التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
حكام سلالة اور
المؤلف: حسين محمد محيي الدين السعدي
المصدر: تاريخ الشرق الادنى القديم العراق – إيران – آسيا الصغرى
الجزء والصفحة: ج2, ص72-108
2-11-2016
1321
سلالة اور الثالثة (2112-2004 ق.م.)
حكام سلالة أور
(1) اورنامو (17 عام)
(2) شولجي (47 عام) انيرجالانا (كاهنة اور العليا)
(3) امارسين (9 سنوات)
(4) شوسين (9 سنوات) (اينيرزيانا (كاهنة اور العليا)
( 5 ) ايى – سين (24 عام)
1- أورنامو:
أول حكام هذه السلالة الثالثة من حكام أور، وبقدر كونه حاكما غير محارب، كان ميالا للإنشاء والتعمير حسبما تشير انجازات عهده. فبعد ان ضمن سيطرته على اريدو والوركاء وكذا التبعية الأسمية لنيبور ولارسا وكيش وآدب وأوما، حق له ان يتحلى باللقب الشرفي (ملك الجهات الأربع)، وكذا اللقب الذي يدل على سطوته الفعلية على البلاد وهو لقب (حاكم سومر وأكد).
اما انجازاته في هذه المدن فقد تعدت السيطرة السياسية والتدخل في صراعات تلك المدن فيما بينها، إلى بناء العديد من المعابد المدرجة (الزقورات) لألهة تلك المدن مثل اور والوركاء وأريدو ونفر وغيرها. وان كان افضلها قاطبة تلك التي إبتناها لإلهة القمر في أور الآلهة نانا التي ظلت صامدة متحدية عوادي الزمان بارتفاعها الذي بلغ حوالي 60 قدم.
كذلك فقد حدد الحدود بين هذه المدن وفق ما ينطوي عليه نص الحدود وذلك ببناء اسوارها وتحديد أملاك الهتها، كما وجه اهتماما كبيرا لشق القنوات وتطهيرها في تلك المدن لا سيما في أور التي أمر بحفر القنوات على حدودها وربطها بالبحر حتى يتيسر للسفن تجارة الخليج تفريغ شحناتها في عاصمة ملكة أور.
ولقد أظهرت (لوحة أورنامو) الشهيرة ذلك الاهتمام البالغ من قبله بالإنشاءات، حيث أظهرته اللوحة حاملا لأدوات البناء وهو يتلقى ارشادات الهة المعبود. وقد بلغ من اهتمامه بالهيمنة على الجانب الديني ان نصب ابنته إنيرجالانا كبيرة كاهنات نانا في أور، وأحد ابناءه كبيرة كهنة إنانا في الوركاء.
بيد أن افضل انجازات عهده تلك التشريعات التي حاول بها ان يطهر الأرض من اللصوص وقطاع الطرق والمتمردين، وهي تشريعات تمثل اقدم مجموعة من القوانين في تاريخ الانسانية بعد تنظيمات اوركاجينا. بيد ان تشريعاته قد تجاوزت نطاق المحلية إلى مدن الرافدين الاخرى؛ لسببين أولهما هيمنته السياسية على تلك المدن فعليا، وثانيهما الربط بين تلك التشريعات وبين اختيار الآلهة وارادتها بما يكفل احترام هذه التشريعات وخلع الشرعية عليها.
وفي المجمل، فقد هدفت التشريعات اولا إلى حماية الثروة والاقتصاد بالتركيز على ضبط الموازين والمكاييل مع تثبيت قيمة المعادن المتداولة والتي قامت مقام العملة. كما حرصت على العلاقة بين اصحاب الثروات المتفاوتة حتى لا يجوز اي منهم على الاخر.
كما قررت ثانيا على المستوى الجنائي مجموعة من العقوبات المالية تدفع فمن أصاب غيره اصابات بدنية بحيث تفاوتت تلك الغرامات بتفاوت طبيعة الاذى الجسدي. اما ثالثا فتتعلق بمجموعة المواد المتعلقة بالأحوال الاجتماعية من خطبة وزواج، وكذا ما يتعلق برمي المحصنة او الاغتصاب او التطاول من الجارية على سيدتها او شهادة الزور. ومعظمها عقوبات قد قابلتها بعض الغرامات المالية المقررة. وهذه الغرامات النقدية والتي كانت تدفع قيمتها بوزن الفضة يراها بعض الباحثين دلالة على رقي المجتمع في أور وبالتالي رقي تشريعاته التي لم تعاقب بالقصاص الجسدي، وهو أمر مخالف لما سنراه في تشريعات حمورابي. وان كنا نميل لمبدأ القصاص المماثل للعقوبة بحيث تصبح الغرامات في هذا الأمر ذات جانب تعزيزي فحسب.
وعلى اية حال، فليس لدينا الكثير مما يذكر ن سياسة أورنامو خارج الحدود باستثناء تلك الاشارة المتعلقة بعلاقاته الخارجية الممتدة من الخليج العربي جنوبا وحتى البحر المتوسط شمالا، وكذا توطيد علاقته بالأسرة الحاكمة في مارى. وأخيرا، الاشارة إلى وفاته في معترك ما من ميادين القتال حسبما يشير النص لذلك بالقول أنه نبذ في ميدان القتال قارب محطم..)
وان كنا لا نعرف ممن حورب واين كان ذاك الميدان !!!
2- شولجي:
خلف والده أورنامو ويعد عهده اطول عهود حكام سلالة أور الثالثة على الاطلاق وهو الأمر الذي ساعده على القيام بالعديد من الانجازات على المستويين الداخلي والخارجي، ولقد توزعت تلك الانجازات على مدى سنى حكمه السبعة والاربعين التي مضى نصفها الأول في الانشاءات الداخلية والاصلاحات المعمارية، في حين توزع نصفها الثاني بين متابعة آثارها وبعض التجريدات العسكرية لإقرار الأمور على الحدود لضمان جلب الجزية.
ومن ثم، فلقد اكمل اعمال والده الانشائية لاسيما زقورة اور الشهيرة، كما اعاد بناء معبد للإلهة أنانا وآخر للاله أنليل بمدينة نيبور. ويعزى إليه كذلك العديد من الانشاءات الصغيرة من اللبن والتي أقامها في مجاورات مدينة أور في منطقة ربما كانت تمثل الجبانة الملكية سواء للبقايا العظيمة التي وجدت بها، او تلك الابهة في أبنيتها العلوية من أبواب مذهبة وجدران منقوشة ومصفحة برقائق ذهبية مطعمة بالأحجار الكريمة. الأمر الذي فسره البعض بأن البناء العلوي كان يستخدم كمعبد جنزي يعلو المقبرة المقبيه أسفله.
ولقد تجاوزت أعماله الانشائية حدود اور إلى اريدو وسوسه، حيث اولى الأولى عناية فائقة في حين بنى معبدا ضخما للمعبود المحلى لسوسة. كما اهتم بتوسيع وتعبيد طرق المواصلات وبناء الاستراحات عليها لراحة المسافرين وهو الأمر الذي انعكس بالطبع على طرق التجارة والنشاط الاقتصادي بعامة.
بيد ان اهم ما يحسب له من انجازات هو ذلك التنظيم الاداري الدقيق الذي استهدف في المقام الأول احكام قبضته اداريا على المناطق التابعة له او تلك الواقعة في دائرة نفوذه دون خضوع في اطار الدولة ويستوجب معها دفع الجزية او الضرائب لخزانته.
ومن ثم، فقد انشأ نظاما اداريا موحدا لمدن سومر وأكد قوام الامبراطورية الاساسي. يتولى شان كل مدينة به حاكم بلقب (انسي) يتم تعينه اصلا من الاسرة المحلية الحاكمة، ويعاونه حاكم عسكري يلقب (شاجين) يقوم برفع تقريره مباشرة للملك وذلك لضمان المراقبة. اما المنطقة الواقعة خارج نطاق سومر واكد وتدين له بالتبعية الاسمية فقد ولى عليها حكاما عسكريين أيضاً.
كذلك فقد استحدث نظاما للسيطرة المباشرة على اراضي المعبد وذلك من خلالا نظامين جديدين لجمع الضرائب، أولهما يسمى (بالا) Bala وهو عبارة عن ضريبة تدفعها مدن سومر وأكد بما قيمته معادن نقدية، والثاني يسمى (جان مادا) gun mada ويقوم بدفعه المشرفين العسكريين على المدن التابعة لأور خارج نطاق منطقة سومر وأكد، ويتم تقديره برؤوس الماشية.
ولقد أسس عدة مراكز لجمع عوائد الضرائب وتخزينها وتوزيعها، وهي مراكز اطلق عليها (مراكز اعادة التوزيع " Redistribution Centers"، منها على سبيل المثال لا الحصر مركز بوزيش داجان الواقع جنوب نيبور بعشرة كيلومترات، والذي تذكر المصادر تخصصه في جمع رؤوس الماشية التي بلغت في عام واحد 28000 رأس من الابقار و 350000 من الأغنام. وقد جاءت جميعها من المقاطعات المختلفة ليتم اعادة توزيعها على المعابد والأسرة الحاكمة وكبار موظفي الدولة. وكان هناك أيضاً مركز دوسبارا والذي تخصص في جمع المنتجات الزراعية واعادة توزيعها على النحو السابق.
وما من شك ان هذا النظام الاداري واساليب جمع الضرائب قد استلزم بالضرورة تدريب العديد من الكتبة والاداريين للارتفاع بأداء هذا النظام لأعلى مستوى. لا سيما وان شولجي كان يرى ان السبيل لنجاح نظامه يستلزم توحيد نظام الكتابة المسمارية، وتنظيم الموازين والمقاييس فضلا عن ادخال نظام تقويمي جديد يستخدم على نطاق الدولة بأسرها.
والجدير بالذكر، أن هذه الانجازات الادارية واسعة النطاق قد حدث ببعض الباحثين إلى اعتباره هو ذاته صاحب القوانين الشهيرة والتي لا تزال تنسب لوالده وسلفه أورنامو. وبالرغم من عدم وجود دليل دامغ على ما ذهبوا إليه الا ان اتساق الهدف من تلك القوانين مع الهدف من اصلاحات شولجي الاقتصادية والادارية ربما هو الذي دفعهم لسوق مثل هذا الزعم.
وعلى أية حال، فلقد عنى شولجي بربط اقاليمه ضمانا لاحكام سياساته عليها وذلك لنظام العدائين الرسميين الذين يحملون مكاتبات تلك الاقاليم وتبادلها وفق محطات محددة.
اما عن نشاطه الخارجي عسكريا وسلميا، فعلى الرغم من نجاحه في مد نفوذه شمال سومر حتى منطقة آشور وشرقها حتى منطقة سوسة، الا ان النصوص التاريخية تعوزنا في تتبع خطوات هذا المد. وكل ما يمكن رصده في هذا الصدد ان شولجي قد شرع في سلسلة من الحملات العسكرية منذ العام الثاني والعشرين من حكمه، وان لم تتعد النصوص مصدرا واحدا فقط حوى قوائم مؤرخه ومكرره تشير إلى السنة التي دمرت فيها مدينة (كذا)... ثم التي تليها وكهذا دون تفاصيل.
وعلى الرغم من ذلك فإننا يمكن ان نستشف قيامه ببعض الحملات العسكرية المتكررة في الشمال الشرقي حيث اوربيلوم واللولوبي وغيرهم، وهي منطقة قلاقل اشارت النصوص إلى قيامه في عامه الثاني والأربعين بتدميرها للمرة التاسعة.
اما المنطقة الشمالية حيث منطقة سوبارتو فقد كانت مثال اضطرابات أيضاً دفعت شولجي إلى ارسال مبعوثين لتثبيت سلطانه عليها. وان حاول مهادنتها باللين مع رسله تارة والشدة تارة اخرى، حسبما يتضح من فقرات خطابه لمبعوثه هناك المدع و ابرمو. بينما اصطبغت علاقته شرقا بالصبغة الودية اذ تزوج ثلاثة من بناته الثمانية من حكام المقاطعات الايرانية (عيلام) وهي مرهاش وباشلم وانشان، وان كان يبدو ان علاقته مع الاخيرة لم تكن مستقرة رغم تلك الزيجة السياسية حتى ان نصوصه تشير إلى تجريدتين تأديبيتين أنفذهما هناك.
وبالنسبة للغرب فما أمكن التعرف عليه من خلال النصوص يشير إلى ذكره (امورو) وتحصيل الملك لزيتها مرة ثم تحصينه حدود البلاد ببناء سور دفاعي في نهاية عهده، ربما لصد الخطر الاموري الذي سيشكل وجوده مرحلة ما بعد سقوط سلالة اور الثالثة في تاريخ الرافدين.
وعلى اي حال، فان انجازات شولجي قد حدت به لإنتحال لقب (ملك الجهات الاربع)، ودفعته إلى الاعتداء بذاته بدرجة عبر عنها نصا بقوله (انا الملك، لقد كنت بطلا في بطن امي، صاحب بأس منذ مولدي، ثاقب النظر كالأسد...) كما تجاوز الاعتداء الذاتي إلى تأليه ذاته بالقول (انا حامي السومريين وراعيهم .. رب البلاد كلها). ومن ثم فقد أقيمت الهياكل لعبادته وقدمت القرابين والنذور له ثم لتماثيله بحيث أضحى يعبد حيا وميتا، كما اطلق على احد شهور السنة اسم (شولجي المقدس).
وعلى الرغم من كل تلك المزايا الشخصية لشولجي والتي بلغت حد التقديس، فان بعض الكتاب لم يقبلوا تلك النزعة التي لا تنسق واعتداءاته على ذخائر معبد بابل، هذا على المستوى الديني. اما على المستوى السياسي، فلم تقبل بعض المدن خلع حكامها الوطنيين وتعيين حكاما عسكريين من قبله الأمر الذي أفضى إلى تمرد وعنف أديا بدورهما إلى احياء نزعات الاستقلال لدى شعوب تلك المدن وكانا كفيلين بأضعاف او ثم سقوطها.
وعلى اية حال، فلقد خلف شولجي امبراطورية مترامية الاطراف اعادت للمنطقة مجد أكد الغابر، كما خلف من البنات ثمانية، اشهرهن صاحبات الزواج السياسي من حكام مدن عيلام والرابعة كاهنة اور العليا. اما البنين فقد عقب اثنى عشر ولدا خلفه منهم اثنين من ابنائه على التوالي وهم امارسي ثم شوسين واللذان حكما كل منهما تسع سنوات، ثم حفيده ايبي سين.
3- خلفاء شولجي :
عندما اعتلى امارسين العرش خلفا لوالده شولجي كانت امبراطورية والده قط توطدت أركانها حيث انعكست الاصلاحات الادارية والقانونية؟ على اوضاعها الاقتصادية. الأمر الذي جعله يولي اهتمامه بالمنشآت الدينية بنفس همة والده، اذ اقام العديد منها في مدن نيبور وأور وأريدو لا سيما هذه الاخيرة التي انشأ فيها معبدا للإله انكي اله الماء العذب. في حين انه لم يوجه اهتمامه نحو سوسه بأية نوع من التشديدات.
اما سياسته الخارجية فقد سارت على نهج والده لا سيما في التفاعل مع منطقة القلاقل في الشرق والشمال الشرقي. وقد تنوعت اساليبه في ذلك بين ارسال الحملات العسكرية بين الحين والاخر، اذ تشيد نصوص عهده إلى حملات سني حكمه الأول والثاني والسادس والسابع. او بين تنصيب اتباعه المخلصين مباشرة، حكاما على بعض هذه المناطق، مثلما الحال في نقل تابعه حاكم آشور ويدعى زاريقوم إلى حكم سوسه.
اما بقية المناطق في مجاورات اورفلم نشر النصوص إلى اية معاملة عسكرية من قبل امارسين تجاهها، بما يوحي في الغالب إلى استتباب امورها على النحو الذي وضعه والد شولجي.
ولقد صبغ أمارسين نفسه مثل والده بقداسة جعلته معبودا أيضاً، اذ طلق على نفسه لقب (اله الشمس وحاكم الأرض). وان كانت تلك الألوهية لم تحل بينه وبين وفاته بسبب (رضه او عضه حذاء) – حسبما يشير النص – والتي ربما تفسر انه قتل من جراء حذاء مسموم.
وعلى اية حال، فقد دفن مع والده في ضريحه بجبانة اور الملكية، وهو الضريح الذي عثر عليه بحالة جيدة أثرياً رغم وضوح عبث السلب لثرواته وكنوزه التي دفعت معه.
ولقد اعتلى العرش من بعده اخوه شو – سين (وبمعنى اسمه المقدس) حيث أولى بدوره الاهتمام التقليدي لعدد من المعابد بناء وترميما. كما تركز اهتمامه بالحدود الشرقية والشمالية الشرقية على انفاذ عدة حملات في عاميه الثاني والسابع. وتصور النقوش شو – سين وهو يحمل على اعدائه ويحملهم اسرى في معسكر خصص لذلك. ويبدو ان هذه الحملات العسكرية لتلك المناطق الجبلية كانت اقتصادية بحتة اذ غنم من ورائها احتياجاته من النحاس والرصاص والبرونز فضلا عن الذهب الذي صنع منه تمثالا لمعبوده أنليل. اما ولاية انشان بمنطقة عيلام فقد وطد الزواج السياسي بين حاكمها وابنه شوسين من العلاقة بينهما. وفي المجمل، فقد اهتم شوسين بتقوية سطوته على هذه المناطق والتي اتبع نهج اسلافه في تولية المخلصين من رجاله جلائل الاعمال، اذ تشير النصوص إلى اسم احد رجالاته ويدعى اوردو نانا الذي جمع في يده كل السلطات الدينية والزمنية والعسكرية للإشراف على المنطقة الشرقية.
ويبدو ان الملك قدا اتجه لتلك السياسة حيال المنطقة الشرقية ليتفرغ للخطر الجديد القادم من الحدود الغربية الا وهو هجمات قبائل المارثو (الأموروم). والتي كانت تقطن غرب الفرات في الرقعة الممتدة بسوريا والصحراء المحيطة بتدمر ووادي نهر العاصي والجبال الموازية لحوض البحر المتوسط. وقد كان خطرها قبل عهد شوسين لا يتعدى بعض القلاقل التي تكفلت بها تجريدات تأديبية من قوات الحدود، الا ان تعاظم خطورتها قد دفع بشوسين في عامه الرابع إلى بناء جدار دفاعي فيما بين دجلة والفرات لصد هجمات هؤلاء الغزاة الاموريين. الأمر الذي يعني انهم قد بدأوا يضعون مملكة اور في موقع المدافع.
وأيا ما كان الأمر، فلقد أتى اجراء شوسين ثماره في السنوات التالية من عهده وبداية عهد خلفه ايبي سين، الذي لا ندري ظروف توليه العرش بعد والده. بيد انه منذ توليه الحكم ولمدة اربع وعشرين عاما ومعاول هدم امبراطورية أسرة اور لم تنته الا وقد جعلتها اثراً بعد عين. وكان ذلك حوالي عام (2004 ق.م.).
حقيقة انه حاول قدر ما وسعه جهده في الحفاظ على حدود مملكة اسلافه، فاصلح اسوار الحصون عند مدينتي نيبور واور، وعقد زيجة سياسية بين ابنته وحاكم احدى مدن عيلام. في حين قام بتجريد حملة في عامه العاشر لقمع تمرد بعض مدن عيلام بزعامة سوسة المستقلة ونجح في ذلك بعد ما أسر زعيم التمرد، ثم اعقب تلك الحملة باخري في عامه الرابع عشر اكتسح بها ارض انشان.
بيد ان انفصام عرى دولة اور كان حتميا رغم مجهوداته السابقة، ففي عامه الثاني انفصلت عن سلطته مدينة أشنونا وتبعتها في العام التالي مدينة سوسة زعيمة تمرد المدن العيلامية منذ استقلالها. وتوالى بعدها الانهيار عاما بعد الاخر وهو ما نلمسه بتتبع التاريخ بأسماء الاعوام في وثائق تلك المدن، اذ لم تعد هناك اشارة لاسم ايبي سين منذ عامه الثالث بمنطقة بوزريش – داجان، ومن عامه الخامس بمدينة اوما، ومن السادس بمدينة جرسو، ومن الثامن بمدينة نيبور .. وهكذا، حتى عامه العاشر والذي اعلن فيه احد قادته العسكريين المدعون اشبي – ارا سيطرته على نيبور شمال بابل، مؤسسا اسرة جديدة متخذا عاصمة له في مدينة أيسين.
وهذا الموقف الاخير من اشبي ارا وهو من مدينة ماري أصلا – يحتاج إلى وقفة مفصلة لموقفه حيال مليكة. فالرجل قد اوفده مليكة لشراء كمية من الحبوب من مدينتي نفرو ايسين ونقلها إلى مدينة أور. الا ان اشبي ارا ادعى عدم استطاعته تنفيذ المهمة لان المارتو (الاموريين) قد قطعوا خطوات المواصلات المؤدية للعاصمة بعد ما اجتاحوا البلاد، وانهم بصدد مهاجمة ايسين ونفر كذلك.
ولم يكن اشبي ارا في موقفه هذا الا مخادعا لمليكة، اذ ان مدينته ماري كانت من المدن التي باتت تترقب الصراع الوشيك بين الاموريين وحاكم اور دون ان تنحاز لطرف دون الآخر. وهو ما فطن إليه ايبي سين ذاته ونبه إليه قائده في رسالة بالغة الدلالة، تتضمن فحواها ان الاعداء لن يقدروه لو انحاز لهم وانه سيفقد اهدافه وستحجم طموح بعد فترة من الاموريين والعيلاميين الذين لن يتركوه، فضلا عن انليل الذي سينزل عليه غضبه.
بيد انه وحسبما اظهرت الاحداث كانت طموحات اشبي ارا اقوى من تبعيته لمليكه، وكان هذا الاخير بدوره اضعف من استعادة ما سلبه منه قائده. فضلا عن ضياع لارسا من سطوته لصالح الاموريين ليؤسسوا فيها حكمهم على معبده خمس وعشرين ميلا من اور.
وهكذا انحسر نفوذ ايبي سين وامبراطورية اور في العاصمة او نفسها ومجاوراتها القريبة جدا، في الوقت الذي كان فيه خطر العيلاميين يتنامى ليقضي على البقية الباقية من اور وعهد آخر حكامها ايبي سين. ولم تفلح محاولات هذا الاخير الدفاعية او الدبلوماسية في حماية بقايا ملكه، اذ انقض عليه العيلاميون واعملوا في المدينة تحريقا وتقتيلا وعادوا ادراجه إلى بلدهم تاركين حامية صغيرة في أور. كما ساقوا ايبي سين اسيرا إلى عيلام ليموت هناك منهيا بذلك عهد اسرة اور الثالثة نهاية مأساوية ظلت أدبيات السومريين تذكرها عبر السنين من خلال تلك القصيدة التي كتبها احد شعراء سومر وخلد فيها هذه الكارثة الوطنية.
مما لا شك فيه ان امبراطورية اور لم تكن تقل بحال من الاحوال عن امبراطورية اكد. بيد ان امبراطورية اور اعتمدت على تنظيمها الاداري القوي في تثبيت دعائمها. وهو نظام أبقى على نظام الدولة المدينة في جانب وكرس التبعية في جانب آخر. وهو الأمر الذي يمكن معه القول انه حمل في ذاته بذور الانفصال.
كذلك فإن الاهتمام الذي أولاه ملوك اور لصد الخطر التقليدي للمنطقة الشرقية والشمال الشرقي قد جال بأنظارهم بعيدا عن الخطر الوليد في الغرب، وهو خطر الأموريين الذين نجحوا في تقويض دعائم اور عندما سنحت لهم الفرصة في وقت لم تفلح المحاولات السلمية والعسكرية في القضاء على تهديدات المناطق الشرقية. وهكذا سقطت اور بين شقى الرحى.
بيد انه يحسب لهذا العصر المزدهر من تاريخ الرافدين، ذلك الانتعاش الذي شهدته البلاد على كافة الاصعدة ولا سيما الاقتصادية منها والتي انعكست على كافة مناحي الحياة الاخرى الادارية والعسكرية والاجتماعية والفنية.
وعلى اية حال، فبسقوط اور تدخل مسيرة تاريخ الرافدين مرحلة جديدة يمكن ان نطلق عليها مرحلة النقلة بين مملكتي اور وبابل، وهي مرحلة تعاظم فيها دور دويلات المدن المستقلة عن حظيرة نفوذ مملكة اور، مثل ايسين (مارى) ولارسا وأشنونا، حتى بداية حكم مملكة بابل الأولى.