حق التمتع بالأمن
المؤلف:
مركز الرسالة
المصدر:
الحقوق الاجتماعية في الاسلام
الجزء والصفحة:
ص22ـ23
18-7-2017
3095
لكلِّ إنسان سوي حق طبيعي في التمتع بالأمن ، فلا يجوز لأي كان تعكير صفو حياته ، وجعله أسير الحزن والأسى من خلال التهديد والوعيد بالاعتداء على حياته أو عرضه أو ماله.
ويتأكد حق الأمان إذا أمّن الإنسان إنساناً آخر بموجب ميثاق أو عهد ، وقد أوجب القرآن الكريم على المسلمين احترام مواثيق الأمان حتى مع الكافرين كما في قوله تعالى:{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}[النساء: 89، 90].
والنبي الأكرم دعا إلى رعاية هذا الحق الإنساني العام وقال في هذا السياق : (من قتل معاهداً لم ير رائحة الجنَّة ، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً) (1).
وفي حديث آخر قال: (.. المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذّمتهم أدناهم ، وهم يدٌ على سواهم) (2).
وقد سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن معنى قوله: (يسعى بذّمتهم أدناهم) فقال : (لو أن جيشاً من المسلمين حاصروا قوماً من المشركين ، فأشرف رجلٌ منهم ، فقال : أعطوني الأمان حتى ألقى صاحبكم أناظره ، فأعطاه أدناهم الأمان ، وجب على أفضلهم الوفاء به) (3).
وقد أكد الإمام علي (عليه السلام) هذا التوجه النبوي ، وضمنه عهده المعروف لمالك الأشتر ، وجاء فيه : (.. وإن عقدت بينك وبين عدوّك عقدة ، أو ألبسته منك ذِمَّة ، فَحُطْ عَهدَكَ بالوفاءِ ، وارع ذِمَّتكَ بالأمانةِ ..) (4).
إنّ الإسلام وفّر ـ في الواقع ـ الأمان في مجتمعه وهيأ فيه أجواء الاطمئنان للمعاهدين ، وأوجب الوفاء بعهدهم إلى المدّة المتفق عليها والقابلة للتمديد ، كما وفّره أيضاً للذميين المقيمين في ظل الحكومة الاسلامية من أهل الكتاب ، ولم يُجز التجاوز عليهم بكلمة سوء ، أو بغصب مالٍ ، أو إزهاق نفس ، ومن فعل ذلك فقد ضيّع ذمَّة الله وذمة رسوله.
______________
1ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد 2 : 268 ـ دار احياء التراث العربي ط 2.
2ـ كنز العمال : ح 1914.
3ـ بحار الانوار 100 : 46 ـ 47.
4ـ الحكمة 1 : 354.
الاكثر قراءة في التربية الروحية والدينية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة