أشعيا: رأيت راكبين.. أضاءت لهما الأرض...
(أوردنا هذه القصة لما فيها من عظمة وعبرة وإن كان أشعيا - وهو من أنبياء بني
إسرائيل - لم يرد اسمه في القرآن الكريم)
أقبل بنو إسرائيل على المعاصي وابتدعوا البدع وبدلوا كلمات الله وحلت عليهم لعنة السماء فابتلاهم الله بغزو عظيم أعد له ملك بابل.
فشعروا بالخطر الشديد..
ولكنهم ظلوا مقيمين على الآثام والذنوب.
وكان في بني اسرائيل ملك صالح...
إلا أنهم تألبوا عليه فأرسل الله إليهم نبيه أشعيا فأخذ ينذرهم بغضب الله ويحذرهم من عواقب المعاصي والذنوب ولكنهم آذوه وخالفوا قوله...
حتى تبينوا أن ملك بابل قادم لغزوهم.
وأن معه مالا قبل لهم به من الجنود.
فأصابهم الرعب والفزع من الهلاك ...
وعندئذ فقط عادوا إلى الله وتضرعوا وتابوا..
وكان من رحمة الله بعباده...
أنه تاب على بني اسرائيل وقبل تضرعهم فتعجب نبي الله أشعيا عليه السلام
ولكن الله تعالى أوحى إليه قائلا: يا أشعيا ... لقد قبلت توبتهم لصلاح ملكهم.
فشكر أشعيا عليه السلام ربه سبحانه وأخذوا يتجهزون للقاء ملك بابل وجنوده.
وفي هذه الأثناء...
أصاب ملك بني اسرائيل مرض خطير وابتلي بقرحة قاتلة..
فأوحى الله تعالى إلى نبيه أشعيا عليه السلام بأن يأمر ملك بني اسرائيل باعداد وصيته واستخلاف واحد من أهل بيته وليعهد عهده لأنه قابضه عما قريب..
وأخبره أشعيا عليه السلام ملك بني اسرائيل برسالة الله سبحانه فحزن الملك حزنا شديدا واستحوذ عليه الهم والكمد...
فأقبل على التضرع والبكاء وتوجه إلى الله تعالى بالدعاء وهو يقول:
اللهم إنك ابتدأتني بالخير من أول يوم وسببته لي وأنت فيما استقبل رجائي وثقتي...
فلك الحمد بلا عمل صالح سلف مني.
وأنت أعلم مني بنفسي...
فأسألك أن تؤخر عني الموت وتنسئ لي في عمري وتستعملني بما تحب وترضى
واستمر ملك بني اسرائيل في تضرعه ودعائه ليلا ونهارا.
وهو لا يرجو سوى رحمة ربه... فأوحى الله تعالى إلى أشعيا عليه السلام
أخبر عبدي بأني رحمت تضرعه واستجبت دعوته ومننت عليه بالشفاء
وزدت في عمره وكفيته وبني اسرائيل مؤونة عدوهم.
وشاع الخبر في المدينة... فعم الفرح ملكها وأهلها ...
وأصبح بنو اسرائيل وهم الذين لم يناموا من الفرح...
فوجدوا جنود بابل صرعى في عسكرهم... ولم يفلت منهم أحد سوى القليل...
بينما عاد الباقون منهزمين إلى أرض بابل...
وتكللت المعركة بالنصر دون نزال فازداد بنو اسرائيل فرحا وسرورا وأقبلوا على طاعة نبيهم وخدمة ملكهم.
وتصرمت الأيام والأعوام...
واستيقظ بنو اسرائيل ذات صباح فوجدوا ملكهم قد لبى دعوة ربه...
فحزنوا لموته حزنا شديدا...
ولكنهم اختلفوا فيما بينهم...
وأخذ كل منهم يدعو لنفسه...
وعادوا إلى المعاصي والشرور...
وابتدعوا البدع والضلالات
ومضى عليهم وقت طويل وقد كثرت فيهم الأحداث...
بينما نبيهم أشعيا يأمرهم وينهاهم...
فلا يأتمرون، ولا ينتهون..
وحل الغضب الالهي على بني اسرائيل...
فأوحى الله تعالى إلى نبيه أشعيا عليه السلام بأن ينذر قومه بعاصفة الغضب السماوي...
فسخر بنو اسرائيل من نبيهم وازدادوا في عصيانهم وطغيانهم فأوحى الله جلت قدرته إلى نبيه قائلا:
إني مهلك من قومك مائة وأربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم
فناجي أشعيا عليه السلام ربه قائلا:
يا رب.. هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار.؟
فجاءه الوحي مجيبا:
داهنوا أهل المعاصي فلم يغضبوا لغضبي ورأى أشعيا عليه السلام وكأن طيور العذاب تحلق بأجنحتها السوداء في سماء المدينة ...
وانطلق أشعيا عليه السلام إلى قومه فأنذرهم بما جاءه به الوحي.
فثاروا عليه وغضبوا...
وعدوا عليه ليقتلوه..
ففر من أمامهم هاربا...
فتعقبوه وقد أجمعوا أمرهم على قتله..
واقترب أشعيا عليه السلام من شجرة ضخمة.
فانفلقت له...
فاختبأ في أصلها..
ولما افتقده بنو اسرائيل وقفوا ينظرون يسارا ويمينا وهم يجدون في البحث عنه وبينما هم على هذه الحالة...
شاهدوا رجلا مسرعا إليهم وهو يشير نحو الشجرة ويعدو نحوها فتبعوه...
وأمرهم الرجل بأن يحضروا منشارا...
فأحضروه في الحال...
ثم أمرهم بأن يشقوا الشجرة إن كانوا يريدون العثور على أشعيا...
فوضعوا المنشار على أصل الشجرة وبدأو في شقها...
وكان الرجل الذي دلهم على الشجرة يقهقه فرحا وسرورا..
وكان صوت يأتي من داخل الشجرة وكأنه قادم من أعماق الغيب وهو يتمتم يقول:
رأيت راكبين أضاءت لهما الأرض أحدهما لابسا جلابيب النور والآخر ضوء كضوء القمر ولم يحفل بنو إسرائيل بالمنشار على جذع الشجرة..
وشقوها نصفين..
فنعر إبليس نعرة وانطلق مسرعا بعيدا عن المكان..
وعندئذ نزل العذاب الإلهي فأهلك بني إسرائيل ببغيهم وتمردهم وعصيانهم...
وكان الصوت مازال يتمتم قادما من أعماق الغيب:
رأيت راكبين.. أضاءت لهما الأرض..
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في القصص القرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة