x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
غزوة أحد
المؤلف: الشيخ علي الكوراني
المصدر: السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة: ج2، ص91-133
2024-10-17
2075
1 . استعداد قريش لحرب أحُد
تلقى زعماء قريش ضربة شديدة في بدر ، فقد خسروا سبعين فارساً وسبعين أسيراً ! وانهزمت بقيتهم إلى مكة في حالة من الذل والغيظ ! وكانت قافلتهم التي نجت من النبي ( صلى الله عليه وآله ) محتبسة في دار الندوة فقالوا لأصحابها : يا معشر قريش إن محمداً قد وتَرَكم وقتل خياركم ، فأعينوا بهذا المال على حربه فلعلنا ندرك منه ثأرنا ! وكانوا يربحون بالدينار ديناراً فبلغ المال خمسين ألف دينار . وقيل نزل يومها قوله تعالي : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ينْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَينْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يغْلَبُونَ . « نزلت في أبي سفيان ، أنفق على المشركين يوم أحد أربعين أوقية ، وكانت الأوقية اثنين وأربعين مثقالاً » . عين العبرة / 53 .
« وكانت وقعة أحد في شوال ، بعد بدر بسنة » . تاريخ اليعقوبي : 2 / 47 .
وبعثت قريش رسلها إلى قبائل كنانة وتهامة يستنصرونهم ، وبرز أبو سفيان زعيماً لقريش بلا منازع ، بعد أن قُتل منافساه عتبة بن ربيعة الأموي وأبو جهل المخزومي ، فقام لإثبات زعامته بغارة على ضواحى المدينة في مئتى راكب ، ليبِرَّ يمينه ! ووصل إلى ضواحى المدينة ليلاً ، والتقى بأحد زعماء اليهود ، وأغار على مزرعة للأنصار فقتل رجلين ، وعندما قصده النبي ( صلى الله عليه وآله ) سارع بالهرب وتخفف أصحابه من مؤونتهم ، فأخذها المسلمون وسميت غزوة ذات السويق !
وخلال سنة حشدت قريش ثلاثة آلاف مقاتل ، فيهم سبع مائة دارع ومئتا فارس وتوجهوا إلى المدينة ومعهم فتيانٌ بالمعازف وغلمان بالخمور ، وخمس عشرة امرأة من نساء شخصياتهم ، فيهن هند زوجة أبي سفيان ، يغنين ويضربن بالدفوف ليحمسنهم للثأر لقتلى بدر ، ومعهم أبو عامر الفاسق الذي ترك المدينة كراهيةً لمحمد ، وسكن مكة مع خمسين رجلاً من الأوس ، وكان يحرض قريشاً ويقول لهم إنهم على الحق ومحمد على الباطل ، ويزعم لهم أن أهل المدينة معه !
وفى مقابل هؤلاء كان المسلمون سبع مئة مقاتل ، فيهم مائتا دارع ، وفارسان . الصحيح من السيرة : 6 / 77 ، النص والاجتهاد / 341 وابن هشام : 3 / 581 .
ولما وصل القرشيون إلى الأبواء وفيها قبر أم النبي ( صلى الله عليه وآله ) اقترحت عليهم هند أن ينبشوه ويأخذوا رمتها رهينة ، ليأخذوا فداءها من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! قالت : « فلعمري ليفدين رمة أمه بمال كثير ، إنه كان بها براً » . الصحيح : 6 / 85 .
فتشاوروا ثم أعرضوا عن ذلك ، خوفاً من أن تنبش قبور موتاهم في مناطق المسلمين وحلفائهم ! ووصلوا إلى ذي الحليفة قبل المدينة بقليل ، فتركوا خيولهم وإبلهم ترعى زروع أهل المدينة ، وأرسل النبي ( صلى الله عليه وآله ) من يخمِّن عددهم وعُدتهم ، ثم واصلوا مسيرهم حتى نزلوا في آخر وادى قُبا عند جبل أحد ، قبالة المدينة .
2 . رؤيا النبي « صلى الله عليه وآله » واستعداده للدفاع
عندما بلغ أهل المدينة تحرك قريش لحربهم قال قسم منهم نتحصن في المدينة ونرد هجوم قريش من مداخلها وسككها وأزقتها ، وقال آخرون بل نخرج إليهم فنقاتلهم خارجها ، لأنه ما غُزِى قومٌ في عقر دارهم إلا ذلوا !
قال ابن إسحاق : 3 / 303 : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) للمسلمين : إني قد رأيت بقراً ، ورأيت في ذباب سيفي ثلماً ، ورأيت أنى أدخلت يدي في درع حصينة وتأولتها المدينة ، فإن رأيتم أن تقيموا وتدعوهم حيث قد نزلوا فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن دخلوا علينا قاتلناهم فيها . وكان رأى عبد الله بن أبي سلول مع رسول الله . فقال رجال من المسلمين ممن كان فاتته بدر : يا رسول الله أخرج بنا إلى أعدائنا ، لا يرون أنا جبنا عنهم أو رضخنا » . وابن هشام : 3 / 583 ، تفسير الطبري : 4 / 94 .
وقال علي بن إبراهيم في تفسيره : 1 / 110 : « كان سبب غزوة أحد أن قريشاً لما رجعت من بدر إلى مكة وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر ، لأنه قتل منهم سبعون وأسر منهم سبعون ، فلما رجعوا إلى مكة قال أبو سفيان : يا معشر قريش لاتدعوا النساء تبكى على قتلاكم ، فإن البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والحرقة والعداوة لمحمد ! ويشمت بنا محمد وأصحابه ! فلما غزوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم أحد أذنوا لنسائهم بعد ذلك في البكاء والنوح .
فلما أرادوا أن يغزوا رسول الله إلى أحُد ساروا في حلفائهم من كنانة وغيرها فجمعوا الجموع والسلاح . فلما بلغ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذلك جمع أصحابه وأخبرهم أن الله قد أخبره أن قريشاً قد تجمعت تريد المدينة ، وحث أصحابه على الجهاد والخروج ، فقال عبد الله بن أبي سلول وقومه : يا رسول الله لا تخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها ، فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد والأمة على أفواه السكك وعلى السطوح ، فما أرادنا قوم قط فظفروا بنا ونحن في حصوننا ودورنا ، وما خرجنا إلى أعدائنا قط إلا كان الظفر لهم . فقام سعد بن معاذ « رحمه الله » وغيره من الأوس فقالوا : يا رسول الله ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام ، فكيف يطمعون فينا وأنت فينا ! لا ، حتى نخرج إليهم فنقاتلهم ، فمن قتل منا كان شهيداً ، ومن نجا منا كان قد جاهد في سبيل الله ، فقبل رسول الله قوله وخرج مع نفر من أصحابه يبتغون موضع القتال كما قال الله : وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ » .
والظاهر أن رأى سعد بن معاذ كان سبب قبول النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالخروج إليهم ، لأن سعداً أكبر زعيم عند الأنصار .
3 . النبي « صلى الله عليه وآله » يختار مكان معسكره
لم يكن للعدو طريق لمهاجمة المدينة إلا من وادى قباء وهى غربى المدينة وتمتد من الجنوب إلى الشمال . أما الجهات الأخرى فمرتفعات أو بساتين يصعب النفوذ منها ، لذلك هاجمت قريش المدينة في أحُد من وادى قباء . وينتهى الوادي بجبل أحد الذي يعترضه ويمتد بعكسه من الشرق إلى الغرب ، ويوجد قبله جبلٌ صغير اسمه : جبل عَينَين ، وهو جبل الرماة ، ويسمى يوم أحد يوم عَينين أيضاً .
ويظهر أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) خرج صبح الجمعة أو قبله واختار مكاناً لمعسكره ، كما قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) في قوله تعالي : وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ، أي خرجت غدوةً صباحاً ، ثم تابع النبي ( صلى الله عليه وآله ) مشاورة أصحابه في الخروج أو البقاء في المدينة ، واتخذ قراره بالخروج ، وصلى بهم الجمعة وخرج بهم بعد الصلاة وباتوا في أحد ، وكانت المعركة صبيحة السبت .
وعسكر المشركون في الوادي مقابل جبل عينين ، فاختار النبي ( صلى الله عليه وآله ) غربى قبر حمزة ليكون ظهرهم محمياً بجبل أحد ووجههم إلى المشركين ، فكان جبل عينين عن يسارهم . وكان المسلك الوحيد للالتفاف عليهم من خلف جبل عَينين من جهة المدينة ، وهو معبر ضيق تجرى فيه عين المِهْراس التي تنبع من آخر الوادي من جهة أحد . لذلك أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) خمسين من الرماة أن يتخذوا مواقعهم في أصل جبل الرماة من جهة المدينة ، وشدد عليهم أن لا يتركوا مواقعهم !
وقد رأيت عين المهراس سنة 1961 ميلادية ، بين قبرحمزة والمسجد الذي في شرقيه ، وهى نبع على عمق بضعة أمتار ، ينزل اليه في درج واسع ، لكن الوهابيين ردموها وأزالوها . ويسمى يوم أحُد يوم المِهْراس أيضاً ، وسيأتي أن علياً ( عليه السلام ) كان يأتي بالماء من المهراس وفاطمة « عليها السلام » تغسل جراح النبي ( صلى الله عليه وآله ) . أمالي الطوسي / 551 .
4 . انتصار المسلمين الكاسح في الجولة الأولي
في صبيحة يوم السبت منتصف شوال سنة ثلاث للهجرة صفَّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) المسلمين في أحُد ، ووضع الرماة الخمسين شرقي جبل عينين .
ابن إسحاق : 3 / 301 .
وفى تفسير القمي : 1 / 112 : « وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبدري فبرز ونادي : يا محمد تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار ونجهزكم بأسيافنا إلى الجنة ، فمن شاء أن يلحق بجنته فليبرز إلي ! فبرز إليه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول :
ياطلحُ إن كنت كما تقولُ * لنا خيولٌ ولكم نَصول
فاثبت لننظر أينا المقتول * وأينا أولى بما تقول
فقد أتاك الأسد الصؤول * بصارم ليس به فلول
ينصره القاهر والرسول
فقال طلحة : من أنت يا غلام ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب . قال : قد علمتُ يا قُضَيم أنه لايجسر على أحد غيرك ! فشد عليه طلحة فضربه فاتقاه أمير المؤمنين بالجحفة ، ثم ضربه على فخذيه فقطعهما جميعاً فسقط على ظهره وسقطت الراية ! فذهب على ( عليه السلام ) ليجهز عليه فحلَّفه بالرحم فانصرف عنه ، فقال المسلمون : ألا أجهزت عليه ؟ قال : قد ضربته ضربة لا يعيش منها أبداً !
وأخذ الراية أبو سعيد بن أبي طلحه فقتله على ( عليه السلام ) وسقطت الراية على الأرض . فأخذها مسافع بن أبي طلحة فقتله على ( عليه السلام ) ، فسقطت الراية إلى الأرض .
فأخذها عثمان بن أبي طلحة فقتله على ( عليه السلام ) ، فسقطت الراية إلى الأرض .
فأخذها الحارث بن أبي طلحة فقتله على ( عليه السلام ) ، فسقطت الراية إلى الأرض . وأخذها أبو عذير بن عثمان فقتله على ( عليه السلام ) ، وسقطت الراية إلى الأرض .
فأخذها عبد الله بن أبي جميلة بن زهير فقتله على ( عليه السلام ) وسقطت الراية
إلى الأرض !
فقَتل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) التاسع من بنى عبد الدار ! وهو أرطأة بن شرحبيل مبارزةً وسقطت الراية إلى الأرض ! فأخذها مولاهم صواب فضربه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على يمينه فقطعها ، وسقطت الراية إلى الأرض ، فأخذها بشماله فضربه أمير المؤمنين على شماله فقطعها وسقطت الراية إلى الأرض ، فاحتضنها بيديه المقطوعتين ، ثم قال : يا بنى عبد الدار هل أعذرت فيما بيني وبينكم ؟ فضربه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على رأسه فقتله ، وسقطت الراية إلى الأرض !
فأخذتها عمرة بنت علقمة الحارثية فقبضتها !
وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه سئل عن معنى قول طلحة بن أبي طلحة لما بارزه علي : يا قُضَيم ؟ قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان بمكة لم يجسر عليه أحد لموضع أبى طالب ، وأغروا به الصبيان وكانوا إذا خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يرمونه بالحجارة والتراب فشكى ذلك إلى علي ( عليه السلام ) فقال : بأبى أنت وأمي يا رسول الله ، إذا خرجت فأخرجني معك فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومعه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فتعرض الصبيان لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كعادتهم فحمل عليهم أمير المؤمنين وكان يقضمهم في وجوههم وآنافهم وآذانهم فكانوا يرجعون باكين إلى آبائهم ويقولون قضمنا على قضمنا علي ! فسمى لذلك : القَضِيم » !
وقال ابن هشام : 3 / 593 : « وأرسل رسول الله إلى علي بن أبي طالب : أن قدم الراية فتقدم على فقال : أنا أبو القُضَم ، فناداه أبو سعد بن أبي طلحة وهو صاحب لواء المشركين : أن هل لك يا أبا القضم في البراز من حاجة ؟ قال : نعم ، فبرزا بين الصفين فاختلفا ضربتين فضربه على فصرعه ثم انصرف عنه ولم يجهز عليه ، فقال له أصحابه : أفلا أجهزت عليه ؟ فقال : إنه استقبلني بعورته فعطفتنى عنه الرحم ، وعرفت أن الله عز وجل قد قتله » .
وفى الكافي : 8 / 111 أن خالد بن عبد الله القشيري أمير مكة سأل قتادة : « من الذي يقول : أوفى بميعادى وأحمى عن حسب ؟ ! فقال : أصلح الله الأمير ليس هذا يومئذ ، هذا يوم أحد خرج طلحة بن أبي طلحة وهو ينادى من يبارز ؟ فلم يخرج إليه أحد فقال : إنكم تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار ونحن نجهزكم بأسيافنا إلى الجنة ، فليبرزن إلى رجل يجهزنى بسيفه إلى النار وأجهزه بسيفي إلى الجنة ، فخرج إليه علي بن أبي طالب وهو يقول :
أنا ابن ذي الحوضين عبد المطلب * وهاشم المطعم في العام السغب
أوفى بميعادى وأحمى عن حسب *
فقال خالد : كذب لعمري ، والله أبو تراب ما كان كذلك ! فقال الشيخ : أيها الأمير إئذن لي في الانصراف ، قال : فقام الشيخ يفرج الناس بيده وخرج وهو يقول : زنديق ورب الكعبة ، زنديق ورب الكعبة » !
أقول : هذا يدل على حرص السلطة على إخفاء دور على ( عليه السلام ) . وقد ارتاعت قريش بقتل طلحة وأصحاب الألوية ، وتزعزعت صفوفها ، فلم يتقدم لحمل رايتهم بعدهم ، إلا امرأة جمعتها عن الأرض ولم ترفعها ! فأصدر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمره بالحملة فتقدم على وحمزة وأبو دجانة وفرسان المسلمين وحملوا عليهم ، فكانت هزيمة المشركين : « فانكشف الكفار حينئذ عن المسلمين هاربين على غير انتظام ، ودخل المسلمون عسكرهم ينهبون ما تركوه من أسلحة وأمتعة وذخائر ومؤن . فلما نظر الرماة إلى المسلمين وقد أكبوا على الغنائم دفعهم الطمع في النهب إلى مفارقة محلهم الذي أمروا أن لا يفارقوه ، فنهاهم أميرهم عبد الله بن جبير فلم ينتهوا وقالوا : ما مقامنا هاهنا وقد انهزم المشركون ! فقال عبد الله : والله لا أجاوز أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! وثبت مكانه مع أقل من عشرة ، فنظر خالد بن الوليد المخزومي إلى قلة من في الجبل من الرماة ، فكرَّ بالخيل عليهم ومعه عكرمة بن أبي جهل فقتلوهم ، ومثلوا بعبد الله بن جبير فأخرجوا حشوة بطنه ! وهجموا على المسلمين وهم غافلون وتنادوا بشعارهم يا للعزى يا لهُبل ، ووضعوا السيوف في المسلمين وهم آمنون فكان البلاء ، وقتل حمزة سيد الشهداء وسبعون من صناديد المهاجرين والأنصار ، وأصيب النبي بأبى هو وأمي بجروح يقرح القلوب ذكرها ويهيج الأحزان بيانها ، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته . وإنما كان هذا البلاء كله لمخالفة أوامره ونواهيه » . الفصول المهمة / 114 .
5 . هزيمة المسلمين بعد انتصارهم !
قال علي بن إبراهيم في تفسيره : 1 / 111 : « أمَّرَ رسول الله على الرماة وهم خمسون رجلاً عبد الله بن جبير أخا بنى عمرو بن عوف ، وهو يومئذ معلم بثياب بياض وقال : اِنضح عنا الخيل بالنبل لا يأتونا من خلفنا ، إن كانت لنا أو علينا أثبت مكانك لا نؤتين من قبلك . إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تخرجوا من هذا المكان ، وإن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة ، فلا تبرحوا والزموا مراكزكم . ووضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مائتي فارس كميناً ، وقال لهم إذا رأيتمونا قد اختلطنا بهم فأخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من ورائهم . فحملت الأنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة ، ووقع أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في سوادهم . . .
فانهزم أصحاب رسول الله هزيمة قبيحة وأقبلوا يصعدون في الجبال وفى كل وجه ، فلما رأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الهزيمة كشف البيضة عن رأسه وقال : إني أنا رسول الله ، إلى أين تفرون عن الله وعن رسوله » !
وفى تفسير فرات / 94 : « عن حذيفة قال : « رفع البيضة عن رأسه وجعل ينادي : أيها الناس أنا لم أمت ولم أقتل ، وجعل الناس يركب بعضهم بعضاً لايلوون على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا يلتفتون إليه : فلم يزالوا كذلك حتى دخلوا المدينة ، فلم يكتفوا بالهزيمة حتى قال أفضلهم رجلاً في أنفسهم : قتل رسول الله ، فلما آيس رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من القوم رجع إلى موضعه الذي كان فيه فلم يزل علي بن أبي طالب وأبو دجانة الأنصاري ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا أبا دجانة ذهب الناس فالحق بقومك ! فقال أبو دجانة : يا رسول الله ما على هذا بايعناك وبايعنا الله ، ولا على هذا خرجنا يقول الله : إِنَّ الَّذِينَ يبَايعُونَكَ إِنَّمَا يبَايعُونَ اللَّهَ يدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا أبا دجانة أنت في حل من بيعتك فارجع ، فقال أبو دجانة : يا رسول الله لاتحدث نساء الأنصار في الخدور أنى أسلمتك ورغبت نفسي عن نفسك يا رسول الله ، لا خير في العيش بعدك . قال : فلم يلبث أبو دجانة إلا يسيراً حتى أثخن جراحةً فتحامل حتى انتهى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فجلس إلى جنبه مثخناً لا حراك به . قال : وعلى لا يبارز فارساً ولا راجلاً إلا قتله الله على يديه حتى انقطع سيفه ، فلما انقطع سيفه جاء إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله انقطع سيفي ولا سيف لي ، فخلع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سيفه ذا الفقار فقلد ه علياً ، ومشى إلى جمع المشركين ، فكان لايبرز إليه أحد إلا قتله ، فلم يزل على ذلك حتى وهت دراعته ، فنظر رسول الله إلى السماء وقال : اللهم إن محمداً عبدك ورسولك جعلت لكل نبي وزيراً من أهله لتشد به عضده وتشركه في أمره ، وجعلت لي وزيراً من أهلي ، علي بن أبي طالب أخي ، فنعم الأخ ونعم الوزير ، اللهم وعدتني أن تمدنى بأربعة آلاف من الملائكة مردفين ، اللهم وعدك وعدك ، إنك لا تخلف الميعاد ، وعدتني أن تظهر دينك على الدين كله ولو كره المشركون .
قال : فبينما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يدعو ربه ويتضرع إليه ، إذ سمع دوياً من السماء فرفع رأسه فإذا جبرئيل ( عليه السلام ) على كرسي من ذهب ومعه أربعة آلاف من الملائكة مردفين وهو يقول : لا فتى إلا على ولا سيف إلا ذو الفقار ، فهبط جبرئيل على الصخرة وحفت الملائكة برسول الله فسلموا عليه ، فقال جبرئيل : يا رسول الله والذي أكرمك بالهدى لقد عجبت الملائكة المقربون لمواساة هذا الرجل لك بنفسه . فقال : يا جبرئيل ما يمنعه يواسينى بنفسه وهو منى وأنا منه . فقال جبرئيل : وأنا منكما ، حتى قالها ثلاثاً . ثم حمل علي ، وحمل جبرئيل والملائكة ، ثم إن الله تعالى هزم جمع المشركين وتشتت أمرهم » .
وفى إمتاع الأسماع : 1 / 144 : « انكشف المشركون منهزمين لايلوون ، ونساؤهم يدعون بالويل بعد ضرب الدفاف والفرح ، ولكن المسلمين أُتُوا من قبل الرماة . وبينما المسلمون قد شغلوا بالنهب والغنائم ، إذ دخلت الخيول تنادى فرسانها بشعارهم : يا للعزى يا لهبل ! ووضعوا في المسلمين السيوف وهم آمنون وكل منهم في يده أو حضنه شئ قد أخذه ، فقتلوا فيهم قتلاً ذريعاً ، وتفرق المسلمون في كل وجه ! وتركوا ما انتهبوا وخلوا من أسروا .
ونادى إبليس عند جبل عينين وقد تصور في صورة جعال بن سراقة : إن محمداً قد قتل : ثلاث صرخات ، فما كانت دولة أسرع من دولة المشركين ! واختلط المسلمون وصاروا يقتلون ويضرب بعضهم بعضاً ما يشعرون من العجلة والدهش ، وجرح أسيد بن حضير جرحين ضربه أحدهما أبو برده بن نيار وما يدري ! وضرب أبو زعنة أبا بردة ضربتين وما يشعر ! والتقت أسياف المسلمين على اليمان حسيل بن جابر وهم لا يعرفونه حين اختلطواوحذيفة يقول : أبى أبي » !
وفى تفسير الطبري : 4 / 194 ، عن السدى قال : « لما انهزموا يومئذ تفرق عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أصحابه فدخل بعضهم المدينة وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة فقاموا عليها . عن ابن إسحاق قال : فرَّ عثمان بن عفان وعقبة بن عثمان وسعد بن عثمان حتى بلغوا الجلعب ، جبل بناحية المدينة مما يلي الأعوص ، فأقاموا به ثلاثاً ثم رجعوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال لهم : لقد ذهبتم فيها عريضة » !
قال ابن إسحاق : 3 / 306 : « قال الزبير : لقد رأيتني أنظر إلى خدم « خلاخيل » هند ابنة عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ، ما دون أخذهن قليل ولا كثير ! إذ مالت الرماة عن العسكر حين كشفنا القوم عنه يريدون النهب ، وخلوا ظهورنا للخيل فأُتينا من أدبارنا ، وصرخ صارخ ألا إن محمداً قد قتل ! فانكفأنا وانكفؤوا علينا بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم ! فانكشف المسلمون فأصاب منهم العدو فكان يوم بلاء وتمحيص ، أكرم الله فيه من أكرم بالشهادة » .
6 - ثبت مع النبي « صلى الله عليه وآله » أول الأمر بضعة أشخاص
روى المفيد في الإرشاد : 1 / 80 ، عن زيد بن وهب قال : « وجدنا من عبد الله بن مسعود يوماً طِيبَ نفس فقلنا له : لو حدثتنا عن يوم أحُد وكيف كان ؟ فقال : أجل ثم ساق الحديث حتى انتهى إلى ذكر الحرب فقال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « أخرجوا إليهم على اسم الله فخرجنا ، فصفَّنا لهم صفاً طويلاً ، وأقام على الشعب خمسين رجلاً من الأنصار وأمَّر عليهم رجلاً منهم وقال : لا تبرحوا عن مكانكم هذا وإن قتلنا عن آخرنا ، فإنما نؤتى من موضعكم هذا ! إلى أن قال : وثبت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وأبو دجانة الأنصاري ، وسهل بن حنيف يدفعون عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكثر عليهم المشركون ، ففتح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عينيه فنظر إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقد كان أغمي عليه مما ناله فقال : يا علي ما فعل الناس ؟ قال : نقضوا العهد وولوا الدبر ، فقال له : فاكفنى هؤلاء الذين قد قصدوا قصدي ، فحمل عليهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فكشفهم ، ثم عاد إليه وقد حملوا عليه من ناحية أخرى فكر عليهم فكشفهم ، وأبو دجانة وسهل بن حنيف قائمان على رأسه ( صلى الله عليه وآله ) بيد كل واحد منهما سيفه ليذب عنه . قال زيد بن وهب : قلت لابن مسعود : انهزم الناس عن رسول الله حتى لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب وأبو دجانة وسهل بن حنيف ؟ ! قال : انهزم الناس إلا علي بن أبي طالب وحده ، وثاب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نفر ، وكان أولهم عاصم بن ثابت ، وأبو دجانة ، وسهل بن حنيف ، ولحقهم طلحة بن عبيد الله .
فقلت له : فأين كان أبو بكر وعمر ؟ قال : كانا ممن تنحي . قال قلت . فأين كان عثمان ؟ قال : جاء بعد ثلاثة من الوقعة ، قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لقد ذهبت فيها عريضة ! قال فقلت له : فأين كنت أنت ؟ قال : كنت فيمن تنحي ! قال فقلت له : فمن حدثك بهذا ؟ قال : عاصم وسهل بن حنيف . قال قلت له : إن ثبوت على في ذلك المقام لعجب ! فقال : إن تعجبت من ذلك لقد تعجبت منه الملائكة ، أما علمت أن جبرئيل قال في ذلك اليوم وهو يعرج إلى السماء : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ! فقلت له : فمن أين علم ذلك من جبرئيل ؟ فقال : سمع الناس صائحاً يصيح في السماء بذلك ، فسألوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) عنه فقال : ذاك جبرئيل .
وفى حديث عمران بن حصين قال : لما تفرق الناس عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في يوم أحد ، جاء على متقلداً سيفه حتى قام بين يديه ، فرفع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رأسه إليه فقال له : ما لك لم تفر مع الناس ؟ فقال : يا رسول الله أأرجع كافراً بعد إسلامي ! فأشار له إلى قوم انحدروا من الجبل فحمل عليهم فهزمهم ، ثم أشار له إلى قوم آخرين فحمل عليهم فهزمهم ، ثم أشار إلى قوم فحمل عليهم فهزمهم ! فجاء جبرئيل ( عليه السلام ) فقال : يا رسول الله ، لقد عجبت الملائكة من حسن مواساة على لك بنفسه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : وما يمنعه من هذا ، وهو منى وأنا منه ! فقال جبرئيل ( عليه السلام ) : وأنا منكما » .
وزعموا أن أبا بكر ثبت في أحد ولم يهرب فقال ابن سعد : 2 / 42 : « وثبت معه عصابة من أصحابه أربعة عشر رجلاً ، سبعة من المهاجرين فيهم أبو بكرالصديق وسبعة من الأنصار » لكنهم كذَّبوا أنفسهم فقالوا كان في أوائل من رجع من الهزيمة ! قال ابن سعد : 3 / 155 : « عن عائشة قالت : حدثني أبو بكر قال : كنت في أول من فاء إلى رسول الله يوم أحد » .
7 - بقي النبي « صلى الله عليه وآله » وعلي « عليه السلام » وحدهما
فبعد جرح أبى دجانة ونسيبة ، لم يبق مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلا على ( عليه السلام ) ! قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) كما في الكافي : 8 / 110 : « انهزم الناس يوم أحد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فغضب غضباً شديداً قال : وكان إذا غضب انحدر عن جبينيه مثل اللؤلؤ من العرق ، قال : فنظر فإذا على ( عليه السلام ) إلى جنبه فقال له : إلحق ببنى أبيك مع من انهزم عن رسول الله ! فقال : يا رسول الله لي بك أسوة ! قال : فاكفنى هؤلاء ، فحمل فضرب أول من لقى منهم . فنظر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى جبرئيل على كرسي من ذهب بين السماء والأرض وهو يقول : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي » .
وفى الإرشاد : 1 / 89 : « فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أبشر يا علي ، فإن الله منجز وعده ، ولن ينالوا منا مثلها أبداً » . وفى تفسير القمي : 1 / 115 : « ولم يبق مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلا أبو دجانة الأنصاري سماك بن خرشة وأميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، فكلما حملت طائفة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) استقبلهم فيدفعهم عن رسول الله ويقتلهم ، حتى انقطع سيفه . وبقيت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نسيبة بنت كعب وكانت تخرج مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في غزواته تداوى الجرحي ، وكان ابنها معها فأراد أن ينهزم ويتراجع ، فحملت عليه فقالت : يا بنى إلى أين تفر عن الله وعن رسوله ؟ ! فردته فحمل عليه رجل فقتله ، فأخذت سيف ابنها فحملت على الرجل فضربته على فخذه فقتلته ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : بارك الله عليك يا نسيبة ، وكانت تقى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بصدرها وثدييها ويديها ، حتى أصابتها جراحات كثيرة !
وحمل ابن قميئة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني محمداً لانجوتُ إن نجا ! فضربه على حبل عاتقه ، ونادى قتلت محمداً واللات والعزي !
ونظر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى رجل من المهاجرين قد ألقى ترسه خلف ظهره وهو في الهزيمة فناداه : يا صاحب الترس ألق ترسك ، ومُرَّ إلى النار ! فرمى بترسه فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا نسيبة خذي الترس فأخذت الترس ، وكانت تقاتل المشركين فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لَمَقَامُ نسيبة أفضل من مقام فلان وفلان !
ولم يكن يحمل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أحد إلا يستقبله أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فإذا رأوه رجعوا ! فانحاز رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى ناحية أحُد فوقف . فلم يزل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقاتلهم حتى أصابه في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة فتحاموه ! وسمعوا منادياً ينادى من السماء : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي . وتراجعت الناس فصارت قريش على الجبل ، فقال أبو سفيان وهو على الجبل : أعلُ هبل ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأمير المؤمنين قل له : الله أعلى وأجل . فقال : يا علي إنه قد أنعم علينا ! فقال على ( عليه السلام ) : بل الله أنعم علينا .
ثم قال أبو سفيان : يا علي أسألك باللات والعزى هل قتل محمد ؟ فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لعنك الله ولعن الله اللات والعزى معك ! والله ما قتل محمد ( صلى الله عليه وآله ) وهو يسمع كلامك ! فقال : أنت أصدق ، لعن الله ابن قميئه زعم أنه قتل محمداً » .
أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتي !
في كشف اليقين / 59 : « خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوماً فرحاً مسروراً وقال : أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتي ! أما أنه الفتى فلأنه سيد العرب . وأما ابن الفتى فلأنه ابن إبراهيم خليل الرحمن ( عليه السلام ) الذي نزل في حقه : قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يذْكُرُهُمْ يقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ . وأما أنه أخو الفتي ، فلأنه أخو على ( عليه السلام ) الذي قال جبريل عنه أنه : إنه لا فتى إلا علي » .
8 - نزل جبرئيل « عليه السلام » وبقى مع النبي « صلى الله عليه وآله » حتى انسحب المشركون
يفهم من حديث دعائم الإسلام : 1 / 374 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) أن جبرئيل ( عليه السلام ) بقي مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) حتى انسحب المشركون ، قال : « لما كان يوم أحد وافترق الناس عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وثبت معه على ( عليه السلام ) وكان من أمر الناس ما كان ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعلى ( عليه السلام ) : إذهب يا علي ، فقال : كيف أذهب يا رسول الله وأدعك ! بل نفسي دون نفسك ودمى دون دمك ، فأثنى عليه خيراً . ثم نظر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى كتيبة قد أقبلت فقال : إحمل عليها يا علي ، فحمل عليها ففرقها وقتل هشام بن أمية المخزومي ، ثم جاءت كتيبة أخرى فقال : إحمل عليها يا علي ، فحمل عليها ففرقها وقتل عمر بن عبد الله الجمحي ، ثم أقبلت كتيبة أخرى قال : إحمل عليها يا علي . فحمل عليها ففرقها وقتل شيبة بن مالك أخا بنى عامر بن لؤي ، وجبرئيل مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال جبرئيل : يا محمد إن هذه للمواساة ! فقال : يا جبرئيل ، إنه منى وأنا منه ، فقال جبرئيل : وأنا منكما يا محمد » .
9 - ركز المشركون على قتل النبي « صلى الله عليه وآله » في أحُد فأصابته جراحات
« لما اشتد البلاء وعظم الخطب بفرار المسلمين ، أرهف المشركون لقتل رسول الله غِرار عزمهم ، وأرصدوا لذلك جميع أهبهم ، فتعاقد خمسة من شياطينهم على ذلك ، كانوا كالفدائية في هذا السبيل وهم : عبد الله بن شهاب الزهر » والد الزهري المعروف وهو يهودي حداد حليف بنى زهرة « وعتبة بن أبي وقاص ، وابن قميئة الليثي أبي بن خلف ، وعبد الله بن حميد الأسدي القرشي ، لعنهم الله وأخزاهم ، فأما ابن شهاب فأصاب جبهته الميمونة ، وأما عتبة فرماه - تبَّت يداه - بأربعة أحجار فكسر رباعيته وشق شفته ، وأما ابن قميئة قاتله الله فكمَّ وجنته ودخل من خلف المغفر فيها وعلاه بالسيف - شُلَّت يداه - فلم يطق أن يقطع فسقط ( صلى الله عليه وآله ) إلى الأرض . وأما أبي بن خلف فشد عليه بحربته فأخذها رسول الله منه وقتله بها ، وأما عبد الله بن حميد فقتله أبو دجانة الأنصاري شكر الله سعيه وأعلى في الجنان مقامه ، فإنه ممن أبلى يومئذ بلاء حسناً . ثم حمل ابن قميئة على مصعب بن عمير وهو يظنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقتله ، ورجع إلى قريش يبشرهم بقتل محمد ، فجعل الناس يقولون : قتل محمد قتل محمد ! فانخلعت قلوب المسلمين جزعاً وكادت نفوسهم أن تزهق هلعاً ، وأوغلوا في الهرب مدلهين مدهوشين ، لا يرتابون في قتل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد أسقط في أيديهم » . الفصول المهمة للسيد شرف الدين / 118 .
وفى المناقب : 1 / 166 : « فرماه ابن قمئة بقذافة فأصاب كفه ، ورماه عبد الله بن شهاب بقلاعة فأصاب مرفقه ، وضربه عتبة بن أبي وقاص أخو سعد على وجهه ، فشج رأسه فنزل عن فرسه ، ونهبه ابن قمئة ، وقد ضربه على جنبه » !
وروى ابن هشام : 3 / 597 ، نحوه وذكر أن عتبة بن أبي وقاص رمى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فكسر رباعيته اليمنى السفلى وجرح شفته السفلي ، وأن عبد الله بن شهاب الزهري شجه في جبهته ، وأن ابن قمئة جرح وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته ، ووقع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون ، فأخذ علي بن أبي طالب بيده !
وفى تفسير فرات / 93 : « إنتهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى صخرة فاستتر بها ، ليتقى بها من السهام سهام المشركين » .
« فلما انتهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى فم الشعب خرج على ( عليه السلام ) حتى ملأ درقته من المهراس فجاء به إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ليشرب منه فوجد له ريحاً فعافه فلم يشرب منه وغسل عن وجهه الدم ، وصب على رأسه » . والمناقب : 1 / 96 ، 102 والخرائج / 62 .
وقد كسر خوذته عبد الله بن شهاب جد الزهري فجُرح في رأسه ، وأَدمى وجهه فوق حاجبه عبد الله أو عمرو بن قمئة وجرحه في وجنته ، وكسر رباعيته عتبة بن أبي وقاص ، وجرح شفته السفلى من داخل فمه الشريف . « مقدمة فتح الباري / 287 » . وفى فتح الباري : 7 / 286 : ( شُجَّ وجهه وكسرت رباعيته ، وجرحت وجنته وشفته السفلى من باطنها ، ووهى منكبه من ضربة ابن قمئة وجحشت ركبته ) .
وفى صحيح البخاري : 7 / 19 : ( عن سهل بن سعد الساعدي قال : لما كسرت على رأس رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) البيضة وأدمى وجهه وكسرت رباعيته وكان على يختلف بالماء في المجن ، وجاءت فاطمة تغسل عن وجهه الدم ، فلما رأت فاطمة « عليها السلام » الدم يزيد على الماء كثرة عمدت إلى حصير فأحرقتها وألصقتها على جرح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فرقأ الدم ) .
وفى مصنف ابن أبي شيبة : 4 / 586 : ( شُجَّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكسرت رباعيته ، وذلق من العطش حتى جعل يقع على ركبتيه وتركه أصحابه ، فجاء أبي بن خلف يطلب بدم أخيه أمية بن خلف فقال : أين هذا الذي يزعم أنه نبي فليبرز لي فإن كان نبياً قتلني ! فأخذ ( صلى الله عليه وآله ) الحربة ثم مشى إليه فطعنه فصرعه عن دابته ، وحمله أصحابه فاستفردوه فقالوا : ما نرى بك بأساً ! فقال : إنه قد استسقى الله دمي ، إني لأجد لها ما لو كان على مضر وربيعة لوسعتهم ) .
وفى الدرر لابن عبد البر / 148 : ( فقاتل دونه مصعب بن عمير حتى قتل . وجُرح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في وجهه ، وكُسرت رباعيته اليمنى السفلى بحجر ، وهشمت البيضة على رأسه . . وكان الذي تولى ذلك من النبي عمرو بن قمئة الليثي وعتبة بن أبي وقاص ، وقد قيل إن عبد الله بن شهاب جد الفقيه محمد بن مسلم بن شهاب هو الذي شج رسول الله في جبهته ، وأكبت الحجارة على رسول الله حتى سقط في حفرة كان أبو عامر الراهب قد حفرها مكيدة للمسلمين فخر على جنبه فأخذ على بيده ) .
وفى شرح الأخبار : 1 / 94 : ( عن عمر بن علاء ، قال : لما كان يوم أحد وتفرق الناس عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ضُرب رسول الله ستين ضربة بالسيف ، وعليه يومئذ درعان قد تظاهر بينهما ، وكسرت رباعيته وشج في وجهه وتفرق الناس عنه ، وبقى معه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال له رسول الله : إرجع يا علي ، فقال : إلى أين أرجع عنك يا رسول الله ؟ أرجع كافراً بعد أن أسلمت ! وأقبل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كردوس من المشركين . فقال لعلي : فاحمل إذن على هؤلاء ، فحمل عليهم ففرجهم وأصاب منهم . فقال جبرائيل لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا محمد إن هذه للمواساة . فقال : يا جبرائيل : إنه منى وأنا منه . فقال جبرائيل : وأنا منكما ) .
وفى النص والاجتهاد / 343 : ( وقاتل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يومئذ قتالاً شديداً ، فرمى بالنبل حتى فنى نبله ، وانكسرت سية قوسه وانقطع وتره ، وأصيب بجرح في وجنته ، وآخر في جبهته ، وكسرت رباعيته السفلي ، وشقت بأبى هو وأمي شفته وعلاه ابن قمئة بالسيف . وقاتل دونه على ومعه خمسة من الأنصار استشهدوا في الدفاع عنه رضي الله عنهم وأرضاهم ، وترس أبو دجانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بنفسه ، فكان يقع النبل بظهره وهو منحن عليه ، وقاتل مصعب بن عمير فاستشهد ، قتله ابن قمئة الليثي وهو يظنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فرجع إلى قريش يقول لهم : قتلت محمداً ، فجعل الناس يقولون : قتل محمد ، قتل محمد ! فأوغل المسلمون في الهرب على غير رشد ، وكان أول من عرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كعب بن مالك ، فنادى بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله حي لم يقتل ، فأشار إليه ( صلى الله عليه وآله ) أن أنصت ) . لئلا يعرفوا مكانه .
وروينا عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) « إعلام الوري : 1 / 179 » : ( فلما دنت فاطمة « عليها السلام » من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورأته قد شُج في وجهه وأدمى فوه إدماءً ، صاحت وجعلت تمسح الدم وتقول : اشتد غضب الله على من أدمى وجه رسول الله ! وكان رسول الله يتناول في يده ما يسيل من الدم فيرميه في الهواء ، فلا يتراجع منه شئ ! قال الصادق ( عليه السلام ) : والله لو سقط منه شئ على الأرض لنزل العذاب .
قال أبان بن عثمان : حدثني بذلك عنه الصباح بن سيابة قال قلت : كسرت رباعيته كما يقوله هؤلاء ؟ قال : لا والله ما قبضه الله إلا سليماً ، ولكنه شُجَّ في وجهه . قلتُ : فالغار في أحُد الذي يزعمون أن رسول الله « عليهما السلام » صار إليه ؟ قال : والله ما برح مكانه ، وقيل له : ألا تدعو عليهم ؟ قال : اللهم اهد قومي ) !
10 - أشد الأيام على النبي « صلى الله عليه وآله »
« روى عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) : أنه نظر يوماً إلى عبيد الله بن العباس بن علي فاستعبر ثم قال : ما من يوم أشد على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من يوم أحُد ، قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب . ولا يوم كيوم الحسين ( عليه السلام ) : ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة ، كل يتقرب إلى الله عز وجل بدمه ! وهو يذكرهم بالله فلا يتعظون ، حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً » ! مقتل الحسين « عليه السلام » مخنف / 176 .
11 - أصعب اللحظات في حياة علي « عليه السلام »
وصف على أصعب اللحظات في أحُد ، كما في الإرشاد : 1 / 86 والمناقب : 2 / 315 ، قال : « لما انهزم الناس يوم أحد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لحقني من الجزع عليه ما لم أملك نفسي ، وكنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه فرجعت أطلبه فلم أره ، فقلت : ما كان رسول الله ليفر وما رأيته في القتلي ، وأظنه رفع من بيننا إلى السماء ، فكسرت جفن سيفي وقلت في نفسي : لأقاتلن به عنه حتى أقتل ، وحملت
على القوم فأفرجوا فإذا أنا برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد وقع على الأرض مغشياً عليه ، فقمت على رأسه فنظر إلى وقال : ما صنع الناس يا علي ؟ فقلت : كفروا يا رسول الله وولوا الدبر وأسلموك ! فنظر النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى كتيبة قد أقبلت إليه فقال لي : رد عنى يا علي هذه الكتيبة فحملت عليها بسيفي أضربها يميناً وشمالاً حتى ولوا الأدبار .
فقال لي النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أما تسمع يا علي مديحك في السماء ، إن ملكاً يقال له رضوان ينادي : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي . فبكيت سروراً وحمدت الله سبحانه على نعمته » .
وتقدم من الإرشاد : 1 / 80 ، قوله : « وقد كان أغمي عليه ( صلى الله عليه وآله ) مما ناله » ! لما جرح ووقع في الحفرة وتكاثر عليه المشركون ، وجاء على وجبرئيل فأخذاه إلى الصخرة .
وفى المناقب لابن سُلَيمان : 1 / 466 ، عن ابن أبي ليلى قال : « لم يمر على الناس يوم مثل يوم أحد أشد منه ! جرح النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقتل حمزة ، وانكشف الناس عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فتركوه وهو يقول : أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب . . الخ . » .
12 - قميص النبي « صلى الله عليه وآله » الذي أصيب به في أحد
في الكافي : 1 / 236 ، « عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) من حديث ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما حضرته الوفاة عرض على عمه العباس أن يأخذ تراثه ويقضى دينه ومواعيده ، فاعتذر بأنه لا يطيق ، فعرض ذلك على على ( عليه السلام ) فقبله فأعطاه تراثه ، وفيه : والقميص الذي أسرى به فيه ، والقميص الذي جرح فيه يوم أحد » .
وروى ابن عقدة في فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) / 88 ، أن المهدى ( عليه السلام ) عندما يظهر : « يكون عليه قميص رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الذي كان عليه يوم أحد » .
13 - لماذا انسحبت قريش ولم تهاجم المدينة ؟ !
كان القرشيون يقولون : نقتل محمداً ونردف الكواعب من المدينة ، أي نأتى بالسبايا من الأنصار ! « ندموا على انصرافهم عن المسلمين ، وتلاوموا فقالوا : لا محمداً قتلتم ، ولا الكواعب أردفتم » ! مجمع البيان : 2 / 446 .
وفى مناقب آل أبي طالب : 1 / 109 : « لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين إلى مكة قالوا : ما صنعنا ! قتلناهم حتى لم يبق منهم إلا الشريد وتركناهم إذ هم ! وقالوا : إرجعوا فاستأصلوهم ، فلما عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا » .
لكن الذي حدث أن قائدهم أبا سفيان أصابه الذعر من على ( عليه السلام ) وكان يرى جبرئيل ( عليه السلام ) معه راكباً فرساً أشقر ، فقرر العودة إلى مكة !
فاعجب من أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أرسل علياً ( عليه السلام ) وحده خلفهم وهم ثلاثة آلاف ، فذهب غير هياب ، ولما فاجأهم من أمامهم قالوا هذا الذي فعل فينا الأفاعيل ! وصاح أبو سفيان بأنا منسحبون فلماذا تتبعنا !
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) « الكافي : 8 / 318 » : « لما رأى النبي ( صلى الله عليه وآله ) اختلاج ساقيه من كثرة القتال ، رفع رأسه إلى السماء وهو يبكى وقال : يا رب وعدتني أن تظهر دينك وإن شئت لم يعْيك . فأقبل على ( عليه السلام ) إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله أسمع دوياً شديداً وأسمع أقدم حيزوم ، وما أهمُّ أضرب أحداً إلا سقط ميتاً قبل أن أضربه ! فقال هذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في الملائكة . . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي إمض بسيفك حتى تعارضهم ، فإن رأيتهم قد ركبوا القلاص « الإبل » وجنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة ، وإن رأيتهم قد ركبوا الخيل وهم يجنبون القلاص فإنهم يريدون المدينة ، فأتاهم على ( عليه السلام ) فكانوا على القلاص فقال أبو سفيان لعلي : يا علي ما تريد ! هو ذا نحن ذاهبون إلى مكة فانصرف إلى صاحبك ! فأتبعهم جبرئيل فكلما سمعوا وقع حافر فرسه جدوا في السير ! وكان يتلوهم ، فإذا ارتحلوا قالوا : هو ذا عسكر محمد قد أقبل ! فدخل أبو سفيان مكة فأخبرهم الخبر ، وجاء الرعاة والحطابون فدخلوا مكة فقالوا : رأينا عسكر محمد كلما رحل أبو سفيان نزلوا يقدمهم فارس على فرس أشقر يطلب آثارهم » !
14 - علي « عليه السلام » بطل أحُد وصاحب انتصاراتها
قال ابن هشام : 3 / 655 : « أنشدني أبو عبيدة للحجاج بن علاط السلمي ، يمدح علي بن أبي طالب ، ويذكر قتله طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار ، صاحب لواء المشركين يوم أحد :
لله أي مذبَّبٍ عن حرمة * أعنى ابن فاطمةَ المُعِمَّ المُخْولا
سبقت يداك له بعاجل طعنة * تركتْ طليحة للجبين مجدَّلا
وشددت شدةَ باسلٍ فكشفتهم * بالسفح إذ يهْوُون أخولَ أخولا
وعللت سيفك بالدماء ولم يكن * لتردَّه ظمآنَ حتى ينهلا »
والإرشاد : 1 / 90 ، رسائل المرتضي : 4 / 125 والنهاية : 7 / 372 .
وقال المفيد في الإرشاد : 1 / 90 : « ذكر أهل السير قتلى أحُد من المشركين ، فكان جمهورهم قتلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فروى عبد الملك بن هشام قال . . كان صاحب لواء قريش يوم أحُد طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار ، قتله علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وقتل ابنه أبا سعيد بن طلحة ، وقتل أخاه كلدة بن أبي طلحة ، وقتل عبد الله بن حميد بن زهرة بن الحارث بن أسد بن عبد العزي ، وقتل أبا الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي ، وقتل الوليد بن أبي حذيفة بن المغيرة ، وقتل أخاه أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة ، وقتل أرطاة بن شرحبيل ، وقتل هشام بن أمية ، وعمرو بن عبد الله الجمحي ، وبشر بن مالك ، وقتل صواباً مولى بنى عبد الدار ، فكان الفتح له ورجوع الناس من هزيمتهم إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بمقامه يذب عنه دونهم ! وتوجه العتاب من الله تعالى إلى كافتهم لهزيمتهم يومئذ سواه ومن ثبت معه من رجال الأنصار ، وكانوا ثمانية نفر وقيل : أربعة أو خمسة » .
وقال العلامة في كشف اليقين / 131 : « وكان جمهور قتلى أحُد مقتولين بسيف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وكان الفتح ورجوع الناس إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بثبات أمير المؤمنين ( عليه السلام ) » .
وفى الثاقب في المناقب / 63 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « قَتَل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يوم أحد أربعة عشر رجلاً ، وقتل سائر الناس سبعة ، وأصابه يومئذ ثمانون جراحة ، فمسحها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فلم ينفح منها شئ » .
وفى المناقب : 1 / 385 و 2 / 78 : « عن أبان بن عثمان ، أنه أصاب علياً يوم أحد ستون جراحة ، وأصاب علياً يوم أحد ستة عشر ضربة ، وهو بين يدي رسول الله يذب عنه في كل ضربة يسقط إلى الأرض ، فإذا سقط رفعه جبرئيل . .
أصابني يوم أحد ست عشرة ضربة سقطت إلى الأرض في أربع منهن فأتاني رجل حسن الوجه حسن اللمة طيب الريح فأخذ بضبعى فأقامني ، ثم قال : أقبل عليهم فإنك في طاعة الله وطاعة رسول الله وهما عنك راضيان ، قال على ( عليه السلام ) : فأتيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأخبرته فقال : يا علي أقر الله عينك ، ذاك جبرئيل » .
وفى المناقب : 3 / 85 ، عن زيد بن علي قال : « كسرت زند على يوم أحد وفى يده لواء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فسقط اللواء من يده ، فتحاماه المسلمون أن يأخذوه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : فضعوه في يده الشمال فإنه صاحب لوائي في الدنيا والآخرة . وفى رواية غيره : فرفعه المقداد وأعطاه علياً » . ورواه السرخسي في المبسوط : 1 / 73 .
وفى تحفة الفقهاء للسمرقندي : 1 / 90 ، أنه كسر زنداه يومئذ ! ولم يذكر متي ، ولعله في الجولة الأولى بعد قتله أصحاب الألوية ، وقد واصل جهاده وكأنه لم يصبه شئ فقد مسح النبي ( صلى الله عليه وآله ) جراحه !
وفى المناقب : 1 / 341 : « المعروفون بالجهاد : علي ، وحمزة ، وجعفر ، وعبيدة بن الحارث ، والزبير ، وطلحة ، وأبو دجانة ، وسعد بن أبي وقاص ، والبراء بن عازب وسعد بن معاذ ، ومحمد بن مسلمة . وقد أجمعت الأمة على أن هؤلاء لا يقاسون بعلى ( عليه السلام ) في شوكته وكثرة جهاده . فأما أبو بكر وعمر فقد تصفحنا كتب المغازي فما وجدنا لهما فيه أثراً البتة . وقد أجمعت الأمة على أن علياً ( عليه السلام ) كان المجاهد في سبيل الله والكاشف الكروب عن وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، المقدم في ساير الغزوات إذا لم يحضر النبي ( صلى الله عليه وآله ) وإذا حضر فهو تاليه وصاحب الراية واللواء معاً ، وما كان قط تحت لواء أحد ، ولا فر من زحف ! وإنهما فرَّا في غير موضع ، وكانا تحت لواء جماعة » .
فأعطى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذا الفقار يومها إلى علي ( عليه السلام ) وكان نزل في بدر فأعطاه علياً ( عليه السلام ) في بدر وقاتل به ، أما يوم أحد فأعطاه إياه عندما تقطع سيفه فصار له ، ونادى جبرئيل في أحُد بندائه يوم بدر .
أقول : مع كل هذا ترى رواة السلطة ينتقصون علياً ( عليه السلام ) ويذمونه ، فقد قالوا إنه أعطى سيفه لفاطمة « عليها السلام » لتغسله وافتخر فقال : « خذيه فلقد أحسنت به القتال » ! فوبخه النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقال له : « إن كنت قد أحسنت القتال اليوم ، فلقد أحسن سهل بن حنيف وعاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وأبو دجانة » . « الحاكم 3 / 409 والحلبية 2 / 547 » . وهذا من الحقد القرشي على على ( عليه السلام ) !
15 - حب علي « عليه السلام » فريضة لا رخصة فيها
في الجواهر السنية / 301 ، عن سلمان الفارسي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : « هبط جبرائيل ( عليه السلام ) يوم أحد وقد انهزم المسلمون ولم يبق غير على ( عليه السلام ) ، وقد قتل الله على يده يومئذ من المشركين من قتل فقال جبرئيل : يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك : أخبر علياً أنى عنه راض ، وأنى آليت على نفسي أن لا يحبه عبد إلا أحببته ، ومن أحببته لم أعذبه بناري ، ولا يبغضه عبد إلا أبغضته ، ومن أبغضته ما له في الجنة من نصيب ! قال : وهبط على جبرئيل ( عليه السلام ) يوم الأحزاب لما قتل علي بن أبي طالب عمرواً فارسهم فقال : يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك : إني افترضت الصلاة على عبادي فوضعتها عن العليل الذي لايستطيعها ، وافترضت الزكاة فوضعتها عن المقل ، وافترضت الصيام فوضعته عن المسافر ، وافترضت الحج فوضعته عن المعدم ومن لا يجد السبيل إليه ، وافترضت حب علي بن أبي طالب ومودته على أهل السماوات وأهل الأرض ، فلم أعذر فيه أحداً ! فمر أمتك بحبه فمن أحبه فبحبي وحبك أحبه ، ومن أبغضه فببغضي وبغضك أبغضه » !
16 - جاءت فاطمة الزهراء « عليها السلام » منقضة كالصقر إلى قلب المعركة !
في إعلام الوري : 1 / 177 : « ذهبت صيحة إبليس حتى دخلت بيوت المدينة فصاحت فاطمة « عليها السلام » ، ولم تبق هاشمية ولا قرشية إلا وضعت يدها على رأسها ، وخرجت فاطمة « عليها السلام » تصرخ ! قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : فلما دنت فاطمة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورأته قد شج في وجهه وأدمى فوهُ إدماءً ، صاحت وجعلت تمسح الدم وتقول : اشتد غضب الله على من أدمى وجه رسول الله ! وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتناول في يده ما يسيل من الدم فيرميه في الهواء فلا يتراجع منه شئ !
قال الصادق ( عليه السلام ) : والله لو سقط منه شئ على الأرض لنزل العذاب !
قال أبان بن عثمان : حدثني بذلك عنه الصباح بن سيابة قال قلت : كسرت رباعيته كما يقوله هؤلاء ؟ قال ( عليه السلام ) : لا والله ما قبضه الله إلا سَليماً ولكنه شُجَّ في وجهه . قلت : فالغار في أحد الذي يزعمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صار إليه ؟ قال : والله ما برح مكانه ، وقيل له ( صلى الله عليه وآله ) : ألا تدعو عليهم ؟ قال : اللهم اهد قومي » .
وفى المناقب : 1 / 166 : « وصاح إبليس من جبل أحد : ألا إن محمداً قد قتل ! فصاحت فاطمة « عليها السلام » ووضعت يدها على رأسها ، وخرجت تصرخ » !
وفى تفسير القمي : 1 / 124 : « خرجت فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تعدو على قدميها حتى وافت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقعدت بين يديه ، فكان إذا بكى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بكت لبكائه ، وإذا انتحب انتحبت » ! وكان بكاؤه ( صلى الله عليه وآله ) حباً وشكراً لفاطمة « عليها السلام » ، وبكاؤها تأثراً لوحدته وجراحه ! ومعنى ذلك أنها حضرت عندما جاء على وجبرئيل « عليهما السلام » بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى ظل الصخرة ، بعد أن جرح ووقع في حفرة ، فجاء بها الله تعالى لتغسل جراحه وتكون إلى جنبه ! فجاءت ركضاً تمشى في سفوح وادى قُبا الشرقية ، لأن الوادي كانت بيد جيش قريش ، ولو رأوها لأخذوها أسيرة ، وكان ذلك نصراً عظيماً لهم !
ويظهر أنها جاءت وحدها ، فلم تذكر المصادر أحداً معها !
كما أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لما أرسل علياً ( عليه السلام ) خلف جيش قريش ، بقيت فاطمة معه وحدهما ، وهذا خطر آخر تعرض له النبي ( صلى الله عليه وآله ) والزهراء « عليها السلام » !
وقد طمس رواة السلطة دورها « عليها السلام » في أحُد ، ولم يشيدوا بمجيئها إلى المعركة والناس فارُّون ! وغاية ما رووه أنها وعلياً « عليهما السلام » غسلا جرح النبي ( صلى الله عليه وآله ) !
قال بخارى في صحيحه : 3 / 227 : « لما كسرت بيضة النبي ( صلى الله عليه وآله ) على رأسه وأدمى وجهه وكسرت رباعيته ، كان على يختلف بالماء في المجن وكانت فاطمة « عليها السلام » تغسله ، فلما رأت الدم يزيد على الماء كثرة عمدت إلى حصير فأحرقتها وألصقتها على جرحه يعنى رمادها ، فرقأ الدم » .
17 - الصحابة الهاربون على جبل أحد
في سيرة ابن إسحاق : 3 / 309 ، وغيره ، أن أنس بن النضر : « انتهى إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم « انهاروا » فقال : ما يجلسكم ؟ ! قالوا : قتل رسول الله ! قال : فما تظنون بالحياة بعده ؟ ! قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ! ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل « رحمه الله » » .
وفى الطبري : 2 / 201 : « فقال بعض أصحاب الصخرة : ليت لنا رسولاً إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا أَمَنَةً من أبي سفيان ! يا قوم إن محمداً قد قتل فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم ! قال أنس بن النضر : يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد لم يقتل ، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد ! اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء ، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ! ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل » .
وهذا يدل على أن همهم كان تدبير سلامتهم ، وأخذ الأمان من أبي سفيان ، ويدل قولهم فارجعوا إلى قومكم أو إلى دين قومكم ، على أنهم قرشيون !
18 - نادى النبي « صلى الله عليه وآله » الفارين بأسمائهم
في شرح النهج : 15 / 24 ، عن محمد بن مسلمة قال : « سمعت أذناي وأبصرت عيناي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول يوم أحد وقد انكشف الناس إلى الجبل وهو يدعوهم وهم لايلوون عليه ، سمعته يقول : إلى يا فلان ، إلى يا فلان ، أنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! فما عرج عليه واحد منهما ومضيا ، فأشار ابن معد إلى أي إسمع ، فقلت : وما في هذا ؟ قال : هذه كناية عنهما . فقلت : ويجوز أن لا يكون عنهما لعله عن غيرهما .
قال : ليس في الصحابة من يحتشم من ذكره بالفرار وما شابهه من العيب فيضطر القائل إلى الكناية إلا هما . قلت له : هذا ممنوع . فقال : « دعنا من جدلك ومنعك ، ثم حلف أنه ما عنى الواقدي غيرهما ، وأنه لو كان غيرهما لذكرهما صريحاً » .
وروى الطبري في تفسيره : 4 / 193 : « خطب عمر يوم الجمعة فقرأ آل عمران قال : لما كان يوم أحد ففررت حتى صعدت الجبل ، فلقد رأيتني أنزو كأنني أروي ، والناس يقولون : قتل محمد » ! والأروي : العنزة الجبلية التي تجيد تسلق الصخور !
ونص الرواة على أن طلحة كان مع الفارين في الجبل عند الصخرة . وذكر ابن مسعود أنه كان من أول الراجعين ، لكن بعد انتهاء المعركة !
وقد كثرت مكذوبات رواة السلطة في ادعاء حضور فلان وفلان بعد فرارهم ، وكذا الحوار الذي اخترعوه بين أبي سفيان وعمر وأبى بكر ! مع أنهم كانوا على الصخرة فوق جبل أحُد يريدون إرسال أحد إلى أبي سفيان ليأخذوا منه الأمان ، فلو كان يسمع صوتهم لما احتاجوا إلى إرسال أحد اليه ! راجع الصحيح من السيرة : 6 / 203 .
19 - ولحقهم علي « عليه السلام » في أول فرارهم ووبخهم !
في تفسير القمي : 1 / 114 : « وروى عن أبي واثلة شقيق بن سلمة قال : كنت أماشى فلاناً « عمر » إذ سمعت منه همهمة فقلت له مه ، ماذا يا فلان ؟ قال ويحك أما ترى الهزير القضم ابن القضم . فالتفتُّ فإذا هو علي بن أبي طالب ، فقلت له : يا هذا هو علي بن أبي طالب ! فقال : أدن منى أحدثك عن شجاعته وبطولته ، بايعنا النبي يوم أحد على أن لا نفر ومن فر منا فهو ضال ، ومن قتل منا فهو شهيد والنبي زعيمه ، إذ حمل علينا مائة صنديد تحت كل صنديد مائة رجل أو يزيدون فأزعجونا عن طحونتنا ، فرأيت علياً كالليث يتقى الدر ، وإذ قد حمل كفاً من حصى فرمى به في وجوهنا ثم قال : شاهت الوجوه وقطَّت وبطَّت ولطَّت ، إلى أين تفرون ، إلى النار ؟ ! فلم نرجع ، ثم كر علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت فقال : بايعتم ثم نكثتم ؟ فوالله لأنتم أولى بالقتل ممن أقتل ! فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدان ناراً ، أو كالقدحين المملوين دماً ، فما ظننت إلا ويأتي علينا كلنا ، فبادرت أنا إليه من بين أصحابي فقلت : يا أبا الحسن الله الله ، فإن العرب تكر وتفر وإن الكرة تنفى الفرة ، فكأنه استحيا فولى بوجهه عني ، فما زلت أسكن روعة فؤادي ! فوالله ما خرج ذلك الرعب من قلبي حتى الساعة » !
20 - بعض الصحابة الهاربين كفروا وشبعوا كفراً !
قال أحد الهاربين يوم أحد : « والذي نفسي بيده لئن كان قتل النبي لنعطينهم بأيدينا ! إنهم لعشائرنا وإخواننا ! وقالوا : لو أن محمداً كان نبياً لم يهزم ولكنه قد قتل ! فترخصوا في الفرار حينئذ » ! الدر المنثور : 2 / 80 .
وقال مرضى القلوب منهم : « قال أهل المرض والارتياب والنفاق حين فرَّ الناس عن النبي : قد قتل محمد ، فالحقوا بدينكم الأول » ! تفسير الطبري : 4 / 151 .
قال السيوطي في الدر المنثور : 2 / 80 : « وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : نادى مناد يوم أحد حين هزم أصحاب محمد : ألا إن محمداً قد قتل فارجعوا إلى دينكم الأول . . وأخرج ابن جرير من طريق العوفي ، عن ابن عباس أن رسول الله اعتزل هو وعصابة معه يومئذ على أكمة والناس يفرون ورجل قائم على الطريق يسألهم : ما فعل رسول الله ؟ وجعل كلما مروا عليه يسألهم فيقولون : والله ما ندري ما فعل ! فقال : والذي نفسي بيده لئن كان قتل النبي لنعطينهم بأيدينا إنهم لعشائرنا وإخواننا وقالوا : لو أن محمداً كان نبياً لم يهزم ولكنه قد قتل ! فترخصوا في الفرار » .
21 - قالوا كل التقصير من النبي « صلى الله عليه وآله » !
قال عمر : « فلما كان عام أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون ، وفرَّ أصحاب رسول الله عن النبي ، فكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله : وَلَمّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَمِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ بأخذكم الفداء » ! « مجمع الزوائد : 6 / 115 » . وصححه ابن حجر في العجاب : 2 / 780 .
وهو معنى قوله تعالي : يقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمر مِنْ شَئٍْ قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ للهِ يخْفُونَ فِى أَنْفُسِهِمْ مَا لايبْدُونَ لَكَ يقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَئٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا . .
22 - شهادة حمزة عم النبي « صلى الله عليه وآله »
في تفسير القمي : 1 / 117 : « وكانت هند بنت عتبة في وسط العسكر ، فكلما انهزم رجل من قريش رفعت إليه ميلاً ومكحلة وقالت : إنما أنت امرأة فاكتحل بهذا ، وكان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم ، فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له واحد . وكانت هند بنت عتبة قد أعطت وحشياً عهداً لئن قتلت محمداً أو علياً أو حمزة لأعطيتك رضاك . وكان وحشى عبداً لجبير بن مطعم ، حبشياً ، فقال وحشي : أما محمد فلا أقدر عليه وأما على فرأيته رجلاً حذراً كثير الالتفات فلم أطمع فيه .
قال : فكمنت لحمزة فرأيته يهدُّ الناس هدّاً فمر بي فوطأ على جرف نهر فسقط ، فأخذت حربتى فهززتها ورميته فوقعت في خاصرته وخرجت من مثانته مغمسة بالدم ، فسقط ، فأتيته فشققت بطنه وأخذت كبده وأتيت بها إلى هند فقلت لها : هذه كبد حمزة ! فأخذتها في فيها فلاكتها فجعلها الله في فيها مثل الداغصة فلفظتها ورمت بها ! فبعث الله ملكاً فحملها وردها إلى موضعها !
فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : يأبى الله أن يدخل شيئاً من بدن حمزة النار ، فجاءت إليه هند فقطعت مذاكيره ، وقطعت أذنيه ، وجعلتهما خرصين وشدتهما في عنقها ، وقطعت يديه ورجليه » ! ونحوه الإرشاد : 1 / 83 .
وفى المناقب : 1 / 166 : « قال الصادق ( عليه السلام ) : فزرقه وحشى فوق الثدي فسقط ، وشدوا عليه فقتلوه ، فأخذ وحشى الكبد فشد بها إلى هند ، فأخذتها فطرحتها في فيها فصارت مثل الداغصة فلفظتها ! ورأى الحليس بن علقمة أبا سفيان وهو يشد الرمح في شدق حمزة فقال : أنظروا إلى من يزعم أنه سيد قريش ما يصنع بعمه الذي صار لحماً ؟ ! وأبو سفيان يقول : ذق يا عقق . وأتت هند وجدعت أنفه وأذنه ، وجعلت في مخنقتها بالذريرة مدة » .
وفى رسائل المرتضي : 4 / 125 ، أن هنداً نذرت يوم بدر أن تأكل كبد حمزة ( عليه السلام ) .
وفى شرح الأخبار : 1 / 268 : « قال وحشي : رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهد الناس بسفيه هداً ما يقوم له أحد ، فاستترت بشجرة أو قال بحجر منه ليدنو إلى فأرميه بالحربة من حيث لا يراني ، إذ لم أكن أقدر على مواجهته ، فإني على ذلك إذ بسباع بن عبد العزى قد سبقني إليه يريد نزاله . . ثم حمل عليه حمزة حملة أسد فضربه بالسيف ، فكأنما أخطى رأسه ووقف عليه وقد خر ميتاً وهو لا يراني ، وأرسلت الحربة إليه ، فأصبته في مقتل فسقط ميتاً ! يخبر وحشى بذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد جاء مسلماً وسأله عن ذلك ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا وحشى غيب عنى وجهك ، فلا أراك » !
وفى تفسير القمي : 1 / 123 : « فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى وقف عليه فلما رأى ما فعل به بكى ثم قال : والله ما وقفت موقفاً قط أغْيظَ على من هذا المكان ! لئن أمكنني الله من قريش لأمثلن بسبعين رجلاً منهم ! فنزل عليه جبرئيل فقال : وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيرٌ لِلصَّابِرِينَ . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : بل أصبر . . فألقى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على حمزة بُردة كانت عليه فكانت إذا مدها على رأسه بدت رجلاه وإذا مدها على رجليه بدا رأسه ، فمدها على رأسه وألقى على رجليه الحشيش وقال : لولا أنى أحذر نساء بنى عبد المطلب لتركته للعادية والسباع حتى يحشر يوم القيامة من بطون السباع والطير ! وأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالقتلى فجمعوا فصلى عليهم ودفنهم في مضاجعهم ، وكبر على حمزة سبعين تكبيرة » .
وفى تاريخ اليعقوبي : 2 / 49 : « فجزع عليه رسول الله جزعاً شديداً وقال : لن أصاب بمثلك وكبَّر عليه خمساً وسبعين تكبيرة » .
وقال ابن هشام : 3 / 607 : « أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بحمزة فسجّى ببردة ، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى فيوضعون إلى حمزة فصلى عليهم وعليه معهم حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة . قال ابن إسحاق : وقد أقبلت فيما بلغني صفية بنت عبد المطلب لتنظر إليه وكان أخاها لأبيها وأمها فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لابنها الزبير بن العوام : إلقها فأرجعها لا ترى ما بأخيها فقال لها : يا أمه ، إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يأمرك أن ترجعي ، قالت : ولم ؟ وقد بلغني أن قد مُثِّل بأخي وذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك ! لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله .
فلما جاء الزبير إلى رسول الله فأخبره بذلك ، قال : خل سبيلها ، فأتته فنظرت إليه فصلت عليه واسترجعت واستغفرت له ، ثم أمر به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فدفن » .
« عن أبي بن كعب قال : لما كان يوم أحد قتل من الأنصار أربعة وستون رجلاً ومن المهاجرين ستة » . « مسند أحمد : 5 / 135 » . وروى أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « أشهد أنكم أحياء عند الله ، فزوروهم وسلموا عليهم فوالذي نفس محمد بيده لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة » . مجمع الزوائد : 3 / 60 .
وفى كشف الغمة : 1 / 189 ، أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سئل على منبر الكوفة عن قوله تعالي : مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ ينْتَظِرُ . . فقال : اللهم غفراً ، هذه الآية نزلت في وفى عمى حمزة وفى ابن عمى عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، فأما عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر ، وأما عمى حمزة فإنه قضى نحبه شهيداً يوم أحد ، وأما أنا فأنتظر أشقاها يخضب هذه من هذه ، وأومى بيده إلى لحيته ورأسه ، عهدٌ عهده إلى حبيبي أبو القاسم ( صلى الله عليه وآله ) » !
وفى شرح الأخبار : 1 / 282 : « ثم انصرف ( صلى الله عليه وآله ) راجعاً إلى المدينة وانصرف الناس معه ، فلما دخل المدينة مر على دور الأنصار وهم يبكون قتلاهم ، فذرفت عيناه ( صلى الله عليه وآله ) فبكى ثم قال : لكن حمزة لا بواكى له ! فأمر الأنصار نساءهم أن يبكين عليه ففعلن ، فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهن يبكين حمزة على باب المسجد فقال : إرجعن رحمكن الله ، فقد آسيتن بأنفسكن ، ونهاهن عن النوح وقال : كل نادبة كاذبة إلا نادبة حمزة » . وقد روته مصادرهم ، كمسند أحمد : 1 / 463 وفتح الباري : 7 / 272 .
وفى الطرائف / 503 : « قيل لعبد الله بن يحيي : هل تصلى مع معاوية ؟ قال : لا والله لا أجد فرقاً بين الصلاة خلفه وبين الصلاة خلف امرأة يهودية حائض ، ولذا لو صليت خلفه تقية أعدتها ! وسئل شريك عن فضائل معاوية فقال : إن أباه قاتلَ النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو قاتلَ وصى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأمه أكلت كبد حمزة عم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وابنه قتل سبط النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وهو ابن زنا ! فهل تريد له منقبة بعد ذلك » !
23 - شهادة الحاخام مخيريق أفضل بني إسرائيل
في المناقب : 1 / 146 : « أسلم وقاتل مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأوصى بماله لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو سبع حوائط وهي : المينب ، والصايفه ، والحسني ، ويرقد ، والعواف ، والكلاء ، ومشربة أم إبراهيم » . وقد ذكرناه في اليهود بعد بدر .
وفى سيرة ابن هشام : 2 / 362 : « وكان من حديث مخيريق وكان حبراً عالماً ، وكان رجلاً غنياً كثير الأموال من النخل ، وكان يعرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بصفته وما يجد في علمه ، وغلب عليه إلف دينه فلم يزل على ذلك ، حتى إذا كان يوم أحُد وكان يوم أحُد يوم السبت قال : يا معشر يهود ، والله إنكم لتعلمون إن نصر محمد عليكم لحق ، قالوا : إن اليوم يوم السبت ، قال : لا سبت لكم ، ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأحد ، وعهد إلى من وراءه من قومه : إن قتلت هذا اليوم فأموالى لمحمد يصنع فيها ما أراه الله ، فلما اقتتل الناس قاتل حتى قتل ، فكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيما بلغني يقول : مخيريق خير يهود . وقبض رسول الله أمواله فعامة صدقات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالمدينة منها » .
24 - جهاد أبى دجانة الأنصاري « رحمه الله »
في شرح الأخبار : 1 / 273 : « أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سيفاً بيده فهزه وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟ فقال الزبير بن العوام : أنا يا رسول الله ، فأعرض عنه رسول الله وقال : من يأخذ بحقه ؟ فقام إليه أبو دجانة الأنصاري وكان من أبطال الأنصار فقال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : ألا يقف به في الكبول يعنى أواخر الصفوف وأن يضرب به في العدو حتى ينحني . فقال : أنا آخذه يا رسول الله فدفعه إليه ، فأخذه أبو دجانة وهو مالك بن حرشة أخو بنى سعدة من الأنصار ، ثم أخرج عصابة معه حمراء فتعصب بها فقالت الأنصار : تعصب أبو دجانة عصابته قد نزل الموت ، وكان ذلك من فعله . ثم خرج يتبختر بين الصفين ويقول :
إني امرؤٌ عاهدنى خليلي * ونحن بالسفح لذي النخيل
ألا أقوم الدهر في الكبول * أضرب بسيف الله والرسول
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنها مشية يبغضها الله عز وجل إلا في مثل هذا المقام . قال الزبير : فقلت : منعني رسول الله السيف وأعطاه أبا دجانة ، والله لأتبعنه حتى لأنظر ما يصنع ، فاتبعته حتى هجم في المشركين فجعل لا يلقى منهم أحداً إلا قتله ، فقلت : الله ورسوله أعلم ! قال : وكان في المشركين رجل قد أبلى ولم يدع منا جريحاً إلا دق عليه أي قتله فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه ، فدعوت الله أن يجمع بينهما ، فالتقيا واختلفا بضربتين فضرب المشرك أبا دجانة ضربة بسيفه فاتقاها أبو دجانة بدرقته فعضب السيف ، وضربه أبو دجانة فرمى برأسه !
ثم رأيته حمل السيف على مفرق رأس هند ابنة عتبة ثم عدله عنها ! فقيل : لأبى دجانة في ذلك ! فقال : رأيت إنساناً يخمِّش الناس خمشاً شديداً يعنى يحركهم القتال فصدرت إليه يعنى قصدته فلما حملت السيف على رأسه لأضربه وَلْوَلَ ، فإذا به امرأة فأكرمت سيف رسول الله من أن أضرب به امرأة » ! ومسلم : 7 / 151 .
وفى علل الشرائع : 1 / 7 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « لما كان يوم أحد انهزم أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأبو دجانة سماك بن خرشة ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : يا أبا دجانة أما ترى قومك ؟ قال : بلي . قال : إلحق بقومك قال : ما على هذا بايعت الله ورسوله ! قال : أنت في حل . قال : والله لا تتحدث قريش بأنى خذلتك وفررت حتى أذوق ما تذوق ! فجزَّاه النبي خيراً ، وكان على كلما حملت طائفة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) استقبلهم وردهم حتى أكثر فيهم القتل والجراحات حتى انكسر سيفه ، فجاء إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله إن الرجل يقاتل بسلاحه وقد انكسر سيفي ، فأعطاه ( عليه السلام ) سيفه ذا الفقار ، فما زال يدفع به عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى أثَّر وانكسر ، فنزل عليه جبرئيل وقال : يا محمد ، إن هذه لهى المواساة من على لك ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إنه منى وأنا منه ، فقال جبرئيل : وأنا منكما » .
قال : مصنف هذا الكتاب « رحمه الله » : قول جبرئيل ( عليه السلام ) : وأنا منكما تمنٍّ منه لأن يكون منهما ، فلو كان أفضل منهما لم يقل ذلك ولم يتمن أن ينحط عن درجته إلى أن يكون ممن دونه ، وإنما قال : وأنا منكما ، ليصير ممن هو أفضل منه فيزداد محلاً إلى محله وفضلاً إلى فضله » .
ورواه فرات في تفسيره / 93 ، عن حذيفة وفيه : « فلما سمع رسول الله كلامه ورغبته في الجهاد إنتهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى صخرة فاستتر بها ليتقى بها من السهام سهام المشركين ، فلم يلبث أبو دجانة إلا يسيراً حتى أثخن جراحة فتحامل حتى انتهى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فجلس إلى جنبه مثخناً لا حراك به » .
وفى الإرشاد : 2 / 386 ، عن المفضل عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « يخرج القائم ( عليه السلام ) من ظهر الكوفة سبعة وعشرين رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسى ( عليه السلام ) الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون ، وسبعة من أهل الكهف ، ويوشع بن نون ، وسلمان ، وأبا دجانة الأنصاري ، والمقداد ، ومالكاً الأشتر ، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً » . ومعجم أحاديث الإمام المهدي « عليه السلام » : 5 / 122 .
25 - جهاد نسيبة أم عمارة بنت كعب المازنية
في تفسير القمي : 1 / 115 : « وبقيت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نسيبة بنت كعب المازنية ، وكانت تخرج مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في غزواته تداوى الجرحي ، وكان ابنها معها فأراد أن ينهزم ويتراجع فحملت عليه فقالت : يا بنى إلى أين تفر عن الله وعن رسوله ؟ ! فردته فحمل عليه رجل فقتله ، فأخذت سيف ابنها فحملت على الرجل فضربته على فخذه فقتلته ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : بارك الله عليك يا نسيبة . وكانت تقى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بصدرها ويديها حتى أصابتها جراحات كثيرة !
وحمل ابن قميئة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني محمداً لا نجوت إن نجا ، فضربه على حبل عاتقه ، ونادى قتلت محمداً واللات والعزي .
ونظر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى رجل من المهاجرين قد ألقى ترسه خلف ظهره وهو في الهزيمة فناداه : يا صاحب الترس ألق ترسك ومُرَّ إلى النار ! فرمى بترسه فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا نسيبة خذي الترس فأخذت الترس وكانت تقاتل المشركين ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لمقام نسيبة أفضل من مقام فلان وفلان » .
وقال ابن هشام : 3 / 599 : « وقاتلت أم عمارة ، نسيبة بنت كعب المازنية يوم أحد . فذكر سعيد بن أبي زيد الأنصاري : أن أم سعد بنت سعد بن الربيع كانت تقول : دخلت على أم عمارة ، فقلت لها : يا خالة أخبريني خبرك ، فقالت : خرجت أول النهار وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء ، فانتهيت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين ، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمى عن القوس حتى خلصت الجراح إلي ، قالت : فرأيت على عاتقها جرحاً أجوف له غور ، فقلت : من أصابك بهذا ؟ قالت : ابن قمئة أقمأه الله ! لما ولى الناس عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أقبل يقول : دلوني على محمد فلا نجوت إن نجا ، فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله فضربني هذه الضربة فلقد ضربته على ذلك ضربات ، ولكن عدو الله كان عليه درعان » .
وفى قاموس الرجال : 12 / 347 : « شهدت نسيبة العقبة مع زوجها ، وشهدت أحداً وشهدت اليمامة . قاتلت حين كر المشركون فضربها ابن قميئة ضربة بالسيف على عاتقها ، وقاتلت نسيبة يوم اليمامة فقطعت يدها وهى تريد مسيلمة لتقتله » .
26 - دخل الجنة ولم يصلِّ ركعة
كان عمرو بن قيس قد تأخر إسلامه ، فلما بلغه أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الحرب أخذ سيفه وترسه وأقبل كالليث العادي يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ثم خالط القوم فاستشهد ، فمر به رجل من الأنصار فرآه صريعاً بين القتلى فقال : « يا عمرو أنت على دينك الأول ؟ فقال معاذ الله ، والله إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ثم مات ! فقال رجل من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا رسول الله إن عمرو بن قيس قد أسلم فهو شهيد ؟ فقال : إي والله إنه شهيد ، ما رجل لم يصل لله ركعة دخل الجنة غيره » .
27 - شهادة حنظلة غسيل الملائكة « رحمه الله »
في شرح الأخبار : 1 / 269 : « وبارز يومئذ أبو سفيان حنظلة بن أبي عامر الغسيل من الأنصار ، فصرع حنظلة أبا سفيان وعلاه ليقتله ، فرآه شداد بن الأسود فجاءه من خلفه فضربه فقتله ، وقام أبو سفيان من تحته ، وقال : حنظلة بحنظلة ! يعنى ابنه حنظلة المقتول ببدر ، الذي ذكر أن علياً ( عليه السلام ) قتله يومئذ .
ولما انهزم المشركون عن أحد وقف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على قتلى المسلمين ، وأمر بدفنهم في مصارعهم ، ورد من حمل منهم فدفن هناك ، وأمر بدفنهم في ثيابهم وبدمائهم من غير أن يغسلوا كما يفعل بالشهداء ، فرأى الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر الأنصاري . فلما قدم المدينة قال : سلوا عنه امرأته . فقالت : فلما سمع بخروج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خرج مبادراً وهو جنب من قبل أن يغتسل . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : فلذلك ما رأيت من غسل الملائكة إياه » . ونحوه ابن هشام : 3 / 592 .
وفى تفسير القمي : 1 / 112 : « وكان حنظلة بن أبي عامر رجل من الخزرج ، قد تزوج في تلك الليلة التي كان في صبيحتها حرب أحد ، بنت عبد الله بن أبي سلول ودخل بها في تلك الليلة . . فأصبح وخرج وهو جنب ، فحضر القتال فبعثت امرأته إلى أربعة نفر من الأنصار لما أراد حنظلة أن يخرج من عندها وأشهدت عليه أنه قد واقعها ، فقيل لها : لم فعلت ذلك ؟ قالت رأيت في هذه الليلة في نومى كأن السماء قد انفرجت فوقع فيها حنظلة ثم انضمت ، فعلمت أنها الشهادة ، فكرهت أن لا أشهد عليه فحملت منه . فلما حضر القتال نظر حنظلة إلى أبي سفيان على فرس يجول بين العسكرين فحمل عليه فضرب عرقوب فرسه فاكتسعت الفرص وسقط أبو سفيان إلى الأرض وصاح : يا معشر قريش أنا أبو سفيان ، وهذا حنظلة يريد قتلي ، وعدا أبو سفيان ومر حنظلة في طلبه ، فعرض له رجل من المشركين فطعنه ، فمشى المشرك في طعنته فضربه فقتله ، وسقط حنظلة إلى الأرض بين حمزة وعمرو بن الجموح وعبد الله بن حزام وجماعة من الأنصار ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : رأيت الملائكة يغسلون حنظلة بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف من ذهب ، فكان يسمى غسيل الملائكة » .
28 - جهاد رُشَيد الهَجَرى في أحُد
واسمه عبد الرحمن بن عقبة ، قال : « شهدت مع نبي الله يوم أحد فضربت رجلاً من المشركين فقلت : خذها منى وأنا الغلام الفارسي ، فبلغت النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : هلا قلت : خذها منى وأنا الغلام الأنصاري » . أحمد : 5 / 295 ، راجع : جواهر التاريخ : 2 / 406 .
29 - أبو عزة الذي أراد اغتيال النبي « صلى الله عليه وآله »
في الخرائج : 1 / 149 : « كان أبو عزة الشاعر ، حضر مع قريش يوم بدر يحرض قريشاً بشعره على القتال ، فأسر في السبعين الذين أسروا . فلما وقع الفداء على القوم قال أبو عزة : يا أبا القاسم تعلم أنى رجل فقير فامنن على بناتي ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : إن أطلقتك بغير فداء أتكثر علينا بعدها ؟ قال : لا والله . فعاهده أن لا يعود ، فلما كانت حرب أحد دعته قريش إلى الخروج معها ليحرض الناس بشعره على القتال ، فقال : إني عاهدت محمداً ألا أكثر عليه بعدما من علي . قالوا : ليس هذا من ذاك ، إن محمداً لا يسلم منا في هذه الدفعة ، فقلبوه عن رأيه فلم يؤسر يوم أحد من قريش غيره ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ألم تعاهدني ؟ قال : إنما غلبوني على رأيي فامنن على بناتي . قال : لا ، تمشى بمكة وتحرك كتفيك فتقول : سخرت من محمد مرتين ! المؤمن لايلسع من جحر مرتين ! يا علي اضرب عنقه » . والخلاف : 4 / 193
وابن إسحاق : 3 / 302 .
30 - النبي « صلى الله عليه وآله » يشفى عين قتادة من أجل عروسه
في كشف الغمة : 1 / 187 : « أصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته ، قال : فجئت إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقلت : يا رسول الله إن تحتى امرأة شابة جميلة أحبها وتحبني ، وأنا أخشى أن تقذر مكان عيني ! فأخذها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فردها فأبصرت وعادت كما كانت لم تؤلمه ساعة من ليل أو نهار ، فكان يقول : بعد أن أسن هي أقوى عيني ، وكانت أحسنهما » . ونحوه الإحتجاج : 1 / 332 والثاقب في المناقب / 64 .
31 - عندما اضطرب المسلمون قتلوا والد حذيفة خطأ !
« اختلفت سيوف المسلمين على اليمان أبى حذيفة يوم أحد ولا يعرفونه ، فقتلوه ، فأراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يدِيه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين » . أحمد : 5 / 429 .
32 - لعن النبي « صلى الله عليه وآله » أبا سفيان يوم أحُد
روى في الخصال / 397 ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، قال : « إن رسول لله ( صلى الله عليه وآله ) لعن أبا سفيان في سبعة مواطن في كلهن لا يستطيع إلا أن يلعنه ، أولهن : يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة إلى المدينة مهاجراً وأبو سفيان جائى من الشام ، فوقع فيه أبو سفيان يسبه ويوعده وهمَّ أن يبطش به فصرفه الله عن رسوله .
والثانية : يوم العير إذا طردها ليحرزها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلعنه الله ورسوله .
والثالثة : يوم أحد قال أبو سفيان : أُعل هبل ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان : لنا عزى ولا عزى لكم ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الله مولانا ولا مولى لكم .
والرابعة : يوم الخندق يوم جاء أبو سفيان في جميع قريش فرد هم الله بغيظهم لم ينالوا خيراً ، وأنزل الله عز وجل في القرآن آيتين في سورة الأحزاب فسمى أبا سفيان وأصحابه كفاراً ، ومعاوية مشرك عدو لله ولرسوله .
والخامسة : يوم الحديبية والهدى معكوفاً أن يبلغ محله ، وصد مشركوا قريش رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن المسجد الحرام وصدوا بُدْنَهُ أن تبلغ المنحر ، فرجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لم يطف بالكعبة ولم يقض نسكه ، فلعنه الله ورسوله .
والسادسة : يوم الأحزاب يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش وعامر بن الطفيل بجمع هوازن وعيينة بن حصن بغطفان ، وواعد لهم قريظة والنضير أن يأتوهم فلعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) القادة والأتباع وقال : أما الأتباع فلا تصيب اللعنة مؤمناً ، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا نجيب ولا ناج .
والسابعة : « يوم حملوا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في العقبة وهم اثنا عشر رجلاً من بنى أمية وخمسة من سائر الناس فلعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من على العقبة غير النبي ( صلى الله عليه وآله ) وناقته وسائقه وقائده . قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : جاء هذا الخبر هكذا . والصحيح أن أصحاب العقبة كانوا أربعة عشر » . والاحتجاج : 1 / 408 وشرح الأخبار : 2 / 165 .
33 - لماذا قرر المشركون أن يبقوا عمر بن الخطاب ولا يقتلوه ؟
قال ابن هشام : 2 / 282 : « وكان ضرار لحق عمر بن الخطاب يوم أحد ، فجعل يضربه بعرض الرمح ويقول : أنج يا ابن الخطاب . لا أقتلك ! فكان عمر يعرفها له بعد إسلامه » ! وقد عقد في الصحيح من السيرة : 6 / 235 فصلاً ، لمعرفة سبب قول ضرار بن الخطاب لعمر بن الخطاب : « والله ما كنت لأقتلك » ! وكان ضرار بن الخطاب مقرباً من أبي سفيان ، وهو من فرسان قريش وشعرائها ، وشعره في هجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) مشهور !
وكذا جرى لعمر في غزوة الخندق وتعمد المشركين تركه وعدم المساس به !
34 - فداءً لك يا رسول الله !
« عن أنس قال : « لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصة فقالوا : قتل محمد ! حتى كثرت الصوارخ في نواحي المدينة ، فخرجت امرأة من الأنصار متحزنة فاستقبلت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها ، لا أدرى أيهم استقبلت أولاً ، فلما مرت على آخرهم قالت : من هذا ؟ قالوا : أخوك وأبوك وزوجك وابنك ! قالت : ما فعل النبي ؟ قالوا : أمامك ، فمشت حتى جاءت إليه فأخذت بناحية ثوبه وجعلت تقول : بأبى أنت وأمي يا رسول الله لاأبالى إذا سلمت من عطب » مسكن الفؤاد / 72 .
35 - بركة النبي « صلى الله عليه وآله » على تمر جابر الأنصاري
في الخرائج : 1 / 154 ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : « استشهد والدي بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم أحد وهو ابن مائتي سنة ، وكان عليه دين ، فلقيني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوماً فقال : ما فعل دين أبيك ؟ قلت : على حاله . فقال : لمن هو ؟ قلت : لفلان اليهودي . قال : متى حينه ؟ قلت : وقت جفاف التمر . قال : إذا جففت التمر فلا تحدث فيه حتى تعلمني واجعل كل صنف من التمر على حدة . ففعلت ذلك وأخبرته ( صلى الله عليه وآله ) ، فصار معي إلى التمر وأخذ من كل صنف قبضة بيده وردها فيه ، ثم قال : هات اليهودي . فدعوته فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إختر من هذا التمر أي صنف شئت فخذ دينك منه . فقال اليهودي : وأي مقدار لهذا التمر كله حتى آخذ صنفاً منه ؟ ولعل كله لا يفي بديني ! فقال : إختر أي صنف شئت فابتدئ به ، فأومى إلى صنف الصيحاني فقال : أبتدئ به ؟ فقال : إفعل باسم الله ، فلم يزل يكيل منه حتى استوفى منه دينه كله ، والصنف على حاله ما نقص منه شئ ! ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) : يا جابر هل بقي لأحد عليك شئ من دينه ؟ قلت : لا . قال : فاحمل تمرك بارك الله لك فيه ، فحملته إلى منزلي وكفانا السنة كلها ، فكنا نبيع لنفقتنا ومؤونتنا ونأكل منه ، ونهب منه ونهدي ، إلى وقت التمر الحديث ، والتمر على حاله إلى أن جاءنا الجديد » .
36 - قزمان مثلٌ لسيئ التوفيق
في سيرة بن هشام : 2 / 368 و 605 : « قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال : كان فينا رجل أتى لا يدرى ممن هو يقال له قزمان ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول إذا ذكر له : إنه لمن أهل النار ! قال : فلما كان يوم أحد قاتل قتالاً شديداً فقتل وحده ثمانية أو سبعة من المشركين وكان ذا بأس ، فأثبتته الجراحة فاحتمل إلى دار بنى ظفر . قال : فجعل رجال من المسلمين يقولون له : والله لقد أبليت اليوم يا قزمان فأبشر . قال : بماذا أبشر ؟ فوالله إن قاتلت إلا عن أحساب قومي ولولا ذلك ما قاتلت . قال : فلما اشتدت عليه جراحته أخذ سهماً من كنانته فقتل به نفسه » !
37 - عثمان يؤوى عمه المشرك القاتل !
كان معاوية بن المغيرة بن العاص الأموي ابن عم عثمان بن عفان ، شديد العداء للنبي ( صلى الله عليه وآله ) حتى هدر دمه ، وهو جدُّ عبد الملك بن مروان لأمه .
وكان مع أبي سفيان في جيش أحد ، ولما انهزم القرشيون أمام المسلمين في الجولة الأولى هرب ابن المغيرة فدخل المدينة وآوى إلى بيت ابن عمه عثمان ، فتشفع فيه عثمان وألح على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأمهله ثلاثاً على أن لا يراه في المدينة ولا حولها ، ولعن من أعانه وجهزه فجهزه عثمان ، وتأخر في المدينة ليأخذ أخبار النبي ( صلى الله عليه وآله ) لقريش ! فنزل جبرئيل وأخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بمكانه أيام حمراء الأسد ، فأرسل علياً وعماراً فقتلاه ! وحكى الإمام الصادق ( عليه السلام ) قصته كما في الكافي : 3 / 251 قال : « إن الفاسق آوى عمه المغيرة بن أبي العاص وكان ممن هدر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دمه ، فقال لابنة رسول الله : لا تخبري أباك بمكانه كأنه لا يوقن أن الوحي يأتي محمداً ! فقالت : ما كنت لأكتم رسول الله عدوه ! فجعله بين مشجب له ولحفه بقطيفة ، فأتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الوحي فأخبره بمكانه فبعث إليه علياً ( عليه السلام ) وقال : اشتمل على سيفك وائت بيت ابنة ابن عمك ، فإن ظفرت بمعاوية بن المغيرة فاقتله !
فأتى البيت فجال فيه فلم يظفر به فرجع إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأخبره فقال : يا رسول الله لم أره ، فقال : إن الوحي قد أتاني فأخبرني أنه في المشجب ! ودخل عثمان بعد خروج على فأخذ بيد عمه فأتى به النبي ( صلى الله عليه وآله ) فلما رآه أكب عليه ولم يلتفت إليه ! وكان نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) حيياً كريماً فقال : يا رسول الله هذا عمي ، هذا المغيرة بن أبي العاص وقد والذي بعثك بالحق آمنته . قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : وكذب ، والذي بعثه بالحق ما آمنه ! فأعادها ثلاثاً أنى آمنته ، وأعادها أبو عبد الله ( عليه السلام ) ثلاثاً ، إلا أنه يأتيه عن يمينه ثم يأتيه عن يساره ، فلما كان في الرابعة رفع رأسه إليه فقال له : قد جعلته لك ثلاثاً فإن قدرتُ عليه بعد ثالثة قتلته ، فلما أدبر قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اللهم العن المغيرة بن أبي العاص ، والعن من يؤويه ، والعن من يحمله ، والعن من يطعمه ، والعن من يسقيه ، والعن من يجهزه ، والعن من يعطيه سقاء أو حذاء أو رشاء أو وعاء ، وهو يعدهن بيمينه !
وانطلق به عثمان فآواه وأطعمه وسقاه وحمله وجهزه ، حتى فعل جميع ما لعن عليه النبي ( صلى الله عليه وآله ) من يفعله به ! ثم أخرجه في اليوم الرابع يسوقه فلم يخرج من أبيات المدينة حتى أعطب الله راحلته ونقب حذاه وورمت قدماه ، فاستعان بيديه وركبتيه وأثقله جهازه حتى وجس به ، فأتى شجرة فاستظل بها ، لو أتاها بعضكم ما أبهره ذلك ! فأتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الوحي فأخبره بذلك فدعا علياً ( عليه السلام ) فقال : خذ سيفك وانطلق أنت وعمار وثالث لهم فأت المغيرة بن أبي العاص تحت شجرة كذا وكذا ، فأتاه على فقتله .
فضرب عثمان بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : أنت أخبرت أباك بمكانه ! فبعثت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تشكو ما لقيت ، فأرسل إليها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إقنى حياءك ، ما أقبح بالمرأة ذات حسب ودين في كل يوم تشكو زوجها ! فأرسلت إليه مرات كل ذلك يقول لها ذلك ، فلما كان في الرابعة دعا علياً ( عليه السلام ) وقال : خذ سيفك واشتمل عليه ثم ائت بيت ابنة ابن عمك فخذ بيدها ، فإن حال بينك وبينها أحد فاحطمه بالسيف ، وأقبل بها إلى رسول الله ! فلما نظرت إليه رفعت صوتها بالبكاء واستعبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبكي ، ثم أدخلها منزله وكشفت عن ظهرها ، فلما أن رأى ما بظهرها قال : ثلاث مرات : ماله قتلك قتله الله ! وكان ذلك يوم الأحد ، وبات عثمان ملتحفاً بجاريتها فمكث الاثنين والثلاثاء وماتت في اليوم الرابع ، فلما حضر أن يخرج بها أمر رسول الله ( عليه السلام ) فاطمة « عليها السلام » فخرجت ونساء المؤمنين معها ، وخرج عثمان يشيع جنازتها ، فلما نظر إليه النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : من أطاف البارحة بأهله أو بفتاته فلا يتبعن جنازتها ! قال ذلك ثلاثاً ، فلم ينصرف فلما كان في الرابعة قال : لينصرفن أولأسمين باسمه ، فأقبل عثمان متوكئاً على مولى له ممسك ببطنه فقال : يا رسول الله إني أشتكى بطني ،
فإن رأيت أن تأذن لي أنصرف ، قال : انصرف . وخرجت فاطمة « عليها السلام » ونساء المؤمنين والمهاجرين فصلين على الجنازة » . راجع الصحيح من السيرة : 6 / 206 ، الخرائج : 1 / 94 ، الدرر / 158 وابن هشام : 3 / 617 .
38 - أسماء شهداء أحُد وقتلى المشركين فيها
في سيرة ابن هشام : 3 / 635 : » قال ابن إسحاق : واستشهد من المسلمين يوم أحد مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من المهاجرين من قريش ، ثم من بني هاشم بن عبد مناف : حمزة بن عبد المطلب بن هشام رضي الله عنه ، قتله وحشي ، غلام جبير بن مطعم . ومن بنى أمية بن عبد شمس : عبد الله بن جحش ، حليف لهم ، من بنى أسد بن خزيمة . ومن بنى عبد الدار بن قصي : مصعب بن عمير قتله ابن قمئة الليثي . ومن بنى مخزوم بن يقظة : شماس بن عثمان . أربعة نفر . ومن الأنصار ، ثم من بنى عبد الأشهل : عمرو بن معاذ بن النعمان ، والحارث بن أنس بن رافع ، وعمارة بن زياد بن السكن . قال ابن هشام : السكن : ابن رافع بن امرئ القيس ، ويقال : السكن . قال ابن إسحاق : وسلمة بن ثابت بن وقش ، وعمرو بن ثابت بن وقش . رجلان .
قال ابن إسحاق : وقد زعم لي عاصم بن عمر بن قتادة : أن أباهما ثابتاً قتل يومئذ . ورفاعة بن وقش ، وحسيل بن جابر ، أبو حذيفة وهو اليمان ، أصابه المسلمون في المعركة ولا يدرون ، فتصدق حذيفة بديته على من أصابه .
وصيفي بن قيظي ، وحباب بن قيظي ، وعباد بن سهل ، والحارث بن أوس بن معاذ . اثنا عشر رجلاً . ومن أهل راتج : إياس بن أوس بن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن زعوراء بن جشم بن عبد الأشهل ، وعبيد بن التيهان .
قال ابن هشام : ويقال : عتيك بن التيهان وحبيب بن يزيد بن تيم . ثلاثة نفر . ومن بنى ظفر : يزيد بن حاطب بن أمية بن رافع . رجل ومن بنى عمرو بن عوف ، ثم من بنى ضبيعة بن زيد : أبو سفيان بن الحارث ابن قيس بن زيد ، وحنظلة بن أبي عامر بن صيفي بن نعمان بن مالك بن أمة ، وهو غسيل الملائكة ، قتله شداد بن الأسود بن شعوب الليثي . رجلان .
قال ابن هشام : قيس : ابن زيد بن ضبيعة ، ومالك : ابن أمة بن ضبيعة .
قال ابن إسحاق : ومن بنى عبيد بن زيد : أنيس بن قتادة . رجل . ومن بنى ثعلبة بن عمرو بن عوف : أبو حية ، وهو أخو سعد بن خثيمة لأمه . قال ابن هشام : أبو حية : ابن عمرو بن ثابت . قال ابن إسحاق : وعبد الله بن جبير النعمان وهو أمير الرماة . رجلان . ومن بنى السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس : خيثمة أبو سعد بن خيثمة . رجل . ومن حلفائهم من بنى العجلان : عبد الله بن سلمة رجل . ومن بنى معاوية بن مالك : سبيع بن حاطب بن الحارث بن قيس بن هيشة . رجل .
قال ابن هشام : ويقال . سويبق بن الحارث بن حاطب بن هيشة .
قال ابن إسحاق : ومن بنى النجار ، ثم من بنى سواد بن مالك بن غنم : عمرو بن قيس ، وابنه قيس بن عمرو . قال ابن هشام : عمرو بن قيس : ابن زيد بن سواد .
قال ابن إسحاق : وثابت بن عمرو بن زيد ، وعامر بن مخلد . أربعة نفر . ومن
بنى مبذول : أبو هبيرة بن الحارث بن علقمة بن عمرو بن ثقف بن مالك بن مبذول ، وعمرو بن مطرف بن علقمة بن عمرو . رجلان . ومن بنى عمرو بن مالك : أوس بن
ثابت بن المنذر . رجل .
قال ابن هشام : أوس بن ثابت ، أخو حسان بن ثابت . قال ابن إسحاق : ومن بنى عدى بن النجار : أنس بن النضر بن ضمضم ابن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار . رجل ، قال ابن هشام : أنس بن النضر ، عم أنس بن مالك : خادم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . ومن بنى مازن بن النجار : قيس بن مخلد ، وكيسان ، عبد لهم . رجلان . ومن بنى دينار بن النجار : سليم بن الحارث ، ونعمان بن عبد عمرو . رجلان . ومن بنى الحارث بن الخزرج : خارجة بن زيد بن أبي زهير ، وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير ، دفنا في قبر واحد ، وأوس بن الأرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب . ثلاثة نفر . ومن بنى الأبجر ، وهم بنو خدرة : مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر ، وهو أبو أبي سعيد الخدري . قال ابن هشام : اسم أبي سعيد الخدري : سنان ، ويقال : سعد . قال ابن إسحاق : وسعيد بن سويد بن قيس بن عامر بن عباد بن الأبجر ، وعتبة بن ربيع بن رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر . ثلاثة نفر . ومن بنى ساعدة بن كعب بن الخزرج : ثعلبة بن سعد بن مالك بن خالد ابن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة ، وثقف بن فروة بن البدي . رجلان . ومن بنى طريف ، رهط سعد بن عبادة : عبد الله بن عمرو بن وهب ابن ثعلبة بن وقش بن ثعلبة بن طريف ، وضمرة ، حليف لهم من بنى جهينة . رجلان . ومن بنى عوف بن الخزرج ، ثم من بنى سالم ، ثم من بنى مالك بن العجلان ابن زيد بن غنم بن سالم : نوفل بن عبد الله ، وعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك ابن العجلان ، ونعمان بن مالك بن ثعلبة بن فهر بن غنم بن سالم ، والمجذر بن زياد ، حليف لهم من بلي ، وعبادة بن الحسحاس . دفن النعمان بن مالك ، والمجذر ، وعبادة ، في قبر واحد . خمسة نفر . ومن بنى الحبلي : رفاعة بن عمرو . رجل ، ومن بنى سلمة ، ثم من بنى حرام : عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام ، وعمرو بن الجموح بن زيد بن حرام ، دفنا في قبر واحد ، وخلاد بن عمرو بن الجموح ، وأبو أيمن ، مولى عمرو بن الجموح . أربعة نفر . ومن بنى سواد بن غنم : سليم بن عمرو بن حديدة ، ومولاه عنترة ، وسهل ابن قيس بن أبي كعب بن القين . ثلاثة نفر . ومن بنى زريق بن عامر : ذكوان بن عبد قيس وعبيد بن المعلى بن لوذان . رجلان . قال ابن إسحاق : فجميع من استشهد من المسلمين مع رسول الله من المهاجرين والأنصار خمسة وستون رجلاً .
قال ابن هشام : وممن لم يذكر ابن إسحاق من السبعين الشهداء الذين ذكرنا ، من الأوس ، ثم من بنى معاوية بن مالك : بن تميلة ، حليف لهم من مزينة . ومن بنى خطمة - واسم خطمة : عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس - الحارث بن عدي بن خرشة بن أمية بن عامر بن خطمة . ومن بنى الخزرج ، ثم من بنى سواد بن مالك : مالك بن إياس . ومن بنى عمرو بن مالك بن النجار : إياس بن عدي . ومن بنى سالم بن عوف : عمرو بن إياس .