1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الزوج و الزوجة :

اختلاف المرأة والرجل

المؤلف:  د. رضا باك نجاد

المصدر:  الواجبات الزوجية للمرأة في الاسلام

الجزء والصفحة:  ص196ـ203

14-11-2017

1907

لا يحتمل وجود تفاهم كامل واستقرار دائم في حياة المرأة وزوجها. فكيف نقرّ بوجود مئات الاختلافات الجسمية والنفسية ولا نتوقع حصول خلاف بينهما، وما أن يلاحظ الرجل أدنى عمل من المرأة يتنافى مع رغبته، أو بمجرد ان ترى المرأة عملا من الزوج لا ينسجم مع نفسيتها، يتوقع كل منهما أن يعرب الآخر عن توبته، ويعد بالقضاء على التناقضات وأسباب الخلاف.

بما أن الإنسان ليس كسائر الحيوانات التي قد تختلف عن بعضها في الكميات وتتلاقى في الكيفيات، فمن الطبيعي ان كل إنسانين يوجد بينهما اختلاف من السماء الى الأرض. واختيار الزوجة يقع عادة ضمن هذه الفاصلة من الاختلاف، وكثيرا ما يحصل ضمن هذا السياق ان يكون الرجل مثابراً وتكون الزوجة كسولة. أو يكون الرجل متخلفاً عقلياً بينما تكون امرأته ذكية. في حين ان العربة القديمة يجب ان يجرها حصان قوي، والحصان الضعيف يجب ان تربط عليه عربة خفيفة وسهلة، وأن يتخذ الرئيس لحماية المرؤوسين، ويكون الآخرون كمرؤوسين ويعملوا على صيانة الرئيس. ويبدو ان رأي علماء الفيزياء في ما يخص خلقة المادة يصدق على خلقة غير المادة أيضا. فهؤلاء العلماء يقولون إن خلق المادة تعيش حالة استواء؛ إذ ان المرتفعات والمنخفضات والزيادات والنواقص والحرار والبرودة تؤثر في بعضها الآخر، وتوجد حالة من التعادل والتوازن تجعلها تسير على وتيرة واحدة نحو التوحيد. وهكذا الحال بالنسبة للرجل والمرأة فهما حينما يقترنان بعقد الزوج لا بد وأن توجد بينهما اختلافات، ويجب ان تتداخل وتذوب نصف الاختلافات الموجودة لدى كل واحد منهما مع الآخر: {مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ}[الإنسان:2]. والكائن الذي يأخذ على عاقته مهمة تقليل مدى الاختلافات بين الموجُودَيْن السابقين هو الجيل الجديد.

يتلخص الاختلاف الأساسي بين الرجل والمرأة بالصراع بين الفكر والعاطفة؛ فالرجل يعيش بالأمل والتفكير، والمرأة تعيش بالأمل والعاطفة. ولهذا السبب لا بد ان يدخل الرجل والمرأة في معترك الصراع المحتدم على الدوام بين العقل والأخلاق. ونحن نعلم بأن الاختلافات غالبا ما تنجم عنها أزمات. وإذا كان احد طرفي البادية حارا والآخر باردا فلا بد ان تقع عاصفة. وإذا كان أحد قطاعي المجتمع جائعا والآخر متخوما فلا بد أن تقع بينهما أزمة حادة. وهكذا الحال ايضا بالنسبة الى الرجل والمرأة اللذين يمثلان جنسين مختلفين وتوجد بينهما اختلافات كيفية وكمية كفيلة بإحداث أزمة ظهور الجيل الجديد وهو ما يفضي الى دفع ثمن حياة الأجيال اللاحقة. وهذه هي الأزمة التي تسوق رجال ونساء المستقبل على مسار التوحيد نحو الله: {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}[النور:42] ، {إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}[الزخرف:14] ، {إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}[البقرة:46]. وهذه هي العاصفة التي تستجلب سحاب الرحمة، أو كما يعبّر عنه علماء النفس بقولهم: إن الغضب السطحي، والهواجس الطفيفة والمشاجرات اللفظية بمثابة الرعد والبرق الذي يستجلب المطر ويقود الى ازدهار شجرة الحياة، على اعتبار أن المطر يأتي من بعد البرق والصاعقة، وبعد نزول المطر يسود الفرح والسرور.

إن الشخص الذي يختارُ شريكة حياته على هدي التعاليم الإلهية ويبني صرح حياته على أساس تعليم الإسلام، تكون عوامل التضاد في حياته كسائر عوامل التضاد الموجودة في سائر مناحي

الوجود الزاخرة بالسلب والإيجاب، والحرارة والبرودة، والمرض والصحة، والموت والحياة.

...لا بد من الالتفات الى ماهية التعليمات الواردة في هذا المجال من اجل ان يكون الرجل على بينة من أمره وكيف يجب ان يعامل المرأة، وكيف يجب ان تكون هي معه بحيث لا يأخذهما الطيش ويدفعهما الى نحر حلاوة حياتهما على مذبح الأهواء والأنانية والتكبر؛ وذلك لأن الإخلاص الذي يرافق الحياة الزوجية يعدّ نعمة كبرى، ومن يكفر هذه النعمة لا يقدم للمجتمع سوى جيل ضائع ومريض.

عُرضت عليَّ في ما سبق أسئلة كثيرة حول الترفيه، وبينت حينها بأن الإنسان يجب ان يعيش لحظات من الهم ودقائق من السرور بحيث لا يفضي أي منهما الى حصول توتر في الأعصاب؛ لان مجموع توترات الأعصاب تساوي الموت. ولو أردنا إعطاء تعريف للتوتر هنا لقلنا بأن لنظام الجسم سعة محدودة على التطابق، وكل ما يأتي أكثر أو أقل من ذلك، أي ان يكون خارجا عن حالة التطابق يؤدي الى إيجاد التوتر. تقول على سبيل المثال بأن الإنسان لو نبت مسمار بيده يكون ردّ الفعل عبارة عن ألم وقفزة من المكان يرافقه تحشد كريات الدم البيضاء حول موضع الجرح لمقاومة البكتريا المعتدية إضافة الى نشاط عملية تخثر الدم واستلئام الجرح، وكذلك إذا تلقى الشخص صفعة فإنها تجابه بردود فعل معينة من قبل الجسم، وكل حادثة حادثة مؤلمة او سارّة تلم بالشخص تستتبع وراءها ردود فعل، والحالة التي تقف وراءها تسمى توترا. وقد حدد الدكتور توماس هيلمن العالم النفسي في جامعة واشنطن الطبية درجات متفاوتة لوقائع الحياة من حيث الشدة والضعف في التوتر ويقول بأن الزوجة الصالحة إذا ماتت يكون التوتر 100، وعند الطلاق 73، وازواج50، والحصول على شهادة البكلوريوس 47، والانتقال الى دار جديدة 20، ما الى ذلك، وكلها تسبب الشيخوخة. إلا ان ما يأتي وراء التطابق هو الشيخوخة المبكرة. ويرى الدكتور المذكور أن الشخص إذا ألمّت به سنويا أكثر من 200 درجة من التوتر فمعنى ذلك أنها تفوق سعة التطابق وتردي الى إصابة الشخص بمرض. وأما التوتر الطفيف الذي يطبع الحياة المتحضرة فيجب ان نعيشه. بيد ان المدنية التي يريدها الإسلام لا تبيح شيئا مما يضر الجسم أو الروح، وإذا كان الشيء مكروها فمن الأفضل أن لا يكون له وجود أساساً، وإذا كان شيء ما واجباً فلا بد من الإتيان به، وإن كان وجوده أفضل من عدمه فهو مستحب. ومن هنا نلاحظ أن الإسلام فيه تطابق بين الحياة والإنسان، أي أنه دين ينسجم مع الفطرة.

