x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
الوحي مصدر القرآن الوحيد !
المؤلف: محمد هادي معرفة
المصدر: شبهات وردود حول القرآن الكريم
الجزء والصفحة: ص7-14
24-09-2014
8328
قال تعالى : {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} [النجم: 4 - 12]
والآن ، فلنشهد تَجوالهم الحديث في هذا الميدان الرهيب :
وليُعلم أنّ عمدة مستند القول باستيحاء القرآن تعاليمه الدينيّة من زُبُر الأُوّلين ، هو : تواجد التّوافق ـ نسبيّاً ـ بين شريعة الإسلام وشرائع سالفة .
لكن هذا لا يجدي نفعاً بعد اعترافنا بوحدة أصول الشرائع ، وأنّها جميعاً مُستقاة مِن عينٍ واحدة : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } [آل عمران: 64].
هذا فضلاً عن وجود التّخالف الفاحش بين أكدار أحاطت بتلك الكتب على أثر التّحريف ، وقداسةٍ زاكيةٍ حَظي بها القرآن الكريم ، ولا يزال مصوناً في حراسته تعالى : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]
هذا إجمال الكلام في ذلك ولنَخُض في تفصّيل الحديث :
كتب الكثير مِن الكتّاب المستشرقين عن نبيّ الإسلام والقرآن ، حسب أساليبهم في التحقّيق عن سائر الأديان ، حيثُ لا يرون لها صلة بوحي السماء ، فكان من الطّبيعي في عرفهم ، أنْ يلتمسوا من هنا وهناك مصادر ، غذّت تلكمُ الشرائع في طول التّأريخ .
وحتّى مَن تظاهر مِنهم بالمسيحيّة يعتنقونها شكليّاً ، وليس عن صدق عقيدة .
غير أنّ المسيحيّة ـ ولو شكليّاً ـ كانت من الدّوافع الحافزة للبغي على الإسلام ، وللنّظر إليه نظرة سوء ، وهذا ما يسمّى بالاستشراق الدِّيني الّذي قام به أبناء الفاتيكان ، كان أَوّل روّاده من رجال الكنيسة وعلماء اللاّهوت ، حيث ظلّوا المشرفين على هذه الحركة ، والمُسيّرين لها طوال القرنَينِ الأخيرَينِ ، وكان الهدف من ذلك :
1ـ الطعن في الإسلام وتشويه حقائقه .
2ـ حماية النّصارى من خطر الإسلام ، بالحيلولة بينهم ، وبين رؤية حقائقه الناصعة وآياته البيّنة اللاّئحة .
3ـ محاولة تنصّير المسلمين ، ولا أقلّ من تضعّيف العقيدة في نفوسهم .
أضف إلى ذلك دوافع استعماريّة ثقافيّة وسياسيّة وتجاريّة ، تحول دون خلوص مهنة الاستشراق ـ استطلاع تأريخ الثقافة الشرقيّة بسلام ـ ومِن ثَمّ فقد أُسيء بهم الظنّ ، في كثير ما يبدونه من نظر .
قال : ولعلّه قد بدا له أنّ ما يسود جزيرة العرب من شِرك ، ومن عبادة للأوثان ، ومن فساد خُلُقي ، ومن حروب بين القبائل وتفكّك سياسي ، نقول : لعلّه قد بدا له أنّ حالَ بلاد العرب إذا قورنت بما تأمر به المسيحيّة واليهوديّة حالٌ بدائيّة ، لا تُشرِّف ساكنيها ، ولهذا أحسّ بالحاجة إلى دينٍ جديد .
ولعلّه أحسّ بالحاجة إلى دين يؤلّف بين هذه الجماعات المتباغضة المتعادية ، ويَخلق منها أُمّةً قويّةً سليمةً ، دينٌ يسموا بأخلاقهم عمّا أَلِفه البدو من شريعة العنف والانتقام ، ولكنّه قائمٌ على أوامر مُنزَّلة لا يُنازع فيها إنسان .
ولعلّ هذه الأفكار نفسها قد طافت بعقل غيره من الناس ، فنحن نسمع عن قيام عدد من المتنبّئين في بلاد العرب في بداية القرن السابع ، وقد تأثّر كثير من العرب بعقيدة المسيح المنتظر التي يؤمن بها اليهود ، وكان هؤلاء أيضاً ينتظرون بفارغ الصّبر مجيء رسولٍ من عند الله .
وكانت في البلاد شيعة من العرب تُدعى بالحنفيّة أبت أنْ تقرّ بالإلوهية لأصنام الكعبة ، وقامت تنادي بإلهٍ واحد ، يجب أنْ يكون البشر جميعاً عبيداً له ، وأن يعبدوه راضين ( هم : ورقة بن نوفل ، وعبيد الله بن جحش ، وعثمان بن الحويرث ، وزيد بن عمرو بن نفيل ) ، كانوا قد أيقنوا أنّ ما هم عليه من الوثنيّة ليس بشيء ، فتفرّقوا في البلاد يلتمسون الحنيفيّة دين إبراهيم ( عليه السلام ) ...
وكان مُحمّد ـ كما كان كلّ داعٍ ناجح في دعوته ـ النّاطق بلسان أهل زمانه والمعبّر عن حاجاتهم وآمالهم ... (2) .
ويقول الأسقف يوسف درّة الحدّاد : (3) استفاد القرآن من مصادر شتّى أهمّها الكتاب المقدّس ولا سيّما كتاب موسى ، وذلك بشهادة القرآن ذاته :
{إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: 18، 19].
{ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 36 - 38].
{وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ } [الشعراء: 196، 197].
قال : فآية مُحمّد الأُولى هي مطابقة قرآنه للكتب السابقة عليه .
وآيته الثانية استشهاده بعلماء بني إسرائيل وشهادتهم له بصحّة هذه المطابقة .
ولكن ما الصلة بين القرآن وكونه في زُبُر الأوّلين ؟! هذا هو سرّ مُحمّد ! فيكون مِن ثَمّ أنّه نزل في زُبُر الأوّلين بلُغة أعجميّة يجهلوها ، ثُمّ وصل إلى مُحمّد بواسطة علماء بني إسرائيل ، فأنذر به مُحمّد بلسان عربيّ مبين .
فأصل القرآن مُنزّلٌ في زُبُر الأوّلين ، وهذا يوحي بصلة القرآن بمصدره الكتابيّ زُبُر الأوّلين ، أي صُحفهم وكتبهم .
وأيضاً فإنّ شهادة علماء أهل الكتاب بصحّة ما في القرآن ، لم تكن إلاّ ؛ لأنّهم كانوا شركاء هذا الوحي المولود ؛ ذلك لأنّ الوحي التّنزيليّ أمر شخصيّ لا يعرفه غير صاحبه فحسب .
والآية { وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا} [الأحقاف: 12] فيها صراحة بأنّه تتلمذ لدى كتاب موسى وجعله في قالب لسان العرب ، الأمر الّذي يجعل من القرآن نُسخة عربيّة مُترجمة عن الكتاب الإمام .
{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [فصلت: 3] التفصّيل هنا يعنى : النّقل من الأصل الأعجمي إلى العربي ، فالقرآن موحى ، والتفصّيل العربي للكتاب منزّل ؛ لأنّ الأصل وحي منزّل ... (4) .
وعلى هذا الغِرار جرى كلّ من ( تسدال ) و ( ماسيه ) و( أندريه ) و( لامنز ) و( جولد تسيهر ) و( نولديكه ) (5) إلى أنّ القرآن استفاد كثيراً مِن زُبُر الأوّلين ، وحجّتهم في ذلك
محضر التّشابه بين تعاليم القرآن وسائر الصّحف .
فالقصص والحِكم في القرآن هي الّتي جاءت في كُتب اليهود ، وكذا قضايا جاءت في الأناجيل وحتّى في تعاليم زرادشت والبرهميّة ، في مثل حديث المعراج ، ونعيم الآخرة والجحيم ، والصراط والافتتاح بالبسملة ، والصلوات الخمس وأمثالها مِن طُقُوس عباديّة وكذا مسألة شهادة كلّ نبيّ بالآتي بعده ، كلّها مأخوذة من كتب سالفة كانت معهودة لدى العرب .
زعموا أنّ القرآن صورة تلموديّة ، وصلت إلى نبيّ الإسلام عن طريق علماء اليهود ، وسائر أهل الكتاب ممّن كانت لهم صلة قريبة بجزيرة العرب ، فكان مُحمّد ( صلّى الله عليه وآله ) يلتقي بهم قبل أنْ يُعلن نُبوّته ، ويأخذ منهم الكثير من أُصول الشّريعة .
يقول ( وِل ديورانت ) : وجديرٌ بالذكر أنّ الشّريعة الإسلاميّة لها شَبه بشريعة اليهود... ثُمّ جَعل يسرد قضايا مشتركة بين القرآن والعَهدَينِ ويَعدّ منها مسألة التوحيد والنبوّة ، والإيمان والإنابة ، ويوم الحساب والجنّة والنّار ، زاعماً أنّها من تأثير اليهوديّة على دين الإسلام .
وكذا كلمة التّوحيد ـ لا إله إلاّ اللّه ـ مأخوذة من كلمة إسرائيليّة : أَلا فاسمع يا إسرائيل وحدك ، والبسمَلَة مأخوذة أيضاً من تلمود ، ولفظة ( الرحمان ) معرّبة من ( رحمانا ) العِبريّة... إلى غيرها من تعابير جاءت في الإسلام مُنحدرة عن أصل يهودي ، الأمر الّذي جعل البعض يتصوّر أنّ مُحمّداً كان عارفاً بمصادر يهوديّة وكانت هي مستقاه في تأليف القرآن...(6)
شرائع إبراهيميّة منحدِرة عن أصل واحد
نحن المسلمون نعتقد في الشرائع الإلهيّة أجمع أنّها مُنحدِرة عن أصلٍ واحد ، ومُنبعِثة من مَنهل عَذبٍ فارد ، تهدف جميعاً إلى كلمة التّوحيد وتوحّيد الكلمة ، والإخلاص في العمل الصّالح والتحلّي بمكارم الأخلاق ، من غير اختلافٍ في الجذور ولا في الفروع المتصاعدة . {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ...} [الشورى: 13]
إذنْ ، فالدِّين واحد والشّريعة واحدة ، والأحكام والتكاليف تهدف إلى غرضٍ واحد وهو كمال الإنسان ، { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] ، يعني : أنّ الدِّين كلّه ـ من آدم فإلى الخاتم ـ هو الإسلام أي التسلّيم للّه والإخلاص في عبادته محضاً .
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] الإسلام هو الدّين الشّامل ، فمَن حاد عنه فقد حاد عن الجادّة الوسطى ، وضلّ الطريق في نهاية المسير، وهكذا تأدّب المسلمون بالإيمان بجميع الأنبياء من غير ما فارق : { قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [البقرة: 136]
وهذا منطق القرآن يدعو إلى كلمة التّوحيد وتوحيد الكلمة وأنّ لا تفرقة بين الأديان مادام التّسليم للّه ربّ العالمين ؛ وبذلك يكون الاهتداء والاتحاد ، وفي غيره الضّلال والشّقاق ، {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } [البقرة: 137]
وفي ذلك ردّ وتشنّيع بشأن اليهود والنصارى ، أولئك الّذين يَدعُون إلى الحياد والانحياز {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا } [البقرة: 135] ، أي قالت اليهود كونوا منحازين على اليهوديّة لا غيرها حتى تهتدوا ! وقالت النصارى كونوا حياداً على النّصرانيّة لا غيرها حتى تهتدوا !
والقرآن يردّ عليهم جميعاً ، ويدعو إلى الالتفاف حول الحنيفيّة الإبراهيميّة : { قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [البقرة: 135] ، {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ } [البقرة: 138].
نعم ، صِبغة اللّه شاملة وكافلة للإسعاد بالبشريّة جمعاء ، الأمر الذي يعتنقه المسلمون أجمع ، والحمد للّه.
وحدة المنشأ هو السّبب للتّوافق على المنهج
وبعد ، فإنّ ائتلاف الأديان السماويّة واتّحاد كلمتها ، لابدّ أنْ يكون عن سببٍ معقول ، وهذا يحتمل أحد وجوهٍ ثلاثة :
1ـ إمّا لوحدة المنشأ ؛ حيثُ الجميع منبعث مِن أصلٍ واحد ، فكان التّشابه في الفروع المتصاعدة طبيعيّاً .
2ـ أو لأنّ البعض مُتّخذٌ من البعض ، فكان التّشاكل نتيجة ذاك التّبادل يداً بيد .
3ـ أو جاء التّماثل عن مصادفةٍ اتفاقيّة وليس عن علّةٍ حكيمة .
ولا شكّ أنّ الأخير مرفوض بعد مُضادّة الصّدفة مع الحِكمة السّاطية في عالم التدبّير.
بقي الوجهان الأوّلان ، فلنتساءل القوم : ما بالهم تغافلوا عن الوجه الأَوّل الرّصين ، وتواكبوا جميعاً على الوجه الهجين ؟! إنّ هذا لشيءٌ مُريب !
هذا ، والشّواهد متضافرة ، تدعم الشقّة الأُولى لتهدم الأُخرى من أساس :
أوّلاً : صراحة القرآن نفسه بأنّه مُوحى إلى نبيّ الإسلام وحياً مباشريّاً ، نزل عليه ليكون للعالمين نذيراً ، فكيف الاستشهاد بالقرآن لإثبات خلافه ؟! إنّ هذا إلاّ تناقضٌ في الفهم ، واجتهاد في مقابلة النصّ الصريح !
ثانياً : معارف فخيمة قدّمها القرآن إلى البشريّة ، بحثاً وراء فلسفة الوجود ومعرفة الإنسان ذاته ، لم يَكد يدانيها أيّة فكرة عن الحياة كانت البشريّة قد وصل إليها لحدّ ذاك العهد ، فكيف بالهزائل الممسوخة الّتي شُحنت بها كُتب العهدَينِ ؟!
ثالثاً : تعاليم راقية عرضها القرآن لا تتجانس مع ضآلة الأساطير المُسطَّرة في كتب العهدَينِ ، وهل يكون ذاك الرفيع مستقىً من هذا الوضيع ؟!
إلى غيرها من دلائل سوف يوافيك تفصّيلها .
القرآن يشهد بأنّه مُوحى
وأمّا إنْ كنّا نستنطق القرآن ، فإنّه يشهد بكونه مُوحى إلى نبيّ الإسلام مُحمّد ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، كما أُوحي إلى النبيّين من قبله : {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 163 - 166].
أمّا أنّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) تلقّاه ( التقطه ) من كُتب السالفِينَ وتعلّمه من علماء بني إسرائيل فهذا شيءٌ غريب ، يأباه نسج القرآن الحكيم .
_____________________________
1- قد استوفينا البحث عنها في التمهيد ، ج 4 و 5 و 6 .
2- ول ديورانت : قصّة الحضارة ج 13 ، ص 23 و 24 ، ترجمتها العربية .
3- مارس رتبة الكهنوتيّة في الكنيسة اللبنانيّة عام 1939 م ، ثُمّ انقطع زُهاء عشرين عاماً يبحث عن شؤون الإسلام والقرآن على أسلوبه الكهنوتي ، حاول التقارن والتقارب بين القرآن وكُتب العهدَين ، ليجعل الأخيرة منابع للقرآن ومصادره في كلّ ما ينسبه إلى وحي السماء. توفي سنة 1979 م .
4- دروس قرآنيّة ليوسف درّة الحدّاد ، ج 2 ، ص 173 ـ 188 ( القرآن والكتاب ) بيئة القرآن الكتابيّة ، فصل 11 ( هل للقرآن من مصادر ؟ ) منشورات المكتبة البوليسيّة ـ لبنان 1982م .
5- آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره لعمر رضوان، ج1، صفحات 272 ـ 290 و335.
6- تاريخ التّمدّن ( قصّة الحضارة ) الفارسيّة ، لمؤلّفه ول ديورانت ، مجلّد 4 ، ص236 ـ ،238 ، عصر الإيمان ، الفصل التاسع وراجع قصّة الحضارة ، ج13 ، ص 22 ، فيه إلمامة إلى ذلك .