سياسة المعتصم إزاء العلويين

سلك المعتصم إزاء العلويين نفس السياسة العدائية التي سلكها الخلفاء من قبله - فيما عدا المهدي والمأمون، ففي سنة 219هـ تخلص المعتصم من محمد الجواد بن علي الرضا [عليهم السلام] زوج أم الفضل ابنة المأمون، التي اتهمت بدس السم له. وقد يكون ذلك بإيعاز من عمها المعتصم، الذي خشي أن يطالب محمد الجواد بالخلافة مستندًا على أن المأمون قد ولي أباه علي الرضا العهد قبل وفاته، وبالتالي تصبح الخلافة حقًا له من بعد أبيه، فضلا عن ذلك فإن أولاده من أم الفضل هم من سلالة المأمون. وقد تم دفن محمد الجواد بمقابر قريش في الجانب الغربي من بغداد مع جده موسي بن جعفر [عليه السلام]، وكان عمره آنذاك خمسة وعشرين عامًا (1).

خرج على المعتصم محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي في سنة 219هـ، لما علم بما حدث لمحمد الجواد، أدرك أن المعتصم سيتخلص من العلويين واحدًا بعد الآخر، فخشي على نفسه وفر من الكوفة إلى خراسان وتنقل بين كورها(ولاياتها). فانضم إِليه جمع كثير من أهلها، واشتبك في عدة معارك مع جيش المعتصم كان النصر حليفه فيها. ولكن ينجح عبد الله بن طاهر في إلقاء القبض عليه، وأرسله إلى المعتصم فحبسه في سامرا وقد اختلف الناس في نهايته فقيل إنه مات مسمومًا، وقيل إن شيعته تمكنت من إخراجه من حبسه وذهبوا به إلى مكان ما. كان أنصار محمد بن القاسم العلوي من الزيدية، ويزعم فريق منهم في نواحي الكوفة وبلاد فارس أنه حي لم يمت وأنه سيعود إلى الدنيا ليملأها عدلا بعد أن ملئت ظلمًا وجورًا... (2).

____________

(1) ينتسب العلويين إلى علي بن أبي طالب ابن عم الرسول وزوج ابنته فاطمة أم الحسن والحسين سيدا شباب الجنة،  وهو رابع الخلفاء الراشدين ،  له قدم راسخة في مؤازرة الحق سواء في عهد الرسول أو عهد الخلفاء  الثلاثة الذين سبقوه، مروج الذهب ومعادن الجوهر،  المسعودي(ت 347هـ)،  ج 4 ص52، وذكره الدكتور: حسن إبراهيم حسن في كتابه:  تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي في م 5 ج 2،  و المنتظر في تاريخ الأمم والملوك،  ابن الجوزي(ت 597هـ)، ﮁ 11 ص41،  الدولة العربية الإسلامية،  محمد جمال الدين سرور، ص 312،  العلاقات بين العلويين والعباسيين،  عبد العزيز محمد اللميلم،  ص 217ـ 220،  نهاية الأرب في فنون الأدب،  النويري،  ص 243.

(2) معجم البلدان، البغدادي، طبرستان: مكونة من شقين (طبر، و استان) ومعناها ناحية الطبر، وهى بلدان واسعة كثيرًا، م4 ص13ـ 16، و دراسات في تاريخ الدولة العباسية،  الدكتور رضوان محمد البارودي، والدكتور صبحي عبد المجيد إدريس،  ص 157ـ158،  معالم التاريخ الإسلامي،  عصام عبد الرؤوف الفقي،  ص 180،  تاريخ الدولة العباسية،  محمد أحمد إبراهيم،  ص129.

مواضيع ذات صلة

الإدارة على عهد المعتصم وأخلافه.

أبو إسحاق المعتصم والجواري

وفاة المعتصم

مسألة خلق القرآن

بناء مدينة سامراء

المعتصم (218ـ227هـ/833ـ842م)

السياسة الداخلية للمعتصم

المعتصم والزط

المعتصم والخرمية

السياسة الخارجية في عهد المعتصم

القضاء على ثورة الأفشين

اعتماد المعتصم على الأتراك