1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : القواعد الفقهية : الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن :

قاعدة « الإتلاف »

المؤلف:  آية اللَّه العظمى الشيخ محمد الفاضل اللنكراني

المصدر:  القواعد الفقهية

الجزء والصفحة:  ص47 - 65.

16-9-2016

464

وهي ... من جملة القواعد الفقهية المشهورة، بل لا خلاف فيها، بل ممّا اتفق عليها الكلّ، بل ربما يقال: إنّها مسلّمة بين جميع فرق المسلمين، بل ربما يدّعى أنّها من ضروريات الدين‏ (1) ، ولكن يجب توجيهه بأنّ المراد كونها من ضروريات الفقه لا من ضروريات الدين حتّى يوجب إنكارها الارتداد والخروج عن الإسلام، وقد نبّهنا مراراً ثبوت الفرق بين ضروريّ الفقه وبين ضروري الدين، وأنّ إنكار الأوّل لا يوجب الارتداد بخلاف الثاني، وعبارة القاعدة بمثل هذا النحو: «من أتلف مال الغير بدون إذن منه فهو له ضامن» والبحث فيها من جهات:

الجهة الاولى‏: في مدرك القاعدة، والظاهر عدم كونها واردة بهذه العبارة في رواية، وإن اشتهر في الألسن: «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» ولكنّ الظاهر أنّه لا يوجد في كتب الحديث.

واستدلّ عليها الشيخ في محكي المبسوط (2) وابن إدريس في محكي السرائر(3) بقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } [البقرة: 194] .

نظراً إلى أنّ إتلاف مال الغير بدون إذنه ورضاه اعتداء عليه، وتعبيره سبحانه وتعالى عن ضمان المثل والقيمة بالاعتداء إنّما هو للمشاكلة التي هي من المحسّنات البديعيّة؛ كقوله تعالى : {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } [الشورى: 40]  ، فالآية تدلّ دلالة واضحة على أنّ «من أتلف مال الغير بدون إذنه ورضاه فهو له ضامن».

ويمكن المناقشة في الاستدلال بالآية تارة: من جهة أنّ عنوان الإتلاف المأخوذ في القاعدة أعمّ من الإتلاف الواقع عن عمد واختيار؛ لأنّ الإتلاف في حال النوم مثلًا يوجب الضمان للقاعدة، مع أنّه يمكن منع تحقّق الاعتداء مع عدم التوجّه والالتفات، فتدبّر. واخرى: من جهة أنّ مفادها جواز الاعتداء بالمماثل بنحو الحكم التكليفي للغير. وأمّا الضمان الذي هو حكم وضعيّ على من صدر عنه الإتلاف- كما هو مفاد القاعدة- فلا دلالة للآية عليه.

وربما يستدلّ عليها بقاعدة «ضمان اليد» المستفادة ممّا رواه في المبسوط (4) عن الحسن، عن سمرة أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال: على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي، وفي بعض النسخ: حتّى تؤدّيه‏ .

وهذه الرواية مرويّة عن طريق الخاصّة أيضاً، نظراً إلى أنّه‏ إذا كان التلف موجباً للضمان فالإتلاف بطريق أولى.

ولكنّ الظاهر- بعد ملاحظة أنّ المراد «باليد» في قاعدة «ضمان اليد» هي اليد العادية أو غير المأذونة، على ما مرّ في قاعدة «عدم ضمان الأمين» المتقدّمة ، وبعد ملاحظة أنّ المراد من «عدم الإذن» في قاعدة الإتلاف عدم الإذن في الإتلاف، لا عدم الإذن في كونه في يد الغير- أنّ النسبة بين الموردين عموم من وجه؛ لافتراق قاعدة «الإتلاف» فيما إذا أتلف مال الغير مع عدم كونه تحت يده بوجه، كما إذا رماه بسهم مثلًا فأتلفه، وفيما إذا أتلف مال الغير مع كون يده عليه بإذن من المالك، كما في صورتي التعدّي والتفريط في الأمانة المالكية ...

وافتراق «قاعدة ضمان اليد» فيما إذا كانت العين في يد الغير مع كونها عادية أو غير مأذونة باقية لم يتحقّق تلفها لها بعد؛ فإنّها تكون حينئذ مضمونة وعلى عهدة ذي اليد، على ما هو مفاد القاعدة، مع عدم شمول «قاعدة الإتلاف» لها بوجه.

و على ما ذكرنا لا مجال لاستفادة حكم المقام من «قاعدة ضمان اليد» إلّا بالإضافة إلى خصوص مادّة الاجتماع، وهو لا يترتّب عليه أثر بعد دلالة «قاعدة ضمان اليد».

وعن الشيخ في المبسوط: روى الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه بن مسعود، عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: حرمة مال المسلم كحرمة دمه‏ (5) ، ورواه الخاصّة أيضاً (6) . ومقتضى عموم التشبيه ثبوت الضمان في إتلاف المال كثبوته في الدم.

وروى الشيخ أيضاً في المبسوط، عن عبد اللَّه بن السائب، عن أبيه، عن‏ جدّه، عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: لا يأخذ أحدكم متاع أخيه جادّاً ولا لاعباً، من أخذ عصا أخيه فليردّها (7).

وفي الاستدلال به- مضافاً إلى ما عرفت من عدم اختصاص مورد القاعدة بما إذا كانت اليد على المال غير مأذونة؛ لشمولها لصورة الإذن، غاية الأمر عدم كون الإتلاف مأذوناً فيه- أنّ غاية مفاده الحكم التكليفي وهو وجوب الردّ. وأمّا الضمان الذي هو حكم وضعي فلا.

وروى في المستدرك عن دعائم الإسلام روايات في هذا الباب:

منها: ما عن أبي عبد اللَّه، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله خطب يوم النحر بمنى في حجّة الوداع وهو على ناقته العضباء، فقال:

أيّها الناس إنّي خشيت أنّي لا ألقاكم بعد موقفي هذا، بعد عامي هذا، فاسمعوا ما أقول لكم وانتفعوا به. ثمّ قال: أيّ يوم أعظم حرمة؟ قالوا هذا اليوم يا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قال: فأيّ الشهور أعظم حرمة؟ قالوا: هذا الشهر يا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قال:

فأيّ بلد أعظم حرمة؟ قالوا: هذا البلد يا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قال: فإنّ حرمة أموالكم عليكم وحرمة دمائكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى أن تلقوا ربّكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم، قال: اللّهمّ اشهد، الحديث‏ (8) .

ومنها: ما عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أيضاً، أ نّه قال في حديث: فمن نال من رجل مسلم شيئاً من عرض أو مال وجب عليه الاستحلال من ذلك والتنصّل من كلّ ما كان منه إليه، وإن كان قد مات فليتنصّل من المال إلى ورثته ، وليتب إلى اللَّه ممّا أتى‏ إليه حتى يطلع اللَّه- عزّ وجلّ- عليه بالنّدم والتوبة والتنصّل، ثمّ قال: ولست آخذ بتأويل الوعيد في أموال الناس ولكنّي أرى أن تؤدّى إليهم إن كانت قائمة في يدي من اغتصبها ويتنصّل إليهم منها، وإن فوّتها المُغتصِب أعطى العوض منها، فإن لم يعرف أهلها تصدّق بها عنهم على الفقراء والمساكين، وتاب إلى اللَّه- عزّ وجلّ- ممّا فعل‏ (9) .

ومنها: ما عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قضى فيمن قتل دابّة عبثاً، أو قطع شجراً، أو أفسد زرعاً، أو هدم بيتاً، أو عوَّر بئراً أو نهراً، أن يغرم قيمة ما أفسد واستهلك، ويضرب جلدات نكالًا، وإن أخطأ ولم يتعمّد ذلك فعليه الغرم ولا حبس عليه ولا أدب، وما أصاب من بهيمة فعليه ما نقص من ثمنها (10) .

ودلالة هذه الروايات وإن كانت مخدوشة بالإضافة إلى أكثرها، إلّا أنّ ملاحظة المجموع- مع الأدلّة المتقدّمة، ومع كون القاعدة متّفقاً عليها- لا تبقي ريباً في ثبوتها ولا شكّاً في تحقّقها، ولأجله لا حاجة إلى التطويل بذكر سائر المدارك، كما لا يخفى.

الجهة الثانية: في بيان المراد من ألفاظ هذه القاعدة، فنقول:

أمّا الإتلاف المضاف إلى المال، فالظاهر أنّ المراد منه هو الإفناء والإهلاك المتعلّق بذات المال، بأن أخرجه عن صفحة الوجود وأفناه بالمرّة بحيث لم يكن هناك شي‏ء يشار إليه بأنّه مال الغير.

وأمّا إذا تعلّق الإفناء لا بذات المال ونفسه، بل بماليّته مع بقاء ذاته؛ كما لو غصب الثلج في الصيف فأبقاه إلى الشتاء، فردّه فيه مع أنّه لا مالية له في الشتاء؛ أي لا يبذل بإزائه المال فيه، فالظاهر عدم شمول القاعدة له؛ سواء كانت بهذه العبارة المعروفة أو بمثل ما في بعض الروايات المتقدّمة من أنّ «حرمة مال المسلم كحرمة دمه»، فإنّ التعبير الثاني أيضاً لا يقتضي الضمان بعد بقاء المال بذاته، وإن عرض له الفناء والهلاك بملاحظة ماليّته، إلّا أن يستفاد حكمه من مثل قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } [البقرة: 194] نظراً إلى أنّ إفناء المالية اعتداء لا محالة.

وأمّا المال المضاف إليه الإتلاف، فالظاهر أنّ المراد به هو المال في الآية الشريفة؛ وهي قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46] .

وهو عبارة عن كلّ شي‏ء يكون مطلوباً ومرغوباً عند الناس لأجل قضاء حوائجهم به، ودخيلًا في معاشهم أو شي‏ء يحصل مطلوبهم به.

فالأوّل: كالمأكولات والمشروبات والملبوسات والمساكن والمراكب ومثلها، من دون فرق بين ما إذا كان من قبيل الجواهر الموجودة لا في موضوع، أو من قبيل الأعراض التي تسمّى‏ في الاصطلاح بالمنافع؛ كركوب الدابّة وسكنى الدّار والتزيّن بالذهب والفضّة والأحجار الكريمة، من دون فرق بين أن يكون الاحتياج إليه نوعاً أو في خصوص بعض الحالات؛ كالأدوية التي يعالج بها المريض، وكالآلات المحتاج إليها في دفن الأموات.

والثاني: كالأوراق الماليّة الموجودة في هذه الأزمنة التي لها دخل في تحصيل ما يرفع الحوائج بها، فإنّها أيضاً مال، غاية الأمر ان ماليّتها امر اعتباري يدور مداره، فمادام الاعتبار مستظهراً به يكون اتصافه بالمالية محفوظاً، وأمّا تعريف المال بأنّه ما يبذل بإزائه المال، فهو وإن كان شاملًا لجميع ما ذكرنا، إلّا أنّه لا خفاء في كونه تعريفاً دوريّاً.

وأمّا الضمان المأخوذ في القاعدة، فحيث يكون المفروض فيها صورة الإتلاف، ويكون مرجع ضمان المال المتلف إلى كونه في عهدته، يجب الخروج عنها بأداء المثل في المثليّات والقيمة في القيميات، ولا مجال للضمان المعاوضي هنا بعد عدم وجود معاوضة في البين، بل الضمان هو الضمان الحقيقي الذي هو عبارة عن ضمان المثل أو القيمة.

وقد عرفت أنّ الضمان في القاعدة مقيّد بصورة عدم الإذن، ومرّ أيضاً أنّ المراد هو عدم الإذن في الإتلاف، من دون فرق بين ما إذا كانت يده على مال الغير على تقدير ثبوت اليد يداً عادية أو غير مأذونة، وبين ما إذا كانت يداً مأذونة؛ كالأمين في صورة التعدّي والتفريط ...

الجهة الثالثة: أنّ الإتلاف قد يكون بالمباشرة، وقد يكون بالتسبيب.

فالأوّل: مثل أن يأكل مال الغير الذي يكون من المأكولات، أو أن يشرب ماله الذي يكون من المشروبات، أو يحرق أثوابه، أو يرمي حيوانه بسهم فيهلكه، وشبه ذلك ممّا يصدر عنه فناء مال الغير وهلاكه عن نفسه وإرادته، من دون وساطة فاعل آخر.

والثاني: عبارة عن كلّ فعل صار سبباً لوقوع التلف، بحيث لو لم يكن لم يتحقّق التلف، ولكنّه لم يكن علّة تامّة ولا جزءاً أخيراً من العلّة التامّة، وعليه:

فهو الذي لا يلزم من وجوده الوجود، ولكن يلزم من عدمه العدم.

لا خفاء في أنّ القدر المتيقّن من مورد القاعدة الذي لا شبهة في ثبوت الضمان فيه هو القسم الأوّل الذي يكون الإتلاف فيه بالمباشرة.

وأمّا القسم الثاني: فقد ادّعى في محكي الجواهر نفي الخلاف فيه‏ (11) ، بل ربما يقال بأنّه يمكن تحصيل الإجماع على كونه موجباً للضمان، ولكن لابدّ من ملاحظة الأخبار بعد إمكان القول بكفاية التسبيب في صحّة اسناد الإتلاف فإنّه إذا فرض أنّ مع عدمه لم يكن يتحقّق التلف بوجه، والمفروض كونه فعله من دون واسطة يتحقّق الإتلاف الحقيقي المضاف إلى من تحقّق منه الإتلاف بالتسبيب، فتدبّر؛ فإنّ ذلك لا يتمّ في جميع موارد التسبيب كما سيأتي.

أمّا الرّوايات:

فمنها: صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الشي‏ء يوضع على الطّريق فتمرّ الدابّة فتنفر بصاحبها فتعقره؟ فقال: كلّ شي‏ء يضرّ بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه‏ (12) .

ومنها: صحيحة زرارة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قلت له: رجل حفر بئراً في غير ملكه، فمرّ عليها رجل فوقع فيها، فقال عليه السلام: عليه الضمان؛ لأنّ كلّ من حفر في غير ملكه كان عليه الضّمان‏ (13) .

ومنها: موثقة سماعة قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يحفر البئر في داره أو في ملكه (أرضه)؟ فقال: ما كان حفر في داره أو في ملكه فليس عليه ضمان، وما حفر في الطريق أو في غير ملكه فهو ضامن لما يسقط فيها (14) .

ومنها: رواية السكوني، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: من أخرج ميزاباً، أو كنيفاً، أو أوتد وتداً، أو أوثق دابّة، أو حفر شيئاً في طريق‏ المسلمين، فأصاب شيئاً فعطب فهو له ضامن‏ (15) .

ومنها: غير ذلك من الروايات الكثيرة الدالّة على ضمان المسبّب- بالكسر- مثل المباشر للإتلاف، التي وردت جملة منها في شاهدي الزور اللذين شهدا بالقتل، فقتل المشهود عليه بسبب هذه الشهادة، ثمّ رجعا عنها، ومفادها: أنّه إن قالا بالخطأ فعليهما الدية، وإن قالا بتعمّد الكذب فعليهما القصاص‏ (16) .

ثمّ إنّ مقتضى أكثر الروايات المتقدّمة انحصار الحكم بالضّمان بما إذا أضرّ بطريق المسلمين، أو حفر البئر في غير ملكه، فلا ضمان فيما إذا حفر بئراً في ملكه فوقع فيها أحد فهلك، وإن كانت السببيّة موجودة في هذه الصورة؛ لأنّه لو لم يحفر البئر لم يتحقّق الوقوع، فلا يتحقّق الهلاك بوجه، كما أنّ مقتضى إطلاق الروايات عدم الفرق بين ما إذا قصد موجد السبب لترتب المسبّب ووقوعه عقيبه، وبين ما إذا لم يقصد ذلك، بل وبين ما إذا كان بقصد عدم الوقوع وبرجاء العدم.

ومنه يظهر الفرق بين ما إذا كان المدرك في هذه الجهة هي الرّوايات، وبين ما إذا كان هو الإجماع؛ فإنّه على التقدير الثاني يكون القدر المتيقّن من معقده هي صورة قصد موجد السبب لترتّب المسبّب وتحقّقه عقيبه، كما أنّ القدر المتيقّن من معقده هو ما إذا كان مثل حفر البئر في غير ملكه، وقد عرفت مراراً أنّه لا أصالة للإجماع مع وجود نصّ معتبر في معقده، فالدليل هي الرّوايات.

وظهر أيضاً عدم انطباقها على جميع موارد السبب؛ لاختصاص الحكم بالضمان فيها بما ذكر، هذا كلّه فيما إذا كان هناك السبب فقط.

في اجتماع السبب والمباشر :

لو اجتمع السبب والمباشر، فهل الضمان على الأوّل، أو على الثاني، أو على كليهما بالاشتراك؟ وجوه واحتمالات.

قال المحقّق في الشرائع: إذا اجتمع السبب والمباشر قدّم المباشر في الضمان على ذي السبب، كمن حفر بئراً في ملك غيره عدواناً، فدفع غيره فيها إنساناً، فضمان ما يجنيه الدفع على الدّافع‏ (17) .

وقد ادّعي عدم الخلاف (18) بل الإجماع عليه‏ (19) ، بل ربما يقال: إنّ تقديم المباشر على السّبب عندهم من المسلّمات.

أقول: الظاهر وضوح تقديم المباشر في الضمان على ذي السبب في الفرع المذكور في كلام المحقّق؛ لظهور استناد الإتلاف فيه إلى خصوص المباشر، وكون السبب من المعدّات التي لا توجب الضمان مع صدور الإتلاف من الفاعل المختار، والّا كان صانع السيف ضامناً إذا قتل به المباشر.

كما أنّه ربما ينعكس الأمر ويكون الاستناد إلى ذي السبب واضحاً بحيث لا مجال للاستناد إلى المباشر، كما في شاهدي الزور في باب القتل، فإنّ القتل يستند إليهما عرفاً لا إلى الحاكم أو من يأتمر بأمره المباشر لصدور القتل، كما لا يخفى، فاللازم فرض الكلام في غير مثل هذين الموردين.

فنقول: ذكر المحقّق البجنوردي قدس سره في قواعده الفقهيّة في هذه الجهة تفصيلًا، خلاصته: أنّه إذا كان المباشر فاعلًا مختاراً عاقلًا، وكان ملتفتاً إلى أنّ عمله هذا يترتّب عليه التلف، فلا شك في اختصاصه بكونه ضامناً، وأمّا إذا لم يكن المباشر ذا إرادة وشعور، فالضمان على ذي السبب؛ كمن أجّج ناراً في غير ملكه فنشرتها الريح، فأصابت النار مال غيره فاحترق، فالضمان على ذي السبب؛ لأنّه المتلف حقيقة.

وأمّا إن كان عاقلًا مختاراً في فعله، ولكنّه لا يعلم بأنّ فعله هذا يترتّب عليه التلف، فإن لم يكن مغروراً ولا مكرهاً فالضمان على المباشر؛ لأنّه لا فرق في جريان قاعدة الإتلاف بين صورة العلم بترتّب التلف على فعله، وبين صورة عدم العلم؛ لأنّ الموضوع للحكم بالضمان هو مطلق الإتلاف، وأمّا لو كان مغروراً كالممرّض الجاهل، فهو وان كان ضامناً لأجل قاعدة الإتلاف، لكنّه يرجع إلى الغارّ لقاعدة الغرور، من دون فرق بين صورة علم الغارّ وصورة جهله.

وأمّا إذا كان مكرهاً فليس عليه ضمان إذا كان الإكراه في غير الدّماء، فإذا اكره على الدفع في البئر فمات، فإن كان الدفع في البئر من الاسباب العادية للموت، فالدافع ضامن، لأنّه لا تقية في الدّماء، وإذا اكره على إتلاف مال الغير فالضمان على المكره- بالكسر- لا على المكره- بالفتح- لأنّ السبب هنا أقوى من المباشر؛ لأنّ المباشر وإن كان فاعلًا ولكنّه ليس بمختار، ولذلك نقول ببطلان معاملات المكره- بالفتح- والعرف والعقلاء ينسبون الفعل إلى المكره- بالكسر- ويسندونه إليه، كما أنّه لو أمر المكره خدّامه وغلمانه الذين يخافون من مخالفته بهدم دار شخص، لا ينسب هدم الدار عند العرف إلّا إلى ذلك المكره‏ (20) .

وهذا التفصيل وإن كان في غاية المتانة، إلّا أنّ الوجه لعدم ثبوت الضمان في صورة الإكراه ليس ما أفاده من عدم شمول قاعدة الإتلاف، وعدم استناده إلى المكره- بالفتح- ضرورة أ نّ شرب الخمر ولو كان عن إكراه لا يسند إلّا إلى الشارب المكره لا إلى المكره، بحيث يترتّب على إكراهه حدّ شرب الخمر، فالشارب هو المكره- بالفتح- لكن حديث رفع الإكراه‏ (21) بمقتضى حكومته على دليل الحرمة وعلى دليل ترتّب الحدّ، يرفع كلا الأمرين، وفي المقام أيضاً مقتضى قاعدة الإتلاف ثبوت الضمان على المكره المتلف، لكن دليل رفع الإكراه يرفع الحكم الوضعي كما يرفع الحكم التكليفي.

وممّا ذكرنا يظهر أنّ بطلان معاملات المكره ليس لأجل عدم صدور المعاملة منه، وعدم استناد المعاملة إليه، بل لأجل اعتبار طيب النفس في المعاملة، وهو لا يجتمع مع الإكراه بوجه، كما أنّ إسناد هدم الدار إلى المكره في المثال ليس لأجل الإكراه، بل لأجل كون الخدّام والغلمان بمنزلة الأدوات والآلات، فتدبّر. ولكن مقتضى ما ذكرنا في الإكراه، عدم ثبوت الضمان عليه أيضاً؛ لعدم استناد الإتلاف إليه، فالمكره- بالفتح- لا يكون ضامناً؛ لاقتضاء حديث رفع الإكراه لعدم ضمانه، والمكره- بالكسر- لا يكون ضامناً؛ لعدم استناد الإتلاف إليه، بل هو فعل اختياري صادر عن المكره، وإن كان صدوره لأجل الإكراه.

ولا مجال لدعوى عدم تحقّق الضمان في صورة الإكراه أصلًا بعد تحقّق إتلاف مال الغير وسببيته للضّمان، ولأجله يشكل الحكم في باب الإكراه.

ثم إنّه لابدّ في توضيح هذا التفصيل من بيان أنّ مسألة شاهدي الزور التي حكم فيها بضمانهما مع كون المباشر للقتل هو الحاكم أو من يأتمر بأمره من الفاعل المختار، تكون من مصاديق الغرور، فقرار الضمان فيها على الغارّ وهو الشاهدان، كما لا يخفى.

ثمّ إنّ في هذه المسألة- وهي مسألة اجتماع السبب والمباشر- فروعاً كثيرة مذكورة في الكتب الفقهية، وقد وقع في بعضها الاختلاف من جهة كون الضمان على السبب أو على المباشر، ولا بأس بالتعرض لجملة منها:

منها: أنّه قال في الشرائع: لو ألقى صبيّاً في مسبعة، أو حيواناً يضعف عن الفرار، ضمن لو قتله السّبع‏ (22) ، وذكر الصبي بقرينة توصيف الحيوان بأنّه يضعف عن الفرار، إنّما هو لعدم قدرته على الفرار نوعاً، لا لخصوصية فيه غير هذه الجهة، ضرورة أنّه لا فرق في الحرّ بين الصغير والكبير، وعلى ما ذكرنا فمنشأ الحكم بالضمان في هذا الفرع هي قاعدة الإتلاف المبحوث عنها في المقام، ونظر المحقّق قدس سره إلى أنّ الإتلاف- مع فرض ضعف الصبي والحيوان عن الفرار، وكون المباشر للقتل هو السبع الذي لا معنى لثبوت الضمان عليه- يستند إلى الإنسان الملقي، فهو القاتل عن عمد واختيار، ويترتّب على عمله القصاص مع إلقاء الصبي، وضمان القيمة مع إلقاء الحيوان، فمنشأ هذا الحكم هو أقوائية السبب من المباشر، وثبوت الضمان على السبب.

ومنها: ما ذكر في الشرائع أيضاً من أنّه لو غصب شاة فمات ولدها جوعاً، ففي الضمان تردّد، وكذا لو حبس مالكَ الماشية عن حراستها فاتّفق تلفها، وكذا التردّد لو غصب دابّة فتبعها الولد (22) ، والفتاوى فيه مختلفة؛ فبعضهم يحكم بالضمان‏ (23)، وبعضهم يحكم بالعدم‏ (24) ، وصاحب الشرائع يتردّد.

ربما يقال- بعد أنّه لا دليل على ضمان التسبيب بعنوانه-: إنّه لابدّ من ملاحظة العناوين التي اخذت موضوعاً للحكم بالضمان في الرّوايات المتقدّمة، وهي ثلاثة :

أحدها: عنوان «كلّ شي‏ء يضرّ بطريق المسلمين»، وهذا العنوان غير متحقّق في شي‏ء من هذه الموارد، إلّا أن يقال: إنّه لا خصوصيّة للطريق، بل المناط هو الإضرار بالمسلمين، وهو غير معلوم، خصوصاً مع الإضافة إلى المسلمين وعدم اختصاص القاعدة بهم.

ثانيها: عنوان «من حفر بئراً في الطريق أو في ملك غيره»، وهذا أيضاً غير متحقّق في المقام، إلّا أن يقال: إنّه لا خصوصية لحفر البئر، بل المراد إيجاد ما هو سبب تلف مال الغير في العادة، مع وقوع التلف فعلًا وترتّبه على السّبب.

ثالثها: ما جعل موضوعاً للضمان من الامور الخمسة في خبر السكوني المتقدّم، مثل إخراج الميزاب أو الكنيف، ويستظهر منه قاعدة كلّية؛ وهي: أنّ كلّ فعل صدر من فاعل عاقل مختار، وكان سبباً في العادة لوقوع تلف في مال المسلمين أو في أنفسهم، ولم يتوسّط بين ذلك الفعل والتلف فعل فاعل عاقل عن عمد واختيار، بحيث يكون التلف مستنداً إليه عند العرف والعقلاء، فهو- أي فاعل السبب- ضامن، وهذا استظهار لا قياس.

وعليه: يكون الحكم في الموارد الثلاثة هو الضمان، إلّا أن يناقش في سند هذه الرواية؛ لاشتراك السكوني بين من هو موثوق به، إن كان المراد به إسماعيل بن مهران، وغير موثوق، إن كان المراد به هو إسماعيل بن أبي زياد؛ فإنّه عامي (25) .

أقول: الظاهر أنّه لا اختلاف بين العنوان الثالث المذكور في خبر السكوني مع العنوان الأوّل؛ فإنّ الامور الخمسة في خبر السكوني مقيّدة بالوقوع في طريق المسلمين؛ ضرورة أنّ قوله صلى الله عليه و آله: «في طريق المسلمين»- بعد الأمر الخامس- متعلّق بجميع الامور الخمسة، لا بخصوص الأمر الخامس، وعليه: فيتّحد العنوانان، وقد اعترف بأنّه لا مجال لنفي الخصوصية عن الطريق، خصوصاً بعد ما أضفنا إليه من الإضافة إلى المسلمين، وعدم اختصاص القاعدة بخصوصهم، فهذان العنوانان المتحدان لا ينطبقان على المقام بوجه.

وأمّا العنوان الثاني، فبعد عدم انطباقه بنفسه على المقام، لابدّ في الحكم بالضمان من التوسّل إلى دعوى أنّه لا خصوصية لحفر البئر المذكور في دليله، ولا مجال لهذه الدعوى. أمّا في صورة حفر البئر في الطريق، فلما عرفت من أنّه لا وجه لإلغاء خصوصية الطريق. وأمّا في صورة حفر البئر في ملك الغير؛ فلأ نّه لا وجه لإلغاء الخصوصية منه؛ فإنّه لو فرض أن أوثق دابّته في ملك الغير فتحقّق بسببه تلف مال أو نفس، هل يمكن الالتزام بالضمان فيه؟ فالإنصاف أنّ في الضمان في المقام تردّداً كما في الشرائع. الّا أن يقال بعدم اختصاص كون العناوين المأخوذة في الروايات موضوعةً للحكم بالضمان بالعناوين الثلاثة المذكورة في كلام القائل؛ فإنّه حكم فيها بضمان مثل شاهدي الزور أيضاً، ويمكن أن يقال بأنّه لا فرق بينهما وبين المقام؛ فكما أنّ شهادتهما صارت موجبة لقتل المشهود عليه، كذلك غصب الشاة مثلًا صار سبباً لموت ولدها، وعليه فيمكن استفادة الحكم بالضمان في المقام ممّا ورد في شاهدي الزور، فتدبّر.

ومنها: ما قاله في الشرائع أيضاً: من أنّه لو فكّ القيد عن الدابّة فشردت، أو عن العبد المجنون فأبق؛ ضمن؛ لأنّه فعل يُقصد به الإتلاف، وكذا لو فتح قفصاً عن طائر فطار، مبادراً أو بعد مكث‏ (26) .

ولعلّ الوجه في الضمان فيه أولويته من الضمان في شاهدي الزور؛ فإنّه قد تحقّق فيه مباشرة القتل بفعل فاعل مختارِ، ولكن حكم فيه بضمان السبب، وفي مثل المقام لم يتوسط بين فكّ القيد وفتح القفص فعل فاعل عاقل عن عمد واختيار، بل كان‏ الفاعل حيواناً، خصوصاً إذا كان وحشيّاً أو عبداً مجنوناً، فالضمان في المقام أولى.

ومنها: ما في الشرائع أيضاً: من أنّه لو فتح باباً على مال فسرق، أو أزال القيد عن عبد عاقل فأبق، وكذا لو دلّ السارق على مال فسرق، فلا ضمان في الجميع‏ (27) . وحكى في الجواهر (28) عن العلّامة في الإرشاد (29) القول بالضمان فيما لو دلّ السارق، والظاهر أنّه لم يوافقه فيه أحد.

والوجه في عدم الضمان عدم استناد السرقة في المثالين، وكذا الإباق، إلّا إلى الفاعل العاقل المباشر عن عمد واختيار، ولا يستندان إلى الفاتح والدالّ ومزيل القيد بوجه، فلا مجال للحكم بالضمان بالإضافة إليهم.

ثم إنّ في الشرائع‏ (30) وكذا في الجواهر (31) فروعاً كثيرة اخرى يظهر حكمها ممّا تقدّم، هذا كلّه فيما إذا كان السّبب واحداً. وأمّا إذا كان السبب متعدّداً، فإن كانا أو كانوا في عرض واحد من دون ترتّب وطوليّة، ففي موارد الحكم بضمان السبب يشتركان أو يشتركوا في الضمان، فإذا حفر جماعة بئراً في طريق المسلمين، فوقع فيها دابّة مثلًا، يشتركون في ضمانها، وإذا كان هناك ترتّب وتقدّم وتأخّر، فمقتضى ثبوت الضمان على السبب ثبوته على أوّل السببين أو الأسباب؛ لعين ما دلّ على ثبوته على أصل السّبب، فلو حفر زيد بئراً في الطريق، ووضع عمرو حجراً على حافّة تلك البئر، فشردت دابّة بسبب ذلك الحجر ووقعت في البئر، فالضمان على الحافر دون واضع الحجر، كما لا يخفى.

هذا تمام الكلام في قاعدة الإتلاف.

___________________

( 1) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 2/ 25.

( 2) المبسوط: 3/ 60.

( 3) السرائر: 2/ 480.

( 4) المبسوط: 3/ 59.

( 5) المبسوط: 3/ 59، مسند أبي‏ يعلي الموصلي: 4/ 380 ذ ح 5097، سنن الدار قطني: 3/ 23 ح 2865، حلية الأولياء: 7/ 334، كنز العمال: 1/ 93 ح 404، مختصر زوائد مسند البزّار: 1/ 541 ح 948.

( 6) أمالي الطوسي: 537 قطعة من ح 1162، وعنه وسائل الشيعة: 12/ 281 كتاب الحج، أبواب العشرة ب 152 ح 9.

( 1) المبسوط: 3/ 59، سنن الترمذي: 4/ 462 ح 2165، السنن الكبرى‏ للبيهقي: 8/ 505 ح 11739، شرح السنة: 10/ 264 ح 2572، كنز العمال: 10/ 367 ح 30341.

( 7) دعائم الإسلام: 2/ 484 ح 1729، وعنه مستدرك الوسائل: 17/ 87، كتاب الغصب ب 1 ح 1.

( 8) دعائم الإسلام: 2/ 485 ح 1731، وعنه مستدرك الوسائل: 17/ 87، كتاب الغصب ب 1 ح 2.

( 9) دعائم الإسلام: 2/ 424 ح 1476، وعنه مستدرك الوسائل: 17/ 95، كتاب الغصب ب 9 ح 6.

( 10) جواهر الكلام: 37/ 46.

( 11) الكافي: 7/ 349 ح 2، تهذيب الأحكام: 10/ 223 ح 878، الفقيه: 4/ 115 ح 396، وعنها وسائل الشيعة 29/ 243، كتاب الديات، أبواب موجبات الضمان ب 9 ح 1.

( 12) الكافي: 7/ 350 ح 7، تهذيب الأحكام: 10/ 230 ح 907، وعنهما وسائل الشيعة: 29/ 241، كتاب الديات، أبواب موجبات الضمان ب 8 ح 1.

( 13) الكافي: 7/ 350 ح 4 و ص 349 ح 1، تهذيب الأحكام: 10/ 229- 230 ح 903 و 904، الفقيه: 4/ 114 ح 390، وعنها وسائل الشيعة: 29/ 241- 242، كتاب الديات، أبواب موجبات الضمان ب 8 ح 3.

( 14) الكافي: 7/ 350 ح 8، تهذيب الأحكام: 10/ 230 ح 908، الفقيه: 4/ 114 ح 392، وعنها وسائل الشيعة: 29/ 245، كتاب الديات، أبواب موجبات الضمان ب 11 ح 1.

( 15) يراجع وسائل الشيعة: 29/ 128- 130، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس ب 63 و 64، ومستدرك الوسائل: 18/ 256، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس ب 52.

( 16) شرائع الإسلام: 3/ 237.

( 17) جواهر الكلام: 37/ 54.

( 18) كشف اللثام: 11/ 279، مجمع الفائدة والبرهان: 10/ 501، رياض المسائل: 14/ 236.

( 19) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 2/ 35- 36.

( 20) الكافي: 2/ 462 ح 1 و 2، التوحيد: 353 ح 24، الخصال: 417 ح 9، الفقيه: 1/ 36 ح 132، وعنهاوسائل الشيعة: 7/ 293، كتاب الصلاة، أبواب قواطع الصلاة ب 37 ح 2، و ج 8/ 249، كتاب الصلاة، أبواب الخلل ب 30 ح 2، و ج 15/ 369، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس ب 56 ح 1- 3.

( 21) شرائع الإسلام: 3/ 237.

( 22) شرائع الإسلام: 3/ 237- 238.

( 23) الدروس الشرعية: 3/ 107، الروضة البهية: 7/ 25، حاشية الإرشاد( المطبوع مع غاية المراد): 2/ 393.

( 24) مسالك الأفهام: 12/ 169.

( 25) القائل هو المحقّق البجنوردي في قواعده الفقهيّة: 2/ 38- 39.

( 26) شرائع الإسلام: 3/ 238.

( 27) شرائع الإسلام: 3/ 238.

( 28) جواهر الكلام: 37/ 68.

( 29) إرشاد الأذهان: 1/ 444.

( 30) شرائع الإسلام: 3/ 238.

( 31) جواهر الكلام: 37/ 69- 71.