x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
المشابهة بين الإمام علي (عليه السلام ) والأنبياء والأوصياء
المؤلف: أ.د محمد السيد محمود زوين
المصدر: اهل الكتاب في تراث أئمة اهل البيت دراسة موضوعية قرآنية
الجزء والصفحة: ص177-187
2023-08-17
1658
نصت كثير من الاحاديث النبوية الشريفة على وجوه المقاربة والتشابه بين الإمام علي بن أبي طالب والأنبياء السابقين وأوصيائهم عن ابن عباس قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) : «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في سلمه وإلى ابراهيم في حكمه وإلى موسى في فطانته وإلى داود في زهده، فلينظر إلى هذا. قال: فنظرنا فإذا على بن ابي طالب قد أقبل كأنما ينحدر من صبب»([1]).
ولعل فوائد هذا الحديث من جهة، وتأكيد قوله على لسان النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) في مختلف الأوقات والاحيان وصفاً لمقامه ومنزلته في اتصاله مع الأنبياء والأوصياء في الأوصاف الرسالية التي محورها التقاء صفات رموز الأديان والرسالات وتعاهدهم أمر الوصاية الإلهية والحجية على الناس جيلاً بعد جيل من بدء الخلق إلى قيام الساعة. فالإمام على ابن ابي طالب (عليه السلام ) مثّل رأس أهل البيت بعد مقام النبي(صلى الله عليه واله وسلم ) فهو أبو الأئمة(عليهم السلام ) ونفس الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) وهو مقام الصلة، والاشتراك ما بينه وبين الأنبياء والاوصياء من جهة، والأئمة من جهة اخرى إنما هو في ميزان التقريب والتمثيل بين أئمة أهل البيت (عليهم السلام ) والأنبياء والاوصياء كذلك.
وعلى أية حال فإنك تجد هذا الحديث في فرادته التماثلية والتقاربية بين رموز السماء إلى الأرض قد وحد المسلمين واقلام المحدثين في روايته بألفاظ كثيرة وصفات عديده للأنبياء ([2])، وهو دليل تأكيده من النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) وروايته اكثر من مرة في مناسبات مختلفة في عدة أزمان وأماكن، ولا يخفى على اللبيب هذا المنهج النبوي في ايراد المعاني المأمور بها، وترسيخ معانيها في اوساط المسلمين بطرائق عديدة ومتنوعة، وهو كذلك اثبات لإمامته الشاملة وأهل بيته (عليهم السلام ) على جميع الديانات بوصفهم (عليهم السلام ) نقطة الالتقاء بين السابقين من الرسالات وختام الاوصياء على الرسالة الخاتمة.
من هنا يقدم لنا الحافظ أحمد بن محمد بن على العاصمي (من اعلام القرن الرابع الهجري) مفاهيم تقاربية تناظرية بين علي (عليه السلام ) وأنبياء الله تعالى السابقين مصاديق من حياتهم الرسالية، ويوضح مديات تطابقها واقعاً حياً في زمان علي(عليه السلام ) ([3]).
ولعل ابن شهر آشوب يؤكد هذا المعنى بسند الحديث عن ابن عباس «عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في حلمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى موسى في مناجاته، وإلى إدريس في تمامه وكماله وجماله، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل، قال: فتطاول الناس فإذا هم بعلي كأنما ينقلب في صبب وينحط من جبل. تابعهما أنس إلا انه قال: وإلى ابراهيم في خلته، وإلى يحيى في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. وروي انه نظر ذات يوم إلى علي قال: من أحب أن ينظر إلى يوسف في جماله، وإلى ابراهيم في سخائه، وإلى سليمان في بهجته، وإلى داود في قوته، فلينظر إلى هذا. وفي خبر عنه (صلى الله عليه واله وسلم ) : شبهت لينه بلين لوط، وخلقه بخلق يحيى، وزهده بزهد أيوب، وسخاءه بسخاء ابراهيم، وبهجته ببهجة سليمان، وقوته بقوة داود »([4]).
ومن لطائف الاستدلال على مقام علي (عليه السلام ) الرسالي من خلال مصداقية الصفات التمثيلة الشبهية في الإمام أنه لا يمكن ان تجمع كلُّ هذه الصفات الرسالية بأحد إلا كان أفضل ممن انفرد بصفة واحدة منها، هذا في مقابل الأنبياء والاوصياء (عليهم السلام ) غير النبي الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم ) ، فهو أفضل الموجودات الإلهية واكمل الأنبياء واتمهم صفة ورفعة ومزية وهو خاتمهم؛ ولمقام علي (عليه السلام ) من النبي الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم ) كانت مزية علي (عليه السلام ) في ذلك تُقاربُ وتُشابهُ الأنبياء، وتَفوقَهم باجتماع صفاتهم فيه (عليهم السلام ) ، وقربه من مقام الرسول الأكرم والرسالة الخاتمة وهو مصداق قول الصادق (عليه السلام ) :« ....إن عليا (عليه السلام ) برسول الله شرف، وبه ارتفع، وبه وصل إلى إطفاء نار الشرك وإبطال كل معبود دون الله عزوجل...»([5]) وعلي(عليه السلام ) القائل أنا من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) «كالضوء من الضوء»([6]) ولا حاجة لبيان سمة هذا التشبيه بلاغة وعمقاً دلالياً لا ينفلت عن الاعجاز البلاغي في مضامينه الأسلوبية.
وتحفل الرعاية الرسالية النبوية بالإمام علي (عليه السلام ) بلوحتين في المقاربة الصفاتية بين الإمام والأنبياء والاوصياء:
إحداهما: خصوصية مشابهته للأنبياء عامة وهوما سلف الحديث عنه.
والثانية: مزية مقاربته واتصافه بالسيد المسيح (عليه السلام ) وفي ذلك نصوص كثيرة قررها النبي الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم ) في سنته وعلى لسانه في مناسبات عديدة، وبألفاظ مختلفة على تنوع الزمان والمكان؛ منها ما كان سبباً في نزول آي من القرآن الكريم([7])، روى صاحب الغارات« عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: لما قدم علي (عليه السلام ) على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) بفتح خيبر قال له رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) : لولا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم قولاً لا تمر بملأ إلّا أخذوا من تراب رجليك ومن فضل طهورك فيستشفون به ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك، ترثني وأرثك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وانك تؤدي عني، وتقاتل على سنتي، وانك في الآخرة غدا أقرب الناس مني، وانك غدا على الحوض خليفتي، وانك أول من يرد علي الحوض غدا، وانك أول من يكسى معي، وانك أول من يدخل الجنة من امتى، وان شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي، أشفع لهم ويكونون في الجنة جيراني، وان حربك حربي، وان سلمك سلمي، وان سرك سري، وانّ علانيتك علانيتي، وان سريرة صدرك كسريرة صدري، وان ولدك ولدي، وانك منجز عدتي وان الحق معك، وان الحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك، وان الايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، وانه لا يرد علي الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك غدا حتى يرد الحوض معك. فخر علي (عليه السلام ) ساجداً ثم قال: الحمد لله الذي من علي بالإسلام، وعلمني القرآن، وحبّبني إلى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين، احساناً منه إلى وفضلاً منه علي. فقال له النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) عند ذلك: لو لا أنت يا علي لم يعرف المؤمنون بعدي»([8]).
انّ المقاربة بعيسى المسيح (عليه السلام ) توضح صفة كنّى عنها النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) ولم يقلها إلا أنه (صلى الله عليه واله وسلم ) أكد هذه الشَبهيّة بالأنبياء لعلي(عليه السلام ) ، ولا سيما السيد المسيح مرة بعد اخرى فقد ورد عنه (صلى الله عليه واله وسلم ) أنه قال لعلي (عليه السلام ) : «إنّ فيك شبهاً من عيسى بن مريم، أحبته النصارى حتى أنزلوه بمنزلة ليس بها، وأبغضه اليهود حتى بهتوا أمه»([9])، وقد أكد علي (عليه السلام ) دلالة الحديث بقوله «هلك فيَّ رجلان: محب مفرط بما ليس فيَّ، ومبغض يحمله شنئآني في على أن يَبهتَني»([10]).
ولعل مصداق حديث النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) وعلي (عليه السلام ) ما وقع فيه بعض محبيه من تجاوز حدِّ فهم مقامه (عليه السلام ) في عبوديته لله تبارك شأنه، فقالوا فيه ما يخرجهم عن الإسلام تماماً، وفي الطرف المقابل نرى اعداء الامام (عليه السلام ) من اعدائه حسداً وظلماً وبهتاناً على الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه واله وسلم ) ووصيه (عليه السلام ) ، وكلا الطرفين وجهان لعملة واحدة جعلت من علي (عليه السلام ) مقارباً لمعاناة عيسى (عليه السلام ) من خلال بعض النصارى، ومن اليهود فكلاهما اشتط عن طريق الحق ونهجه، فكانت مُمَاثَلةُ الإمام لمن سبقه دليل على اجتماع مصاديق الأنبياء فيه (عليه السلام ) .
وتتلازم الروايات الشريفة في حق الإمام علي (عليه السلام ) ، وتوصيفه بصفات الأنبياء، وتتعاضد مرويات أئمة البيت (عليهم السلام ) مع أحاديث النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) في ترسيخ وتعظيم مقام إلتقائهم (عليهم السلام ) مع الأنبياء وأوصيائهم وأنهم (عليهم السلام ) امتداد لما سبق في المثل الصفاتي والعددي كذلك. فهم اثنا عشر، كنقباء بني اسرائيل وأوصياء عيسى(عليه السلام ) ، روي عن صادق آل محمد(صلى الله عليه واله وسلم ) «عن أبي جعفر (عليه السلام ) ، قال: إن الله تبارك وتعالى أرسل محمداً (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى الجن والانس وجعل من بعده الاثني عشر وصيا منهم من مضى ومنهم من بقى، وكل وصي جرت فيه سنة من الاوصياء الذين بعد محمد(صلى الله عليه واله وسلم ) على سنة أوصياء عيسى (عليه السلام ) ، وكانوا اثني عشر. وكان أمير المؤمنين (عليه السلام ) على سنة المسيح »([11]) ومصداق سنة المسيح (عليه السلام ) متحقّقة فيه بهجره صلوات الله عليه الدنيا وزهده فيها. وإعراضه عنها وقد ذلّت له، ومالت إليه، أو باختلاف الناس فيه، وتفرقهم على ثلاث فرق:
بين محب له على أصل ما أمر الله تعالى به من مقامه في الولاية والإمامة والوصاية، ومن أخرجه عن ذلك إلى ما يُخرج معتقده عن الاسلام إلى الكفر.
ومن عاداه حتى قيل في تشبيه معاديه باليهودي المبغض للسيدة مريم أو السيد المسيح (عليه السلام ) .
هكذا كان مصداق سنة السيد المسيح (عليه السلام ) منطبقة في وصي محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) وصفاته الإلهية التي جمعها من كل الأنبياء والرسل.
ومن جميل ما يذكر، وعظيم ما يعتبر به وصف علي (عليه السلام ) للأنبياء ولاسيما النبي الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم ) والسيد المسيح (عليه السلام ) من كلام له (عليه السلام ) يحث فيه على الاقتداء بالأنبياء مخاطباً من يدعي أنه يرجو الله تعالى : « ولقد كان في رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) كاف لك في الاسوة. ودليل لك على ذم الدنيا وعيبها، وكثرة مخازيها ومساويها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطئت لغيره أكنافها، وفطم عن رضاعها، وزوي عن زخارفها. وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله (عليه السلام ) إذ يقول: {رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}والله ما سأله إلا خبزا يأكله لأنه كان يأكل بقلة الأرض. ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله وتشذب لحمه. وإن شئت ثلثت بداود (عليه السلام ) صاحب المزامير وقارئ أهل الجنة، فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده، ويقول لجلسائه أيكم يكفيني بيعها. ويأكل قرص الشعير من ثمنها. وإن شئت قلت في عيسى بن مريم (عليه السلام ) ، فلقد كان يتوسد الحجر ويلبس الخشن ويأكل الجشب. وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر. وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم. ولم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه، ولا مال يلفته، ولا طمع يذله. دابته رجلاه، وخادمه يداه. فتأسّ بنبيك الأطيب الأطهر (صلى الله عليه واله وسلم ) ، فإن فيه أسوة لمن تأسى، وعزاء لمن تعزى وأحب العباد إلى الله المتأسي بنبيه والمقتص لأثره. قضم الدنيا قضماً، ولم يعرها طرفاً. أهضم أهل الدنيا كشحا، وأخمصهم من الدنيا بطنا. عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها. وعلم أن الله سبحانه أبغض شيئا فأبغضه، وحقر شيئا فحقره، وصغر شيئا فصغره. ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله ورسوله وتعظيمنا ما صغر الله ورسوله لكفى به شقاقا لله ومحادة عن أمر الله. ولقد كان (صلى الله عليه واله وسلم ) يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري ويردف خلفه»([12]). ولك ان تتصور من ذلك مقام الأنبياء وصفاتهم عند وصي النبي الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم ) وهو يجانس بينهم في التمثيل والتشبيه والصفات التي أساسها الزهد في الدنيا والدعوة إلى الله عزوجل، وأخالك معي تجد سبل التواصل والتلاقي الصفاتي التماثلي بين وصف روح الله عيسى (عليه السلام ) الذي (يتوسد الحجر ويلبس الخشن ويأكل الجشب. وكان إدامه الجوع) وبينه صلوات الله عليه فهو أبو تراب، الموصوف بلبس الخشن وأكل الجشب والصيام والقيام، ولك أن تقرأ كتابه الى عامله على البصرة ([13]) ليتبين لك حقيقة تماثل صفات الأنبياء والأوصياء فيه (عليهم السلام ) .
ثم يجعل من نفسه في آخر الخطبة مصداقاً للتأسي بهم قائلاً: «فما أعظم منة الله عندنا حين أنعم علينا به سلفاً نتبعه، وقائداً نطأ عقبه، والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل ألا تنبذها؟ فقلت: اغرب عني فعند الصباح يحمد القوم السرى»([14]).
ومن نافلة القول الاشارة إلى أن النبي الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم ) قد جسد بمطابقة وتمثيل رسالي مقامَ علي (عليه السلام ) ومنزلته منه (صلى الله عليه واله وسلم ) وصياً ومستحفظاً ومؤتمناً أن جعله منه (صلوات الله عليهما) بمنزلة هارون من موسى فقال (صلى الله عليه واله وسلم ) مخاطباً له في مقامات ومنازل، ومناسبات كثيرة متواترة بلغت حد ظهور الشمس في رابعة النهار: «انت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»([15]).
وتذكير النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) بمنزلة هارون عند موسى (عليه السلام ) وعِظَم شأنها، ومقامها من رسالة موسى (عليه السلام ) أمر قد بين بعض مفاصله القرآن الكريم، فالإشارة هنا تتلاحم فيها الدلالات بين التنويه بمقام الوصاية والولاية في الرسالات، وعِظَم مقام علي (عليه السلام ) في الإمامة، وما جرى في الأمم السابقة سيجري في هذه الأمة، فالمعادلة في منزلة هارون بين موسى وقومه هي معادلة علي (عليه السلام ) بين النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) وأمته، وهوما كان، فضلاً عن الإشارة إلى تتابع الوصية فيه وفي ذريته (عليهم السلام ) .
هذا ملمح من ظاهرة توصيف الإمام علي (عليه السلام ) بالأنبياء ومشابهتهم له(عليه السلام ) ([16])، ولعل الاشارة في هذا المجال تغني عن العبارة .
([1]) ظ: كمال الدين وتمام النعمة / 26.
([2]) ظ: الحديث في كتب المسلمين عامة بألفاظ مختلفه منها علي سبيل المثال: روضة الواعظين/ 128، المسترشد/278، الأمالي للمفيد/14، بحار الانوار: 39/36، تأريخ مدينة دمشق: 42/313 الموضوعات: 1/17، 37، لسان الميزان: 6/24، البداية والنهاية: 7/393، المناقب للخوارزمي/83، 311، ينابيع المودة: 1/363، 2/183، 486. وغيرها كثير ولولا الايجاز لأفردت لمناسبات هذا الحديث باباً كاملاً.
([3]) زين الفتي للعاصمي: 1/129 وما بعدها والكتاب في مجلدين.
([4]) مناقب آل أبي طالب: 3/57، وظ: كتاب الاربعين/393 وما بعدها الصوارم المهرقة/276.
([5]) معاني الأخبار / 351، علل الشرائع /174 .
([6]) البحار /33 / 480، وغيره .
([7]) ظ/ الكافي/ 8/57، التبيان/9920، ينابيع المودة1/292 وغير ها كثير
([8]) الغارات: 1/63، وظ/ الحديث كذلك في: الخصال: 557، 575، الأمالي الصدوق/156، 709، خاتمة المستدرك: 4/330، كتاب سليم/412، مناقب أميرالمؤمنين لمحمد بن سليمان الكوفي: 1/249، المسترشد/621، 634، الإرشاد: 1/117، 160، كنز الفوائد/281، الصراط المستقيم: 2/60، 3/80، بحار الانوار: 35/323، مجمع الزوائد: 9/131، المعجم الكبير: 1/320، المناقب الخوارزمي/129، ينابيع المودة: 1/200، 390 وغيرها كثير.
([9]) الأمالي للشيخ الطوسي/ 256، ظ: كذلك زين الفتي: 1/126 وانظر مصادره، ظ: بحار الانوار: 14/219، تأريخ مدينة دمشق: 42/296، العمدة/211، مسند أحمد: 1/160، المستدرك/3/133، مجمع الزوائد: 9/133. كتاب سنة/ 463، 470 السنن الكبري: 5/137، خصائص أميرالمومنين/106، مسند أبي بعلي: 1/407، كنزل العمال: 13/125، شواهد التنزيل: 2/238، الدر المنثور: 2/138، التاريخ الكبير: 3/282، ينابيع المودة: 1/328، 2/396 وغير ها كثير.
([10]) الصراط المستقيم: 2/61، عوالي اللآلئ: 4/87، زين الفتي: 1/126 وغيرها أكثر وروي بلفظ (إن فيك مثلاً من عيسى ...).
([11]) الإمامة والتبصرة: 134، ظ: كذلك: الكافي: 1/532، عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2/59، الخصال/478 كمال الدين وتمام النعمة/220، روضة الواعظين/77، الارشاد/2/345، الاستنصار/17، كتاب الغيبة/ الطوسي/141، بحارالانوار/11/52، 36/392، تفسير أبي حمزة الثمالي/132/إعلام الوري باعلام الهدي/2/167.
([12]) نهج البلاغة:2/ 57 ـ 58 .
([13]) «ومن كتاب له (عليه السلام ) إلى عثمان بن حنيف الانصاري وهو عامله على البصرة وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها:
أما بعد يا ابن حنيف فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة، فأسرعت إليها تستطاب لك الالوان، وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو. وغنيهم مدعو. فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه ألا وإن لكل مأموم إماما يقتدى به ويستضئ بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه. ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد. فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا أدخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا. بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين. ونعم الحكم الله. وما أصنع بفدك وغير فدك والنفس مظانها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها، وتغيب أخبارها، وحفرة لو زيد في فسحتها وأوسعت يدا حافرها لاضغطها الحجر والمدر، وسد فرجها التراب المتراكم، وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الاكبر، وتثبت على جوانب المزلق. ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الاطعمة. ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى؟ أو أكون كما قال القائل :
وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحـولك أكبـاد تحن إلى القد
أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش. فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها، أو المرسلة شغلها تقمم، تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها. أو أترك سدى أو أهمل عابثا، أو أجر حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة. وكأني بقائلكم يقول إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الاقران ومنازلة الشجعان. ألا وإن الشجرة البرية أصلب عودا، والروائع الخضرة أرق جلودا، والنباتات البدوية أقوى وقودا وأبطأ خمودا، وأنا من رسول الله كالصنو من الصنو والذراع من العضد» نهج البلاغة: 3/70.
([14]) نهج البلاغة:2 /61.
([15]) المحاسن: 1/159. والحديث أشهر أن يوثق.
([16]) ظ: مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب/39، بحار الانوار: 39/47 وما بعدها، وظ: مشابهة علي لأوصياء الأنبياء، الهداية الكبرى/123.