المسائل الفقهية
التقليد
الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
التحنيط
التشييع
التكفين
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الميت
الغسل
مسائل تتعلق باحكام الاموات
أحكام الخلوة
أقسام المياه وأحكامها
الاستحاضة
الاغسال
الانية واحكامها
التيمم (مسائل فقهية)
احكام التيمم
شروط التيمم ومسوغاته
كيفية التيمم
مايتيمم به
الجنابة
سبب الجنابة
مايحرم ويكره للجُنب
مسائل متفرقة في غسل الجنابة
مستحبات غسل الجنابة
واجبات غسل الجنابة
الحيض
الطهارة من الخبث
احكام النجاسة
الاعيان النجسة
النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة
كيفية سراية النجاسة الى الملاقي
المطهرات
النفاس
الوضوء
الخلل
سنن الوضوء
شرائط الوضوء
كيفية الوضوء واحكامه
مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء
مستمر الحدث
نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء
وضوء الجبيرة واحكامها
مسائل في احكام الطهارة
الصلاة
مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)
الستر والساتر (مسائل فقهية)
القبلة (مسائل فقهية)
اوقات الصلاة (مسائل فقهية)
مكان المصلي (مسائل فقهية)
افعال الصلاة (مسائل فقهية)
الاذان والاقامة (مسائل فقهية)
الترتيب (مسائل فقهية)
التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)
التسليم (مسائل فقهية)
التشهد(مسائل فقهية)
التعقيب (مسائل فقهية)
الركوع (مسائل فقهية)
السجود(مسائل فقهية)
القراءة (مسائل فقهية)
القنوت (مسائل فقهية)
القيام (مسائل فقهية)
الموالاة(مسائل فقهية)
النية (مسائل فقهية)
تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)
منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)
الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)
الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)
الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)
صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)
صلاة الايات (مسائل فقهية)
صلاة الجمعة (مسائل فقهية)
صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)
صلاة العيدين (مسائل فقهية)
صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)
صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)
صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)
صلوات اخرى(مسائل فقهية)
نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)
المساجد واحكامها(مسائل فقهية)
اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)
اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)
صلاة الجماعة (مسائل فقهية)
صلاة القضاء(مسائل فقهية)
صلاة المسافر(مسائل فقهية)
صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)
مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)
الصوم
احكام متفرقة في الصوم
المفطرات
النية في الصوم
ترخيص الافطار
ثبوت شهر رمضان
شروط الصوم
قضاء شهر رمضان
كفارة الصوم
الاعتكاف
الاعتكاف وشرائطه
تروك الاعتكاف
مسائل في الاعتكاف
الحج والعمرة
شرائط الحج
انواع الحج واحكامه
الوقوف بعرفة والمزدلفة
النيابة والاستئجار
المواقيت
العمرة واحكامها
الطواف والسعي والتقصير
الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
الاحرام والمحرم والحرم
اعمال منى ومناسكها
احكام عامة
الصد والحصر*
الجهاد
احكام الاسارى
الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها
الامان
الجهاد في الاشهر الحرم
الطوائف الذين يجب قتالهم
الغنائم
المرابطة
المهادنة
اهل الذمة
وجوب الجهاد و شرائطه
مسائل في احكام الجهاد
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما
اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخمس
مايجب فيه الخمس
مسائل في احكام الخمس
مستحق الخمس ومصرفه
الزكاة
اصناف المستحقين
اوصاف المستحقين
زكاة الفطرة
مسائل في زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت اخراج زكاة الفطرة
شرائط وجوب الزكاة
ماتكون فيه الزكاة
الانعام الثلاثة
الغلات الاربع
النقدين
مال التجارة
مسائل في احكام الزكاة
احكام عامة
علم اصول الفقه
تاريخ علم اصول الفقه
تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية
المباحث اللفظية
المباحث العقلية
الاصول العملية
الاحتياط
الاستصحاب
البراءة
التخيير
مباحث الحجة
تعارض الادلة
المصطلحات الاصولية
حرف الالف
حرف التاء
حرف الحاء
حرف الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
القواعد الفقهية
مقالات حول القواعد الفقهية
اخذ الاجرة على الواجبات
اقرار العقلاء
الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن
الإحسان
الاشتراك - الاشتراك في التكاليف
الاعانة على الاثم و العدوان
الاعراض - الاعراض عن الملك
الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض
الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين
البناء على الاكثر
البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر
التقية
التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له
الجب - الاسلام يجب عما قبله
الحيازة - من حاز ملك
الزعيم غارم
السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق
السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم
الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد
الصحة - اصالة الصحة
الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر
العقود تابعة للقصود
الغرور - المغرور يرجع الى من غره
الفراغ و التجاوز
القرعة
المؤمنون عند شروطهم
الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور
الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها
الولد للفراش
أمارية اليد - اليد
انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة
بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه
تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه
حجية البينة
حجية الضن في الصلاة
حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة
حجية قول ذي اليد
حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل
عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية
على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد
قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم
قاعدة التسامح في ادلة السنن
قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم
لا تعاد
لا حرج - نفي العسر و الحرج
لا ربا في ما يكال او يوزن
لا شك في النافلة
لا شك لكثير الشك
لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر
لا ضرر ولا ضرار
ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
مشروعية عبادات الصبي وعدمها
من ملك شيئا ملك الاقرار به
نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس
نفي السبيل للكافر على المسلمين
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
قواعد فقهية متفرقة
المصطلحات الفقهية
حرف الألف
حرف الباء
حرف التاء
حرف الثاء
حرف الجيم
حرف الحاء
حرفق الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
الفقه المقارن
كتاب الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الاموات
الغسل
الكفن
التشييع
احكام التخلي
استقبال القبلة و استدبارها
مستحبات و ومكروهات التخلي
الاستنجاء
الاعيان النجسة
البول والغائط
الخمر
الدم
الكافر
الكلب والخنزير
المني
الميتة
احكام المياه
الوضوء
احكام الوضوء
النية
سنن الوضوء
غسل الوجه
غسل اليدين
مسح الرأس
مسح القدمين
نواقض الوضوء
المطهرات
الشمس
الماء
الجبيرة
التيمم
احكام عامة في الطهارة
احكام النجاسة
الحيض و الاستحاظة و النفاس
احكام الحيض
احكام النفاس
احكام الاستحاضة
الاغسال المستحبة
غسل الجنابة واحكامها
كتاب الصلاة
احكام السهو والخلل في الصلاة
احكام الصلاة
احكام المساجد
افعال الصلاة
الاذان والاقامة
التسليم
التشهد
الركوع
السجود
القراءة
القنوت
القيام
النية
تكبيرة الاحرام
سجدة السهو
الستر والساتر
الصلوات الواجبة والمندوبة
صلاة الاحتياط
صلاة الاستسقاء
صلاة الايات
صلاة الجماعة
صلاة الجمعة
صلاة الخوف
صلاة العيدين
صلاة القضاء
صلاة الليل
صلاة المسافر
صلاة النافلة
صلاة النذر
القبلة
اوقات الفرائض
مستحبات الصلاة
مكان المصلي
منافيات الصلاة
كتاب الزكاة
احكام الزكاة
ماتجب فيه الزكاة
زكاة النقدين
زكاة مال التجارة
زكاة الغلات الاربعة
زكاة الانعام الثلاثة
شروط الزكاة
زكاة الفطرة
احكام زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت وجوب زكاة الفطرة
اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم
كتاب الصوم
احكام الصوم
احكام الكفارة
اقسام الصوم
الصوم المندوب
شرائط صحة الصوم
قضاء الصوم
كيفية ثبوت الهلال
نية الصوم
مستحبات ومكروهات الصوم
كتاب الحج والعمرة
احرام الصبي والعبد
احكام الحج
دخول مكة واعمالها
احكام الطواف والسعي والتقصير
التلبية
المواقيت
الصد والحصر
اعمال منى ومناسكها
احكام الرمي
احكام الهدي والاضحية
الحلق والتقصير
مسائل متفرقة
النيابة والاستئجار
الوقوف بعرفة والمزدلفة
انواع الحج واحكامه
احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم
العمرة واحكامها
شرائط وجوب الحج
كتاب الاعتكاف
كتاب الخمس
مقتضى الأصل الثانوي في المتعارضين (أخبار التعادل)
المؤلف: ناصر مكارم الشيرازي
المصدر: أنوَار الاُصُول
الجزء والصفحة: ج 3 ص 475.
1-9-2016
886
لا شكّ في انتقاض الأصل الأوّلي (أصالة التساقط في الدليلين المتعارضين) في الأخبار المتعارضة، فقد قام الدليل فيها على عدم سقوط كليهما عن الحجّية، والكلام فيه يقع في مقامين:
1 ـ في أخبار التعادل وحكم الخبرين المتعارضين بعد التعادل والتكافؤ.
2 ـ في أخبار التراجيح ولزوم أعمال المرجّحات قبل أن تصل النوبة إلى التعادل والتكافؤ.
المقام الأوّل: في أخبار التعادل
فالأخبار الواردة في هذا المجال على طوائف خمسة:
1 ـ ما تدلّ على أنّ الحكم هو التخيير.
2 ـ ما تدلّ على لزوم العمل بأحوط الخبرين.
3 ـ ما تدلّ على لزوم العمل بالاحتياط مطلقاً، أي بأحوط الاحتمالات الجارية في المسألة لا بأحوط الخبرين.
4 ـ ما تدلّ على لزوم الأخذ بالأحدث من الخبرين.
5 ـ ما تدلّ على لزوم التوقّف والإرجاء إلى لقاء الحجّة(عليه السلام).
أخبار التخيير:
أمّا الطائفة الاُولى: فهى روايات كثيرة:
1 ـ ما رواه الحسن بن الجهم عن الرضا(عليه السلام) قال: قلت له: «تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة فقال: ما جاءك عنّا فقس على كتاب الله عزّوجلّ ... قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحقّ، قال: فإذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت»(1).
2 ـ ما رواه الحارث بن المغيرة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلّهم ثقة فموسّع عليك حتّى ترى القائم(عليه السلام) فتردّ إليه»(2).
ودلالة هاتين الروايتين تامّة على المقصود وإن أُورد على سندهما بالإرسال.
3 ـ ما رواه علي بن مهزيار قال: «قرأت في كتاب لعبدالله بن محمّد إلى أبي الحسن(عليه السلام)اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبدالله (عليه السلام) في ركعتي الفجر في السفر، فروى بعضهم صلّها في المحمل، وروى بعضهم لا تصلّها إلاّ على الأرض فوقّع(عليه السلام): موسّع عليك بأيّة عملت»(3).
ولكن يرد عليه: بأنّ مورده هو التخيير في نافلة الفجر المستحبّة فيحمل على التخيير
بين مراتب الفضيلة فلا يمكن التعدّي عنه إلى الواجبات، لأنّ حكم المتعارضين في المستحبّات غير حكمهما في الواجبات كما مرّ.
4 ـ ما رواه الطبرسي في الإحتجاج في جواب مكاتبة محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري إلى صاحب الزمان(عليه السلام)وهو(4) ما مرّ ذكره سابقاً من رواية التكبير حين الانتقال من حالة إلى حالة اُخرى، ولكن قد مرّ أنّ مورده أيضاً هو التخيير في المستحبّات.
5 ـ مرسلة الكليني حيث قال: وفي رواية اُخرى: «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك»(5). ولكن لعلّها مأخوذة من الروايات السابقة.
6 ـ معتبرة سماعة عن أبي عبدالله قال: «سألته عن رجل اختلف فيه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه: أحدهما يأمر بالأخر والآخر ينهاه، كيف يصنع؟ قال(عليه السلام): يرجئه حتّى يلقى من يخبره، فهو في سعة حتّى يلقاه»(6).
وهى أيضاً قابلة للمناقشة حيث إنّ دلالتها على المطلوب مبنيّة على أن يكون المراد من «سعة» فيها هو التخيير مع أنّه يحتمل أن يكون المراد منها الرجوع إلى الأصل، أي البراءة.
لا يقال: إنّها مغيّاة بملاقاة الإمام فتكون الرواية مختصّة بعصر الحضور، لأنّا نقول: إنّ عصر الغيبة أولى بالسعة لعدم إمكان الوصول إلى قول المعصوم(عليه السلام).
7 ـ ما رواه أحمد بن الحسن الميثمي: «أنّه سأل الرضا(عليه السلام) يوماً ... إلى أن قال: وبأيّهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والإتّباع ...»(7).
ولكن موردها أيضاً المستحبّات حيث ورد قبل الفقرة المذكورة: «وما كان في السنّة نهي إعافة أو كراهة ثمّ كان الخبر الأخير خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكره ولم يحرّمه، فذلك الذي يسع الأخذ بها جميعاً وبأيّهما شئت ...».
8 ـ ما رواه في عوالي اللئالي عن العلاّمة بقوله: «وروى العلاّمة مرفوعاً إلى زرارة بن أعين قال: سألت الباقر (عليه السلام) فقلت: جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان
فبأيّهما آخذ؟ فقال: يا زرارة ... فقلت أنّهما معاً موافقان للإحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع؟ فقال(عليه السلام): إذن فتخيّر أحدهما وتأخذ به وتدع الآخر»(8).
وهذه الرواية صريحة الدلالة على المقصود.
فقد ظهر إلى هنا أنّ التامّ دلالة من هذه الثمانية إنّما هو الأوّل والثاني، والثامن فيبلغ ما دلّ على التخيير إلى حدّ التظافر وإن لم يبلغ إلى حدّ التواتر كما ادّعاه الشيخ الأعظم، مضافاً إلى تأييدها بمرسلة الكليني وغيرها خصوصاً بعد ملاحظة ما صرّح به في ديباجة الكافي حيث قال: «... ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه إلى العالم (عليه السلام)وقبول ما وسّع من الأمر فيه بقوله(عليه السلام) بأيّما أخذتم من باب التسليم وسعكم»(9).
ومضافاً إلى ما إدّعاه شيخنا الأعظم(رحمه الله) في رسائله من «أنّ عليه المشهور وجمهور المجتهدين حيث قال: فهل يحكم بالتخيير أو العمل بما طابق منهما الاحتياط أو بالاحتياط وجوه، المشهور وهو الذي عليه جمهور المجتهدين الأوّل للأخبار المستفيضة بل المتواتر» (انتهى) وكفى بذلك جبراً لسندها حتّى ولو كانت رواية واحدة.
بل هذا هو ما نشاهده عملا في الفقه وعليه سيرة الفقهاء، فمن العجب جدّاً ما قال به بعض الأعلام في مصباح الاُصول: «إنّ التخيير بين الخبرين المتعارضين عند فقد المرجّح لأحدهما ممّا لا دليل عليه، بل عمل الأصحاب في الفقه على خلافه فإنّا لم نجد مورداً أفتى فيه بالتخيير واحد منهم»(10).
هذه كلّه في الطائفة الاُولى من الأخبار.
أمّا الطائفة الثانية: (وهى ما تدلّ على لزوم الأخذ بأحوط الخبرين) فهى نفس مرفوعة زرارة المذكورة آنفاً حيث ورد فيها: «قلت: ربّما كانا معاً موافقين لهم أو مخالفين، فكيف أصنع؟ فقال: إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط».
ولكن غاية ما يستفاد من هذه الرواية كون موافقة أحد الخبرين للاحتياط من المرجّحات لا أنّ مآل الأمر إلى الأخذ بالأحوط بل مآله هو التخيير كما وقع التصريح به في ذيل الرواية، وحيث إنّ هذا المرجّح لا دليل عليه إلاّ هذه الرواية وقد عرفت الإشكال في سندها، فلا يمكن المساعدة على جعل الأحوطية مرجّحة أيضاً.
وأمّا الطائفة الثالثة: (وهى ما تدلّ على لزوم العمل بأحوط الاحتمالات) فهى أيضاً رواية واحدة، وهى مقبولة عمر بن حنظلة حيث ورد فيها: «قلت: فإن وافق حكّامهم الخبرين جمعياً؟ قال: إذا كان ذلك فارجئه حتّى تلقى إمامك فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الإقتحام في الهلكات»(11).
ولكنّها أيضاً غير تامّة من جهتين:
الاُولى: أنّ مفادها هو التساقط لا الأخذ بأحوط الاحتمالات، فإنّ المراد من الأرجاء هو التوقّف وهو خلاف الإجماع لأنّه قام على عدم التساقط كما مرّ.
الثانية: أنّ هذه الفقرة ناظرة إلى عصر الحضور ولا تعمّ زمان الغيبة إذ إنّ الحكم بالإرجاء فيها مغيّى بلقاء الإمام(عليه السلام)، وبعبارة اُخرى: إنّها إنّما تدلّ على لزوم الاحتياط في الشبهات قبل الفحص أو حال الفحص.
وأمّا الطائفة الرابعة (وهى ما تدلّ على لزوم الأخذ بالأحدث منهما) فهى عديدة:
منها: ما رواه الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «أرأيتك لو حدّثتك بحديث «العام» ثمّ جئتني من قابل فحدّثتك بخلافه بأيّهما كنت تأخذ؟ قال: كنت آخذ بالأخير. فقال لي: رحمك الله»(12).
ومنها: ما رواه معلّى بن خنيس، قال قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): «إذا جاء حديث عن أوّلكم وحديث عن آخركم بأيّهما نأخذ؟ فقال: خذوا به حتّى يبلغكم عن الحيّ فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله، قال ثمّ قال أبو عبدالله(عليه السلام): إنّا والله لا ندخلكم إلاّ فيما يسعكم»(13).
ومنها: مرسلة الكليني فإنّه قال: «وفي حديث آخر: خذوا بالأحدث» ولكنّه من المستبعد جدّاً كونها غير الروايات السابقة.
ومنها: ما رواه أبو عمرو الكناني قال: قال لي أبو عبدالله (عليه السلام): «يا أبا عمرو أرأيت لو
حدّثتك بحديث أو أفتيتك بفتيا ثمّ جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك بخلاف ذلك بأيّهما كنت تأخذ؟ قلت: بأحدثهما وأدع الآخر. فقال: قد أصبت يا أبا عمرو أبى الله إلاّ أن يعبد سرّاً أما والله لئن فعلتم ذلك إنّه لخير لي ولكم أبى الله عزّوجلّ لنا في دينه إلاّ التقيّة»(14).
ولكن لا يخفى أنّ مورد هذه الرواية هو التقيّة، ولا إشكال في أنّ المعتبر في هذا المقام إنّما هو آخر ما يصدر من صاحب التقيّة فإنّها على قسمين: تقيّة القائل، وهى ما إذا كان الإمام(عليه السلام)في شرائط خاصّة تقتضي بيان الحكم على خلاف الواقع، وتقيّة السائل وهى ما إذا كان للمسائل ظروف وشرائط خاصّة كذلك فإنّ الإمام(عليه السلام) كالطبيب ينظر إلى حاجة المأمورين في الظروف المختلفة من لزوم التقيّة أو رفضها، ومن الواضح أنّ الميزان في تعيين الحكم والوظيفة العمليّة إنّما هو ما مرّ عليه في الحال من الشرائط الجديدة، ولازمه لزوم الأخذ بأحدث الخبرين.
بل يمكن أن يقال: إنّ هذه الرواية وكذلك ما ورد في ذيل الرواية السابقة (وهو قوله (عليه السلام): «والله لا ندخلكم إلاّ فيما يسعكم») الظاهر في مقام التقيّة أيضاً يرفع النقاب عن وجه هذه الطائفة من الروايات بأجمعها، ويبيّن لنا جهة صدورها وأنّها غير قابلة الإعتماد من هذه الجهة وتكون خارجة عن محلّ النزاع.
وممّا يؤيّد هذا المعنى (أي خروجها عن محلّ النزاع) يقين السائل فيها بأصل الصدور وأصل مجيء الحديث عن جانب الإمام (عليه السلام) وإنّما الكلام في جهة الصدور بينما محلّ البحث هو ما إذا كان الصدور ظنّياً، هذا كلّه أوّلا.
وثانياً: سلّمنا كون الأحدثية ميزاناً في الأخذ بأحد الخبرين، ولكن غايتها أنّها إحدى المرجّحات، فلا دلالة لهذه الروايات على صورة فقدان هذا المرجّح، فتكون أخصّ من المدّعى.
وثالثاً: أنّها محمولة على عصر الحضور بقرينة ما ورد في رواية معلّى بن خنيس «خذوا به حتّى يبلغكم عن الحي».
ولكن قد يقال: لابدّ من ردّ علم هذه الروايات إلى أهلها لأنّه كما جاز أن يكون الأوّل للتقية والثاني لبيان حكم الله الواقعي جاز بالعكس أيضاً، فلا يمكن العمل بالرواية على كلّ حال، ولذا لم يعمل بها أحد من الأصحاب.
ولكن الإنصاف أنّ معنى هذه الطائفة معلومة معقولة، فإنّ المراد منها هو الأخذ بالأحدث لمن كان معاصراً له فإنّ هذا هو حكمه الشرعي في ذلك الزمان سواء كان تقيّة أو ابطال تقية سابقة.
أمّا الطائفة الخامسة: فهى ذيل مقبولة ابن حنظلة حيث قال: إذا كان ذلك (أي كان الخبران متساويين في المرجّحات السابقة) فارجئه حتّى تلقى إمامك فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الإقتحام في الهلكات»(15). وذيل رواية الميثمي عن الرضا(عليه السلام) حيث قال: «وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردّوا إلينا علمه»(16).
ومن الواضح أنّ هذه الطائفة مختصّة بزمن الحضور وإمكان الوصول إلى الحجّة(عليه السلام).
فظهر من جميع ما ذكرنا أنّ الطريق الصحيح في المقام إنّما هو ما ذهب إليه المشهور وهو التخيير.
بقي هنا اُمور:
الأمر الأوّل: في أنّه هل الحكم بالتخيير في الخبرين المتعارضين تعبّد محض فيكون حكماً مخالفاً للقاعدة، أو أنّه كاشف بالدلالة الالتزاميّة عن أنّ الصحيح من بين المباني الخمسة السابقة هو مبنى السببيّة السلوكيّة (التي ليست من قبيل التصويب الباطل) فيكون حكماً مطابقاً للقاعدة، أو أنّ المبنى الصحيح هو الطريقيّة، ولكنّه أيضاً مطابق للقاعدة لخصوصيّة في المقام؟ وجوه.
وجه الاحتمال الأوّل: ما مرّ سابقاً من أنّ القاعدة تقتضي التعارض فيكون الحكم بالتخيير تعبّداً محضاً وحكماً مخالفاً للقاعدة.
وجه الاحتمال الثاني: ما ورد في بعض الروايات من التعبير بـ «أيّهما أخذت من باب التسليم وسعك» حيث إنّه يستشمّ منه أنّ نفس التسليم في مقابل الأئمّة وسلوك الطريق الذي فتحوه أمامنا يكون ذا مصلحة.
ولكن هذا التعبير ورد في ثلاث روايات:
إحديها: مكاتبة محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري.
وثانيها: ما رواه أحمد بن الحسن الميثمي عن الرضا(عليه السلام).
وثالثها: مرسلة الكليني، وقد مرّ أنّ الأوّليين واردتان في المستحبّات وهى خارجة عن محلّ الكلام، والثالثة مرسلة.
هذا ـ مضافاً إلى ما ورد في صدر بعضها (وهو رواية الميثمي) من لزوم أعمال المرجّحات أوّلا: حيث إنّ أعمال المرجّح بين الخبرين إنّما يتصوّر فيما إذا كان خصوص أحدهما طريقاً إلى الواقع وأردنا تعيينه من بينهما بالمرجّح، وإلاّ إذا كان لسلوك كلّ منها مصلحة فلا حاجة إلى ترجيح أحدهما على الآخر والأخذ بخصوصه، فإذا كان الصدر كذلك يحمل عليه الذيل أيضاً، بل الإنصاف أنّ قوله «من باب التسليم» ليس له ظهور في السببيّة وإن كان له دلالة عليها، فهى في حدّ الإشعار، فلا تكون دليلا على شيء.
ووجه الاحتمال الثالث: إنّا نعلم بصدور أحد الخبرين وصدقه، ولا إشكال في أنّ مقتضى القاعدة في موارد دوران الأمر بين المحذورين مع العلم بصدق أحدهما هو التخيير.
وفيه: أنّه مبنى على حصول العلم بصدور أحدهما، وأنّى لنا بإثباته؟
بل المفروض العلم بكذب أحدهما فقط، وأمّا الآخر فهو دليل ظنّي في نفسه يحتمل الكذب أيضاً، وقد عرفت أنّ أدلّة الحجّية لا تشمل شيئاً منهما بعد فرض التعارض.
الأمر الثاني: في أنّ التخيير في المقام واقعي أو ظاهري؟
فإن كان واقعياً كان نظير التخيير بين خصال الكفّارات والتخيير بين الحمد والتسبيحات الأربعة في الركعتين الأخيرتين، وإن كان ظاهرياً كان نظير التخيير بين الوجوب والحرمة عند دوران الأمر بين المحذورين في الحكم الظاهري.
والصحيح في ما نحن فيه هو الثاني، لأنّ المختار فيه هو مبنى الطريقيّة والعلم بكذب أحد الخبرين لأنّ المصلحة حينئذ لو كانت فإنّما هى في واحد منهما، فلا يتصوّر حينئذ التخيير الواقعي لأنّه إنّما يتصوّر فيما إذا وجدت المصلحة في كلّ من الأطراف.
الأمر الثالث: في أنّ التخيير في المقام هل يكون في المسألة الاُصوليّة، أو في المسألة الفقهيّة؟ وبعبارة اُخرى: هل التخيير يكون للمجتهد فقط في اختيار الأدلّة، أو له وللمقلّد في العمل؟
قال شيخنا الأعظم الأنصاري(رحمه الله): «المحكي عن جماعة بل قيل أنّه ممّا لا خلاف فيه أنّ التعادل إن وقع للمجتهد في عمل نفسه كان مخيّراً في عمل نفسه، وإن وقع للمفتي لأجل الإفتاء فحكمه أن يخيّر المستفتي فيتخيّر في العمل كالمفتي ... (إلى أن قال): ويحتمل أن يكون التخيير للمفتي فيفتي بما اختار ... (إلى أن قال) والمسألة بعد محتاجة إلى التأمّل وإن كان وجه المشهور أقوى» انتهى.
واستدلّ لقول المشهور أي القول الأوّل بوجهين:
الأوّل: أنّ خطابات الأمارات عامّة تشمل المجتهد والمقلّد، إلاّ أنّ المقلّد عاجز عن القيام بشروط العمل بالأدلّة من حيث تشخيص مقتضاها ودفع موانعها، فإذا ثبت للمجتهد جواز العمل بكلّ من الخبرين المتكافئين المشترك بين المقلّد والمجتهد تخيّر المقلّد كالمجتهد.
الثاني: إنّ إيجاب مضمون أحد الخبرين على المقلّد تعييناً لا دليل عليه، فهو تشريع محرّم.
واستدلّ للقول الثاني أوّلا: بما ورد في مرفوعة زرارة قلت: «إنّهما معاً موافقان للاحتياط ومخالفان فكيف أصنع؟ فقال(عليه السلام): إذن فتخيّر أحدهما فتأخذ به وتدع الآخر» حيث إنّه وارد بعد اعمال المرجّحات ولا إشكال في أنّه من عمل المجتهد لا المقلّد مضافاً إلى أنّ قوله: «فتخيّر أحدهما فتأخذ به وتدع الآخر» كالصريح في اختيار أحد الحجّتين ورفض الآخر، وليس ذلك إلاّ للمجتهد.
وبعبارة اُخرى: لم يخيّره الإمام بين مضمون الخبرين بل أمره بالأخذ بأحد الدليلين تخييراً.
وثانياً: بأنّ التخيير حكم للمتحيّر والمتحيّر، إنّما هو المجتهد لا المقلّد.
أقول: الأولى في المقام ملاحظة روايات التخيير، ولا إشكال في أنّها ظاهرة فيما ذهب إليه المشهور فإنّ من جملتها ما رواه سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه، أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه كيف يصنع؟ قال: فهو في سعة حتّى يلقاه»(17).
ولا إشكال في أنّه ظاهر في التخيير بين مدلولي الخبرين في العمل.
ومنها: مرسلة الكليني المذكورة سابقاً (فإنّه قال: «وفي رواية اُخرى بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك»(18)).
وهكذا رواية الحسن بن الجهم(19). ورواية الحارث بن المغيرة(20) المذكورتان في السابق أيضاً.
نعم المستفاد من مرفوعة زرارة كما عرفت هو التخيير في المسألة الاُصوليّة، ولكن الكلام بعد في سندها.
وأمّا الاستدلال للقول بكون التخيير في المسألة الاُصوليّة بأنّ التحيّر حاصل للمجتهد فقط، فيمكن الجواب عنه بأنّ الموضوع في روايات التخيير هو الخبران المتعارضان لا المتحيّر، فإنّه لم يرد هذا العنوان في شيء من هذه الروايات، فإذن الأظهر هو ما ذهب إليه المشهور.
ثمّ إنّه لو شككنا في المسألة ولم نعلم أنّه هل التخيير للمجتهد أو للمقلّد فمقتضى الأصل هو الأوّل ببيانين:
أحدهما: أنّه من قبيل دوران الأمر بين التعيين والتخيير، لأنّ لازم كون التخيير في المسألة الاُصوليّة أن يفتي المجتهد بأحد الخبرين تعييناً، ولازم التخيير في المسألة الفقهيّة أن يفتي بالتخيير بينهما، فعلى القول بأنّ مقتضى القاعدة في دوران الأمر بينهما هو التعيين تكون النتيجة كون التخيير في المسألة الاُصوليّة.
ثانيهما: إنّا نعلم بحجّية ما اختاره المجتهد منهما قطعاً ونشكّ في حجّية الآخر، وقد ثبت في محلّه أنّ مجرّد الشكّ في الحجّية كاف لإثبات عدمها.
الأمر الرابع: هل التخيير بدوي أو استمراري؟ والمراد من التخيير البدوي أنّه لو اختار
مثلا وجوب صلاة الجمعة (عند تعارض الأخبار) لابدّ من العمل بها ما دام عمره، ومعنى التخيير الاستمراري أنّ له في المثال المذكور اختيار الجمعة في كلّ جمعة أراد، واختيار صلاة الظهر كذلك طول عمره.
والأقوال في المسألة ثلاثة:
1 ـ ما حكي عن جماعة من المحقّقين من أنّ التخيير استمراري.
2 ـ ما يظهر من بعض كلمات شيخنا الأعظم(رحمه الله) من أنّه بدوي.
3 ـ بناء المسألة على المسألة السابقة، فإن قلنا بأنّ التخيير في المسألة الاُصوليّة يكون التخيير هنا بدوياً، وإن قلنا بأنّ التخيير في المسألة الفقهيّة يكون التخيير هنا استمرارياً، وهذا ما ذهب إليه المحقّق النائيني(رحمه الله) في فوائد الاُصول.
واستدلّ للقول الأوّل بوجهين:
أحدهما: إطلاقات أخبار التخيير، فإنّ التعبير بـ «فموسّع عليك» أو «إذن فتخيّر» ظاهر في السعة الاستمراري والتخيير الدائمي.
ثانيهما: استصحاب التخيير الثابت في بدو الأمر على فرض الشكّ.
واستدلّ للقول الثاني أيضاً بوجهين (وهما في الواقع جواب عن ما استدلّ به للقول الأوّل):
أحدهما: أنّ الموضوع في أخبار التخيير هو التحيّر، وهو يرتفع بعد إختيار أحد الخبرين فلا يكون بعده مشمولا لها، كما أنّه لا يجوز حينئذ استصحاب التخيير لتبدّل الموضوع.
ثانيهما: لزوم المخالفة القطعيّة التدريجية العمليّة من استمرار التخيير فإنّ المفروض كون التخيير ظاهرياً فيكون أحدهما مخالفاً للواقع قطعاً.
أقول: يمكن المناقشة في الوجه الأوّل بأنّ الموضوع في أخبار التخيير ليس هو عنوان المتحيّر بل الموضوع وجود خبرين متعارضين، ولا إشكال في أنّ التعارض دائمي.
وأمّا الوجه الثاني فهو تامّ في محلّه، وقد ذكرنا في محلّه أنّ المخالفة القطعيّة العمليّة للعلم الإجمالي حرام سواء كانت دفعيّة أو تدريجيّة، ولازم هذا الوجه كون التخيير بدوياً كما تشهد به مرفوعة زرارة لأنّها تأمر بالأخذ بأحد الخبرين وطرد الآخر حيث تقول «فتخيّر أحدهما فتأخذ به وتدع الآخر» ولا إشكال في أنّ ظاهر طرد الآخر طرده مطلقاً، كما أنّ ظاهر الأخذ بأحدهما أخذه دائماً.
وأمّا القول الثالث فاستدلّ المحقّق النائيني(رحمه الله) له بأنّ التخيير إذا كان في المسألة الفقهيّة كان كالتخيير بين القصر والإتمام في المواطن الأربعة، فللمكلّف أن يعمل بمضمون أحد المتعارضين تارةً، وبمضمون الآخر اُخرى، إلاّ أن يقوم دليل على خلاف ذلك، وأمّا إذا كان التخيير في المسألة الاُصوليّة فإنّ معناه هو التخيير في جعل أحد المعارضين حجّة شرعية وأخذ أحدهما طريقاً محرزاً للواقع، ولازم ذلك وجوب الفتوى بما اختاره أوّلا وجعل مؤدّاه هو الحكم الكلّي الواقعي المتعلّق بأفعال المكلّفين فلا معنى لاختيار الآخر بعد ذلك(21).
أقول: الحقّ أنّه لا ملازمة بين القول بالتخيير في المسألة الاُصوليّة وكونه بدويّاً، لإمكان جعل المجتهد مخيّراً في هذه المسألة مستمرّاً، كما أنّ الأمر في المسألة الفرعية أيضاً كذلك، إنّما الكلام بحسب مقام الإثبات وظواهر أدلّة التخيير، فإن كانت هى إطلاقات السعة فهى ظاهرة في الاستمرار، وإن كانت هى مرفوعة زرارة فهى ظاهرة في التخيير البدوي، ولو شكّ في ذلك فقاعدة الاحتياط حاكمة بالتخيير البدوي لعين ما مرّ في المسألة السابقة التي دار أمرها بين التعيين والتخيير، هذا كلّه مع قطع النظر عمّا عرفت من لزوم المخالفة القطعيّة العمليّة التدريجية من التخيير الاستمراري.
_____________
1. وسائل الشيعة: الباب 9، من أبواب صفات القاضي، ح40.
2. المصدر السابق: ح41.
3. المصدر السابق: ح44.
4. وسائل الشيعة: الباب 9، من أبواب صفات القاضي، ح39.
5. المصدر السابق: ح6.
6. المصدر السابق: ح5.
7. المصدر السابق: ح21.
8. عوالي اللئالي: ج4، ص133; وفي المستدرك: ج17، ص303.
9. اُصول الكافي: ج1، ص9.
10. مصباح الاُصول: ج3 ص426، طبعة مطبعة النجف.
11. وسائل الشيعة: الباب9، من أبواب صفات القاضي، ح1.
12. المصدر السابق: ح7.
13. المصدر السابق: ح8.
14. وسائل الشيعة: الباب 9، من أبواب صفات القاضي، ح17.
15. وسائل الشيعة: الباب 9، من أبواب صفات القاضي، ح1.
16. المصدر السابق: ح21.
17. وسائل الشعية: الباب 9، من أبواب صفات القاضي، ح5.
18. المصدر السابق: ح6.
19. المصدر السابق: ح40.
20. المصدر السابق: ح41.
21. راجع فوائد الاُصول: ج4، ص768، طبعة جماعة المدرّسين.