أولياء الله مشعل الهداية للآخرين
المؤلف:
الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي
المصدر:
أصلحُ الناسِ وأفسدُهُم في نهج البلاغة
الجزء والصفحة:
ص 124 ــ 126
2025-11-22
58
يعدد أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة له عددا من سمات عباد الله المصطفين وخصائصهم، ويقول: (مِصْبَاحُ ظُلُمَاتٍ، كَشَافُ عَشَوَاتٍ، مِفْتَاحُ مُبْهمَاتٍ، دَفَاعٌ مُعْضلاتِ، دَلِيل فَلَوَاتٍ، يَقُولُ فَيُفْهِمْ، وَيَسْكُتُ فَيَسْلَمُ).
إن السالك الذي تحرر من شراك العلائق المادية والذي نور الله قلبه بنور اليقين لا يستطيع أن يكتفي بنورانيّة باطنه، ولا يستطيع الا يعمل على رفع الظلمة عن قلوب الآخرين، ولذلك فهو مشعل مضيء ينير القلوب المظلمة بأنوار العلم، ويزيل الظلمة والشبهات من ضمائر الجهلاء، ويكشف عن الطرق الخفية والغامضة من المعارف والأحكام المبهمة وغير المعروفة، وكما أن سطح الأراضي المالحة مستو وليس فيه أية علامات، ويصعب تحديد الطريق الأصلي، ومع هبوب عاصفة من الرياح فإن سطح الطريق يتغطى ولا يبقى له أي أثر، كذلك في الصحاري يصعب تحديد الطرق الفرعية والطرق الالتفافية من الطريق الرئيسي أيضا، ويحتاج المشاة في هذا الطريق إلى مرشد ودليل مطلع تماما على جميع المسارات لمساعدتهم في عبور الصحراء بحيث يتمكنون من عبورها بسلام، وإلا فإنهم سوف يضلون طريقهم، ثم سيتعبون على أثر الجوع والعطش والحرارة. إن تحديد طريق السعادة وتحقيق الكمال أمر صعب جدا، تماما مثل العثور على الطريق في الصحراء المليئة بالطرق الملتوية والسبل المنحرفة والشبهات التي تضل الإنسان وتجعله يغفل عن الحق، وبالنظر إلى وجود هذه الطرق المنحرفة والشبهات التي تقف أمام الوصول إلى طريق السعادة، حيث نجد أن بعض المدارس الفلسفية تروج للتشكيكيّة والنسبية، معتقدين أنه لا يمكن للإنسان أن يحصل اليقين أو أن يحدد المسار الصحيح، وأنه سيبقى في شك وحيرة على الدوام. وبناء على ما ذكرنا، يحتاج الأشخاص العاديون الذين لا يدركون الصعوبات والمنعطفات التي تقف أمام وجهتهم النهائية، إلى دليل مطلع على الطريق ليأخذ بأيديهم ويوجههم ويعبر بهم من خلال الشبهات والانحرافات ووساوس قراصنة الفكر، ليوصلهم إلى نور الهداية والحق.
النقطة الأخيرة أيضاً، هي أن العبد الصالح المصطفى من قبل الله لا يتكلم بطريقة بحيث لا يفهمه المخاطب، فهو لا يخفي مراده في الألفاظ البلاغية وفي المصطلحات والشطحيّات التي يصعب فهمها من قبل المخاطبين، وحينما يرى أن السكوت تكليف وأنه يؤدي إلى النجاة من منزلقات الكلام، فإنه يسكت.
الاكثر قراءة في التربية الروحية والدينية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة