الشفوية تحت تأثير الصوت الشفوي p" وآخر خطوة في التحليل اللغوي هي وضع قواعد النحو، والإعداد لتصنيف مفردات اللغة على أساس من المبادئ الوصفية وطرق البحث التي سبق شرحها.
فمن الناحية النحوية -على سبيل المثال- يجب على المحلل أن يقوم بيان أنواع الصيغ للغة التي يحللها، وقواعد تبديل الصيغة لتشكيل أنظمة جديدة كنظام النفي أو الاستفهام في الجملة، وكذلك المعالم الخاصة الموروثة في اللغة موضوع البحث، "انظر المبحث رقم 23".
ومن وجهة نظر علم المفردات اللغوية فإن المحلل ينبغي أن يزودنا بقائمة للرصيد العام للمورفيمات في اللغة موضوع البحث -مصحوبة بإمكانيات تجمعاتها- مع تعيين الصيغ النحوية الكاملة lexemes كلما أمكن، وكذلك التعبيرات الاصطلاحية idioms وما يستخدمه اللغة من السوابق واللواحق، "انظر المبحث رقم 24".
وآخر نتاج لمجهود المحلل اللغوي سوف يكون النحو الوصفي للغة موضوع البحث، كما سنتحدث في المبحث التالي.

(1/128)

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.