سنّة البلاء في كلام رسول الله "ص"
المؤلف:
مركز المعارف للتأليف والتحقيق
المصدر:
نهج الرسول
الجزء والصفحة:
ص78-82
2024-08-27
788
بلاء الأنبياء (عليهم السلام) والمؤمنين
روي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال:
- «إنَّ فِي الْجَنَّةِ مَنَازِلَ لَا يَنَالُهَا الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ لَيْسَ لَهَا عِلَاقَةٌ مِنْ فَوْقِهَا ولَا عِمَادٌ مِنْ تَحْتِهَا. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَهْلُهَا؟ فَقَالَ (صلى الله عليه وآله): هُمْ أَهْلُ الْبَلَاءِ والْهُمُومِ»[1].
وروي عنه (صلى الله عليه وآله) -أيضاً أنّه قال:
- «لَا تَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى تَعُدَّ الْبَلَاءَ نِعْمَةً والرَّخَاءَ مِحْنَةً لِأَنَّ بَلَاءَ الدُّنْيَا نِعْمَةٌ فِي الْآخِرَةِ ورَخَاءَ الدُّنْيَا مِحْنَةٌ فِي الْآخِرَة»[2].
وروي عنه (صلى الله عليه وآله) -أيضاً أنّه قال:
- «قالَ اللّه عزّ وجلّ:... مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَعِبَاداً لَا يَصْلُحُ لَهُمْ أَمْرُ دِينِهِمْ إِلَّا بِالْفَاقَةِ والْمَسْكَنَةِ والسُّقْمِ فِي أَبْدَانِهِمْ فَأَبْلُوهُمْ بِالْفَاقَةِ والْمَسْكَنَةِ والسُّقْمِ فَيَصْلُحُ عَلَيْهِمْ أَمْرُ دِينِهِمْ وأَنَا أَعْلَمُ بِمَا يَصْلُحُ عَلَيْهِ أَمْرُ دِينِ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِين...»[3].
موجبات البلاء
روي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال:
- «إِذَا عَمِلَتْ أُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا الْبَلَاءُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ومَا هِيَ؟ قَالَ: إِذَا كَانَتِ الْمَغَانِمُ دُوَلًا والْأَمَانَةُ مَغْنَماً والزَّكَاةُ مَغْرَماً وأَطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وعَقَّ أُمَّهُ وبَرَّ صَدِيقَهُ وجَفَا أَبَاهُ وكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ وأَكْرَمَهُ الْقَوْمُ مَخَافَةَ شَرِّهِ وارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ فِي الْمَسَاجِدِ ولَبِسُوا الْحَرِيرَ واتَّخَذُوا الْقَيْنَاتِ وضَرَبُوا بِالْمَعَازِفِ ولَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَلْيُرْتَقَبْ عِنْدَ ذَلِكَ الرِّيحُ الْحَمْرَاءُ أَوِ الْخَسْفُ أَوِ الْمَسْخُ[4]»[5].
تنوّع البلاء
روي أنّه طفئ مصباح رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات ليلة، فقال:
- «إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فَقِيلَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُصِيبَةٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ كُلُّ شَيْءٍ يُؤْذِي الْمُؤْمِنَ فَهُوَ لَهُ مُصِيبَةٌ ولَهُ أَجْرُ الْمُصِيبَة»[6].
وروي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال:
- «مَا أَصَابَ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ[7] ولَا وَصَبٍ ولَا حُزْنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهِمُّهُ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ»[8].
درجات الابتلاء
روي عن الإمام أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنّه قال: سُئِلَ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من أشدّ بلاءاً في الدنيا؟ فقال (صلى الله عليه وآله):
- «النَّبِيُّونَ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ يُبْتَلَى الْمُؤْمِنُ عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِ وحُسْنِ عَمَلِهِ فَمَنْ صَحَّ إِيمَانُهُ وحَسُنَ عَمَلُهُ اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، ومَنْ سَخُفَ إِيمَانُهُ وضَعُفَ عَمَلُهُ قَلَّ بَلَاؤُه»[9].
جزاء البلاء
روي أنّه لمّا نزلت هذه الآية: ﴿مَن يَعمَل سُوءٗا يُجزَ بِهِ﴾[10] قال بعض أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): ما أشدَّها من آية، فقال لهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله):
- «أما تُبتَلْون في أُمورِكم وأنفسِكم وذرَارِيكم؟» قالوا: بلى، قال: «هذا مِمّا يَكتبُ اللهُ لكُم به الحسناتِ، ويَمْحو به السيّئاتِ»[11].
وروي عنه (صلى الله عليه وآله) -أيضاً أنّه قال:
- «إِنَّ الْعَبْدَ لَتَكُونُ لَهُ الْمَنْزِلَةُ مِنَ الْجَنَّةِ فَلَا يَبْلُغُهَا بِشَيْءٍ مِنَ الْبَلَاءِ حَتَّى يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ ولَمْ يَبْلُغْ تِلْكَ الدَّرَجَةَ فَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَيَبْلُغُهَا[12].
وروي عنه (صلى الله عليه وآله) -أيضاً أنّه قال:
- «إِنَّ اللَّهَ لَيَبْتَلِي الْعَبْدَ وهُوَ يُحِبُّهُ لِيَسْتَمِعَ تَضَرُّعَه»[13].
سنّة الإمهال
روي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال:
- «إذا رأيتَ اللهَ تعالى يُعطي على المعاصي؛ فإنّ ذلك استدراجٌ منه، ثمّ تلا هذه الآية: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحنَا عَلَيهِم أَبوَٰبَ كُلِّ شَيءٍ﴾[14]»[15].
[1] أعلام الدين، ص277؛ عدّة الداعي، ص293؛ بحار الأنوار، ج81، ص194، ح50 (ذيل الحديث).
[2] بحار الأنوار، ج67، ص237، ح 54 (ضمن الحديث).
[4] تمسّك به بعض؛ بأنّ الخسف والمسخ قد يكونان في هذه الأمّة؛ كما كانا في الأمم الماضية، وزعم أنّ مسخها؛ إنّما يكون بالقلوب، لا بالصور.
[5] الخصال، ص500، ح1-2؛ الأمالي (الطوسي)، ص515، ح1128؛ المعجم الاوسط، الطبراني، ج1، ص150(قريب منه).
[6] روضة الواعظين، ج2، ص423؛ تخريج الاحاديث والاثار، الزيلعي، ج1، ص96.
[7] نَصِبَ نَصَباً: أعيا وتَعِب، وجدّ واجتهد؛ الوَصَبْ: الوجع والمرض، والتَعَب والفتور في البدن. (المعجم الوسيط، ص924، 1036).
[8] بحار الأنوار، ج77، ص144، ح29؛ صحيح ابن حبان، ج7، ص166(قريب منه)، شعب الايمان، البيهقي، ج7، ص157(قريب منه).
[9] الكافي، ج2، ص252، ح2؛ تحف العقول، ص39؛ السنن الكبرى، النسائي، ج4، ص352(قريب منه).
[10] سورة النساء، الآية 123.
[11] تفسير العيّاشي، ج1، ص277، ح278.
[12] دعائم الإسلام، ج1، ص220.
[13] تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (مجموعة ورّام)، ج2، ص237.
[14] سورة الأنعام، الآية 44.
[15] مجمع البيان، ج4، ص467.
الاكثر قراءة في التراث النبوي الشريف
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة