الدعاء نجاة من كل كرب
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 2، ص277-278.
2025-11-20
14
الدعاء نجاة من كل كرب
قال تعالى : {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} [الأنعام : 63، 64].
قال الشيخ الطبرسي : ثمّ عاد سبحانه إلى حجاج الكفار ، فقال : قُلْ يا محمّد لهؤلاء الكفار {مَنْ يُنَجِّيكُمْ} أي : يخلصكم ، ويسلمكم {مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} أي : من شدائدهما وأهوالهما.
قال الزجاج : العرب تقول لليوم الذي فيه شدة : يوم مظلم ، حتى إنهم يقولون : يوم ذو كواكب أي : قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل ، وأنشد :
بني أسد هل تعلمون بلاءنا * إذا كان يوم ذو كواكب أشهب
وقال آخر :
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي * إذا كان يوم ذا كواكب أشنعا
وقال غيره : أراد ظلمة الليل ، وظلمة الغيم ، وظلمة التيه ، والحيرة في البر والبحر ، فجمع لفظه ، ليدل على معنى الجمع {تَدْعُونَهُ} أي : تدعون اللّه عند معاينة هذه الأهوال {تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} أي : علانية وسرا.
وقيل : معناه تدعونه مخلصين متضرعين تضرعا بألسنتكم ، وخفية في أنفسكم ، وهذا أظهر {لَئِنْ أَنْجانا} أي : في أي شدة وقعتم ، قلتم لئن أنجيتنا {مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} لإنعامك علينا ، وهذا يدل على أن السنة في الدعاء التضرع والإخفاء.
وقد روي عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه قال : خير الدعاء الخفي ، وخير الرزق ما يكفي ومر بقوم رفعوا أصواتهم بالدعاء ، فقال : إنكم لا تدعون أصم ، ولا غائبا ، وإنما تدعون سميعا قريبا ! ! قُلِ يا محمد {اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ} أي : ينعم عليكم بالنجاة ، والفرج ، ويخلصكم مِنْها أي : من هذه الظلمات {وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ} أي : ويخلصكم اللّه من كل غم {ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} باللّه تعالى بعد قيام الحجة عليكم ، ما لا يقدر على الإنجاء من كل كرب ، وإن خف « 1 ».
_____________
( 1 ) مجمع البيان : ج 4 ، ص 76 - 77.
الاكثر قراءة في قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة