الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
محدودية عمل الإنسان في مجال السيطرة على الطقس Limited Results of Modification of Weather
المؤلف: د . قصي عبد المجيد السامرائي
المصدر: المناخ والاقاليم المناخية
الجزء والصفحة: ص 232 ــ 235
2024-12-10
227
حاول الإنسان منذ البداية أن يسيطر على بعض الظواهر الجوية، أما لتلافي أخطارها، أو للاستفادة منها بأكبر قدر ممكن وقد حقق بعض النجاحات، كما أخفق في البعض منها ويعود الإخفاق إلى عدم استطاعة الإنسان الكشف عن الأسرار الكاملة لبعض هذه الظواهر فقد عبد الإنسان بعض هذه الظواهر في القدم ظناً منه انه بهذه الطريقة يستطيع أن يقلل من أخطارها أو يمنع حدوثها. أما حديثاً، فان الإنسان سلك طريقين: الأول محاولة تعديل الظاهرة Modification لتقليل الآثار السلبية الناتجة عنها، والثاني هو محاولة التنبؤ بالظاهرة Forecasting قبل حدوثها وذلك في محاولة لتقليل الخسائر البشرية التي قد تنجم عنها. وقد ناقشنا سابقا جهود الإنسان في التنبؤ، لذلك سيقتصر موضوعنا هنا على محاولات الإنسان في التعديل أو السيطرة. فقد بذل الإنسان جهداً كبيراً لتعديل الطقس أو السيطرة عليه، إلا انه حقق نجاحات محدودة في هذا المجال، لان ظواهر الطقس اكبر من أن يستطيع السيطرة عليها. وفيما يأتي عرض لهذه المحاولات : ـ
1ـ تعديل الطقس والمناخ Weather and Climate modification
تعود المحاولات في هذا الجانب إلى قدم الإنسان نفسه فالبحث عن مسكن يقي الإنسان تقلبات الجو ومن ثم التطور إلى اختيار التصميم الملائم للمسكن لكي يتلاءم مع معطيات مناخ المنطقة حتى يوفر له أكبر قدر من الراحة من محاولات الإنسان الأولى. كما استخدم الإنسان الملابس لتقيه تقلبات الجو، ثم تطورت إلى تنوعها لتلاءم اختلاف الفصول، واختلاف المناخات واستطاع الإنسان أن يحقق نجاحات كبيرة لتعديل المناخ في المجال الزراعي والصناعي، وبخصوص شعور الإنسان بالراحة كل هذه المحاولات استخدمت طريقة توازن الفعل مع الظاهرة لتجنب أضرارها. وفيما يلي استعراض لمحاولات الإنسان في هذا المجال: ــ
2ـ السكن والملابس Housing & Clothing
استخدم الإنسان الكهوف لتقيه تقلبات الجو والحيوانات المفترسة، كما استخدم جلود الحيوانات لتقيه البرد تطورت هذه العملية إلى بناء البيوت والاستعاضة عن جلود الحيوانات بالأقمشة. عندما بدأ الإنسان بالانتشار والتعرف على مناخات جديدة عمل جاهداً على إيجاد مسكن يتلاءم والظروف المناخية الجديدة، ويوفر له أكبر قدر ممكن من الراحة لذلك نجد إن تصميم هذه المساكن اختلف بين مكان وأخر، وهذا تعبير عن محاولات الإنسان التكيف مع المناخ الذي يعيش فيه. فاستخدام القش من قبل سكان المناطق المدارية والطين من قبل سكان المناطق الصحراوية، والبيوت المغلقة من قبل سكان المناطق الباردة كلها تعبير عن التلاؤم الجيد مع مناخ المنطقة. فقد وجد أن بيت الاسكيمو المبني من الثلج والمغلف بجلود الحيوانات من الداخل يجعل هذا البيت ترتفع فيه الحرارة 26م أكثر من درجة حرارة المنطقة المحيطة بالبيت. كما إن اتجاه الإنسان الحديث لتقليد الطراز الغربي في البناء جعل من غير الممكن السكن في البيوت الحديثة من دون استخدام وسائل التدفئة والتبريد.
أما الملابس فهي الأخرى استخدمها الإنسان كوسيلة لتعديل المناخ المحيط به فقد استخدم سكان المناطق الحارة الأقمشة القطنية الخفيفة، واللون الأبيض لتخفيف وطأة الحرارة على جسمه. أما سكان المناطق الباردة فقد استخدموا الملابس الصوفية والألوان الغامقة لحفظ درجة حرارة الجسم ولتوفير أكبر طاقة ممكنة للجسم. كما اختلفت الملابس في المناخ الواحد في الفصول المختلفة. ففي المناطق ذات المناخ المتقلب استخدم الإنسان الملابس الخفيفة ذات الألوان الفاتحة في فصل الصيف، بينما استخدم الملابس الصوفية ذات الألوان الغامقة في فصل الشتاء. لقد نجح الإنسان كثيراً في اكتشاف ما يريحه سواء بابتكار التصميم الملائم له في المسكن أو اختيار نوع الملابس الملائمة لمناخه. إن تنوع الأزياء بين المجتمعات المختلفة هي دليل على اختيار الإنسان لما يلاءم طقس المنطقة. إما التقليد الحديث لنوع الملبس فهو مخالف لطبيعة البيئة التي يعيش فيها الإنسان. فالبدل الرسمية التي شاع استعمالها في مناطق العالم المختلفة لا تتلاءم مع البيئات المختلفة، ونلاحظ أن الملابس الشعبية هي أكثر راحة للإنسان منها، مما يدل على أن الملابس الشعبية تم اختيارها بعناية كبيرة وعبر تجارب عديدة توصل الإنسان من خلالها إلى أن هذا الزي هو الأكثر ملائمة لبيئته ونفس الشيء ينطبق على المساكن.
3ـ الزراعة Agriculture
تراوح عمل الإنسان في هذا المجال بين استخدام الري لتعويض النقص في كمية الأمطار الساقطة إلى تعديل شدة الرياح، إلى تغطية الحقل ببقايا النباتات والى تخفيف إثر الانجماد استخدم الإنسان الري قبل 5000 سنة، حيث ظهرت أولى الاستخدامات في حضارة وادي الرافدين ووادي النيل. الري هو توفير المياه للنباتات في فترة انقطاع سقوط الأمطار، أو في حالة عدم توفرها تعمل مياه الري على تزويد النبات بالمياه اللازمة، كما تعمل على خفض حرارة التربة، كما يوفر هواءاً محيطاً بالنبتة اقل حرارة من حرارة المنطقة المجاورة. فقد إن الري يخفض حرارة المنطقة المروية بحوالي -1- 02م، كما يرفع من كمية بخار الماء في الهواء. بهذه الطريقة عدل الإنسان مناخ المنطقة المحيطة بالنبتة مما مكنها العيش.
استخدم الإنسان كذلك الأشجار كمصدات للرياح. ومصدات الرياح هي أشجار أو شجيرات تستخدم لغرض تخفيف تأثير الرياح الشديدة السرعة على النبات، كما إنها تؤدي إلى تخفيف التبخر. إن مصدات الرياح تعمل على رفع درجة الحرارة في الصيف بمقدار 3 م وتؤدي إلى خفض التبخر بمعدل 20-25 كما إنها تؤدي إلى زيادة الإنتاج بمقدار 10-35 قياساً بالإنتاج في مزارع غير محمية. كما إن المصدات تزيد من تكدس الثلج في المناطق الباردة مما يسهم في رفع رطوبة التربة بعد ذوبان الثلج. يستخدم العديد من المزارعين طريقة ترك التبن أو بقايا النباتات على أرض الحقل. هذه الطريقة تمنع رفع درجة حرارة التربة، وكذلك احتفاظ التربة برطوبتها، لان التين مادة عازلة. يستطيع الفلاح تجنب الانجماد وذلك عندما تنخفض درجة الحرارة دون الصفر المئوي من الطرق التي يستعملها الفلاح هي استخدام التغطية بالقش أو استحداث طبقة من الدخان تمنع الإشعاع الأرضي من الهروب إلى الجو، أو استخدام مراوح كبيرة لخلط الهواء. هذه الطريقة تستخدم عندما يكون انخفاض درجة الحرارة ناتج عن انقلاب حراري Temperature Inversion ففي الانقلاب الحراري يكون الهواء على ارتفاع عدة أمتار ادفاً بكثير من الهواء الملامس للتربة، فقد يصل الفرق إلى 8م. لذلك فخلط الهواء بالمراوح يرفع من درجة حرارة الهواء فوق مستوى الانجماد كما يمكن استخدام المياه لرفع درجة الحرارة في المناطق المعرضة للانجماد فالماء يطلق كمية كبيرة من الطاقة عندما يتعرض للانجماد، مما يرفع من حرارة التربة جزئياً. كما يمكن حرق الوقود والخشب في المنطقة المعرضة للانجماد لرفع درجة حرارة الهواء.
4ـ تعديل العواصف المدارية Hurricanes Modification
الهيركين أو العواصف المدارية تتكون بسبب التسخين الشديد الذي يؤدي إلى تمدد الهواء الشديد الرطوبة وارتفاعه إلى الأعلى، عندما يبرد ويتكاثف بخار الماء الموجود فيه، فان كمية الحرارة الكامنة التي تطلق إلى الهواء ستساعد على استمرار تصاعد الهواء إلى الأعلى مما يؤدي إلى استمرار عملية تصاعد الهواء من سطح الماء واستمرار عملية التكاثف. إن الهواء الذي يدخل إلى هذه المنظومة من الأعلى ونتيجة دوران الأرض حول نفسها، سيأخذ شكلاً دائرياً من الأعلى إلى الأسفل يشبه عملية تصريف الماء في مغسلة أو حمام سباحة عندما يصل الهواء إلى سطح الماء في الأسفل، فأنه سوف يستعيد التحمل بكميات كبيرة من بخار الماء ويسخن وبذلك يعود إلى المنظومة من جديد لتستمر عملية تصاعد الهواء إلى الأعلى. تغطي العملية منطقة واسعة تمتد على دائرة قطرها يتراوح بين 100- 160 كم. كما تقدر طاقة الإعصار بعدة آلاف ميكا طن من الطاقة النووية. يصاحب الإعصار رياح شديدة السرعة بسبب منحدر الضغط الشديد بين المركز وخارجه. وتصاحب الإعصار أمطار غزيرة وأمواج عالية واحتمال ظهور عواصف التورنيدو على جوانب الإعصار.
عمل الإنسان على تعديل شدة الإعصار وذلك بنشر يوديد الفضة في فترات كل 9 ساعات على الغيوم التي تحيط بعين الإعصار الغاية من ذلك هو محاولة تقليل منحدر الضغط الشديد بين مركز الإعصار والمناطق المجاورة عن طريق توسيع عين الإعصار. وفي حالة نجاح ذلك فان الرياح المصاحبة للإعصار والتي هي مصدر التدمير ستخف سرعتها. في السبعينات من القرن الماضي تم تحقيق نتيجة خفض سرعة الرياح بنسبة 30٪ فقط ومازالت المحاولات جارية لتحقيق نتائج أفضل وهناك طرائق أخرى مقترحة لتخفيف شدة الإعصار مثل رش سطح المياه بطبقة من الزيت تقلل كثيراً من نسبة التبخر. التفكير بخلط الماء السطحي الدافئ بالماء السفلي الأبرد نسبيا مما يمنع الماء السطحي من الوصول إلى درجة الحرارة المطلوبة 27م. كما يقترح البعض بخفض درجة حرارة الماء عن طريق تقليل الإشعاع الشمسي الواصل إلى سطح الماء بإيجاد طبقة غيوم السمحاق الرقيقة. ومازالت الجهود مستمرة بهذا الصدد.
يتم التركيز في الوقت الحاضر على تتبع نشوء الإعصار عن طريق الأقمار الاصطناعية ومن خلال معرفة سير الإعصاراتجاهه وسرعته عندها يمكن تقليل الخسائر البشرية التي يمكن إن تنتج عن الإعصار بإعطاء تحذير قبل وقت كاف.
إن الطرائق السالف ذكرها تعمل على تعديل طقس منطقة صغيرة. هناك مقترحات أخرى لم ترى النور بعد تعمل على تعديل طقس مناطق كبيرة نسبياً. هذه المقترحات إما مكلفة اقتصادياً، أو غير ممكنة فنياً. كما إن هذه المقترحات لا تعرف نتائجها الجانبية على المناخ العام بعد، وذلك لعدم معرفة التغذية الاسترجاعية للمناخ بهذا الخصوص. فهناك اقتراح مثلاً برصف سواحل الصحاري الساحلية الباردة بالإسفلت هذه الطريقة ستؤدي إلى تسخين الهواء على طول الساحل مما يساعد على تصاعد الهواء المشبع ببخار الماء. تصاعد الهواء سيعمل على ظهور الغيوم التراكمية المزنية التي قد تساعد على سقوط الأمطار الأمر الذي يخفف من جفاف هذه المناطق الساحلية. كما هناك اقتراح برش مادة داكنة اللون فوق ثلوج المناطق القطبية، مما سيؤدي إلى رفع درجة حرارة المنطقة. إن عدم معرفة النتائج المترتبة على هذه المقترحات فضلاً عن تكاليفها العالية جعلها غير قابلة للتنفيذ. كما إن علماء البيئة حذروا بشدة من تنفيذ هذه المقترحات وذلك لاعتقادهم بأنها ستؤثر على الدورة العامة للرياح مما لا يعلم إلا الله كيفية تأثيرها على مناخ الأرض ككل.