أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-02-2015
1641
التاريخ: 25-11-2014
1523
التاريخ: 7-10-2014
1409
التاريخ: 13-02-2015
1784
|
و حيث كان الاجتماع متكئا في وجوده على الطبيعة جرى فيه أيضا نظير القانونين: أعني: قانوني تنازع البقاء، و الانتخاب و بقاء الأمثل.
فالاجتماع الكامل و هو الاجتماع المبني على أساس الاتحاد الكامل المحكم المرعى فيه حقوق الأفراد: الفردية و الاجتماعية أحق بالبقاء، و غيره أحق بالفناء و الانقراض، و التجارب قاض ببقاء الأمم الحية المراقبة لوظائفها الاجتماعية المحافظة على سلوك صراطها الاجتماعي، و انقراض الأمم بتفرق القلوب، و فشو النفاق و شيوع الظلم و الفساد و إتراف الكبراء و انهدام بنيان الجد فيهم، و الاجتماع يحاكي في ذلك الطبيعة كما ذكر.
فالبحث في الآثار الأرضية يوصلنا إلى وجود أنواع من الحيوان في العهود الأولية الأرضية هي اليوم من الحيوانات المنقرضة الأنواع كالحيوان المسمى برونتوساروس أو التي لم يبق من أنواعها إلا أنموذجات يسيرة كالتمساح و الضفدع و لم يعمل في إفنائها و انقراضها إلا تنازع البقاء، و الانتخاب الطبيعي و بقاء الأمثل، و كذلك الأنواع الموجودة اليوم لا تزال تتغير تحت عوامل التنازع و الانتخاب، و لا يصلح منها للبقاء إلا الأمثل و الأقوى وجودا، ثم يجره حكم الوراثة إلى استمرار الوجود و بقاء النوع، و على هذه الوتيرة كانت الأنواع و التراكيب الموجودة في أصل تكونها فإنما هي أجزاء المادة المنبثة في الجو حدثت بتراكمها و تجمعها الكرات و الأنواع الحادثة فيها، فما كان منها صالحا للبقاء بقي ثم توارث الوجود، و ما كان منها غير صالح لذلك لمنازعة ما هو أقوى منه معه فسد و انقرض، فهذا ما ذكره علماء الطبيعة و الاجتماع... و قد ناقضه المتأخرون بكثير من الأنواع الضعيفة الوجود الباقية بين الأنواع حتى اليوم، و بكثير من أصناف الأنواع النباتية و الحيوانية، فإن وقوع التربية بتأهيل كثير من أنواع النبات و الحيوان و إخراجها من البرية و الوحشية، و سيرها بالتربية إلى جودة الجنس و كمال النوع مع بقاء البري و الوحشي منها على الرداءة، و سيرهما إلى الضعف يوما فيوما، و استقرار التوارث فيها على تلك الصفة، كل ذلك يقضي بعدم اطراد القاعدتين أعني تنازع البقاء و الانتخاب الطبيعي.
و لذلك علل بعضهم هذه الصفة الموجودة بين الطبيعيات بفرضية أخرى، و هي تبعية المحيط فالمحيط الموجود و هو مجموع العوامل الطبيعية تحت شرائط خاصة زمانية و مكانية يستدعي تبعية الموجود في جهات وجوده له، و كذلك الطبيعة الموجودة في الفرد توجب تطبيق وجوده بالخصوصيات الموجودة في محيط حياته، و لذلك كانت لكل نوع من الأنواع التي تعيش في البر أو البحر أو في مختلف المناطق الأرضية القطبية أو الإستوائية و غير ذلك، من الأعضاء و الأدوات و القوى ما يناسب منطقة حياته و عيشته، فمحيط الحياة هو الذي يوجب البقاء عند انطباق وجود الموجود بمقتضياته و الزوال و الفناء عند عدم انطباقه بمقتضياته، فالقاعدتان ينبغي أن تنتزعا من هذا القانون أعني: أن الأصل في قانوني تنازع البقاء و الانتخاب الطبيعي هو تبعية المحيط، ففيما لا اطراد للقاعدتين لا محيط مؤثر يوجب التأثير، و لكن لقاعدة تبعية المحيط من النقض في اطرادها نظير ما للقاعدتين، و قد فصلوها في مظانها.
و لو كان تبعية المحيط تامة في تأثيرها و مطردة في حكمها كان من الواجب أن لا يوجد نوع أو فرد غير تابع، و لا أن يتغير محيط في نفسه كما أن القاعدتين لو كانتا تامتين مطردتين في حكمهما وجب أن لا يبقى شيء من الموجودات الضعيفة الوجود مع القوية منها و لا أن يجري حكم التوارث في الأصناف الردية من النبات و الحيوان.
فالحق كما ربما اعترفت به الأبحاث العلمية أن هذه القواعد على ما فيها من الصحة في الجملة غير مطردة.
و النظر الفلسفي الكلي في هذا الباب: أن أمر حدوث الحوادث المادية سواء كان من حيث أصل وجودها أو التبدلات و التغيرات الحادثة في أطراف وجودها يدور مدار قانون العلية و المعلولية، فكل موجود من الموجودات المادية بما لها من الصورة الفعالة لنفع وجوده يوجه أثره إلى غيره ليوجد فيه صورة تناسب صورة نفسه، و هذه حقيقة لا محيص عن الاعتراف بها عند التأمل في حال الموجودات بعضها مع بعض، و يستوجب ذلك أن ينقص كل من كل لنفع وجود نفسه فيضم ما نقصه إلى وجود نفسه بنحو، و لازم ذلك أن يكون كل موجود فعالا لإبقاء وجوده و حياته، و على هذا صح أن يقال: إن بين الموجودات تنازعا في البقاء، و كذلك لازم التأثير العلي أن يتصرف الأقوى في الأضعف بإفنائه لنفع نفسه أو بتغييره بنحو ينتفع به لنفسه، و بذلك يمكن أن يوجه القانونان أعني: الانتخاب الطبيعي و تبعية المحيط، فإن النوع لما كان تحت تأثير العوامل المضادة فإنما يمكنه أن يقاومها إذا كان قوي الوجود قادرا على الدفاع عن نفسه، و كذلك الحال في أفراد نوع واحد، إنما يصلح للبقاء منها ما قوي وجوده قبال المنافيات و الأضداد التي تتوجه إليه، و هذا هو الانتخاب الطبيعي و بقاء الأمثل، و كذا إذا اجتمعت عدة كثيرة من العوامل ثم اتحدت أكثرها أو تقاربت من حيث العمل فلا بد أن يتأثر منها الموجود الذي توسط بينها الأثر الذي يناسب عملها، و هذا هو تبعية المحيط.
و مما يجب أن يعلم: أن أمثال هذه النواميس أعني: تبعية المحيط و غيرها إنما يؤثر فيما صح أن يؤثر، في عوارض وجود الشيء و لواحقه، و أما نفس الذات بأن يصير نوعا آخر فلا، لكن القوم حيث كانوا لا يقولون بوجود الذات الجوهري بل يبنون البحث على أن كل موجود مجموع من العوارض المجتمعة الطارئة على المادة، و بذلك يمتاز نوع من نوع، و بالحقيقة لا نوع جوهري يباين نوعا جوهريا آخر، بل جميع الأنواع تتحلل إلى المادة الواحدة نوعا المختلفة بحسب التراكيب المتنوعة، و من هنا تراهم يحكمون بتبدل الأنواع و بتبعية المحيط أو تأثير سائر العوامل الطبيعية و لا يبالون بتبدل الذات فيها .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|