x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
قيمة أيام العمر
المؤلف: الشيخ محمد تقي فلسفي
المصدر: الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة: ج2 ص47ــ50
2023-10-07
1031
إذا ما أراد الفتيان والشبان أن يكتسبوا من الأخلاق والصفات أحسنها، ويحققوا لأنفسهم شخصية مناسبة ومتكاملة تساعدهم في بلوغ السعادة الحقيقية، ينبغي عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار دائماً ثلاث نقاط أساسية هي:
أولاً - قيمة ايام العمر، إذ ينبغي على الشاب أن يعلم ان كل يوم من أيام عمره هو بمثابة وحدة من مجموعة وحدات يتشكل منها عمره. ويرى أئمتنا (عليهم السلام) أن السعادة الحقيقية هي من نصيب ذلك الذي يستطيع أن يستفيد من كافة وحدات عمره خير استفادة، ويخطو كل يوم خطوة نحو تحقيق الكمال المعنوي وتنمية شخصيته الإنسانية من أجل تحقيق السعادة.
عن أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : من استوى يوماه فهو مغبون ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة(1).
ثانياً : قيم الحياة ، إذ يرى البعض من الشباب أن العلم والإيمان والتقوى والفضيلة والجد والمثابرة وما شابه ذلك من أسمى قيم الحياة ، فيعملون على بناء شخصيتهم بما يتناسب وهذه القيم التي تساعدهم في تحقيق مكانتهم الاجتماعية .
أما البعض الآخر من الشباب فيرى أن لعب الميسر وشرب الخمر والإتيان بالفواحش والمعاصي وإشباع الشهوات والغرائز وما شابه ذلك ، هي أسمى ما في هذه الحياة ، فيبذلون ما بوسعهم في سبيلها ، ويحاولون بناء شخصيتهم وإحراز مكانتهم الاجتماعية بما يتناسب ومعتقداتهم الخاطئة .
إن اختلاف نظرة الشباب إلى قيمة الأشياء والأفعال لا يعكس فقط إختلاف نفسياتهم وطريقة تفكيرهم ، بل إن هذا الإختلاف في وجهات النظر والأهداف يبين أيضاً مكانة كل منهم وقيمته المعنوية فالشاب الذي يرى أن في الكمال المعنوي والسمو النفسي اسمى قيم الحياة، ويصبح محبوباً في مجتمعه بفضل علمه وإيمانه ، فإن قيمته لن تكون غير قيمة العلم والإيمان . والشاب الذي يكرس جل اهتمامه ليحصل على ثروة كبيرة من المال تعزز له مكانته الإجتماعية ، لن تكون قيمته سوى قيمة المال والثروة . اما الشاب الذي يرى في تحقيق مركز بطولي أسمى القيم، ويبذل ما بوسعه لتحقيق هدفه، فإن قيمة شخصيته تقاس بقيمة بطولته أو المركز الذي حققه . ونخلص إلى أن قيمة كل انسان تحددها الصفة التي تقوم على أساسها مكانته الاجتماعية .
عن الإمام الجواد (عليه السلام) قال : قال علي (عليه السلام) : قيمة كل امرىء ما يحسنه(2).
إن الشاب مكلف بتحديد القيم الحقيقية التي تعود عليه بالنفع في حياته، وذلك بالإستعانة بالتعاليم الإلهية والمربين الأكفاء ، كما ينبغي عليه أن يتوخى الدقة في اختيار الأنسب منها ، وأن يكرس حياته لما يحقق له مكانة اجتماعية مرموقة وسعادة دائمة.
وثمة شبان يغوصون في الإثم والرذيلة ويعتبرون ذلك أسمى ما في الحياة ، فيهددون أعمارهم في سبيلها ويغرقون في نكباتها وويلاتها ، وبعد أن يهدروا فرصة الشباب التي لا تعود ويضيعوا ثروة أعمارهم ، تراهم يعترفون بأخطائهم ويندمون على ما فعلوا حيث لا ينفع الندم .
عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) قال : ما من نكبة يصيب العبد إلا بذنب(3).
يلجأ بعض الشباب إلى امور وهمية يتصورونها بأنها من قيم الحياة، فبدل أن ينشغلوا مثلاً بالدراسة خلال الفصل الدراسي ، ينكبون على مطالعة بعض الكتب غير المفيدة والضارة أحياناً ، ليتعبوا أدمغتهم بقراءة وحفظ سيرة حياة نجوم السينما وما شابه ذلك ، بدل أن يسعوا إلى تنميتها عن طريق مطالعة القضايا العلمية المفيدة، وهذا ما سيجعلهم يتأخرون في دراستهم وتقدمهم في المجال العلمي ، هؤلاء أيضاً سيندمون يوماً ما على تضييعهم الفرص ، ولكن ندمهم سيأتي متأخراً .
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : من شغل نفسه بما لا يجب ضيع من امره ما يجب(4) .
ثالثاً : حدود القيم الأخلاقية ، فثمة عامل آخر له أهمية بالغة في نمو شخصية الشاب نمواً صحيحاً ، ألا وهو معرفة الأخلاق الحميدة والتمييز بينها وبين الأخلاق الذميمة. ولكن ثمة مشكلة تعترض الشاب في هذا الطريق ، وهي أن بعض الأخلاق الحميدة إن زادت عليها أصبحت ذميمة ، أي أن الإنسان ذا الخلق الحسن قد يسوء خلقه إن هو تغافل أو تجاهل. فعزة النفس مثلاً التي تعتبر من الصفات النبيلة لشخصية الإنسان ، تتحول إلى تكبر مذموم إذا ما فاقت حدها الطبيعي ، وكذلك التواضع وهو من الأخلاق الحميدة يصبح تملقاً مرفوضاً إن زاد عن حده .
__________________________
(1) معاني الأخبار، ص 342.
(2) بحار الأنوار 17 ، ص 10.
(3) الكافي2، ص269.
(4) غرر الحكم، ص 661.
(5) بحار الأنوار17، ص218.