أما التوترات الطفيفة فهي بمثابة محفزات للحياة ولا يمكن للمرء اجتنابها، والسبيل الوحيد للتخلص منها هو عدم العمل إطلاقا، وهذا هو أسوأ أنواع التوتر. لأن أساس خلق الإنسان قائم على العمل وتقلب الظروف والأحوال. ولكن الضغوط والتوترات مهما كانت لا توجد قلقا لدى المؤمن الذي ينظر الى الأمور من زاوية {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].، وهو لا يصنع التوترات والضغوط من عند نفسه ويوجهها نحو الحياة، وإنما تأتي من الحياة صوب الكائن الحي.

إذا علمنا ان الفقر مفسدة فإن الثراء هو الآخر مفسدة أيضا. لأن الثراء يعني وجود فائض والفقر يعني وجود شيء خاوٍ وشيء أقل من الحد المطلوب. ومعنى هذا ان المشاجرات التي تقع بين الزوج والزوجة وما يصاحبها من تراشق لفظي يعتبر بمثابة ملح للحياة. وكل من يتعدى منهما طوره نحو الإسراف فهو شيطان يثير التوتر الحاد في الحياة ويقود الى ضياع ذريته...

لو توقف التضاد والاختلاف أثناء مرحلة النشوب فلا بد أن يحصل على أثره التمكين ونزول مطر الرحمة. وإلا فلو تواصل تأجيج نار الاختلاف من قبل المرأة او من قبل الرجل بسبب نزعته التفوقية، فإن الصراع تتسع دائرته، وفي حالة تكرار ذلك تحل نار النكبة بدلا من نزول مطر الرحمة. على الرجل ان يفكر على نحو منطقي وعقلاني ويذعن بحتمية وجود اختلافات ذوقية وفكرية ونفسية بين شابين من جنسين مختلفين ومن عائلتين مختلفتين، ويؤمن بإمكانية حل جميع أسباب التضاد. ومن الطبيعي ان مهمة تقصي جذور الخلاف وجوانب التضاد تقع على عاتق الرجل، وبعد ذلك يوعّي المرأة الى الغاية من حياتهما هي تحقيق حياة أفضل والوصول الى نحو النهاية على نحو أمثل. وعلى المرأة أيضا حينما ترى الرجل مرهقا ان تنظر إليه لا بصفته زوجها وابا لأطفالها وإنما بصفته إنسانا متعبا من معاناة الحياة، ثم تأخذ على عاتقها تهدئة الأمور وتضييق شقة الاختلاف. وإذا كانت نار الانتقام متأججة في قلب تلك المرأة عليها في تلك اللحظة التي يكون فيها متعبا وغاضبا أن لا توسع دائرة الخلاف ولا تنال من زوجها أمام أقاربها لأن ذلك يترك في قلبه جورحا عميقة. وكذلك على الرجل ان لا يسيء القول في زوجته أمام أقاربه. وإذا كانت المرأة قادرة على توفير الراحة لزوجها بشكل يزيل عنه التعب يكون لها نصف أجر الشهيد. وهذا المعنى جاء في رواية منقولة عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال فيها: (جاء رجل الى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال: إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني وإذا خرجت شيعتني وإذا رأتني مهموما قالت لي: ما يهمك؟ إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل لك به غيرك، وإن كنت تهتم لأمر آخرتك فزادك الله هما. فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): إن لله عمالا وهذه من عماله لها نصف أجر الشهيد)(1).

إذا علمت المرأة بأن المبالغ التي تُدفع من قبلهم لقاء استهلاك الكهرباء والماء والغاز وما شابه لا تُنفق في سبيل رفاه الشعب وعمران البلد أو لصالح المسلمين، عليها ان تقتصد في الاستهلاك الى أقل حد ممكن، وإلا فإنها تُعتبر مبذرة.

يميل معظم الرجال الى ان تكون المرأة على حد معقول من البدانة وهذا ما يملي على المرأة ان تكون من حيث الوزن ضمن هذا الحد المعقول. ولا شك في أن النحافة والبدانة يؤديان الى ان تفقد ميزة خاصة يتمنها الرجل وهي ان تبقى زوجته في حد متوسط من الوزن...

على المرأة ان تتجنب التدخل في المجالات التي يُعتبر فيها زوجها شخصا نشيطا او تاجرا او كاسبا او موظفا أو عاملا ماهرا. فطالما كان عمل الشركة رائجا وتدر على المساهمين فيها مداخيل جيدة تبقى العلاقات بينهم علاقات طيبة. ولكن ما إن تنخفض مداخيل الشركة حتى يحاول كل واحد منهم إلقاء التبعة على تدخل أحد أعضاء الهيئة الإدارية أو أحد الشركاء. وهذه الظاهرة سائدة في معظم الأمور تقريبا. ولهذا السبب يجب على الرجل ان لا يستشير زوجته في ما يخص عمله، وعلى الزوجة ان لا تتدخل في عمل الزوج. لان الأمور إذا كانت تجري على ما يرام لا تنال الزوجة تقديرا ولا ثناء ولكن بمجرد حصول أية انتكاسة تلقى تبعاتها على المرأة التي أعربت عن رأيها في العمل.

قد يخطر على بال القارئ ان كل هذا الأجر الجزيل والثواب الجميل الذي جعله الإسلام للمرأة لقاء أعمال صغيرة إنما هو ثواب رمزي يراد منه التشجيع، ومن غير المعقول ان تحصل على كل هذا الاجر في مقابل غسل إناء واحد ووضعه في مكانه... أن رسول الله (صلى الله عليه واله) عندما قسم التمر الذي كلّفه الشاب في وصيته بتقسيمه بعد مماته، وبقيت تمرة واحدة يابسة منه قال: (لو ان هذا الشاب قسم التمر بنفسه لكان خيرا له)، على اعتبار ان الناس كانوا إذا شاهدوا الرسول او الإمام يعمل خيرا يعتبرون ذلك من واجبه، ولكنهم إذا رأوا شابا آخر ينفق ففي عمله ذاك حجة عليهم ودعوة لهم لعمل الخير. والأهم من كل ذلك هو ان الإنفاق يغرس في الناس روح الطاعة وينمي لديهم الرغبة في البذل والعطاء وتنتقل هذه الخصلة منهم الى ذريتهم جيلا بعد جيل. إذا فالعمل الصالح وإن كان يبدو في الظاهر قليلا ولكنه ينتقل وراثيا من جيل الى جيل وتنجم عنه فضائل كبرى. أي أنه ليس شيئا رمزيا، وإنما حقيقة تأخذ في الاتساع ولا تنتهي إلا بانتهاء العالم.

أشرت في موضع آخر الى ان ما كان يُستهزئ به يوما ما أصبح اليوم كحقيقة علمية قطعية. ومن جملة ما ورد بشأن الجماع هو الامتناع عنه في ظروف زمانية ومكانية معينة منها على سبيل المثال ان لا يكون في حالة اضطراب ولا مع ابن زنا، ولا في آخر الشهر (اليومان الأخيران من الشهر) ولا أول ووسط الشهر، ولا بشهوة ضجيع آخر، ولا تحت الشمس، ولا أثناء العاصفة، ولا أثناء الخسوف أو الكسوف، وما الى ذلك من الحالات.

إذا كان لدى الأم بنتا شارفت على سن الزوج وجاء رجل وطلب يدها مبديا رغبته في منها، فعلى الأم ان تضع على رأس جميع الامور مسألة تديّن ذلك الرجل إضافة الى استحصال ما يمكن من العهود والمواثيقمنه، وإذا شوهد يمارس بعض المحرمات فلا بد من إرشاده ونهيه عن المنكر. وأشير مرة أخرى الى ان الفرق بين التقوى والتقية هو ان التقوى تقع جهاراً بينما تؤدي التقية سرا. والتقية ـ على عكس التصور السائد ـ أشد صعوبة من التقوى؛ لان للذوق والاختيار تأثير فاعل في هذا المجال. والاختيار ميزة إنسانية كبيرة وبها يتميز الإنسان عن الحيوان. وإذا كان الرجل يحب ان تبقى أعماله في الخفاء من غير ان يكون فيها حرام، فالأسهل على الزوجة ـ كما ذكرت مرارا – هو قبول صفات الزوج وليس رفضها.

______________

1ـ من لا يحضره، الفقيه ، ج3 ، ص389.