مفهوم التنمية المستدامة
المؤلف:
د. محمد دلف احمد الدليمي
المصدر:
تخطيط المدن والاستدامة الحضرية
الجزء والصفحة:
ص 72 ـ 74
2025-11-24
36
شهد العالم في الأونة الأخيرة نمواً متسارعاً للسكان رافقه زيادة الطلب على الغذاء ومستلزمات الحياة ارتبط بنمط الحياة الاستهلاكي انبثق عنه أزمات بيئية خطيرة مثل فقدان التنوع الحيوي وتقلص مساحات الغابات وتلوث الماء والهواء وارتفاع درجة حرارة الأرض واستنفاد الموارد غير المتجددة، مما دفع بعدد من منتقدي ذلك إلى الدعوة إلى نموذج مستدام يعمل على تحقيق الانسجام بين تحقيق الأهداف المستدامة من جهة وحماية البيئة واستدامتها من جهة أخرى، ونتيجة لذلك أصبح من الضروري بروز مسؤولية الحفاظ على البيئة واستدامتها.
نشأ مفهوم التنمية المستدامة بعد أن لم يحقق مفهوم النمو الاقتصادي ومن بعده مفهوم التنمية الطموحات على المستوى البعيد إذ أن تلك النماذج السابقة لمفهوم التنمية تركز على المكاسب التي تحققها التنمية على المستوى القصير، دون النظر إلى مستقبل الأجيال اللاحقة الأمر الذي يتطلب استثمار متوازن للموارد الطبيعية دون التفريط بها واستغلالها بطريقة غير مدروسة ، لذا يجب أن يكون واحد من ضوابط التنمية كيفية إدارة الموارد الطبيعية والمحافظة عليها عرف مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية عام 1987 التنمية المستدامة على أنها التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحالي دون الإضرار بقدرة الأجيال اللاحقة على تلبية احتياجاتها الخاصة وتتعلق التنمية بهذا المعنى بنوعية الحياة ولا ينبغي الخلط بينها وبين النمو الاقتصادي على الرغم من أن الاثنين يرتبطان ارتباطا وثيقا في إطار المفهوم الحديث للتنمية. بالرغم من وجود تعاريف أخرى للتنمية المستدامة لكنها تتمحور جميعها حول هذا المفهوم السابق ، أما فيما يتعلق بالتنمية المستدامة للموارد الطبيعية وصيانتها ، فإنها تعني توجيه الإمكانات التكنولوجية والمؤسسية بطريقة تضمن تلبية الاحتياجات البشرية للأجيال القادمة بصورة مستمرة ، وعندما تقول الموارد الطبيعية فإننا نقصد الأرض والمياه والحيوان والنبات الطبيعي وما يوجد من موارد في باطن الأرض كالنفط والمعادن وغيرها مما يستثمره الإنسان لتلبية احتياجاته الحياتية ويفترض أن يكون هذا الاستثمار لا يؤدي إلى تدهور في البيئة ، إذ أن استخدام الموارد الطبيعية والبشرية بشكل عقلاني وصيانتها وتعزيزها يؤدي إلى إمكانية النهوض بنوعية الحياة الشاملة الآن وفي المستقبل.
إن جميع المفاهيم للتنمية المستدامة تتفق على أن استدامة النشاطات التي تحقق التنمية وبالتالي الرفاهية للمجتمع تعتمد على إمكانية المحافظة على العوامل البيئية سواء كانت طبيعية أو بشرية أو اقتصادية التي تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تحقيق الرفاهية في المستقبل من اجل معرفة ماهية التنمية المستدامة بشكل واضح لا بد من التعرف على خصائصها وأبعادها الفلسفية والتي تمتاز بكونها:
- تمتاز التنمية بالديناميكية كونها عملية مستمرة ومتجددة كلما تحقق مستوى معين من التطور تطلب ذلك الانطلاق إلى مستوى أعلى المرحلة لاحقة، وهذه الخاصية تعطي مفهوم التنمية صفة الاستدامة. ـ شمولية أهداف التنمية كون المفهوم الحديث للتنمية لا يقتصر على رفع مستوى الدخل القومي للبلدان وإنما يضاف له التقدم في كافة مجالات الحياة من تعليم، وخدمات الصحة، وتحقيق توازن نسبي للدخل وتحسين مستوى الخدمات العامة والخدمات المجتمعية.
ـ اعتماد التنمية بشكل أساسي على مقوماتها المختلفة من داخل الحيز الجغرافي وخاصة المفاصل الرئيسية لتلك المقومات المتمثلة بالإنسان والبيئة، وهذه الخاصية تعطي التنمية صفة الذاتية والاستمرارية.
ـ القدرة على تجاوز المعوقات وتضييق الفجوة بين الدول النامية والدول المتقدمة من خلال كون التنمية المستدامة تحقق النمو وتراكم المعرفة واستمرار التطور في المجال المادي والمعنوي للبلد.
الاكثر قراءة في جغرافية التنمية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة