ردّ الرواية لمنافاتها الاعتقاد بالنبوّة (المثال الثاني)
المؤلف:
السيد علي حسن مطر الهاشمي
المصدر:
منهج نقد المتن في تصحيح الروايات وتضعيفها
الجزء والصفحة:
ص 31 ــ 32
2025-10-20
71
ثانياً: الروايات التي تفتري على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتصفه بأنّه كان فظّاً غليظ القلب، وأنّه كان يؤذي ويجلد ويسبّ ويلعن من لا يستحق، في نوبات غضب تطرأ عليه؛ فقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة مرفوعاً: «اللّهمّ إنّما محمّد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإنّي قد اتّخذت عندك عهداً لم تخلفنيه، فأيّما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته، فاجعلها له كفّارة وقربة تقرّبه بها إليك يوم القيامة» (1).
وإنّما وضع هذا الحديث في عهد معاوية تزلّفاً إليه، وتقرّباً إل آل أبي معيط، وسائر بني أميّة، وتداركاً لما ثبت عن النبي (صلى الله عليه وآله) من لعن جماعة من منافقيهم وفراعنتهم؛ إذ كانوا يصدّون عن سبيل الله، ويبغونها عوجاً، فسجّل عليهم رسول الله بلعنه إيّاهم في كثير من مواقفه المشهودة خزياً مؤبّداً؛ ليعلم النّاس أنّهم ليسوا من الله ورسوله في شيء فيأمن على الدين من نفاقهم وعلى الأمة من عيثهم وما كان ذلك منه إلّا نصحا لله ولكتابه ولرسوله ولأئّمة المسلمين من بعده ولعامّتهم (2).
ومن هذا الباب ما أخرجه البخاري عن سعد بن أبي وقاص من استئذان عمر بالدخول على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهيبة النساء اللاتي كنّ حاضرات عند رسول الله له وفيه أنّ عمر قال لهنّ: أيّ عدوات أنفسهنّ أتهبنني ولا تهبن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قلن: أنت أفظّ وأغلظ من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3).
وهذا منافٍ لعصمة النبي (صلى الله عليه وآله) وسمو أخلاقه وقد نعته الله سبحانه بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] وبرّأه من الغلظة والفظاظة ووسمه باللين والسماحة فقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ...} [آل عمران: 159].
_________________
(1) صحيح البخاري، الحديث 6361، صحيح مسلم، الحديث 6517.
(2) أبو هريرة، شرف الدين، ص95.
(3) صحيح البخاري، الحديث 3294.
الاكثر قراءة في مقالات متفرقة في علم الحديث
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة