x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مراحل جهاد النفس
المؤلف: الشيخ علي رضا بناهيان
المصدر: النظام التربوي الديني
الجزء والصفحة: ص 393 ــ 402
2024-06-02
696
مراحل جهاد النفس ثلاثة:
1ـ العقل في مقابل هوى النفس.
2ـ الايمان في مقابل هوى النفس.
3ـ الولاية في مقابل هوى النفس.
ينتهي طريق جهاد النفس إلى تصدي الولاية لقيادة هذه الحركة. فإذا كان العقل في مقابل هوى النفس في بداية هذا الجهاد، وكان الإيمان هو المتصدي لمواجهة هوى النفس في المراحل المتأخرة، ففي آخر المطاف تأتي الولاية لتواجه هوى النفس.
1- العقل في مقابل هوى النفس: يرشدك العقل إلى رؤية أقصى المصالح ويدعوك إلى بعد النظر في متابعة الرغبات، بينما يدعوك هوى النفس إلى أقرب المصالح وأسطح الرغبات.
2- الإيمان في مقابل هوى النفس: يكون الإيمان الهدف والحافز، بينما يحاول هوى النفس أن يحول دون انعقاد الإيمان. فمن اتبع أهواء نفسه يفقد الإيمان.
3- الولاية في مقابل هوى النفس: إن جهاد النفس بحاجة إلى برمجة. إن (التقوى) هي برنامج جهاد النفس والتي تتصدى لتبيين أسلوب تضعيف (الأنا). في سبيل تضعيف (الأنا) لابد أن تستلم الأوامر من الله وأن يبلغها إليك ولي الله. إن عملية استلام الأوامر من الله ليست بعملية مباشرة، فلابد لك من التواضع لولي الله. وهذا التواضع يستلزم أن تتقبل أفضليته عليك. فيجب عليك في التعامل مع ولي الله أن تخضع للأوامر التي يبلغها عن الله سبحانه، وكذلك يجب أن تخضع لأوامره التي يصدرها بنفسه، وذلك من أجل القضاء على أنانيتك. إذن ففي هذه المرحلة يقع هوى النفس في مقابل (الولاية)، وفي سبيل مواجهة هوى النفس لابد لك من الخضوع لأوامر الولاية.
من لم يتلق دينه عن الإمام (عليه السلام) فقد انصاع إلى هوى نفسه
هناك روايات كثيرة في بيان العلاقة بين الولاية وهوى النفس. فقد سئل أبو الْحَسَنِ الرضا (عليه السلام) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50] قَالَ: (يَعْنِي مَنِ اتَّخَذَ دِينَهُ رَأْيَهُ بِغَيْرِ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى) (الكافي، 1 / 374]. فما تشير إليه هذه الرواية ينسجم مع ما ذكر من مخالفة هوى النفس عبر امتثال أوامر ولي الله، وهو يؤيد نفس هذه الفكرة. فلا ينبغي أن نتعامل مع هذه الرواية بطريقة تعبدية محضة، بل لابد أن نعتبرها أساسا ومنهجا شاملا في مخالفة الهوى.
لا يثبت صدق الإنسان في تواضعه لله، إلا عن طريق تواضعه لولي الله
يتجسد تواضع الناس الحقيقي في أسلوب تعاملهم مع الولاية. فإنك إن خضعت لولاية بشر مثلك ولكنه أفضل منك، فإنك قد تواضعت في الواقع ومن هنا تصبح الولاية هي الأساس في تقييم الإنسان. فلابد أن نخوض في موضوع الولاية بأداة التحليل والتعقل وأن ندرس آثارها في جميع أجزاء الدين. فما يبدو من كثير من آيات القرآن والروايات والدراسات العقلية، هو أنه لا يثبت صدق الإنسان في تواضعه لله، إلا عن طريق تواضعه لولي الله.
عن زرارة قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ وأَبَا عَبْدِ الله (عليهما السلام) يَقُولان: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ فَوَّضَ إِلَى نَبِيِّهِ ـ صلى الله عليه وآله ـ أَمْرَ خَلْقِهِ لِيَنْظُرَ كَيْفَ طَاعَتُهُمْ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ومَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الكافي، ج 1، ص 266).
عن الإمام الصادق (عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله): (والَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيَا لَوْ أَن رَجُلًا لَقِي الله بعمل سَبْعِينَ نَبِيًّا ثُمَّ لَمْ يَلْقَهُ بِوَلايَة أُولِي الْأَمْرِ مِنَّا أَهْل الْبَيْتِ مَا قَبْلَ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفاً ولَا عَدْلا) (الأمالي للمفيد، 115).
وفي رواية أخرى مشابهة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ عَبْدَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِعَمَلٍ سَبْعِينَ نَبِيَا مَا قَبِلَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يَلْقَاهُ بِوَلَايَتِي ووَلَايَةِ أَهْلِ بَيْتِي) (الأمالي للطوسي، 140).
من لم يعتقد بولاية أهل البيت (عليهم السلام) فهو من أهل النار حتى وإن عبد الله طوال عمره
عَنْ مُيَسْرٍ بَيَّاعِ الزُّطِيَ قَالَ: (دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ـ عليه السلام ـ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ لِي جَاراً لَسْتُ أَنْتَبِهُ إِلَّا بصَوْتِهِ إِمَّا تَالِيَا كِتَابَهُ يُكَررُهُ وَيَبْكِي وَيَتَضَرَّعُ وَإِمَّا دَاعِياً فَسَأَلْتُ عَنْهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فَقِيلَ لِي إِنَّهُ مُجْتَنِبٌ لِجَمِيعِ الْمَحَارِمِ قَالَ فَقَالَ يَا مُيَسِرُ يَعْرِفُ شيْئاً مِمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ فَحَجَجْتُ مِنْ قَابِلِ فَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ فَوَجَدْتُهُ لَا يَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ـ عليه السلام ـ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ الرَّجُلِ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ الْعَامِ الْمَاضِي يَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ قُلْتُ لَا قَالَ يَا مُيَسِرُ أَيُّ الْبَقَاعِ أَعْظَمُ حُرْمَةً قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَابْنُ رَسُولَهُ أَعْلَمُ قَالَ يَا مُيَسِرُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَلَوْ أَنَّ عَبْداً عَمَّرَهُ اللَّهُ فِيمَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَفِيمَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ يَعْبُدُهُ أَلْفَ عَامٍ ثُمَّ ذُبِحَ عَلَى فِرَاشِهِ مَظْلُوماً كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْش الْأَمْلَحُ ثُمَّ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِغَيْرِ وَلَايَتِنَا لَكَانَ حَقِيقاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُكِبَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّم) (ثواب الأعمال للصدوق، ص 210).
لا يقبل الله عمل امرء شاك في أهل البيت (عليهم السلام)
تؤيد هذه الروايات أننا لم نخلق لغرض أن نكون أناسا صالحين وأن نعمل مجموعة من الأعمال الصالحة. بل إنما خلقنا من أجل أن نجاهد أهواء أنفسنا، وينتهي هذا الجهاد في آخر المطاف إلى الخضوع للولاية واتباعها.
لقد قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): (لَوْ أَنَّ عَبْداً عَبَدَ اللَّهَ أَلْفَ عَامِ مَا بَيْنَ الرَّكْنِ والْمَقَامِ ثُمَّ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ مَظْلُوماً لَبَعَثَهُ اللهُ مع النفر الذين يقتدى بهم ويَهْتَدِى بِهُدَاهُمْ ويَسِيرُ بِسِيرَتِهِمْ إِنْ جَنَّة َفجَنَّة وإِنْ نَاراً فَنَارٌ) (بحار الأنوار، 27، 180).
وقد روي في أمالي المفيد عن الإمام الباقر (عليه السلام) والإمام الصادق (عليه السلام) أنهما قالا: (نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَمَلَ عَبْدِ وهُوَ يَشْكُ فِينَا) (الأمالي للمفيد، ص 3)
هوى النفس سبب لمخالفة الأنبياء
لقد سلط القرآن الضوء على إحدى خصائص النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وقال: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3]. فيتضح أن اتباع الهوى قضية مهمة والنبي (صلى الله عليه وآله) منزه عنها. إن هذه الآية قد كشفت عن رؤية إيجابية تجاه مخالفة الهوى.
وهناك عبارات أخرى في القرآن الكريم تصب في هذا الموضوع، مثل الآية المباركة التي تحدثت عن بلعم بن باعورا وشبهته بالكلب؛ {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176].
وقد قال الله تعالى في آية أخرى: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} [المائدة: 70].
ليس للحق أن يتبع أهواء الناس
ليس للحق أن يتبع أهواء الناس، إذ تنطوي آراء الناس على ما ينسجم مع أهوائهم. يقول الله سبحانه: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 71].
وقال الله سبحانه في آية أخرى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23].
إن اتباع الهوى أمر منظّر له في الغرب
تحكي هذه الآيات عن سوء اتباع هوى النفس وما تسبب فيه من آثار وتداعيات سلبية فلابد من تجنب اتباع هوى النفس بشدّة. ولكن مع الأسف إن اتباع الهوى أمر منظر له في الغرب، وكل ما اقتضى هوى النفس شيئا أعطوه الحق لذلك. وبعبارة أخرى إن الغربيين قد اعتبروا (حقوق الإنسان) عنوانا معادلاً لـ (أهواء الإنسان). ولذلك فقد تغلغلت ظاهرة اتباع الهوى في مختلف تشكيلات حضارة الغرب، بحيث أصبحت القوانين الحاكمة في الغرب والتي لها علاقة بالفكر الغربي تشكل دومينو الفساد. فلعل تساقط القطع الأولى في هذه الدومينو لا تعد أمرا مهما، ولكن بعد ما تقدمت الدومينو في حركتها سوف لا تمرّ بقطعة ذات قيمة إلا وأسقطتها وقضت عليها.
فعلى سبيل المثال قد بدأوا دومينو الفساد في طليعة حركتها بإعطاء رقم هاتفي سهل للأطفال ليشتكوا على والديهم، ولا تبدو عملية سيئة في ظاهر أمرها، ولكن بعد ما انطلقت الدومينو في طريقها، سوف تهدد قوة الوالدين الإيجابية واللازمة في مسار تربية الأطفال، وكذلك تهدد احترام الكبار وباقي عناصر الأسرة، كما نرى بعض نتائجها في الغرب. إن دومينو سلب قوّة الأب في الأسرة وتساوي إرث المرأة مع الرجل على خلاف الأحكام الإلهية، والنزعة إلى التشكيلات الغربية والقوانين الغربية هي من مصاديق هذه الدومينو الخطرة إن أردنا تطبيقها في بلادنا.