x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
المرأة وعمل الرجل والمرأة
المؤلف: د. رضا باك نجاد
المصدر: الواجبات الزوجية للمرأة في الاسلام
الجزء والصفحة: ص62ـ69
13-11-2017
2574
يجب على المرأة ان لا تعيّر زوجها على الدوام بعمله؛ كأن يكون طبيبا فتقول له: طبيب وما من ليلة تمضي إلا وبابنا يُطرق ويوقظوننا من النوم، إنني سئمت هذه الحياة، ولو كنت أعلم انك حارس تتولى الخفارات الليلية ما رضيت بك زوجا. وإذا كان بنّاءً تقول له: بَنّاءٌ ومليء بالتراب على الدوام، او يبيع النفط وثيابه مليئة بالزيت، بياع فحم ووجهه أسود، بياع عطور وأتحسس من رائحتك، معلم وتنظر إلي كتلميذة في البيت، مدير وتتصورني كأحد أفراد دائرتك، كاتب وعينك على الدوام على الورق لا علي، سائق وجالس على الدوام الى جانب الآخرين، او يسير في البراري. وهذه المشاغل يمكن للمرأة ان تؤاخذ زوجها عليها وتعيّره بها. وأي شغل يخلو من مثل هذه المعايب. ولكن على المرأة ان تعلم لو كان زوجها عاطلا عن العمل لاتجه نحو مجالس الخمر والقمار، ولأنعكس سوء سمعته على أسرتها.
يجب ان لا تطلب المرأة من زوجها تغيير عمله، وحتى إذا عرضت عليه مثل هذا الاقتراح بأدب، يجب ان لا تصر عليه؛ لأن تغيير العمل ليس أمرأ سهلا.
لا شك في ان عمل المرأة في الدوائر الحكومية إذا كان يوقعها في الحرام فهو حرام. وقد تحدث القرآن الكريم عن موقف أسية زوجة فرعون عن وجودها في أجهزة الدولة الرسمية، ومع ان زوجها كان هو الرجل الأول في البلد وكان مطلق الصلاحيات وهو الذي يسن القوانين (في ضوء كلمة الرب التي يستخدمها القرآن الكريم للإشارة الى معنى المشرع الذي يضع القانون) ويعتبر شؤون البلاد كلها حكرا لنفسه، وينادي بأعلى صوته :{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}[النازعات:24] ،وكان يخضع له وعاظ السلاطين وعلماء البلاط مثل: بلعم بن باعوراء، ومصاصي دماء الأمة مثل: هامان وقارون. ولا شك في أن زوجة مثل هذا الشخص يقف تحت خدمتها عشرات العبيد والجواري ـ حتى بدون ان تؤدي عملا إداريا في أجهزة الدولة ـ ولكننا نجد امرأة مثل هذا الرجل المتسلط الطاغي يأتي رسول الله (صلى الله عليه واله) على ذكرها الى جانب ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) وزوجته خديجة الكبرى، ومريم العذراء أم عيسى.
فقد استشهد القرآن الكريم بذكر شر خلقه وهو فرعون الى جان زوجته التي كانت أفضل نساء عصرها مشيرا الى ضجرها واستيائها لوجودها في بلاط مثل هذه الحكومة، مشيدا بموقفها ودعائها:{رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ}[التحريم:11]، ورغبتها في التخلص من تلك الاوضاع التي لا تراعي فيها الأحكام الإلهية. فهي تدعو ربها أن يجعل لها بيتا عنده (عوضا عن فقدانها للبيت في هذه الدنيا). ومن الواضح ان البيت هو مكان المبيت والسكينة، ويجب ان ينسجم مع ذوق المرأة. أما الدوائر الحكومية وأي مكان آخر يتردد عليه الناس فلا ينسجم مع ذوق المرأة ولا يجديها نفعا. المرأة ترجح ان تكون سيدة بيتها لا سيدة الدوائر الحكومية.
وعلى كل الأحوال فحتى لو كانت أفضل امرأة ـ كآسية – تعيش في دائرة تحكمها قوانين غير إلهية وتوقعها في الحرام والمعصية، يجب عليها ان تنسحب وتعمل كربة بيت. ونحن إذا نظرنا الى الأحكام الإلهية التي تجعل نفقة ومخارج المرأة على الرجل، وتكلفه بأن يوفر لها ما يتناسب مع شأنها من أسباب الرفاهية، نجد ان هذا المعنى ينسجم مع فكرة عدم وجود راتب شهري لها.
الإسلام الذي يُلقي بمهمة إدارة الأسرة وتأمين حياة وحاجات الزوجة والأولاد ـ الى حين وصول
البنين منهم الى سن التكليف، والى حين زواج البنات ـ على عاتق الرجل، كيف يوافق على عمل المرأة خارج البيت بدوافع الحاجة المادية؟
على المرأة ان تزن الامور، بل يجب ان تأخذ ميزان العدل الإلهي بيدها لترى هل الدين الذي يجعل الجنة تحت أقدام الأمهات، استنادا الى قول رسول الله (صلى الله عليه واله) : (الجنة تحت أقدام الأمهات)(1) يرى تلك القدم خليفة بأن تطأ الجنة فيما لو كانت أما صالحة، ام فيما لو كانت تعمل الى جانب المدير العام؟ وعليها ان تقيس هل ان تربية أبناء خالين من العقد يتحقق من خلال وجودها في البيت أم في دوائر الدولة؟ المرأة إذا كانت تعمل في الدوائر الحكومية يبقى بالها مشتتا بين توبيخ المدير، وبين غليان الحليب وانسكابه في المطبخ، والقلق على الاولاد مخافة ان يتلاعبوا بالكهرباء. فهل هذه الأمور أكثر أهمية أم الجانب الاقتصادي؟ أما إذا اضطرت للعمل خارج البيت لصالح أسرتها، فيما لو كان عملها لا يتطلب الاختلاط بالرجال ولا يؤدي الى وقوع الفساد، فلا مانع من ذلك بعد استحصال الاذن من الحاكم الشرعي.
ثبت من خلال التجربة أن المرأة إذا كانت ذات وضع اقتصادي جيد فإنها ترجح شراء الكمالية ووسائل التجميل والزينة على شراء المستلزمات الأساسية. وأغلب النساء إذا كان لديهن مبلغ من المال لا تنقاد لزوجها ولا تمكنه من نفسها، أضف الى ان التعب والإجهاد الإداري لا يترك لها قدرة الاهتمام بشؤون المنزل. هذا ناهيك عن توفر بعض الظروف والضمان الاقتصادي ووجود الراتب، قد يؤدي الى وقوع الخلافات والمشاجرات.
فرعون الذي كان يقول: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}[النازعات: 24] ،كانت زوجته متبرمة من وجودها في البلاط وتدعو الله ان يجعل لها بيتا عنده في الجنة؛ أي انها كانت تتمنى الموت. ومما يدعو ال الدهشة ان خاتم الأنبياء (صلى الله عليه واله) أثنى على أربع نساء كانت كل واحدة منهن تتمنى الموت.... وهنا أشرت في هذا الموضع الى تمني آسية الموت. أما مريم العذراء فقد ورد في القرآن الكريم انها قالت: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا}[مريم: 23]، وقد ذهب بعض المفسرين الى القول بأن الآية الكريمة التي وصفت ظلم آل فرعون بأنهم كانوا {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}[البقرة:49] ، تعني أنهم كانوا يمنعون شبابهم من العمل، ويدخلون بناتهم في دوائر الدولة.
يمكن للمرأة ان تمتهن مهنة التعليم ولكن بشرطين:
الأول: هو ان تتلمس في ذاتها القدرة على أداء هذا العمل؛ فتصبح عندئذ كمشعل ينير الدرب للأجيال وغرس الدين والعلم في قلوبهم وإيصالهم الى مرحلة الكمال. وفي مثل هذه الحالة لن تكون على استعداد للجلوس خلف منضدة والتفوه بما يتعارض مع دين الله من أجل الحصول على شيء من حطام الدنيا. والأسوأ من كل ذلك هو ان لا يكون كلامها المخالف لدين الله نابعا من الرغبة في الحصول على مزايا دنيوية، وإنما انطلاقا من الرغبة في إرضاء أعداء الله.
الثاني: ان تعمل كمعلمة في مدرسة للبنات او للبنين في المراحل المبتدئة ممن لا يتنبهون الى الامور الجنسية، ولا ينظرون الى المعلمة كرمز يجسد إغواء الشبان وإيقاعهم في مهاوي الرذيلة والمعصية.
عندما كنت أسأل الفتيان في أوروبا عن أمنيتهم في الحياة أجابني بعضهم ممن قارب الدخول في مرحلة السن القانوني بأنهم يتمنون بلوغ مرحلة السن القانوني ليتسنى لهم اتخاذ محام لهم لإحقاق حقوقهم من والديهم. وفهمت ان أمهاتهم كن يعملن خارج البيت، والولد يريد استحصال حقه منهما كليهما. وهكذا استخلصت بالنتيجة وجود علاقة بين موضوع العمل خارج البيت
وحرمان الأولاد من العواطف وحنان الأم والأسرة، وموضوع إحقاق حقوق الأولاد.
لقد ثبت من خلال الدراسات العلمية والقضائية بأن الأطفال الذين ينشأون في دور الحضانة والمراكز المشابهة يشكلون لاحقا الطابور الخامس في ذلك البلد. وينبغي الالتفات طبعا الى ان دور رياض الأطفال قد انشئت لأطفال معينين. ولا يخفى ان رياض الأطفال تعتبر مكانا مناسبا جدا للمرأة المضطرة للعمل خارج البيت؛ وذلك لأن أداء المهام الثقيلة الملقاة على عاتقها في الدائرة او المدرسة او المصنع، وتكفلها بأداء مهمتي الدائرة والمنزل يشل نشاطها ولا يجعلها قادرة على النهوض بكلا المهمتين في آن واحد؛ مهمة مداراة مدير الدائرة او رب العمل، ومهمة مداراة الاطفال.
المرأة على العموم لا يمكنها التخلي عن إدارة البيت، والمرأة التي تتخلى عن إدارة البيت لا تعتبر امرأة، وإنما كيان طفيلي. وعلى المرأة التي تعمل خارج البيت بحجة خدمة المجتمع، ان تدرك بأن القرآن يعتبر الخدمة والإصلاح عملان ينطلقان من داخل الأسرة، وذلك في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}[التحريم: 6] ،. والتنصل عن إدارة البيت أمر تأباه كل الأديان والمذاهب.
المرأة التي لديها طفل وتعمل خارج البيت، يجب عليها إما ان تصطحب طفلها الى محل عملها، وإما أن توكله الى جدته او الى الخادم او الخادمة، وهذه الحالات لا يبعث أي واحد منها على الرضا، لأنها لا تشبع الطفل بالحنان والعواطف والتربية السليمة.
يتضح من خلال الدراسات النفسية ان الرجل الذي لديه امرأة يعتمد عليها في ضبط شؤون البيت، إذا تذكر البيت أثناء وجوده في محل عمله، يؤدي واجبه على نحو أفضل. وبالإضافة الى ذلك فلو أن واحدا من الأولاد نبغ غدا، فهل يعزو نبوغه الى تربية وحنان الخادمة او الخادم او مدير دار الحضانة؟ ام بالعكس يلقي بتبعة آلامه وعذابه على قسوة أبويه؟
يبدو من المثير للأمر لو ان أحدا توجه بالسؤال التالي الى الموظف او الموظفة: هل إنك راض، لكونك موظفا؟
يجيب الرجال مطلقا بالإيجاب على هذا السؤال، الى جانب الإشارة الى جور الدوائر او بدون الإشارة إليه، وغالبا ما تأتي إجابة الرجال مقتضبة وتقتصر على كلمة (نعم) فقط. اما النسبة الغالبة من النساء فلا يكتفين بإجابة مقتضبة؛ وإنما يبدأن باختلاق الحجج لتزكية انفسهن معلنات بأنه مضطرات للعمل خلافا لرغباتهن.
لقد جاء عصر التجديد، ودفع المرأة الى العمل خارج البيت بذريعة نقص الطاقات الوظيفية والأيدي العاملة. غير ان هذه المزاعم كاذبة تماما, وإلا فلو أنها كانت صحيحة لتولت المرأة أعمالا كبرى وشركات وكارتلات، أو لأخذت نصيبا مساويا للرجال في الأعمال الخطيرة كالوزارات والمحاكم وما شابه ذلك.
لو كان هناك مجلس يضم خمسين رجلا، لأمكن تقسيمهم على صور وكيفيات متعددة، ولكن لو كانت هناك خمسين امرأة لأمكن تقسيمهن على مجاميع وكيفيات أكثر؛ وذلك لأن التنوع في النساء أكثر منه لدى الرجال. وهذا المطلب يتنافى مع فكرة الاختصاص. أي أن لدى الرجال مقدرة أكبر على الانخراط في اختصاصات أكثر. وعلى العموم فإنهم أكثر مقدرة من الناحية الفطرية على التخصص. ويفهم من هذا ان التنوع والتخصص لدى الرجال والنساء متعاكس. ولهذا يجب ان يستفيد الرجل من تخصصه والمرأة من تنوعها؛ فالتخصص مفيد لما هو خارج البيت، والتنوع يتناسب مع حاجة البيت.
الرجل الذي يعمل خارج البيت غير مستعد لمقارنة أخلاق أية امرأة أخرى مع أخلاق زوجته. وهو حتى لو عشق امرأة أخرى وأرادت عشيقته النيل من زوجته فإنه يأبى ذلك. أما المرأة إذا كانت تعمل في دائرة ما فلا يستبعد ان تكون سببا لإثارة المشاكل في البيت على أثر احتكاكها بالرجال، او نتيجة لكثرة ما تسمعه وما تراه من الآخرين.
إن عمل المرأة خارج البيت يقلل من جاذبيتها في عين الرجل؛ وذلك لأنها عندما تستشعر في نفسها الاستقلال الاقتصادي تفقد قابليتها على مفاكهة الرجل وممازحته لاستدرار اهتمامه بشؤون البيت، وبهذا تكون قد فقدت جانبا من جوانب جمالها. والرجل الذي يعمل عادة على استمالة زوجته بتقديم الهداية والثياب ووسائل الزينة لا يجد هذا العمل ذا فائدة بالنسبة للمرأة المستغنية في الجانب المالي. ولهذا يضطر الى اتباع أسلوب آخر لاستهواء المرأة، ويبدأ بالإكثار من الزينة والأناقة والاهتمام بمظهره. وهذا يعني بالنتيجة تبادل الأدوار وحلول شخصية الرجل بدل شخصية المرأة، وشخصية المرأة بدل شخصية الرجل، ويتجه جمال المرأة وزينتها نحو الاضمحلال والزوال.
ويمكن القول بعبارة أوضح ان بطالة الرجل بما يعنيه من تحلل شخصيته الميالة نحو التسلط والتفوق تتساوى مع عمل المرأة بما ينطوي عليه من زوال شخصيتها القادرة على استمالة الزوج .
من الطبيعي ان الإنسان الذي يرغب في الانتقال من مرحلة القوة الى مرحلة الفعل (كأن يطبق عمليا ما يحمله من معتقدات) عليه ان يتبع واحدا من طريقين:
أما ان يطبق ذلك على صورة كلام يلقيه الى الآخرين، واما ان يطبقه على شكل ممارسة عملية. وهذا المعنى ينطبق على مفهوم الحب ايضا؛ إذ يلاحظ ان الحب يمكن ان يكون على نوعين: اما ان يكون تابعا للغريزة الجنسية، واما ان يكون غير تابع للغريزة الجنسية. وأبرز ما يشاهد النوع الأول بين الزوج والزوجة، فيما يلاحظ النوع الثاني في علاقة الوالدين بالأولاد. والنوع الاول من الحب لا يسري ولا ينبغي ان يسري على الأجنبي؛ سواء الاجنبي على المرأة، أم الأجنبي على الرجل. بينما يسري مفعول النوع الثاني منه على الأجانب أيضا، وتتكون علاقات محبة عادية بين الناس. والنوع الاول من الحب يخلو عادة من الدافع المصلحي بينما النوع الثاني منه بدوافع مصلحية. النوع الأول من الحب تتحكم فيه أسباب الشهوة، بينما تتحكم في نوع الثاني الميول العاطفية. وبما ان المرأة التي تعمل خارجة البيت يتداخل ويمتزج لديها دافع المصلحة، مع حافز الحب الجنسي، لهذا السبب يفقد كلا الدافعين فاعليتها لديها.
_____________
1ـ مستدرك الوسائل ،ج15، ص280 .