القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
حقوق وحريات يمكن للأجنبي ممارستها
المؤلف:
سيف غانم مصطفى يونس
المصدر:
المركز القانوني للأجنبي في ظل قانون إقامة الأجانب رقم 76لسنة 2017
الجزء والصفحة:
ص75-84
2025-07-07
30
هنالك حقوق وحريات يستطيع الأجنبي ممارستها اسوة بالوطني، وهذه الحقوق والحريات ترتبط أرتباطاً وثيقاً بحياة أي أنسان وديمومته بغض النظر عن صفته الوطنية وتقوم الدولة بتنظيم تلك الحقوق وفقاً لمصالحها العليا وحماية كيانها السياسي والاقتصادي والاجتماعي(1).
وسوف نتناول تفصيل تلك الحقوق والحريات وكما يلي:
اولا - الحق في التنقل: يقصد بهذا الحق، حق انتقال الشخص من مكان الى اخر والخروج منه من البلاد والعودة اليه من دون تقييد إلا وفقاً للقانون (2).
وعلى الصعيد الدولي فقد اشارت المادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948 الى حق الفرد في التنقل حيث نصت على أنه (الكل) فرد حق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة ) (3).
وايضاً المادة (12) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر سنة 1966 بقولها إن لكل فرد داخل إقليم الدولة وحرية اختيار مكان اقامته ولا يجوز تقييد تلك الحقوق بأي قيود غير القيود التي ينص عليها القانون وتكون ضرورية للمحافظة على الامن والنظام العام وحقوق الآخرين. وقد تبنى المشرع العراقي ايضاً تلك المبادئ عندما أقر حرية التنقل للأجنبي فيه ما لم يكن ذلك محظوراً عليه وفقاً للقوانين والانظمة.
فمثلاً لوزير الداخلية أن يُقرر منع الاجنبي بصورة مطلقة أو بالقيود التي يعينها من المرور أو التجوال أو الاقامه في الاماكن والمناطق التي يحددها ببيان ينشره في الجريدة الرسمية وإحدى الصحف المحلية لأسباب تتعلق بالأمن أو النظام العام (4).
كما قد يتم تقييد حق الاجنبي في التنقل عندما أباح المشرع العراقي لوزير الداخلية او من يخوله او السلطات القضائية عند وجود اسباب خاصة تتعلق بالأمن او النظام العام أن يؤجل مغادرة الاجنبي الأراضي جمهورية العراق المدة التي تقتضيها تلك الاسباب بما لا يزيد على (30) ثلاثين يوماً طبقاً الأحكام البند (ثانياً) من المادة (15) من قانون اقامة الاجانب النافذ وذلك عندما يكون الاجنبي متهماً أو شاهداً أو عليه التزامات مالية بذمة الآخرين. يتضح مما تقدم ان المشرع العراقي جاء منسجماً مع المواثيق الدولية عندما منح حق التنقل للأجنبي، ولم يقيد تلك الحرية ألا لمقتضيات الامن والنظام أو حقوق الآخرين.
ثانيا-حق الاجنبي بالتقاضي: لقد تطورت نظرة الدول بشأن حق الأجنبي في الالتجاء الى قضاء الدولة الوطني في الدولة التي يقيمون فيها، فقد كان في الماضي لا يسمح للأجنبي باللجوء الى القضاء مطلقاً على اعتبار أن مهمة القضاء هي الفصل في النزاع بين الوطنين فقط (5).
ولكن الدول تخلت عن هذا المبدأ منذ القرن التاسع عشر بعد أن عرفت مضار هذا الوضع ذلك أن أي نزاع ينشب في أقليم الدولة من شانه أن يخل بالأمن والنظام فيه، سواء أكان طرفاه من الوطنيين أو الأجانب، ومن ثم أصبح للأجانب حق الالتجاء للقضاء في الدولة المقيمين فيها وذلك لحماية كافة الحقوق التي تقرها لهم تلك الدولة وإلا أصبحت تلك الحقوق عديمة الجدوى (6) .
وقد تم التأكيد على حق الأجنبي بالالتجاء الى القضاء في العديد من المواثيق الدولية ومنها ما جاء في المادة (8) من الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948 التي نصت على انه ( لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون).
وقد التزمت معظم الدول بهذه المبادئ، حيث نصت المادة (3/51) من دستور الجمهورية العربية السورية لسنة 2012 على إن حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والمراجعة والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون، وتكفل الدولة المساعدة القضائية لغير القادرين وفقاً للقانون ، وكذلك دستور المانيا لسنة 1949 حيث جاء في المادة (4/19) على أنه إذا انتهكت أحد السلطات العامة حقوق أي شخص، يجوز له اللجوء إلى المحاكم ) (7) ، كما أكدت المحكمة الدستورية العليا في مصر في أحد احكامها وفي القضية رقم (99) لسنة 1988 على هذا الحق للأجانب حيث جاء في مضمون ذلك الحكم إن الدستور قرر حق التقاضي للناس كافة كمبدأ دستوري أصيل ولم يجعله وقفاً على المصريين وحدهم بل كفل هذا الحق أيضا للأجانب (8).
وتعزيزاً لمبدأ حق الاجنبي في التقاضي أصدرت المحكمة الأوربية لحقوق الانسان حكماً بتاريخ 1990/6/19 قضت فيه أنه يجوز للقضاة في كل دولة من دول المجموعة الأوربية اتخاذ التدابير الضرورية من أجل حماية حقوق الافراد التي يكفلها لهم القانون الأوربي، وفي حالة الاقتضاء أصدار أوامر الى الجهات الادارية (9) ، وعلى الرغم من تأكيد هذا الحق بأعتباره حق من حقوق الانسان فأن هنالك من الدول مثل فرنسا التي كانت تفرض على الاجانب عندما يريدون الالتجاء للقضاء تقديم نوع من الضمان يسمى بالكفالة القضائية، الغرض منها هو الوقاية من الدعاوي الكيدية التي يرفعها الاجنبي ألا ان هذه الكفالة القضائية قد تم إلغائها سنة 1975(10) . أما عن موقف المشرع العراقي فقد جاء منسجماً مع المواثيق الدولية التي أكدت على حق الاجنبي بالالتجاء الى القضاء أسوة بالوطني دون تمييز، فقد نصت المادة (19) ثالثاً) من دستور العراق لسنة 2005 النافذ على حق التقاضي واعتبرته حق مصون ومكفول للجميع، كما لم يمنع قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1999 الاجنبي من حق التقاضي أمام المحاكم العراقية (11).
لما تقدم يتضح أن للأجانب الذين يقيمون في العراق الحق في الالتجاء الى القضاء العراقي فلا توجد تفرقة بين العراقيين والاجانب في هذا المجال خاصة إن القانون العراقي لم يشترط على الاجانب دفع كفالة قضائية لقبول الدعاوي التي يكونون طرفاً فيها ، كما إن الدولة التي لا تسمح للأجنبي بالتقاضي أو إذا أصابه ضرر منها فأنه يستطيع أن يلجأ الى دولته لتعالج الأمر من خلال الحماية الدبلوماسية أو بالالتجاء الى المحاكم الدولية، حيث ليس للشخص اللجوء الى المحاكم الدولية ذلك لان المادة (34) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية تقضي بأن ( للدول وحدها الحق في أن تكون أطرافاً في الدعاوي التي ترفع للمحكمة ) (12)، وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الدائمة للعدل الدولي في حكمها الصادر سنة 1924 ، في النزاع بين (بريطانيا واليونان ) في شأن قضية عقود الامتياز الممنوحة في فلسطين الممنوحة للمسيو (مافرو) ماتيس بما يأتي من المبادئ الرئيسية في القانون الدولي أن كل دولة لها الحق في حماية مواطنيها إذا لحقتهم أضرار نتيجة لما يصدر عن الدول الأخرى من أعمال تخالف أحكام القانون الدولي، وذلك إذا لم يستطيعوا الحصول على الترضية المناسبة عن طريق الوسائل القضائية الداخلية)، والدولة إذا تتبنى قضية أحد مواطنيها، وتلجا في شأنها إلى الطريق الدبلوماسي أو إلى الوسائل القضائية الدولية، فإنها في واقع الأمر إنما تؤكد حقها هي أي حق الدولة في أن تكفل في أشخاص مواطنيها الاحترام اللازم لقواعد القانون الدولي... وإذا حدث أن تقدمت إحدى الدول، نيابة عن أحد مواطنيها، بقضية ما إلى محكمة دولية، فإن هذه الدولة وحدها هي التي تعتبر في نظر المحكمة التي ترفع إليها الدعوى الجهة المطالبة بالتعويض .
ثالثاً حق الأجنبي بالانتفاع بمرفق التعليم : تنازع الفقه بصدد تمتع الأجنبي بالانتفاع بمرفق التعليم رأيان أولهما: يرى إن مرفق التعليم مرفق وطني أي إن خدماته تقتصر على الوطنيين فقط وليس للأجانب الانتفاع بخدماته وثانيهما : يرى إن التعليم مرفق عام يتمتع بخدماته جميع الأشخاص في أقليم الدولة من أجانب ووطنيين(13).
وعلى الصعيد الدولي فقد تضمن الإعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 النص على الحق في التعليم حيث جاء فيه ( لكل شخص حق في التعليم. ويجب أن يوفر التعليم مجانا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية. ويكون التعليم الابتدائي الزاميا ويكون التعليم الفني والمهني متاحا للعموم. ويكون التعليم العالي متاحا للجميع تبعا لكفاءتهم ) (14) ، وايضاً تم التأكيد على حق التعليم في الاعلان المتعلق بحقوق الافراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه لسنة 1985 حيث جاء في المادة (8/ج) ما يلي: (للأجانب الذين يقيمون بطريقة قانونية في إقليم دولة ما أن يتمتعوا أيضا، وفقا للقوانين الوطنية، بالحقوق التالية ... الحق في التعليم ....).
يتضح مما تقدم إن هنالك اهتماماً دوليا في مجال منح حق التعليم للأجنبي ويلاحظ إن تلك المبادئ قد وردت بشكل مطلق إما عن موقف العراق من تمتع الاجنبي بمرفق التعليم فسنتولى بيانه على النحو الاتي:
1- حق الاجنبي بالتعليم الالزامي ومحو الامية : الأصل إن التعليم الالزامي ومحو الأميه يشمل العراقيين فقط دون الاجانب ذلك لأن الغاية منها هي ايصال ابناء الشعب الى مستوى تعليمي معين إلا إنه بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (379) لسنة 1979 فقد قضى بشمول المواطنين الفلسطينيين المقيمين في العراق بالتعليم الإلزامي والحملة الوطنية الشاملة لمحو الامية (15). أما بالنسبة لمحو الامية فالأجانب غير مشمولین به استنادا لما ورد في قانون محو الامية الالزامي رقم (23) لسنة 2011، حيث نص على انه ( يعتبر أمياً كل مواطن أكمل (15) خمسة عشر سنه من العمر ولا يعرف القراءة والكتابة ولم يصل الى المستوى الحضاري ويقصد بالمواطن كل من يحمل الجنسية العراقية (16).
2- حق الاجنبي بالالتحاق الى رياض الاطفال والمدارس الابتدائية والثانوية والمعاهد والجامعات: لم يرد في نظام رياض الاطفال رقم (11) لسنة 1978 أي نص يشير ان الالتحاق برياض الاطفال يقتصر على العراقيين فقط مما يدل على أنه يجوز للأجانب الالتحاق فيها (17).
أما بشأن المدارس الابتدائية فلم يشترط نظام المدارس الابتدائية رقم (30) لسنة 1978 أن يكون المقبول الى هذه المدارس عراقياً ، كما أن نظام المدارس الثانوية رقم (2) لسنة 1977 لم يشترط ايضاً أن يكون المنتسب المقبول لهذه المدارس عراقياً (18).
أما بشأن المعاهد فقد تضمنت بعض انظمة المعاهد في العراق نصوصاً اجازت فيها قبول غير العراقيين مثل نظام معهد الفنون الجميلة رقم (52) لسنة 1971 وحسبما جاء في المادة (16/ثانياً) من النظام التي نصت على أنه ( يجوز بموافقة وزارة التربية قبول عدد من الطلبة غير العراقيين في المعهد على ان تتوفر فيهم الشروط المطلوبة في الطلبة العراقيين عدا شرط العمر ويكون لهم حقوق الطلبة العراقيين وعليهم واجباتهم المنصوص عليها في هذا النظام).
أما بشأن القبول في الجامعات العراقية فعلى الرغم من أنها مخصصة للعراقيين فقط، إلا انه يمكن قبول الطلبة الأجانب فقد ورد في تعليمات القبول المركزي للجامعات والمعاهد العراقية للسنة الدراسية 2018- 2019 نصوصاً خاصة بقبول الطلبة غير العراقيين فيها ومنها ما جاء في البند (رابعاً) التي نصت على أنه يخضع الطالب غير العراقي المقيم الراغب بالقبول في الكليات والجامعات والمعاهد العراقية الرسمية إلى الاجراءات نفسها لتقديم الطالب العراقي). وفيما يتعلق بضوابط الاجور الدراسية للطلبة الاجانب فنود أن نشير أنه على الطالب غير العراقي المقبول مراجعة مركز الوزارة (قسم القبول المركزي / شعبة الوافدين) حيث إن قبوله لا يعد نهائياً إلا بعد تدقيق حالته والوقوف على مدى استيفائه للضوابط الخاصة بالإعفاء من الأجور الدراسية بالعملة الأجنبية ، وأما بشأن الطلبة المقيمون في العراق المشمولون بإجراءات الإعفاء من الأجور الدراسية بالعملة الأجنبية فهم كل من:
أ- الطلبة المقيمين إقامة دائمة ممن كانت ولادتهم في العراق وحصلوا على الشهادة الثانوية العراقية .
ب- الطلبة الذين تزيد إقامتهم في العراق على أكثر من 20 سنة وجميع مؤهلاتهم الدراسية من العراق على أن يقدم ما يثبت ذلك.
ج - الطلبة المقيمين إقامة دائمة في العراق والحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية العراقية ويعمل أحد ذويهم في دوائر الدولة علماً أنه يتم إصدار كتاب الإعفاء من الأجور الدراسية لمرة واحدة ولسنوات الدراسة كافة بالنسبة للفئتين ( أ ، ب ويراعى تجديد كتاب الإعفاء في كل سنة دراسية بالنسبة للفئة (جـ) وأما الطلبة غير العراقيين المقيمين) المقبولين في الجامعات الكليات الأهلية غير مشمولين بضوابط الإعفاء في أعلاه، على الطالب المقبول في الدراسة المسائية الإسراع لتسديد الأجور الدراسية بالدينار العراقي وخلال مدة أسبوع من صدور كتاب الإعفاء (19) ، كذلك يحق للطلبة غير العراقيين التقديم للدراسات العليا داخل العراق أستناداً لما ورد في ضوابط التقديم والقبول للدراسات العليا داخل العراق للعام الدراسي 2020/2019 حيث جاء فيها إن ضوابط التقديم والقبول في الدراسات العليا داخل العراق تسري على الطلبة العراقيين وغير العراقيين وإن الامتياز الممنوح للطلبة غير العراقيين يكون تقديمهم خارج الخطة أي بدون وجود منافس إلا من فئتهم وبذات التخصص وبنفس الجامعة ويكون قبولهم على قناة النفقة الخاصة (حصراً ) (20). يتضح مما تقدم أن المشرع العراقي جاء متوافقاً مع المواثيق الدولية التي أكدت على حق التعليم للأجنبي وذلك من خلال السماح له بالانتساب في رياض الاطفال والمدارس الابتدائية والثانوية والمعاهد والجامعات.
رابعاً: حق الأجنبي في تكوين الأسرة: يقصد بحق تكوين العائلة حق الفرد في أن ينشئ العلاقة الزوجية بينه وبين أفراد الجنس الآخر وان يستطيع حل هذه العلاقة وفق القانون، وأن تنشأ منها جميع الآثار التي تترتب عليها قانوناً، كصلة النسب والولاية والوصاية على القاصرين وناقصي الاهلية وعلى أموالهم وفق ما يقرره القانون (21).
وتم التأكيد على حق الأجنبي في تكوين الاسرة في المادة (16) من الإعلان العالمي لحقوق الانسان التي نصت على أنه:
1- للرجل والمرأة متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين وهما متساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله .
2- لا يعقد الزواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه .
3- الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة .
يتضح مما تقدم أن مبدأ حق الاجنبي في تكوين الاسرة أصبح مبدا عاما وثابتاً في المواثيق الدولية وقد تبنى المشرع العراقي هذا المبدأ فأباح للأجنبي حق تكوين الأسرة، فليس هنالك ما يمنع دون تمتع الاجنبي بحق تكوين الأسرة، فقد نصت المادة (29/اولا/أ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ على أن الاسرة اساس المجتمع، وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والاخلاقية والوطنية). كما لا يجوز للأجنبي أو للوطني غير المسلم أن يتزوج من أمرأة مسلمة اجنبية أو عراقية في العراق ولا يتم الاعتراف بمثل هذا الزواج في العراق حتى ولو تم في الخارج ذلك لان قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ رقم (188) لسنة 1959 الذي استقى احكامه من الشريعة الإسلامية قد حظر على المرأة المسلمة التزوج من غير المسلم (22).
ولقد نصت المادة الثالثة من قانون تنظيم أحوال الأجانب في العراق رقم (177) لسنة 1974 على أنه لا يجوز لأية جهة رسمية أن تبرم عقد زواج الأجنبي المقيم بصورة غير مشروعة في العراق ويعاقب كل شخص أو جهة غير رسمية ابرمت عقد زواج الأجنبي المقيم بصورة غير مشروعة بالحبس أو الغرامة أو كلتا هاتين العقوبتين. نخلص مما تقدم إن حق الاجنبي في تكوين الاسرة صار أمراً ثابتاً في المواثيق الدولية، كما أن المشرع العراقي أقر بحق الاجنبي في تكوين الاسرة في الدستور والقانون وقيد ذلك الحق بعدم مخالفته للنظام العام والآداب العامة.
خامساً - الحرية الشخصية: يُراد بالحرية الشخصية ( حصانة شخص الانسان وماله ومسكنه في حماية السلطة من أي أعتداء بغض النظر أكان وطنياً أم أجنبياً لأنها جزء من حقوق الانسان الطبيعية ) (23).
والحرية الشخصية من الحقوق التي قررتها المواثيق الدولية ومنها الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الأمم المتحدة في 1948/12/10 حيث نص على انه ( لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه ) (24) ، كما أكدت الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان الصادرة سنة 1969 على الحرية الشخصية إذ نصت المادة (7/1) على أنه (لكل شخص حق في الحرية الشخصية وفي الأمان على شخصه).
والمشرع العراقي تبنى الحرية الشخصية للأجنبي حيث أكد الدستور العراقي لعام 2005 على ضرورة احترام الحرية الشخصية لكل انسان وذلك في المادة (37/ اولاً) منه التي نصت على أن:
أ- حرية الانسان وكرامته مصونه
ب- لا يجوز توقيف أحد او التحقيق معه الا بموجب قرار قضائي.
ج- يحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الانسانية، ولا عبرة باي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد او التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي اصابه وفقا للقانون .
كما نص الدستور ايضاً أنه لا يمكن تقييد ممارسة الحريات الا بناءاً على قانون (25).
كما عاقب قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 في المادة (421) كل من قبض على شخص او حجزه او حرمه من حريته بأية وسيلة كانت بدون امر من سلطة مختصة في غير الاحوال التي تصرح فيها وتكون العقوبة الاعدام او السجن مدة لا تقل عن (15) خمسة عشر سنه. إذا فالدستور العراقي قد ضمن الحرية الشخصية لكل انسان وطني كان أم أجنبي كما كفل قانون العقوبات العراقي حماية الفرد من الاعتداء فلا يجوز القبض على الاجنبي او حبسه الا بمقتضى قانون وهذا الاتجاه ينسجم مع المواثيق الدولية التي كفلت الحرية الشخصية لكل أنسان دون تمييز.
سادساً : حرية الرأي والتعبير : يتمتع الشخص بحرية الرأي في الدولة سواء أكان وطنياً ام أجنبياً وقد أصبح هذا المبدأ عالمياً إذ نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر سنة 1966 حيث جاء في المادة (18) منه على أنه (لكل انسان حق في حرية الفكر ...). ويجب أن تمارس هذه الحرية في الحدود التي يرسمها القانون، حيث إن للدولة حق تقييد هذه الحرية بما يحافظ على مصالحها ويحمي أمنها وسيادتها (26) .
سابعاً - حرية العقيدة والدين : ويقصد بها حرية الفرد أن يعتنق المعتقد الذي يبتغيه، وأن يكون حراً في أن يمارس شعائر ذلك الدين سواء في السر أو العلانية وحمايته من الاكراه على اعتناق عقيده معينه أو على ممارسة المظاهر الخارجية أو الاشتراك في الطقوس المختلفة لدين أو عقيده، وحريته في تغيير دينه أو عقيدته وكل ذلك في حدود النظام العام والآداب العامة (27). ومن أجل ضمان حرية الافراد في اداء الشعار الدينية في ظل الدستور الأمريكي الفدرالي فقد قضت المحكمة العليا الأمريكية في حكم صادر لها سنة 1972 بحق السجناء البوذيين في إقامة الشعائر الدينية وإنه لا يجوز منعهم من ذلك اسوة بغيرهم من السجناء اليهود والمسيحيين (28).
وقد تضمنت المواثيق الدولية التأكيد على ضمان حرية العقيدة والدين فقد نصت المادة (18/1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر سنة 1966 على أنه: لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
ثامناً - حرية الاجتماع: إن المشرع العراقي لم يجيز للأجنبي تأسيس جمعية ويظهر ذلك من نص المادة (3) من قانون الجمعيات رقم (13) لسنة 2000 الملغي التي أجازت لكل عراقي وعراقية حق تأسيس جمعية أو الانتماء اليها أو الانسحاب منها إلا إن المادة (15) منه أجازت لغير العراقيين (الاجانب) المقيمين في العراق الانتساب الى الجمعية (29).
اما قانون المنظمات غير الحكومية رقم (12) لسنة 2010 فقد أتاح لكل شخص عراقي الجنسية والمقيم في العراق حق تأسيس منظمة غير حكومية أو الانتماء اليها أو الانسحاب منها (30).
________________
1- د. السيد عبد المنعم حافظ السيد احكام تنظيم مركز الأجانب مكتبة الوفاء القانونية الإسكندرية الطبعة الأولى 2014، ص 302.
2- د. حميد حنون ، حقوق الانسان مكتبة السنهوري بيروت 2015 ، ص 75.
3-Benhabib seyla, the right of others (aliens, residents, citizens), Cambridge University Press, 2004, pil
4- د. حسن الهداوي، الجنسية ومركز الاجانب واحكامهما في القانون العراقي، ط4 جامعة بغداد بدون سنة نشر ، ص 357.
5- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي ، العلاقات الدولية الخاصة احكام الجنسية والموطن ومركز الاجانب ( دراسة مقارنة مع الفقه الاسلامي)، مطبعة العشري، القاهرة، 2006، ص 241
6- د. عباس العبودي شرح احكام قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 والموطن ومركز الاجانب دراسة مقارنة في نطاق القانون الدولي الخاص مكتبة السنهوري بيروت 2015 ، ص 296
7- د. حميد حنون، المصدر السابق ، ص 126.
8- د. السيد عبد المنعم حافظ السيد ، المصدر السابق ، ص 354
9- د. مازن ليلو راضي ، دور المحكمة الأوربية لحقوق الانسان في تطوير مبادئ القضاء الاداري ، ط1، دار المسلة للطباعة والنشر والتوزيع ، بغداد ،2018، ص 151.
10- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي ، العلاقات الدولية الخاصة احكام الجنسية والموطن ومركز الاجانب ( دراسة مقارنة مع الفقه الاسلامي)، مطبعة العشري، القاهرة، 2006، ص 341
11- غرفت المادة الثالثة من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 الدعوى بأنها طلب شخص حقه من آخر امام القضاء فكلمة شخص تشمل الوطني والاجنبي.
12- د. عز الدين عبد الله ، القانون الدولي الخاص الجزء الأول في الجنسية والموطن وتمتع الاجانب الحقوق (مركز الاجانب)، ط 3، مطبعة جامعة القاهرة، 1945 ، ص 388
13- د. غالب الداوودي ، القانون الدولي الخاص الجنسية والمركز القانوني للاجانب واحكامهما في القانون العراقي ط4 جامعة بغداد بدون سنة نشر ، ص 232
14- المادة (26) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948.
15- د. غالب الداوودي ، القانون الدولي الخاص الجنسية والمركز القانوني للاجانب واحكامهما في القانون العراقي ط4 جامعة بغداد بدون سنة نشر ، ص 196.
16- المادة (1) الفقرة (4) من قانون محو الامية الالزامي رقم (23) لسنة 2011.
17- المادة (8) من نظام رياض الاطفال رقم (11) لسنة 1978 لم تشر صراحة أو ضمناً على قصر القبول على الاطفال العراقيين حيث جاء فيها ( يقبل في رياض الاطفال من اكمل الرابعة من عمره عند مطلع العام الدراسي، أو من سيكملها في نهاية السنة الميلادية (31 / كانون أول) ومن لم يتجاوز السادسة من عمره ).
18- د. حسن الهداوي، الجنسية ومركز الاجانب واحكامهما في القانون العراقي، ط4 جامعة بغداد بدون سنة نشر ، ص 345.
19- تعليمات دليل الطالب للقبول المركزي للجامعات والمعاهد العراقية للسنه الدراسية 2019/2018 الصادر عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي / قسم الدراسات والتخطيط والمتابعة.
20- البند (خامسا /26) من ضوابط التقديم والقبول في الدراسات العليا داخل العراق للعام الدراسي 2020/2019.
21- د. حامد مصطفی ، مبادئ القانون الدولي الخاص من وجهة نظر القانون العراقي، ج 1، شركة الطبع والنشر الاهلية بغداد، 1970 ، ص 159
22- نصت المادة (17) من الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 على أنه (يصح للمسلم أن يتزوج كتابية ولا يصح زواج المسلمة من غير المسلم ).
23- د. حميد حنون خالد ، حقوق الانسان ، ط 1 ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2013 ، ص 68.
24- المادة (3) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
25- المادة (46) من الدستور العراقي لسنة 2005 تنص لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه، على أن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق او الحرية ).
26- د. غالب الداوودي ، القانون الدولي الخاص ( الجنسية والمركز القانوني للأجانب واحكامها في القانون العراقي) مصدر السابق ، ص 194.
27- د. حميد حنون خالد المصدر السابق، ص 68.
28- الاستاذ مدين عبد الرزاق الكلش دور المحكمة العليا في الولايات المتحدة الامريكية في حماية الحقوق والحريات، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2015 ، ص 95.
29- يجوز انتساب غير العراقيين المقيمين في العراق الى الجمعية لأغراض تنمية روابط الصداقة على أن لا يزيد عددهم على ربع عدد الاعضاء ولا يجوز لهم المشاركة في اجتماعات الهيئة العامة والترشيح لعضوية الهيئة الادارية.
30- المادة (4/ البند ثانيا) من قانون المنظمات غير الحكومية رقم (12) لسنة 2010 اشترطت في العضو المؤسس أن يكون عراقياً أو أن يكون مقيماً).
الاكثر قراءة في القانون الدولي الخاص
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
