x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
التوحيد
النظر و المعرفة
اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته
صفات الله تعالى
الصفات الثبوتية
القدرة و الاختيار
العلم و الحكمة
الحياة و الادراك
الارادة
السمع و البصر
التكلم و الصدق
الأزلية و الأبدية
الصفات الجلالية ( السلبية )
الصفات - مواضيع عامة
معنى التوحيد و مراتبه
العدل
البداء
التكليف
الجبر و التفويض
الحسن و القبح
القضاء و القدر
اللطف الالهي
مواضيع عامة
النبوة
اثبات النبوة
الانبياء
العصمة
الغرض من بعثة الانبياء
المعجزة
صفات النبي
النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
الامامة
الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها
صفات الأئمة وفضائلهم
العصمة
امامة الامام علي عليه السلام
إمامة الأئمة الأثني عشر
الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الرجعة
المعاد
تعريف المعاد و الدليل عليه
المعاد الجسماني
الموت و القبر و البرزخ
القيامة
الثواب و العقاب
الجنة و النار
الشفاعة
التوبة
فرق و أديان
علم الملل و النحل ومصنفاته
علل تكون الفرق و المذاهب
الفرق بين الفرق
الشيعة الاثنا عشرية
أهل السنة و الجماعة
أهل الحديث و الحشوية
الخوارج
المعتزلة
الزيدية
الاشاعرة
الاسماعيلية
الاباضية
القدرية
المرجئة
الماتريدية
الظاهرية
الجبرية
المفوضة
المجسمة
الجهمية
الصوفية
الكرامية
الغلو
الدروز
القاديانيّة
الشيخية
النصيرية
الحنابلة
السلفية
الوهابية
شبهات و ردود
التوحيـــــــد
العـــــــدل
النبـــــــوة
الامامـــــــة
المعـــاد
القرآن الكريم
الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
الزهراء (عليها السلام)
الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء
الامام المهدي (عليه السلام)
إمامة الائمـــــــة الاثني عشر
العصمـــــــة
الغلـــــــو
التقية
الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة
الاسلام والمسلمين
الشيعة والتشيع
اديان و مذاهب و فرق
الصحابة
ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم
نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)
البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين
التبرك و الزيارة و البناء على القبور
الفقه
سيرة و تاريخ
مواضيع عامة
مقالات عقائدية
مصطلحات عقائدية
أسئلة وأجوبة عقائدية
التوحيد
اثبات الصانع ونفي الشريك عنه
اسماء وصفات الباري تعالى
التجسيم والتشبيه
النظر والمعرفة
رؤية الله تعالى
مواضيع عامة
النبوة والأنبياء
الإمامة
العدل الإلهي
المعاد
القرآن الكريم
القرآن
آيات القرآن العقائدية
تحريف القرآن
النبي محمد صلى الله عليه وآله
فاطمة الزهراء عليها السلام
الاسلام والمسلمين
الصحابة
الأئمة الإثنا عشر
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
أدلة إمامة إمير المؤمنين
الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام
الإمام المهدي عليه السلام
إمامة الأئمة الإثنا عشر
الشيعة والتشيع
العصمة
الموالات والتبري واللعن
أهل البيت عليهم السلام
علم المعصوم
أديان وفرق ومذاهب
الإسماعيلية
الأصولية والاخبارية والشيخية
الخوارج والأباضية
السبئية وعبد الله بن سبأ
الصوفية والتصوف
العلويين
الغلاة
النواصب
الفرقة الناجية
المعتزلة والاشاعرة
الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب
أهل السنة
أهل الكتاب
زيد بن علي والزيدية
مواضيع عامة
البكاء والعزاء وإحياء المناسبات
احاديث وروايات
حديث اثنا عشر خليفة
حديث الغدير
حديث الثقلين
حديث الدار
حديث السفينة
حديث المنزلة
حديث المؤاخاة
حديث رد الشمس
حديث مدينة العلم
حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه
احاديث متنوعة
التوسل والاستغاثة بالاولياء
الجبر والاختيار والقضاء والقدر
الجنة والنار
الخلق والخليقة
الدعاء والذكر والاستخارة
الذنب والابتلاء والتوبة
الشفاعة
الفقه
القبور
المرأة
الملائكة
أولياء وخلفاء وشخصيات
أبو الفضل العباس عليه السلام
زينب الكبرى عليها السلام
مريم عليها السلام
ابو طالب
ابن عباس
المختار الثقفي
ابن تيمية
أبو هريرة
أبو بكر
عثمان بن عفان
عمر بن الخطاب
محمد بن الحنفية
خالد بن الوليد
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
عمر بن عبد العزيز
شخصيات متفرقة
زوجات النبي صلى الله عليه وآله
زيارة المعصوم
سيرة وتاريخ
علم الحديث والرجال
كتب ومؤلفات
مفاهيم ومصطلحات
اسئلة عامة
أصول الدين وفروعه
الاسراء والمعراج
الرجعة
الحوزة العلمية
الولاية التكوينية والتشريعية
تزويج عمر من ام كلثوم
الشيطان
فتوحات وثورات وغزوات
عالم الذر
البدعة
التقية
البيعة
رزية يوم الخميس
نهج البلاغة
مواضيع مختلفة
الحوار العقائدي
* التوحيد
* العدل
* النبوة
* الإمامة
* المعاد
* الرجعة
* القرآن الكريم
* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
* فضائل النبي وآله
* الإمام علي (عليه السلام)
* فاطمة الزهراء (عليها السلام)
* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء
* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)
* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم
* العـصمة
* التقيــة
* الملائكة
* الأولياء والصالحين
* فرق وأديان
* الشيعة والتشيع
* التوسل وبناء القبور وزيارتها
* العلم والعلماء
* سيرة وتاريخ
* أحاديث وروايات
* طُرف الحوارات
* آداب وأخلاق
* الفقه والأصول والشرائع
* مواضيع عامة
عدم مشروعية متعة الحج
المؤلف: السيد مرتضى العسكري
المصدر: معالم المدرستين
الجزء والصفحة: ج2 - ص 197- 252
20-11-2016
1412
[جواب الشبهة]
تقع متعة الحجّ ضمن حجّ التمتّع و بيان ذلك أنّ الحجّ ينقسم إلى ثلاثة أنواع 1- حجّ التّمتّع 2- حجّ الإفراد 3- حجّ القران.
1- حجّ التّمتّع : وهو فرض من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام و صورته: أن يحرم بالعمرة إلى الحجّ و يلبي بها من الميقات في أشهر الحجّ: شوّال و ذي القعدة و ذي الحجّة ثمّ يأتي مكّة و يطوف بالبيت سبعا و يصلّي ركعتي الطواف و يسعى بين الصفا و المروة سبعا ثمّ يقصّر فيحلّ له جميع ما حرم عليه بالإحرام، و يقيم بمكّة محلّا حتّى ينشئ يوم التروية من تلك السنة إحراما آخر للحجّ ثمّ يخرج إلى عرفات ثمّ يفيض منها بعد غروب التاسع إلى المشعر و منها إلى منى و هكذا حتى يتمّ مناسك الحجّ و يحلّ بالحلق أو التقصير من إحرامه. و يسمّى هذا الحجّ بحجّ التّمتّع و عمرته بعمرة التّمتّع لقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ و لأنّ الحاجّ يتمتّع بالحلّ بين إحرامي العمرة و الحجّ و مدّة الحلّ بين الإحرامين هي متعة الحجّ الّتي حرّمها الخليفة عمر و من تبعه على ذلك و يأتي بها جلّ المسلمين في هذا اليوم.
2و3 حجّ الإفراد و حجّ القران: أوّلا في فقه أهل البيت: صورة الإفراد: أن يحرم للحجّ من الميقات أو من منزله إن كان دون الميقات ثمّ يمضي إلى عرفات و يقف بها يوم التاسع، ثمّ يأتي بباقي مناسك الحجّ حتّى يتمّها جميعا، ثمّ يحلّ من إحرامه و عليه عمرة مفردة يأتي بها من أدنى الحلّ أو من أحد المواقيت و تصحّ تمام السنة و يسمّيان بالإفراد و المفردة لأنّ الحاجّ يأتي بكلّ منهما مفردا.
وصورة حجّ القران: كالإفراد في جميع مناسكه و يتميّز عنه بأنّ القارن يسوق الهدي عند إحرامه أي يقرن بين التلبية و الهدي فيلزمه بسياقه، و ليس على المفرد هدي أصلا.
وأحدهما فرض حاضري المسجد الحرام على سبيل التخيير (1).
ثانيا: في فقه مدرسة الخلفاء: أ- القران: أن يقرن بين العمرة و الحجّ أي يجمع بينهما بنيّة واحدة و تلبية واحدة فيقول: لبّيك بحجّة و عمرة، أو يهلّ بالعمرة في أشهر الحجّ ثمّ يردف ذلك بالحجّ قبل أن يحلّ من العمرة. و يلزم القارن من غير حاضري المسجد الحرام هدي المتمتّع (2).
والإفراد: أن لا يكون متمتّعا و لا قارنا بل يهلّ بالحجّ فقط (3) و يقال: أفرد الحجّ، و في بعض الروايات جرّد (4).
كانت تلكم أنواع الحجّ لدى المسلمين. أمّا المشركون في الجاهلية فكان عندهم ما رواه كلّ من البخاري و مسلم في صحيحيهما، و أحمد في مسنده، و البيهقي في سننه الكبرى و غيرهم في غيرها، و اللفظ للأوّل، عن ابن عباس أنّه أخبر عن المشركين في الجاهلية و قال:
«كانوا يرون العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور في الأرض و يجعلون المحرّم صفر (5) و يقولون: إذا برأ الدبر و عفا الأثر و انسلخ صفر حلّت العمرة لمن اعتمر» (6).
شرح الرواية: روى النووي في شرح مسلم أنّ العلماء قالوا في شرح الرواية الآنفة:
«و يجعلون المحرّم صفر» المراد الإخبار عن النسيء الذي كانوا يفعلونه، و كانوا يسمّون المحرّم صفرا و يحلّونه و ينسئون المحرّم أي يؤخّرون تحريمه إلى ما بعد صفر، لئلّا يتوالى بينهم ثلاثة أشهر محرّمة تضيق عليهم أمورهم من الغارة و غيرها.
و«إذا برأ الدبر» أي برأ ما كان يحصل بظهور الإبل من الحمل عليها و مشقّة السفر فإنّه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحجّ.
و«عفا الأثر» أي اندرس أثر الإبل و غيره في سيرها.
وقال ابن حجر في تعليل هذا الأمر: وجه تعلّق جواز الاعتماد بانسلاخ صفر مع كونه ليس من أشهر الحجّ، و كذلك المحرّم أنّهم لمّا جعلوا المحرّم صفرا و لا يبرأ دبر إبلهم إلّا عند انسلاخه، ألحقوه بأشهر الحجّ على طريق التبعية، و جعلوا أوّل أشهر الاعتماد شهر المحرّم الّذي هو في الأصل صفر، و العمرة عندهم في غير أشهر الحجّ (7).
كان هذا دأب قريش و سنّتهم في العمرة و قد خالفهم الرسول في ذلك كما يلي بيانه :
سنّة الرسول ( صلى الله عليه واله ) في العمرة :
قال ابن القيم: اعتمر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) بعد الهجرة أربع عمر كلّهن في ذي القعدة، و أيّد ذلك بما رواه عن أنس و ابن عباس و عائشة و في لفظ الأخيرين: «لم يعتمر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) إلّا في ذي القعدة» (8).
قال ابن القيم: «و المقصود أنّ عمره كلّها كانت في أشهر الحجّ مخالفة لهدي المشركين، فإنّهم كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحجّ، و يقولون هي من أفجر الفجور.
وهذا دليل على أنّ الاعتمار في أشهر الحجّ أفضل منه في رجب بلا شكّ.» و قال: لم يكن اللّه ليختار لنبيّه ( صلى الله عليه واله ) في عمره إلّا أولى الأوقات و أحقّها بها فكانت العمرة في أشهر الحجّ نظير وقوع الحجّ في أشهره، و هذه الأشهر قد خصّها اللّه تعالى بهذه العبادة، و جعلها وقتا لها، و العمرة حجّ أصغر، فأولى الأزمنة بها أشهر الحجّ، و ذو القعدة أوسطها، و هذا ممّا «نتخار اللّه (9) » فيه، فمن كان عنده فضل علم فليرشد إليه (10).
بعد إيراد سنّة المشركين في العمرة و سنّة الرسول فيها نعود إلى البحث عن متعة الحجّ في الكتاب و السنّة ثمّ نذكر كيفية اجتهاد الخلفاء فيها في ما يلي:
متعة الحجّ في الكتاب :
شرّع اللّه الجمع بين العمرة و الحجّ في أشهر الحجّ و التّمتّع بالحلّ بينهما خلافا لسنن المشركين و قال في كتابه الكريم:
{فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ} البقرة/ 196.
في هذه الآية شرّع اللّه سبحانه التّمتّع بالعمرة إلى الحجّ لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام و أمن، وبيّن في الآية الّتي تليها بقوله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] أنّ الجمع بين العمرة والحجّ يجب أن يقع في أشهر الحجّ. نصّت الآيتان بكلّ جلاء و وضوح على هذا الحكم، وإلى هذا أشار الصحابيّ عمران بن الحصين حسب رواية البخاري في صحيحه عنه : حيث قال :
أنزلت آية المتعة في كتاب اللّه ففعلناها مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و لم ينزل قرآن يحرّمه (11) ولم ينه عنها حتى مات ... الحديث (12).
ولفظ مسلم قال: نزلت آية المتعة في كتاب اللّه (يعني متعة الحجّ) و أمرنا بها رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) ، ثمّ لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحجّ، و لم ينه عنها رسول اللّه حتى مات ... الحديث (13).
و أجمع المفسّرون و غيرهم من العلماء على ذلك و لا خلاف فيه و من العجيب أن يختم اللّه هذه الآية بإعلام أنّ اللّه شديد العقاب.
شرّع اللّه متعة الحجّ في هذه الآية بكل صراحة و سنّه رسوله في حجّة الوداع كما تواتر الخبر عن ذلك في ما روي عن رسول اللّه في صحاح الأحاديث مثل ما ورد في الروايات الآتية:
متعة الحج في السنة :
بما أنّ العمرة في أشهر الحجّ كانت لدى قريش في الجاهلية من أفجر الفجور فقد تدرّج الرسول في تبليغ حكم عمرة التمتع كما يظهر من الروايات التالية.
في صحيح البخاري و سنن أبي داود و ابن ماجة و البيهقي، و اللفظ للأوّل، في كتاب الحجّ باب قول النبيّ «العقيق واد مبارك» عن عمر بن الخطّاب، قال: سمعت رسول اللّه بوادي العقيق يقول: «أتاني آت من ربّي فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك و قل عمرة في حجّة».
وفي رواية أخرى: «و قل عمرة و حجّة».
وفي لفظ سنن البيهقي: «أتاني جبرئيل (عليه السلام)» و في آخر الرواية: «فقد دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة».
العقيق، في معجم البلدان: العقيق الّذي جاء فيه إنّك بواد مبارك هو الّذي ببطن وادي ذي الحليفة. و هو الذي جاء فيه أنّه مهلّ أهل العراق من ذات عرق.
وقال ابن حجر في شرح الحديث بفتح الباري: بينه و بين المدينة أربعة أميال (14).
أخبر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) عمر بنزول الوحي عليه بأن يجمع بين العمرة و الحجّ و في تبليغه خاصّة حكمة نعرفها ممّا جرى على عهده في شأن العمرة.
في وادي عقيق أخبر عمر بنزول الوحي، عليه و في منزل عسفان أخبر سراقة بذلك في جواب سؤاله كما رواه أبو داود قال:
حتى إذا كان- رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) - بعسفان قال له سراقة بن مالك المدلجي: يا رسول اللّه اقض لنا قضاء قوم كانما ولدوا اليوم، فقال: «إن اللّه تعالى قد أدخل عليكم في حجّكم هذا عمرة، فإذا قدمتم فمن تطوّف بالبيت و بين الصفا و المروة فقد حلّ إلّا من كان معه هدي» (15).
عسفان بين الجحفة و مكّة و الجحفة تبعد عن مكة أربع مراحل.
وفي سرف الّتي تبعد ستة أميال أو أكثر من مكة بلّغ عامّة أصحابه أنّ من أحبّ أن يجعلها عمرة فليفعل، كما روته عائشة قالت: خرجنا مع رسول اللّه في أشهر الحجّ و ليالى الحجّ و حرم الحجّ فنزلنا بسرف، قالت: فخرج إلى اصحابه فقال: «من لم يكن معه هدي فأحبّ أن يجعلها عمرة فليفعل و من كان معه الهدي فلا» قالت: فالآخذ بها و التارك لها من أصحابه (16).
يظهر ممّا سبق أن التاركين لها كانوا من مهاجرة قريش الذين كانوا يرون في الجاهلية أنّ العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور.
وكرّر التبليغ بذلك بعد نزولهم بطحاء مكّة حسب ما رواه ابن عبّاس قال:
قدم لأربع مضين من ذي الحجّة فصلّى بنا الصبح بالبطحاء ثمّ قال: «من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها» (17).
هكذا تدرّج الرسول في تبليغ هذا الحكم حتى إذا ما أتمّوا الطواف و السعي، نزل عليه القضاء في ذلك فأمرهم جميعا بذلك، كما رواه البيهقي قال:
...نزل عليه القضاء و هو بين الصفا و المروة فامر أصحابه من كان منهم اهلّ بالحجّ و لم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة و قال: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي و لكنّي لبّدت رأسي و سقت هديي فليس لي محلّ إلّا محلّ هديي» فقام إليه سراقة بن مالك (رض) فقال: يا رسول اللّه! اقض لنا قضاء قوم كأنّما ولدوا اليوم أ عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد؟ فقال رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) : بل للأبد دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة ... (18).
في الأحاديث السابقة قال رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) لعمر: أمرني ربّي أن أقول «عمرة في حجّة» أو «عمرة و حجّة» أي أن أنوي في سفرى هذا الجمع بين الحجّ و العمرة.
وقال في جواب سراقة بعسفان: إنّ اللّه قد أدخل في حجّكم هذا عمرة، خصّ التبليغ في حجّهم ذاك.
ثمّ بلّغ عامّة الحاجّ معه بسرف بلفظ من أحبّ أن يجعلها عمرة و في بطحاء مكة بلفظ من شاء أن يجعلها، حتى إذا حان وقت الأداء و الإحلال من العمرة بلّغهم كافّة أنّ العمرة دخلت في الحجّ للأبد.
وقول سراقة في الحرّتين (قضاء قوم كأنّما ولدوا اليوم) يقصد بغضّ النظر عمّا كانت عليه قريش في الجاهلية. و هاهنا تواترت الروايات بما فعله الرسول و كيف بلّغ حكم التمتّع بالعمرة إلى الحجّ كما يأتي:
قال أنس كما في مسند أحمد و المنتقى: خرجنا نصرخ بالحجّ فلمّا قدمنا مكّة أمرنا رسول اللّه أن نجعلها عمرة و قال «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة و لكنّي سقت الهدي و قرنت بين الحجّ و العمرة» (19).
وقال أبو سعيد الخدري كما في صحيح مسلم و مسند أحمد: خرجنا مع رسول اللّه نصرخ بالحجّ صراخا فلمّا قدمنا مكّة أمرنا أن نجعلها عمرة إلّا من ساق الهدي فلمّا كان يوم التروية و رحنا إلى منى أهللنا بالحجّ (20).
و في زاد المعاد لابن القيم قال: و في الصحيحين عن عائشة: (خرجنا مع رسول اللّه لا نذكر إلا الحجّ). فذكرت الحديث و فيه (فلمّا قدمنا مكّة قال النبي ( صلى الله عليه واله ) لأصحابه اجعلوها عمرة فأحلّ الناس إلّا من كان معه الهدي ... (أ).
قال: و في لفظ البخاري: خرجنا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و لا نرى إلّا الحجّ فلمّا قدمنا تطوّفنا بالبيت فأمر النبيّ ( صلى الله عليه واله ) من لم يكن ساق الهدي أن يحلّ فحلّ من لم يكن ساق الهدي و نساؤه لم يسقن فاحللن (ب).
قال و في صحيح مسلم عن ابن عمر عن حفصة زوج النبي قال: حدّثتني انّ النبيّ أمر أزواجه أن يحللن عام حجّة الوداع. فقلت ما منعك أن تحلّ؟ فقال: «إنّي لبّدت رأسي و قلّدت بدني فلا أحلّ حتى أنحر الهدي (ج).
قال و في صحيح البخاري عن ابن عبّاس (رض): أهلّ المهاجرون و الأنصار و أزواج النبي في حجة الوداع و أهللنا فلمّا قدمنا مكّة أمرنا أن نجعلها عمرة قال رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) «اجعلوا إهلالكم بالحجّ عمرة إلّا من قلّد الهدي ...» الحديث (د).
و أتمّ ما ورد في هذا الباب رواية جابر بن عبد اللّه الأنصاري في كيفية حجّة النبي و الّتي أخرجها أصحاب الصحاح و نحن نورد ملخّصها هاهنا عن صحيح مسلم.
روى مسلم في صحيحه في باب حجّة النبي عن جابر أنّه قال ما ملخّصه: انّ رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) مكث تسع سنين لم يحجّ، ثمّ أذّن في العاشرة أنّ رسول اللّه حاجّ فقدم المدينة بشر كثير كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول اللّه و يعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتّى أتينا ذا الحليفة فصلّى رسول اللّه في المسجد ثمّ ركب القصواء- ناقته- حتّى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت مدّ بصري بين يديه من راكب و ماش و عن يمينه مثل ذلك و عن يساره مثل ذلك و من خلفه مثل ذلك و رسول اللّه بين أظهرنا و عليه ينزل القرآن و هو يعرف تأويله و ما عمل به من شيء عملنا به، فأهلّ بالتوحيد ...
إلى قوله: لسنا ننوي إلّا الحجّ لسنا نعرف العمرة، حتّى إذا أتينا البيت معه استلم الركن ...
و هكذا وصف جابر ما عمل به رسول اللّه إلى قوله: حتّى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال «لو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي و جعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحلّ و ليجعلها عمرة».
قال جابر: فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول اللّه! أ لعامنا هذا أم للأبد؟ فشبّك رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أصابعه واحدة في الأخرى و قال: «دخلت العمرة في الحجّ» مرّتين. «لا، بل لأبد أبد» (21).
وفي البخاري: قال سراقة: أ لنا هذا خاصة قال: «لا بد للأبد» (22).
كيف تلقى الصحابة حكم التمتع بالعمرة :
ذكرنا في ما سبق كيف تدرّج النبي ( صلى الله عليه واله ) في تبليغهم تشريع التمتّع بالعمرة إلى الحجّ، و في ما يلي نذكر كيف تلقّته الصحابة يوم ذاك :
في صحيح مسلم عن ابن عبّاس قال: قدم النبيّ ( صلى الله عليه واله ) و أصحابه لأربع خلون من العشر- أي من العشرة الأولى من ذي الحجّة- و هم يلبّون بالحجّ فأمرهم أن يجعلوها عمرة.
وفي رواية اخرى بعده: أن يحوّلوا إحرامهم بعمرة إلّا من كان معه الهدي (23).
وفي ثالثة: قدم النبي و أصحابه صبيحة رابعة مهلّين بالحجّ فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول اللّه! أيّ الحلّ؟! قال: «الحلّ كلّه» (24).
و في رابعة: قال رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) : «هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده الهدي فليحلّ الحلّ كلّه فإنّ العمرة قد دخلت في الحجّ إلى يوم القيامة» (25).
و في رواية أخرى بصحيحي البخاري و مسلم عن جابر: انّه حجّ مع رسول اللّه عام ساق معه الهدي و قد أهلّوا بالحجّ مفردا، فقال رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) : «أحلّوا من إحرامكم فطوفوا بالبيت و بين الصفا و المروة و قصّروا و أقيموا حلالا حتّى إذا كان يوم التروية فأهلّوا بالحجّ واجعلوا الّتي قدمتم متعة»- أي عمرة التمتّع- قالوا: كيف نجعلها متعة و قد سمّينا الحجّ؟! قال «افعلوا ما آمركم به فإنّي لو لا أنّي سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به و لكن لا يحلّ منّي حرام حتى يبلغ الهدي محلّه» (26).
و في رواية ثانية لجابر بصحيح البخاري و سنن أبي داود و مسند أحمد و غيرها و اللفظ للأوّل، قال: فقالوا: ننطلق إلى منى و ذكر أحدنا يقطر؟ ... الحديث (27).
و في ثالثة بصحيحي البخاري و مسلم و سنن ابن ماجة و أبي داود و مسند أحمد و اللفظ للأوّل: عن عطاء، قال: سمعت جابر بن عبد اللّه في أناس معه، قال: أهللنا أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) في الحجّ خالصا ليس معه عمرة، قال: فقدم النبيّ ( صلى الله عليه واله ) صبح رابعة مضت من ذي الحجّة فلمّا قدمنا أمرنا النبي أن نحلّ و قال: أحلّوا و أصيبوا من النساء، قال: و لم يعزم عليهم و لكن أحلّهنّ لهم فبلغه أنّا نقول: لمّا لم يكن بيننا و بين عرفة إلّا خمس أمرنا أن نحلّ إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا! قال: فقام رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) فقال «قد علمتم أنّي أتقاكم للّه و أصدقكم و أبرّكم، و لو لا هديي لحللت كما تحلّون فحلّوا فلو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ... الحديث (28).
و في رابعة بصحيح البخاري: قال: قدم رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) صبيحة رابعة من ذي الحجّة مهلّين بالحجّ لا يخلطهم شيء، فلمّا قدمنا أمرنا فجعلناها عمرة و أن نحلّ إلى نسائنا، ففشت في ذلك القالة.
إلى قوله: فبلغ ذلك النبيّ ( صلى الله عليه واله ) فقام خطيبا، فقال: «بلغني أنّ أقواما يقولون:
كذا و كذا و اللّه لأنا أبرّ و اتقى للّه منهم ...» الحديث (29).
و في رواية الصحابي البراء بن عازب بسنن ابن ماجة و مسند أحمد و مجمع الزوائد- و اللفظ للأوّل- قال: خرج رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أصحابه فأحرمنا بالحجّ فلمّا قدمنا مكّة، قال: «اجعلوا حجّكم عمرة» فقال الناس: يا رسول اللّه! قد أحرمنا بالحجّ فكيف نجعلها عمرة؟! قال: «انظروا ما آمركم به فافعلوا» فردّوا عليه القول، فغضب فانطلق ثمّ دخل على عائشة غضبان فرأت الغضب في وجهه فقالت: من أغضبك أغضبه اللّه! قال: «ما لي لا أغضب و أنا آمر أمرا فلا أتّبع» (30).
و قد حدّثت عائشة عن هذا- كما في صحيح مسلم و غيره و اللفظ لمسلم عن عائشة- و قالت: قدم رسول اللّه لأربع مضين من ذي الحجة أو خمس فدخل عليّ و هو غضبان، فقلت: من اغضبك يا رسول اللّه أدخله اللّه النار قال: «ا و ما شعرت انّي أمرت الناس بأمر فإذا هم يتردّدون» (31).
و في رواية ابن عمر ذكر ما قالوه، قال: قالوا: يا رسول اللّه أ يروح إلى منى و ذكره يقطر منيّا؟! قال: «نعم». و سطعت المجامر (32).
سطعت المجامر أي سطعت رائحة المسك من المجامر و في الجملة كناية عن مباشرة الرجال للنساء بعد تهيئهنّ لذلك.
و في رواية جابر بصحيح مسلم قال: أهللنا مع رسول اللّه بالحجّ فلمّا قدمنا مكّة أمرنا أن نحلّ و نجعلها عمرة فكبر ذلك علينا و ضاقت به صدورنا فبلغ ذلك النبي فما ندري أ شيء بلغه من السماء أم شيء من قبل الناس، فقال: «أيّها الناس أحلّوا فلو لا الهدي الذي معي فعلت كما فعلتم» قال: فأحللنا حتى وطئنا النساء و فعلنا ما يفعل الحلال، حتّى إذا كان يوم التروية و جعلنا مكّة بظهر أهللنا بالحجّ (33).
و في رواية أخرى قال: قلنا: أيّ الحلّ؟ قال: «الحلّ كلّه»، قال: فأتينا النساء و مسسنا الطيب، فلمّا كان يوم التروية أهللنا بالحجّ (34).
هكذا قبلوا أن يجمعوا بين الحجّ و العمرة في أشهر الحجّ و يتمتعوا بالحلّ بينهما بكلّ صعوبة لأنّه كان يخالف ما دأبوا عليه في العصر الجاهلي، و بما أنّ أم المؤمنين عائشة حرمت من العمرة قبل الحجّ لمّا حاضت، فقد دعا النبي أن تعتمر بعد الحجّ. كما صرّحت به الروايات الآتية:
عائشة فاتتها العمرة قبل الحج فأمرها النبيّ أن تعتمر بعده :
في صحيح مسلم عن عائشة، قالت: خرجنا مع النبيّ و لا نرى إلا الحجّ حتّى إذا كنّا بسرف أو قريبا منه حضت، فدخل عليّ النبيّ و أنا أبكي فقال: «أنفست؟» (يعني الحيضة، قالت) قلت: نعم. قال «انّ هذا شيء كتبه اللّه على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاجّ غير أن لا تطوفي بالبيت حتّى تغتسلي» (35).
و في رواية قبلها: فلمّا قضينا الحجّ أرسلني رسول اللّه مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت فقال «هذه مكان عمرتك» (36).
و في رواية أخرى بصحيح مسلم و سنن أبي داود، أتم ممّا مضى: قالت: خرجنا مع رسول اللّه في حجّة الوداع فأهللنا بعمرة، ثمّ قال رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) «من كان معه هدي فليهلّ بالحجّ مع العمرة، ثمّ لا يحلّ حتّى يحلّ منهما جميعا» فقدمت مكّة و أنا حائض، و لم أطف بالبيت، و لا بين الصفا و المروة، فشكوت ذلك إلى رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) فقال «انقضي رأسك و امتشطي و أهلّي بالحجّ و دعي العمرة» قالت: ففعلت، فلمّا قضينا الحجّ أرسلنى رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرت، فقال: «هذه مكان عمرتك» قالت: فطاف الّذين أهلّوا بالعمرة بالبيت، و بين الصفا و المروة، ثم حلّوا، ثمّ طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجّهم ... الحديث (37).
و في رواية أخرى قالت: فأردفني خلفه على جمل له فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي فيضرب رجلي بعلّة الراحلة. قلت: وهل ترى من أحد. قالت: فأهللت بعمرة. ثمّ أقبلنا حتّى انتهينا إلى رسول اللّه و هو بالحصبة (38).
و في صحيح البخاري عن عائشة أنّها قالت: يا رسول اللّه! اعتمرتم و لم أعتمر.
فقال: يا عبد الرحمن اذهب بأختك فأعمرها من التنعيم. فأحقبها على ناقة فاعتمرت (39).
و في سنن أبي داود و البيهقي و اللفظ للأوّل عن ابن عبّاس، قال: ما أعمر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) عائشة ليلة الحصبة إلّا قطعا لأمر أهل الشرك فإنّهم كانوا يقولون: إذا برأ الدّبر و عفا الأثر و دخل صفر فقد حلّت العمرة لمن اعتمر.
و لفظ البيهقي: قال: ما أعمر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) عائشة في ذي الحجة إلّا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك، فإنّ هذا الحيّ من قريش و من دان دينهم كانوا يقولون: إذا عفا الأثر و برأ الدبر و دخل صفر حلّت العمرة لمن اعتمر و كانوا يحرّمون العمرة حتّى ينسلخ ذو الحجّة و محرّم.
و في لفظ الطّحاوي: و اللّه ما أعمر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) عائشة في ذي الحجّة إلّا ليقطع بذلك أمر الجاهليّة (40).
وقع كلّ ما ذكرنا من أمر التمتع بالعمرة إلى الحجّ في حجّة الوداع و في آخر سنة من حياة النبيّ، و يبدو أنّ الممتنعين من التمتّع بالعمرة إلى الحجّ الّذين تعاظم عليهم ذلك كانوا من مهاجرة قريش من أصحاب النبي و يدلّ على ذلك:
أوّلا: ما رواه ابن عبّاس في حديثه «أن هذا الحيّ من قريش و من دان دينهم كانوا يحرّمون العمرة حتّى ينسلخ ذو الحجّة و محرّم» (41).
ثانيا: إنّ الّذين منعوه بعد رسول اللّه- أيضا- هم ولاة المسلمين من قريش كما سيأتي بيانه إن شاء اللّه.
و كانوا يقصدون من وراء ذلك احترام الحجّ على حدّ زعمهم و أن يأتي الناس إلى مكّة مرّتين: مرّة للحجّ و مرّة للعمرة لما فيه ربيع قريش من سكّان مكّة كما يفهم هذا من حديث للخليفة عمر حين نهى عن التمتع بالعمرة (42).
على عهد أبي بكر :
حرّمت قريش في العصر الجاهلي الجمع بين الحجّ و العمرة في أشهر الحجّ و رأته من أفجر الفجور، و شرّعه الإسلام و سنّه الرسول فلم ير من ولي من قريش بعد الرسول العمل بذلك، فأفردوا الحجّ عن العمرة و أوّل من ذكروا أنّه أفرد الحجّ هو الخليفة القرشيّ أبو بكر حسب ما روى البيهقي في سننه عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: حججت مع أبي بكر (رض) فجرّد، و مع عمر (رض) فجرّد، و مع عثمان (رض) فجرّد (43).
جرّد: أي أفرد الحجّ.
على عهد الخليفة عمر :
كان أوّل من أفرد الحجّ بعد الرسول الخليفة القرشي أبو بكر و كذلك كان أوّل من نهى المسلمين عن عمرة التّمتّع بعد الرسول، الخليفة القرشيّ عمر، كما دلّت عليه الروايات الآتية:
في صحيح مسلم و مسند الطيالسي و سنن البيهقي و غيرها، و اللفظ للأوّل، عن جابر، قال: تمتّعنا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) فلمّا قام عمر قال: إنّ اللّه كان يحلّ لرسوله ما شاء بما شاء، و إنّ القرآن قد نزل منازله فأتمّوا الحجّ و العمرة للّه كما أمركم اللّه و ابتوا نكاح هذه النساء فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلّا رجمته بالحجارة.
و بعده في صحيح مسلم: فافصلوا حجّكم عن عمرتكم فإنّه أتمّ لحجّكم و أتمّ لعمرتكم (44).
و أورد البيهقي الرواية في سننه بتفصيل أوفى، قال جابر: تمتّعنا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و مع أبي بكر (رض) فلمّا ولي عمر خطب الناس فقال: «إنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) هذا الرسول، و إنّ القرآن هذا القرآن، و إنّهما كانتا متعتان على عهد رسول اللّه و أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما: إحداهما متعة النساء، و لا أقدر على رجل تزوّج امرأة إلى أجل إلّا غيبته بالحجارة، و الاخرى متعة الحجّ. افصلوا حجّكم عن عمرتكم فإنّه أتمّ لحجّكم و أتمّ لعمرتكم (45).
يشير الخليفة في الحديث الأوّل إلى أنّ اللّه أحل لرسوله التمتّع بالعمرة إلى الحجّ لأنّه كان يحلّ لرسوله ما شاء بما شاء و ليس من تمام العمرة أنّ يجمع بينهما فافصلوا حجّكم عن عمرتكم فإنّه أتمّ لحجكم و أتمّ لعمرتكم.
ويعين الحديث الآتي الحادثة الّتي نهى عمر بعدها عن الجمع بين الحجّ و العمرة:
عن الأسود بن يزيد قال: بينما أنا واقف مع عمر بن الخطّاب بعرفة عشيّة عرفة فإذا هو برجل مرجّل شعره يفوح منه ريح الطيب. فقال له عمر: أمحرم أنت؟ قال:
نعم. فقال عمر: ما هيئتك بهيئة محرم، إنّما المحرم الأشعث الأغبر الأذفر، قال: إنّي قدمت متمتعا و كان معي أهلي و إنّما أحرمت اليوم فقال عمر عند ذلك: لا تتمتعوا في هذه الأيّام، فإنّي لو رخّصت في المتعة لهم لعرّسوا بهنّ في الأراك، ثمّ راحوا بهن حجّاجا (46).
ترجيل الشعر تسريحه و تنظيفه و تحسينه، والإذفر هنا: الرائحة الكريهة.
قال ابن القيم بعد ايراد الرواية: و هذا يبيّن أنّ هذا من عمر رأي رآه، قال ابن حزم: و كان ما ذا و حبذا ذلك، و قد طاف النبيّ ( صلى الله عليه واله ) على نسائه ثمّ أصبح محرما، و لا خلاف في أنّ الوطء مباح قبل الإحرام بطرفة عين.
وتحدّث أبو موسى الأشعري عمّا جرى له مع الخليفة في شأن متعة الحجّ و قال كما رواه مسلم و البخاري في صحيحيهما و غيرهما و اللفظ لمسلم:
كان رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) بعثني إلى اليمن فوافقته في العام الّذي حجّ فيه فقال لي رسول اللّه ( صلى الله عليه واله) : «يا أبا موسى! كيف قلت حين أحرمت؟» قال: قلت: لبّيك إهلالا كإهلال النّبي ( صلى الله عليه واله ) فقال: «هل سقت هديا؟» فقلت: لا، قال «فانطلق فطف بالبيت و بين الصفا و المروة ثمّ أحلّ ...».
وتمام الحديث في رواية قبلها: فطفت بالبيت و بالصفا و بالمروة ثمّ أتيت امرأة من قومي فمشطتني و غسلت رأسي.
وفي رواية: ثم أهللت بالحجّ.
و زاد عليه أحمد بمسنده، يوم التروية، قال: فكنت أفتي الناس بذلك في إمارة أبي بكر و إمارة عمر، فإنّي لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال: إنّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك.
ولفظ البيهقي: «فبينا أنا عند الحجر الأسود و المقام أفتي الناس بالّذي أمرني به رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) إذ جاءني رجل فسارّني فقال: لا تعجل بفتياك فإنّ أمير المؤمنين أحدث في المناسك» (47).
فقلت: أيّها الناس من كنّا أفتيناه بشيء فليتّئد، فهذا أمير المؤمنين قادم عليكم فبه فائتمّوا، قال: فلما قدم قلت: يا أمير المؤمنين ما هذا الذي أحدثت بشأن النسك؟
ولفظ البيهقي: «أحدث في النسك شيء؟ فغضب عمر أمير المؤمنين من ذلك ثم قال ... إن نأخذ بكتاب اللّه فإن كتاب اللّه يأمر بالتمام» (48).
وفي رواية: فإنّ اللّه عزّ و جلّ قال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وإن نأخذ بسنّة نبينا عليه الصلاة و السلام فإنّ النبي لم يحلّ حتّى نحر الهدي (49).
و قد بيّن الخليفة في حديث آخر ما يراه أتمّ للحجّ و العمرة كما رواه مالك في موطّئه، و البيهقي في سننه، عن عبد اللّه بن عمر قال: إنّ عمر بن الخطّاب، قال: افصلوا بين حجّكم و عمرتكم فإنّ ذلك أتمّ لحجّ أحدكم، و أتمّ لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحجّ (50).
و في رواية أخرى: قال عمر: افصلوا بين حجّكم و عمرتكم، اجعلوا الحجّ في أشهر الحجّ و اجعلوا العمرة في غير أشهر الحجّ أتمّ لحجّكم و عمرتكم (51).
خلاصة ما في هذه الأحاديث:
إنّ الخليفة عمر كان يرى الفصل بين الحجّ و العمرة أتمّ لهما، و ذلك بأن يجعل الحجّ في أشهر الحجّ و يجعل العمرة في غيرها، و يستدل من الكتاب لما يرى بقوله تعالى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ومن السنّة بعمل النبي في حجّة الوداع حيث لم يحلّ حتّى نحر الهدي.
في حين أن المراد بإتمام الحج و العمرة في الآية أداء مناسكهما و إتمام سننهما بحدودهما في مقابل المصدود و الخائف الذي لا يستطيع أداءها. و قد نصّت الآية بعد هذه الجملة على تشريع عمرة التمتع بقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ و نصّ النبي على أنّه لم يحلّ لأنّه ساق الهدي و قال: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي و جعلتها عمرة» و قال: «دخلت العمرة في الحجّ إلى الأبد» و حاشا أبا حفص ألّا يدرك كل ذلك و خاصّة بعد ما روى عنه ابن عباس كما في سنن النسائي و قال: سمعت عمر يقول: و اللّه إنّي لأنهاكم عن المتعة و إنّها لفي كتاب اللّه و لقد فعلتها مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) يعني العمرة في الحجّ (52).
إذا فاستشهاده بالكتاب و السنّة غير وجيه، و إن دافعه إلى ما فعل هو ما أفصح عنه في حديث آخر له رواه أبو نعيم في حلية الأولياء و المتقي في كنز العمّال و اللفظ للأوّل قال: إنّ عمر بن الخطّاب نهى عن المتعة في أشهر الحجّ و قال: فعلتها مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أنا أنهى عنها و ذلك أنّ أحدكم يأتي من أفق من الآفاق شعثا نصبا معتمرا أشهر الحجّ و إنّما شعثه و نصبه و تلبيته في عمرته ثمّ يقدم فيطوف بالبيت و يحلّ و يلبس و يتطيّب و يقع على أهله إن كانوا معه حتّى إذا كان يوم التروية أهلّ بالحجّ و خرج إلى منى يلبّي بحجّة لا شعث فيها و لا نصب و لا تلبية إلّا يوما و الحجّ أفضل من العمرة، لو خلّينا بينهم و بين هذا لعانقوهنّ تحت الأراك، و إنّ أهل البيت ليس لهم ضرع و لا زرع و إنّما ربيعهم في من يطرأ عليهم (53).
و في رواية أخرى، قال عمر: قد علمت أنّ النبيّ فعله و أصحابه و لكن كرهت أن يظلّوا معرّسين بهنّ في الأراك ثم يروحون في الحجّ تقطر رءوسهم (54).
في هذين الحديثين صرّح الخليفة بأنّ دافعه إلى ما فعل أمران:
أوّلا: احترام الحجّ، و يحتجّ هنا لما يرى بعين الاحتجاج الّذي احتجّت به الصحابة عند ما أبت على رسول اللّه التمتّع بالعمرة إلى الحجّ في حجّة الوداع، و من هنا نرى أنّ قائل القول في المقامين أيضا واحد، و هم مهاجرة قريش الّذين رأوا في عمرة التّمتّع مخالفة لما دأبوا عليه من سنن الحجّ و العمرة في الجاهلية.
و الدافع الثاني له إلى منع الجمع بين الحجّ و العمرة في سفرة واحدة ما صرّح به في أحد الحديثين من «أنّ أهل البيت ليس لهم ضرع و لا زرع و إنّما ربيعهم في من يطرأ عليهم».
إذا فالخليفة يأمر بالفصل بين الحجّ و العمرة، و أن تجعل العمرة في غير أشهر الحج، ليأتي المسلمون إلى مكة مرّتين، مرّة للحج و أخرى للعمرة ففيه ربيع ذوي أرومته من قريش سكان الحرم.
و يقصد هذا- أيضا- في جوابه لعلي بن أبي طالب كما في سنن البيهقي قال :
قال علي بن أبي طالب لعمر (رض) أنهيت عن المتعة؟! قال: لا، و لكني أردت كثرة زيارة البيت، قال: فقال علي (رض) من أفرد الحجّ فحسن و من تمتّع فقد أخذ بكتاب اللّه و سنّة نبيّه ( صلى الله عليه واله ) (55).
كان ما تقدّم كلّ ما انتهى إلينا من أخبار نهي عمر (رض) عن عمرة التّمتّع على قلّة ما لدينا من مصادر البحث، و ما ذكرناه على قلته ألقى بعض الضوء على اجتهاد عمر في هذا الحكم و دافعه إلى ما تأوّل، و قد أدركنا من مجموع ما تقدّم أن نهي عمر كان شديدا عن متعة الحجّ، و كان يضرب الناس عليها (56).
قال ابن كثير: و قد كان الصحابة رضي اللّه عنهم يهابونه كثيرا فلا يتجاسرون على مخالفته (57) ، و لم نجد من يعارضه على عهده أو يتكلّم ببنت شفة في خلافه عدا ما كان من قول عليّ له (و من تمتّع فقد أخذ بكتاب اللّه و سنّة نبيّه) (58).
و أصبح إفراد الحجّ بعد ذلك سنّة عمريّة استنّ الخلفاء القرشيون به، كما نرى ذلك في سيرة عثمان و غيره في ما يأتي:
على عهد عثمان :
تابع عثمان عمر في ما استنّ من الفصل بين الحجّ و العمرة و لا غرو في ذلك فإنّ كليهما من مهاجرة قريش، و لا فارق بينهما و بين عهديهما في ما يعود إلى هذا الحكم عدا ما كان من مجاهرة الإمام عليّ على مخالفة عثمان فيه و أمره من معه أن يجاهروا بمخالفته، في حين أن أحدا لم يستطع أن يجاهر الخليفة عمر في ذلك: بعد قوله: «متعان كانتا على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما متعة الحجّ ...» (59) و بعد ضربه الناس على ذلك، و في ما يلي الرّوايات الّتي ذكرت كيفية معارضة الإمام للخليفة:
في مسند أحمد عن عبد اللّه بن الزبير، قال: و اللّه أنا لمع عثمان بن عفّان بالجحفة و معه رهط من أهل الشام فيهم حبيب بن مسلمة الفهري إذ قال عثمان، و ذكر له التمتّع بالعمرة إلى الحجّ: إنّ أتمّ للحجّ و العمرة أن لا يكونا في أشهر الحجّ فلو أخّرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل، فإنّ اللّه تعالى قد وسّع الخير، و عليّ بن أبي طالب في بطن الوادي يعلف بعيرا له، قال: فبلغه الّذي قال عثمان فأقبل حتّى وقف على عثمان فقال: أعمدت إلى سنّة سنّها رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و رخصة رخّص اللّه تعالى بها للعباد في كتابه تضيّق عليهم فيها و تنهى عنها و قد كانت لذي الحاجة و لنائي الدار؟! ثمّ أهل بحجّة و عمرة معا. فأقبل عثمان على الناس فقال:
و هل نهيت عنها؟! إنّي لم أنه عنها، إنّما كان رأيا أشرت به فمن شاء أخذ به و من شاء تركه (60).
وفي موطّأ مالك، عن جعفر بن محمّد عن أبيه أنّ المقداد بن الأسود دخل على عليّ بن أبي طالب بالسقيا و هو ينجع بكرات له دقيقا و خبطا فقال: هذا عثمان بن عفّان ينهى عن أن يقرن بين الحجّ و العمرة. فخرج علي بن أبي طالب و على يديه أثر الدقيق و الخبط فما أنسى أثر الدقيق و الخبط على ذراعيه حتّى دخل على عثمان بن عفّان فقال: أنت تنهى عن أن يقرن بين الحجّ و العمرة ؟ فقال عثمان ذلك رأيي فخرج عليّ مغضبا و هو يقول: لبّيك اللّهم لبيك بحجّة و عمرة معا (61).
و في سنن النسائي و مستدرك الصحيحين و مسند أحمد و اللفظ للأوّل عن سعيد ابن المسيّب، قال: حجّ علي و عثمان فلمّا كنّا ببعض الطريق نهى عثمان عن التّمتّع فقال عليّ اذا رأيتموه ارتحل فارتحلوا، فلبّى عليّ و أصحابه بالعمرة فلم ينههم عثمان، فقال عليّ: أ لم أخبر أنّك تنهى عن التمتّع؟ قال: بلى، قال له عليّ: فلم تسمع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) تمتّع؟ قال: بلى! (62) قال الإمام السندي بهامشه: قوله: «إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا» أي ارتحلوا معه ملبّين بالعمرة ليعلم أنّكم قدّمتم السنّة على قوله و إنّه لا طاعة له في مقابلة السنّة (63).
و أخرجه أحمد بلفظ آخر هذا نصّه: حجّ عثمان حتّى إذا كان في بعض الطريق أخبر عليّ أنّ عثمان نهى أصحابه عن التمتع بالعمرة و الحجّ، فقال علي لأصحابه إذا راح فروحوا، فأهلّ عليّ و أصحابه بعمرة، فلم يكلّمهم عثمان، فقال علي أ لم أخبر أنّك نهيت عن التمتّع؟ أ لم يتمتّع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) ؟ قال: فما أدري ما أجابه عثمان (64).
في الروايات الآنفة نرى من الخليفة في شأن عمرة التمتع لينا و تسامحا و في غيرها أبدى غلظة و شدّة في شأنها مثل الروايات التالية:
في صحيح مسلم و مسند أحمد و سنن البيهقي و غيرها و اللفظ للأوّل، عن شعبة عن قتادة عن عبد اللّه بن شقيق، قال: كان عثمان ينهى عن المتعة و كان عليّ يأمر بها، فقال عثمان لعليّ كلمة، ثم قال علي: لقد علمت أنّا قد تمتّعنا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) فقال: أجل، و لكنّا كنا خائفين! و في رواية بمسند أحمد: فقال عثمان لعليّ إنّك كذا و كذا.
و في رواية أخرى: فقال عثمان لعلي قولا.
و في آخر الرواية: قال شعبة فقلت لقتادة: ما كان خوفهم؟ قال: لا أدري (65).
في هذا الحديث كتموا قول عثمان لعلي و أبدلوه مرّة بلفظ. «إنّك كذا و كذا» و مرّة بلفظ «قولا»، أمّا قول عثمان: «أجل و لكنّا كنا خائفين» فلم يدر قتادة ما خوفهم و لست أدر ي- أيضا- و لا المنجّم يدري ما كان خوفهم و قد أمرهم رسول اللّه بأداء عمرة التمتع في حجّة الوداع و أدّوها حينذاك أي في آخر سنة من حياة الرسول و كان ذلك بعد انتشار الإسلام في الجزيرة العربية و بعد انحسار الشرك منها إلى الأبد.
قال ابن كثير: و لست أدري على م يحمل هذا الخوف، من أيّ جهة كان؟
و قال قبله: قد أطد اللّه له الإسلام، و فتح البلد الحرام، و قد نودي برحاب منى أيّام الموسم في العام الماضي: أن لا يحجّ بعد العام مشرك، و لا يطوفنّ بالبيت عريان (66).
في الحديث السابق احتجّ عثمان على صحّة فتواه بأنّهم أدّوا عمرة التمتع لأنّهم كانوا خائفين و في الأحاديث الآتية: لم يحتجّ بشيء و أبدى عنفا أكثر.
في صحيح مسلم و البخاري و سنن النسائي و مسند الطيالسي و أحمد و غيرها و اللفظ للأوّل عن سعيد بن المسيّب، قال: اجتمع عليّ و عثمان بعسفان و كان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة، فقال علي: ما تريد إلى أمر فعله رسول اللّه تنهى عنه؟ فقال عثمان: دعنا منك! قال: لا أستطيع أن أدعك منّي. فلمّا رأى عليّ ذلك أهلّ بهما جميعا (67).
و في صحيح البخاري و سنن النسائي و الدارمي و البيهقي و مسند أحمد و الطيالسي و غيرها، و اللفظ للأوّل، عن مروان بن الحكم، قال: شهدت عثمان و عليّا و عثمان ينهى عن المتعة و أن يجمع بينهما فلمّا رأى عليّ أهلّ بهما: لبّيك بعمرة و حجّة معا، قال: ما كنت لأدع سنّة النّبيّ ( صلى الله عليه واله ) لقول أحد.
و لفظ النسائي: إنّ عثمان نهى عن المتعة و أن يجمع بين الحجّ و العمرة معا فقال عثمان: أ تفعلها و أنا أنهى عنها؟ فقال عليّ: لم أكن لأدع سنّة رسول اللّه لأحد من الناس.
و في أخرى: لقولك (68).
قال ابن القيم بعد إيراد الأحاديث الآنفة:
«فهذا يبيّن أنّ من جمع بينهما كان متمتّعا عندهم، و أن هذا هو الّذي فعله رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و قد وافقه عثمان على أن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) فعل ذلك فإنّه لمّا قال له:
«ما تريد إلى أمر فعله رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) تنهى عنه» لم يقل له. لم يفعله رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و لو لا أنّه وافقه على ذلك لأنكره، ثمّ قصد عليّ موافقة النبيّ ( صلى الله عليه واله ) و الاقتداء به في ذلك و بيان أنّ فعله لم ينسخ و أهلّ لهما جميعا تقريرا للاقتداء به و متابعته في القران لسنّة نهى عنها عثمان متأوّلا» (69) انتهى.
*** من مجموع الروايات الآنفة علمنا أنّ الإمام عليّا كان يتعمّد الإجهار بمخالفة الخليفة في إجهاره بنية حجّ التمتّع، و أنّ الخليفة كان متسامحا فيه أحيانا و متشدّدا أخرى.
و نرى أنّ تسامحه كان في أوائل عهده و أنّ تشدّده كان بعد ذلك، و بلغ من
تشدّده أنّه ضرب و حلق من فعل ذلك. روى ابن حزم: أنّ عثمان سمع رجلا يهلّ بعمرة و حجّ، فقال: عليّ بالمهلّ، فضربه و حلقه (70). ضربه الخليفة تعذيبا له و حلقه تشهيرا به و مثلة. و مع كلّ ذلك التشديد فإنّ معارضة المسلمين بدئ على هذا العهد، و كان الإمام عليّ هو البادئ بها، فهو الّذي جاهر بخلافهم و أمر رفاقه بذلك، ثمّ انتشرت المعارضة بعد هذا على عهد الخلفاء الآخرين، أمّا ما جرى على عهد الإمام فهذا بيانه:
على عهد الإمام عليّ (عليه السلام) :
رأينا الإمام عليّا على عهد عثمان يعارضه أشدّ المعارضة في إقامة سنّة الرسول هذه (71) فأحرى به أن يقيمها على عهده حين لا معارض له في إقامتها و مع موافقة رغبة جماهير المسلمين إيّاه في ذلك، و لهذا السبب لم يكن هناك مسوّغ لحدوث القالة حول عمرة التمتع يوم ذاك لتروي لنا و تدوّن في الكتب، و إنّما حدثت القالة مرّة ثانية على عهد معاوية حين جاهد في إحياء سنّة عمر و بيانه كما يلي:
على عهد معاوية :
كان معاوية على عهده جادّا كلّ الجد في إحياء سنن الخلفاء الثلاثة: أبي بكر و عمر و عثمان، و خاصّة في ما كان فيها إرغام لأهل البيت و مخالفة لمدرستهم لا سيّما الإمام عليّ، كانت هذه سياسته على العموم، و في ما يخصّ هذا الحكم ذكرت الروايات التالية ما قام به هو و بعض جلاوزته من جهد (72).
في سنن النسائي عن ابن عبّاس، قال: هذا معاوية ينهى الناس عن المتعة و قد تمتّع النبي ( صلى الله عليه واله ) (73).
و في سنن الدارمي عن محمّد بن عبد اللّه بن نوفل، قال: سمعت عام حجّ معاوية يسأل سعد بن مالك: كيف تقول بالتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال: حسنة جميلة.
قال: قد كان عمر ينهى عنها، فأنت خير من عمر؟! قال: عمر خير منّي، و قد فعل ذلك النّبيّ و هو خير من عمر (74).
و يبدو من بعض الروايات أنّ هذه المحاولة على عهد معاوية لم تقتصر عليه فحسب بل أعانه عليها بعض جلاوزته أيضا كما تدلّ عليه الرواية التالية:
في موطّأ مالك و سنن النسائي و الترمذي و البيهقي و غيرها، واللفظ للأوّل، عن محمّد بن عبد اللّه بن الحارث: انّه سمع سعد بن أبي وقّاص و الضّحاك بن قيس عام حجّ معاوية بن أبي سفيان، و هما يذكران التمتّع بالعمرة إلى الحجّ، فقال الضحّاك بن قيس :
لا يفعل ذلك إلّا من جهل أمر اللّه عزّ و جلّ، فقال سعد: بئس ما قلت يا ابن أخي! فقال الضحّاك: فإنّ عمر بن الخطّاب قد نهى عن ذلك، فقال سعد: قد صنعها رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و صنعناها معه (75).
و الضّحاك بن قيس قرشيّ فهريّ، و لذا قال له سعد «يا ابن أخي». ولد الضحّاك قبل وفاة النبي بسبع سنين، ولي على شرطة معاوية، و له في الحروب معه بلاء عظيم، و سيره على جيش على عهد الإمام عليّ فأغار على سواد العراق و قتل من لقي من الأعراب، و أغار على الحاجّ و أخذ أمتعتهم و قتل منهم. ولي دفن معاوية و أخبر يزيد بموته و بايع ابن الزبير بعد يزيد و قاتل مروان بمرج راهط فقتل بها سنة اربع و ستين (76).
هذا هو الضحّاك بن قيس قائد جلاوزة معاوية و لا غرابة بعد ذلك في أن يحتطب.
هذا بحبال معاوية و يعينه على ما يبتغيه.
و يبدو أنّ معاوية- بالإضافة إلى ما ذكرنا- استعان بوضع الحديث للمنع من حجّ التمتّع حسب ما رواه كلّ من البيهقي و أبي داود في سننهما وغيرهما و اللفظ للأوّل: إنّ معاوية قال لنفر من أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) .
ولفظ أبي داود: قال لأصحاب رسول اللّه أ تعلمون ... أنّ رسول اللّه نهى عن صفف النمور؟ قالوا: اللّهم نعم.
قال: وأنا اشهد. قال: أتعلمون أنّ النبيّ ( صلى الله عليه واله ) نهى عن لبس الذهب إلا مقطّعا؟ قالوا: اللّهم نعم! قال: أتعلمون أنّ النبي ( صلى الله عليه واله ) نهى أن يقرن بين الحجّ و العمرة؟ قالوا: اللّهم لا! قال: واللّه إنّها لمعهنّ.
قال ابن القيّم بعد إيراد الحديث: «و نحن نشهد باللّه أنّ هذا و هم من معاوية أو كذب عليه، فلم ينه رسول اللّه عن ذلك قطّ» (77) هكذا قال ابن القيّم لحسن ظنّه بمعاوية و الطريف في الأمر أنّ معاوية يروي رواية أخرى عن رسول اللّه يناقض فيها نفسه. و روايته هذه حسب ما رواها كلّ من البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأحمد في مسنده ، واللفظ للأوّل، عن ابن عبّاس قال: قال لي معاوية: أعلمت اني قصّرت من رأس رسول اللّه عند المروة بمشقص؟ فقلت له: لا أعلم هذا إلّا حجّة عليك.
وفي لفظ المنتقى «في أيام العشر بمشقص».
قال ابن القيّم: و هذا ممّا أنكره الناس على معاوية و غلّطوه فيه (78).
في الرواية الأولى يحلف أصحاب النبيّ أنّ النبيّ لم ينه عن قران العمرة بالحجّ ضمن ما نهى عنه، و يحلف معاوية أنّه معهنّ، و تدلّنا رواية معاوية هذه على أنّ الروايات الأخرى الّتي رويت موافقة لرأي معاوية أيضا وضعت في عصر معاوية كما سندرسها في آخر هذا الباب إن شاء اللّه تعالى. أمّا الرواية الثانية التي ناقض فيها روايته الأولى فإنّ معاوية أراد أن يتبجّح فيها بأنّه كان مقرّبا من رسول اللّه و في خدمته، وفاته أنّها تناقض فتواه و روايته الأولى و قد لاقى معاوية في سبيل إحياء سنّة عمر مخالفة شديدة من سعد ابن أبي وقّاص فقد روى مسلم في صحيحه عن غنيم بن قيس، قال «سألت سعد بن أبي وقّاص عن المتعة فقال: فعلناها و هذا يومئذ كافر بالعرش» (79).
قال الراوي: يعنى بيوت مكّة.
وفي رواية اخرى: يعني معاوية.
قال المؤلّف: جعلوا لفظ العرش بضمّتين ليكون جمع العرش بضم العين و يكون بمعنى بيوت مكّة. و لعلّ سعدا تلفظه بفتح العين و سكون الراء و قصد أنّه كان يوم ذاك كافرا بربّ العرش.
هكذا عارض سعد معاوية في أكثر من مكان ولم يكن سائر الصحابة بمكانة سعد بن أبي وقّاص فاتح العراق والفرد الباقي من الستة أهل الشورى الذين رشّحهم عمر بن الخطّاب (رض) للخلافة ليستطيعوا مجاهرة عصبة الخلافة بالمخالفة يوم ذاك بل كان فيهم مثل الصحابي عمران بن حصين الّذي كتم أنفاسه طيلة حياته حتّى إذا وجد نفسه على فراش الموت جاهر برأيه كما رواه مسلم و غيره و اللفظ لمسلم عن مطرّف قال: بعث إليّ عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه، فقال: إني كنت محدّثك بأحاديث لعلّ اللّه أن ينفعك بها بعدي ، فإن عشت فاكتم عنّي و إن متّ فحدّث بها إن شئت، إنّه قد سلّم عليّ و اعلم أنّ نبيّ اللّه ( صلى الله عليه واله ) قد جمع بين حجّ و عمرة ثمّ لم ينزل فيها كتاب و لم ينهنا عنهما رسول اللّه، قال فيها رجل برأيه ما شاء (80).
وفي رواية أخرى: أنّي لاحدّثك بالحديث اليوم ينفعك اللّه به بعد اليوم:
واعلم انّ رسول اللّه قد أعمر طائفة من أهله في العشر- أي عشر ذي الحجّة- فلم تنزل آية تنسخ ذلك و لم ينه عنه حتّى مضى لوجهه ارتأى كلّ امرئ بعد ما شاء أن يرتئي.
و في رواية: ارتأى رجل برأيه- يعني عمر- (81).
هكذا كان الأمر على عهد معاوية حتّى إذا مات و بويع ابنه يزيد بالخلافة انصرف في عامه الأوّل إلى قتال الحسين و استئصال أهل بيته، و بعد ذلك انصرف إلى قتال الصحابة و التابعين بمدينة الرسول حتّى فتحها و فعل فيها الأفاعيل ثمّ انصرف الى حرب ابن الزبير بمكّة، ثمّ هلك و بويع عبد اللّه بن الزبير فجاهد عبد اللّه بن الزبير في إحياء سنّة الخلفاء في شأن عمرة التمتع كما يلي بيانه:
على عهد عبد اللّه بن الزبير :
أبو بكر و أبو خبيب عبد اللّه بن الزبير القرشي الأسدي، و أمّه أسماء ابنة أبي بكر و خالته عائشة ولد في المدينة بعد الهجرة. شهد الجمل مع خالته. قال فيه الإمام عليّ:
ما زال الزبير منّا أهل البيت حتّى نشأ ابنه عبد اللّه.
جاور عبد اللّه مكّة بعد موت معاوية، و امتنع عن بيعة يزيد، و دعا لنفسه بعد قتل الإمام الحسين فأرسل يزيد جيشا أوقعوا بأهل المدينة يوم الحرّة، ثمّ نازلوا ابن الزبير بمكّة لأربع بقين من المحرّم سنة أربع و ستّين و حاصروه في الحرم فاحترقت في حربهم الكعبة و قرنا الكبش الذي فدي به إسماعيل و كان في سقفها، و بويع بالخلافة بعد موت يزيد في الحجاز و اليمن و العراق و خراسان، و لمّا ولي الخلافة عبد الملك بن مروان بعث الحجّاج لحربه فقتله في النصف من جمادي الآخرة سنة ثلاث و سبعين إ ه- أسد الغابة (3/ 61 1- 163).
ولي ابن الزبير مكّة أكثر من عشر سنوات، فجدّ هو و بنو أبيه في منع المسلمين من عمرة التمتع، فوقعت بينهم و بين أتباع مدرسة الإمام علي مناظرات و مساجلات كما شرحتها الروايات التالية:
في صحيح مسلم: كان ابن عباس يأمر بالمتعة و كان ابن الزبير ينهى عنها ...
الحديث (82).
و فيه و في البخارى عن أبي جمرة الضبعي قال: تمتّعت فنهاني ناس عن ذلك فأتيت ابن عباس فسألته عن ذلك فأمرني بها، قال: ثمّ انطلقت إلى البيت فنمت، فأتاني آت في منامي فقال: عمرة متقبّلة و حجّ مبرور، قال: فأتيت ابن عبّاس فأخبرته بالّذي رأيت. فقال: اللّه أكبر! سنّة أبي القاسم ( صلى الله عليه واله ) (83).
و في مسند أحمد و غيره و اللفظ لأحمد عن كريب مولى ابن عبّاس قال: قلت له:
يا أبا العباس أ رأيت قولك ما حجّ رجل لم يسق الهدي معه ثم طاف البيت إلّا حلّ بعمرة، و ما طاف بها حاجّ قد ساق الهدي إلّا اجتمعت له عمرة و حجّة. و الناس لا يقولون هذا.
فقال: ويحك! إنّ رسول اللّه خرج و من معه من أصحابه لا يذكرون إلّا الحجّ فأمر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) من لم يكن معه الهدي أن يطوف بالبيت و يحلّ بعمرة فجعل الرجل منهم يقول: يا رسول اللّه! إنّما هو الحجّ فيقول رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) «إنّه ليس بالحجّ و لكنّها عمرة» (84).
محاججة ابن عبّاس و ابن الزبير حول عمرة التمتّع :
روى مسلم عن مسلم القريّ قال: سألت ابن عباس عن متعة الحجّ: فرخّص فيها و كان ابن الزبير- عبد اللّه- ينهى عنها فقال- ابن عباس- هذه أمّ ابن الزبير تحدّث أنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) رخّص فيها. فادخلوا عليها فاسألوها قال: فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء. فقالت: قد رخّص رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) فيها (85).
و في زاد المعاد قال عبد اللّه بن الزبير: أفردوا الحجّ- أي لا تجمعوا بين الحجّ و العمرة- و دعوا قول أعماكم هذا. فقال عبد اللّه بن عباس: إنّ الذي أعمى قلبه لأنت. ألا تسأل أمّك عن هذا؟ فأرسل إليها فقالت: صدق ابن عبّاس. جئنا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) حجّاجا فجعلناها عمرة، فحللنا الإحلال كلّه حتّى سطعت المجامر بين الرجال و النساء (86).
محاججة عروة بن الزبير و ابن عباس :
في مسند أحمد: قال عروة لابن عبّاس حتى متى تضلّ الناس يا ابن عباس؟! قال: ما ذاك يا عريّة ؟ قال: تأمرنا بالعمرة في أشهر الحجّ و قد نهى عنها أبو بكر و عمر؟! فقال ابن عبّاس: قد فعلها رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) ... الحديث (87).
وفي رواية أخرى. فقال ابن عبّاس: أراهم سيهلكون أقول: قال النبيّ ( صلى الله عليه واله ) و يقول نهى أبو بكر وعمر (88).
و في رواية أخرى: قال عروة: ألا تتّقي اللّه ترخّص في المتعة فقال ابن عبّاس:
سل أمّك يا عريّة! فقال عروة: أمّا أبو بكر و عمر فلم يفعلا فقال ابن عبّاس: احدّثكم عن رسول اللّه وتحدثوني عن أبي بكر و عمر (89).
وفي رواية اخرى محاججة بين عروة و رجل لم يسمّ:
في زاد المعاد: ان عروة بن الزبير قال لرجل من أصحاب رسول اللّه تأمر الناس بالعمرة في هؤلاء العشر و ليس فيها عمرة، قال: أولا تسأل أمّك عن ذلك قال عروة: فإنّ أبا بكر و عمر لم يفعلا ذلك، قال الرجل: من هاهنا هلكتم ما أرى اللّه عزّ و جلّ إلّا سيعذّبكم، إنّي احدّثكم عن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و تخبروني عن أبي بكر و عمر، قال عروة : انّهما و اللّه كانا أعلم بسنة رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) منك، فسكت الرجل (90).
أرى انّ الرجل هو ابن عباس نفسه.
و في مجمع الزوائد روى أنّ عروة أتى ابن عباس فقال: يا ابن عبّاس: طالما أضللت الناس، قال: و ما ذاك يا عريّة؟ قال: الرجل يخرج محرما بحجّ أو عمرة، فإذا طاف زعمت أنّه قد حلّ فقد كان أبو بكر و عمر ينهيان عن ذلك، فقال: أ هما ويحك آثر عندك أم ما في كتاب اللّه و ما سنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) في أصحابه و في أمّته؟ فقال عروة:
هما كانا أعلم بكتاب اللّه و ما سنّ رسول اللّه منّي و منك.
قال الراوي: فخصمه عروة (91).
عروة ينهى عن عمرة التمتّع :
في صحيح مسلم، عن محمّد بن عبد الرحمن أنّ رجلا من أهل العراق قال له :
سل عروة بن الزبير عن رجل يهلّ بالحجّ فإذا طاف بالبيت أ يحلّ أم لا؟ فإن قال لك :
لا يحلّ، فقل له: إنّ رجلا يقول ذلك. قال فسألته فقال: لا يحلّ من أهلّ بالحجّ إلّا بالحجّ. قلت: فإنّ رجلا كان يقول ذلك. قال: بئس ما قال. فتصدّاني الرجل فسألني فحدّثته فقال: فقل له: فإنّ رجلا كان يخبر أنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) قد فعل ذلك و ما شأن أسماء و الزبير فعلا ذلك. قال: فجئته فذكرت له ذلك. فقال: من هذا؟ فقلت: لا أدري. قال: فما باله لا يأتينى بنفسه يسألني؟ أظنّه عراقيا. قلت: لا أدري. قال: فإنّه قد كذب. قد حجّ رسول اللّه فأخبرتني عائشة (رض)، أنّ أوّل شيء بدأ به حين قدم مكّة أنّه توضّأ ثمّ طاف بالبيت. ثم حجّ أبو بكر فكان أوّل شيء بدأ به الطواف بالبيت ثمّ لم يكن غيره- أى عمرة و غيرها- ثمّ عمر مثل ذلك. ثمّ حجّ عثمان فرأيته أوّل شيء بدأ به الطواف بالبيت. ثم لم يكن غيره. ثمّ رأيت المهاجرين و الأنصار يفعلون ذلك. ثمّ لم يكن غيره، ثمّ آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر ثمّ لم ينقضها بعمرة و هذا ابن عمر عندهم أ فلا يسألونه؟ و لا أحد ممّن مضى ما كانوا يبدءون بشيء حين يضعون أقدامهم أوّل من الطواف بالبيت. ثمّ لا يحلّون. و قد رأيت أمّي و خالتي حين تقدمان لا تبدءان بشيء أوّل من البيت تطوفان به ثمّ لا تحلّان! و قد أخبرتني أمّي أنّها أقبلت هي و اختها و الزبير و فلان و فلان بعمرة قطّ فلمّا مسحوا الركن حلّوا، و قد كذب في ما ذكر ذلك (92).
بحث لغوي حول الحديث :
«تصدّاني» هكذا في جميع النسخ و الصواب «تصدّى لى». «و قد أخبرتني أمّي أنّها أقبلت ... بعمرة قطّ فلما مسحوا الركن حلّوا» أي: ما كان ذلك، و في مادّة «قطّ» من القاموس و شرحه: تختصّ بالنفي ماضيا. و في مواضع من البخاري جاء بعد المثبت.
تعليق على الحديث :
في هذا الحديث لم يذكر عروة ما ذا فعل رسول اللّه بعد الطواف و ما نسبه إلى أبي بكر و عمر و عثمان و معاوية فهو كما قال.
أمّا قوله: و لا أحد ممّن مضى .. ثمّ لا يحلّون و قد رأيت أمّي و خالتي ...
تطوفان به ثمّ لا تحلّان ... و قد كذب في ما ذكر من ذلك .. الحديث. فقد سبق تكذيبه في الروايات الكثيرة السابقة، ويخالف ما ذكر عن أمّه وخالته ما رواه مسلم- أيضا- بعد هذا الحديث عن خالته أسماء بنت أبي بكر (رض) قالت :
خرجنا محرمين فقال رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) «من كان معه هدي فليقم على إحرامه.
ومن لم يكن معه هدي فليحلل» فلم يكن معى هدي فحللت، و كان مع الزبير هدي فلم يحلل.
قالت: فلبست ثيابي ثمّ خرجت فجلست إلى الزبير فقال: قومي عنّي. فقلت:
أتخشى أن أثب عليك؟
وفي أخرى بعدها: فقال: استرخي عنّي استرخي عنّي. فقلت أ تخشى أن أثب عليك.
وفي أخرى بعدها عن عبد اللّه مولى أسماء بنت أبي بكر (رض) أنّه كان يحدّث عن أسماء:
أنها كلّما مرّت بالحجون تقول: صلّى اللّه على رسوله و سلّم. لقد نزلنا معه هاهنا و نحن يومئذ خفاف الحقائب قليل ظهرنا، قليلة أزوادنا، فاعتمرت أنا واختى عائشة و الزبير و فلان و فلان فلمّا مسحنا بالبيت أحللنا. ثمّ أهللنا من العشيّ بالحجّ (93).
وما نسب عروة في حديثه إلى ابن عمر بقوله: «ثمّ لم ينقضها بعمرة و هذا ابن عمر عندهم أ فلا يسألونه» فقد وجدنا موقف ابن عمر مختلفا في ما روي عنه.
موقف ابن عمر :
في صحيح مسلم و سنن أبي داود و النسائي و الترمذي و البيهقي و غيرها، و اللفظ للأوّل عن ابن عمر قال: تمتّع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) في حجّة الوداع بالعمرة إلى الحجّ فكان من الناس من أهدى فساق الهدي، و منهم من لم يهد، فلمّا قدم رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) مكّة قال للنّاس «من كان منكم أهدى فإنّه لا يحلّ من شيء حرم منه حتّى يقضي حجّه، و من لم يكن منكم أهدى، فليطف بالبيت و بالصفا و المروة و ليقصر و ليحلل ثمّ ليهلّ بالحجّ و ليهد ...» الحديث (94).
و اعترض عليه بقول أبيه و نهيه كما رواه الترمذي في سننه عن ابنه سالم: أنّه سمع رجلا من أهل الشام و هو يسأل عبد اللّه بن عمر عن التمتّع بالعمرة إلى الحجّ، فقال عبد اللّه بن عمر: هي حلال. فقال الشامي: إنّ اباك قد نهي عنها، فقال عبد اللّه بن عمر: أرأيت إن كان أبي نهى عنها و صنعها رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أأمر أبي أتّبع أم أمر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) ؟ فقال الرجل: بل أمر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) . فقال: لقد صنعها رسول اللّه (95).
و في رواية قال: اعتمر النبيّ قبل أن يحجّ (96).
و قال ابن كثير: و كان ابنه عبد اللّه يخالفه فيقال له: إنّ أباك كان ينهى عنها! فيقول: خشيت أن يقع عليكم حجارة من السماء! قد فعلها رسول اللّه، أ فسنّة رسول اللّه نتّبع أم سنّة عمر بن الخطّاب (97) ؟
وروى عنه أيضا خلاف هذا الموقف (98) ولعلّ سبب اختلاف فتاويه في العمرة اختلاف أزمنة الفتاوى و الروايات عنه كما لو كان السؤال منه على عهد أبيه، أو على عهد عثمان مثلا. فينبغي أن يكون الجواب موافقا لموقف الخلافة الراشدة. أمّا في عصر ابن الزبير و مناهضة الخلافة الأمويّة له، فكان يسهل مخالفته.
و بهذا تيسّر وقوع الخلاف الشديد حول عمرة التمتع في هذا العصر و وقع فكان منهم من ينهى عنها و هم عصبة الخلافة، و منهم من يحبذها و يخبر عن أمر الرسول بها و هم بعض من بقى من أصحاب الرسول مثل جابر بن عبد اللّه الأنصاري الّذي كان يخبر عن سنة الرسول في ذلك كما رواه مسلم في صحيحه عن أبي نضرة، قال: كنت عند جابر فأتاه آت فقال: إنّ ابن عبّاس و ابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر:
فعلناهما مع رسول اللّه ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما (99).
و بقي هذا الخلاف بين أتباع الطرفين مدّة من الزمن. و من مظاهر ذلك الخلاف ما روي عن موسى بن نافع الأسدي أنّه قال: قدمت مكّة و أنا متمتّع بعمرة فدخلت قبل التروية بثلاثة أيّام فقال لي ناس من أهل مكّة: تصير حجّتك مكّيّة فدخلت على عطاء بن أبي رباح أستفتيه، فقال: حدّثني جابر بن عبد اللّه انّه حجّ مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) يوم ساق البدن و قد أهلّوا بالحجّ مفردا فقال لهم رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) : «أحلّوا من إحرامكم بالطواف بالبيت و بين الصفا و المروة و اقصروا و انتم حلال فاذا كان يوم التروية فأهلّوا بالحجّ و اجعلوا الّتي قدمتم بها متعة» قالوا: كيف نجعلها متعة و قد سمّينا الحجّ، فقال «افعلوا ما أمرتكم فلو لا أنّي سقت الهدي لفعلت مثل الّذي أمرتكم به و لكنّي لا يحلّ منّي حرام حتّى يبلغ الهدي محلّه» ففعلوا (100).
و في عصر ابن الزبير- أيضا- ظهرت أمارات انتصار من أحيا سنّة الرسول و تعلّقت قلوب الناس بعمرة التمتع حسب ما يظهر من روايات مسلم في صحيحه مثل الرواية الآتية:
قال رجل من بني الهجيم لابن عبّاس ما هذه الفتيا الّتي تشغّفت أو تشغبت بالناس انّ من طاف بالبيت فقد حلّ؟! فقال: سنّة نبيّكم و إن رغمتم.
و في رواية بعدها: إنّ هذا الأمر قد تفشّغ بالناس من طاف بالبيت فقد حلّ. الطواف عمرة (101).
«تشغّفت» أي علقت بقلوب الناس و «تشغّبت» أي خلطت عليهم أمرهم و «تفشّغ» أي انتشر وفشا بين الناس.
وقد علّق ابن القيم على رواية ابن عبّاس السابقة و قال: «و صدق ابن عبّاس :
كلّ من طاف بالبيت ممّن لا هدي معه من مفرد أو قارن أو متمتّع فقد حلّ إمّا وجوبا و إمّا حكما، هذه هي السنّة الّتي لا رادّ لها و لا مدفع و هذا كقوله ( صلى الله عليه واله ) : «إذا أدبر النّهار من هاهنا و أقبل الليل من هاهنا، فقد أفطر الصائم» إمّا أن يكون المعنى أفطر حكما أو دخل وقت إفطاره، و صار الوقت في حقّه وقت إفطار، فهكذا هذا الّذي قد طاف بالبيت إمّا أن يكون قد حلّ حكما، و إمّا أن يكون ذلك الوقت في حقّه ليس وقت إحرام، بل هو وقت حلّ ليس إلّا، ما لم يكن معه هدي و هذا صريح السنّة».
و روى عن أبي الشعثاء عن ابن عبّاس قال: «من جاء مهلّا بالحجّ فإنّ الطواف بالبيت يصيّره إلى عمرة شاء أو أبى» قلت: إنّ الناس ينكرون ذلك عليك قال: هي سنة نبيّهم وإن رغموا (102).
هكذا جاهد ابن عبّاس في عصره و أعانه غيره من أتباع مدرسة الأئمة أمثال جابر بن عبد اللّه الأنصاري. و من هؤلاء و بعد هؤلاء تسرّى القول بعمرة التمتّع إلى أتباع مدرسة الخلفاء، كما يظهر ذلك من رواية ابن حزم عن منصور بن المعتمر، قال:
حجّ الحسن البصري و حججت معه في ذلك العامّ، فلمّا قدمنا مكّة، جاء رجل إلى الحسن، فقال: يا أبا سعيد! إنّي رجل بعيد الشقّة من أهل خراسان و إنّي قدمت مهلّا بالحجّ، فقال له الحسن: اجعلها عمرة و احلّ، فأنكر ذلك الناس على الحسن (103) وشاع قوله بمكّة فأتى عطاء بن أبي رباح فذكر ذلك له، فقال: صدق الشيخ و لكنّا نفرق أن نتكلّم بذلك (104).
و يزول هذا التخوّف في عصر بني العبّاس و ينتشر القول بعمرة التمتّع على عهدهم و لعلّ لموقف جدّهم عبد اللّه بن العبّاس دخلا في ذلك، و على عهدهم يتبنّى أحمد بن حنبل القول بعمرة التمتّع و من الطبيعي أن يستمرّ ذلك في أتباع مدرسته.
و يشهد لذلك قول ابن القيّم: و قد روى هذا- أي حجّ التمتّع- عن النبيّ من سمّينا و غيرهم، و روى ذلك عنهم طوائف من كبار التابعين، حتّى صار منقولا نقلا يرفع الشكّ و يوجب اليقين، و لا يمكن أحدا أن ينكره أو يقول: لم يقع و هو مذهب أهل بيت رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) ، و مذهب حبر الأمّة و بحرها ابن عبّاس و أصحابه و مذهب أبي موسى الأشعريّ و مذهب إمام أهل السنّة و الحديث أحمد بن حنبل و أتباعه و مذهب أهل الحديث معه (105).
و هكذا يزول الحرج عن المسلمين في اتّباع سنّة الرسول بعد ذلك إلى يومنا الحاضر.
الأحاديث الّتي وضعت في سبيل تبرير موقف الخلفاء :
إلى هنا استعرضنا الجهود الّتي بذلها الرسول في سبيل إماتة سنّة الجاهلية في شأن عمرة التمتّع، ثمّ الجهود التي بذلتها مدرسة الخلفاء في سبيل إحياء تلك السنّة، و كذلك الجهود الّتي بذلتها مدرسة أئمة أهل البيت في سبيل إماتة سنّة الجاهلية و إحياء سنّة الرسول، و كيف شغف الناس بعدئذ بعمرة التمتع، و نختم هذا البحث باستعراض الجهود التي بذلك في سبيل تبرير موقف الخلفاء من عمرة التمتع و الدفاع عنهم مثل الأحاديث الآتية التي وضعت في هذا السبيل:
1- روى مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة و البيهقي و غيرهم عن القاسم ابن محمّد بن أبي بكر عن أمّ المؤمنين عائشة أنّها، قالت: إنّ رسول اللّه أفرد الحجّ (106).
2- عن عروة بن الزبير عن عائشة: انّ رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أفرد الحجّ (107).
3- و عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جابر: انّ رسول اللّه أفرد الحجّ (108).
4- و عن عبد اللّه بن عمر:
أ- أنّ النبي ( صلى الله عليه واله ) أفرد الحجّ و أبو بكر و عمر و عثمان.
ب- أهللنا مع رسول اللّه بالحج مفردا.
و في رواية: انّ رسول اللّه أهلّ بالحجّ مفردا (109).
5- عن سعيد بن المسيّب: أن رجلا من أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) : أتى عمر ابن الخطّاب (رض) فشهد عنده أنّه سمع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) في مرضه الّذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج (110).
6- عن جابر: أنّ رسول اللّه و أبا بكر و عمر و عثمان أفردوا الحجّ (111).
7- عن الحارث بن بلال، قال: قلت: يا رسول اللّه! فسخ الحجّ لنا خاصّة، أم للناس عامّة، قال: «بل لنا خاصّة» (112).
8- عن عبد اللّه و الحسن ابني محمّد بن عليّ عن أبيهما انّ علي بن أبي طالب (رض) قال: يا بنيّ أفرد الحجّ (113).
9- عن أبي ذرّ ، قال: كانت المتعة في الحجّ لأصحاب محمّد خاصّة.
10- و في رواية قال: كانت لنا رخصة يعني المتعة في الحجّ.
11- و في رواية أخرى قال: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصّة.
12- عن عبد الرحمن بن أبي الشعثاء قال: أتيت إبراهيم النخعي و إبراهيم التيمي فقلت: إنّي أهمّ أن أجمع العمرة و الحجّ، العام، فقال إبراهيم النخعي لكن أبوك لم يكن ليهمّ بذلك.
ثمّ روى عن التيمي عن أبيه أنّه مرّ بأبي ذرّ (رض) بالربذة فذكر له ذلك، فقال: إنّما كانت لنا خاصّة دونكم.
و في سنن البيهقي: إنّ أبا ذر كان يقول في من حجّ ثمّ فسخها بعمرة: لم يكن ذلك إلّا للركب الّذين كانوا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) (114).
علل الأحاديث :
علّق إمام الحنابلة أحمد بن حنبل على الحديث السابع و قال: (حديث بلال بن الحارث عندي غير ثابت. ولا أقول به ، ولا نعرف هذا الرجل، يعنى الحارث بن بلال.
و قال: رأيت لو عرف الحارث بن الحارث بن بلال، إلّا أنّ أحد عشر رجلا من أصحاب النبيّ ( صلى الله عليه واله ) يروون ما يروون من الفسخ، أين يقوم الحارث بن بلال منهم؟) (115).
قال المؤلف: قصد إمام الحنابلة من رواية أحد عشر صحابيا الفسخ: روايتهم فسخ الإحرام، و التمتّع بالحلّ بين العمرة و الحجّ. و لعلّه قصد من عدم معرفته للحارث عدم معرفته بالوثاقة.
و علق أيضا ابن حنبل على حديث أبي ذر و قال: رحم اللّه أبا ذر هي في كتاب الرحمن «فمن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ» (116) قصد إمام الحنابلة إنّ الآية تفيد أنّ الحكم عامّ و لا يخص ناسا دون آخرين فكيف خالف أبو ذر بقوله الآية الكريمة وفاته أن الرواية وضعت على أبي ذر كما وضعت الروايات الأخرى على غيره.
كما نسب إلى رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أنّه أفرد الحجّ، و إلى الإمام عليّ أنّه قال لابنه محمّد:
يا بنيّ أفرد الحجّ مع ما رأينا في ما سبق من مخالفته للخليفة عثمان، و كذلك ما روى عن سعيد بن المسيّب أنّ رجلا من أصحاب رسول اللّه أتى عمر و شهد عنده أنّه سمع رسول اللّه في مرضه ينهى عن العمرة قبل الحجّ، و لست أدري من هو هذا الصحابي و كيف لم يستشهد عمر بقول هذا الصحابي في عصره، و لا استشهد به عثمان و لا معاوية و لا ابنا الزبير و لا غيرهم؟
كلّ هذه الأحاديث و غيرها وضعت متأخّرا و في سبيل تبرير موقف الخلفاء من تحريمهم متعة الحجّ و ما أجود ما قاله في هذا المقام كلّ من ابن القيم في كتابه زاد المعاد و ابن حزم في المحلّى، قال ابن القيم: و نحن نشهد اللّه علينا أنّا لو أحرمنا بحجّ لرأينا فرضا علينا فسخه إلى عمرة تفاديا من غضب رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و اتّباعا لأمره، فو اللّه ما نسخ هذا في حياته و لا بعده و لا صحّ حرف واحد يعارضه، و لا خصّ به أصحابه دون من بعدهم، بل أجرى اللّه سبحانه على لسان سراقة أن يسأله هل ذلك مختصّ بهم؟ فأجاب «بأن ذلك كائن لأبد الأبد» فما ندري ما نقدّم على هذه الأحاديث، و هذا الأمر المؤكّد الذي غضب رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) على من خالفه.
و للّه درّ الإمام أحمد (ره) إذ يقول لسلمة بن شبيب و قد قال له: يا أبا عبد اللّه كلّ أمرك عندي حسن إلّا خلّة واحدة، قال: و ما هي؟ قال: تقول بفسخ الحجّ إلى العمرة، فقال: يا سلمة! كنت أرى لك عقلا، عندي في ذلك أحد عشر حديثا صحاحا عن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أ أتركها لقولك؟! (117).
و قال أيضا: و قد روى عنه الأمر بفسخ الحجّ إلى العمرة أربعة عشر من أصحابه و أحاديثهم كلّها صحاح و هم عائشة و حفصة أمّا المؤمنين، و عليّ بن أبي طالب، و فاطمة بنت رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أسماء بنت أبي بكر الصدّيق، و جابر بن عبد اللّه، و أبو سعيد الخدري و البراء بن عازب، و عبد اللّه بن عمر، و أنس بن مالك، و أبو موسى الأشعري و عبد اللّه بن عبّاس و سبرة بن معبد الجهنى و سراقة بن مالك المدلجي (رض) (118).
و قال ابن حزم: روى أمر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) من لا هدي له أن يفسخ حجّه بعمرة و يحلّ بأوكد أمر جابر بن عبد اللّه و ... خمسة عشر من الصحابة. رضي اللّه عنهم.
و رواه عن هؤلاء نيف و عشرون من التابعين و رواه عن هؤلاء من لا يحصيه إلّا اللّه عزّ و جلّ فلم يسع أحدا الخروج عن هذا (119).
و قال: و أمر النبيّ كلّ من لا هدي معه عموما بأن يحلّ بعمرة، و أنّ هذا هو آخر أمره على الصفا بمكّة، و أنّه (عليه السلام) أخبر بأن التّمتّع افضل من سوق الهدي معه و تأسّف إذ لم يفعل ذلك هو، و أنّ هذا الحكم باق إلى يوم القيامة و ما كان هكذا فقد أمنّا أن ينسخ أبدا، و من أجاز نسخ ما هذه صفته فقد أجاز الكذب على خبر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و هذا ممن تعمّده كفر مجرّد، و فيه أنّ العمرة قد دخلت في الحجّ و هذا هو قولنا لأنّ الحجّ لا يجوز إلّا بعمرة متقدّمة له يكون بها متمتعا أو بعمرة مقرونة معه و لا مزيد (120).
و قال: قد أفتى بها أبو موسى مدّة إمارة أبي بكر و صدرا من إمارة عمر (رض) و ليس توقّفه- عند ما بلغه نهي عمر- حجّة على ما روى عن النبيّ و حسبنا قوله لعمر: ما الذي احدثت في شأن النسك فلم ينكر ذلك عمر و امّا قول عمر في قول اللّه تعالى وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ فلا إتمام لهما إلّا علّمه رسول اللّه الناس و هو الذي أنزلت عليه الآية و أمر ببيان ما أنزل عليه من ذلك.
و أمّا كونه لم يحلّ حتّى نحر الهدي فانّ حفصة ابنة عمر روت عن النبي بيان فعله قالت سألته: ما شأن الناس حلّوا و لم تحلّ من عمرتك؟ فقال: إني قلدت هديي فلا أحلّ حتى أنحر، و رواه أيضا علي ... ثم قال: فهذا أولى أن يتّبع من رأي رآه عمر (121).
و في مكان آخر أورد الروايات التي جاء فيها أنّ فسخ الحجّ خاصّ بأصحاب رسول اللّه، ثمّ استشهد على بطلانها بأنّ سراقة قال لرسول اللّه حين أمرهم بفسخ الحجّ في عمرة: يا رسول اللّه! أ لعامنا هذا أم لا بد؟ فقال: بل لأبد الأبد.
ثم قال: فبطل التخصيص و النسخ و أمن من ذلك أبدا. و اللّه أنّ من سمع هذا الخبر ثمّ عارض أمر رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) بكلام أحد و لو أنّه كلام أمّيّ المؤمنين حفصة و عائشة و أبويهما (رض) لهالك فكيف بأكذوبات كنسيج العنكبوت الّذي هو أو هن البيوت عن الحارث بن بلال و ... الذين لا يدرى من هم في الخلق. و ليس لأحد أن يقتصر بقوله (عليه السلام): «دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة» على أنّه أراد جوازها في أشهر الحجّ دون ما بينه جابر و ابن عبّاس من إنكاره (عليه السلام) أن يكون الفسخ لهم خاصّة أو لعامهم دون ذلك، و من فعل ذلك فقد كذب على رسول اللّه جهارا.
قال: و أتى بعضهم بطامّة و هي أنّه ذكر الخبر الثابت عن ابن عباس أنّهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور في الأرض فقال قائلهم: إنما أمرهم (عليه السلام) بذلك ليوقفهم على جواز العمرة في أشهر الحجّ قولا و عملا. و هذه عظيمة أوّل ذلك أنّه كذب على النبيّ في دعواهم إنّما أمرهم بفسخ الحجّ في عمرة ليعلمهم جواز العمرة في أشهر الحجّ ثم يقال لهم هبك لو كان ذلك و معاذ اللّه من أن يكون أبحقّ أمر أم بباطل؟ فإن قالوا بباطل كفروا و إن قالوا: بحقّ قلنا: فليكن أمره (عليه السلام) بذلك لأيّ وجه كان فإنّه قد صار بعد ما أمر حقّا واجبا، ثمّ لو كان هذا الهوس الّذي قالوه فلأي معنى كان يخصّ بذلك من لم يسق الهدي دون من ساق؟
و أطمّ من هذا كلّه أنّ هذا الجاهل القائل بذلك قد علم أنّ النبيّ اعتمر بهم في ذي القعدة عاما بعد عام قبل الفتح. ثمّ اعتمر في ذي القعدة عام الفتح ثمّ قال لهم في حجّة الوداع في ذي الحليفة: من شاء منكم أن يهلّ بعمرة فليفعل و من شاء أن يهلّ بحجّ و عمرة فليفعل و من شاء أن يهلّ بحج فليفعل (122) ، ففعلوا كلّ ذلك فيا للّه و يا للمسلمين أبلغ الصحابة رضي اللّه عنهم من البلادة، و البله، و الجهل أن لا يعرفوا مع هذا كلّه انّ العمرة جائزة في اشهر الحجّ؟ و قد عملوها معه (عليه السلام) عاما بعد عام في اشهر الحج حتى يحتاج إلى ان يفسخ حجّهم في عمرة ليعلموا جواز ذلك، تاللّه إنّ الحمير لتميّز الطريق من أقلّ من هذا فكم هذا الإقدام و الجرأة على مدافعة السنن الثابتة في نصر التقليد؟ مرّة بالكذب المفضوح، و مرّة بالحماقة المشهورة، و مرّة بالغثاثة و البرد حسبنا اللّه و نعم الوكيل.
قال المؤلف: فات ابن القيم و ابن حزم و سائر أتباع مدرسة الإمام أحمد أنّ الباعث على إنكار من أنكر عمرة التّمتّع ليس جهلهم بالروايات الصحيحة المتواترة عن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) في ذلك ليحتاجوا إلى تعريفهم بها، و ليس سببه عدم فهمهم لمدلول تلك الروايات كي يعرّفوا بمدلولاتها، و إنّما الدافع لهم إلى ذلك ما يقصدون من تبرير موقف الخلفاء من هذا الحكم الشرعي و في سبيل ذلك جاهدوا على مرّ القرون، فمنهم من وضع الأحاديث احتسابا للخير، و منهم من التمس للخلفاء أعذارا مثل البيهقي الّذي قال:
«أراد عمر (رض) بالّذي أمر به من ترك التّمتّع بالعمرة إلى الحجّ تمام العمرة التي أمر اللّه عزّ و جلّ بها، و أراد عمر (رض) أن يزار البيت في كلّ عام مرّتين و كره أن يتمتّع الناس بالعمرة إلى الحجّ فيلزم ذلك الناس فلا يأتوا البيت إلّا مرّة واحدة في السنة.».
و دافع عن غيره من الخلفاء بقوله: «اتبعوا ما أمر به عمر بن الخطّاب (رض) في ذلك احتسابا للخير» (123).
و بعض العلماء خلطوا في هذا السبيل بين الحق و الباطل و لم يميّزوا الزائف من الصحيح، و بعضهم ناقض نفسه، و آخرون اجتهدوا فاستنبطوا من سيرة الخلفاء أحكاما لم يقم عليها دليل من كتاب و لا سنّة و يصيب الباحث الدوار إذا أراد أن يتابعهم في ما ذكروا في هذا الباب، و لا يحصل منهم على رأي ثابت أو مصيب و للتدليل على ما قلنا نضيف إلى ما أوردناه الى هنا بعض ما أورده النووي في شرح مسلم باختصار، قال:
اختلف العلماء في هذه الأنواع الثلاثة أيّها أفضل فقال الشافعي و مالك و كثيرون: أفضلها الأفراد ثمّ التمتّع ثم القران و قال أحمد و آخرون: أفضلها التّمتّع و قال أبو حنيفة و آخرون: أفضلها القران، و هذان المذهبان قولان آخران للشافعي (124) والصحيح تفضيل الإفراد ثمّ التّمتّع ثمّ القران، و أمّا حجّة النبي ( صلى الله عليه واله ) فاختلفوا فيها هل كان مفردا أم متمتّعا أم قارنا و هي ثلاثة أقوال للعلماء بحسب مذاهبهم السابقة و كلّ طائفة رجّحت نوعا و ادّعت أنّ حجّة النبيّ ( صلى الله عليه واله ) كانت كذلك.
إلى قوله: و من دلائل ترجيح الإفراد أنّ الخلفاء الراشدين (رض) بعد النبي ( صلى الله عليه واله ) أفردوا الحجّ (125) و واظبوا على إفراده، كذلك فعل أبو بكر وعمر وعثمان (رض) واختلف فعل علي (رض) (126) ، ولو لم يكن الإفراد أفضل و علموا أنّ النبيّ ( صلى الله عليه واله ) حجّ مفردا لم يواظبوا عليه مع أنّهم الأئمّة الأعلام و قادة الإسلام و يقتدي بهم في عصرهم و بعدهم، و كيف يليق بهم المواظبة على خلاف فعل رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و أمّا الخلاف عن علي (رض) و غيره فإنّما فعلوه لبيان الجواز (127).
وقد ثبت في الصحيح ما يوضح ذلك، و منها- أي من دلائل ترجيح الإفراد- أنّ الإفراد لا يجب فيه دم بالإجماع و ذلك لكماله و يجب الدم في المتمتّع و القران و هو دم جبران لفوات الميقات و غيره فكان ما لا يحتاج إلى جبر أفضل.
و منها أنّ الأمّة أجمعت على جواز الإفراد من غير كراهة (128) ، و كره عمر و عثمان و غيرهما التّمتّع و القران فكان الإفراد أفضل و اللّه أعلم. فإن قيل: كيف وقع الاختلاف بين الصحابة (رض) في صفة حجّته ( صلى الله عليه واله ) و هي حجّة واحدة، و كلّ واحد منهم يخبر عن مشاهدة في قضيّة واحدة؟ (129) قال القاضي عياض: قد أكثر الناس الكلام على هذه الأحاديث فمن مجيد منصف، و من مقصّر متكلّف، و من مطيل مكثر و من مقتصر مختصر قال: و أوسعهم في ذلك نفسا أبو جعفر الطّحاوي الحنفي فإنّه تكلّم في ذلك في زيادة على ألف ورقة، و تكلّم معه في ذلك أبو جعفر الطبري، ثمّ أبو عبد اللّه بن أبي صفرة، ثمّ المهلّب، و القاضي أبو عبد اللّه المرابط، و القاضي أبو الحسن بن القصّار البغدادي، و الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ و غيرهم (130).
قال القاضي عياض: و أولى ما يقال في هذا على ما فحصناه من كلامهم و اخترناه من اختياراتهم ممّا هو أجمع للروايات و أشبه بمساق الأحاديث أنّ النبيّ ( صلى الله عليه واله ) أباح للناس فعل هذه الأنواع الثلاثة ليدلّ على جواز جميعها، و لو أمر بواحد لكان غيره يظنّ أنّه لا يجزي فأضيف الجميع إليه و أخبر كلّ واحد بما أمره به و أباحه له و نسبه إلى النبيّ ( صلى الله عليه واله ) إمّا لأمره به و إمّا لتأويله عليه ... (131) و قال النووي في مكان آخر من شرحه: «قال المازري: اختلف في المتعة التي نهى عنها عمر في الحجّ، فقيل: هي فسخ الحجّ إلى العمرة، و قيل: هي العمرة في أشهر الحجّ ثمّ الحجّ من عامه، و على هذا إنّما نهى عنها ترغيبا (132) في الإفراد الذي هو أفضل لا أنّه يعتقد بطلانها أو تحريمها.
و قال القاضي عياض: ظاهر حديث جابر و عمران و أبي موسى إنّ المتعة التي اختلفوا فيها إنّما هي فسخ الحجّ إلى العمرة، قال: و لهذا كان عمر (رض) يضرب الناس عليها و لا يضربهم على مجرّد التمتّع في أشهر الحجّ و إنّما ضربهم على ما اعتقده هو و سائر الصحابة أنّ فسخ الحجّ إلى العمرة كان مخصوصا في تلك السنة للحكمة التي قدّمنا ذكرها. قال ابن عبد البرّ: لا خلاف بين العلماء في أنّ التمتّع المراد بقول اللّه تعالى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ هو الاعتمار في أشهر الحجّ قبل الحجّ، قال: و من التمتّع أيضا القران لأنّه تمتّع بسقوط سفره للنسك الآخر من بلده، قال:
ومن التمتع أيضا فسخ الحجّ إلى العمرة. هذا كلام القاضي.
قلت: و المختار إنّ عمر و عثمان و غيرهما إنّما نهوا عن المتعة التي هي الاعتمار في أشهر الحجّ ثمّ الحجّ من عامه، و مرادهم نهي أولوية للترغيب في الإفراد لكونه أفضل ...».
انتهى ما نقلناه من شرح النووي (133) بتلخيص.
قال المؤلف: كلّ هؤلاء العلماء و كثيرون غيرهم ممّن كتبوا آلاف الأوراق في هذا الباب، قد قرءوا في كتاب اللّه «فمن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ»، و اطلعوا على تلك الروايات الكثيرة المتواترة الصحيحة عن رسول اللّه بتشديده الأمر بمتعة الحجّ، و قرءوا كذلك نهي عمر عنها و معاقبته عليها و تعليله بأنّ الإفراد أتمّ للعمرة و للحجّ و أن فيه ربيع أهل مكّة، و مع كلّ ذلك نقرأ كلّ تلك الأقوال المتناقضة من أنّ الرسول أباح لجماعة بحجّ التّمتّع، و لآخرين بالإفراد، و لغيرهم بالقران، و من أجل اختلاف أقوال الرسول في حجّة الوداع اختلفت أقوال العلماء في هذا الصدد، و أنّ عمر نهى عن فسخ الحجّ و لم ينه عن حجّ التّمتّع، و إن نهي عمر و عثمان و غيرهما عن حجّ التّمتّع نهى أولويّة للترغيب في الإفراد لكونه افضل.
أ رأيت كيف يصبح الحكم المخالف للكتاب و السنّة أفضل؟! و رأيت كيف يكون الترغيب إلى شيء بالعقوبة و الضرب و الحلق!!!؟
و مع كلّ هذا ليس لنا أن نشتط في القول على العلماء كما فعله ابن حزم، بل ينبغي أن نعذرهم فإنّهم في ما فعلوا طلبوا الخير و أرادوا تبرير فعل الخلفاء، و في هذا السبيل وضعوا الأحاديث عن لسان رسول اللّه و لسان الأئمّة من أهل بيته و الكبراء من صحابته، و في سبيل تبرير فعل الخلفاء أيضا سمّوا فعل الخلفاء اجتهادا و قالوا: إنّ الخلفاء تأوّلوا الخير، و الحقّ أنّ العلماء أيضا تأوّلوا الخير في ما فعلوا و قالوا.
في ما سبق من البحوث يتضح لنا كيف نشأ الاختلاف بين الأحاديث المنسوبة إلى رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و كيف انتشر الاختلاف بين المسلمين عبر العصور، و في ما يأتي بيان ذلك.
منشأ الخلاف و الاختلاف و كيف يمكن رفعهما :
لما كان المسلمون الأوائل قد سمعوا من فم رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أحاديث أمرهم فيها بعمرة التمتع- الجمع بين الحج و العمرة- فقد تداولوا تلك الأحاديث و رووها كما سمعوها، و لما كان رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) قد علّم أولئك المسلمين كيفية أداء سنته في عمرة التمتع فقد نقلوا سنتها كذلك، و من ثمّ تداول المسلمون الأوائل و من جاء بعدهم أحاديث الرسول و سنته في عمرة التمتع، و كان ذلك متداولا بين المسلمين إلى عصر الصحابي الخليفة عمر بن الخطاب و منعه المسلمين عن أداء سنّته في عمرة التمتع، و تبعه على ذلك الخليفة الصحابي عثمان بن عفان، و حاكم مكّة الصحابي عبد اللّه بن الزبير، و الصحابي الخليفة معاوية بن أبي سفيان. بعد ذلك قام بعض أتباع مدرسة الخلفاء بوضع أحاديث رووها عن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) بأنّه نهى عن عمرة التمتع أي: الجمع بين الحجّ و العمرة، و وضعوا تلك الأحاديث تأييدا لسياسة بعض الخلفاء الراشدين و احتسابا للخير، و تداول المسلمون كذلك هذه الأحاديث و انتشرت بينهم إلى جنب روايتهم المجموعة الأولى من الأحاديث، و لما أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بتدوين حديث الرسول ( صلى الله عليه واله ) دونت تلك المجموعتان من الحديث المروي عن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و المنسوب إليه في كتب صحاح الحديث بمدرسة الخلفاء و سننهم و مسانيدهم، و من هنا نشأ الاختلاف بين الأحاديث، و انتشر الخلاف بين المسلمين، و لا يمكن رفع الاختلاف بين الأحاديث المروية عن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و المنسوبة إليه دون طرح كلّ حديث يخالف سنّة الرسول ( صلى الله عليه واله ) و إن دخلت في كتب صحاح الحديث، و لا يمكن كذلك رفع الخلاف من بين المسلمين و توحيد كلمتهم دون رجوع المسلمين إلى سنّة الرسول و ترك ما يخالفها و إن كانت من سنن الخلفاء الراشدين.
حديث اتّباع سنة الخلفاء الراشدين :
و مما ذكرنا يحصل لنا العلم و اليقين بأن الحديث المشهور أن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) قال: «فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ» (134) لا يمكن أن يكون صحيحا و إن دخل في كتب الصحاح و المسانيد بمدرسة الخلفاء لأنّنا وجدنا في سنن الخلفاء الراشدين ما يخالف سنّة الرسول ( صلى الله عليه واله ) و الرسول ( صلى الله عليه واله ) لا يأمر بالعمل بما يخالف سنّته، و لما في الحديث من علل أخرى نذكرها فيما يأتي
علل الحديث :
بالإضافة إلى ما ذكرنا نجد في هذا الحديث المروي عن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) العلل الآتية:
أ- وجدنا في باب مصطلحات بحث الإمامة و الخلافة من الجزء الأوّل من هذا الكتاب أن لفظ الخليفة لم يستعمل في القرآن و الحديث النبوي الشريف و محاورات المسلمين و أحاديثهم في العصر الإسلامي الأول حتى عصر الخليفة الثاني بمعنى حاكم المسلمين العام كما يفهم منه في القرون الإسلامية الأخيرة، و إنما استعمل لفظ الخليفة في القرآن و الحديث النبوي و محاورات المسلمين حتى عصر الخليفة عمر بمعناه اللغوي و أريد به الخليفة للشخص الذي يذكر في الكلام بعد لفظ الخليفة و يضاف إليه لفظ الخليفة.
و بناء على هذا إذا وجدنا لفظ الخليفة بمعنى الحاكم الإسلامي العام في حديث منسوب إلى رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) أو أي واحد من أهل ذلك العصر أيقنا بعدم صحّة ذلك الحديث.
و كذلك أيضا بما أن وصف الخلفاء الأربعة الأوائل بالراشدين كان بعد استيلاء بعض الخلفاء الجبابرة من أمويين و عباسيين على الحكم، و عند ذاك وصف أتباع مدرسة الخلفاء الخلفاء الأربعة الأوائل بالراشدين، و من ثم نعلم أن كل حديث ورد فيه وصف الأربعة بالراشدين وضع بعد عصر الخلفاء الأوائل.
ب- إن هذا الحديث يصرح بأن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) جعل سنة الخلفاء الراشدين مصدرا للتشريع الإسلامي في عداد كتاب اللّه و سنة رسوله، و حاشا رسول اللّه من ذلك.
ج- لو كان رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) قد أمر باتّباع سنة الخلفاء الأربعة الراشدين إذا كان قد أمر بالمتناقضين، لأن فيهم الإمام عليّا، و قد خالف سنة الخليفتين عمر و عثمان في عمرة التمتع، و أتى بها و حث عليها، و على هذا كان رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) قد أمر بالعمل بشيء و نهى عن العمل به، و حاشا رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) من ذلك.
و بسبب كل ما ذكرنا نرى أن هذا الحديث يأتي في مقدمة الأحاديث التي وضعت تأييدا لسياسة الخلفاء الراشدين.
و بما أن الخلفاء الأوائل إلى زمان معاوية و عبد اللّه بن الزبير كانوا من أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) و هم الذين اختلفوا في اجتهاداتهم و سننهم أشدّ الاختلاف، فإنه لا يصحّ ما قاله أتباع مدرسة الخلفاء في حقّ الصحابة أنه لا يتطرق الشكّ إلى أحدهم و يصحّ أخذ أحكام الإسلام من جميعهم، كما مرّ بحثه في بحث عدالة الصحابة من الجزء الأول من هذا الكتاب.
و من دراسة قصة عمرة التمتع بين عثمان و الإمام عليّ اتّضح لنا أن أئمة أهل البيت كانوا يأمرون باتّباع سنة الرسول ( صلى الله عليه واله ) و يجاهدون في سبيل ذلك و يأمرون أتباع مدرستهم بذلك، و مما جرى بين ابن عباس و ابن الزبير في هذا الشأن وجدنا مثلا من النزاع و المخاصمة بين مدرسة أهل البيت و مدرسة الخلفاء و أن نزاعهم كان بسبب التزام مدرسة أهل البيت اتباع سنّة الرسول ( صلى الله عليه واله ) في مقابل عمل مدرسة الخلفاء باجتهادهم في مقابل سنّة الرسول ( صلى الله عليه واله ) .
مما سبق من البحوث أدركنا كيف تكونت مدرستان في الإسلام مدرسة محافظة تعضّ على سنّة الرسول بالنواجذ و ترى أنّه ليس لأحد أن يجتهد في مقابل سنّة الرسول ( صلى الله عليه واله ) و تجاهد في سبيل ذلك و هي مدرسة أهل البيت، و مدرسة أخرى مجتهدة ترى أن للخلفاء و ذوي السلطة من الصحابة أن يجتهدوا في مقابل سنّة الرسول ( صلى الله عليه واله ) و تعض على سننهم بالنواجذ و هي مدرسة الخلفاء.
و بما أن كل تلك المعارك قد جرت بين المدرستين حول سنّة الرسول ( صلى الله عليه واله ) فلا بدّ لنا في سبيل تمحيص سنّة الرسول ( صلى الله عليه واله ) و معرفة سبل الوصول إلى الصحيح من سنّة الرسول ( صلى الله عليه واله ) - سيرة و حديثا- غير المشوبة باجتهادات المجتهدين، أن نعقد فصول هذا الكتاب و غيره مما أصدرنا من كتب و بحوث زهاء أربعين سنة و اللّه على ما أقول شاهد و وكيل.
إذا فليعذرنا العاتبون اللائمون.
خلاصة البحث :
في مبحثنا عن موارد اجتهاد الخليفة عمر بحثنا قصّة عمرة التّمتّع فوجدنا العمرة في العصر الجاهلي محرّمة عند قريش في أشهر الحجّ و يرونها من أفجر الفجور و يقولون: إذا انسلخ صفر حلّت العمرة لمن اعتمر. و وجدنا الرسول قد خالفهم فيها و اعتمر أربع عمر كلهنّ في أشهر الحجّ، أمّا عمرة التّمتّع فقد وجدنا الكتاب قد نصّ عليها في قوله تعالى: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ...» و سنّها الرسول في حجّة الوداع فإنّه ( صلى الله عليه واله ) مكث تسع سنين بعد الهجرة لم يحجّ و أجمع الخروج إلى الحجّ في ذي القعدة سنة عشر من مهاجره و قد أسلمت جزيرة العرب و من شاء اللّه من أهل، اليمن فأذّن بالحجّ فقدم المدينة بشر كثير يريدون ان يأتمّوا برسول اللّه و يعملوا بعمله، و سار من المدينة و معه أزواجه و أهل بيته و عامّة المهاجرين و الأنصار و من شاء اللّه من قبائل العرب وأفناء الناس (135) ، و كان معه جموع لا يحصيهم إلّا خالقهم و رازقهم (136) ، و وافاهم في الطريق خلائق لا يحصون، فكانوا من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله مدّ البصر (137).
قال جابر (138) و رسول اللّه بين أظهرنا و عليه ينزل القرآن و هو يعرف تأويله و ما عمل به من شيء عملنا به.
و لمّا انتهى إلى وادي العقيق قال لعمر بن الخطّاب: أتاني آت من ربّي- و في رواية أتاني جبرئيل (عليه السلام)- وقال: قل «عمرة في حجّة، فقد دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة» و في عسفان، قال له سراقة: اقض لنا قضاء قوم كأنّما ولدوا اليوم، فقال «انّ اللّه تعالى قد أدخل عليكم في حجّكم هذا عمرة، فإذا قدمتم فمن تطوّف بالبيت و بين الصفا و المروة فقد حلّ إلّا من كان معه هدي. و في سرف بلّغ ذلك عامة أصحابه فقال: من لم يكن معه هدي فأحبّ أن يجعلها عمرة فليفعل. قالت عائشة: فالآخذ بها و التارك لها من أصحابه، و كرّر التبليغ بها في بطحاء مكّة و قال «من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها».
قال المؤلّف: يظهر ممّا سبق أنّ النبيّ تدرّج في تبليغهم حكم عمرة التّمتّع فإنّه أخبر في العقيق عمر خاصّة بنزول الوحي عليه يأمره أن يجمع هو بنفسه ( صلى الله عليه واله ) بين الحجّ و العمرة، و في عسفان بلّغ سراقة أنّ اللّه أدخل عليهم في حجّهم الّذي هم فيه عمرة و أنّ من تطوّف بالبيت و بين الصفا و المروة فقد حلّ إلّا من كان معه الهدي، و في سرف بلّغ عامّة أصحابه بالحكم فالآخذ بها و التارك لها من أصحابه، و يظهر أنّ التارك لها من أصحابه كانوا من مهاجرة قريش الذين كانوا يرونها في الجاهلية من أفجر الفجور من أجل ذلك تدرّج الرسول في تبليغهم حكم التّمتّع بالعمرة.
حتّى إذا كان بين الصفا و المروة (139) و حان وقت الأداء نزل عليه القضاء فأمر أصحابه- و هو في آخر طوافه على المروة- من كان منهم أهلّ بالحجّ و لم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة و قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي و لكنّي لبّدت رأسي و سقت هديي و لا يحلّ منّي حرام حتى يبلغ الهدي محلّه. فقام إليه سراقة و قال:
اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم؛ أ عمرتنا لعامنا هذا أمّ للأبد؟ فقال «لا: بل للأبد» مرّتين و شبّك أصابعه واحدة في الأخرى و قال: «دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة» مرّتين.
هاهنا قامت قيامة من كان يرى العمرة محرّمة في أشهر الحجّ من أصحابه و تعاظم ذلك عندهم و ضاقت به صدورهم فقالوا: يا رسول اللّه! أيّ الحلّ؟ قال:
«الحلّ كلّه» «هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده الهدي فليحلّ الحلّ كلّه فانّ العمرة قد دخلت في الحجّ إلى يوم القيامة» و قال: «أقيموا حلالا حتّى إذا كان يوم التروية فأهلّوا بالحجّ و اجعلوا الّتي قدمتم متعة» قالوا: كيف نجعلها متعة و قد سمّينا الحجّ؟! قال «افعلوا ما آمركم به فإنّي لو لا أنّي سقت الهدي لفعلت مثل الّذي أمرتكم به» و قال «أحلّوا و أصيبوا النساء» (140) ففشت في ذلك القالة و بلغه أنّهم يقولون لمّا لم يكن بيننا و بين عرفة إلّا خمس أمرنا أن نحلّ إلى نسائنا فنأتي إلى عرفة تقطر مذاكيرنا، هكذا ردّوا عليه القول فغضب فانطلق حتى دخل على عائشة غضبان فرأت الغضب في وجهه فقالت: من أغضبك أغضبه اللّه- و في رواية قالت- أدخله اللّه النار قال: «ما لي لا أغضب و أنا آمر أمرا فلا أتّبع».
ثم قام خطيبا فقال «بلغني أنّ أقواما يقولون كذا و كذا و اللّه لأنّا أبرّ و أتقى للّه منهم- و في رواية قال- قد علمتم أنّي أتقاكم للّه و أصدقكم و أبرّكم و لو لا هديي لحللت» قالوا: يا رسول اللّه أ يروح أحدنا إلى منى و ذكره يقطر منيّا؟ قال «نعم» فأحلّوا و مسّوا الطيب و وطئوا النساء و فعلوا ما يفعل الحلال، فلمّا كان يوم التروية أهلّوا بالحجّ.
هكذا أطاعوا اللّه و رسوله بكلّ صعوبة و اعتمروا في أشهر الحج عدا أمّ المؤمنين عائشة الّتي حرمت منها لأنّها حاضت فأمرها النبيّ أن تحجّ، فلمّا طهرت و أتمّت الحجّ أمر أخاها عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم كي لا ترجع بحجّ مفرد، و توفّي الرسول و استخلف أبو بكر فأفرد الحجّ، و استخلف عمر فأفرد، و رأى بعرفة رجلا مرجلا شعره فاستفهمه فقال قدمت متمتّعا و إنّما أحرمت اليوم فقال عند ذاك لا تتمتّعوا في هذه الأيّام فإنّي لو رخّصت في المتعة لهم لعرسوا بهنّ تحت الأراك ثمّ راحوا بهنّ حجّاجا.
و قال: افصلوا بين حجّكم و عمرتكم اجعلوا الحجّ في أشهر الحجّ و اجعلوا العمرة في غير أشهر الحجّ، أتمّ لحجّكم و عمرتكم. و استشهد على صحة فتواه لمّا سأله أبو موسى ما هذا الذي أحدثت بشأن النسك و قال: إن نأخذ بكتاب اللّه فإنّ اللّه قال وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ و إن نأخذ بسنّة نبيّنا (عليه واله السلام) فإنّه لم يحلّ حتى نحر الهدي، ذكر عمر في هذه الأحاديث و غيرها أنّ تمامهما في الفصل بينهما، و جعل العمرة في غير أشهر الحجّ، و قال: إنّ النبي لم يحلّ حتّى نحر الهدي، و لم يجرؤ أبو موسى و لا غيره أن يقول له:
إنّ الرسول صرّح غير مرّة بانّه لم يحلّ لأنه ساق الهدي و لا يحلّ حتى ينحر و أنّ التّمتّع بالعمرة في كتاب اللّه، عدا ما كان من أمر الإمام عليّ فإنّه قال له: «من تمتّع فقد أخذ بكتاب اللّه و سنّة نبيّه» و لعلّ عمر اضطرّ بعد هذا الاعتراض إلى أن يجابههم بالواقع و يقول في خطبته: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه و أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما ...
و يقول: و اللّه إنّي لأنها كم عن المتعة وإنّها لفي كتاب اللّه و لقد فعلتها مع رسول اللّه.
لعلّ الخليفة صرّح بهذه الأقوال ليمنع سائر الصحابة من متابعة الإمام و الرواية عن رسول اللّه بما يضعف موقفه، و نرى أنّه قد كشف عن سبب نهيه في قوله: كرهت أن يظلّوا معرّسين بهنّ تحت الأراك ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رءوسهم، و في قوله:
إن أهل البيت- يعني أهل مكّة- ليس لهم ضرع و لا زرع و إنّما ربيعهم في من يطرأ عليهم (141).
إذا فالخليفة القرشي يعيد على عهده نفس الأقوال التي جابهوا الرسول بها لما امتنعوا عن عمرة التّمتّع في حجّة الوداع.
و حقّ القول في هذه الواقعة أنّ الخليفة تأوّل و طلب الخير لذوي أرومته من قريش سكان مكّة حين نهى عن عمرة التّمتّع، و أراد تمام الحجّ و العمرة حين أمر بفصل الحجّ عن العمرة و إتيان العمرة في غير أشهر الحجّ و إن خالف في ذلك كتاب اللّه و سنّة نبيّه، و استنّ بسنّته المسلمون على عهده و أفردوا الحجّ، و تبعه في ذلك الخليفة القرشيّ عثمان فإنّه قال على عهده أتمّ للحجّ و العمرة أن لا يكونا معا في أشهر الحجّ فلو أخّرتم هذه العمرة حتى تزوروا البيت زورتين كان أفضل، فعارضه الإمام و قال: أعمدت إلى سنّة سنّها رسول اللّه تنهى عنها و قد كانت لذي الحاجة و لنائي الدار ثم أهلّ بحجّة و عمرة فأنكر عثمان في هذه المرّة أن يكون قد نهى عنها و قال: إنّما كان رأيا أشرت به.
و في أخرى قال له الإمام: إنّك تنهى عن التّمتّع؟ قال: بلى! قال: أ لم تسمع رسول اللّه تمتّع قال: بلى، فلبّى عليّ و أصحابه بالعمرة.
و في أخرى قال: لقد علمت إنّا تمتعنا مع رسول اللّه فقال: أجل و لكنّا كنّا خائفين.
و في أخرى قال له: ما تريد إلى أمر فعله رسول اللّه تنهى عنه فقال عثمان دعنا منك، قال: لا أستطيع أن أدعك منّي. فلمّا رأى عليّ ذلك أهلّ بهما جميعا.
و في أخرى لمّا رأى الإمام عثمان ينهى عن المتعة و أن يجمع بينهما، أهل بهما: لبّيك بعمرة و حجّة معا فقال عثمان: أ تفعلها و أنا أنهى عنها؟ فقال عليّ: لم أكن لأدع سنّة رسول اللّه لقول أحد من الناس.
و تشدّد الخليفة على من لم يكن في منزلة الإمام، و أمر بمن لبّى منهم بالعمرة في أشهر الحجّ أن يضرب و يحلق!
وعلى عهد معاوية، قال سعد لمعاوية: إنّ عمرة التّمتّع حسنة جميلة. فقال معاوية: إنّ عمر كان ينهى عنها.
و قال قائد جلاوزة معاوية: لا يفعل ذلك إلّا من جهل أمر اللّه، و استشهد بنهي عمر عنها.
و وضع معاوية رواية عن لسان النبيّ ( صلى الله عليه واله ) أنّه نهى أن يقرن بين الحجّ و العمرة و استنشد الصحابة فأنكروا عليه فأصرّ عليها.
و يبدو أنّ الإرهاب كان شديدا على عهد معاوية فإنّ الصحابي عمران بن حصين كتم أنفاسه حتّى إذا كان في مرض موته أسرّ إلى من ائتمنه بعد أن أخذ عليه العهد أن يكتم عليه إن عاش، و أخبره بأنّ الرسول جمع بين الحجّ و العمرة ثم لم ينه عنها و لم ينزل كتاب ينسخها حتّى إذا توفي ( صلى الله عليه واله ) قال فيها رجل برأيه ما شاء أن يقول.
يوضح مجموع ما أوردناه عن هذا العهد أنّه امتاز على ما سبقه من العهود بأمرين:
أوّلهما بأنّهم اتّخذوا سنّة عمر دينا يدينون به و أنّهم أعلنوا ذلك فإنّ جلواز معاوية الضحّاك يقول «لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر اللّه» و استشهد هو و معاوية بنهي عمر عنها في مقابل استشهاد سعد بفعل رسول اللّه إيّاها.
ثانيهما: بوضع الحديث عن لسان رسول اللّه في ما يؤيّد سنّة عمر. و بعد عهد معاوية استمرّ أتباع مدرسة الخلفاء على الأمرين مثل ما فعله ابنا الزبير بمكّة فإنّهما نهيا عن عمرة التّمتّع و استشهدا بنهي أبي بكر و عمر عنها في مقابل ابن عبّاس من أتباع مدرسة الأئمّة الذي كان يأمر بها، و لمّا قالوا له: حتّى متى تضلّل الناس و تأمر بالعمرة في أشهر الحجّ و قد نهى عنها أبو بكر و عمر؟ قال ابن عبّاس: أراهم سيهلكون، أقول: قال النبيّ، و يقولون: نهى أبو بكر و عمر، و تجري بين الطرفين خصومة شديدة و سباب، و يضع عروة حديثا يكذب فيه على رسول اللّه و من صحبه و يقول: إنّهم أفردوا الحجّ أبدا في حجة الوداع و غيرها، و يستشهد بأمّه و خالته، غير أنهما تقولان: اعتمرنا في حجّة الوداع، و يضع أتباع مدرسة الخلفاء بعد هذا العه د- أيضا- أحاديث على رسول اللّه و على عليّ بن أبي طالب أنّهما أفردا الحجّ و أمرا بإفراده و على أبي ذر انّه قال: إنّ عمرة التّمتّع كانت لنا أصحاب رسول اللّه خاصّة، إلى غير ذلك من الحديث الموضوع بإتقان عجيب في صنعة الوضع و الافتراء، فإنّهم مثلا يروون عن أبي ذر و هو في الربذة، و عن الإمام علي و هو ينصح ابنه محمّدا، و عن واحد من أصحاب النبيّ بأنّه أخبر عمر بنهي النبيّ عنها و هو في مرض موته، و لكن مع كلّ هذا الجهد تعلّقت قلوب الناس بعمرة التمتع كما قيل ذلك لابن عبّاس و لم يكن سببه عدم اتباعهم لسنّة عمر، بل كان سببه عدم تمكنهم من إطاعته فيها، فإنّه لم يكن بمقدور المسلمين أن يشدّوا الرحال من أقاصي البلاد الإسلاميّة مرّتين، مرّة للعمرة في غير أشهر الحجّ، و أخرى للحجّ في أشهر الحجّ مثل الخراساني الّذي استفتى الحسن البصري في مكّة و قال: إنّي رجل بعيد الشقّة ...
و الآخر الّذي سأل مجاهدا و قال: هذا أوّل ما حججت فلا تشايعني نفسي، فأيّ ذلك ترى أتمّ، أن أمكث كما أنا أو أجعلها عمرة؟ (142) لم يكن مسكن أمثال هؤلاء في الحجاز ليستطيعوا المجيء من بيوتهم إلى مكة مرّتين كما كان يأمر به عمر و عثمان و أتباعهم. و ما ذا يصنع الذي قد يتاح له المجيء إلى الحجّ مرّة واحدة في حياته؟ و كيف يعمل مثل هذا بسنّة عمر؟ و قديما قيل: إذا أردت ألّا تطاع فاطلب ما لا يستطاع. من أجل هذا اضطر المسلمون إلى أن يتركوا من سنّة عمر ما لم يتمكّنوا من فعله و هو إفراد الحجّ من العمرة، و أخذ بعضهم منها ما أمكنه فعله و هو عدم الإحلال بين العمرة و الحجّ، و بعضهم ترك سنّة عمر بالمرّة مثل أتباع مدرسة أحمد إمام الحنابلة.
على أنّ المسلمين في كلّ تلك القرون لم يألوا جهدا في تبرير فعل الخلفاء، من روايتهم الحديث عن النبيّ و آله و أصحابه في تأييد رأي الخلفاء، إلى تأييد فعلهم بما يستطاع قوله، مثل قولهم: إنّ الخلفاء ضربوا و حلقوا للترغيب لأنّهم رأوا الإفراد أفضل! إلى تسمية فعل الخلفاء بالاجتهاد و أنّ المسألة اجتهادية و أنّ الخليفة اجتهد في هذه المسألة! إذا فقد قال اللّه، و قال رسوله، و اجتهد عمر و اتّخذ من اجتهاده حكما من أحكام الشرع الإسلامي!!!
مثال وعبرة :
لقد عمل بعمرة التمتع- بعد مشاكسة و ممانعة- ما ينوف على سبعين ألفا إلى مائة ألف أو أكثر ممن كانوا مع رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) في حجّة الوداع، أي إنّ هذه السنّة النبويّة رواها عن رسول اللّه ( صلى الله عليه واله ) هذا العدد الكثير رواية من شاهدها بالعيان و عمل بالأركان، و مع ذلك استطاع الخليفة الصحابي عمر بن الخطاب أن ينهى المسلمين عنها و يعاقب عليها.
و كان من تأييد المسلمين- صحابة و تابعين- له فيها في رواية روايات عن رسول ( صلى الله عليه واله ) أنّه نهى عنها إلى غير ذلك مما شاهدناه، في هذه القصة، مثال لغيرها من موارد اجتهادهم في مقابل نصوص الكتاب و السنّة، و طاعة المسلمين لهم فيها صحابة و تابعين إلى غيرهم، و عبرة لنا نعرف منها أنّه ليس بغريب منهم مخالفتهم الرسول ( صلى الله عليه واله ) في ما نصّ بحقّ الإمام عليّ (عليه السلام) في الحكم يوم الغدير في تلك السفرة و في أحاديث أخرى نظيره، فإنّ الداعي للعمل باجتهادهم في قضية الإمرة والحكم أقوى من دواعيهم إلى تغيير سنّة عمرة التمتع، فاعتبروا بها يا أولي الألباب!!!
__________________
(1) دليل الناسك للسيد محسن الحكيم ط. الآداب- النجف سنة 1377 ه ص 37- 45.
(2) خلافا لبعض أصحاب مالك حسب نقل بداية المجتهد.
(3) رجعنا لما أوردناه هنا إلى بداية المجتهد 1/ 348 فصل« القول بالقارن» و إلى مادة« القرآن» من نهاية اللغة لابن الأثير.
(4) سنن البيهقي 5/ 5 باب من اختار الإفراد.
(5) هكذا ورد مراعاة للسجع.
(6) البخاري، كتاب الحج، باب التمتع و القران و الإفراد: فتح الباري ج 4/ 168- 169، و كتاب مناقب الأنصار منه، و صحيح مسلم، باب جواز العمرة في أشهر الحج الحديث 198، و مسند أحمد 1/ 249 و 252 و 332 و 339، و سنن أبي داود كتاب المناسك، باب العمرة، و النسائي، كتاب الحج 77، و سنن البيهقي 4/ 345، و المنتقى الحديث 2422، و راجع الطحاوي في مشكل الآثار 3/ 155، و شرح معاني الآثار 1/ 381 في مناسك الحج.
(7) راجع شرح الحديث بشرح النووي على مسلم و شرح ابن حجر بفتح الباري.
(8) زاد المعاد 1/ 209 فصل في هديه (عليه السلام) في حجه و عمره. و تفصيل الروايات بصحيح البخاري 1/ 212 باب كم اعتمر النبي، و بصحيح مسلم باب بيان عمر النبي( صلى الله عليه واله) وزمانهن من كتاب الحج الحديث 217- 220 ص 916- 917، و البيهقي بسننه الكبرى 4/ 357 باب من استحبّ الإحرام بالعمرة من الجعرانة، و في 5/ 10- 12 منه و ابن كثير 5/ 109.
(9) هكذا في النسخة و لعل الصواب تختار.
(10) زاد المعاد 1/ 211، و راجع ص 223 منه، و سنن البيهقي 4/ 345، باب العمرة في أشهر الحج.
(11) بهذا اللفظ ورد النصّ في البخاري، و الأولى أن يقول:( يحرمها) لعودة الضمير على المتعة و هي مؤنثة لفظا.
(12) تفسير الآية بصحيح البخاري 3/ 71، و سنن البيهقي 5/ 19.
(13) الحديث 172 باب جواز التمتع من صحيح مسلم ص 900، و تفسير القرطبي 2/ 338، و زاد المعاد لابن القيم 1/ 252، و طبقات ابن سعد ط. اوربا 4/ ق 2/ 28.
(14) صحيح البخاري ج 1/ 186 و الرواية الثانية في باب ما ذكر النبي و حض على اتفاق أهل العلم من كتاب الاعتصام بالكتاب و السنّة 4/ 177، و سنن أبي داود المناسك 2/ 159، و ابن ماجة الحديث 2976 ص 991 باب التمتع بالعمرة إلى الحج، و سنن البيهقي 5/ 13- 14، و فتح الباري 4/ 135، و تاريخ ابن كثير 5/ 117 و 128 و 136.
(15) سنن أبي داود ج 1/ 159 باب في الإقران، الحديث 1801 من المناسك، و المنتقى لابن تيمية، باب ما جاء في فسخ الحجّ الى العمرة، الحديث 2427.
وسراقة بن مالك بن جعشم أبو سفيان الكناني المدلجي. كان يسكن قديدا بالقرب من مكّة، و هو الذي تبع الرسول حين هاجر إلى المدينة ليرده إلى قريش فيأخذ الجعالة مائة ناقة فساخت قوائم فرسه، أسلم عام الفتح مات سنة أربع و عشرين روى عنه غير مسلم من أصحاب الصحاح تسعة عشر حديثا. تقريب التهذيب 1/ 284، و جوامع السيرة ص 283. و سيرة ابن هشام 2/ 103 و 250 و 309.
(16) صحيح البخاري 1/ 189 باب قوله تعالى الحجّ أشهر معلومات، و صحيح مسلم ص 875 الحديث 123 و 121 بإيجاز، و كذلك بسنن البيهقي 4/ 356 باب المفرد أو القارن يريد العمرة ...، و مصنف ابن أبي شيبة 4/ 102.
(17) سنن البيهقي 5/ 4.
(18) سنن البيهقي 5/ 6 و تلبيد الشعر أن يجعل فيه شيئا من صمغ عند الإحرام لئلا يشعث و يقمل إبقاء على الشعر و إنما يلبد من يطول مكثه في الإحرام، نهاية اللغة.
(19) المنتقى، الحديث: 2393، نقله عن مسند أحمد 3/ 266.
(20) صحيح مسلم، الحديث 211، و في 212 عنه، و عن جابر ص 914، و مسند أحمد ج 3/ 3 و 5 و 71 و 75 و 148 و 266، و المنتقى، الحديث 2418 و اللفظ للأول.
أ) هذا الحديث و ثلاثة بعده أخرجها ابن القيم في زاد المعاد بفصل( في إحلال من لم يكن ساق الهدى 1/ 246- 247) و نحن نبين مواضعها.
الحديث( أ) بصحيح مسلم الحديث 120 ص 873 و 874، و ابن ماجة الحديث 2981.
ب) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب التمتع و الإقران و الإفراد بالحج، الحديث الأوّل 1/ 189، و صحيح مسلم الحديث 128 ص 877 و سنن أبي داود 2/ 154 باب في إفراد الحج، الحديث 1783 و ليس في لفظه: و نساؤه ...
ج) صحيح مسلم، الحديث 177- 179 ص 902- و سنن أبي داود 2/ 161 الحديث 1806.
د) صحيح البخاري ج 1/ 191 كتاب الحج باب 36.
( 21) صحيح مسلم باب حجّة النبي، الحديث 147 ص 886- 888، و سنن أبي داود، المناسك ج 2/ 182، و سنن ابن ماجة، المناسك ص 1022، و سنن الدارمي المناسك باب في سنة الحاج 2/ 44، و مسند أحمد 3/ 32، و سنن البيهقي 5/ 7 باب ما يدل على أنّ النبي( ص) أحرم إحراما واحدا، و منحة المعبود الحديث 991 و في المحلى: لأبد أبد قيل: بإضافة الأول للثاني أي لآخر الدهر، 7/ 100.
( 22) صحيح البخاري كتاب التمنى باب قول النبي لو استقبلت من أمري ما استدبرت 4/ 166.
( 23) صحيح مسلم، الحديث 201- 203 من باب جواز العمرة في أشهر الحج ص 911، و في سنن أبي داود 2/ 156، الحديث 1791 عن ابن عباس: أن النبي قال:« اذا أهل الرجل بالحج ثم قدم مكة فطاف بالبيت و بالصفا و المروة فقد حلّ، و هي عمرة» ...
( 24) صحيح مسلم، الحديث 198 ص 909 باب جواز العمرة، و صحيح البخاري 1/ 191 و هذه الروايات الثلاث في زاد المعاد لابن القيم 1/ 246.
( 25) صحيح مسلم ص 911 باب جواز العمرة في أشهر الحج، الحديث 201- 203، و سنن أبي داود 2/ 156، و البيهقي 5/ 18، و الحديث 2423 من المنتقى، و المصنف لابن أبي شبية 4/ 202.
( 26) صحيح البخاري 1/ 190 باب التمتع و الإقران و الإفراد بالحج ...، و صحيح مسلم ص 884- 885 باب بيان وجوه الإحرام ... الحديث 143، و زاد المعاد 1/ 248 فصل في إهلاله بالحجّ.
( 27) صحيح البخاري 1/ 213، و 4/ 166 كتاب التمني باب لو استقبلت من أمري ما استدبرت، و سنن أبي داود 2/ 156 باب إفراد الحج، الحديث 1789 باختلاف يسير، و مسند أحمد 3/ 305، و سنن البيهقي 5/ 3 باب من اختار الأفراد ...، و ج 4/ 338 منه، و زاد المعاد 1/ 246 فصل في إحلال من لم يكن ساق الهدي.
( 28) فتح الباري 17/ 108- 109 باب نهى النبي على التحريم من كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة، و صحيح مسلم ص 883 باب وجوه الإحرام، الحديث 141، و سنن أبي داود، باب إفراد الحج، و ابن ماجة باب التمتع بالعمرة، و البيهقي 4/ 338، و ج 5/ 19، و زاد المعاد 3/ 246، و مسند أحمد 3/ 356.
( 29) البخاري 2/ 52 كتاب الشركة، باب الاشتراك في الهدي، و سنن ابن ماجة 1/ 992 الحديث 298.
( 30) سنن ابن ماجة ص 993 باب فسخ الحج، و مسند أحمد 4/ 286، و مجمع الزوائد 3/ 233 باب فسخ الحج الى العمرة، و زاد المعاد 1/ 247، و المنتقى، باب ما جاء في فسخ الحج إلى العمرة الحديث 2428.
( 31) صحيح مسلم، ص 879 باب بيان وجوه الإحرام، و أنه يجوز إفراد الحج ... الحديث 130، و زاد المعاد 1/ 247، و سنن البيهقي 5/ 19 باب من اختار التمتع بالعمرة إلى الحج، و منحة المعبود ح 1051.
( 32) صحيح مسلم ص 884 باب بيان وجوه الإحرام، الحديث 142، و قريب منه لفظ زاد المعاد 1/ 248 فصل في إهلاله (صلى الله عليه واله) بالحج، و سنن البيهقي 4/ 356، و 5/ 4، والمنتقى الحديث 2426، و مجمع الزوائد 3/ 233.
( 33) صحيح مسلم ص 882 الحديث 138، و المنتقى، الحديث 2400 و 2415 باب إدخال الحجّ على العمرة.
( 34) زاد المعاد 1/ 246.
( 35)« سرف» بين مكّة و المدينة و على أميال من مكّة. و الحديث 119 بباب« بيان وجوه الإحرام» من صحيح مسلم، ص 873، و في سنن أبي داود 2/ 154 مع اختلاف يسير، و كذلك في ابن ماجة، الحديث 2963.
( 36)« التنعيم» موضع على ثلاثة أميال أو أربعة من مكّة. أقرب أطراف الحل إلى البيت. سمّي بالتنعيم لأن على يمينه جبل نعيم، و على يساره جبل ناعم.
و الحديث في باب« بيان وجوه الإحرام» من صحيح مسلم ص 870 الحديث 111، و أورد أحاديث الباب ابن كثير في تاريخه 5/ 138- 139.
( 37) سنن أبي داود ج 2/ 153 باب في إفراد الحج، الحديث 1781، و منحة المعبود الحديث 990 صحيح مسلم، باب بيان وجوه الإحرام، الحديث 111 ص 870.
( 38) الحديث 134 من باب« بيان وجوه الإحرام» بصحيح مسلم، ص 880، الخمار: ثوب تغطى به المرأة رأسها و« احسره» أي اكشفه و أزيله و« يضرب رجلي بعلة الراحلة» أي يضرب رجلها بعود بيده حين تكشف خمارها غيرة عليها و« الحصبة» المحصب و هو موضع رمي الجمار بمنى.
( 39) صحيح البخاري 2/ 184.
( 40) سنن أبي داود، باب العمرة 2/ 204، و مسند أحمد 1/ 161 الحديث 2361، و السنن الكبرى للبيهقي 4/ 345 باب العمرة في أشهر الحج، و راجع مشكل الآثار للطحاوي ج 3/ 155 و 156.
( 41) راجع قبله حديث البيهقي في فصل: عائشة فاتتها العمرة.
( 42) راجع في ما يأتي رواية كنز العمال و حلية الأولياء في باب: على عهد عمر.
( 43) سنن البيهقي 5/ 5 باب من اختار الافراد و رآه افضل، و تاريخ ابن كثير 5/ 123.
( 44) صحيح مسلم، ص 885، باب في المتعة بالحج و العمرة، الحديث 145، و مسند الطيالسي، ص 247 الحديث 1729، و سنن البيهقي 5/ 21.
( 45) سنن البيهقي 7/ 206 باب نكاح المتعة و في لفظه:« هذا القرآن هذا القرآن» تحريف.
( 46) زاد المعاد 1/ 258- 259 فصل: في ما جاء في المتعة من الخلاف.
والأسود بن يزيد بن قيس النخعى: أبو عمرو أو أبو عبد الرحمن، مخضرم، ثقة، مكثر فقيه، من الطبقة الثانية.
أخرج حديثه جميع أصحاب الصحاح. مات سنة أربع أو خمس و سبعين. تقريب التهذيب 1/ 77.
( 47) سنن البيهقي 5/ 20.
( 48) سنن البيهقي 4/ 338 باب: الرجل يحرم بالحج تطوعا، و ج 5/ 20 منحة المعبود ح 1502.
( 49) صحيح مسلم، الحديث 156 و 155 من: باب في فسخ التحلل ص 895- 896، و البخاري 1/ 188- 189، و سنن النسائي، باب التمتع 2/ 15، و باب الحج بغير نية يقصد المحرم ص 18، و مسند أحمد 4/ 393 و 395 و 410، و سنن البيهقي 4/ 88، و كنز العمال، باب التمتع من كتاب الحجّ ج 5/ 86، و البخاري 1/ 214 أورد الحديث بإيجاز.
( 50) موطأ مالك كتاب الحج باب جامع ما جاء في العمرة- 1/ 319، و سنن البيهقي 5/ 5 باب من اختار الإفراد و رآه أفضل.
( 51) تفسير السيوطي ج 1/ 218 بتفسير« الحج أشهر معلومات» عن ابن أبي شيبة، و حلية الأولياء لأبي نعيم 5/ 205، و شرح معاني الآثار، مناسك الحجّ، ص 375.
( 52) النسائي كتاب الحج، باب التمتع ج 2/ 16، و ط. بيروت، دار إحياء التراث العربي ج 5/ 135، و تاريخ ابن كثير 5/ 122 و لفظه« و قد فعله النبيّ»، قال ابن كثير: أسناده جيد و لم يخرجوه.
( 53) كنز العمال 5/ 86، و حلية الأولياء 5/ 205.
( 54) صحيح مسلم، الحديث 157 ص 896، و مسند الطيالسي، الحديث 516 ج 2/ 70، و مسند أحمد 1/ 49 و 50، و سنن النسائي، كتاب الحج باب التمتع 2/ 16، و سنن البيهقي 5/ 20، و ابن ماجة، الحديث 2979 ص 692، و كنز العمال 5/ 86.
( 55) سنن البيهقي 5/ 21.
( 56) نقل ذلك النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 170 عن القاضي عياض.
( 57) تاريخ ابن كثير 5/ 141.
( 58) مضى آنفا مصدره.
( 59) مضى في أول هذا البحث مصدره.
( 60) مسند أحمد 1/ 92، الحديث 707، و راجع: ذخائر المواريث 416، و الجحفة على ثلاث مراحل من مكة في طريق المدينة.
( 61) موطأ مالك، الحديث 40 من باب القران في الحج ص 336، و ابن كثير 5/ 129، و« السقيا» قرية جامعة بطريق مكّة، و« ينجع» يسقي، و« بكرات» جمع بكرة ولد الناقة أو الفتى منها، و الخبط ورق ينفض بالمخابط و يخلط بدقيق و غيره و يوخف بالماء و يسقى للإبل.
( 62) سنن النسائي 2/ 15 كتاب الحج، باب التمتع، و مسند أحمد 1/ 57، الحديث 402 بمسند عثمان، و مستدرك الصحيحين 1/ 472، و تاريخ ابن كثير 5/ 126 و 129.
( 63) الإمام السندي هو أبو الحسن محمّد بن عبد الهادي الحنفي نزيل المدينة المنورة( ت 1138 ه).
( 64) مسند أحمد 1/ 60، الحديث 424.
( 65) صحيح مسلم، الحديث 158 ص 896 باب جواز التمتع من كتاب الحج، و مسند أحمد 1/ 97، الحديث 756 و الرواية الثانية في ص 60، الحديث 431 و نظيره الحديث 432 بعده، و سنن البيهقي 5/ 22، و المنتقى، الحديث 2382، و راجع كنز العمال ط. الأولى 3/ 33، و شرح معاني الأخبار، كتاب مناسك الحج ص 380 و 381، و في تاريخ ابن كثير 5/ 127 بايجاز، و قال في ص 129 منه بعد إيراد الحديث: فهذا اعتراف من عثمان( رض) بما رواه علي. و معلوم أنّ عليّا( رض) أحرم في حجة الوداع بإهلال النبي.
( 66) تاريخ ابن كثير 5/ 137.
( 67) صحيح مسلم، ص 897، الحديث 159 باب جواز التمتع، و صحيح البخاري ج 1/ 190 باب التمتع و الإقران، و مسند الطيالسي 1/ 16، و مسند أحمد 1/ 136، الحديث 1146، و سنن البيهقي 5/ 22، و منحة المعبود 1/ 210 باب ما جاء في القرآن، الحديث 1005، و راجع شرح معاني الآثار، ص 371 و زاد المعاد 1/ 218 فصل في جمعه بين الحج و العمرة، و ص 220 منه بحث في أنه (صلى الله عليه واله) كان قارنا لا مفردا، و تاريخ ابن كثير 5/ 129.
و عسفان منزل بين الجحفة و مكة. معجم البلدان.
( 68) صحيح البخاري 1/ 190، و سنن النسائي 2/ 15 باب القران، و سنن الدارمي باب القران 2/ 69، و سنن البيهقي 4/ 352 و 5/ 22، و مسند الطيالسي 1/ 16، الحديث 95، و مسند أحمد 1/ 95، الحديث 733، و 1/ 136، الحديث 1139، و زاد المعاد 1/ 217، و راجع الطحاوي في شرح معاني الآثار ص 376 كتاب مناسك الحج، و كنز العمال 3/ 31، و منحة المعبود ح 1004، و تاريخ ابن كثير 5/ 126 و 129.
( 69) زاد المعاد 1/ 218.
( 70) المحلى لابن حزم 7/ 107.
( 71) و مما رووا عن الإمام في ذلك ما رواه ابن كثير في تاريخه 5/ 132 عن الحسن بن علي قال: خرجنا مع علي فأتينا ذا الحليفة، فقال علي: إني أريد أن أجمع بين الحجّ و العمرة، فمن أراد ذلك، فليقل كما أقول، ثم لبى، قال: لبيك بحجة و عمرة.
( 72) من أمثلة ذلك سياستهم في منع نشر حديث الرسول فقد منعه أبو بكر و عمر و تابعهم على ذلك فقال على منبر الرسول« لا يحل لأحد يروي حديثا لم يسمع في عهد أبي بكر و لا عمر» منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 4/ 64، و قال معاوية« عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر» رواه الذهبي بترجمة عمر من تذكرة الحفاظ، و منتخب الكنز 4/ 61، و راجع فصل:( مع معاوية) من كتابنا:( أحاديث أم المؤمنين عائشة).
( 73) سنن النسائي، باب التمتع.
( 74) سنن الدارمي 2/ 35. و محمد بن عبد اللّه بن نوفل هو محمد بن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب، في تقريب التهذيب 2/ 175 مقبول من الثالثة.
( 75) موطأ مالك 1/ 344 باب ما جاء في التمتع الحديث 60، و سنن النسائي 2/ 15 باب التمتع، و الترمذي 4/ 38 باب ما جاء في التمتع، و البيهقي 5/ 17، و تفسير القرطبي 2/ 388، و قال: هذا حديث صحيح و زاد المعاد 2/ 218، و بدائع المنن ح 903، و ابن كثير 5/ 127 و 135.
( 76) ترجمة الضحاك بأسد الغابة و فصل:( مع معاوية) من كتاب( أحاديث أم المؤمنين عائشة) 1/ 243.
( 77) سنن البيهقي 5/ 20 باب كراهية من كره القران و التمتع، و سنن أبي داود باب في إفراد الحج ص 157، و زاد المعاد 1/ 229، و مجمع الزوائد 3/ 236 باختصار. و أورد ابن كثير في تاريخه 5/ 140- 141 جملة من أحاديث الباب.
( 78) صحيح البخاري 1/ 207 باب الحلق و التقصير، و صحيح مسلم، باب التقصير في العمرة ح 209، و سنن أبي داود 2/ 159- 160 ح 1802- 1803 من كتاب المناسك، و مسند أحمد 4/ 96- 98، و المنتقى 2/ 270 ح 2579، 2580، و منحة المعبود ح 1503، و المشقص: نصل عريض يرمى به الوحش.
( 79) صحيح مسلم باب جواز التمتع ح 164 ص 898، و شرح الحديث عند النووي 7/ 304، و المنتقى ح 2386، و تاريخ ابن كثير 5/ 127 و 135.
( 80) صحيح مسلم، باب جواز التمتع، الحديث 168 و 166 و 169 ص 899، و شرح النووي 305- 306، و عمران بن حصين في أسد الغابة بعثه عمر قاضيا على البصرة و كان مجاب الدعوة و كانت الملائكة تسلم عليه في مرض وفاته. توفي بالبصرة سنة اثنتين و خمسين أي في خلافة معاوية. ترجمته بأسد الغابة 4/ 137.
( 81) صحيح مسلم كتاب الحج باب جواز التمتّع الحديث 165 و 166 و قد اخترنا لفظ مسلم، و مسند أحمد 4/ 434، و سنن الدارمي 2/ 35، و البخاري، كتاب الحج، باب التمتع 1/ 190، و يختلف لفظه مع ما سبق و سنن ابن ماجة، الحديث 2978 باب التمتع بالعمرة إلى الحج، و مسند أحمد 4/ 429 و 436 و 438 و 439، و سنن البيهقي 4/ 344، و ج 5/ 14، و المنتقى، الحديث 2380 و 2381، و زاد المعاد 1/ 217 و 220، و تاريخ ابن كثير 5/ 126. و في ص 137 منه أحاديث الباب.
( 82) صحيح مسلم، ص 885، الحديث 145.
( 83) صحيح مسلم، باب جواز العمرة في أشهر الحج، الحديث 204 ص 911، و مسند أحمد 1/ 241، و سنن أبي داود المناسك باب 80، و الدارمي، باب 41، و البيهقي 5/ 19، و البخاري 1/ 190.
و أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي البصري نزيل خراسان، من الثالثة، مات سنة 128. أخرج حديثه جميع أصحاب الصحاح. تقريب التهذيب 2/ 300.
( 84) مسند احمد 1/ 261، و مجمع الزوائد 3/ 233. و كريب بن ابي مسلم أبو رشيدين من الثالثة. أخرج حديثه أصحاب الصحاح تقريب التهذيب 2/ 134.
( 85) صحيح مسلم، باب في متعة الحج، الحديث 194، و سنن البيهقي 5/ 21- 22. و مسلم بن مخراق العبدي القري البصري من الرابعة. تقريب التهذيب 2/ 246.
( 86) زاد المعاد 1/ 248 فصل في إحلال من لم يكن ساق الهدي، و في زوائد المسانيد الثمانية 1/ 330 الحديث 1108: إلى أمّك، و في المصنف لابن أبي شيبة 4/ 103: اعمى اللّه قلبه و عينه. و ابن عباس كان قد كف بصره؛ و لذلك وصفه ابن الزبير بالأعمى.
( 87) مسند أحمد 1/ 252 الحديث 2277، و زاد المعاد 1/ 257. و عريّة تصغير عروة و هو ابن الزبير أبو عبد اللّه، مدني من الثانية، مات سنة أربع و تسعين. أخرج حديثه اصحاب الصحاح. تقريب التهذيب 2/ 19.
( 88) مسند أحمد 1/ 337 الحديث 3121، و زاد المعاد 1/ 257 باب ما جاء في المتعة من الخلاف.
( 89) زاد المعاد 1/ 257، و في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية 1/ 360 ح 1214 مع اختلاف في اللفظ.
( 90) زاد المعاد 1/ 257.
( 91) مجمع الزوائد 3/ 234. و يبدو أن هذا غير ما رواه ابن القيم في زاد المعاد، و ان الخلاف هناك حول الاعتمار في العشرة الأولى من ذي الحجة، و الخلاف هنا حول الإحلال بعد الطواف و السعي أي أن الناسك يخرج من إحرامه.
( 92) صحيح مسلم، ص 906- 907، الحديث 190 من باب ما يلزم من طاف بالبيت و سعى من البقاء على الإحرام و ترك التحلل من كتاب الحج و شرح النووي ج 8/ 219- 221.
( 93) صحيح مسلم، الاحاديث 191- 193 ص 907- 908، و الحديث الأخير بصحيح البخاري 1/ 214. و الحجون هو الجبل المشرف على مسجد الحرس بأعلى مكة على يمينك و أنت مصعد عند المحصب.
( 94) صحيح مسلم، باب وجوب الدم على المتمتع، الحديث 174 ص 901، و شرح النووي ج 8/ 208، و سنن أبي داود 2/ 160 باب في الإقران الحديث 1805، و سنن النسائي ج 2/ 15 باب التمتع، و سنن الترمذي 4/ 39 باب ما جاء في التمتع و قال: هذا حديث صحيح، و سنن البيهقي 5/ 17 باب من اختار التمتع بالعمرة إلى الحج ...، و 5/ 20 و 23 منه، و زاد المعاد 1/ 216 فصل في جمعه بين الحج و العمرة، و ص 236 منه، و المنتقى الحديثان 2387 و 2416.
( 95) صحيح الترمذي 4/ 38 باب ما جاء في التمتع من كتاب الحج.
( 96) سنن البيهقي 4/ 354 باب العمرة قبل الحج عن البخاري.
( 97) تاريخ ابن كثير 5/ 141.
( 98) سنن البيهقي 4/ 5.
( 99) صحيح مسلم، الحديث 1249 ص 914.
( 100) سنن البيهقي 4/ 356 باب المتمتع بالعمرة إلى الحج إذا أقام بمكة حتى ينشئ الحج إن شاء من مكة لأمن الميقات. و صحيح مسلم، ص 884، الحديث 143: و تصير الآن حجتك مكية لإنشائك إحرامها من مكة فتفوتك فضيلة الإحرام من الميقات فيقل ثوابك بقلة مشقتك.
( 101) صحيح مسلم. الحديث 206 و 207 ص 912- 913.
( 102) زاد المعاد 1/ 249.
( 103) هكذا نجد سنة رسول اللّه في هذا العصر منكرا لدى المسلمين.
( 104) المحلى لابن حزم 7/ 103. و المنصور بن المعتمر أبو عتاب السلمي الكوفي أخرج حديثه جميع أصحاب الصحاح، مات سنة اثنتين و ثلاثين و مائة. التقريب 2/ 277. و الحسن بن أبي الحسن يسار البصري مولى الأنصار كان يرسل كثيرا و يدلس، رأس الطبقة الثالثة( ت 110 هـ) و قد قارب التسعين، أخرج حديثه أصحاب الصحاح.
تقريب التهذيب 1/ 165. و عطاء بن أبي رباح أسلم، مولى قريش،( ت 114 ه) روى حديثه جميع أصحاب الصحاح، تقريب التهذيب 2/ 22.
( 105) زاد المعاد 1/ 249 كان مذهب أبي موسى التمتع بالعمرة إلى الحج و يفتي به من قبل أن يسمع من الخليفة ما أحدثه في شأن النسك، و من بعد ذلك تابعه على رأيه.
( 106) صحيح مسلم، ح 122 ص 875، و سنن أبي داود 2/ 152 ح 1777، و سنن النسائي 2/ 13 باب إفراد الحجّ ص 988 ح 2964، و الترمذي 4/ 36 باب ما جاء في إفراد الحج، و البيهقي 5/ 3 باب من اختار الإفراد، و المنتقى ح 2389 ج 2/ 228، و مسند أحمد ج 6/ 36، و موطأ مالك، باب إفراد الحج 2/ 335 ح 37.
( 107) سنن ابن ماجه، ص 988 ح 2965، و موطأ مالك ج 2/ 335 ح 38، و راجع تاريخ ابن كثير 5/ 120- 123 ففيه بحث مفصل عن عمرة التمتع.
( 108) سنن ابن ماجة، ص 989 ح 2966.
( 109) أ- سنن الترمذي 4/ 36 باب ما جاء في إفراد الحج.
ب- صحيح مسلم، ص 904- 905 ح 184، و المنتقى 2/ 228 ح 1391.
( 110) سنن أبي داود 2/ 157 ح 1793، و سنن البيهقي 5/ 19 باب كراهية من كره القرآن و التمتع.
( 111) سنن ابن ماجة ح 2967 ص 989.
( 112) أبو داود 2/ 161، كتاب المناسك، باب الرجل يهل بالحج ثم يجعلها عمرة ح: 1808، و ابن ماجة ص 994 ح 2984، و قد علّق ابن ماجة على الحديث و المنتقى 2/ 238 ح 2429 و قال: رواه الخمسة إلّا الترمذي، و الحارث بن بلال بن الحارث المزنى من الثالثة. أخرج حديثه بعض أصحاب الصحاح. تقريب التهذيب 1/ 139.
( 113) سنن البيهقي 5/ 5 باب من اختار الإفراد. و عبد اللّه بن محمد بن علي بن أبي طالب من الطبقة الرابعة مات سنة تسعين بالشام، تقريب التهذيب 1/ 448. و أخوه الحسن من الطبقة الثالثة توفي سنة مائة. أخرج أحاديثهما أصحاب الصحاح. تقريب التهذيب 1/ 171.
( 114) وردت الروايتين 11- 12 متواليتين في صحيح مسلم ح 160- 163 ص 897، و بشرح النووي عليه 8/ 203، و في سنن ابن ماجة ص 994 ح 2985، و في سنن أبي داود 2/ 161 ح 1807 مع اختلاف في اللفظ، و في سنن البيهقي 5/ 22 ح 9 و 10 و 12، و في ج 4/ 345 باب العمرة في أشهر الحج ورد القسم الأخير من الحديث 12، و في المنتقى ح 2430. و عبد الرحمن بن أبي الشعثاء، سليم بن الأسود المحاربي. قال ابن حجر مقبول من السادسة له حديث واحد متابعة، التهذيب 6/ 194 و تقريبه 1/ 484.
و إبراهيم بن يزيد بن عمرو الكوفي النخعي( ت 96 أو 95 ه) التهذيب 1/ 177 و التقريب 1/ 46، و الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 18- 19.
و إبراهيم التيمي لعله أبو اسماء الكوفي ابن يزيد بن شريك من تيم الرباب( ت 92 أو 94 ه) في حبس الحجاج التهذيب 1/ 176، و تقريبه 1/ 46، و الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 19.
( 115) سنن ابن ماجة ص 994 باب: من قال كان فسخ الحج لهم خاصة من كتاب المناسك و راجع التعليق على الحديث 2429 في المنتقى من أخبار المصطفى لابن تيمية 2/ 238. و أورد ابن كثير في موجزه في 5/ 166 من تاريخه.
( 116) المنتقى من أخبار المصطفى لابن تيمية 1/ 239 بهامش ح 3431
( 117) راد المعاد 2/ 247 فصل في إحلال من لم يكن ساق الهدي معه. و المحلى لابن حزم 7/ 100- 110.
( 118) زاد المعاد 1/ 246.
( 119) المحلى ج 7/ 101.
( 120) المحلى ج 7/ 103 أوردنا في ما يلي موجز كلام ابن حزم في هذا الباب.
( 121) المحلى 7/ 102 و قوله« فهذا أولى أن يتبع» أى قول رسول اللّه و أمره أولى أن يتبع من رأي رآه عمر.
( 122) قصد ان الأمر بعمرة التمتع كان في بدء الأمر في حجة الوداع تخييريا و نزل القضاء به حتما عند ما كان الرسول في آخر شوط من سعيه.
( 123) السنن الكبرى للبيهقي 5/ 21.
( 124) ان اختلاف أقوال الشافعي يدل على تحيره في الحكم الشرعي!
( 125) الواقع الحقّ أن العلماء استندوا إلى فعل الخلفاء المذكور و أوّلوا ما خالفه من نص الكتاب و فعل الرسول و قوله- السنّة- تبريرا منهم لفعل الخلفاء كما أشرنا إليه.
( 126) إن كان قصده من اختلاف فعل الإمام عليّ، اختلاف فعله مع أفعال الخلفاء في هذا المقام كما يظهر ذلك من قوله في ما يأتي فهو صحيح. و إن كان قصده أن الإمام اختلفت أفعاله بعضه مع بعض فهو كذب و افتراء على الإمام.
( 127) قد صرح الإمام أنّه خالفهم لإحياء سنة الرسول التي منعوا أقامتها راجع قبله على عهد عثمان.
( 128) و قد خالف أبناء الأمّة هؤلاء، رسول اللّه حيث غضب في حجّة الوداع على من تردد في فسخ الإفراد الى التمتع و خالفهم أئمة أهل البيت تبعا لرسول اللّه و خالفهم أتباع مدرسة أهل البيت و غير هؤلاء ممن رضي بسنة الرسول إذا فالامة لم تجمع على ذلك.
( 129) إنما نشأ هذا الاختلاف بعد مخالفة الخلفاء لسنة الرسول حيث روى بعضهم أحاديث خلافا للواقع تبريرا لعمل الخلفاء.
( 130) و تبعهم في الكتابة ابن قيم الجوزية في زاد المعاد و في الموضوع حقّه، و كتب فيه أيضا ابن حزم و كتبنا فيه هذا البحث. كتبت في هذا الموضوع طوال القرون آلاف الأوراق و لو اكتفى المسلمون بصريح الكتاب و السنة لكفتهم وريقة صغيرة.
( 131) لا، و الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحقّ إن الرسول لم يأمر في حجة الوداع إلا بحج التمتع و منع من غيره، و لم يظن أحد في عصره و لا من بعده أن الرسول أمر بغير حج التمتع، و إن كل هذه الأقوال قيلت في سبيل تبرير فعل الخليفة مع علم القائلين ببطلان أقوالهم.
إلى هنا أوردنا في المتن ملخصا من باب« بيان وجوه الإحرام و أنه يجوز إفراد الحج و التمتع ...» من شرح النووي ج 8/ 134- 137.
( 132) إن الخليفة عمر( رض) نهى عن حج التمتع و عاقب على فعله و أمر بالإفراد في الحج و العمرة كما صرحت بذلك الروايات التي أوردناها في ما سبق، و إنما قال العلماء هذه الأقوال التماسا لما يعذرون به الخليفة.
( 133) شرح النووي 8/ 170 في الباب المذكور آنفا.
( 134) مسند أحمد 4/ 126 و 127.
سنن الدارمي، المقدمة، باب اتّباع السنة( 1/ 44- 45).
سنن ابن ماجة، المقدمة، باب سنّة اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين( 1/ 15- 16) سنن أبي داود، كتاب السنة، باب لزوم السنة( ح، 4607).
سنن الترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة و اجتناب البدع( 10/ 144- 145).
إن كتب الحديث الأربعة المذكورة بعد مسند أحمد من كتب صحاح الحديث الستة بمدرسة الخلفاء
( 135) ما أوردنا هنا من أمر حج الرسول نقلناه من إمتاع المقريزي ص 510- 511.
( 136) سيرة ابن سيد الناس 2/ 273.
( 137) زاد المعاد 2/ 213 فصل في حجه بعد هجرته قال ابن كثير في تاريخه 5/ 109- 110 سميت حجة البلاغ لأنه« ع» بلغ الناس شرع اللّه في الحج قولا و فعلا، و سميت حجّة الإسلام لأنّه لم يحج من المدينة غيرها.
( 138) راجع قبله ص 196.
( 139) راجع قبله 195.
( 140) راجع قبله ص 206.
( 141) و بالتعليل الذي ذكرناه يرتفع ما يظهر من تناقض في ما روي عنه من التعليل.
( 142) المحلى 7/ 103.