المدن البيئية (المدن صديقة للبيئة)
المؤلف:
د. محمد دلف احمد الدليمي
المصدر:
تخطيط المدن والاستدامة الحضرية
الجزء والصفحة:
ص 188 ـ 189
2025-12-02
21
من المتوقع أن يرتفع سكان العالم الى تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050 مع استمرارعدم تغير اتجاهات التحضر العالمية اذ تتوقع السيناريوهات ان يعيش ثالثا سكان العالم في المدن عام 2050 ، ينتقل سنويا بحدود 50 مليون نسمة الى المدن في العالم ومع الحركة السريعة الى المناطق الحضرية تأتي مشكلات الاستدامة لذا من الأهمية بمكان وفي مرحلة مبكرة التخطيط للمدن المستقبلية والحالية بطريقة مستدامة.
للمدن تأثير بيني كبير بسبب وزنها الديموغرافي وكمية الموارد التي تستهلكها في العالم ، اذ تغطي المدن اقل من نسبة 2 % من سطح الأرض لكنها تستهلك بحدود 78% من الطاقة وتنتج اكثر من 60% من ثاني اوكسيد الكاربون في العالم لهذا توجه كثير من المخططين والمهتمين بشؤون البيئة للتفكير في ضرورة التخطيط للتنمية الحضرية المستدامة.
المدن البيئية مدن صديقة للبيئة جاءت فكرتها كهدف للتنمية الحضرية المستدامة تعني انشاء شكلا من انماط المعيشة في المدن ضمن المنظومة البيئية يكون هدفها توليد الطاقة بالكامل من مصادر متجددة دون الاستهلاك اكثر من الانتاج لتكون قادرة على استيعاب النفايات الناتجة عن الانشطة والفعاليات الحضرية والا ستكون سامة لنفسها وللنظم البيئية ، فضلاً عن تحفيز النمو الاقتصادي والحد من الفقر وخلق كثافة سكانية عالية وبالتالي توفير فرص عمل افضل للنقل العام وادارة اعادة التدوير ، ومنها مدن تسمى مدنا صديقة للبيئة Eco friendly cities وهي مدن بنيت وفق مبدأ العيش ضمن حدود بيئية ، وتهدف العديد من المدن الصديقة للبيئة إلى القضاء على كل انبعاث الكربون ، وإنتاج الطاقة من مصادر متجددة كليا ، ودمج مبادئ مناصرة للبيئة في تصميم المدينة بشكل عام ، ويمكن وصف المدن التي تتبنى أهدافا أقل صرامة بالمدن الخضراء Cities green وهي مدن جعلت مسؤوليتها تجاه البيئة أولوية ، وقد تستخدم هذه المدن أساليب إدارية للحد من تأثيرها على البيئة، أو تحسب (بصمتها البيئية) مقياسا لمقدار الموارد التي تستخدمها ، أو تلبي أهدافًا تدور حول كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة ، كذلك الحال للمدن منخفضة الكربون Low carbon cities ، وهي المدن التي تركز على الحد من انبعاثات الكربون وإبقائها منخفضة قدر الإمكان والمدن صفرية الطاقة ، اما المدن المرنة Flexible cities فهي مدن مصممة للاستجابة بشكل منهجي للضغوط البشرية والطبيعية وخلافه والتعامل معها الهدف منها هو تحمل صدمات كالكوارث الطبيعية واستيعابها، بل والنمو بعد مثل هذه الأحداث طور مفهوم المدينة البيئية ريتشارد ريجستر في مؤلفه City Builders ناقش فيه المشكلات المتعلقة بالامتداد التوسع الحضري والاعتماد على السيارات للتنقل بين اطراف المدينة وداخلها وما يتسبب ذلك في زيادة الانبعاثات من عوادم السيارات ، ثم وضع مصطلح الوصول عن طريق القرب من الوظائف العامة مثل السكن ومكان العمل ومحلات بيع المواد الغذائية والاجهزة والملابس والخدمات التعليمية مشياً دون الحاجة لاستخدام السيارات وهذه ضرورية لانشاء مدن صحية بيئياً تتميز بوجود ممرات للمشاة ووجود نظام للشوارع المنتهية -col-de sac في المحلات السكنية.
وصف Register في كتابة Eco Cities ان المدينة كالكائن الحي كل جزء منها متوازن مع الاجزاء الأخرى في المدينة ويرى ضرورة بقاء المدينة في حالة توازن مع الطبيعة كون الكائن الحي المدينة قد تطورت منها وبالتالي تتكيف معها للبقاء في حالة توازن بيني متوازن ، والمدينة البيئية هي مستقرة بشرية على غرار هيكل ووظيفة النظم البيئية المرئيتين والمستدامتين ذاتياً.
تسعى المدينة البيئية الى توفير اجواء صحية لسكانها دون استهلاك الموارد غير المتجددة ولا تنتج نفايات اكثر مما يمكنها استيعابها او اعادة تدويرها لاستخدامات اخرى او مما يمكن ان تخفف الطبيعة من تأثيرها بحث لا تؤثر على النظم البيئية المجاورة ، وتعد التنمية والتقنيات الحضرية الخضراء من المكونات الرئيسية عندما يتعلق الأمر بمواجهة التحديات البيئية.

الاكثر قراءة في جغرافية التنمية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة