لیكن الهدف من الزواج هدفاً سامياً
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 53 ــ 56
2025-11-17
29
يجب أن يكون هدف الانسان من الزواج هدفاً معنوياً مقدساً وطاهراً.
وينبغي أن يقع الزواج طاعة لما أمر الله به واتباعاً لسنن الأنبياء (عليهم السلام) وتوفير السعادة للزوج وتربية الأولاد تربية الهية صالحة.
على الزوجين أن يتأهبا عن طريق الزواج للدخول في عبادة كبرى، وان يستهدفا من زواجهما بلوغ رضى الله، ويعلما أنهما يحملان أمانة الهية تتمثل بما يضمه صلب الرجل ورحم المرأة.
عليهما أن يعلما أن ولدهما بمثابة الامانة الالهية، وهو ضيف في صلب أبيه لفترة وجيزة ثم يحل ضيفاً في رحم الام لفترة تتراوح ما بين ستة إلى تسعة شهور، وخلال كلتا المرحلتين يكتسب بلا ارادة منه كل ما لدى الابوين من طبائع ومزايا وذلك من خلال ما وهبه الله من قوة استلام دقيقة.
يُروى ان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كان يأذن احياناً للنساء الحوامل بالذهاب لمشاهدة مواقع القتال ضد الكفار كي يشاهدن صور الجهاد الرائعة والمبارزة بالسيف ويستمعن لما يردده المجاهدون من شعارات كي يقمن بتغذية ما في ارحامهن عن طريق السمع والبصر حتى يصبح الطفل وهو في رحم أمه مخلوقاً ماهراً يتربى على الشجاعة والهمة العالية وينمو محاطاً بالنداء الملكوتي.
ألم تسمعوا ان النبي (صلى الله عليه وآله) أمر بالصوم لمدة أربعين يوماً قبل تبلور وجود فاطمة (عليها السلام) في صلبه وفي الليلة الاخيرة أفطر بطعام من الجنة ثم انتقلت نطفة تلك البضعة الكريمة إلى رحم الام؟!
لا تكن العين هي الوسيط بينكم وبين الزواج، ولا تكن الشهوة الدليل الذي يقودكم نحو الزواج، ولا تكن الغاية من الزواج الحصول على المال والثروة والجاه عن طريق العائلة المقابلة، ولا يكن الغرض من هذا العمل الظفر بوجه جميل وظاهر خادع، فقد اثبتت هذه الأمور لحد الآن سوء عاقبتها وضآلة ثمارها.
اجعلو الله هو الغاية من الزواج وضعوا نصب أعينكم الجوانب المعنوية والعبادية والسعي لأداء حق الزوج وتربية الذرية الصالحة، وخلاصة القول نيل رضى الباري تعالى ليكون هذا الزواج ذا منافع ابدية وخالدة، ولتكن اللذة والمتعة والشهوة المحللة تابعة لهذه الغايات السامية كي تكتمل اللذة والمتعة ومن خلالها تنالون الأجر الاخروي.
فإن كان الزواج الهياً لا يؤول إلى الطلاق إذا ان الارتباط الالهي والملكوتي دائمي وأبدي.
ان من يتزوج قربة لوجه الله يرعى حق الزوج بكل وجوده ولا يصدر منه أدنى إذىً تجاه شريك حياته.
والمحافظة على شخصية الزوج امام الأولاد والأقارب يعد واجباً شرعياً. كما أن احتقار الزوج للزوجة والزوجة للزوج يعتبر حراماً.
على الرجال والنساء من المسلمين التأسي بزواج أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء (عليهما السلام)، ذلك الزواج الذي جرى قربة إلى الله وقد لوحظت فيه الغايات الالهية، فكانت ثماره ذرية طاهرة ربانية، وفي روايات الشيعة جرى تأويل الآيات التالية إلى هذا الزواج الطاهر، إذ يقول تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 19 - 22].
فالمراد من البحرين، أمير المؤمنين، وفاطمة الزهراء، فهما بحران من المعرفة والبصيرة والحلم والصبر والايمان، والمراد من البرزخ هو رسول الله (صلى الله عليه وآله). ومعنى اللؤلؤ والمرجان الامامان الحسن والحسين (عليهما السلام) (1).
يجب أن يكون نظام الأسرة نظاماً إسلامياً والهياً بكل معنى الكلمة كي يستقطب رحمة الله سبحانه وفضله.
ان عدم اجتناب السنن الذميمة والعادات المنافية للأحكام الإلهية، والاجواء الشيطانية والثقافة الجاهلية التي أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإمامتها بقوله: (أمت أمر الجاهلية الا ما سنّه الإسلام) (2).
يكشف عن ما في الوجه من قبائح وستكون الثمار التي تعطيها هذه الشجرة فاسدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ نور الثقلين: ج 5، ص 191، ح 19.
2ـ البحار: ج 77، ص 128، ح 32، (ب) 6.
الاكثر قراءة في الزوج و الزوجة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة