علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
ردّ الرواية لمنافاة مضمونها لما هو معلوم ومتيقّن من الدين الإسلامي
المؤلف:
السيد علي حسن مطر الهاشمي
المصدر:
منهج نقد المتن في تصحيح الروايات وتضعيفها
الجزء والصفحة:
ص 22 ــ 28
2025-10-19
29
المورد الأول: ردّ الرواية لمنافاة مضمونها لما هو معلوم ومتيقّن من الدين الإسلاميّ.
ويقع البحث هنا في ثلاث نقاط:
النقطة الأولى: ردّ الرواية بسبب منافاة مضمونها لعقيدة التوحيد.
ومن أمثلة الروايات التي علم بكذبها على هذا الأساس ما يلي:
أوّلاً: الرواية التي جاء فيها:
قيل: يا رسول الله مِمَّ ربّنا؟ قال: لا من الأرض ولا من السماء، خلق خيلاً فأجراها فعرقت فخلق نفسه من ذلك العرق (1).
فهذه الرواية تردّ رأسًا دون حاجة الى تأمّل سندها؛ لأنّها تزعم أنّ الله تعالى كان موجودا ومعدوما في الوقت نفسه وأنّه مخلوق خلق الخيل أولا ثم خلق ذاته من عرقها!!! وقد حكم علماء الحديث على هذه الرواية بالوضع، ومنهم: ابن الجوزي، والسيوطي (2)، وابن عرّاق (3)، وعقّب عليها ابن الجوزي بقوله: «هذا حديث لا شك في وضعه، وهو من أركّ الموضوعات وأدبرها؛ لأنّه مستحيل؛ لأنَّ الخالق لا يخلق نفسه... فمثل هذا الحديث لا يحتاج إلى اعتبار رواته؛ لأنَّ المستحيل لو صدر عـن الثقات، رُدَّ ونسب إليهم الخطأ... فكلّ حديث رأيته يخالف المعقول أو يناقض الأصول، فاعلم أنّه موضوع» (4).
ثانياً: الرواية التي تتضمّن التجسيم، وقد افتري فيها على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «رأيتُ ربي عزّ وجلَّ على جمل أحمر، عليه إزار، وهـو يقول: قد سمحت قد غفرت» (5). فهذه الرواية تشبّه الله الذي ليس كمثله شيء ببعض مخلوقاته، وتصوّره يركب جملاً ويلبس إزاراً، سبحانه وتعالى عمّا يصفون.
قال ابن الجوزي: «هذا حديث لا يشك أحد أنّه محال، ولا يحتاج لاستحالته أن ينظر في رجاله؛ إذ لو رواه الثقات كان مردوداً، والرسول (صلى الله عليه وآله) منزّه أن يحكي عن الله عزّ وجلّ ما يستحيل عليه» (6).
ثالثاً: الرواية التي تتضمّن التجسيم أيضاً، وأنَّ الله جلّ وعلا يُرَى يوم القيامة، ويكشف عن ساقه، وفيها: «فيأتيهم الجبّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أوّل مرة، فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: أنت ربّنا؟! فلا يكلّمه إلّا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف ساقه» (7).
رابعاً: الرواية التي وصفت الله تعالى بأنَّ له قَدَماً، وأنّه يضعها على الّنار يوم القيامة، وقد وردت في مواضع متعدّدة من صحيحي البخاري ومسلم.
منها: عن أبي هريرة يُقال لجهنّم هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيد؟ فيضع الربّ تبارك وتعالى قدمه عليها، فتقول: قَط قَط» (8).
ومنها: عن أنس بن مالك: «لا تزال جهنّم تقول: هل من مزيد؟ حتّى يضع فيها ربّ العزّة تبارك وتعالى قدمه، فتقول: قط قط وعزّتك، ويزوى بعضها إلى بعض» (9).
خامساً: الرواية التي تتضمّن التشبيه، وهي مرويّة عن أبي هريرة، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: «خلق الله آدمَ على صورته، طوله ستّون ذراعاً... فكلّ من يدخل الجنّة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتّى الآن» (10).
ولعلّ أبا هريرة إنّما أخذه عن اليهود بواسطة صديقه كعب الأحبار أو غيره؛ فإنَّ مضمون هذا الحديث إنّما هو عين الفقرة السابعة والعشرين من الأصحاح الأوّل من أصحاحات سفر التكوين من کتاب اليهود (العهد القديم)، وإليك نصّها بعين لفظه: "فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكراً وأنثى خلقهم" (11).
وقد عمد القائلون بالتنزيه إلى تأويله بإرجاع ضمير (صورته) إلى آدم نفسه، فيكون المعنى: إنَّ الله تعالى خلقه في الجنّة على صورته التي كان عليها بعد خروجه منها. ولكن يقف بوجه هذا التأويل ما روي مستفيضاً عن أبي هريرة بلفظ «خلق آدم على صورة الرحمن»، وقد جعل القسطلانيّ هذه الرواية قرينة على أنَّ (الهاء) من (صورته) إنّما هي الله تعالى لا لآدم (12). ولأجل ذلك سلّموا بعود الضمير إلى الله تعالى، ثُمّ عمدوا إلى تأويل آخر حاصله: أنّ المراد بالصورة الصفة، وأنَّ الله تعالى خلق آدم وبنيه على صفة الله؛ فإنَّ الله تعالى حيّ سميع متكلّم عالم مريد کاره، وكذلك آدم وبنوه. ولكن أبا هريرة قطع الطريق على أصحاب هذا التأويل أيضاً؛ لأنّه روى هذا الحديث بألفاظ أُخرى. منها: «إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه؛ فإنَّ الله خلق آدم على صورته» (13). ومنها: «إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا يقل: قبّح الله وجهك؛ فإنَّ الله خلق آدم على صورته» (14).
ولهذا تحيّر المحقّقون من أهل التنزيه من الجمهور، وأحالوا العلم بالمراد بهذه الرواية إلى الله، كما صرّح به شارحو الصحيحين (15).
أقول: إنّ منافاة متن هذه الرواية لعقيدة التوحيد، وعدم إمكان تأويلها بنحو يرفع المنافاة، يؤدّي إلى العلم بعدم صدورها عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فيتعيّن حملها على الوضع أو خطأ الراوي.
سادساً: الرواية التي جاء فيها: إنَّ الله تعالى ينزل كلّ ليلة جمعة إلى دار الدنيا في ستّمائة ألف ملك فيجلس على كرسيّ من نور وبين يديه لوح من ياقوتة حمراء فيه أسماء من يثبت الرؤية والكيفيّة والصورة من أمّة محمد (صلى الله عليه وآله) فيباهي بهم الملائكة (16).
قال ابن الجوزي: هذا الحديث موضوع لعن الله واضعه ولا رحم صانعه فإنّه كان أخسّ المشبّهة وأسوأهم اعتقادًا وما أظنّه كان يظهر مثل هذا إلّا للطغاة من المشبّهة الذين لم يجالسوا عالمًا (17).
سابعاً: الرواية التي أخرجها الشيخان عن أبي هريرة مرفوعة: ينزل ربّما كلّ ليلة الى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الأخير يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (18). وقد كانت هذه الرواية وأمثالها سببًا لذهاب الحنابلة الى التجسيم وتجويز الحركة والانتقال وسائر العوارض على الله عزّ وجلّ. وينقل لنا ابن بطّوطة في رحلته واقعة حضرها بنفسه عند ذكره قضاة دمشق قال: إنّ ابن تيمية قام على منبر الجامع الأمويّ في دمشق يوم الجمعة خطيبًا فقال: إنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا. ونزل درجة من درج المنبر، يريهم نزول الله تعالى نزولاً حقيقيّاً بكلّ ما للنزول من لوازم كالحركة والانتقال من العالي الى السافل فعارضه فقيه مالكي يعرف بـ(ابن الزهراء) وأنكر عليه ما قال، فقام العامّة الى هذا القاضي وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً فسقطت عمامته واحتملوه الى قاضي الحنابلة يومئذٍ في دمشق واسمه عز الدين بن مسلم فأمر بسجنه وعزّره بعد ذلك(19).
_______________________
(1) الموضوعات، ابن الجوزي، 1/105.
(2) اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، السيوطي، 1/3.
(3) تنزيه الشريعة المرفوعة، ابن عراق، 1/134.
(4) الموضوعات، ابن الجوزي، 1 / 105 - 106.
(5) الموضوعات، ابن الجوزي، 1 / 125.
(6) الموضوعات، ابن الجوزي، 1/125.
(7) صحيح البخاري، كتاب التوحيد، الحديث 7439.
(8) صحيح البخاري، تفسير سورة (ق)، الحديث 4849.
(9) صحیح مسلم، کتاب صفة القيامة والجنّة والنّار، الحديث 7071.
(10) صحيح البخاري، كتاب الاستئذان، الحديث 6227؛ صحيح مسلم، الحديث
7075.
(11) أبو هريرة، شرف الدين، ص 55.
(12) إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، القسطلاني، 13/267.
(13) صحیح مسلم، الحديث 6550.
(14) مسند أحمد، 2/434.
(15) أبو هريرة، شرف الدين، ص 54 – 57 باختصار وتصرّف.
(16) الموضوعات، ابن الجوزي، 1/122.
(17) الموضوعات، ابن الجوزي، 1/122.
(18) صحيح البخاري، الحديث 6321؛ صحيح مسلم، الحديث 1656؛ مسند أحمد 2/258.
(19) رحلة ابن بطوطة، 1/57؛ أبو هريرة، شرف الدين، ص64.
الاكثر قراءة في مقالات متفرقة في علم الحديث
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
