التنمية الحضرية المستدامة
المؤلف:
د. محمد دلف احمد الدليمي
المصدر:
تخطيط المدن والاستدامة الحضرية
الجزء والصفحة:
ص 76 ـ 78
2025-11-25
19
الاستدامة والمدن المستدامة تعني ذات الكفاءة في استخدام الموارد ، يتم استخدام الاستدامة من حيث التعريف الأوسع ، أي الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للأجيال الحالية والمستقبلية ، يتم تعريف الاستدامة المادية تجريبيًا من حيث فصل النمو عن استغلال الموارد والتدهور البيئي ، الفصل هو المقياس الذي يمكن من خلاله قياس استدامة المواد وكفاءة الموارد هي عامل تمكين رئيسي للفصل يمكن تعريف المدينة المستدامة ذات الكفاءة في استخدام الموارد بأنها مدينة منفصلة بشكل كبير عن استغلال الموارد والتأثيرات البيئية وتكون مستدامة اجتماعيا واقتصاديا وبينيًا على المدى الطويل على النقيض من ذلك ، يساهم النمو منخفض الكربون في تحقيق الاستدامة ولكنه لا يضمن الاستدامة في حد ذاته . المدينة منخفضة الكربون هي المدينة التي ينفصل فيها النمو بشكل كبير عن انبعاثات الكربون والملوثات الأخرى في مدينة مستدامة تتسم بالكفاءة في استخدام الموارد مفهوم الاستدامة من المفاهيم الحديثة في المعالجة البينية الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية ، إذ يشكل موضوع الاستدامة بمختلف مفاهيمه أهمية كبيرة على الصعيد الدولي وخاصة في الأونة الأخيرة ، وذلك بعد أن كاد العالم يتجه نحو مجموعة من الكوارث البشرية والبينية المحتملة ما أدى إلى تغير النظرة العامة والاعتراف بأن المشاكل البينية لا تنفصل عن مشاكل الرفاهية البشرية والتنمية الاقتصادية وبهذا فإن مصطلح الاستدامة اكتسب اهتماماً عالمياً كبيراً من خلال ما توصل له تقرير براند تلاند الشهيرمستقبلنا المشترك Our Common Future الصادر عن اللجنة العالمية للتنمية والبيئة في عام 1987 إذ تم بموجب هذا التقرير دمج الاحتياجات البيئية والاجتماعية والاقتصادية في تعريف واحد وقد تم صياغة أول تعريف للاستدامة في هذا التقرير على أنها الاستدامة التي تفي وتلبي احتياجات المجتمع الحاضر دون المجازفة والمساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتهم.
وقد دمج تعريف براند ثلاند قضيتين أساسيتين هما:
1ـ الفكرة الأولى : الحاجة ، وخصوصاً الحاجة إلى تهيئة الوضع للمحافظة على مستوى حياة مرضي لجميع الناس .
2ـ الفكرة الثانية : الحدود القصوى التي تفرضها الظروف طبقاً لمستوى التكنولوجيا والنظم الاجتماعية.
ومن خلال تلك الفكرتين يمكن تقييم كل أشكال الاستدامة سواء كانت استدامة بيئية أو اجتماعية أو اقتصادية. (Vanderdoes،2008)
كما أن تعريف براند تلاند تضمن ثلاث أفكار رئيسية :
1. الاستدامة : التي يجب ألا يختلط مع مفهوم النمو اذ إن النمو هو اتساع مادي كمي لنظام اقتصادي ، بينما الاستدامة هي مفهوم نوعي يرتبط بالتصنع والتقدم في الأبعاد البينية والاجتماعية والاقتصادية.
2. الاحتياجات : من خلال تقديم أفكار وحلول لحسن توزيع الموارد ومواجهة الاحتياجات الأساسية المتزايدة لإرضاء طموحات المجتمعات لحياة أفضل.
3 .الأجيال القادمة : من خلال مفهوم العدالة في توزيع الخدمات والاستغلال الرشيد للموارد المتاحة وإن علينا واجباً أخلاقيا يحتم علينا ضمان حقوق الأجيال القادمة في التمتع بمستوى عالي من جودة الحياة داخل الكيانات الحضرية المختلفة.
وفي مؤتمر (قمة الأرض) التابع للأمم المتحدة للبيئة والتنمية والمنعقد في البرازيل - مدينة ريو دي جانيرو في عام 1992 ، خرج المؤتمر بتعريف الاستدامة على أنها إدارة الموارد الاقتصادية بطريقة تحافظ على الموارد الطبيعية بحيث لا تؤدي إلى تدهورها، للمحافظة على رصيد ثابت بطريقة فعالة من الموارد الطبيعية مثل التربة والمياه الجوفية والكتلة البيولوجية، وذلك لكي تمكن الأجيال المقبلة من أن تعيش حياة كريمة أفضل.
تم تعريف الاستدامة من قبل (Basanta و Ram 2020) على أنها التقدم والتطور العلمي والاجتماعي والصناعي وجميع نواحي الحياة المختلفة مع الحفاظ على استمرارية ودون تعريض البيئة ومظاهرها الحية في هذه المعمورة لمخاطر التلوث والدمار والهلاك يتضح مما سبق أنه لا يوجد اتفاق حول تعريف الاستدامة ولكن يمكن التعرف على ثلاثة خصائص رئيسة مشتركة بين تلك التعريفات المختلفة هي:
1ـ إن الاستدامة تمثل ظاهرة عبر الأجيال، إذ يتراوح الزمن الكافي لتحقيقها عشرات السنوات.
2 ـ مستوى القياس، فالاستدامة هي عملية تحدث في مستويات عدة (عالمي وإقليمي ومحلي).
3 ـ المجالات المتعددة، حيث تتكون الاستدامة من ثلاثة مجالات بينية واجتماعية واقتصادية.
إن تعريف الاستدامة تعدد بتعدد التخصصات ولكن الاستدامة ككلمة تم تداولها أواخر القرن العشرين الميلادي وكانت البداية من قبل مختصي البيئة في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وذلك للتعامل مع المشكلات البيئية المعقدة ونقص الموارد المحدودة مما دفع بهذا المفهوم ليصبح في مقدمة السياسات البيئية على المستوى الدولي (Yaser-2020) يعرف Rapport الاستدامة على أنها التنمية التي تزود الحياة الإنسانية بتحسينات حقيقية وفي نفس الوقت تحافظ على الحيوية والتنويع للأرض عبر الأجيال ، أما التعريف الحديث للاستدامة فهي تمثل طريقاً متعدد الأبعاد يهدف إلى الحفاظ على المصادر الطبيعية وتحقيق الإبداع وتحسين نوعية الحياة لكل شخص عن طريق تقليل النفايات والتلوث وتحسين الظروف المعيشية للناس والعمل على تحقيق ارتباطات وثيقة بين الناس والترويج للتعاون والكفاءة وتطوير الإمكانات المحلية في كافة المجالات المجتمعية ولاسيما الاقتصادية لتوفير حياة كريمة ، والثقافية لضمان الشعور بالمسؤولية تجاه البيئة والأجيال الحالية والمستقبلية.
الاكثر قراءة في جغرافية التنمية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة