الفرق بين الرجاء والغرور
المؤلف:
مركز نون للتأليف والترجمة
المصدر:
بحوث أخلاقية من "الأربعون حديثاً"
الجزء والصفحة:
ص58
2024-05-25
1560
يمكن للإنسان أن يشتبه فيقع في الغرور وهو يظنّ نفسه من أهل الرجاء، ويمكن التمييز بين الحالتين من خلال أمرين:
1- المصدر والأساس في تكوّن هذه الحالة:
إن كانت هذه الحالة نتيجة ووليدة الاعتقاد الراسخ بسعة رحمة الله وعظمته في قلب الإنسان حتّى تعلّق بهذه الصفات، وأشرقت عليه هذه الحالة فهو الرجاء.
وإن كانت وليدة التهاون في أوامر الله تعالى والاسترخاء وقلّة المبالاة، فهذا غرور ليس من الرجاء بشيء.
2- الآثار المترتبة على هذه الحالة:
إنّ القلب الّذي يعرف الله تعالى حتّى وصل إلى مرتبة الرجاء سيكون محاطاً برحمة ذاته المقدّسة وبعطاياه، وبالتّالي ستراه يقوم بحقّ العبودية والطاعة، لأنّ العبادة والطاعة من الأمور الفطرية الّتي سيقوم بها القلب السليم بلا شكّ، وفي نفس الوقت ستجد نفسك غير معتمد على أعمالك تلك بل لا تعتبر هذه الأعمال شيئاً يستحقّ الذكر، وإنّما كنت تعتمد على رحمة الله تعالى وفضله وعطائه، فأنت من أهل الرجاء. فاشكر الله تعالى على ذلك.
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ﴾[1].
- وأما من يعمل المعاصي ويتّكل على أعماله لا سمح الله فهو الغرور! وقد سأل أحدهم أبا عبد الله عليه السلام عن قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو فلا يزالون كذلك حتّى يأتيهم الموت، فقال (عليه السلام): "هؤلاء قوم يترجّحون في الأماني. كذبوا ليسوا براجين، إنّ من رجا شيئاً طلبه ومن خاف من شيء هرب منه"[2].
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام): "لا يكون المؤمن مؤمناً حتّى يكون خائفاً راجياً ولا يكون خائفاً راجياً حتّى يكون عاملاً لما يخاف ويرجو"[3].
إنّ مثل من لا يعمل وينتظر رحمة ربه ويرجو رضوانه مثل من يرجو المسبَّب دون أن يعدّ الأسباب، كالفلّاح الّذي ينتظر الزرع من دون أن يبذر الأرض أو يهتمّ بإصلاحها وإروائها، إنّ مثل هذا الانتظار لا يمكن تسميته رجاء، بل هو حماقة وبله!
[1] سورة البقرة، الآية: 218.
الاكثر قراءة في الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة