من محامد الأوصاف والأفعال / البكاء من خشية الله تعالى
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج2، ص 294 ــ 295
2025-07-20
407
ومنها:
البكاء من خشية اللّه جلّ شأنه:
فإنّه من الحالات المحمودة، والمواهب المشكورة، فقد ورد: انّ البكاء من خشة اللّه نجاة من النّار [1]، ومفتاح الرحمة، وعلامة القبول، وباب الإجابة [2]، وأنّه: ينير القلب، ويعصم من معاودة الذنب [3]، وانّه ما يدخل النّار من بكى من خشية اللّه حتى يعود اللبن في الضرع [4]، ولا ترى النّار عين بكت من خشية اللّه تعالى [5]، وانّ كلّ عين باكيه يوم القيامة الّا ثلاثة أعين: عين بكت من خشية اللّه، وعين غضّت عن محارم اللّه، وعين باتت ساهرة في سبيل اللّه [6]، وانّ: من ذرفت عيناه من خشية اللّه كان له بكلّ قطرة قطرت من دموعه قصر في الجنّة مكلّل بالدرّ والجوهر، فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وفي خبر آخر: انّ له بكلّ قطرة مثل جبل أحد في ميزانه، وله بكلّ قطرة عين من الجنّة على حافّتيها من المدائن ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر [7]، وانّ اسم نوح كان عبد الغفّار أو عبد الملك أو عبد الأعلى، وإنّما سمّي نوحا؛ لأنّه بكى على نفسه خمسمائة عام [8]، وانّ الرجل يكون بينه وبين الجنة أكثر ممّا بين الثرى إلى العرش لكثرة ذنوبه فما هو إلّا أن يبكي من خشية اللّه ندمًا عليها حتّى يصير بينه وبينها أقرب من جفنه إلى مقلته [9]، وانّه: ما من شيء إلاّ وله كيل ووزن إلّا الدموع، فإنّ القطرة تطفئ بحارًا من نار يوم القيامة، فإذا اغرورقت العين بمائها من خشية اللّه لم يرهق وجهه قتر ولا ذلّة، وحرّم اللّه سائر جسده على النّار، فإذا فاضت حرّمها اللّه على النّار، ولو انّ باكيًا بكى في أمّة لرحموا [10]، وانّه: ما من عبد بكى من خشية اللّه إلّا سقاه اللّه من رحيق رحمته، وأبدله اللّه ضحكا وسرورا في جنته، ورحم اللّه من حوله ولو كانوا عشرين ألفا. ولو بكى عبد في أمّة لنجّى اللّه تلك الأمّة ببكائه [11]، وانّ من بكى من ذنب غفر له، ومن بكى من خوف النار أعاذه اللّه منها، ومن بكى شوقا إلى الجنّة أسكنه اللّه فيها، وكتب له أمانا من الفزع الأكبر، ومن بكى من خشية اللّه حشره اللّه مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا [12]، وأنّه إذا بكى العبد من خشية اللّه تحاتّت عنه الذنوب كما يتحاتّ الورق، فيبقى كيوم ولدته أمّه [13]، وقضايا بكاء الأئمة عليهم السّلام - على جلالتهم وقربهم - كثيرة مذكورة في بحار الأنوار وغيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] مستدرك وسائل الشيعة: 2/294 باب 15 حديث 15.
[2] مستدرك وسائل الشيعة: 2/295 باب 15 حديث 44.
[3] مستدرك وسائل الشيعة: 2/294 باب 15 حديث 36.
[4] إرشاد القلوب: 1/127 الباب الثالث والعشرون.
[5] إرشاد القلوب: 1/129 الباب الثالث والعشرون.
[6] الخصال: 1/98 كل عين باكية يوم القيامة إلاّ ثلاث أعين حديث 46.
[7] عدّة الدّاعي: 159.
[8] علل الشرائع: 28 باب 20 العلة التي من أجلها سمي نوح عليه السّلام نوحا حديث 1 و2 و3.
[9] عيون أخبار الرضا عليه السّلام: 179 - من الأخبار المنثورة عن الرضا عليه السّلام.
[10] الأمالي للشيخ المفيد: 143 المجلس الثامن عشر حديث 1 بسنده عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال سمعته يقول: ما اغرورقت عين بمائها من خشية اللّه عز وجل إلاّ حرّم اللّه جسدها على النار، ولا فاضت دمعة على خدّ صاحبها فرهق وجهه قتر و لا ذلّة يوم القيامة، وما من شيء من أعمال الخير إلّا و له وزن أو أجر إلّا الدّمعة من خشية اللّه فإنّ اللّه يطفىء بالقطرة منها بحارًا من نار يوم القيامة، وانّ الباكي ليبكي من خشية اللّه في أمّة فيرحم اللّه تلك الأمّة ببكاء ذلك المؤمن فيها.
[11] إرشاد القلوب: 1/129 الباب الثالث والعشرون في البكاء من خشية اللّه عز وجل.
[12] المصدر المتقدّم.
[13] المصدر السابق أيضًا: 130.
الاكثر قراءة في الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة